الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا]
(يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ السَّدْلُ، سَوَاءٌ كَانَ تَحْتَهُ ثَوْبٌ أَوْ لَا) نَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى: النَّهْيُ فِيهِ صَحِيحٌ عَنْ عَلِيٍّ وَخَبَرُ أَبِي هُرَيْرَةَ نَقَلَ مُهَنَّا: لَيْسَ بِصَحِيحٍ لَكِنْ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ لَمْ يُضَعِّفْهُ أَحْمَدُ قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ (وَهُوَ) أَيْ: السَّدْلُ لُغَةً إرْخَاءُ الثَّوْبِ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَاصْطِلَاحًا: (أَنْ يَطْرَحَ ثَوْبًا عَلَى كَتِفَيْهِ، وَلَا يَرُدَّ أَحَدَ طَرَفَيْهِ عَلَى الْكَتِفِ الْآخَرِ) وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: هُوَ إرْسَالُ الثَّوْبِ عَلَى الْأَرْضِ وَقِيلَ: وَضْعُ الرِّدَاءِ عَلَى رَأْسِهِ وَإِرْسَالُهُ مِنْ وَرَائِهِ عَلَى ظَهْرِهِ، وَهِيَ لِبْسَةُ الْيَهُودِ.
وَقَالَ الْقَاضِي هُوَ وَضْعُ الرِّدَاءِ عَلَى عُنُقِهِ، وَلَمْ يَرُدّهُ عَلَى كَتِفَيْهِ (فَإِنْ رَدَّ أَحَدَ طَرَفَيْهِ عَلَى الْكَتِفِ الْأُخْرَى) لَمْ يُكْرَهْ، لِزَوَالِ السَّدْلِ زَادَ فِي الشَّرْحِ:(أَوْ ضَمَّ طَرَفَيْهِ بِيَدَيْهِ لَمْ يُكْرَهْ) وَهُوَ رِوَايَةٌ وَمُقْتَضَى مَا قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِمَعْنَاهُ فِي الْمُنْتَهَى وَيُكْرَهُ لِبَقَاءِ مَعْنَى السَّدْلِ وَإِنْ (طَرَحَ الْقَبَاءَ) بِفَتْحِ الْقَافِ (عَلَى الْكَتِفَيْنِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُدْخِلَ يَدَيْهِ فِي الْكُمَّيْنِ، فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ وَلَيْسَ مِنْ السَّدْلِ الْمَكْرُوهِ، قَالَهُ الشَّيْخُ) .
(وَيُكْرَهُ) فِي الصَّلَاةِ (اشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة وَأَبِي سَعِيد أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَهُوَ) أَيْ: اشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ أَنْ (يَضْطَبِعَ بِالثَّوْبِ لَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ) وَالِاضْطِبَاعُ: أَنْ يَجْعَلَ وَسَطَ الرِّدَاءِ تَحْتَ عَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ وَطَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ، وَجَاءَ ذَلِكَ مُفَسَّرًا فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مِنْ رِوَايَةِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَطَاءَ بْنِ يَزِيدَ عَنْهُ مَرْفُوعًا «نَهَى عَنْ لِبْسَتَيْنِ، وَهُمَا اشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ وَهُوَ أَنْ يَضَعَ
ثَوْبَهُ عَلَى أَحَدِ عَاتِقَيْهِ، فَيَبْدُو أَحَدُ شِقَّيْهِ لَيْسَ عَلَيْهِ ثَوْبٌ، وَالِاحْتِبَاءُ، وَهُوَ أَنْ يَحْتَبِيَ بِهِ لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَيْءٌ» وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَيْهِ ثَوْبٌ آخَرُ لَمْ يُكْرَهْ لِأَنَّهَا لِبْسَةُ الْمُحْرِمِ وَفَعَلَهَا صلى الله عليه وسلم وَأَنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ إلَّا أَنْ تَبْدُوَ عَوْرَتُهُ.
(وَ) يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ (تَغْطِيَةُ الْوَجْهِ) لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «نَهَى أَنْ يُغَطِّيَ الرَّجُلُ فَاهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ فَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى كَرَاهَةِ تَغْطِيَةِ الْوَجْهِ، لِاشْتِمَالِهِ عَلَى تَغْطِيَةِ الْفَمِ وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ لَهَا تَحْلِيلٌ وَتَحْرِيمٌ فَشُرِعَ لَهَا كَشْفُ الْوَجْهِ كَالْإِحْرَامِ.
(وَ) يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ (التَّلَثُّمُ عَلَى الْفَمِ وَالْأَنْفِ) .
رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَلَفُّ الْكُمِّ بِلَا سَبَبٍ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «وَلَا أَكُفُّ شَعْرًا وَلَا ثَوْبًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ زَادَ فِي الرِّعَايَةِ: وَتَشْمِيرُ.
(وَ) يُكْرَهُ (شَدُّ الْوَسَطِ) بِفَتْحِ السِّينِ (بِمَا يُشْبِهُ شَدَّ الزُّنَّارِ) بِضَمِّ أَوَّلهِ لِنَهْيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ التَّشَبُّهِ بِأَهْلِ الْكِتَابِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (وَلَوْ) كَانَ شَدُّ الْوَسَطِ بِمَا يُشْبِهُ شَدَّ الزُّنَّارِ (فِي غَيْرِ صَلَاةٍ، لِأَنَّهُ يُكْرَهُ التَّشَبُّهُ بِالْكُفَّارِ كُلَّ وَقْتٍ) لِمَا تَقَدَّمَ.
(قَالَ الشَّيْخُ التَّشَبُّهُ بِهِمْ) أَيْ: الْكُفَّارِ (مَنْهِيٌّ عَنْهُ)(إجْمَاعًا) لِمَا تَقَدَّمَ (وَقَالَ وَلَمَّا صَارَتْ الْعِمَامَةُ الصَّفْرَاءُ أَوْ الزَّرْقَاءُ مِنْ شِعَارِهِمْ حَرُمَ لُبْسُهَا) اهـ.
(وَيُكْرَهُ شَدُّ وَسَطِهِ عَلَى الْقَمِيصِ لِأَنَّهُ مِنْ زِيِّ الْيَهُودِ) نَقَلَهُ حَرْبٌ وَظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْإِنْصَافِ: لَا يُكْرَهُ (وَلَا بَأْسَ بِهِ) أَيْ: بِشَدِّ الْوَسَطِ بِمِئْزَرٍ أَوْ حَبْلٍ أَوْ نَحْوِهِ، مِمَّا لَا يُشْبِهُ الزُّنَّارَ (عَلَى الْقَبَاءِ) لِأَنَّهُ مِنْ عَادَةِ الْمُسْلِمِينَ قَالَهُ الْقَاضِي وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ لَا بَأْسَ بِشَدِّ الْقَبَاءِ فِي السَّفَرِ عَلَى غَيْرِهِ نَصَّ عَلَيْهِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ.
قَالَهُ فِي الْإِنْصَافِ وَ (قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يُكْرَهُ الشَّدُّ بِالْحِيَاصَةِ) وَهُوَ رِوَايَةٌ حَكَاهَا فِي الْمُبْدِعِ وَغَيْرِهِ وَظَاهِرُهُ: أَنَّ الْمُقَدَّمَ لَا يُكْرَهُ (وَيُسْتَحَبُّ) شَدُّ الْوَسَطِ (بِمَا لَا يُشْبِهُ الزُّنَّارَ) وَفَعَلَهُ ابْنُ عُمَرَ قَالَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَقَالَ نَصَّ عَلَيْهِ، لِلْخَبَرِ (كَمِنْدِيلٍ وَمِنْطَقَةٍ وَنَحْوِهَا لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لِلْعَوْرَةِ) قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ إلَّا أَنْ يَشُدَّهُ لِعَمَلِ الدُّنْيَا، فَيُكْرَهُ.
(وَيُكْرَهُ لِامْرَأَةٍ شَدُّ وَسَطِهَا فِي الصَّلَاةِ وَلَوْ بِغَيْرِ مَا يُشْبِهُ الزُّنَّارَ) لِأَنَّ ذَلِكَ يَبِينُ بِهِ حَجْمُ عَجِيزَتِهَا وَتَقَاطِيعُ بَدَنِهَا وَالْمَطْلُوبُ سَتْرُ ذَلِكَ.
وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ: أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ لَهَا شَدُّ وَسَطِهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ بِمَا لَا يُشْبِهُ شَدَّ الزُّنَّارِ قَالَ فِي حَاشِيَةِ التَّنْقِيحِ: لِأَنَّ شَدَّ الْمَرْأَةِ وَسَطَهَا مَعْهُودٌ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَبْلَهُ كَمَا صَحَّ أَنَّ هَاجَرَ أُمَّ إسْمَاعِيلَ اتَّخَذَتْ مِنْطَقًا وَكَانَ لِأَسْمَاءِ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ
نِطَاقَانِ وَأَطْلَقَ فِي الْمُبْدِعِ وَالتَّنْقِيحِ وَالْمُنْتَهَى: أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهَا شَدُّ وَسَطِهَا (وَتَقَدَّمَ: لَا تَضُمُّ) الْمَرْأَةُ (ثِيَابَهَا) حَالَ قِيَامِهَا لِأَنَّهُ يَبِينُ فِيهِ تَقَاطِيعُ بَدَنِهَا فَيُشْبِهُ الْحِزَامَ (وَلَا بَأْسَ بِالِاحْتِبَاءِ مَعَ سَتْرِ الْعَوْرَةِ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَيْءٌ» (وَيَحْرُمُ) الِاحْتِبَاءُ (مَعَ عَدَمِهِ) أَيْ: عَدَمِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ كَشْفِ الْعَوْرَةِ بِلَا حَاجَةٍ (وَهُوَ) أَيْ: الِاحْتِبَاءُ (أَنْ يَجْلِسَ ضَامًّا رُكْبَتَيْهِ إلَى نَحْوِ) أَيْ: جِهَةِ (صَدْرِهِ، وَيُدِيرُ ثَوْبَهُ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ إلَى أَنْ يَبْلُغَ رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ يَشُدُّهُ، فَيَكُونُ) الْمُحْتَبِي (كَالْمُعْتَمِدِ عَلَيْهِ وَالْمُسْتَنِدِ إلَيْهِ) أَيْ: الثَّوْبِ الَّذِي احْتَبَى بِهِ.
(وَيَحْرُمُ، وَهُوَ) أَيْ: الْإِسْبَالُ (كَبِيرَةٌ) لِلْوَعِيدِ عَلَيْهِ الْآتِي بَيَانُهُ فِي الْخَبَرِ (إسْبَالُ شَيْءٍ مِنْ ثِيَابِهِ وَلَوْ عِمَامَةً خُيَلَاءَ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ إلَيْهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ «مَنْ أَسْبَلَ إزَارَهُ فِي صَلَاتِهِ خُيَلَاءَ فَلَيْسَ مِنْ اللَّهِ فِي حِلٍّ وَلَا حَرَامٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (فِي غَيْرِ حَرْبٍ) لِمَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حِينَ رَأَى بَعْضَ أَصْحَابِهِ يَمْشِي بَيْنَ الصَّفَّيْنِ يَخْتَالُ فِي مِشْيَتِهِ قَالَ إنَّهَا الْمِشْيَةُ يَبْغُضُهَا اللَّهُ إلَّا فِي هَذَا الْمَوْطِنِ» .
وَذَلِكَ لِأَنَّ الْخُيَلَاءَ غَيْرُ مَذْمُومٍ فِي الْحَرْبِ (فَإِنْ أَسْبَلَ ثَوْبَهُ لِحَاجَةٍ كَسَتْرِ سَاقٍ قَبِيحٍ مِنْ غَيْرِ خُيَلَاءَ أُبِيحَ) قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: جَرُّ الْإِزَارِ، وَإِسْبَالُ الرِّدَاءِ فِي الصَّلَاةِ، إذَا لَمْ يُرِدْ الْخُيَلَاءَ فَلَا بَأْسَ (مَا لَمْ يُرِدْ التَّدْلِيسَ عَلَى النِّسَاءِ) فَإِنَّهُ مِنْ الْفُحْشِ.
وَفِي الْخَبَرِ «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» (وَمِثْلُهُ) أَيْ: التَّدْلِيسِ بِإِسْبَالِ ثَوْبِهِ لِسَتْرِ سَاقٍ قَبِيحٍ، (كَقَصِيرَةٍ اتَّخَذَتْ رِجْلَيْنِ مِنْ خَشَبٍ فَلَمْ تُعْرَفْ) ذَكَرَهُ فِي الْفُرُوعِ تَوْجِيهًا.
(وَيُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُ الرَّجُلِ إلَى فَوْقِ نِصْفِ سَاقِهِ) نَصَّ عَلَيْهِ (وَتَحْتَ كَعْبِهِ بِلَا حَاجَةٍ) وَعَنْهُ «مَا تَحْتَهُمَا فَهُوَ فِي النَّارِ» لِلْخَبَرِ فَإِنْ كَانَ لِحَاجَةٍ كَقُبْحِ سَاقِهِ فَلَا (وَلَا يُكْرَهُ مَا بَيْنَ ذَلِكَ) أَيْ: بَيْنَ نِصْفِ السَّاقِ وَفَوْقَ الْكَعْبِ.
(وَيَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ زِيَادَةُ ذَيْلِهَا عَلَى ذَيْلهِ) أَيْ: الرَّجُلِ (إلَى ذِرَاعٍ وَلَوْ مِنْ نِسَاءِ الْمُدُنِ) لِحَدِيثِ «أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ: كَيْفَ تُصَلِّي النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ؟ قَالَ يُرْخِينَ شِبْرًا فَقَالَتْ: إذَنْ تَنْكَشِفُ أَقْدَامُهُنَّ قَالَ فَيُرْخِينَهُ ذِرَاعًا لَا يَزِدْنَ عَلَيْهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالظَّاهِرُ: أَنَّ الْمُرَادَ بِذِرَاعِ الْيَدِ، وَهُوَ شِبْرَانِ لِمَا فِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «رَخَّصَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ شِبْرًا، ثُمَّ اسْتَزَدْنَهُ فَزَادَهُنَّ شِبْرًا» (وَيَحْسُنُ) وَقَالَ فِي الْإِنْصَافِ، عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ: يُسَنُّ جَزَمَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى.
(تَطْوِيلُ كُمِّ الرَّجُلِ
إلَى رُءُوسِ أَصَابِعِهِ، أَوْ أَكْثَرَ يَسِيرًا) لِحَدِيثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ قَالَتْ «كَانَتْ يَدُ كُمِّ قَمِيصِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إلَى الرُّسْغِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَانَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم يَلْبَسُ قَمِيصًا قَصِيرَ الْيَدَيْنِ وَالطُّولِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ (وَتَوْسِيعُهُ قَصْدًا) أَيْ: بِاعْتِدَالٍ مِنْ غَيْرِ إفْرَاطٍ فَلَا تَتَأَذَّى الْيَدُ بِحَرٍّ وَلَا بَرْدٍ وَلَا يَمْنَعُهَا خِفَّةُ الْحَرَكَةِ وَالْبَطْشِ قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: وَأَمَّا هَذِهِ الْأَكْمَامُ الْوَاسِعَةُ الطِّوَالُ الَّتِي هِيَ كَالْأَخْرَاجِ، وَعَمَائِمُ كَالْأَبْرَاجِ فَلَمْ يَلْبَسْهَا صلى الله عليه وسلم هُوَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِسُنَّتِهِ وَفِي جَوَازِهَا نَظَرٌ فَإِنَّهَا مِنْ جِنْسِ الْخُيَلَاءِ (وَ) يَحْسُنُ (قِصَرُ كُمِّ الْمَرْأَةِ) قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: دُونَ رُءُوسِ أَصَابِعِهَا (وَتَوْسِيعُهُ مِنْ غَيْرِ إفْرَاطٍ) .
(وَيُكْرَهُ لُبْسُ مَا يَصِفُ الْبَشَرَةَ) أَيْ: مَعَ سَتْرِ الْعَوْرَةِ بِمَا يَكْفِي فِي السَّتْرِ لِمَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ وَيَأْتِي (لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَلَوْ فِي بَيْتِهَا) نَصَّ عَلَيْهِ (إنْ رَآهَا غَيْرُ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ تَحِلُّ لَهُ) .
قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ لُبْسُ الرَّقِيقِ مِنْ الثِّيَابِ وَهُوَ مَا يَصِفُ الْبَشَرَةَ غَيْرَ الْعَوْرَةِ وَلَا يُكْرَهُ ذَلِكَ لِلْمَرْأَةِ إذَا كَانَ لَا يَرَاهَا إلَّا زَوْجُهَا وَمَالِكُهَا وَصَحَّحَ مَعْنَاهُ فِي الرِّعَايَةِ وَظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى: يُكْرَهُ مُطْلَقًا (وَلَا يُجْزِئُ) مَا يَصِفُ الْبَشَرَةَ (كَفَنًا لِمَيِّتٍ) لِأَنَّهُ غَيْرُ سَاتِرٍ (وَيَأْتِي) فِي الْجَنَائِزِ.
(وَيُكْرَهُ لِلنِّسَاءِ لُبْسُ مَا يَصِفُ اللِّينَ وَالْخُشُونَةَ وَالْحَجْمَ) لِمَا رُوِيَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ «كَسَانِي الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم قُبْطِيَّةً كَثِيفَةً، كَانَتْ مِمَّا أَهْدَى لَهُ دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ فَكَسَوْتُهَا امْرَأَتِي فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: مَا لَكَ لَا تَلْبَسُ الْقُبْطِيَّةَ؟ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَسَوْتُهَا امْرَأَتِي فَقَالَ: مُرْهَا فَلْتَجْعَلْ تَحْتَهَا غِلَالَةً فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ تَصِفَ حَجْمَ عِظَامِهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ.
(وَيَحْرُمُ عَلَيْهِنَّ لُبْسُ الْعَصَائِبِ الْكِبَارِ الَّتِي يَتَشَبَّهْنَ بِلُبْسِهَا بِالرِّجَالِ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ " قَالَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم «صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، لَمْ أَرَهُمَا بَعْدُ: نِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَّاتٌ، مَائِلَاتٌ مُمِيلَاتٌ، عَلَى رُءُوسِهِنَّ أَمْثَالُ أَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا يَرَيْنَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا وَرِجَالٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(وَيُكْرَهُ لِلرَّجُلِ الزِّيقُ الْعَرِيضُ دُونَ الْمَرْأَةِ) فَلَا يُكْرَهُ لَهَا ذَلِكَ وَالزِّيقُ لَبِنَةُ الْجَيْبِ.
(وَ) يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ (لُبْسُهُ زِيَّ الْأَعَاجِمِ، كَعِمَامَةٍ صَمَّاءَ وَنَعْلٍ صَرَّارَةٍ لِلزِّينَةِ) لِلنَّهْيِ عَنْ التَّشَبُّهِ بِالْأَعَاجِمِ وَ (لَا) يُكْرَهُ لُبْسُ نَعْلِ صَرَّارَةٍ (لِلْوُضُوءِ) قَالَ أَحْمَدُ: لَا بَأْسَ أَنْ يُلْبَسَ لِلْوُضُوءِ (وَنَحْوِهِ) كَالْغُسْلِ.
(وَيُكْرَهُ لُبْسُ مَا فِيهِ شُهْرَةٌ)