المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب مسح الخفين وسائر الحوائل] - كشاف القناع عن متن الإقناع - ت مصيلحي - جـ ١

[البهوتي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَةُ الْكِتَابِ]

- ‌[لَمْ يُؤَلِّفْ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الْفِقْهِ كِتَابًا]

- ‌[كِتَابُ الطَّهَارَةِ]

- ‌[أَقْسَامُ الْمَاءِ]

- ‌[الْقِسْمُ الْأَوَّلُ الْمَاءُ الطَّهُور]

- ‌[فَصْل فِي الْقِسْمُ الثَّانِي الْمَاءِ الطَّاهِر غَيْرُ الْمُطَهِّر]

- ‌[فَصْل فِي الْقِسْم الثَّالِثُ مِنْ أَقْسَامِ الْمِيَاهِ الْمَاءُ نَجَسٌ]

- ‌[فَصْلٌ الْكَثِيرُ قُلَّتَانِ فَصَاعِدًا]

- ‌[فَصْلٌ الشَّكَّ فِي نَجَاسَةِ الْمَاء أَوْ غَيْرِهِ]

- ‌[بَابُ الْآنِيَةِ]

- ‌[بَابُ الِاسْتِطَابَةِ وَآدَابِ التَّخَلِّي]

- ‌[فَصْلٌ إذَا انْقَطَعَ بَوْلُهُ اُسْتُحِبَّ لَهُ مَسْحُ ذَكَرِهِ بِيَدِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الِاسْتِجْمَارُ بِكُلِّ طَاهِرٍ جَامِدٍ]

- ‌[بَابُ السِّوَاكِ وَغَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلُ الِامْتِشَاطِ وَالِادِّهَانِ فِي بَدَنٍ وَشَعْرٍ غِبًّا]

- ‌[بَابُ الْوُضُوءِ]

- ‌[فَصْلٌ يَنْوِيَ الْوُضُوءَ لِلصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا]

- ‌[فَصْلٌ يَغْسِلُ وَجْهَهُ]

- ‌[فَصْلٌ يَغْسِلُ يَدَيْهِ إلَى الْمَرْفِقَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ يَمْسَحُ جَمِيعَ ظَاهِرِ رَأْسِهِ]

- ‌[فَصْلٌ يَغْسِلُ رِجْلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّرْتِيبُ وَالْمُوَالَاةُ]

- ‌[فَصْلٌ سُنَنُ الْوُضُوءِ]

- ‌[بَابُ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ وَسَائِرِ الْحَوَائِلِ]

- ‌[بَابُ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ وَهِيَ مُفْسِدَاتُهُ]

- ‌[فَصْلٌ أَحْدَثَ حَدَثًا أَكْبَرَ أَوْ أَصْغَرَ]

- ‌[بَابُ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ وَمَا يُسَنُّ لَهُ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ لَزِمَهُ الْغُسْلُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ]

- ‌[فَصْلٌ أَحْكَام الْحَمَّام وَآدَاب دُخُولِهِ]

- ‌[بَابُ التَّيَمُّمِ]

- ‌[فَصْلٌ عَدِمَ الْمَاءَ وَظَنَّ وُجُودَهُ]

- ‌[فَصْلٌ وَلَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ إلَّا بِتُرَابٍ طَهُورٍ]

- ‌[فَصْلٌ فَرَائِضُ التَّيَمُّمِ عَنْ حَدَثٍ أَصْغَرَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُبْطِلَاتِ التَّيَمُّمِ]

- ‌[بَابُ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ الْحُكْمِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ وَتَطْهُرُ أَرْضٌ مُتَنَجِّسَةٌ بِمَائِعٍ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ نَجَاسَةٍ وَلَوْ لَمْ يُدْرِكْهَا الْبَصَرُ]

- ‌[بَابُ الْحَيْضِ وَالِاسْتِحَاضَةِ وَالنِّفَاسِ]

- ‌[فَصْلٌ وَالْمُبْتَدَأُ بِهَا الدَّمُ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُعْتَادَةُ إذَا اُسْتُحِيضَتْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّلْفِيقِ وَشَيْءٍ مِنْ أَحْكَامِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَنَحْوِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي النِّفَاسِ]

- ‌[كِتَابُ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ جَحَدَ وُجُوبَ صَلَاةٍ مِنْ الْخَمْسِ]

- ‌[بَابُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ]

- ‌[بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُدْرَكُ بِهِ أَدَاءُ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي قَضَاءِ الْفَوَائِتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[بَابُ سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَأَحْكَامُ اللِّبَاسِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا مَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا]

- ‌[فَصْلٌ لُبْسُ مَا فِيهِ صُورَةٌ]

- ‌[بَابُ اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ وَمَوَاضِعُ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي نُهِيَ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[بَابُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَبَيَانِ أَدِلَّتِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ]

- ‌[فَصْلٌ وَإِذَا اخْتَلَفَ اجْتِهَادُ رَجُلَيْنِ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ]

- ‌[بَابُ النِّيَّةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[بَابُ آدَابِ الْمَشْيِ إلَى الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَسْتَفْتِحُ الصَّلَاةَ سِرًّا]

- ‌[فَصْلٌ يَقْرَأُ الْبَسْمَلَةَ سِرًّا فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَرْفَعُ يَدَيْهِ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ يُصَلِّي الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ كَالرَّكْعَةِ الْأُولَى]

- ‌[فَصْل السَّلَامِ بَعْد التَّشَهُّدِ]

- ‌[فَصْل يُسَنُّ ذِكْرُ اللَّهِ وَالدُّعَاءُ وَالِاسْتِغْفَارُ عَقِبَ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُكْرَهُ وَمَا يُبَاحُ وَمَا يُسْتَحَبُّ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْل تَنْقَسِمُ أَقْوَالُ الصَّلَاةِ وَأَفْعَالُهَا إلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ]

- ‌[بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ]

- ‌[فَصْل فِي السُّجُودِ عَنْ نَقْصٍ فِي صَلَاتِهِ]

- ‌[فَصْل مَا يُشْرَعُ لَهُ سُجُودُ السَّهْوِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ]

- ‌[فَصْلٌ السُّنَنُ الرَّاتِبَةُ الَّتِي تُفْعَلُ مَعَ الْفَرَائِضِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّرَاوِيحُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ سَنَّهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ حِفْظُ الْقُرْآنِ]

- ‌[فَصْلٌ تُسْتَحَبُّ النَّوَافِلُ الْمُطْلَقَةُ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ صَلَاةُ الضُّحَى]

- ‌[فَصْلٌ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ الْأَوْقَاتِ الَّتِي نُهِيَ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ كَبَّرَ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ التَّسْلِيمَةَ الْأُولَى]

- ‌[فَصْلٌ الْأَوْلَى أَنْ يَشْرَعَ الْمَأْمُومُ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ بَعْدَ شُرُوعِ إمَامِهِ مِنْ غَيْرِ تَخَلُّفٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِمَامَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَوْقِفِ الْمَأْمُومِينَ خَلْفَ الْإِمَامِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الِاقْتِدَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَعْذَارِ الْمُبِيحَةِ لِتَرْكِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ أَهْلِ الْأَعْذَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقَصْرِ]

- ‌[فَصْلٌ نِيَّةُ الْقَصْرِ]

الفصل: ‌[باب مسح الخفين وسائر الحوائل]

[بَابُ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ وَسَائِرِ الْحَوَائِلِ]

(بَابُ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ وَسَائِرِ الْحَوَائِلِ) أَعْقَبَهُ لِلْوُضُوءِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ غَسْلِ أَوْ مَسْحِ مَا تَحْتَهُ فِيهِ (وَهُوَ) أَيْ: مَسْحُ الْخُفَّيْنِ وَسَائِرِ الْحَوَائِلِ غَيْرَ الْجَبِيرَةِ، كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (رُخْصَةٌ) وَهِيَ لُغَةً السُّهُولَةُ، وَشَرْعًا مَا ثَبَتَ عَلَى خِلَافِ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ لِمُعَارِضٍ رَاجِحٍ وَعَنْهُ عَزِيمَةٌ وَهِيَ لُغَةً الْقَصْدُ الْمُؤَكَّدُ، وَشَرْعًا حُكْمٌ ثَابِتٌ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ خَالٍ عَنْ مُعَارِضٍ رَاجِحٍ وَالرُّخْصَةُ وَالْعَزِيمَةُ وَصْفَانِ لِلْحُكْمِ الْوَضْعِيِّ.

قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِنْ فَوَائِدِهِمَا الْمَسْحَ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ، وَتَعْيِينَ الْمَسْحِ عَلَى لَابِسِهِ قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ.

(وَ) الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ (أَفْضَلُ مِنْ الْغَسْلِ) ؛ لِأَنَّهُ وَأَصْحَابَهُ إنَّمَا طَلَبُوا الْأَفْضَلَ وَفِيهِ مُخَالَفَةُ أَهْلِ الْبِدَعِ، وَلِقَوْلِهِ عليه السلام «إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يُؤْخَذَ بِرُخَصِهِ» (وَيَرْفَعُ) مَسْحُ الْحَائِلِ (الْحَدَثَ) عَمَّا تَحْتَهُ (نَصًّا) وَإِنْ كَانَ مُؤَقَّتًا؛ لِأَنَّ رَفْعَ الْحَدَثِ شَرْطٌ لِلصَّلَاةِ مَعَ الْقُدْرَةِ، فَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ بِالْمَسْحِ فَضْلٌ لَمَا صَحَّتْ الصَّلَاةُ بِهِ لِوُجُودِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ بِالْغَسْلِ (إلَّا أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَلْبَسَ) الْخُفَّ وَنَحْوَهُ (لِيَمْسَحَ) عَلَيْهِ كَمَا كَانَ صلى الله عليه وسلم يَغْسِلُ قَدَمَيْهِ، إذَا كَانَتَا مَكْشُوفَتَيْنِ، وَيَمْسَحُ قَدَمَيْهِ إذَا كَانَ لَابِسًا لِلْخُفِّ، فَالْأَفْضَلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِحَالِ قَدَمِهِ، كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَ (كَالسَّفَرِ، لِيَتَرَخَّصَ) فَإِنَّهُ لَا يُطْلَبُ لَهُ ذَلِكَ، بَلْ يَأْتِي لَوْ سَافَرَ لِيَنْظُرَ جُرْمًا (وَيُكْرَهُ لُبْسُهُ) أَيْ: الْخُفِّ.

(مَعَ مُدَافَعَةِ أَحَدِ الْأَخْبَثَيْنِ) ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ مَكْرُوهَةٌ بِهَذِهِ الطَّهَارَةِ، فَكَذَلِكَ اللُّبْسُ الَّذِي يُرَادُ لِلصَّلَاةِ، قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يُكْرَهَ.

وَرُوِيَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ كَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَبُولَ لَبِسَ خُفَّيْهِ وَلِأَنَّهَا طَهَارَةٌ كَامِلَةٌ أَشْبَهَ مَا لَوْ لَبِسَهُمَا عِنْدَ غَلَبَةِ النُّعَاسِ وَالصَّلَاةُ إنَّمَا كُرِهَتْ لِلْحَاقِنِ؛ لِأَنَّ اشْتِغَالَ قَلْبِهِ بِمُدَافَعَةِ الْأَخْبَثَيْنِ يَذْهَبُ بِخُشُوعِ الصَّلَاةِ، وَيَمْنَعُ الْإِتْيَانَ بِهَا عَلَى الْكَمَالِ، وَيَحْمِلُهُ عَلَى الْعَجَلَةِ وَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ فِي اللُّبْسِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَيَصِحُّ) الْمَسْحُ (عَلَى خُفٍّ) فِي رِجْلَيْهِ لِثُبُوتِهِ بِالسُّنَّةِ الصَّرِيحَةِ قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ لَيْسَ فِيهِ خِلَافٌ.

وَقَالَ الْحَسَنُ رَوَى الْمَسْحَ سَبْعُونَ نَفْسًا، فِعْلًا مِنْهُ عليه السلام.

وَقَالَ أَحْمَدُ لَيْسَ فِي قَلْبِي مِنْ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ شَيْءٌ، فِيهِ أَرْبَعُونَ حَدِيثًا عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم -

ص: 110

قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَمِنْ أُمَّهَاتِهَا حَدِيثُ جَرِيرٍ قَالَ «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ» .

قَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ فَكَانَ يُعْجِبُهُمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ إسْلَامَ جَرِيرٍ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ الْأَمْرُ الْوَارِدُ فِيهَا بِغَسْلِ الرِّجْلَيْنِ نَاسِخًا لِلْمَسْحِ، كَمَا صَارَ إلَيْهِ بَعْضُ الصَّحَابَةِ وَقَدْ اسْتَنْبَطَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنْ الْقُرْآنِ مِنْ قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ وَأَرْجُلِكُمْ بِالْجَرِّ، وَحَمْلِ قِرَاءَةِ النَّصْبِ عَلَى الْغُسْلِ، لِئَلَّا تَخْلُوَ إحْدَى الْقِرَاءَتَيْنِ عَنْ فَائِدَةٍ.

(وَ) يَصِحُّ الْمَسْحُ أَيْضًا عَلَى (جُرْمُوقٍ) وَهُوَ (خُفٌّ قَصِيرٌ) لِمَا رَوَى بِلَالٌ قَالَ «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ عَلَى الْمُوقِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَلِسَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ عَنْ بِلَالٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «امْسَحُوا عَلَى النَّصِيفِ وَالْمُوقِ» ، أَيْ: الْجُرْمُوقِ.

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ مِثَالُ الْخُفِّ، يُلْبَسُ فَوْقَهُ لَا سِيَّمَا فِي الْبِلَادِ الْبَارِدَةِ، وَهُوَ مُعَرَّبٌ كَذَا كُلُّ كَلِمَةٍ فِيهَا جِيمٌ وَقَافٌ.

(وَ) يَصِحُّ الْمَسْحُ أَيْضًا عَلَى (جَوْرَبٍ صَفِيقٍ مِنْ صُوفٍ أَوْ غَيْرِهِ) قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هُوَ غِشَاءٌ مِنْ صُوفٍ يُتَّخَذُ لِلدِّفْءِ.

وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى: وَلَعَلَّهُ اسْمٌ لِكُلِّ مَا يُلْبَسُ فِي الرِّجْلِ عَلَى هَيْئَةِ الْخُفِّ مِنْ غَيْرِ الْجِلْدِ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ يُرْوَى إبَاحَةُ الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ عَنْ تِسْعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيٍّ وَعَمَّارٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأَنَسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَالْبَرَاءِ وَبِلَالٍ وَابْنِ أَبِي أَوْفَى وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ نُعِلَا أَوْ لَمْ يُنْعَلَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ.

(وَإِنْ كَانَ) الْجَوْرَبُ (غَيْرَ مُجَلَّدٍ أَوْ) مُنْعَلٍ (أَوْ كَانَ) الْجَوْرَبُ (مِنْ خِرَقٍ) وَأَمْكَنَتْ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ فِيهِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمْ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا إلَّا أَنْ يُنْعَلَا؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُمْكِنُ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ فِيهِمَا فَهُمَا كَالرُّقْعَتَيْنِ وَلَنَا حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ.

وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا كَانَا غَيْرَ مَنْعُولَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَا كَذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْ النَّعْلَيْنِ، فَإِنَّهُ لَا يُقَالُ: مَسَحَ عَلَى الْخُفِّ وَنَعْلِهِ وَلِأَنَّهُ قَوْلُ مَنْ ذَكَرَ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالْجَوَارِبُ فِي مَعْنَى الْخُفِّ؛ لِأَنَّهُ سَاتِرٌ لِمَحَلِّ الْفَرْضِ، يُمْكِنُ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ فِيهِ أَشْبَهَ الْخُفَّ وَتَكَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ بَعْضُهُمْ قَالَ أَبُو دَاوُد كَانَ ابْنُ مَهْدِيٍّ لَا يُحَدِّثُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ، عَنْ الْمُغِيرَةِ الْخُفَّيْنِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَهَذَا لَا يَصْلُحُ مَانِعًا، لِجَوَازِ رِوَايَةِ اللَّفْظَيْنِ، فَيَصِحُّ الْمَسْحُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (حَتَّى لِزَمِنٍ) لَا يُمْكِنُهُ الْمَشْيُ لِعَاهَةٍ لِلْعُمُومِ.

(وَمَنْ لَهُ

ص: 111

رِجْلٌ وَاحِدَةٌ لَمْ يَبْقَ مِنْ فَرْضِ) الرِّجْلِ (الْأُخْرَى شَيْءٌ) فَلَبِسَ مَا يَصِحُّ الْمَسْحُ عَلَيْهِ فِي الْبَاقِيَةِ جَازَ لَهُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ سَاتِرٌ لِفَرْضِهِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَبِسَ خُفًّا فِي إحْدَى رِجْلَيْهِ مَعَ بَقَاءِ الْأُخْرَى أَوْ بَعْضِهَا، وَأَرَادَ الْمَسْحَ عَلَيْهِ، وَغَسَلَ الْأُخْرَى أَوْ بَعْضَهَا، وَأَرَادَ الْمَسْحَ عَلَيْهِ وَغَسَلَ الْأُخْرَى أَوْ مَا بَقِيَ مِنْهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ ذَلِكَ، بَلْ يَجِبُ غَسْلُ مَا فِي الْخُفِّ تَبَعًا لِلَّتِي غَسَلَهَا لِئَلَّا يَجْمَعَ بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ.

(وَ) حَتَّى (لِمُسْتَحَاضَةٍ وَنَحْوِهَا) ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْعُذْرِ أَحَقُّ بِالتَّرَخُّصِ مِنْ غَيْرِهِ وَطَهَارَتُهَا كَامِلَةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا، بَلْ تَقَدَّمَ أَنَّهَا تَرْفَعُ الْحَدَثَ (إلَّا لِمُحْرِمٍ لَبِسَهُمَا) أَيْ: الْخُفَّيْنِ (وَلَوْ لِحَاجَةٍ) كَعَدَمِ النَّعْلَيْنِ، فَلَا يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا كَمَا لَوْ لَبِسَتْ الْمَرْأَةُ الْعِمَامَةَ لِحَاجَةِ بَرْدٍ أَوْ غَيْرِهِ وَقِيلَ يَجُوزُ وَهُوَ أَظْهَرُ.

قَالَ الْمُنَقِّحُ فِي حَاشِيَةِ التَّنْقِيحِ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ، لِإِطْلَاقِهِمْ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَلَمْ يَسْتَثْنُوا أَحَدًا وَلَمْ أَرَ الْمَسْأَلَةَ إلَّا فِي الْفُرُوعِ وَعِنْدَهُ تَحْقِيقٌ انْتَهَى قُلْتُ قَدْ يُقَالُ: قَوْلُ الْأَصْحَابِ فِي اشْتِرَاطِ الْمَسْحِ إبَاحَةَ الْخُفِّ مُطْلَقًا يَمْنَعُ قَوْلَهُ: هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّ الْخُفَّ لَا يُبَاحُ لِلْمُحْرِمِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، بَلْ لِلْحَاجَةِ، فَهُوَ كَخُفٍّ مِنْ حَرِيرٍ لِضَرُورَةٍ.

(وَيَصِحُّ) الْمَسْحُ (عَلَى عَمَائِمِ ذُكُورٍ) لِقَوْلِ عُمَرَ بْنِ أُمَيَّةَ «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ عَلَى عِمَامَتِهِ وَخُفَّيْهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ «تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْعِمَامَةِ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

وَرَوَى مُسْلِمٌ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْخِمَارِ» وَبِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَأَنَسٌ وَأَبُو أُمَامَةَ رَوَى الْخَلَّالُ عَنْ عُمَرَ مَنْ لَمْ يُطَهِّرْهُ الْمَسْحُ عَلَى الْعِمَامَةِ فَلَا طَهَّرَهُ اللَّهُ.

(وَ) يَصِحُّ الْمَسْحُ عَلَى (جَبَائِرَ، جَمْعُ جَبِيرَةٍ وَهِيَ أَخْشَابٌ أَوْ نَحْوُهَا تُرْبَطُ عَلَى الْكَسْرِ أَوْ نَحْوِهِ) كَالْجُرْحِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ تَفَاؤُلًا، لِحَدِيثِ جَابِرٍ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم فِي صَاحِبِ الشَّجَّةِ «إنَّمَا يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْضُدَ أَوْ يَعْصِبَ عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً وَيَمْسَحَ عَلَيْهَا، وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ.

(وَ) يَصِحُّ الْمَسْحُ أَيْضًا (عَلَى خُمُرِ النِّسَاءِ الْمُدَارَةِ تَحْتَ حُلُوقِهِنَّ) ؛ لِأَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ كَانَتْ تَمْسَحُ عَلَى خِمَارِهَا، ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «امْسَحُوا عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْخِمَارِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَلِأَنَّهُ سَاتِرٌ

ص: 112

يَشُقُّ نَزْعُهُ أَشْبَهَ الْعِمَامَةَ الْمُحَنَّكَةَ.

وَلَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْوِقَايَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَشُقُّ نَزْعُهَا فَهِيَ كَطَاقِيَّةِ الرَّجُلِ وَ (لَا) عَلَى (الْقَلَانِسِ) جَمْعُ قَلَنْسُوَةٍ أَوْ قَلَنْسِيَةٍ (وَهِيَ مُبَطَّنَاتٌ تُتَّخَذُ لِلنَّوْمِ وَ) لَا عَلَى (الدَّنِيَّاتِ) وَهِيَ (قَلَانِسُ كِبَارٌ أَيْضًا كَانَتْ الْقُضَاةُ تَلْبَسُهَا) قَدِيمًا قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هِيَ عَلَى هَيْئَةِ مَا تَتَّخِذُهُ الصُّوفِيَّةُ الْآنَ، وَوَجْهُ عَدَمِ الْمَسْحِ عَلَيْهَا: أَنَّهُ لَا يَشُقُّ نَزْعُهَا فَلَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ عَلَيْهَا كَالْكَلْوَتَةِ.

(وَمِنْ شَرْطِهِ) أَيْ: الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَسَائِرِ الْحَوَائِلِ (أَنْ يَلْبَسَ الْجَمِيعَ بَعْدَ كَمَالِ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ) لِمَا رَوَى أَبُو بَكْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «رَخَّصَ لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ، وَلِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً، إذَا تَطَهَّرَ فَلَبِسَ خُفَّيْهِ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَالطَّبَرَانِيُّ وَحَسَّنَهُ الْبُخَارِيُّ.

وَقَالَ هُوَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَالطُّهْرُ الْمُطْلَقُ يَنْصَرِفُ إلَى الْكَامِلِ: وَأَيْضًا رَوَى الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَالَ «كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ فَأَهْوَيْتُ لِأَنْزِعَ خُفَّيْهِ فَقَالَ: دَعْهُمَا فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَفْظُهُ لِلْبُخَارِيِّ.

(وَلَوْ مَسَحَ فِيهَا) أَيْ: الطَّهَارَةِ (عَلَى خُفٍّ) بِأَنْ لَبِسَ خُفًّا عَلَى طَهَارَةٍ ثُمَّ أَحْدَثَ وَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَيْهِ، ثُمَّ لَبِسَ عِمَامَةً أَوْ جَبِيرَةً فَلَهُ الْمَسْحُ عَلَيْهَا (أَوْ) مَسَحَ فِي الطَّهَارَةِ عَلَى (عِمَامَةٍ أَوْ جَبِيرَةٍ) أَيْ: لَوْ تَوَضَّأَ ثُمَّ لَبِسَ عِمَامَةً أَوْ جَبِيرَةً ثُمَّ أَحْدَثَ وَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَيْهَا ثُمَّ لَبِسَ خُفًّا جَازَ لَهُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ طَهَارَةٌ كَامِلَةٌ تَرْفَعُ الْحَدَثَ أَشْبَهَ مَا لَوْ غَسَلَ الْكُلَّ.

(أَوْ غَسَلَ صَحِيحًا وَتَيَمَّمَ لِجُرْحٍ) ثُمَّ لَبِسَ حَائِلًا، جَازَ لَهُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَهُ طَهَارَةٌ كَامِلَةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ (فَلَا يَمْسَحُ عَلَى خُفٍّ) وَلَا جُرْمُوقٍ وَلَا جَوْرَبٍ وَلَا عِمَامَةٍ وَلَا خِمَارٍ وَلَا جَبِيرَةٍ (لَبِسَهُ عَلَى طَهَارَةٍ تَيَمَّمَ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرْفَعُ حَدَثًا (وَلَوْ غَسَلَ رِجْلًا ثُمَّ أَدْخَلَهَا الْخُفَّ) قَبْلَ غَسْلِ الْأُخْرَى (خَلَعَ) الْخُفَّ (ثُمَّ لَبِسَ بَعْدَ غَسْلِ الْأُخْرَى) لِتَكْمُلَ الطَّهَارَةُ.

(وَلَوْ لَبِسَ الْأُولَى طَاهِرَةً) قَبْلَ غَسْلِ الْأُخْرَى (ثُمَّ غَسَلَ) الرِّجْلَ (الْأُخْرَى وَأَدْخَلَهَا) خُفَّهَا (لَمْ يَمْسَحْ) ؛ لِأَنَّ لُبْسَهُ لِلْخُفَّيْنِ لَمْ يَكُنْ بَعْدَ كَمَالِ الطَّهَارَةِ (فَإِنْ خَلَعَ الْأُولَى ثُمَّ لَبِسَهَا) مَعَ بَقَاءِ طَهَارَتِهِ (جَازَ) لَهُ الْمَسْحُ؛ لِأَنَّ لُبْسَهُمَا بَعْدَ كَمَالِ الطَّهَارَةِ (وَإِنْ تَطَهَّرَ ثُمَّ أَحْدَثَ قَبْلَ لُبْسِهِ) الْخُفَّ أَوْ نَحْوَهُ لَمْ يَمْسَحْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْبَسْهُ عَلَى طَهَارَةٍ (أَوْ) تَطَهَّرَ ثُمَّ أَحْدَثَ (بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ لُبْسِهِ الْخُفَّ أَوْ نَحْوَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْبَسْهُ عَلَى طَهَارَةٍ (قَبْلَ أَنْ تَصِلَ الْقَدَمُ إلَى مَوْضِعِهَا) لَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ؛ لِأَنَّ الرِّجْلَ حَصَلَتْ فِي مَقَرِّهَا وَهُوَ مُحْدِثٌ فَصَارَ كَمَا لَوْ بَدَأَ اللُّبْسَ وَهُوَ مُحْدِثٌ.

(أَوْ

ص: 113

لَبِسَهُ) أَيْ: الْخُفَّ وَنَحْوَهُ (مُحْدِثًا ثُمَّ غَسَلَهُمَا) أَيْ: الرِّجْلَيْنِ (فِيهِ) أَيْ: فِي الْخُفِّ وَنَحْوِهِ، لَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ (أَوْ) لَبِسَهُ فِي أَثْنَاءِ الطَّهَارَةِ (قَبْلَ كَمَالِ طَهَارَتِهِ ثُمَّ غَسَلَهُمَا) أَيْ: الرِّجْلَيْنِ (فِيهِ) أَيْ: فِي الْخُفِّ وَنَحْوِهِ ثُمَّ تَمَّمَ طَهَارَتَهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْمَسْحُ (أَوْ نَوَى جُنُبٌ وَنَحْوُهُ) كَحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ انْقَطَعَ دَمُهُمَا (رَفْعَ حَدَثِهِ، ثُمَّ غَسَلَهُمَا، وَأَدْخَلَهُمَا فِيهِ) أَيْ: فِي الْخُفِّ وَنَحْوِهِ (ثُمَّ تَمَّمَ طَهَارَتَهُ لَمْ يَجُزْ) لَهُ (الْمَسْحُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْبَسْهُ بَعْدَ كَمَالِ الطَّهَارَةِ.

(وَإِنْ) غَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَ (مَسَحَ رَأْسَهُ ثُمَّ لَبِسَ الْعِمَامَةَ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَلَعَ) الْعِمَامَةَ (ثُمَّ) لَبِسَهَا لِيُوجَدَ شَرْطُ الْمَسْحِ كَالْخُفِّ (وَلَوْ شَدَّ الْجَبِيرَةَ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ) بِالْمَاءِ (نَزَعَ) الْجَبِيرَةَ إذَا تَطَهَّرَ لِيَغْسِلَ مَا تَحْتَهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ تَقَدُّمَ الطَّهَارَةِ عَلَى شَدِّهَا شَرْطٌ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي وَالشَّرِيفِ وَأَبِي جَعْفَرٍ وَأَبِي الْخَطَّابِ وَابْنِ عَبْدُوسٍ.

وَقَدَّمَهَا فِي الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّهُ مَسَحَ عَلَى حَائِلٍ أَشْبَهَ الْخُفَّ وَعَنْهُ لَا يُشْتَرَطُ، قَدَّمَهَا ابْنُ تَمِيمٍ وَاخْتَارَهَا الْخَلَّالُ وَابْنُ عَقِيلٍ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ فِيهِ وَالْمُوَفَّقُ وَجَزَمَ بِهَا فِي الْوَجِيزِ لِلْأَخْبَارِ وَلِلْمَشَقَّةِ؛ لِأَنَّ الْجُرْحَ يَقَعُ فَجْأَةً أَوْ فِي وَقْتٍ لَا يَعْلَمُ الْمَاسِحُ وُقُوعَهُ فِيهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ (فَإِنْ خَافَ) مِنْ نَزْعِهَا تَلَفًا أَوْ ضَرَرًا تَيَمَّمَ لِغَسْلِ مَا تَحْتَهَا؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعٌ يُخَافُ الضَّرَرُ، بِاسْتِعْمَالِهِ الْمَاءَ فِيهِ فَجَازَ (التَّيَمُّمُ) لَهُ، كَجُرْحٍ غَيْرِ مَشْدُودٍ (فَلَوْ عَمَّتْ) الْجَبِيرَةُ (مَحَلَّ الْفَرْضِ) فِي التَّيَمُّمِ، بِأَنْ عَمَّتْ الْوَجْهَ وَالْيَدَيْنِ.

(كَفَى مَسْحُهَا بِالْمَاءِ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ التَّيَمُّمِ وَالْمَسْحِ بَدَلٌ عَنْ الْغَسْلِ فَإِذَا تَعَذَّرَ أَحَدُهُمَا وَجَبَ الْآخَرُ (وَيَمْسَحُ مُقِيمٌ، وَلَوْ عَاصِيًا بِإِقَامَةٍ، كَمَنْ أَمَرَهُ سَيِّدُهُ بِسَفَرٍ فَأَبَى) أَنْ يُسَافِرَ: يَوْمًا وَلَيْلَةً.

(وَ) يَمْسَحُ (عَاصٍ بِسَفَرِهِ) بَعِيدًا كَانَ أَوْ قَرِيبًا (يَوْمًا وَلَيْلَةً) وَكَذَا مُسَافِرٌ دُونَ الْمَسَافَةِ،؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُقِيمِ.

(وَ) يَمْسَحُ (مُسَافِرٌ سَفَرَ قَصْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهِنَّ) لِمَا رَوَى شُرَيْحُ بْنُ هَانِئٍ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَالَتْ: سَلْ عَلِيًّا فَإِنَّهُ كَانَ يُسَافِرُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ وَلِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ: هُوَ صَحِيحٌ مَرْفُوعٌ وَيَخْلَعُ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَإِنْ خَافَ أَوْ تَضَرَّرَ رَفِيقُهُ بِانْتِظَارِهِ تَيَمَّمَ فَلَوْ مَسَحَ وَصَلَّى أَعَادَ نَصَّ عَلَيْهِ وَيَمْسَحُ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ لَابِسُ الْخُفَّيْنِ (وَلَوْ مُسْتَحَاضَةٌ وَنَحْوُهَا) كَمَنْ بِهِ سَلَسُ بَوْلٍ أَوْ نَحْوُهُ، لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ وَابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ (مِنْ وَقْتِ حَدَثٍ بَعْدَ لُبْسٍ إلَى مِثْلِهِ) مِنْ الثَّانِي أَوْ الرَّابِع لِحَدِيثِ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ قَالَ «أَمَرَنَا رَسُولُ

ص: 114

اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا كُنَّا مُسَافِرِينَ أَوْ سَفَرًا: أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ إلَّا مِنْ جَنَابَةٍ وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَنَوْمٍ وَبَوْلٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.

وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: هُوَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ يَدُلُّ بِمَفْهُومِهِ: أَنَّهَا تُنْزَعُ لِثَلَاثٍ مَضَيْنَ مِنْ الْغَائِطِ وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مُؤَقَّتَةٌ فَاعْتُبِرَ لَهَا أَوَّلُ وَقْتِهَا مِنْ حِينِ جَوَازِ فِعْلِهَا كَالصَّلَاةِ.

(فَلَوْ مَضَتْ الْمُدَّةُ) بِأَنْ مَضَى مِنْ الْحَدَثِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ أَوْ ثَلَاثَةٌ إنْ كَانَ مُسَافِرًا (وَلَمْ يَمْسَحْ فِيهَا) عَلَى الْخُفِّ أَوْ نَحْوِهِ (خَلَعَ) لِفَرَاغِ مُدَّتِهِ، وَمَا لَمْ يُحْدِثْ فَلَا تُحْتَسَبُ الْمُدَّةُ، فَلَوْ بَقِيَ بَعْدَ لُبْسِهِ يَوْمًا عَلَى طَهَارَةِ اللُّبْسِ ثُمَّ أَحْدَثَ اسْتَبَاحَ بَعْدَ الْحَدَثِ الْمُدَّةَ وَهَذَا التَّوْقِيتُ السَّابِقُ مُفَصَّلًا فِي غَيْرِ الْجَبِيرَةِ وَلِذَلِكَ قَالَ (وَ) يَمْسَحُ عَلَى (جَبِيرَةٍ إلَى حَلِّهَا) ؛ لِأَنَّ مَسْحَهَا لِلضَّرُورَةِ فَيُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا وَالضَّرُورَةُ تَدْعُو إلَى مَسْحِهَا إلَى حَلِّهَا فَقَدَّرَ بِذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِ وَبُرْؤُهَا كَحَلِّهَا بَلْ أَوْلَى.

(وَمَنْ مَسَحَ مُسَافِرًا ثُمَّ أَقَامَ أَتَمَّ بَقِيَّةَ مَسْحِ مُقِيمٍ، إنْ كَانَتْ) أَيْ: وُجِدَتْ لَهُ بَقِيَّةٌ مِنْ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ مَضَى بَعْدَ الْحَدَثِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ فَأَكْثَرُ ثُمَّ أَقَامَ (خَلَعَ) الْخُفَّ وَنَحْوَهُ لِانْقِطَاعِ السَّفَرِ فَلَوْ تَلَبَّسَ بِصَلَاةٍ فِي سَفِينَةٍ فَدَخَلَتْ الْإِقَامَةُ فِي أَثْنَائِهَا بَعْدَ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، أَبْطَلَتْ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: فِي الْأَشْهَرِ انْتَهَى وَكَذَا لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ.

(وَإِنْ مَسَحَ مُقِيمٌ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ثُمَّ سَافَرَ) أَتَمَّ مَسْحَ مُقِيمٍ، تَغْلِيبًا لِلْإِقَامَةِ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ (أَوْ شَكَّ هَلْ ابْتَدَأَ الْمَسْحَ حَضَرًا أَوْ سَفَرًا أَتَمَّ مَسْحَ مُقِيمٍ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْغَسْلُ وَالْمَسْحُ رُخْصَةٌ فَإِذَا وَقَعَ الشَّكُّ فِي شَرْطِهَا رُدَّ إلَى الْأَصْلِ وَسَوَاءٌ شَكَّ هَلْ أَوَّلُ مَسْحِهِ فِي الْحَضَرِ أَوْ السَّفَرِ، أَوْ عَلِمَ أَوَّلَ الْمُدَّةِ، أَوْ شَكَّ هَلْ كَانَ مَسْحُهُ حَضَرًا أَوْ سَفَرًا.

(وَإِنْ شَكَّ) الْمَاسِحُ (فِي بَقَاءِ الْمُدَّةِ لَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ) مُقِيمًا كَانَ أَوْ مُسَافِرًا، مَا دَامَ الشَّكُّ؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ رُخْصَةٌ جُوِّزَتْ بِشَرْطٍ، فَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ بَقَاءُ شَرْطِهَا رَجَعَ إلَى الْأَصْلِ (فَلَوْ خَالَفَ وَفَعَلَ) أَيْ: مَسَحَ مَعَ الشَّكِّ فِي بَقَاءِ الْمُدَّةِ (فَبَانَ بَقَاؤُهَا صَحَّ وُضُوءُهُ) وَلَا يُصَلِّي بِهِ قَبْلَ أَنْ يَتَبَيَّنَ لَهُ بَقَاؤُهَا فَإِنْ صَلَّى مَعَ الشَّكِّ أَعَادَ.

(وَمَنْ أَحْدَثَ) فِي الْحَضَرِ (ثُمَّ سَافَرَ قَبْلَ الْمَسْحِ أَتَمَّ مَسْحَ مُسَافِرٍ) ؛ لِأَنَّهُ ابْتَدَأَ الْمَسْحَ مُسَافِرًا (وَلَا يَصِحُّ الْمَسْحُ إلَّا عَلَى مَا يَسْتُرُ مَحَلَّ الْفَرْضِ) وَهُوَ الْقَدَمُ كُلُّهُ، وَإِلَّا فَحُكْمُ مَا اسْتَتَرَ الْمَسْحُ، وَمَا ظَهَرَ الْغَسْلُ وَلَا سَبِيلَ إلَى الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فَوَجَبَ الْغَسْلُ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ.

(وَ) مِنْ شَرْطِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ أَيْضًا: أَنْ (يَثْبُتَ بِنَفْسِهِ) إذْ الرُّخْصَةُ وَرَدَتْ فِي الْخُفِّ الْمُعْتَادِ، وَمَا لَا يَثْبُتُ بِنَفْسِهِ لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ فَلَا يَصِحُّ الْمَسْحُ عَلَى مَا يَسْقُطُ لِفَوَاتِ شَرْطِهِ (أَوْ) أَنْ

ص: 115

يَثْبُتَ (بِنَعْلَيْنِ ف) لَوْ ثَبَتَ الْجَوْرَبَانِ بِالنَّعْلَيْنِ فَإِنَّهُ (يَصِحُّ) الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ الْمُدَّةِ (إلَى خَلْعِهِمَا) وَيَجِبُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ، وَسُيُورِ النَّعْلَيْنِ قَدْرَ الْوَاجِبِ، قَالَهُ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قَالَ فِي الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ: مَسَحَهُمَا، وَقِيلَ: يُجْزِي مَسْحُ الْجَوْرَبِ وَحْدَهُ.

وَقِيلَ: أَوْ النَّعْلِ قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ إجْزَاءُ الْمَسْحِ عَلَى أَحَدِهِمَا قَدْرَ الْوَاجِبِ قُلْتُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمَذْهَبَ قَالَهُ فِي الْإِنْصَافِ.

وَ (لَا) يَصِحُّ الْمَسْحُ عَلَى خُفٍّ يَثْبُتُ (بِشَدِّهِ) فَقَطْ (نَصًّا) لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ ثَبَتَ) الْخُفُّ وَنَحْوُهُ (بِنَفْسِهِ لَكِنْ بِبُدُوِّ بَعْضِهِ لَوْلَا شَدُّهُ أَوْ شَرْجُهُ) بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْجِيمِ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ عُرًى (كَالزُّرْبُولِ الَّذِي لَهُ سَاقٌ)(فَيَدْخُلُ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ فَيَسْتَتِرُ بِذَلِكَ مَحَلُّ الْفَرْضِ)(وَنَحْوِهِ صَحَّ الْمَسْحُ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ خُفٌّ سَاتِرٌ يُمْكِنُ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ فِيهِ أَشْبَهَ غَيْرَ ذِي الشَّرْجِ.

(وَمِنْ شَرْطِهِ) أَيْ: الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ وَنَحْوِهِ (أَيْضًا إبَاحَتُهُ) ؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ رُخْصَةٌ، فَلَا تُسْتَبَاحُ بِالْمَعْصِيَةِ (فَلَا يَصِحُّ) الْمَسْحُ (عَلَى) خُفٍّ (مَغْصُوبٍ، وَ) لَا (حَرِيرٍ وَلَوْ فِي ضَرُورَةٍ، كَمَنْ هُوَ فِي بَلَدِ ثَلْجٍ، وَخَافَ سُقُوطَ أَصَابِعِهِ) بِخَلْعِ الْخُفِّ الْمَغْصُوبِ أَوْ الْحَرِيرِ فَلَا يَسْتَبِيحُ الْمَسْحَ عَلَيْهِ،؛ لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فِي الْأَصْلِ وَهَذِهِ ضَرُورَةٌ نَادِرَةٌ.

(فَإِنْ صَلَّى) وَقَدْ مَسَحَ عَلَيْهِ إذَنْ (أَعَادَ الطَّهَارَةَ وَالصَّلَاةَ) لِبُطْلَانِهِمَا (وَيَصِحُّ) الْمَسْحُ (عَلَى) خُفٍّ وَنَحْوِهِ (حَرِيرٍ لِأُنْثَى فَقَطْ) دُونَ خُنْثَى وَذَكَرٍ لِإِبَاحَتِهِ لَهَا دُونَهُمَا وَلَوْ صَغِيرَيْنِ (وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا) فِي مَسْحِ الْخُفَّيْنِ وَنَحْوِهِمَا (إمْكَانُ الْمَشْيِ فِيهِ) أَيْ: الْمَمْسُوحِ مِنْ خُفٍّ وَنَحْوِهِ عُرْفًا.

(وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُعْتَادًا فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ الْجُلُودُ وَاللُّبُودُ وَالْخَشَبُ وَالزُّجَاجُ وَالْحَدِيدُ وَنَحْوُهَا) ؛ لِأَنَّهُ خُفٌّ سَاتِرٌ يُمْكِنُ الْمَشْيُ فِيهِ أَشْبَهَ الْجُلُودَ (وَ) يُشْتَرَطُ أَيْضًا (طَهَارَةُ عَيْنِهِ) لِأَنَّ نَجِسَ الْعَيْنِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ (فَلَا يَصِحُّ) الْمَسْحُ (عَلَى نَجِسٍ وَلَوْ فِي ضَرُورَةٍ) لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَرِيرِ (فَيَتَيَمَّمُ مَعَهَا) أَيْ: الضَّرُورَةِ (لِلرِّجْلَيْنِ) أَيْ: لَا بُدَّ عَنْ غَسْلِهِمَا.

وَكَذَا لَوْ كَانَ النَّجِسُ عِمَامَةً أَوْ جَبِيرَةً وَتَضَرَّرَ بِنَزْعِهَا يَتَيَمَّمُ لِمَا تَحْتَهَا قَالَ فِي الْمُنْتَهَى: وَيَتَيَمَّمُ مَعَهَا لِمَسْتُورٍ (وَلَا يَمْسَحُ) عَلَى النَّجِسِ (وَيُعِيدُ) مَا صَلَّى بِهِ؛ لِأَنَّهُ حَامِلٌ لِلنَّجَاسَةِ (وَلَوْ مَسَحَ عَلَى خُفٍّ طَاهِرِ الْعَيْنِ لَكِنْ بِبَاطِنِهِ أَوْ قَدَمِهِ نَجَاسَةً لَا يُمْكِنُ إزَالَتُهَا إلَّا بِنَزْعِهِ جَازَ الْمَسْحُ عَلَيْهِ) لِوُجُودِ شَرْطِهِ.

(وَيَسْتَبِيحُ بِذَلِكَ مَسَّ الْمُصْحَفِ وَيَسْتَبِيحُ الصَّلَاةَ إذَا لَمْ يَجِدْ مَا يُزِيلُ) بِهِ (النَّجَاسَةَ وَغَيْرَ ذَلِكَ) كَالطَّوَافِ، بِخِلَافِ الْوُضُوءِ قَبْلَ الِاسْتِنْجَاءِ وَفَرَّقَ الْمَجْدُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ نَجَاسَةَ الْمَحَلِّ

ص: 116

هُنَاكَ لَمَّا أَوْجَبَتْ الطَّهَارَتَيْنِ جَعَلَتْ إحْدَاهُمَا تَابِعَةً لِلْأُخْرَى وَهَذَا مَعْدُومٌ هُنَا (وَيُشْتَرَطُ) فِي الْخُفِّ وَنَحْوِهِ أَيْضًا (أَنْ لَا يَصِفَ الْقَدَمَ لِصَفَائِهِ كَالزُّجَاجِ الرَّقِيقِ) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ سَاتِرٍ لِمَحَلِّ الْفَرْضِ.

وَكَذَا مَا يَصِفُ الْبَشَرَةَ لِخِفَّتِهِ فَلَا يَصِحُّ الْمَسْحُ عَلَيْهِ (فَإِنْ كَانَ فِيهِ) أَيْ: فِي الْخُفِّ وَنَحْوِهِ (خَرْقٌ أَوْ غَيْرُهُ يَبْدُو مِنْهُ بَعْضُ الْقَدَمِ، وَلَوْ مِنْ مَوْضِعِ الْخَرْزِ، لَمْ يَمْسَحْ عَلَيْهِ) لِعَدَمِ سَتْرِهِ مَحَلَّ الْفَرْضِ (فَإِنْ انْضَمَّ الْخَرْقُ وَنَحْوُهُ بِلُبْسِهِ جَازَ الْمَسْحُ) لِحُصُولِ الشَّرْطِ وَهُوَ سَتْرُ مَحَلِّ الْفَرْضِ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ وَاسِعًا يُرَى مِنْهُ مَحَلُّ الْفَرْضِ.

(وَإِنْ لَبِسَ خُفًّا فَلَمْ يُحْدِثْ حَتَّى لَبِسَ عَلَيْهِ آخَرَ وَكَانَا) أَيْ: الْخُفَّانِ (صَحِيحَيْنِ مَسَحَ أَيَّهُمَا شَاءَ) ف (إنْ شَاءَ) مَسَحَ (الْفَوْقَانِيَّ) ؛ لِأَنَّهُ خُفٌّ سَاتِرٌ ثَبَتَ بِنَفْسِهِ، أَشْبَهَ الْمُنْفَرِدَ (وَإِنْ شَاءَ) مَسَحَ (التَّحْتَانِيَّ، بِأَنْ يُدْخِلَ يَدَهُ مِنْ تَحْتِ الْفَوْقَانِيِّ فَيَمْسَحَ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى التَّحْتَانِيِّ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَحَلٌّ لِلْمَسْحِ فَجَازَ الْمَسْحُ عَلَيْهِ كَمَا يَجُوزُ غَسْلُ قَدَمَيْهِ فِي الْخُفِّ، مَعَ جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَيْهِ.

(وَلَوْ لَبِسَ أَحَدَ الْجُرْمُوقَيْنِ فِي أَحَدِ الرِّجْلَيْنِ) فَوْقَ خُفِّهَا (دُونَ) الرِّجْلِ (الْأُخْرَى) فَلَمْ يَلْبَسْ فِيهَا جَوْرَبًا، بَلْ الْخُفَّ فَقَطْ (جَازَ الْمَسْحُ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْجَوْرَبِ الَّذِي لَبِسَهُ فَوْقَ الْخُفِّ وَعَلَى الْخُفِّ (الَّذِي فِي الرِّجْلِ الْأُخْرَى) ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ تَعَلَّقَ بِهِ وَبِالْخُفِّ الَّذِي فِي الرِّجْلِ الْأُخْرَى، فَهُوَ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ تَحْتَهُ شَيْءٌ (فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا) أَيْ: الْخُفَّيْنِ اللَّذَيْنِ لَبِسَ أَحَدَهُمَا فَوْقَ الْآخَرِ (صَحِيحًا) وَالْآخَرُ مُفَتَّقًا (جَازَ الْمَسْحُ عَلَى الْفَوْقَانِيِّ) ؛ لِأَنَّهُمَا كَخُفٍّ وَاحِدٍ وَكَذَا إنْ لَبِسَ عَلَى صَحِيحٍ مُخَرَّقًا نَصَّ عَلَيْهِ.

قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ (وَلَا يَجُوزُ) الْمَسْحُ (عَلَى) الْخُفِّ (التَّحْتَانِيِّ) إذَا كَانَ أَحَدُ الْخُفَّيْنِ صَحِيحًا وَالْآخَرُ مُفَتَّقًا (إلَّا أَنْ يَكُونَ) التَّحْتَانِيُّ (هُوَ الصَّحِيحُ) فَيَصِحُّ الْمَسْحُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ سَاتِرٌ بِنَفْسِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ انْفَرَدَ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْفَوْقَانِيُّ هُوَ الصَّحِيحُ فَلَا يَصِحُّ الْمَسْحُ إذَنْ عَلَى التَّحْتَانِيِّ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ سَاتِرٍ بِنَفْسِهِ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: وَكُلٌّ مِنْ الْخُفِّ الْفَوْقَانِيِّ وَالتَّحْتَانِيِّ بَدَلٌ مُسْتَقِلٌّ مِنْ الْغَسْلِ عَلَى الصَّحِيحِ.

(وَإِنْ كَانَا) أَيْ: الْخُفَّانِ (مُخَرَّقَيْنِ) وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا فَوْقَ الْآخَرِ (وَسَتَرَا) مَحَلَّ الْفَرْضِ (لَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ) عَلَيْهِمَا وَلَا عَلَى أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَيْرُ صَالِحٍ لِلْمَسْحِ عَلَى انْفِرَادِهِ كَمَا لَوْ لَبِسَ مُخَرَّقًا فَوْقَ لِفَافَةٍ (وَإِنْ نَزَعَ الْفَوْقَانِيَّ قَبْلَ مَسْحِهِ لَمْ يُؤَثِّرْ) كَمَا لَوْ انْفَرَدَ.

(وَإِنْ) تَوَضَّأَ وَلَبِسَ خُفًّا ثُمَّ (أَحْدَثَ ثُمَّ لَبِسَ) الْخُفَّ (الْآخَرَ) لَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَبِسَهُ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ بَلْ عَلَى الْأَسْفَلِ (أَوْ مَسَحَ) الْخُفَّ (الْأَوَّلَ) بَعْدَ حَدَثِهِ (ثُمَّ لَبِسَ) الْخُفَّ (الثَّانِيَ) وَلَوْ عَلَى طَهَارَةٍ (لَمْ

ص: 117

يَجُزْ الْمَسْحُ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْخُفَّ الْمَمْسُوحَ بَدَلٌ عَنْ غَسْلِ مَا تَحْتَهُ وَالْبَدَلُ لَا يَكُونُ لَهُ بَدَلٌ آخَرُ (بَلْ عَلَى الْأَسْفَلِ) ؛ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ تَعَلَّقَتْ بِهِ.

(وَإِنْ) لَبِسَ خُفًّا عَلَى آخَرَ قَبْلَ الْحَدَثِ وَمَسَحَ الْأَعْلَى، ثُمَّ (نَزَعَ الْمَمْسُوحَ الْأَعْلَى لَزِمَهُ نَزْعُ التَّحْتَانِيِّ) وَإِعَادَةُ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْمَسْحِ وَنَزْعُهُ كَنَزْعِهِمَا وَالرُّخْصَةُ تَعَلَّقَتْ بِهِمَا، فَصَارَ كَانْكِشَافِ الْقَدَمِ (وَقَشْطُ ظِهَارَةِ الْخُفِّ) بِكَسْرِ الظَّاءِ الْمُشَالَةِ ضِدُّ الْبِطَانَةِ (بَعْدَ الْمَسْحِ عَلَيْهِ لَا تُؤَثِّرُ) فِي الْوُضُوءِ لِبَقَاءِ سَتْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ.

(وَيَمْسَحُ) خُفًّا (صَحِيحًا) لَبِسَهُ عَلَى طَهَارَةٍ (عَلَى لِفَافَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ خُفٌّ سَاتِرٌ لِمَحَلِّ الْفَرْضِ أَشْبَهَ مَا لَوْ انْفَرَدَ، وَلَا يَمْسَحُ خُفًّا (مُخَرَّقًا) لَبِسَهُ (عَلَيْهَا) أَيْ: عَلَى لِفَافَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتُرُ مَحَلَّ الْفَرْضِ، كَمَا لَوْ انْفَرَدَ (وَلَا) يَمْسَحُ (لَفَائِفَ وَحْدَهَا) وَهِيَ خِرَقٌ تُشَدُّ عَلَى الرِّجْلِ تَحْتَهَا نَعْلٌ أَوْ لَا، وَلَوْ مَعَ مَشَقَّةٍ فِي الْأَصَحِّ قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ.

(وَيَجِبُ مَسْحُ أَكْثَرِ أَعْلَى خُفٍّ وَنَحْوِهِ) كَجَوْرَبٍ وَجُرْمُوقٍ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَلَا يُسَنُّ اسْتِيعَابُهُ مَرَّةً فَلَا يَجِبُ تَكْرَارُهُ، بَلْ وَلَا يُسَنُّ (دُونَ أَسْفَلِهِ) أَيْ: الْخُفِّ (وَعَقِبِهِ، فَلَا يُجْزِي مَسْحُهُمَا) عَنْ مَسْحِ ظَاهِرِهِ (بَلْ وَلَا يُسَنُّ) مَسْحُهُمَا مَعَ مَسْحِ ظَاهِرِهِ لِقَوْلِ عَلِيٍّ لَوْ كَانَ الدِّينُ بِالرَّأْيِ لَكَانَ أَسْفَلُ الْخُفِّ أَوْلَى بِالْمَسْحِ مِنْ أَعْلَاهُ وَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «يَمْسَحُ عَلَى ظَاهِرِ خُفَّيْهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.

قَالَ الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ إسْنَادُهُ صَحِيحٌ فَبَيَّنَ أَنَّ الرَّأْيَ وَإِنْ اقْتَضَى مَسْحَ أَسْفَلِهِ، إلَّا أَنَّ السُّنَّةَ أَحَقُّ أَنْ تُتَّبَعَ؛ لِأَنَّ أَسْفَلَهُ مَظِنَّةُ مُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ وَكَثْرَةِ الْوَسَخِ، فَمَسْحُهُ يُفْضِي إلَى تَلَوُّثِ الْيَدِ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ، وَمَا وَرَدَ أَنَّهُ عليه السلام «مَسَحَ أَعْلَى الْخُفِّ وَأَسْفَلَهُ» فَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَقَالَ: مِنْ وَجْهٍ ضَعِيفٍ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ مَعْلُولٌ: وَقَالَ سَأَلْتُ أَبَا زُرْعَةَ وَمُحَمَّدًا - أَيْ: الْبُخَارِيَّ - عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَا: لَيْسَ بِصَحِيحٍ.

(وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا) أَيْ: عَلَى الْمَرَّةِ فِي مَسْحِ الْخُفِّ؛ لِأَنَّهُ يُفْسِدُهُ (فَيَضَعُ يَدَيْهِ مُفَرَّجَتَيْ الْأَصَابِعِ عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ ثُمَّ يُمِرُّهُمَا عَلَى مِشْطَيْ قَدَمَيْهِ إلَى سَاقَيْهِ) هَذَا صِفَةُ الْمَسْحِ الْمَسْنُونِ، قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ لِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى خُفِّهِ الْأَيْمَنِ، وَيَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى خُفِّهِ الْأَيْسَرِ، ثُمَّ مَسَحَ إلَى أَعْلَاهُ مَسْحَةً وَاحِدَةً» (فَإِنْ بَدَأَ) فِي الْمَسْحِ مِنْ سَاقِهِ (إلَى أَصَابِعِهِ أَجْزَأَهُ) قَالَ أَحْمَدُ كَيْفَمَا فَعَلْتَ فَهُوَ جَائِزٌ.

(وَيُسَنُّ مَسْحُ) الرِّجْلِ (الْيُمْنَى ب) الْيَدِ (الْيُمْنَى)(وَ) الرِّجْلُ (الْيُسْرَى

ص: 118

ب) الْيَدِ (الْيُسْرَى) لِحَدِيثِ الْمُغِيرَةِ السَّابِقِ.

(وَفِي التَّلْخِيصِ وَالتَّرْغِيبِ: يُسَنُّ تَقْدِيمُ الْيُمْنَى) وَحَكَاهُ فِي الْمُبْدِعِ عَنْ الْبُلْغَةِ، وَقَالَ حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ السَّابِقُ لَيْسَ فِيهِ تَقْدِيمٌ.

(وَحُكْمُ مَسْحِهِ بِإِصْبَعٍ أَوْ إصْبَعَيْنِ إذَا كَرَّرَ الْمَسْحَ بِهَا) أَيْ: بِمَا ذَكَرَ مِنْ الْإِصْبَعِ أَوْ الْإِصْبَعَيْنِ (حَتَّى يَصِيرَ الْمَسْحُ) بِهَا (مِثْلَ الْمَسْحِ بِأَصَابِعِهِ) حُكْمَ مَسْحِ الرَّأْسِ فِي الْإِجْزَاءِ (أَوْ) أَيْ: وَحُكْمُ الْمَسْحِ (بِحَائِلٍ كَخِرْقَةٍ وَنَحْوِهَا) كَخَشَبَةٍ حُكْمُ مَسْحِ الرَّأْسِ فِي الْإِجْزَاءِ (وَ) حُكْمُ (غَسْلِهِ حُكْمُ مَسْحِ الرَّأْسِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ) فَيُجْزِي إنْ مَسَحَهُ مَعَ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا (وَيُكْرَهُ غَسْلُهُ) أَيْ: الْخُفِّ؛ لِأَنَّهُ يُفْسِدُهُ.

(وَيَصِحُّ) أَيْ: يَجِبُ (مَسْحُ دَوَائِرِ عِمَامَةٍ) أَمَّا صِحَّةُ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ فَلِمَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا كَوْنُ الْوَاجِبِ مَسْحَ أَكْثَرِهَا: فَلِأَنَّهَا مَمْسُوحَةٌ عَلَى وَجْهِ الْبَدَلِ، فَأَجْزَأَ فِيهَا ذَلِكَ كَالْخُفِّ، وَاخْتَصَّ ذَلِكَ بِأَكْوَارِهَا وَهِيَ دَوَائِرُهَا (دُونَ وَسَطِهَا) ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ أَسْفَلَ الْخُفِّ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ الْمَسْحُ عَلَى الْعِمَامَةِ (إذَا كَانَتْ مُبَاحَةً) بِأَنْ لَا تَكُونَ مُحَرَّمَةً كَمَغْصُوبَةٍ أَوْ حَرِيرٍ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْخُفِّ، وَأَنْ تَكُونَ (مُحَنَّكَةً) وَهِيَ الَّتِي يُدَارُ مِنْهَا تَحْتَ الْحَنَكِ كَوْر بِفَتْحِ الْكَافِ - أَوْ كَوْرَانِ سَوَاءٌ كَانَ لَهَا ذُؤَابَةٌ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهَا عِمَامَةُ الْعَرَبِ وَيَشُقُّ نَزْعُهَا.

وَهِيَ أَكْثَرُ سَتْرًا (أَوْ) تَكُونَ (ذَاتَ ذُؤَابَةٍ) بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَبَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَفْتُوحَةٌ - وَهِيَ طَرَفُ الْعِمَامَةِ الْمُرْخَى، وَأَصْلُهَا النَّاصِيَةُ أَوْ مَنْبَتُهَا مِنْ الرَّأْسِ وَشَعْرٌ فِي أَعْلَى نَاصِيَةِ الْفَرَسِ؛ لِأَنَّ إرْخَاءَ الذُّؤَابَةِ مِنْ السُّنَّةِ، قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ يَنْبَغِي أَنْ يُرْخِيَ خَلْفَهُ مِنْ عِمَامَتِهِ كَمَا جَاءَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَعْتَمُّ وَيُرْخِيهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ.

وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «عَمَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَبْدَ الرَّحْمَنِ بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ وَأَرْخَاهَا مِنْ خَلْفِهِ قَدْرَ أَرْبَعِ أَصَابِعَ» وَلِأَنَّهَا لَا تُشْبِهُ عَمَائِمَ أَهْلِ الذِّمَّةِ (كَبِيرَةً كَانَتْ الْعِمَامَةُ أَوْ صَغِيرَةً) وَأَنْ تَكُونَ (لِذَكَرٍ) كَبِيرٍ أَوْ صَغِيرٍ (لَا أُنْثَى) كَبِيرَةٍ أَوْ صَغِيرَةٍ؛ لِأَنَّهَا مَنْهِيَّةٌ عَنْ التَّشَبُّهِ بِالرِّجَالِ، فَلَا تَمْسَحُ أُنْثَى عَلَى عِمَامَةٍ.

(وَلَوْ لَبِسَتْهَا لِضَرُورَةِ بَرْدٍ وَغَيْرِهِ) وَكَذَا خُنْثَى وَيَصِحُّ مَسْحُ الذَّكَرِ عَلَى الْعِمَامَةِ غَيْرِ الصَّمَّاءِ (بِشَرْطِ سَتْرِهَا لِمَا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِكَشْفِهِ) كَمُقَدَّمِ الرَّأْسِ وَالْأُذُنَيْنِ وَجَوَانِبِ الرَّأْسِ، فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ بِخِلَافِ خَرْقِ الْخُفِّ وَنَحْوِهِ،؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ، وَيَشُقُّ التَّحَرُّزُ مِنْهُ (وَلَا يَجِبُ أَنْ يُمْسَحَ مَعَهَا) أَيْ: الْعِمَامَةِ (مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِكَشْفِهِ) ؛ لِأَنَّ الْعِمَامَةَ نَابَتْ عَنْ الرَّأْسِ، فَانْتَقَلَ الْفَرْضُ إلَيْهَا وَتَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِهَا، وَفِي نُسَخٍ بَلْ يُسَنُّ نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «مَسَحَ

ص: 119

بِنَاصِيَتِهِ» فِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ وَهُوَ صَحِيحٌ قَالَهُ فِي الشَّرْحِ وَعُلِمَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْعِمَامَةِ الصَّمَّاءِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ عِمَامَةَ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَشُقُّ نَزْعُهَا أَشْبَهَتْ الطَّاقِيَّةَ.

وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «أَمَرَ بِالتَّلَحِّي وَنَهَى عَنْ الِاقْتِعَاطِ» رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَالِاقْتِعَاطُ أَنْ لَا يَكُونَ تَحْتَ الْحَنَكِ مِنْهَا شَيْءٌ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: كَانَ أَبِي يَكْرَهُ أَنْ يَعْتَمَّ الرَّجُلُ بِالْعِمَامَةِ وَلَا يَجْعَلهَا تَحْتَ حَنَكِهِ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَرِهَهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً، وَقَالَ إنَّمَا يَعْتَمُّ مِثْلَ هَذَا الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَالْأَقْرَبُ أَنَّهَا كَرَاهَةٌ لَا تَرْتَقِي إلَى التَّحْرِيمِ، وَمِثْلُ هَذَا لَا يَمْنَعُ التَّرَخُّصَ، كَسَفَرِ النُّزْهَةِ، كَذَا قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ.

وَقَالَ وَلَعَلَّ الظَّاهِرَ مِنْ جَوَازِ الْمَسْحِ إبَاحَةُ لُبْسِهَا، وَهُوَ مُتَّجَهٌ؛ لِأَنَّهُ فِعْلُ أَبْنَاءِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَتُحْمَلُ كَرَاهَةُ السَّلَفِ عَلَى الْحَاجَةِ لِذَلِكَ، لِجِهَادٍ أَوْ غَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا، أَوْ عَلَى تَرْكِ الْأَوْلَى وَحَمَلَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لِغَيْرِ ذَاتِ ذُؤَابَةٍ.

(وَيَجِبُ مَسْحُ جَمِيعِ جَبِيرَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِي تَعْمِيمِهَا بِهِ، بِخِلَافِ الْخُفِّ، فَإِنَّهُ يَشُقُّ تَعْمِيمُ جَمِيعِهِ، وَيُتْلِفهُ الْمَسْحُ (لَمْ تُجَاوِزْ) الْجَبِيرَةُ (قَدْرَ الْحَاجَةِ) بِشَدِّهَا،؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ حَاجَةٍ فَتَقَيَّدَ بِقَدْرِهَا، وَمَوْضِعُ الْحَاجَةِ هُوَ مَوْضِعُ الْكَسْرِ وَنَحْوِهِ وَمَا لَا بُدَّ مِنْ وَضْعِ الْجَبِيرَةِ عَلَيْهِ مِنْ الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهَا لَا بُدَّ أَنْ تُوضَعَ عَلَى طَرَفَيْ الصَّحِيحِ لِيَرْجِعَ الْكَسْرُ.

(وَيُجْزِي) الْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ مِنْ غَيْرِ تَيَمُّمٍ؛ لِأَنَّهُ مَسْحٌ عَلَى حَائِلٍ فَأَجْزَأَ (مِنْ غَيْرِ تَيَمُّمٍ) ، كَمَسْحِ الْخُفِّ بَلْ أَوْلَى إذْ صَاحِبُ الضَّرُورَةِ أَحَقُّ بِالتَّخْفِيفِ، وَالِاسْتِدْلَالُ بِقِصَّةِ صَاحِبِ الشَّجَّةِ ضَعِيفٌ بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْوَاوَ فِيهِ بِمَعْنَى أَوْ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ التَّيَمُّمَ فِيهِ لِشَدِّ الْعِصَابَةِ فِيهِ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ (فَإِنْ تَجَاوَزَتْ) الْجَبِيرَةُ مَحَلَّ الْحَاجَةِ (وَجَبَ نَزْعُهَا) لِيَغْسِلَ مَا يُمْكِنُهُ غَسْلُهُ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ (فَإِنْ خَافَ) مِنْ نَزْعِهَا (تَلَفًا أَوْ ضَرَرًا تَيَمَّمَ لِزَائِدٍ) عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ، وَمَسَحَ مَا حَاذَى مَحَلَّ الْحَاجَةِ، وَغَسَلَ مَا سِوَى ذَلِكَ، فَيَجْمَعُ إذَنْ بَيْنَ الْغَسْلِ وَالْمَسْحِ وَالتَّيَمُّمِ.

(وَيَحْرُمُ الْجَبْرُ بِجَبِيرَةٍ نَجِسَةٍ، كَجِلْدِ الْمَيْتَةِ وَالْخِرْقَةِ النَّجِسَةِ، وَ) يَحْرُمُ الْجَبْرُ (بِمَغْصُوبٍ وَالْمَسْحُ عَلَى ذَلِكَ بَاطِلٌ وَكَذَا الصَّلَاةُ فِيهِ) ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ (كَالْخُفِّ النَّجِس وَكَذَلِكَ الْحَرِيرُ لِذَكَرٍ) يَحْرُمُ الْجَبْرُ بِهِ، وَلَا يَصِحُّ الْمَسْحُ عَلَيْهِ (وَدَوَاءٌ وَعِصَابَةٌ) شَدَّ بِهَا رَأْسَهُ أَوْ غَيْرُهَا (وَلُصُوقٌ عَلَى جِرَاحٍ أَوْ وَجَعٍ وَلَوْ قَارَّا فِي شِقٍّ) وَتَضَرَّرَ بِقَلْعِهِ (أَوْ تَأَلَّمَتْ أُصْبُعُهُ، فَأَلْقَمَهَا مَرَارَةً كَجَبِيرَةٍ) إذَا وَضَعَهَا عَلَى طَهَارَةٍ جَازَ الْمَسْحُ عَلَيْهَا،

ص: 120

لِأَنَّهَا فِي مَعْنَاهَا.

وَرَوَى الْأَثْرَمُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ خَرَجَتْ بِإِبْهَامِهِ قُرْحَةٌ فَأَلْقَمَهُ مَرَارَةً وَكَانَ يَتَوَضَّأُ عَلَيْهَا، قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: لَوْ انْقَلَعَ ظُفْرُهُ أَوْ كَانَ بِإِصْبَعِهِ قُرْحَةٌ أَوْ فَصْدٌ وَخَافَ إصَابَةَ الْمَاءِ أَنْ يَزْرَقَّ الْجُرْحُ، أَوْ وَضَعَ دَوَاءً عَلَى جُرْحٍ أَوْ وَجَعٍ وَنَحْوِهِ، جَازَ الْمَسْحُ عَلَيْهِ، نَصَّ عَلَيْهِ.

(وَمَتَى ظَهَرَ بَعْضُ قَدَمِهِ بَعْدَ الْحَدَثِ وَقَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ) فَحُشَ أَوْ لَا (أَوْ) ظَهَرَ بَعْضُ (رَأْسِهِ وَفَحُشَ) مَا ظَهَرَ (فِيهِ) أَيْ: فِي الرَّأْسِ فَقَطْ: اسْتَأْنَفَ الطَّهَارَةَ لِبُطْلَانِ مَا قَبْلَهَا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ أُقِيمَ مَقَامَ الْغَسْلِ أَوْ الْمَسْحِ فَإِذَا أَزَالَ الْمَمْسُوحَ بَطَلَتْ الطَّهَارَةُ فِي الْقَدَمِ أَوْ الرَّأْسِ، فَتَبْطُلُ فِي جَمِيعِهَا لِكَوْنِهَا لَا تَتَبَعَّضُ، وَسَوَاءٌ فَاتَتْ الْمُوَالَاةُ أَوْ لَمْ تَفُتْ وَعُلِمَ مِنْهُ: أَنَّ انْكِشَافَ يَسِيرٍ مِنْ الرَّأْسِ لَا يَضُرُّ، قَالَ أَحْمَدُ إذَا زَالَتْ عَنْ رَأْسِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، مَا لَمْ يَفْحُشْ،؛ لِأَنَّهُ مُعْتَادٌ.

(أَوْ انْتَقَضَ بَعْضُ عِمَامَتِهِ) قَالَ الْقَاضِي: لَوْ انْتَقَضَ مِنْهَا كَوْرٌ وَاحِدٌ بَطَلَتْ؛ لِأَنَّهُ زَالَ الْمَمْسُوحُ عَلَيْهِ أَشْبَهَ نَزْعَ الْخُفِّ أَوْ (انْقَطَعَ دَمُ مُسْتَحَاضَةٍ أَوْ زَالَ ضَرَرُ مَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ وَنَحْوُهُ) كَالرُّعَافِ، بِأَنْ انْقَطَعَ اسْتَأْنَفَ الطَّهَارَةَ وَخَلَعَ،؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِصِحَّةِ طَهَارَةٍ إنَّمَا كَانَ لِوُجُودِ الْعُذْرِ فَإِذَا زَالَ حُكِمَ بِبُطْلَانِهَا عَلَى الْأَصْلِ.

(أَوْ انْقَضَتْ مُدَّةُ مَسْحٍ) وَهِيَ الْيَوْمُ وَاللَّيْلَةُ أَوْ الثَّلَاثَةُ (وَلَوْ) كَانَ الْمَاسِحُ (مُتَطَهِّرًا أَوْ فِي صَلَاةٍ اسْتَأْنَفَ الطَّهَارَةَ، وَبَطَلَتْ الصَّلَاةُ) ؛ لِأَنَّهَا طَهَارَةٌ مُؤَقَّتَةٌ، فَبَطَلَتْ بِانْتِهَاءِ وَقْتِهَا، كَخُرُوجِ وَقْتِ الصَّلَاةِ فِي حَقِّ الْمُتَيَمِّمِ، وَيُعِيدُ الْوُضُوءَ، لَا لِوُجُوبِ الْمُوَالَاةِ، بَلْ؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ، وَالْحَدَثُ لَا يَتَبَعَّضُ فَإِذَا خَلَعَ عَادَ الْحَدَثُ إلَى الْعُضْوِ الَّذِي مُسِحَ الْحَائِلُ عَنْهُ فَيَسْرِي إلَى بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ، فَيَسْتَأْنِفُ الْوُضُوءَ وَإِنْ قَرُبَ الزَّمَنُ وَقَطَعَ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَغَيْرُهُمْ وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: إنَّ هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ.

(وَزَوَالُ جَبِيرَةٍ) وَلَوْ قَبْلَ بُرْءِ الْكَسْرِ أَوْ الْجُرْحِ، وَبُرْؤُهَا (كَ) خَلْعِ (خُفٍّ) ؛ لِأَنَّ مَسْحَهَا بَدَلٌ عَنْ غَسْلِ مَا تَحْتَهَا، إلَّا أَنَّهَا إذَا مُسِحَتْ فِي الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى، وَزَالَتْ أَجَزَأَ غَسْلُ مَا تَحْتَهَا، لِعَدَمِ وُجُوبِ الْمُوَالَاةِ فِي الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ لَكَ أَنَّ الصَّحِيحَ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَتْ مَبْنِيَّةً عَلَى وُجُوبِ الْمُوَالَاةِ، بَلْ عَلَى رَفْعِ الْمَسْحِ لِلْحَدَثِ وَعَدَمِ تَبَعُّضِهِ وَإِذَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا.

(وَخُرُوجُ قَدَمِ) الْمَاسِحِ (أَوْ بَعْضِهِ إلَى سَاقِ خُفِّهِ، كَخَلْعِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ فِيهِ (وَلَا مَدْخَلَ لِحَائِلٍ فِي طَهَارَةٍ كُبْرَى) لِحَدِيثِ صَفْوَانَ قَالَ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ لَا نَنْزِعَ

ص: 121