الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَيْنَهُمَا، فَمَنْ قَرَعَ صَاحِبَهُ قُدِّمَ بِهِ لِأَنَّهُ صَارَ أَوْلَى بِخُرُوجِ الْقُرْعَةِ لَهُ (وَإِنْ تَطَهَّرَ بِهِ غَيْرُ الْأَوْلَى) كَمَا لَوْ تَطَهَّرَ بِهِ حَيٌّ مَعَ وُجُودِ مَيِّتٍ يَحْتَاجهُ (أَسَاءَ، وَصَحَّتْ) طَهَارَتُهُ لِأَنَّ الْأَوْلَى لَمْ يَمْلِكْهُ بِكَوْنِهِ أَوْلَى، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ لِشِدَّةِ حَاجَتِهِ.
(وَإِنْ كَانَ مِلْكًا لِأَحَدِهِمْ) أَيْ: الْمُحْتَاجِينَ إلَيْهِ (لَزِمَهُ اسْتِعْمَالُهُ) لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ وَتَمْكِينِهِ مِنْهُ (وَلَمْ يُؤْثِرْ بِهِ) أَحَدًا (وَلَوْ لِأَبَوَيْهِ) لِتَعَيُّنِهِ لِأَدَاءِ فَرْضِهِ وَتَعَلُّقِ حَقِّ اللَّهِ بِهِ (وَتَقَدَّمَ فِي الطَّهَارَةِ) لَعَلَّهُ فِي مُسْوَدَّتِهِ، وَإِلَّا فَلَمْ نَرَهُ فِي النُّسَخِ الْمَشْهُورَةِ.
(وَلَوْ احْتَاجَ حَيٌّ إلَى كَفَنِ مَيِّتٍ لِبَرْدٍ) وَنَحْوِهِ، زَادَ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ (يُخْشَى مِنْهُ التَّلَفُ، قُدِّمَ) الْحَيُّ (عَلَى الْمَيِّتِ) لِأَنَّ حُرْمَتَهُ آكَدُ.
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ: يُصَلِّي عَلَيْهِ عَادِمُ السُّتْرَةِ فِي إحْدَى لِفَافَتَيْهِ يُقَالُ فِي الْفُرُوعِ: وَالْأَشْهَرُ عُرْيَانًا كَلِفَافَةٍ وَاحِدَةٍ يُقَدَّمُ الْمَيِّتُ بِهَا، ذَكَرَهُ فِي التَّكْفِينِ.
[بَابُ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ الْحُكْمِيَّةِ]
(بَابُ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ الْحُكْمِيَّةِ) أَيْ: تَطْهِيرُ مَوَارِدِ الْأَنْجَاسِ، وَذِكْرِ النَّجَاسَاتِ وَمَا يُعْفَى عَنْهُ مِنْهَا وَتَقَدَّمَ تَعْرِيفُ النَّجَاسَةِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الطَّهَارَةِ (وَهِيَ) أَيْ: النَّجَاسَةُ الْحُكْمِيَّةُ (الطَّارِئَةُ عَلَى مَحَلٍّ طَاهِرٍ) بِخِلَافِ الْعَيْنِيَّةِ (وَلَا تَصِحّ إزَالَتُهَا) أَيْ: النَّجَاسَةِ الْحُكْمِيَّةِ (بِغَيْرِ مَاءٍ طَهُورٍ) لِحَدِيثِ أَسْمَاءَ قَالَتْ «جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: إحْدَانَا يُصِيبُ ثَوْبَهَا مِنْ دَمِ الْحَيْضَةِ، كَيْفَ تَصْنَعُ؟ قَالَ تَحُتُّهُ، ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالْمَاءِ، ثُمَّ تَنْضَحُهُ، ثُمَّ تُصَلِّي فِيهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَأَمَرَ بِصَبِّ ذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ فَأُهْرِيقَ عَلَى بَوْلِ الْأَعْرَابِيِّ وَلِأَنَّهَا طَهَارَةٌ مُشْتَرَطَةٌ فَأَشْبَهَتْ طَهَارَةَ الْحَدَثِ (وَلَوْ) كَانَ الْمَاءُ الطَّهُورُ (غَيْرَ مُبَاحٍ) لِأَنَّ إزَالَتَهَا مِنْ قِسْمِ التُّرُوكِ، وَلِذَلِكَ لَمْ تُعْتَبَرْ لَهُ النِّيَّةُ (وَ) النَّجَاسَةُ (الْعَيْنِيَّةُ لَا تَطْهُرُ بِغَسْلِهَا بِحَالٍ وَتَقَدَّمَ)(فِي الطَّهَارَةِ) وَلَا يُعْقَلُ لِلنَّجَاسَةِ مَعْنًى، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ.
(وَالْكَلْبُ وَالْخِنْزِيرُ نَجِسَانِ) وَكَذَا مَا تَوَلَّدَ مِنْهُمَا وَسُؤْرُ ذَلِكَ وَعَرَقُهُ، وَكُلُّ مَا خَرَجَ مِنْهُ لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِيهِ، قَالَهُ فِي الشَّرْحِ (يَطْهُرُ مُتَنَجِّسٌ بِهِمَا وَ) مُتَنَجِّسٌ (بِمُتَوَلِّدٍ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ
أَحَدِهِمَا أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِمَا) أَوْ أَجْزَاءِ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُمَا، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا (غَيْر أَرْضٍ وَنَحْوِهَا) كَصَخْرٍ وَحِيطَانٍ (بِسَبْعِ غَسَلَاتِ مُنَقِّيَةٍ، إحْدَاهُنَّ بِتُرَابٍ طَهُورٍ وُجُوبًا) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا قَالَ «إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِمُسْلِمٍ «فَلْيُرِقْهُ ثُمَّ لِيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ» وَلَهُ أَيْضًا «طَهُورُ إنَاءِ أَحَدِكُمْ إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِيهِ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» .
وَلَوْ كَانَ سُؤْرُهُ طَاهِرًا لَمْ يَأْمُرْ بِإِرَاقَتِهِ وَلَا وَجَبَ غَسْلُهُ وَالْأَصْلُ أَنَّ وُجُوبَ الْغَسْلِ لِنَجَاسَتِهِ، وَلَمْ يُعْهَدْ التَّعَبُّدُ فِي غَسْلِ الْبَدَنِ، وَالطَّهُورُ لَا يَكُونُ إلَّا فِي مَحَلِّ الطَّهَارَةِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ تَعَبُّدًا، لَمَا اخْتَصَّ الْغَسْلُ بِمَوْضِعِ الْوُلُوغِ، لِعُمُومِ اللَّفْظِ فِي الْإِنَاءِ كُلِّهِ، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فِي الْكَلْبِ فَالْخِنْزِيرُ شَرٌّ مِنْهُ لِنَصِّ الشَّارِعِ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَحُرْمَةِ اقْتِنَائِهِ، فَثَبَتَ الْحُكْمُ فِيهِ بِطَرِيقِ التَّنْبِيهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَنُصَّ الشَّارِعُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْتَادُونَهُ.
وَلَمْ يَذْكُرْ أَحْمَدُ فِي الْخِنْزِيرِ عَدَدًا وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي التُّرَابُ غَيْرُ الطَّهُورِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُبْدِعِ وَالْإِنْصَافِ، وَقَدَّمَاهُ، وَأَنَّهُ إذَا لَمْ تُنَقَّ النَّجَاسَةُ بِالسَّبْعِ زَادَ حَتَّى تُنَقَّى كَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ وَأَنَّهُ لَا تَتَعَيَّنُ إحْدَى الْغَسَلَاتِ لِلتُّرَابِ.
(وَ) لَكِنَّ الْغَسْلَةَ (الْأُولَى أَوْلَى) بِجَعْلِ التُّرَابِ فِيهَا لِلْخَبَرِ وَلِيَأْتِيَ الْمَاءُ بَعْدَهُ فَيُنَظِّفَهُ (وَيَقُومُ أُشْنَانٌ وَصَابُونٌ وَنُخَالَةٌ وَنَحْوُهَا) مِنْ كُلِّ مَا لَهُ قُوَّةٌ فِي الْإِزَالَةِ (مَقَامَهُ) أَيْ: التُّرَابِ (وَلَوْ مَعَ وُجُودِهِ) وَعَدَمِ تَضَرُّرِ الْمَحَلِّ بِهِ لِأَنَّ نَصَّهُ عَلَى التُّرَابِ تَنْبِيهٌ عَلَى مَا هُوَ أَبْلَغُ مِنْهُ فِي التَّنْظِيفِ.
وَ (لَا) تَقُومُ (غَسْلَةٌ ثَامِنَةٌ) مَقَامَ التُّرَابِ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالتُّرَابِ مَعُونَةٌ لِلْمَاءِ فِي قَطْعِ النَّجَاسَةِ أَوْ لِلتَّعَبُّدِ فَلَا يَحْصُلُ بِالْمَاءِ وَحْدَهُ (وَيُعْتَبَرُ اسْتِيعَابُ الْمَحَلِّ بِهِ) أَيْ: بِالتُّرَابِ بِأَنْ يُمِرَّ التُّرَابَ مَعَ الْمَاءِ عَلَى جَمِيعِ أَجْزَاءِ الْمَحَلِّ الْمُتَنَجِّسِ لِيَتَحَقَّقَ مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» (إلَّا فِيمَا يَضُرّهُ) التُّرَابُ.
(فَيَكْفِي مُسَمَّاهُ) أَيْ: أَقَلُّ شَيْءٍ يُسَمَّى تُرَابًا يُوضَعُ فِي مَاءِ إحْدَى الْغَسَلَاتِ لِحَدِيثِ «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» وَلِلنَّهْيِ عَنْ إفْسَادِ الْمَالِ (وَيُعْتَبَرُ مَزْجُهُ) أَيْ: التُّرَابِ (بِمَاءٍ يُوصِلهُ إلَيْهِ) أَيْ: إلَى الْمَحَلِّ الْمُتَنَجِّسِ فَلَا يَكْفِي مَائِعٌ غَيْرُ الْمَاءِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي حَاشِيَةِ التَّنْقِيحِ.
وَعِبَارَةُ الْفُرُوعِ: فَيُعْتَبَرُ مَائِعٌ يُوصِلهُ إلَيْهِ ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَجَزَمَ بِمَعْنَاهُ فِي التَّنْقِيحِ وَالْمُنْتَهَى فَ (لَا) يَكْفِي (ذَرُّهُ) أَيْ: التُّرَاب عَلَى الْمَحَلِّ الْمُتَنَجِّسِ (وَإِتْبَاعُهُ الْمَاءَ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» إذْ الْبَاءُ فِيهِ لِلْمُصَاحَبَةِ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُحْتَمَلُ يَكْفِي ذَرّهُ وَيُتْبِعُهُ الْمَاءَ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ وَهُوَ أَظْهَرُ
" تَتِمَّةٌ " إذَا وَلَغَ فِي الْإِنَاءِ كِلَابٌ، أَوْ أَصَابَ الْمَحَلَّ نَجَاسَاتٌ مُتَسَاوِيَةٌ فِي الْحُكْمِ فَهِيَ كَنَجَاسَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ لِأَغْلَظِهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا أَجْزَأَ عَمَّا يُمَاثِلُ، فَعَمَّا دُونَهُ أَوْلَى وَلَوْ وَلَغَ فِيهِ فَغَسَلَ دُونَ السَّبْعِ، ثُمَّ وَلَغَ فِيهِ مَرَّةً أُخْرَى غُسِلَ لِلنَّجَاسَةِ الثَّانِيَةِ، وَانْدَرَجَ فِيهَا مَا بَقِيَ مِنْ عَدَدِ الْأُولَى.
(وَتُطَهَّرُ بَقِيَّةُ الْمُتَنَجِّسَاتِ بِسَبْعٍ مُنَقِّيَةٍ) لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ «أُمِرْنَا أَنْ نَغْسِلَ الْأَنْجَاسَ سَبْعًا» ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُبْدِعِ وَغَيْرُهُ فَيَنْصَرِفُ إلَى أَمْرِهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ أَمَرَ بِهِ فِي نَجَاسَةِ الْكَلْبِ فَيَلْحَقُ بِهِ سَائِرُ النَّجَاسَاتِ؛ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَاهَا وَالْحُكْمُ لَا يَخْتَصُّ بِمَوْرِدِ النَّصِّ بِدَلِيلِ إلْحَاقِ الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ بِهِ فَعَلَى هَذَا يُغْسَلُ مَحَلُّ الِاسْتِنْجَاءِ سَبْعًا كَغَيْرِهِ، صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَالشِّيرَازِيُّ وَابْنُ عَقِيلٍ وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ.
لَكِنْ نَصَّ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد، وَاخْتَارَهُ فِي الْمُغْنِي، أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهِ عَدَدٌ، اعْتِمَادًا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَصِحّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ شَيْءٌ، لَا فِي قَوْلِهِ وَلَا فِي فِعْلِهِ (وَلَا يُشْتَرَطُ لَهَا) أَيْ: بَقِيَّةِ النَّجَاسَاتِ (تُرَابٌ) قَصْرًا لَهُ عَلَى مَوْرِدِ النَّصِّ.
(فَإِنْ لَمْ يُنَقَّ) الْمَحَلُّ الْمُتَنَجِّسُ (بِهَا) أَيْ: بِالسَّبْعِ (زَادَ) فِي الْغُسْلِ (حَتَّى يُنَقَّى) الْمَحَلُّ (فِي الْكُلِّ) أَيْ: كُلِّ النَّجَاسَاتِ، مِنْ نَجَاسَةِ الْكَلْبِ وَغَيْرِهِ (وَلَا يَضُرُّ بَقَاءُ لَوْنِ) النَّجَاسَةِ (أَوْ رِيحِهَا أَوْ هُمَا) أَيْ: اللَّوْنُ وَالرِّيحُ (عَجْزًا) عَنْ إزَالَتِهِمَا، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
«أَنَّ خَوْلَةَ بِنْتَ يَسَارٍ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَيْسَ لِي إلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ وَأَنَا أَحِيضُ فِيهِ قَالَ فَإِذَا طَهُرْتِ فَاغْسِلِي مَوْضِعَ الدَّمِ، ثُمَّ صَلِّي فِيهِ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنْ لَمْ يَخْرُجْ أَثَرُهُ قَالَ يَكْفِيكِ الْمَاءُ، وَلَا يَضُرُّكِ أَثَرُهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ (وَيُطَهَّرُ) الْمَحَلُّ مَعَ بَقَائِهِمَا أَوْ بَقَاءِ أَحَدِهِمَا (وَيَضُرُّ) بَقَاءُ (طَعْمٍ) لِدَلَالَتِهِ عَلَى بَقَاءِ الْعَيْنِ، وَلِسُهُولَةِ إزَالَتِهِ فَلَا يُحْكَمُ بِطَهَارَةِ الْمَحَلِّ مَعَ بَقَاءِ أَجْزَاءِ النَّجَاسَةِ فِيهِ.
(وَإِنْ اسْتَعْمَلَ فِي إزَالَتِهِ) أَيْ: أَثَرِ النَّجَاسَةِ (مَا يُزِيلُهُ كَالْمِلْحِ وَغَيْرِهِ، فَحَسَنٌ) لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ امْرَأَةٍ مِنْ غِفَارٍ.
«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَرْدَفَهَا عَلَى حَقِيبَتِهِ، فَحَاضَتْ قَالَتْ: فَنَزَلْتُ، فَإِذَا بِهَا دَمٌ مِنِّي فَقَالَ: مَا لَكِ لَعَلَّكِ نَفِسْتِ؟ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَأَصْلِحِي مِنْ نَفْسِكِ، ثُمَّ خُذِي إنَاءً مِنْ مَاءٍ فَاطْرَحِي فِيهِ مِلْحًا، ثُمَّ اغْسِلِي مَا أَصَابَ الْحَقِيبَةَ مِنْ الدَّمِ» (وَلَا يَجِب) ذَلِكَ لِمَا سَبَقَ مَنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
(وَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ طَعَامٍ وَشَرَابٍ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ، لِإِفْسَادِ الْمَالِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ، كَمَا يُنْهَى عَنْ ذَبْحِ الْخَيْلِ الَّتِي يُجَاهَدُ عَلَيْهَا، وَالْإِبِلِ الَّتِي يُحَجُّ عَلَيْهَا، وَالْبَقَرِ الَّتِي يُحْرَثُ عَلَيْهَا، وَنَحْوِ ذَلِكَ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْحَاجَةِ إلَيْهَا قَالَهُ الشَّيْخُ) .
وَفِي الِاخْتِيَارَاتِ فِي آخِرِ كِتَابِ الْأَطْعِمَةِ: وَيُكْرَهُ ذَبْحُ الْفَرَسِ
الَّذِي يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الْجِهَادِ، بِلَا نِزَاعٍ (وَلَا بَأْسَ بِاسْتِعْمَالِ النُّخَالَةِ الْخَالِصَةِ) مِنْ الدَّقِيقِ (فِي التَّدَلُّكِ، وَغَسْلِ الْأَيْدِي بِهَا، وَكَذَا) التَّدَلُّكِ وَغَسْلُ الْأَيْدِي (بِبِطِّيخٍ وَدَقِيقِ الْبَاقِلَاءِ) وَهِيَ الْفُولُ، إنْ شَدَّدْتَ اللَّامَ قَصَرْتَ، وَإِنْ خَفَّفْتَ مَدَدْتَ.
ذَكَرَهُ فِي حَاشِيَتِهِ (وَغَيْرهَا مِمَّا لَهُ قُوَّةُ الْجَلَاءِ، لِحَاجَةٍ) وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: يُكْرَهُ أَنْ يَغْسِلَ جِسْمَهُ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَطْعِمَةِ، مِثْلِ دَقِيقِ الْحِمَّصِ أَوْ الْعَدَسِ أَوْ الْبَاقِلَاءِ وَنَحْوِهِ (وَيُغْسَلُ مَا نُجِّسَ بِبَعْضِ الْغَسَلَاتِ بِعَدَدِ مَا بَقِيَ بَعْدَ تِلْكَ الْغَسْلَةِ) لِأَنَّهَا نَجَاسَةٌ تُطَهَّرُ فِي مَحَلِّهَا بِمَا بَقِيَ مِنْ الْغَسَلَاتِ، فَطَهُرَتْ بِهِ فِي مِثْلِهِ قِيَاسًا عَلَيْهِ.
فَلَوْ تَنَجَّسَ بِالْغَسْلَةِ الرَّابِعَةِ مَثَلًا، غُسِلَ ثَلَاثُ غَسَلَاتٍ إحْدَاهُنَّ (بِتُرَابٍ إنْ لَمْ يَكُنْ) التُّرَابُ (اُسْتُعْمِلَ) فِيمَا سَبَقَ مِنْ الْغَسَلَاتِ (حَيْثُ اُشْتُرِطَ) التُّرَابُ، بِأَنْ كَانَتْ نَجَاسَةَ كَلْبٍ أَوْ خِنْزِيرٍ، أَوْ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَإِنْ كَانَ اُسْتُعْمِلَ فِيمَا قَبْلُ كَفَى (وَيُعْتَبَرُ الْعَصْرُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ) خَارِجَ الْمَاءِ (مَعَ إمْكَانِهِ) أَيْ: الْعَصْرِ (فِيمَا تَشَرَّبَ نَجَاسَةً لِيَحْصُلَ انْفِصَالُ الْمَاءِ عَنْهُ) أَيْ: عَنْ الْمَحَلِّ الْمُتَنَجِّسِ (وَلَا يَكْفِي تَجْفِيفُهُ بَدَلَ الْعَصْرِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ عَصْرُهُ، كَالزُّلَالِيِّ وَنَحْوِهَا) مِنْ كُلِّ مَا لَا يُمْكِنُ عَصْرُهُ (فَبِدَقِّهَا أَوْ دَوْسِهَا، وَتَقْلِيبِهَا أَوْ تَثْقِيلِهَا بِمَا يَفْصِلُ الْمَاءَ عَنْهَا) ، لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْعَصْرِ لِتَعَذُّرِهِ.
(وَلَوْ عُصِرَ الثَّوْبُ فِي مَاءٍ وَلَوْ جَارِيًا، وَلَمْ يَرْفَعْهُ مِنْهُ لَمْ يَطْهُرْ) لِعَدَمِ انْفِصَالِ الْمَاءِ عَنْهُ (فَإِذَا رَفَعَهُ مِنْهُ) وَلَوْ بَعْدَ عَصْرِهِ مَرَّاتٍ (فَهِيَ غَسْلَةٌ وَاحِدَةٌ، يَبْنِي عَلَيْهَا) وَيُتِمُّ السَّبْعَ (وَلَا يَكْفِي فِي الْعَدَدِ تَحْرِيكُهُ) أَيْ: الْإِنَاءِ (فِي الْمَاءِ وَخَضْخَضَتُهُ) وَلَوْ غُمِسَ الْإِنَاءُ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ لَمْ يَطْهُرْ، حَتَّى يَنْفَصِلَ عَنْهُ وَيُعَادَ إلَيْهِ الْعَدَدُ الْمُعْتَبَرُ.
(إنْ وَضَعَهُ) أَيْ: الثَّوْبَ وَنَحْوَهُ (فِي إنَاءٍ وَصَبَّ عَلَيْهِ الْمَاءَ فَغَسَلَهُ وَاحِدَةً يُبْنَى عَلَيْهَا) بَعْدَ عَصْرِهِ، حَتَّى يَحْصُلَ الْعَدَدُ الْمُعْتَبَرُ (وَيَطْهُرُ) الثَّوْبُ وَنَحْوُهُ بِذَلِكَ (نَصًّا) لِأَنَّ الْمَاءَ وَارِدٌ عَلَى مَحَلِّ التَّطْهِيرِ أَشْبَهَ مَا لَوْ صَبَّهُ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ إنَاءٍ وَإِنْ غُمِسَ النَّجِسُ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ، نَجُسَ الْمَاءُ، وَلَمْ يَطْهُرْ النَّجِسُ وَلَا يُعْتَدُّ بِهَا غَسْلَةً (وَعَصْرُ كُلِّ ثَوْبٍ) وَنَحْوِهِ (عَلَى قَدْرِ الْإِمْكَانِ، بِحَيْثُ لَا يَخَافُ عَلَيْهِ الْفَسَادَ) لِلنَّهْيِ عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ (وَمَا لَمْ يَتَشَرَّبْ) النَّجَاسَةَ (كَالْآنِيَةِ: يُطَهَّرُ بِمُرُورِ الْمَاءِ عَلَيْهِ وَانْفِصَالِهِ) عَنْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (وَلَا يَكْفِي مَسْحُهُ) أَيْ: الْمُتَنَجِّسِ (وَلَوْ كَانَ صَقِيلًا، كَسَيْفٍ وَنَحْوِهِ) كَمِرْآةٍ، لِعُمُومِ مَا سَبَقَ مِنْ الْأَمْرِ بِغَسْلِ الْأَنْجَاسِ.
وَالْمَسْحُ لَيْسَ غَسْلًا (فَلَوْ قُطِعَ بِهِ) أَيْ: بِالسَّيْفِ الْمُتَنَجِّسِ وَنَحْوِهِ بَعْدَ مَسْحِهِ (قَبْلَ غَسْلِهِ مِمَّا فِيهِ بَلَلٌ، كَبِطِّيخٍ وَنَحْوِهِ، نَجَّسَهُ) لِمُلَاقَاةِ الْبَلَلِ لِلنَّجَاسَةِ (فَإِنْ كَانَ) مَا قَطَعَهُ بِهِ (رَطْبًا لَا) بَلَلَ فِيهِ (كَجُبْنٍ وَنَحْوِهِ، فَلَا بَأْسَ بِهِ) كَمَا لَوْ قَطَعَ