المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل يصلي الركعة الثانية كالركعة الأولى] - كشاف القناع عن متن الإقناع - ت مصيلحي - جـ ١

[البهوتي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَةُ الْكِتَابِ]

- ‌[لَمْ يُؤَلِّفْ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الْفِقْهِ كِتَابًا]

- ‌[كِتَابُ الطَّهَارَةِ]

- ‌[أَقْسَامُ الْمَاءِ]

- ‌[الْقِسْمُ الْأَوَّلُ الْمَاءُ الطَّهُور]

- ‌[فَصْل فِي الْقِسْمُ الثَّانِي الْمَاءِ الطَّاهِر غَيْرُ الْمُطَهِّر]

- ‌[فَصْل فِي الْقِسْم الثَّالِثُ مِنْ أَقْسَامِ الْمِيَاهِ الْمَاءُ نَجَسٌ]

- ‌[فَصْلٌ الْكَثِيرُ قُلَّتَانِ فَصَاعِدًا]

- ‌[فَصْلٌ الشَّكَّ فِي نَجَاسَةِ الْمَاء أَوْ غَيْرِهِ]

- ‌[بَابُ الْآنِيَةِ]

- ‌[بَابُ الِاسْتِطَابَةِ وَآدَابِ التَّخَلِّي]

- ‌[فَصْلٌ إذَا انْقَطَعَ بَوْلُهُ اُسْتُحِبَّ لَهُ مَسْحُ ذَكَرِهِ بِيَدِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الِاسْتِجْمَارُ بِكُلِّ طَاهِرٍ جَامِدٍ]

- ‌[بَابُ السِّوَاكِ وَغَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلُ الِامْتِشَاطِ وَالِادِّهَانِ فِي بَدَنٍ وَشَعْرٍ غِبًّا]

- ‌[بَابُ الْوُضُوءِ]

- ‌[فَصْلٌ يَنْوِيَ الْوُضُوءَ لِلصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا]

- ‌[فَصْلٌ يَغْسِلُ وَجْهَهُ]

- ‌[فَصْلٌ يَغْسِلُ يَدَيْهِ إلَى الْمَرْفِقَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ يَمْسَحُ جَمِيعَ ظَاهِرِ رَأْسِهِ]

- ‌[فَصْلٌ يَغْسِلُ رِجْلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّرْتِيبُ وَالْمُوَالَاةُ]

- ‌[فَصْلٌ سُنَنُ الْوُضُوءِ]

- ‌[بَابُ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ وَسَائِرِ الْحَوَائِلِ]

- ‌[بَابُ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ وَهِيَ مُفْسِدَاتُهُ]

- ‌[فَصْلٌ أَحْدَثَ حَدَثًا أَكْبَرَ أَوْ أَصْغَرَ]

- ‌[بَابُ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ وَمَا يُسَنُّ لَهُ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ لَزِمَهُ الْغُسْلُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ]

- ‌[فَصْلٌ أَحْكَام الْحَمَّام وَآدَاب دُخُولِهِ]

- ‌[بَابُ التَّيَمُّمِ]

- ‌[فَصْلٌ عَدِمَ الْمَاءَ وَظَنَّ وُجُودَهُ]

- ‌[فَصْلٌ وَلَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ إلَّا بِتُرَابٍ طَهُورٍ]

- ‌[فَصْلٌ فَرَائِضُ التَّيَمُّمِ عَنْ حَدَثٍ أَصْغَرَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُبْطِلَاتِ التَّيَمُّمِ]

- ‌[بَابُ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ الْحُكْمِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ وَتَطْهُرُ أَرْضٌ مُتَنَجِّسَةٌ بِمَائِعٍ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ نَجَاسَةٍ وَلَوْ لَمْ يُدْرِكْهَا الْبَصَرُ]

- ‌[بَابُ الْحَيْضِ وَالِاسْتِحَاضَةِ وَالنِّفَاسِ]

- ‌[فَصْلٌ وَالْمُبْتَدَأُ بِهَا الدَّمُ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُعْتَادَةُ إذَا اُسْتُحِيضَتْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّلْفِيقِ وَشَيْءٍ مِنْ أَحْكَامِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَنَحْوِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي النِّفَاسِ]

- ‌[كِتَابُ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ جَحَدَ وُجُوبَ صَلَاةٍ مِنْ الْخَمْسِ]

- ‌[بَابُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ]

- ‌[بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُدْرَكُ بِهِ أَدَاءُ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي قَضَاءِ الْفَوَائِتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[بَابُ سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَأَحْكَامُ اللِّبَاسِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا مَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا]

- ‌[فَصْلٌ لُبْسُ مَا فِيهِ صُورَةٌ]

- ‌[بَابُ اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ وَمَوَاضِعُ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي نُهِيَ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[بَابُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَبَيَانِ أَدِلَّتِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ]

- ‌[فَصْلٌ وَإِذَا اخْتَلَفَ اجْتِهَادُ رَجُلَيْنِ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ]

- ‌[بَابُ النِّيَّةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[بَابُ آدَابِ الْمَشْيِ إلَى الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَسْتَفْتِحُ الصَّلَاةَ سِرًّا]

- ‌[فَصْلٌ يَقْرَأُ الْبَسْمَلَةَ سِرًّا فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَرْفَعُ يَدَيْهِ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ يُصَلِّي الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ كَالرَّكْعَةِ الْأُولَى]

- ‌[فَصْل السَّلَامِ بَعْد التَّشَهُّدِ]

- ‌[فَصْل يُسَنُّ ذِكْرُ اللَّهِ وَالدُّعَاءُ وَالِاسْتِغْفَارُ عَقِبَ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُكْرَهُ وَمَا يُبَاحُ وَمَا يُسْتَحَبُّ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْل تَنْقَسِمُ أَقْوَالُ الصَّلَاةِ وَأَفْعَالُهَا إلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ]

- ‌[بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ]

- ‌[فَصْل فِي السُّجُودِ عَنْ نَقْصٍ فِي صَلَاتِهِ]

- ‌[فَصْل مَا يُشْرَعُ لَهُ سُجُودُ السَّهْوِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ]

- ‌[فَصْلٌ السُّنَنُ الرَّاتِبَةُ الَّتِي تُفْعَلُ مَعَ الْفَرَائِضِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّرَاوِيحُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ سَنَّهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ حِفْظُ الْقُرْآنِ]

- ‌[فَصْلٌ تُسْتَحَبُّ النَّوَافِلُ الْمُطْلَقَةُ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ صَلَاةُ الضُّحَى]

- ‌[فَصْلٌ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ الْأَوْقَاتِ الَّتِي نُهِيَ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ كَبَّرَ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ التَّسْلِيمَةَ الْأُولَى]

- ‌[فَصْلٌ الْأَوْلَى أَنْ يَشْرَعَ الْمَأْمُومُ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ بَعْدَ شُرُوعِ إمَامِهِ مِنْ غَيْرِ تَخَلُّفٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِمَامَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَوْقِفِ الْمَأْمُومِينَ خَلْفَ الْإِمَامِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الِاقْتِدَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَعْذَارِ الْمُبِيحَةِ لِتَرْكِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ أَهْلِ الْأَعْذَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقَصْرِ]

- ‌[فَصْلٌ نِيَّةُ الْقَصْرِ]

الفصل: ‌[فصل يصلي الركعة الثانية كالركعة الأولى]

أَنَّهُ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ، ذَكَرَهُ فِي الْفُرُوعِ.

(وَلَا تُسْتَحَبُّ جِلْسَةُ الِاسْتِرَاحَةِ، وَهِيَ جِلْسَةٌ يَسِيرَةٌ صِفَتُهَا كَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ) بَعْدَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ كُلِّ رَكْعَةٍ بَعْدَهَا قِيَامٌ، وَالِاسْتِرَاحَةُ طَلَبُ الرَّاحَةِ كَأَنَّهُ حَصَلَ لَهُ إعْيَاءٌ فَيَجْلِسُ لِيَزُولَ عَنْهُ، وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ اسْتِحْبَابِهَا مُطْلَقًا: هُوَ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُورُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ، لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَنْهَضُ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِإِسْنَادٍ فِيهِ ضَعْفٌ.

وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِهِ، وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُود وَابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَحْمَدُ " أَكْثَرُ الْأَحَادِيثِ عَلَى هَذَا، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: تِلْكَ السُّنَّةُ، وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ: أَدْرَكْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ ذَلِكَ، أَيْ: لَا يَجْلِسُ.

قَالَ فِي شَرْحِ الْفُرُوعِ: وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ دَلِيلٌ صَرِيحٌ لِلْمَطْلُوبِ، كَحَدِيثِ إثْبَاتِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَاخْتِيَارِ الْخَلَّالِ رِوَايَةَ الْجُلُوسِ لَهَا، وَقَالَ: رَجَعَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إلَى هَذَا، لِمَا رَوَى مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَجْلِسُ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ، جَلَسَ قَبْلَ أَنْ يَنْهَضَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَفِي لَفْظٍ لَهُ أَيْضًا " أَنَّهُ «رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فَإِذَا كَانَ فِي، وِتْرٍ مِنْ صَلَاتِهِ لَمْ يَنْهَضْ، حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا مُسْلِمًا وَابْنَ مَاجَهْ، وَذَكَرَهُ أَيْضًا أَبُو حُمَيْدٍ فِي صِفَةِ صَلَاةِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، فَتَعَيَّنَ الْعَمَلُ بِهِ وَالْمَصِيرُ إلَيْهِ.

وَأُجِيبُ: بِأَنَّهُ كَانَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ عِنْدَ كِبَرِهِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ.

[فَصْلٌ يُصَلِّي الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ كَالرَّكْعَةِ الْأُولَى]

(فَصْلٌ ثُمَّ يُصَلِّي) الرَّكْعَةَ (الثَّانِيَةَ) كَالرَّكْعَةِ (الْأُولَى) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِلْمُسِيءِ فِي صَلَاتِهِ لَمَّا وَصَفَ لَهُ الرَّكْعَةَ الْأُولَى «ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا» (إلَّا فِي تَجْدِيدِ النِّيَّةِ) لِلِاكْتِفَاءِ بِاسْتِحْبَابِهَا، وَلَمْ يَسْتَثْنِهِ أَكْثَرُهُمْ، لِأَنَّهَا شَرْطٌ لَا رُكْنٌ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَدْ أَوْضَحْتُهُ فِي الْحَاشِيَةِ (وَ) إلَّا فِي (تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ) فَلَا تُعَادُ، لِأَنَّهَا وُضِعَتْ لِلدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ، (وَ) إلَّا فِي (الِاسْتِفْتَاحِ، وَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِهِ وَلَوْ) كَانَ عَدَمُ إتْيَانِهِ بِهِ (عَمْدًا فِي الْأُولَى) فَلَا يَأْتِي بِهِ فِي الثَّانِيَةِ، لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم -

ص: 355

إذَا نَهَضَ إلَى الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ اسْتَفْتَحَ الْقِرَاءَةَ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَلَمْ يَسْكُتْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَلِفَوَاتِ مَحَلِّهِ (وَ) إلَّا فِي (الِاسْتِعَاذَةِ، إنْ كَانَ اسْتَعَاذَ فِي الْأُولَى) لِظَاهِرِ خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُتَقَدِّمِ، وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ جُمْلَةٌ وَاحِدَةٌ، فَاكْتَفَى بِالِاسْتِعَاذَةِ فِي أَوَّلِهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ اسْتَعَاذَ فِي الْأُولَى (اسْتَعَاذَ) فِي الثَّانِيَةِ (سَوَاءٌ كَانَ تَرْكُهُ لَهَا) أَيْ: لِلِاسْتِعَاذَةِ (فِي الْأُولَى عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: 98](ثُمَّ يَجْلِسُ) لِلتَّشَهُّدِ إجْمَاعًا (مُفْتَرِشًا) كَجُلُوسِهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، لِحَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ جَلَسَ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى، وَنَصَبَ الْأُخْرَى، وَقَعَدَ عَلَى مَقْعَدَتِهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: (جَاعِلًا يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ) الْيُمْنَى عَلَى الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى عَلَى الْيُسْرَى، لِأَنَّهُ أَشْهَرُ فِي الْأَخْبَارِ، وَلَا يَلْقُمُهُمَا رُكْبَتَيْهِ.

وَفِي الْكَافِي، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ النَّظْمِ: التَّخْيِيرُ (بَاسِطًا أَصَابِعَ يُسْرَاهُ مَضْمُومَةً) عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى، لَا يَخْرُجُ بِهَا عَنْهَا بَلْ يَجْعَلُ أَطْرَافَ أَصَابِعَهُ مُسَامِتَةً لِرُكْبَتِهِ.

وَفِي التَّلْخِيصِ: قَرِيبًا مِنْ الرُّكْبَةِ (مُسْتَقْبِلًا بِهَا الْقِبْلَةَ، قَابِضًا مِنْ يُمْنَاهُ الْخِنْصَرُ وَالْبِنْصِرُ، مُحَلِّقًا إبْهَامَهُ مَعَ وُسْطَاهُ) لِمَا رَوَى وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَضَعَ مِرْفَقَهُ الْأَيْمَنَ عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى ثُمَّ عَقَدَ مِنْ أَصَابِعِهِ الْخِنْصَرَ وَاَلَّتِي تَلِيهَا وَحَلَّقَ حَلْقَةً بِإِصْبَعِهِ الْوُسْطَى عَلَى الْإِبْهَامِ، وَرَفَعَ السَّبَّابَةَ يُشِيرُ بِهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.

وَرَوَى ابْنُ عُمَرَ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا جَلَسَ فِي الصَّلَاةِ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَرَفَعَ أُصْبُعَهُ الَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ، فَدَعَا بِهَا، وَيَدُهُ الْيُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ بَاسِطًا عَلَيْهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ (ثُمَّ يَتَشَهَّدُ) لِخَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا (سِرًّا، نَدْبًا) لِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ «مِنْ السُّنَّةِ إخْفَاءُ التَّشَهُّدِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

(كَتَسْبِيحِ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ، وَقَوْلِ: رَبِّ اغْفِرْ لِي) بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، فَيَنْدُبُ الْإِسْرَارُ بِذَلِكَ لِعَدَمِ الدَّاعِي لِلْجَهْرِ بِهِ، (وَيُشِيرُ بِسَبَّابَتِهَا) أَيْ: سَبَّابَةِ الْيُمْنَى، لِفِعْلِهِ، صلى الله عليه وسلم سُمِّيَتْ سَبَّابَةً: لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُشِيرُونَ بِهَا عِنْد السَّبِّ وَ (لَا) يُشِيرُ (بِغَيْرِهَا) أَيْ: غَيْرِ سَبَّابَةِ الْيُمْنَى (وَلَوْ عُدِمَتْ) سَبَّابَةُ الْيُمْنَى، قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ لِأَنَّ عِلَّتَهُ التَّنْبِيهُ عَلَى التَّوْحِيدِ (فِي تَشَهُّدِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: وَيُشِيرُ (مِرَارًا، كُلَّ مُرَّةٍ عِنْد ذِكْرِ لَفْظِ اللَّهِ، تَنْبِيهًا عَلَى التَّوْحِيدِ وَلَا يُحَرِّكُهَا) لِفِعْلِهِ.

قَالَ فِي الْغُنْيَةِ: وَيُدِيمُ نَظَرَهُ إلَيْهَا، لِخَبَرِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، رَوَاهُ أَحْمَدُ (وَ) يُشِيرُ أَيْضًا بِسَبَّابَةِ الْيُمْنَى (عِنْدَ

ص: 356

دُعَائِهِ فِي صَلَاةٍ وَغَيْرِهَا) لِقَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُشِيرُ بِإِصْبَعِهِ إذَا دَعَا وَلَا يُحَرِّكُهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.

وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ «مَرَّ عَلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَدْعُو بِأَصَابِعِي فَقَالَ: أَحَدٌ أَحَدٌ، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ.

(فَيَقُولُ) تَفْسِيرٌ لِلتَّشَهُّدِ (التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنَّ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ) لِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَلَفْظُهُ، قَالَ «كُنَّا إذَا جَلَسْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّلَاةِ قُلْنَا: السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ مِنْ عِبَادِهِ، السَّلَامُ عَلَى جِبْرِيلَ، السَّلَامُ عَلَى مِيكَائِيلَ، السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ فَسَمِعَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ، فَإِذَا جَلَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ إلَى آخِرِهِ ثُمَّ قَالَ: ثُمَّ لِيَتَخَيَّرْ مِنْ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إلَيْهِ فَيَدْعُوَ» .

وَفِي لَفْظٍ «عَلَّمَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم التَّشَهُّدَ كَفِّي بَيْنَ كَفَّيْهِ، كَمَا يُعَلِّمُنِي السَّوْرَةَ مِنْ الْقُرْآنِ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هُوَ أَصَحُّ حَدِيثٍ فِي التَّشَهُّدِ، وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَلَيْسَ فِي الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ حَدِيثٌ غَيْرُهُ وَرَوَاهُ أَيْضًا ابْنُ عُمَرَ وَجَابِرٌ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةُ وَيُرَجَّحُ بِأَنَّهُ اخْتَصَّ بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُ بِأَنْ يُعَلِّمَهُ النَّاسَ " رَوَاهُ أَحْمَدُ.

(وَبِأَيِّ تَشَهُّدٍ تَشَهَّدَ مِمَّا صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم جَازَ) كَتَشَهُّدِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ " التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ " إلَى - آخِرِهِ - وَلَفْظِ مُسْلِمٍ، " وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَكَتَشَهُّدِ عُمَرَ " التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ الزَّاكِيَاتُ لِلَّهِ، الطَّيِّبَاتُ الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ سَلَامٌ عَلَيْك إلَى آخِرِهِ وَالتَّحِيَّاتُ: جَمْعُ تَحِيَّةٍ، وَهِيَ الْعَظَمَةُ.

وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو الْمُلْكُ، وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: السَّلَامُ وَقِيلَ: الْبَقَاءُ، وَالصَّلَوَاتُ: هِيَ الْخَمْسُ وَقِيلَ: الرَّحْمَةُ، وَقِيلَ: الْأَدْعِيَةُ، وَقِيلَ الْعِبَادَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ: هِيَ الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: الطَّيِّبَاتُ مِنْ الْكَلَامِ، وَمِنْ خَوَاصِّ الْهَيْلَلَةِ، أَنْ حُرُوفَهَا كُلَّهَا مُهْمَلَةٌ تَنْبِيهًا عَلَى التَّجَرُّدِ مِنْ كُلِّ مَعْبُودٍ سِوَى اللَّهِ، وَجَوْفِيَّةٌ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ الشَّفَوِيَّةِ، إشَارَةً إلَى أَنَّهَا تَخْرُجُ مِنْ الْقَلْبِ، وَإِذَا قَالَ " السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، نَوَى بِهِ النِّسَاءَ وَمَنْ لَا يُشْرِكُهُ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «أَصَابَتْ كُلَّ عَبْدٍ لِلَّهِ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ» (وَلَا تُكْرَهُ التَّسْمِيَةُ أَوَّلَهُ) لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ " كَانَ إذَا تَشَهَّدَ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ خَيْرِ الْأَسْمَاءِ ".

وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُسَمِّي أَوَّلَهُ (وَتَرْكُهَا) أَيْ: تَرْكُ التَّسْمِيَةِ أَوَّلَ التَّشَهُّدِ (أَوْلَى) لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ

ص: 357

سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ (بِسْمِ اللَّهِ) فَانْتَهَرَهُ.

(وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِزِيَادَةِ " وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ) لِفِعْلِ ابْنِ عُمَرَ (وَالْأَوْلَى تَخْفِيفُهُ، وَعَدَمُ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ) أَيْ: التَّشَهُّدِ لِحَدِيثِ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَلِقَوْلِ مَسْرُوقٍ " كُنَّا إذَا جَلَسْنَا مَعَ أَبِي بَكْرٍ كَأَنَّهُ عَلَى الرَّضْفِ حَتَّى يَقُومَ " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَقَالَ حَنْبَلٌ: رَأَيْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يُصَلِّي، فَإِذَا جَلَسَ فِي الْجِلْسَةِ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ أَخَفَّ الْجُلُوسَ، ثُمَّ يَقُومُ كَأَنَّهُ كَانَ عَلَى الرَّضْفِ، أَيْ: الْحِجَارَةِ الْمُحْمَاةِ بِالنَّارِ قَالَ: وَإِنَّمَا قَصَدَ الِاقْتِدَاءَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَصَاحِبَيْهِ،.

(وَإِنْ قَالَ " وَأَنَّ مُحَمَّدًا) رَسُولُ اللَّهِ (وَأَسْقَطَ أَشْهَدُ فَلَا بَأْسَ) لِأَنَّهُ لَا يُخِلُّ بِالْمَقْصُودِ مِنْ الْمَعْنَى (وَهَذَا التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ) فِي الْمَغْرِبِ وَالرُّبَاعِيَّةِ (ثُمَّ إنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ فَقَطْ) فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا (أَتَى بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَبِمَا بَعْدَهَا، فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ هَذَا الْأَوْلَى مِنْ أَلْفَاظِ الصَّلَاةِ وَالْبَرَكَةِ) عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى آلِهِ، لِمَا رَوَى كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ.

قَالَ: «خَرَجَ عَلَيْنَا الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم فَقُلْنَا: قَدْ عَرَفْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْك، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْك؟ قَالَ قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

(وَيَجُوزُ) أَنْ يُصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (بِغَيْرِهِ) أَيْ: غَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ (مِمَّا وَرَدَ) وَمِنْهُ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ كَعْبٍ،.

وَفِيهِ «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ، وَآلِ إبْرَاهِيمَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَآلِ إبْرَاهِيمَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ» (وَآلُهُ: أَتْبَاعُهُ عَلَى دِينِهِ) صلى الله عليه وسلم وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَقَارِبِهِ قَالَ تَعَالَى {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: 46]{وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ} [البقرة: 49]{وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ} [البقرة: 50] وَقَدْ يُضَافُ آلُ الشَّخْصِ إلَيْهِ وَيَكُونُ دَاخِلًا فِيهِمْ كَهَذِهِ الْآيَاتِ (وَالصَّوَابُ: عَدَمُ جَوَازِ إبْدَالِهِ أَيْ: آلِ بِأَهْلٍ) لِأَنَّ أَهْلَ الرَّجُلِ أَقَارِبُهُ أَوْ زَوْجَتُهُ، وَآلُهُ أَتْبَاعُهُ عَلَى دِينِهِ،

ص: 358

فَتَغَايَرَا.

(وَإِذَا أَدْرَكَ) الْمَسْبُوقُ (بَعْضَ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ، فَجَلَسَ الْإِمَامُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ لَمْ يُزِدْ الْمَأْمُومُ عَلَى التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، بَلْ يُكَرِّرْهُ) أَيْ: التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ حَتَّى يُسَلِّمَ الْإِمَامُ (وَلَا يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَا يَدْعُو بِشَيْءٍ مِمَّا يُدْعَى بِهِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَقَّبْهُ، وَلِأَنَّهُ لَا يَقْصُرُ سَلَامَهُ.

(فَإِنْ سَلَّمَ إمَامُهُ) قَبْلَ أَنْ يُتِمَّهُ (قَامَ وَلَمْ يُتِمَّهُ) لِعَدَمِ وُجُوبِهِ عَلَيْهِ (إنْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا فِي حَقِّهِ) بِأَنْ يَكُونَ مَحَلُّ تَشَهُّدِهِ الْأَوَّلَ، فَيُتِمُّهُ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ (وَتَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ: غَيْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (مُنْفَرِدًا) عَنْهُ (نَصًّا) نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ عَلِيٍّ لِعُمَرَ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ، وَذَكَرَ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ: أَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَى غَيْرِهِ مُنْفَرِدًا، وَحَكَى ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما رَوَاهُ سَعِيدٌ وَاللَّالَكَائِيُّ عَنْهُ قَالَ الشَّيْخُ وَجِيهُ الدِّينِ: الصَّلَاةُ عَلَى غَيْرِ الرَّسُولِ جَائِزَةٌ تَبَعًا لَا مَقْصُودَةً، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ مَنْصُوصَ أَحْمَدَ.

قَالَ: وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَعَبْدُ الْقَادِرِ، قَالَ: وَإِذَا جَازَتْ جَازَتْ أَحْيَانًا عَلَى كُلِّ أَحَدٍ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فَإِمَّا أَنَّهُ يُتَّخَذُ شِعَارًا لِذِكْرِ بَعْضِ النَّاسِ، أَوْ يُقْصَدُ الصَّلَاةُ عَلَى بَعْضِ الصَّحَابَةِ دُونَ بَعْضٍ فَهَذَا لَا يَجُوزُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وَالسَّلَامُ عَلَى غَيْرِهِ بِاسْمِهِ جَائِزٌ مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ.

(وَتُسَنُّ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ) فَإِنَّهَا رُكْنٌ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ وَكَذَا فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ (بِتَأَكُّدٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: 56] الْآيَةَ وَالْأَحَادِيثُ بِهَا شَهِيرَةٌ (وَتَتَأَكَّدُ) الصَّلَاةُ عَلَيْهِ (كَثِيرًا عِنْدَ ذِكْرِهِ) صلى الله عليه وسلم بَلْ قِيلَ: بِوُجُوبِهَا إذَنْ، وَتَقَدَّمَ تَوْضِيحُهُ فِي شَرْحِ الْخُطْبَةِ.

(وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَتِهَا) لِلْخَبَرِ، وَأَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ، فَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي جَلَاءِ الْأَفْهَامِ: هِيَ مَشْرُوعَةٌ.

وَقَدْ حَكَى الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ، مِنْهُمْ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَالْمَسْأَلَةُ ذَكَرَهَا النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ، وَذَكَرَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ مَعَ الْأَنْبِيَاءِ فِي جَوَازِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ اسْتِقْلَالًا، وَذَكَرَ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ مُسْتَحَبَّةٌ، قَالَهُ ابْنُ قُنْدُسٍ، فِي حَاشِيَةِ الْفُرُوعِ.

(تَنْبِيهٌ) إنْ قِيلَ إنَّ الْمُشَبَّهَ دُونَ الْمُشَبَّهِ بِهِ فَكَيْفَ تَطْلُبُ صَلَاةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَتُشْبِهُ بِالصَّلَاةِ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَآلِهِ؟ أُجِيبُ: بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَهُ أَصْلُ الصَّلَاةِ بِأَصْلِهَا، لَا الْقَدْرُ بِالْقَدْرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: 183] الْآيَةَ) وَيُحْتَمَلُ أَنَّ

ص: 359

التَّشْبِيهَ وَقَعَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ، لَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَيَكُونُ " وَعَلَى آلِهِ مُتَّصِلًا بِمَا بَعْدَهُ، وَمُقَدَّرًا لَهُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، وَالْأَوَّلُ مَقْطُوعٌ عَنْ التَّشْبِيهِ، قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَفِيهِمَا نَظَرٌ، وَيُحْتَمَلُ - وَهُوَ أَحْسَنُهَا - أَنَّ الْمُشَبَّهَ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ وَآلِهِ بِالصَّلَاةِ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَآلِهِ، فَتَقَابَلَتْ الْجُمْلَتَانِ، وَيُقَدَّرُ أَنْ يَكُونَ لِآلِ الرَّسُولِ بِآلِ إبْرَاهِيمَ الَّذِينَ هُمْ الْأَنْبِيَاءُ، وَبِأَنَّ مَا تَوَفَّرَ مِنْ ذَلِكَ حَاصِلٌ لِلرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَاَلَّذِي نَحْصُلُ مِنْ ذَلِكَ هُوَ آثَارُ الرَّحْمَةِ وَالرِّضْوَانِ، وَمَنْ كَانَتْ فِي حَقِّهِ أَكْبَرَ كَانَ أَفْضَلَ.

(وَيُسَنُّ أَنْ يَتَعَوَّذَ فَيَقُولُ: أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ) لِمَا وَرَدَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم " كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْ ذَلِكَ وَيَأْمُرُ بِهِ " وَالْمَحْيَا وَالْمَمَاتُ وَالْحَيَاةُ والْمَوْتُ وَالْمَسِيحُ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ عَلَى الْمَعْرُوفِ، (وَإِنْ دَعَا بِمَا وَرَدَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَوْ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالسَّلَفِ أَوْ بِغَيْرِهِ مِمَّا يَتَضَمَّنُ طَاعَةً وَيَعُودُ إلَى أَمْرِ آخِرَتِهِ نَصًّا، وَلَوْ لَمْ يُشْبِهْ مَا وَرَدَ، كَالدُّعَاءِ بِالرِّزْقِ الْحَلَالِ، وَالرَّحْمَةِ وَالْعِصْمَةِ مِنْ الْفَوَاحِشِ وَنَحْوِهِ فَلَا بَأْسَ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ «لِيَتَخَيَّرْ مِنْ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إلَيْهِ فَيَدْعُوَ» .

وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ قَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلَاتِي، فَقَالَ: قُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِك، وَارْحَمْنِي إنَّك أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَعَنْ عَلِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «كَانَ مِنْ آخِرِ مَا يَقُولُ بَيْنَ التَّشَهُّدِ وَالتَّسْلِيمِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْت وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي أَنْتَ الْمُقَدِّمُ، وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ، لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ،.

وَعَنْ مُعَاذٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: أُوصِيكَ بِكَلِمَاتٍ تَقُولُهُنَّ فِي كُلِّ صَلَاةٍ اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحَسَنِ عِبَادَتِكَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: اللَّهُمَّ كَمَا صُنْتَ وَجْهِي عَنْ السُّجُودِ لِغَيْرِك فَصُنْ وَجْهِي عَنْ الْمَسْأَلَةِ لِغَيْرِك، قَالَ: وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَقُولُهُ، وَقَالَ: سَمِعْتُ الثَّوْرَيَّ يَقُولُهُ (مَا لَمْ يَشُقَّ عَلَى مَأْمُومٍ) لِحَدِيثِ «مَنْ أَمَّ بِالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ» (أَوْ يَخَفْ سَهْوًا) إنْ كَانَ مُنْفَرِدًا وَكَذَا حُكْمُ الدُّعَاءِ (فِي رُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَنَحْوِهِمَا) كَالِاعْتِدَالِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ.

وَفِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ، يُسْتَحَبُّ الدُّعَاءُ فِي السُّجُودِ لِلْأَخْبَارِ (وَلَا يَجُوزُ الدُّعَاءُ بِغَيْرِ مَا وَرَدَ وَلَيْسَ مِنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ، كَحَوَائِجِ دُنْيَاهُ

ص: 360