الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَبَانَ حَرْفَانِ فَكَكَلَامٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ وَظَاهِرُهُ: لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا غَلَبَ صَاحِبَهُ وَمَا لَمْ يَغْلِبْهُ لَكِنْ قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ: إنَّهُ إذَا غَلَبَ صَاحِبَهُ لَمْ يَضُرَّهُ لِكَوْنِهِ غَيْرَ دَاخِلٍ فِي وُسْعِهِ وَلَمْ يَحْكِيَا فِيهِ خِلَافًا قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ.
(أَوْ تَنَحْنَحَ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ فَبَانَ حَرْفَانِ فَكَكَلَامٍ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَبَانَهَا كَانَ مُتَكَلِّمًا أَشْبَهَ مَا لَوْ تَأَوَّهَ لِغَيْرِ خَشْيَةِ اللَّهِ: فَبَانَ حَرْفَانِ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ إنْ تَنَحْنَحَ لِحَاجَةٍ لَمْ تَبْطُلْ وَلَوْ بَانَ حَرْفَانِ نَقَلَ الْمَرْوَزِيُّ وَمُهَنَّا عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ كَانَ يَتَنَحْنَحُ فِي صَلَاتِهِ، وَيُعَضِّدُهُ: مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «كَانَ لِي مَدْخَلَانِ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَإِذَا دَخَلْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي يَتَنَحْنَحُ لِي» وَلِلنَّسَائِيِّ مَعْنَاهُ وَلِأَنَّهَا صَوْتٌ لَا يَدُلُّ بِنَفْسِهِ وَلَا مَعَ لَفْظٍ غَيْرِهِ عَلَى مَعْنَى لِكَوْنِهَا حُرُوفًا غَيْرَ مُحَقَّقَةٍ كَصَوْتٍ أُغْفِلَ وَلَا يُسَمَّى فَاعِلُهَا مُتَكَلِّمًا بِخِلَافِ النَّفْخِ وَالتَّأَوُّهِ.
تَنْبِيهٌ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَصَاحِبُ الْمُنْتَهَى وَمَنْ وَافَقَهُمَا: كَالْجَمْعِ بَيْنَ كَلَامِ الْإِمَامِ وَالْأَصْحَابِ فَإِنَّ الْإِمَامَ كَانَ يَتَنَحْنَحُ فِي صَلَاتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَالْأَصْحَابُ جَعَلُوا النَّحْنَحَةَ كَالنَّفْخِ وَالْقَهْقَهَةِ، وَحَمَلُوا مَا رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ عَلِيٍّ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِحَرْفَيْنِ وَرَدَّهُ الْمُوَفَّقُ بِأَنَّ ظَاهِرَ حَالِهِ أَنَّهُ لَمْ يَعْتَبِرْ ذَلِكَ،؛ لِأَنَّ الْحَاجَة تَدْعُو إلَيْهَا (وَيُكْرَهُ اسْتِدْعَاءُ الْبُكَاءِ كَ) مَا يُكْرَهُ اسْتِدْعَاءُ (الضَّحِكِ) لِئَلَّا يَظْهَرُ حَرْفَانِ فَتَبْطُلَ صَلَاتُهُ (وَيَأْتِي إذَا لَحَنَ فِي الصَّلَاةِ فِي) بَابِ (صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ) مُفَصَّلًا تَتِمَّةٌ عُلِمَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّ الْكَلَامَ الْمُبْطِلَ لِلصَّلَاةِ: مَا انْتَظَمَ حَرْفَيْنِ فَصَاعِدًا؛ لِأَنَّ الْحَرْفَيْنِ يَكُونَانِ كَلِمَةً، كَأَبٍ وَأَخٍ وَكَذَلِكَ الْأَفْعَالُ وَالْحُرُوفُ لَا تَنْتَظِمُ كَلِمَةً مِنْ أَقَلِّ مِنْ الْحَرْفَيْنِ قَالَهُ فِي الشَّرْحِ وَيَرِدُ عَلَيْهِ نَحْوُ:(قِ) وَ (عِ) .
[فَصْل فِي السُّجُودِ عَنْ نَقْصٍ فِي صَلَاتِهِ]
ِ (مَنْ نَسِيَ رُكْنًا غَيْرَ التَّحْرِيمَةِ) أَيْ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ (لِعَدَمِ انْعِقَادِ الصَّلَاةِ بِتَرْكِهَا) وَكَذَا النِّيَّةُ عَلَى الْقَوْلِ بِرُكْنِيَّتِهَا (فَذَكَرَهُ بَعْدَ شُرُوعهِ فِي قِرَاءَةِ) الرَّكْعَةِ (الَّتِي بَعْدَهَا) أَيْ الْمَتْرُوكِ مِنْهَا الرُّكْنُ
(بَطَلَتْ) الرَّكْعَةُ (الَّتِي تَرَكَهُ مِنْهَا فَقَطْ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ رُكْنًا وَلَمْ يُمْكِنْهُ اسْتِدْرَاكَهُ لِتَلَبُّسِهِ بِالرَّكْعَةِ الَّتِي بَعْدَهَا فَلَغَتْ رَكْعَتُهُ وَصَارَتْ الَّتِي شَرَعَ فِيهَا عِوَضًا عَنْهَا وَلَا يُعِيدُ الِاسْتِفْتَاحُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ فَإِنْ كَانَ التَّرْكُ مِنْ الْأُولَى صَارَتْ الَّتِي شَرَعَ فِيهَا عِوَضًا؛ الثَّانِيَةُ أَوَّلَتُهُ، وَالثَّالِثَةُ ثَانِيَتُهُ وَالرَّابِعَةُ ثَالِثَتُهُ وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ وَكَذَا الْقَوْلُ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ مَا مَضَى مِنْ الرَّكَعَاتِ قَبْلَ الْمَتْرُوكِ رُكْنُهَا وَقَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ: بَلَى وَبَعْدَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ.
(فَإِنْ رَجَعَ) إلَى مَا تَرَكَهُ (عَالِمًا عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْوَاجِبَ عَمْدًا وَإِنْ رَجَعَ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ لَكِنَّهُ لَا يَعْتَدُّ بِهَا بِفِعْلِهِ فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي تَرَكَهُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا فَسَدَتْ بِشُرُوعِهِ فِي قِرَاءَةِ غَيْرِهَا فَلَمْ تَعُدْ إلَى الصِّحَّةِ بِحَالٍ ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ.
(وَإِنْ ذَكَرَهُ) أَيْ الرُّكْنَ الْمَنْسِيَّ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الْقِرَاءَةِ الَّتِي بَعْدَهَا (عَادَ لُزُومًا فَأَتَى بِهِ) أَيْ بِالْمَتْرُوكِ نَصَّ عَلَيْهِ لِكَوْنِ الْقِيَامِ غَيْرَ مَقْصُودٍ فِي نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ قَدْرُ الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ وَهِيَ الْمَقْصُودَةُ وَلِأَنَّهُ أَيْضًا ذَكَرَهُ فِي مَوْضِعِهِ، كَمَا لَوْ تَرَكَ سَجْدَةً مِنْ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ فَذَكَرَهَا قَبْلَ السَّلَامِ، فَإِنَّهُ يَأْتِي بِهَا فِي الْحَالِ (وَ) أَتَى (بِمَا بَعْدَهُ نَصًّا) مِنْ الْأَرْكَانِ وَالْوَاجِبَاتِ لِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ (فَلَوْ ذَكَرَ الرُّكُوعَ وَقَدْ جَلَسَ أَتَى بِهِ وَبِمَا بَعْدَهُ) لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ سَجَدَ سَجْدَةً ثُمَّ قَامَ) قَبْلَ سُجُودِهِ الثَّانِيَةَ نَاسِيًا (فَإِنْ كَانَ جَلَسَ لِلْفَصْلِ) بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ (سَجَدَ الثَّانِيَةَ وَلَمْ يَجْلِسْ) لِلْفَصْلِ، لِحُصُولِهِ فِي مَحَلِّهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَلَسَ لِلْفَصْلِ (جَلَسَ) لَهُ (ثُمَّ سَجَدَ) الثَّانِيَةَ تَدَارُكًا لِمَا فَاتَهُ (وَإِنْ كَانَ جَلَسَ) بَعْدَ السَّجْدَةِ الْأُولَى (لِلِاسْتِرَاحَةِ لَمْ يُجْزِئْهُ) جُلُوسُهُ عَنْ جَلْسَتِهِ (لِلْفَصْلِ، كَنِيَّتِهِ بِجُلُوسِهِ نَفْلًا) فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ عَنْ جَلْسَةِ الْفَصْلِ لِوُجُوبِهَا.
(فَإِنْ لَمْ يَعُدْ) إلَى الرُّكْنِ الْمَتْرُوكِ مَنْ ذَكَرَهُ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي قِرَاءَةِ الْأُخْرَى (عَمْدًا، بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) لِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ عَمْدًا (وَ) إنْ لَمْ يَعُدْ (سَهْوًا أَوْ جَهْلًا بَطَلَتْ الرَّكْعَةُ فَقَطْ) ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ غَيْرُ مُتَعَمَّدٍ أَشْبَهَ مَا لَوْ مَضَى قَبْلَ ذِكْرِ الْمَتْرُوكِ، حَتَّى شَرَعَ فِي الْقِرَاءَةِ.
(فَإِنْ عَلِمَ) بِالْمَتْرُوكِ (بَعْدَ السَّلَامِ فَهُوَ كَتَرْكِهِ رَكْعَةً كَامِلَةً) ؛ لِأَنَّ الرَّكْعَةَ الَّتِي لَغَتْ بِتَرْكِهِ رُكْنَهَا غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهَا فَوُجُودُهَا كَعَدَمِهَا، فَإِذَا سَلَّمَ قَبْلَ ذِكْرِهَا فَقَدْ سَلَّمَ مِنْ نَقْصٍ (يَأْتِي بِهَا) أَيْ بِالرَّكْعَةِ (مَعَ قُرْبِ الْفَصْلِ عُرْفًا كَمَا تَقَدَّمَ) وَلَوْ انْحَرَفَ عَنْ الْقِبْلَةِ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ نَصَّ عَلَيْهِ وَيَسْجُدُ لَهُ قَبْلَ السَّلَامِ نَقَلَهُ حَرْبٌ بِخِلَافِ تَرْكِ الرَّكْعَةِ بِتَمَامِهَا قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ أَوْ أَحْدَثَ بَطَلَتْ لِفَوَاتِ الْمُوَالَاةِ كَمَا لَوْ ذَكَرَهُ فِي يَوْمٍ آخَرَ.
(فَإِنْ كَانَ الْمَتْرُوكُ تَشَهُّدًا أَخِيرًا) أَتَى بِهِ وَسَجَدَ وَسَلَّمَ (أَوْ) كَانَ الْمَتْرُوكُ (سَلَامًا أَتَى بِهِ وَسَجَدَ)
لِلسَّهْوِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَكُنْ كَتَرْكِ رَكْعَةٍ وَظَاهِرُهُ أَوْ صَرِيحُهُ: أَنَّ السُّجُودَ هُنَا بَعْدَ السَّلَامِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ الْآتِي اسْتِثْنَاؤُهُمَا.
(وَإِنْ نَسِيَ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ) مِنْ كُلِّ رَكْعَةٍ سَجْدَةٍ (وَذَكَرَ فِي التَّشَهُّدِ، سَجَدَ فِي الْحَالِ سَجْدَةً فَصَحَّتْ لَهُ رَكْعَةٌ ثُمَّ أَتَى بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ، وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ وَسَلَّمَ) ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ الْأُوَلِ بَطَلَتْ بِشُرُوعِهِ فِي قِرَاءَةِ الَّتِي بَعْدَهَا وَبَقِيَتْ الرَّابِعَةُ نَاقِصَةٌ فَيُتِمُّهَا بِسَجْدَةٍ فَتَصِحُّ وَتَصِيرُ أُولَاهُ وَيَأْتِي بِالثَّلَاثِ الْبَاقِيَةِ.
(وَإِنْ ذَكَرَ) أَنَّهُ تَرَكَ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ (بَعْدَ سَلَامِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ نَصًّا) ؛ لِأَنَّ الرَّكْعَةَ الْأَخِيرَةَ بَطَلَتْ أَيْضًا بِسَلَامِهِ فَلَمْ يَصِحَّ لَهُ شَيْءٌ مِنْ صَلَاتِهِ يَبْنِي عَلَيْهِ (وَإِنْ ذَكَرَ) ذَلِكَ (وَقَدْ قَرَأَ فِي الْخَامِسَةِ فَهِيَ أُولَاهُ) ؛ لِأَنَّ الْأُولَى بَطَلَتْ بِشُرُوعِهِ فِي قِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ، وَالثَّانِيَةُ بَطَلَتْ بِشُرُوعِهِ فِي قِرَاءَةِ الثَّالِثَةِ وَالثَّالِثَةُ بَطَلَتْ بِشُرُوعِهِ فِي قِرَاءَةِ الرَّابِعَةِ وَالرَّابِعَةُ بَطَلَتْ بِشُرُوعِهِ فِي قِرَاءَةِ الْخَامِسَةِ فَيَبْنِي عَلَيْهَا.
(وَتَشَهُّدُهُ قَبْلَ سَجْدَتَيْ) الرَّكْعَةِ (الْأَخِيرَةِ زِيَادَةٌ فَعَلَيْهِ) يَجِبُ السُّجُودُ لِسَهْوِهَا وَيُبْطِلُ الصَّلَاةَ عَمْدُهَا،؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلًّا لِلْجُلُوسِ.
(وَ) تَشَهُّدُهُ (قَبْلَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ زِيَادَةٌ قَوْلِيَّةٌ) يُسَنُّ السُّجُودُ لَهَا سَهْوًا، وَلَا يُبْطِلُ عَمْدُهَا الصَّلَاةَ؛ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ مَشْرُوعٌ فِي الصَّلَاةِ فِي الْجُمْلَةِ وَالْجُلُوسُ لَهُ لَيْسَ بِزِيَادَةٍ؛ لِأَنَّهُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، فَهُوَ مَحَلُّ جُلُوسٍ.
وَإِنْ نَسِيَ سَجْدَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا مِنْ رَكْعَتَيْنِ جَهِلَهُمَا أَتَى بِرَكْعَتَيْنِ وَثَلَاثًا، أَوْ أَرْبَعًا مِنْ ثَلَاثٍ جَهِلَهَا أَتَى بِثَلَاثٍ وَخَمْسًا مِنْ أَرْبَعٍ أَوْ ثَلَاثٍ أَتَى بِسَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ أَوْ بِرَكْعَتَيْنِ وَمِنْ الْأُولَى سَجْدَةً وَمِنْ الثَّانِيَةِ سَجْدَتَيْنِ، وَمِنْ الرَّابِعَةِ سَجْدَةً أَتَى بِسَجْدَةٍ ثُمَّ بِرَكْعَتَيْنِ.
(وَإِنْ نَسِيَ التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ وَحْدَهُ) بِأَنْ جَلَسَ لَهُ وَلَمْ يَتَشَهَّدْ أَوْ نَسِيَهُ (مَعَ الْجُلُوسِ لَهُ وَنَهَضَ لَزِمَهُ الرُّجُوعُ وَالْإِتْيَانُ بِهِ) أَيْ بِمَا تَرَكَهُ مِنْ التَّشَهُّدِ جَالِسًا (مَا لَمْ يَسْتَتِمَّ قَائِمًا) لِمَا رَوَى الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ فَلَمْ يَسْتَتِمَّ قَائِمًا، فَلْيَجْلِسْ وَإِذَا اسْتَتَمَّ فَلَا يَجْلِسْ وَيَسْجُدْ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ وَلِأَنَّهُ أَخَلَّ بِوَاجِبٍ، وَذَكَرَهُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي رُكْنٍ فَلَزِمَهُ الْإِتْيَانُ بِهِ، كَمَا لَوْ لَمْ تُفَارِقْ رُكْبَتَاهُ الْأَرْضَ وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ يَرْجِعُ، وَلَوْ كَانَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ.
(وَيَلْزَمُ الْمَأْمُومَ مُتَابَعَتُهُ) أَيْ الْإِمَامِ إذَا رَجَعَ إلَى التَّشَهُّدِ (وَلَوْ بَعْدَ قِيَامِهِمَا وَشُرُوعِهِمَا فِي الْقِرَاءَةِ) لِحَدِيثِ «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» وَالِاعْتِبَارُ بِقِيَامِهِمْ قَبْلَهُ.
(وَإِنْ اسْتَتَمَّ قَائِمًا وَلَمْ يَقْرَأْ) أَيْ لَمْ يَشْرَعْ فِي الْقِرَاءَةِ
(فَعَدَمُ رُجُوعِهِ أَوْلَى) مِنْ رُجُوعِهِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ وَإِنَّمَا جَازَ رُجُوعُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَبِسْ بِرُكْنٍ مَقْصُودٍ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ لَيْسَ بِمَقْصُودٍ فِي نَفْسِهِ وَلِهَذَا جَازَ تَرْكُهُ، عِنْد الْعَجْزِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَرْكَانِ (وَيُتَابِعُهُ) أَيْ الْإِمَامَ إذَا قَامَ سَهْوًا عَنْ التَّشَهُّدِ (الْمَأْمُومُ) وَيَسْقُطُ عَنْهُ التَّشَهُّدُ فِي الْجُلُوسِ إذَنْ كَمَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ عَلِمَ) الْمَأْمُومُ (تَرْكَهُ) أَيْ تَرْكَ الْإِمَامُ التَّشَهُّدَ (قَبْلَ قِيَامِهِ) أَيْ الْمَأْمُومِ أَوْ الْإِمَامِ (وَلَا يَتَشَهَّدُ) الْمَأْمُومُ بَعْدَ قِيَامِ إمَامِهِ سَهْوًا لِحَدِيثِ «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ» .
(وَإِنْ رَجَعَ) الْإِمَامُ بَعْدَ أَنْ اسْتَتَمَّ قَائِمًا وَلَمْ يَقْرَأْ إلَى التَّشَهُّدِ (جَازَ) أَيْ لَمْ يَحْرُمْ (وَكُرِهَ) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَ الْمُضِيَّ لِظَاهِرِ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ وَصَحَّحَهُ الْمُوَفَّقُ.
(وَإِنْ قَرَأَ) ثُمَّ ذَكَرَ التَّشَهُّدَ (لَمْ يَجُزْ لَهُ الرُّجُوعُ) إلَى التَّشَهُّدِ لِحَدِيثِ الْمُغِيرَةِ وَلِأَنَّهُ شَرَعَ فِي رُكْنٍ مَقْصُودٍ كَمَا لَوْ شَرَعَ فِي الرُّكُوعِ وَتَبْطُلُ صَلَاةُ الْإِمَامُ إذَا رَجَعَ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِيهَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا وَمَنْ عَلِمَ بِتَحْرِيمِهِ وَهُوَ فِي التَّشَهُّدِ نَهَضَ، وَلَمْ يُتِمَّ الْجُلُوسَ وَكَذَا حَالُ الْمَأْمُومِينَ إنْ تَبِعُوهُ وَإِنْ سَبَّحُوا بِهِ قَبْلَ أَنْ يَعْتَدِلَ، فَلَمْ يَرْجِعْ تَشَهَّدُوا لِأَنْفُسِهِمْ وَتَبِعُوهُ وَقِيلَ: بَلْ يُفَارِقُونَهُ، وَيُتِمُّونَ صَلَاتَهُمْ (وَعَلَيْهِ السُّجُودُ لِذَلِكَ كُلِّهِ) لِحَدِيثِ الْمُغِيرَةِ وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «إذَا سَهَا أَحَدُكُمْ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» (وَكَذَا حُكْمُ تَسْبِيحِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَرَبِّ اغْفِرْ لِي بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَكُلُّ وَاجِبٍ تَرَكَهُ سَهْوًا ثُمَّ ذَكَرَهُ فَيَرْجِعُ إلَى تَسْبِيحِ رُكُوعٍ قَبْلَ اعْتِدَالٍ لَا بَعْدَهُ) ذَكَرَهُ الْقَاضِي قِيَاسًا عَلَى الْقِيَامِ مِنْ تَرْكِ التَّشَهُّدِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَلَيْسَ مِثْلَهُ؛ لِأَنَّ التَّشَهُّدَ وَاجِبٌ فِي نَفْسِهِ غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ بِغَيْرِهِ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْوَاجِبَاتِ؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ فِي غَيْرِهَا كَالتَّسْبِيحِ انْتَهَى، وَحَيْثُ جَازَ رُجُوعُهُ فَعَادَ إلَى الرُّكُوعِ أَدْرَكَ الْمَسْبُوقُ الرَّكْعَةَ بِهِ.
(وَإِنْ تَرَكَ رُكْنًا) كَالرُّكُوعِ وَالطُّمَأْنِينَةِ فِيهِ (لَا يَعْلَمُ مَوْضِعُهُ) بِأَنْ جَهِلَ أَهْوَ مِنْ الْأُولَى أَوْ مِنْ غَيْرِهَا؟ (بَنَى عَلَى الْأَحْوَطِ) لِيَخْرُجَ مِنْ الْعُهْدَةِ بِيَقِينٍ.
(فَلَوْ ذَكَرَ فِي التَّشَهُّدِ أَنَّهُ تَرَكَ سَجْدَةً لَا يَعْلَمُ) أَهِيَ (مِنْ الْأُولَى أَمْ مِنْ الثَّانِيَةِ؟ جَعَلَهَا مِنْ) الرَّكْعَةِ (الْأُولَى وَأَتَى بِرَكْعَةٍ) بَدَلَهَا.
(وَإِنْ تَرَكَ سَجْدَتَيْنِ لَا يَعْلَمُ) أَهُمَا (مِنْ رَكْعَةٍ أَوْ) مِنْ (رَكْعَتَيْنِ؟) جَعَلَهُمَا مِنْ رَكْعَتَيْنِ احْتِيَاطًا فَإِنْ ذَكَرَهُمَا قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْقِرَاءَةِ (سَجَدَ سَجْدَةً، وَحَصَلَتْ لَهُ رَكْعَةٌ) ثُمَّ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ، لِيَخْرُجَ مِنْ الْعِبَادَةِ بِيَقِينٍ (وَإِنْ ذَكَرَهُ) أَيْ الْمَتْرُوكَ، وَهُوَ سَجْدَتَانِ لَا يَعْلَمُ مِنْ رَكْعَةٍ أَوْ مِنْ رَكْعَتَيْنِ (بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي قِرَاءَةِ الثَّالِثَةِ لَغَتْ الْأُولَتَانِ) ؛ لِأَنَّ الْأَحْوَطَ كَوْنُهُمَا مِنْ رَكْعَتَيْنِ كَمَا