الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَبْل دُخُولِهِ فِي الصَّفِّ، وَمَجِيءِ آخَرَ يَقْفُ مَعَهُ، لِانْفِرَادِهِ فِي مُعْظَمِ الرَّكْعَةِ.
(وَإِنْ فَعَلَهُ) أَيْ رَكَعَ وَرَفَعَ فَذًّا ثُمَّ دَخَلَ الصَّفَّ أَوْ وَقَفَ مَعَهُ آخَرُ (لِغَيْرِ عُذْرٍ بِأَنْ لَا يَخَافَ فَوْتَ الرَّكْعَةِ لَمْ يَصِحَّ) ؛ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ وَرَدَتْ فِي الْمَعْذُورِ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ غَيْرُهُ.
(وَلَوْ زُحِمَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْجُمُعَةِ، فَأُخْرِجَ مِنْ الصَّفِّ، وَبَقِيَ فَذًّا فَإِنَّهُ يَنْوِي مُفَارَقَةَ الْإِمَامِ) لِلْعُذْرِ.
(وَيُتِمُّهَا جُمُعَةً) ؛ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ مِنْهَا رَكْعَةً مَعَ الْإِمَامِ (وَإِنْ أَقَامَ عَلَى مُتَابَعَةِ إمَامِهِ، وَيُتِمُّهَا مَعَهُ) جُمُعَةً (فَذًّا، صَحَّتْ جُمُعَتُهُ) فِي وَجْهٍ؛ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تُقْضَى فَاغْتُفِرَ فِيهَا ذَلِكَ وَصَحَّحَ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ عَدَمَ الصِّحَّةِ، ذَكَرَهُ فِي الْجُمُعَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِ لِعُمُومِ مَا تَقَدَّمَ.
[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الِاقْتِدَاءِ]
(فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الِاقْتِدَاءِ)(إذَا كَانَ الْمَأْمُومُ يَرَى الْإِمَامَ أَوْ مَنْ وَرَاءَهُ، وَكَانَا فِي الْمَسْجِدِ صَحَّتْ) صَلَاةُ الْمَأْمُومِ (وَلَوْ لَمْ تَتَّصِلْ الصُّفُوفُ عُرْفًا) ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ بُنِيَ لِلْجَمَاعَةِ فَكُلُّ مَنْ حَصَلَ فِيهِ حَصَلَ فِي مَحَلِّ الْجَمَاعَةِ، بِخِلَافِ خَارِجِ الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مُعَدًّا لِلِاجْتِمَاعِ فِيهِ فَلِذَلِكَ اُشْتُرِطَ الِاتِّصَالُ فِيهِ.
(وَكَذَا إنْ لَمْ يَرَ) الْمَأْمُومُ (أَحَدَهُمَا) أَيْ: الْإِمَامِ أَوْ مَنْ وَرَاءَهُ (إنْ سَمِعَ التَّكْبِيرَ) ؛ لِأَنَّهُمْ فِي مَوْضِعِ الْجَمَاعَةِ وَيُمْكِنُهُمْ الِاقْتِدَاءُ بِهِ بِسَمَاعِ التَّكْبِيرِ أَشْبَهَ الْمُشَاهَدَةَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ التَّكْبِيرَ وَلَمْ يَرَهُ وَلَا بَعْضُ مَنْ وَرَاءَهُ (فَلَا) تَصِحُّ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ، لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِإِمَامِهِ.
(وَإِنْ كَانَا) أَيْ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ (خَارِجَيْنِ عَنْهُ) أَيْ الْمَسْجِدِ (أَوْ) كَانَ (الْمَأْمُومُ وَحْدَهُ) خَارِجًا عَنْ الْمَسْجِدِ الَّذِي بِهِ الْإِمَامُ وَلَوْ كَانَ بِمَسْجِدٍ آخَرَ (وَأَمْكَنَ الِاقْتِدَاءُ صَحَّتْ) صَلَاةُ الْمَأْمُومِ (إنْ رَأَى) الْمَأْمُومُ (أَحَدَهُمَا) أَيْ الْإِمَامِ أَوْ بَعْضِ مَنْ وَرَاءَهُ وَلَوْ كَانَتْ جُمُعَةً فِي دَارٍ أَوْ دُكَّانٍ لِانْتِفَاءِ الْمُفْسِدِ وَوُجُودِ الْمُقْتَضِي لِلصِّحَّةِ وَهُوَ الرُّقْيَةُ وَإِمْكَانُ الِاقْتِدَاءِ.
(وَلَوْ) كَانَتْ الرُّقْيَةُ (مِمَّا لَا يُمْكِنْ الِاسْتِطْرَاقُ مِنْهُ كَشُبَّاكٍ وَنَحْوِهِ) كَطَاقٍ صَغِيرَةٍ، فَتَصِحُّ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ (وَإِنْ لَمْ يَرَ) الْمَأْمُومُ (أَحَدَهُمَا) أَيْ الْإِمَامِ أَوْ بَعْضِ مَنْ وَرَاءَهُ.
(وَالْحَالَةُ هَذِهِ) أَيْ وَهُمَا خَارِجَا الْمَسْجِدِ أَوْ الْمَأْمُومُ وَحْدَهُ خَارِجَهُ (لَمْ يَصِحَّ) اقْتِدَاؤُهُ بِهِ (وَلَوْ سَمِعَ التَّكْبِيرَ) لِقَوْلِ
عَائِشَةَ لِنِسَاءٍ كُنَّ يُصَلِّينَ فِي حُجْرَتِهَا لَا تُصَلِّينَ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ، فَإِنَّكُنَّ دُونَهُ فِي حِجَابٍ وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ فِي الْغَالِبِ قُلْتُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ إمْكَانُ الرُّؤْيَةِ لَوْلَا الْمَانِعُ، إنْ كَانَ بِالْمَأْمُومِ عَمًى أَوْ كَانَ فِي ظُلْمَةٍ وَكَانَ بِحَيْثُ يُرَى لَوْلَا ذَلِكَ صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ حَيْثُ أَمْكَنَتْهُ الْمُتَابَعَةُ، وَلَوْ بِسَمَاعِ التَّكْبِيرِ وَكَذَا إنْ كَانَ الْمَأْمُومُ وَحْدَهُ بِالْمَسْجِدِ أَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَسْجِدٍ غَيْرِ الَّذِي بِهِ الْآخَرُ فَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْمَأْمُومِ إذَنْ إنْ لَمْ يَرَ الْإِمَامَ أَوْ بَعْضَ مَنْ وَرَاءَهُ.
(وَتَكْفِي الرُّؤْيَةُ فِي بَعْضِ الصَّلَاةِ) كَحَالِ الْقِيَامِ أَوْ الرُّكُوعِ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ وَجِدَارُ الْحُجْرَةِ قَصِيرٌ، فَرَأَى النَّاسُ شَخْصَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَامَ أُنَاسٌ يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ» الْحَدِيثُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالظَّاهِرُ: أَنَّهُمْ إنَّمَا كَانُوا يَرَوْنَهُ فِي حَالِ قِيَامِهِ.
(وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْجُمُعَةُ وَغَيْرُهَا) لِعَدَمِ الْفَارِقِ (وَلَا يُشْتَرَطُ اتِّصَالُ الصُّفُوفِ) لِعَدَمِ الْفَارِقِ فِيمَا إذَا كَانَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ (أَيْضًا) أَيْ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ كَانَا فِي الْمَسْجِدِ (إذَا حَصَلَتْ الرُّؤْيَةُ الْمُعْتَبَرَةُ وَأَمْكَنَ الِاقْتِدَاءُ) أَيْ الْمُتَابَعَةُ.
(وَلَوْ جَاوَزَ) مَا بَيْنَهُمَا (ثَلَاثَمِائَةِ ذِرَاعٍ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ.
(وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا نَهْرٌ تَجْرِي فِيهِ السُّفُنُ) لَمْ تَصِحَّ (أَوْ) كَانَ بَيْنَهُمَا (طَرِيقٌ وَلَمْ تَتَّصِلْ فِيهِ الصُّفُوفُ عُرْفًا إنْ صَحَّتْ) الصَّلَاةُ (فِيهِ) أَيْ الطَّرِيقِ كَصَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَالْكُسُوفِ وَالْجِنَازَةِ لِضَرُورَةٍ، لَمْ تَصِحَّ فَإِنْ اتَّصَلَتْ إذَنْ صَحَّتْ (أَوْ اتَّصَلَتْ) الصُّفُوفُ (فِيهِ) أَيْ الطَّرِيقِ (وَقُلْنَا لَا تَصِحُّ) الصَّلَاةُ (فِيهِ) أَيْ الطَّرِيقِ كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ (أَوْ انْقَطَعَتْ) الصُّفُوفُ (فِيهِ) أَيْ الطَّرِيقِ (مُطْلَقًا) سَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الصَّلَاةُ مِمَّا تَصِحُّ فِي الطَّرِيقِ أَوْ لَا، وَبَعْضُهُ دَاخِلٌ فِيمَا تَقَدَّمَ (لَمْ تَصِحَّ) صَلَاةُ الْمَأْمُومِ؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ لَيْسَتْ مَحَلًّا لِلصَّلَاةِ أَشْبَهَ مَا يَمْنَعُ الِاتِّصَالَ، وَالنَّهْرُ الْمَذْكُورُ فِي مَعْنَاهَا وَاخْتَارَ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الِاقْتِدَاءَ لِعَدَمِ النَّصِّ فِي ذَلِكَ وَالْإِجْمَاعِ.
(وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ: مَنْ بِسَفِينَةٍ وَإِمَامُهُ فِي أُخْرَى غَيْرِ مَقْرُونَةٍ بِهَا) ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ طَرِيقٌ وَلَيْسَتْ الصُّفُوفُ مُتَّصِلَةً (فِي غَيْرِ شِدَّةِ خَوْفٍ) فَلَا يُمْنَعُ ذَلِكَ الِاقْتِدَاءُ فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ لِلْحَاجَةِ.
(وَيُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ أَعْلَى مِنْ الْمَأْمُومِ) لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إذَا أَمَّ الرَّجُلُ الْقَوْمَ فَلَا يَقُومَنَّ فِي مَكَان أَرْفَعَ مِنْ مَكَانِهِمْ» وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيّ مَعْنَاهُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ لِحُذَيْفَةَ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يُنْهَوْنَ عَنْ ذَلِكَ؟ قَالَ بَلَى» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ بِإِسْنَادِ ثِقَاتٍ وَظَاهِرُهُ: لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ
يَقْصِدَ تَعْلِيمَهُمْ أَمْ لَا وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ (كَثِيرًا وَهُوَ ذِرَاعٌ فَأَكْثَرُ) مِنْ ذِرَاعٍ.
(وَلَا بَأْسَ بِ) عُلُوٍّ (يَسِيرٍ كَدَرَجَةِ مِنْبَرٍ وَنَحْوِهَا) مِمَّا دُونَ ذِرَاعٍ جَمْعًا بَيْنَ مَا تَقَدَّمَ وَبَيْنَ حَدِيثِ سَهْلٍ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى الْمِنْبَرِ، ثُمَّ نَزَلَ الْقَهْقَرَى فَسَجَدَ وَسَجَدَ مَعَهُ النَّاسُ ثُمَّ عَاد حَتَّى فَرَغَ، ثُمَّ قَالَ «إنَّمَا فَعَلْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا بِي، وَلِتَعْلَمُوا صَلَاتِي» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَانَ عَلَى الدَّرَجَةِ السُّفْلَى لِئَلَّا يَحْتَاجَ إلَى عَمَلٍ كَثِيرٍ فِي الصُّعُودِ وَالنُّزُولِ فَيَكُونُ ارْتِفَاعًا يَسِيرًا.
(وَلَا بَأْسَ بِعُلُوِّ مَأْمُومٍ وَلَوْ) كَانَ عُلُوُّهُ (كَثِيرًا نَصًّا) وَلَا يُعِيدُ الْجُمُعَةَ مَنْ يُصَلِّيهَا فَوْقَ سَطْحِ الْمَسْجِدِ رَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ وَرَوَاهُ سَعْدٌ عَنْ أَنَسٍ وَلِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الِاقْتِدَاءُ أَشْبَهَ الْمُتَسَاوِيَيْنِ.
(وَيُبَاحُ اتِّخَاذُ الْمِحْرَابِ نَصًّا) وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ أَوْمَأَ إلَيْهِ أَحْمَدُ وَاخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ وَابْنُ عَقِيلٍ لِيَسْتَدِلَّ بِهِ الْجَاهِلُ لَكِنْ.
قَالَ الْحَسَنُ الطَّاقُ فِي الْمَسْجِدِ أَحْدَثَهُ النَّاسُ وَكَانَ أَحْمَدُ يَكْرَهُ كُلَّ مُحْدَثٍ.
(وَيُكْرَهُ لِلْإِمَامِ الصَّلَاةُ فِيهِ) أَيْ الْمِحْرَابِ (إذَا كَانَ يَمْنَعُ الْمَأْمُومَ مُشَاهَدَتَهُ) رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَتِرُ عَنْ بَعْضِ الْمَأْمُومِينَ أَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ حِجَابٌ (إلَّا مِنْ حَاجَةٍ كَضِيقِ الْمَسْجِدِ) وَكَثْرَةِ الْجَمْعِ فَلَا يُكْرَهُ لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ.
(وَلَا) يُكْرَهُ (سُجُودُهُ) أَيْ الْإِمَامِ (فِيهِ) أَيْ فِي الْمِحْرَابِ، إذَا كَانَ وَاقِفًا خَارِجَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلَّ مُشَاهَدَتِهِ.
(وَيَقِفُ الْإِمَامُ عَنْ يَمِينِ الْمِحْرَابِ إذَا كَانَ الْمَسْجِدُ وَاسِعًا نَصًّا) لِتَمَيُّزِ جَانِبِ الْيَمِينِ.
(وَيُكْرَهُ تَطَوُّعُهُ) أَيْ الْإِمَامِ (فِي مَوْضِعِ الْمَكْتُوبَةِ بَعْدَهَا) نَصَّ عَلَيْهِمْ وَقَالَ كَذَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ لِمَا رَوَى الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ مَرْفُوعًا قَالَ «لَا يُصَلِّيَنَّ الْإِمَامُ فِي مَقَامِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْمَكْتُوبَةَ حَتَّى يَتَنَحَّى عَنْهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد إلَّا أَنَّ أَحْمَدَ قَالَ لَا أَعْرِفُ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِ عَلِيٍّ وَلِأَنَّ فِي تَحَوُّلِهِ مِنْ مَكَانِهِ إعْلَامًا لِمَنْ أَتَى الْمَسْجِدَ أَنَّهُ قَدْ صَلَّى فَلَا يَنْتَظِرُهُ وَيَطْلُبُ جَمَاعَةً أُخْرَى (بِلَا حَاجَةٍ) كَضِيقِ الْمَسْجِدِ فَإِنْ احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ لَمْ يُكْرَهْ.
(وَتَرْكُ مَأْمُومٍ لَهُ) أَيْ لِلتَّطَوُّعِ مَوْضِعَ الْمَكْتُوبَةِ (أَوْلَى) لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُسَنُّ الْفِعْلُ بَيْنَ فَرْضٍ وَسُنَّتِهِ بِكَلَامٍ أَوْ قِيَامٍ، بَلْ النَّفَلُ بِالْبَيْتِ أَفْضَلُ.
(وَيُكْرَهُ إطَالَةُ الْقُعُودِ لِلْإِمَامِ بَعْدَ الصَّلَاةِ لِضِيقِ الْمَسْجِدِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ) لِقَوْلِ عَائِشَةَ «كَانَ صلى الله عليه وسلم إذَا سَلَّمَ لَمْ يَقْعُدْ إلَّا مِقْدَارَ مَا يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِأَنَّهُ إذَا بَقِيَ عَلَى حَالِهِ رُبَّمَا سَهَا فَظُنَّ أَنَّهُ يُسَلِّمُ أَوْ ظَنَّ غَيْرُهُ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ وَالْمَأْمُومُ وَالْمُنْفَرِدُ عَلَى حَالِهِمَا (إنْ لَمْ يَكُنْ) هُنَاكَ (نِسَاءٌ وَلَا حَاجَةٌ) تَدْعُو إلَى إطَالَةِ
الْجُلُوسِ مُسْتَقْبِلًا كَمَا إذَا لَمْ يَجِدْ مُنْصَرَفًا وَلَمْ يُمْكِنْهُ الِانْحِرَافُ (فَإِنْ أَطَالَ) الْإِمَامُ الْجُلُوسَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ (انْصَرَفَ مَأْمُومٌ إذَنْ) لِمُخَالَفَةِ الْإِمَامِ السُّنَّةَ.
(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُطِلْ الْإِمَامُ الْجُلُوسَ (اُسْتُحِبَّ لَهُ) أَيْ لِلْمَأْمُومِ (أَنْ لَا يَنْصَرِفَ قَبْلَهُ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «وَلَا تَسْبِقُونِي بِالِانْصِرَافِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا يَذْكُرُ سَهْوًا فَيَسْجُدُ لَهُ وَإِنْ انْحَرَفَ فَلَا بَأْسَ ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ.
(وَيُسْتَحَبُّ لِلنِّسَاءِ قِيَامُهُنَّ عَقِبَ سَلَامِ الْإِمَامِ، وَثُبُوتُ الرِّجَالِ قَلِيلًا) ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ قَالَ الزُّهْرِيُّ فَنَرَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِكَيْ يَنْصَرِفَ النِّسَاءُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكْهُنَّ الرِّجَالُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ وَلِأَنَّ الْإِخْلَالَ بِذَلِكَ يُفْضِي إلَى اخْتِلَاطِ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ (وَتَقَدَّمَ فِي) بَابِ (صِفَةِ الصَّلَاةِ) .
(وَيُكْرَهُ اتِّخَاذُ غَيْرِ الْإِمَامِ مَكَانًا بِالْمَسْجِدِ، لَا يُصَلِّي فَرْضَهُ إلَّا فِيهِ)«لِنَهْيِهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ إيطَانِ الْمَكَانِ كَإِيطَانِ الْبَعِيرِ» وَفِي إسْنَادِهِ تَمِيمُ بْنُ مَحْمُودٍ وَهُوَ مَجْهُولٌ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي إسْنَادِ حَدِيثِهِ نَظَرٌ.
لَا بَأْسَ (بِهِ) أَيْ اتِّخَاذِ مَكَان لَا يُصَلِّي إلَّا فِيهِ (فِي النَّفْلِ) لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْأَخْبَارِ وَقَالَ الْمَرْوَزِيُّ: كَانَ أَحْمَدُ لَا يُوَطِّنُ الْأَمَاكِنَ وَيَكْرَهُ إيطَانَهَا.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ فَاضِلَةً، خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا سَبَقَ مِنْ تَحَرِّي نَقْرَةَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ «سَلَمَةَ كَانَ يَتَحَرَّى الصَّلَاةَ عِنْدَ الْأُسْطُوَانَةِ الَّتِي عِنْدَ الْمُصْحَفِ وَقَالَ إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَحَرَّى الصَّلَاةَ عِنْدَهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ قَالَ وَظَاهِرُهُ أَيْضًا: وَلَوْ كَانَ لِحَاجَةٍ، كَإِسْمَاعِ حَدِيثٍ وَتَدْرِيسٍ، وَإِفْتَاءٍ وَنَحْوِهِ وَيَتَوَجَّهُ لَا وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ اتِّفَاقًا.
(وَيُكْرَهُ لِلْمَأْمُومِينَ الْوُقُوفُ بَيْنَ السَّوَارِي إذَا قَطَعَتْ صُفُوفَهُمْ عُرْفًا) رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «كُنَّا نُنْهَى أَنْ نَصُفَّ بَيْنَ السَّوَارِي عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَنُطْرَدُ عَنْهَا طَرْدًا» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَفِيهِ لِينٌ وَقَالَ أَنَسٌ كُنَّا نَتَّقِي هَذَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَإِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ.
قَالَ أَحْمَدُ؛ لِأَنَّهُ يَقْطَعُ الصَّفَّ قَالَ بَعْضُهُمْ فَتَكُونُ سَارِيَةٌ عَرْضُهَا مَقَامَ ثَلَاثَةِ (بِلَا حَاجَةٍ) فَإِنْ كَانَ ثَمَّ حَاجَةٌ كَضِيقِ الْمَسْجِدِ وَكَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ لَمْ يُكْرَهْ (وَلَا يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ) أَنْ يَقِفَ بَيْنَ السَّوَارِي؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ صَفٌّ يُقْطَعُ.
(وَلَوْ أَمَّتْ امْرَأَةٌ امْرَأَةً وَاحِدَةً، أَوْ) أَمَّتْ (أَكْثَرَ) مِنْ امْرَأَةٍ كَاثْنَتَيْنِ فَأَكْثَرَ (لَمْ يَصِحَّ وُقُوفُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ خَلْفَهَا مُفْرَدَةً) كَالرَّجُلِ خَلْفَ الرَّجُلِ وَكَذَا لَوْ وَقَفَتْ عَنْ يَسَارِهَا (وَتَقَدَّمَ) .