المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل وإذا اختلف اجتهاد رجلين في جهة القبلة] - كشاف القناع عن متن الإقناع - ت مصيلحي - جـ ١

[البهوتي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَةُ الْكِتَابِ]

- ‌[لَمْ يُؤَلِّفْ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الْفِقْهِ كِتَابًا]

- ‌[كِتَابُ الطَّهَارَةِ]

- ‌[أَقْسَامُ الْمَاءِ]

- ‌[الْقِسْمُ الْأَوَّلُ الْمَاءُ الطَّهُور]

- ‌[فَصْل فِي الْقِسْمُ الثَّانِي الْمَاءِ الطَّاهِر غَيْرُ الْمُطَهِّر]

- ‌[فَصْل فِي الْقِسْم الثَّالِثُ مِنْ أَقْسَامِ الْمِيَاهِ الْمَاءُ نَجَسٌ]

- ‌[فَصْلٌ الْكَثِيرُ قُلَّتَانِ فَصَاعِدًا]

- ‌[فَصْلٌ الشَّكَّ فِي نَجَاسَةِ الْمَاء أَوْ غَيْرِهِ]

- ‌[بَابُ الْآنِيَةِ]

- ‌[بَابُ الِاسْتِطَابَةِ وَآدَابِ التَّخَلِّي]

- ‌[فَصْلٌ إذَا انْقَطَعَ بَوْلُهُ اُسْتُحِبَّ لَهُ مَسْحُ ذَكَرِهِ بِيَدِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الِاسْتِجْمَارُ بِكُلِّ طَاهِرٍ جَامِدٍ]

- ‌[بَابُ السِّوَاكِ وَغَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلُ الِامْتِشَاطِ وَالِادِّهَانِ فِي بَدَنٍ وَشَعْرٍ غِبًّا]

- ‌[بَابُ الْوُضُوءِ]

- ‌[فَصْلٌ يَنْوِيَ الْوُضُوءَ لِلصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا]

- ‌[فَصْلٌ يَغْسِلُ وَجْهَهُ]

- ‌[فَصْلٌ يَغْسِلُ يَدَيْهِ إلَى الْمَرْفِقَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ يَمْسَحُ جَمِيعَ ظَاهِرِ رَأْسِهِ]

- ‌[فَصْلٌ يَغْسِلُ رِجْلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّرْتِيبُ وَالْمُوَالَاةُ]

- ‌[فَصْلٌ سُنَنُ الْوُضُوءِ]

- ‌[بَابُ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ وَسَائِرِ الْحَوَائِلِ]

- ‌[بَابُ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ وَهِيَ مُفْسِدَاتُهُ]

- ‌[فَصْلٌ أَحْدَثَ حَدَثًا أَكْبَرَ أَوْ أَصْغَرَ]

- ‌[بَابُ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ وَمَا يُسَنُّ لَهُ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ لَزِمَهُ الْغُسْلُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ]

- ‌[فَصْلٌ أَحْكَام الْحَمَّام وَآدَاب دُخُولِهِ]

- ‌[بَابُ التَّيَمُّمِ]

- ‌[فَصْلٌ عَدِمَ الْمَاءَ وَظَنَّ وُجُودَهُ]

- ‌[فَصْلٌ وَلَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ إلَّا بِتُرَابٍ طَهُورٍ]

- ‌[فَصْلٌ فَرَائِضُ التَّيَمُّمِ عَنْ حَدَثٍ أَصْغَرَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُبْطِلَاتِ التَّيَمُّمِ]

- ‌[بَابُ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ الْحُكْمِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ وَتَطْهُرُ أَرْضٌ مُتَنَجِّسَةٌ بِمَائِعٍ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ نَجَاسَةٍ وَلَوْ لَمْ يُدْرِكْهَا الْبَصَرُ]

- ‌[بَابُ الْحَيْضِ وَالِاسْتِحَاضَةِ وَالنِّفَاسِ]

- ‌[فَصْلٌ وَالْمُبْتَدَأُ بِهَا الدَّمُ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُعْتَادَةُ إذَا اُسْتُحِيضَتْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّلْفِيقِ وَشَيْءٍ مِنْ أَحْكَامِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَنَحْوِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي النِّفَاسِ]

- ‌[كِتَابُ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ جَحَدَ وُجُوبَ صَلَاةٍ مِنْ الْخَمْسِ]

- ‌[بَابُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ]

- ‌[بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُدْرَكُ بِهِ أَدَاءُ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي قَضَاءِ الْفَوَائِتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[بَابُ سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَأَحْكَامُ اللِّبَاسِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا مَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا]

- ‌[فَصْلٌ لُبْسُ مَا فِيهِ صُورَةٌ]

- ‌[بَابُ اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ وَمَوَاضِعُ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي نُهِيَ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[بَابُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَبَيَانِ أَدِلَّتِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ]

- ‌[فَصْلٌ وَإِذَا اخْتَلَفَ اجْتِهَادُ رَجُلَيْنِ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ]

- ‌[بَابُ النِّيَّةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[بَابُ آدَابِ الْمَشْيِ إلَى الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَسْتَفْتِحُ الصَّلَاةَ سِرًّا]

- ‌[فَصْلٌ يَقْرَأُ الْبَسْمَلَةَ سِرًّا فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَرْفَعُ يَدَيْهِ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ يُصَلِّي الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ كَالرَّكْعَةِ الْأُولَى]

- ‌[فَصْل السَّلَامِ بَعْد التَّشَهُّدِ]

- ‌[فَصْل يُسَنُّ ذِكْرُ اللَّهِ وَالدُّعَاءُ وَالِاسْتِغْفَارُ عَقِبَ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُكْرَهُ وَمَا يُبَاحُ وَمَا يُسْتَحَبُّ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْل تَنْقَسِمُ أَقْوَالُ الصَّلَاةِ وَأَفْعَالُهَا إلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ]

- ‌[بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ]

- ‌[فَصْل فِي السُّجُودِ عَنْ نَقْصٍ فِي صَلَاتِهِ]

- ‌[فَصْل مَا يُشْرَعُ لَهُ سُجُودُ السَّهْوِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ]

- ‌[فَصْلٌ السُّنَنُ الرَّاتِبَةُ الَّتِي تُفْعَلُ مَعَ الْفَرَائِضِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّرَاوِيحُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ سَنَّهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ حِفْظُ الْقُرْآنِ]

- ‌[فَصْلٌ تُسْتَحَبُّ النَّوَافِلُ الْمُطْلَقَةُ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ صَلَاةُ الضُّحَى]

- ‌[فَصْلٌ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ الْأَوْقَاتِ الَّتِي نُهِيَ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ كَبَّرَ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ التَّسْلِيمَةَ الْأُولَى]

- ‌[فَصْلٌ الْأَوْلَى أَنْ يَشْرَعَ الْمَأْمُومُ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ بَعْدَ شُرُوعِ إمَامِهِ مِنْ غَيْرِ تَخَلُّفٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِمَامَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَوْقِفِ الْمَأْمُومِينَ خَلْفَ الْإِمَامِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الِاقْتِدَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَعْذَارِ الْمُبِيحَةِ لِتَرْكِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ أَهْلِ الْأَعْذَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقَصْرِ]

- ‌[فَصْلٌ نِيَّةُ الْقَصْرِ]

الفصل: ‌[فصل وإذا اختلف اجتهاد رجلين في جهة القبلة]

كُلِّ رِيحَيْنِ مِنْ الْأَرْبَعِ الْمَذْكُورَاتِ: رِيحٌ تُسَمَّى النَّكْبَاءُ لِتَنَكُّبِهَا طَرِيقَ الرِّيَاحِ الْمَعْرُوفَةِ وَلِكُلٍّ مِنْ هَذِهِ الرِّيَاحِ صِفَاتٌ وَخَوَاصٌّ تُمَيِّزُ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ عِنْدَ ذَوِي الْخِبْرَةِ بِهِ.

(وَمِنْهَا) أَيْ أَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ (الْجِبَالُ الْكِبَارُ، فَكُلُّهَا مُمْتَدَّةٌ عَنْ يَمْنَةِ الْمُصَلِّي إلَى يَسْرَتِهِ، وَهَذِهِ دَلَالَةٌ قَوِيَّةٌ) تُدْرَكُ بِالْحِسِّ (لَكِنْ تَضْعُفُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الْمُصَلِّي يَشْتَبِهُ عَلَيْهِ هَلْ يَجْعَلُ الْجَبَلَ الْمُمْتَدَّ خَلَفَهُ أَوْ قُدَّامَهُ؟ فَتَحْصُلُ الدَّلَالَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ وَالِاشْتِبَاهُ عَلَى جِهَتَيْنِ، هَذَا إذَا لَمْ يَعْرِفْ وَجْهَ الْجَبَلِ) فَإِنْ عَرَفَهُ اسْتَقْبَلَهُ.

(فَإِنَّ وُجُوهَ الْجِبَالِ إلَى الْقِبْلَةِ وَهُوَ) أَيْ وَجْهُ الْجَبَلِ (مَا فِيهِ مِصْعَدُهُ قَالَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَمِنْهَا) أَيْ الْأَدِلَّةِ (الْأَنْهَارُ الْكِبَارُ، غَيْرُ الْمَحْدُودَةِ) أَيْ الْمَحْفُورَةُ (كَدِجْلَةَ وَالْفُرَاتِ وَالنَّهْرَوَانِ) وَهُوَ جَيْحُونَ (وَغَيْرِهَا) كَالنِّيلِ (فَإِنَّهَا تَجْرِي عَنْ يَمْنَةِ الْمُصَلِّي إلَى يَسْرَتِهِ، إلَّا نَهْرًا بِخُرَاسَانَ وَهُوَ الْمَقْلُوبُ وَ) إلَّا (نَهْرًا بِالشَّامِ وَهُوَ الْعَاصِي، يَجْرِيَانِ عَنْ يَسْرَةِ الْمُصَلِّي إلَى يَمْنَتِهِ) .

قَالَ الْمُوَفَّقُ: وَهَذَا لَا يَنْضَبِطُ لِأَنَّ الْأُرْدُنَّ بِالشَّامِ يَجْرِي نَحْوَ الْقِبْلَةِ وَكَثِيرٌ مِنْهَا يَجْرِي نَحْوَ الْبَحْرِ يَصُبُّ فِيهِ (قُلْتُ وَالِاسْتِدْلَالُ بِالْأَنْهَارِ فَرْعٌ عَلَى الِاسْتِدْلَالِ بِالْجِبَالِ فَإِنَّهَا تَجْرِي فِي الْخِلَالِ الَّتِي بَيْنَ الْجِبَالِ مُمْتَدَّةً مَعَ امْتِدَادِهَا) وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الْجُمْلَةِ.

[فَصْلٌ وَإِذَا اخْتَلَفَ اجْتِهَادُ رَجُلَيْنِ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ]

فَصْلٌ (وَإِذَا اخْتَلَفَ اجْتِهَادُ رَجُلَيْنِ) يَعْنِي أَوْ امْرَأَتَيْنِ أَوْ خُنْثَيَيْنِ، أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وَلَوْ قَالَ مُجْتَهِدَيْنِ: لَعُلِمَ الْكُلُّ (فَأَكْثَرَ) مِنْ مُجْتَهِدَيْنِ (فِي جِهَتَيْنِ فَأَكْثَرَ) بِأَنْ ظَهَرَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا جِهَةً غَيْرَ الْجِهَةِ الَّتِي ظَهَرَتْ لِلْآخَرِ (لَمْ يَتْبَعْ وَاحِدٌ) مِنْهُمَا (صَاحِبَهُ) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَعْتَقِدُ خَطَأَ الْآخَرِ فَأَشْبَهَا الْعَالِمَيْنِ الْمُجْتَهِدَيْنِ فِي الْحَادِثَةِ إذَا اخْتَلَفَا وَالْقَاصِدَيْنِ رُكُوبُ الْبَحْرِ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّ أَحَدِهِمَا الْهَلَاكُ وَعَلَى ظَنِّ الْآخَرِ السَّلَامَةُ فَيَعْمَلُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِغَالِبِ ظَنِّهِ (وَلَمْ يَصِحَّ اقْتِدَاؤُهُ) أَيْ أَحَدَهُمَا (بِهِ) أَيْ بِالْآخَرِ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ بِاجْتِمَاعِهِمَا فِي الصَّلَاةِ خَطَأَ أَحَدِهِمَا فِي الْقِبْلَةِ فَتَبْطُلُ جَمَاعَتُهُمَا.

(فَإِنْ كَانَ) اخْتِلَافُ اجْتِهَادِهِمَا (فِي وِجْهَةٍ وَاحِدَةٍ، بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا يَمِينًا، وَ) قَالَ (الْآخَرُ شِمَالًا صَحَّ أَنْ يَأْتَمَّ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ، لِاتِّفَاقِ اجْتِهَادِهِمَا) فِي الْجِهَةِ، وَالْوَاجِبُ الِاجْتِهَادُ إلَى الْجِهَةِ وَقَدْ اتَّفَقَا عَلَيْهَا.

(وَمَنْ بَانَ) أَيْ ظَهَرَ (لَهُ الْخَطَأُ) فِي اجْتِهَادِهِ

ص: 310

وَهُوَ إمَامٌ أَوْ مَأْمُومٌ (انْحَرَفَ) إلَى الْجِهَةِ الَّتِي تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ إلَيْهَا لِأَنَّهَا تَرَجَّحَتْ فِي ظَنِّهِ فَتَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ (وَأَتَمَّ) صَلَاتَهُ وَلَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِئْنَافُ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ لَا يَنْقُضُ الِاجْتِهَادَ (وَيَنْوِي الْمَأْمُومُ مِنْهُمَا) أَيْ الْمُجْتَهِدِينَ اللَّذَيْنِ ائْتَمَّ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ، ثُمَّ بَانَ لِأَحَدِهِمَا الْخَطَأُ (الْمُفَارَقَةَ) لِإِمَامِهِ (لِلْعُذْرِ) الْمَانِعِ مِنْ اقْتِدَائِهِ بِهِ لِمَا تَقَدَّمَ (وَيَتْبَعُهُ مَنْ قَلَّدَهُ) أَيْ: يَلْزَمُ مَنْ قَلَّدَ الْمُجْتَهِدَ الَّذِي تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ أَنْ يَتْبَعَهُ إلَى الْجِهَةِ الَّتِي بَانَتْ لَهُ لِأَنَّ فَرْضَهُ التَّقْلِيدُ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ.

(فَإِنْ اجْتَهَدَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَجْتَهِدْ الْآخَرُ لَمْ يَتْبَعْهُ) حَيْثُ كَانَ قَادِرًا عَلَى الِاجْتِهَادِ، بَلْ يَجْتَهِدُ.

(وَيَتْبَعُ) وُجُوبًا (جَاهِلٌ بِأَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ) وَإِنْ كَانَ عَالِمًا فِي الْأَحْكَامِ: أَوْثَقَ الْمُجْتَهِدَيْنِ.

(وَ) يَتْبَعُ (أَعْمَى وُجُوبًا أَوْثَقَهُمَا) أَيْ الْمُجْتَهِدَيْنِ (فِي نَفْسِهِ عِلْمًا بِدَلَائِلِ الْقِبْلَةِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ لِأَنَّ الْأَقْرَبَ إصَابَةٌ فِي نَظَرِهِ، وَلَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي مُتَابَعَتِهِ وَقَدْ كُلِّفَ الْإِنْسَانُ فِي ذَلِكَ بِاتِّبَاعِ غَالِبِ ظَنِّهِ قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: بِخِلَافِ تَكْلِيفِ الْعَامِّيِّ تَقْلِيدُ الْأَعْلَمِ فِي الْأَحْكَامِ، فَأَنَّ فِيهِ حَرَجًا وَتَضْيِيقًا، ثُمَّ مَا زَالَ عَوَامُّ كُلِّ عَصْرٍ يُقَلِّدُ أَحَدُهُمْ لِهَذَا الْمُجْتَهِدِ فِي مَسْأَلَةٍ، وَلِلْآخَرِ فِي أُخْرَى وَالثَّالِثِ فِي ثَالِثَةٍ وَهَكَذَا وَهَكَذَا كَذَلِكَ إلَى مَا لَا يُحْصَى وَلَمْ يَنْقُلْ إنْكَارَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَلَا أَنَّهُمْ أُمِرُوا بِتَحَرِّي الْأَعْلَمِ وَالْأَفْضَلِ فِي نَظَرِهِمْ.

(فَإِنْ تَسَاوَيَا) أَيْ: الْمُجْتَهِدَانِ (عِنْدَهُ) أَيْ: عِنْدَ الْجَاهِلِ بِأَدِلَّتِهَا أَوْ الْأَعْمَى خُيِّرَ فَيُقَلِّدُ أَيَّهُمَا شَاءَ، (لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَفْضَلِيَّةٌ عَلَى غَيْرِهِ) حَتَّى يَتَرَجَّحَ عَلَيْهِ (فَإِنْ أَمْكَنَ الْأَعْمَى الِاجْتِهَادَ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَدِلَّةِ) كَالْأَنْهَارِ الْكِبَارِ غَيْرِ الْمَحْدُودَةِ وَالْجِبَالِ وَمَهَبَّاتِ الرِّيَاحِ (لَزِمَهُ) الِاجْتِهَادُ (وَلَمْ يُقَلِّدْ) لِقُدْرَتِهِ عَلَى الِاجْتِهَادِ.

(وَإِذَا صَلَّى الْبَصِيرُ فِي حَضَرٍ فَأَخْطَأَ، أَوْ) صَلَّى (الْأَعْمَى بِلَا دَلِيلٍ) بِأَنْ لَمْ يَسْتَخْبِرْ مَنْ يُخْبِرُهُ، وَلَمْ يَلْمِسْ الْمِحْرَابَ وَنَحْوَهُ، مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يَعْرِفَ بِهِ الْقِبْلَةَ (أَعَادَا) وَلَوْ أَصَابَا أَوْ اجْتَهَدَ الْبَصِيرُ، لِأَنَّ الْحَضَرَ لَيْسَ بِمَحِلِّ اجْتِهَادٍ، لِقُدْرَةِ مَنْ فِيهِ عَلَى الِاسْتِدْلَالِ بِالْمَحَارِيبِ وَنَحْوِهَا وَلِوُجُودِ مَنْ يُخْبِرُهُ عَنْ يَقِينٍ غَالِبًا وَإِنَّمَا وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ عَلَيْهِمَا لِتَفْرِيطِهِمَا بِعَدَمِ الِاسْتِخْبَارِ، أَوْ الِاسْتِدْلَالِ بِالْمَحَارِيبِ، مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ.

(فَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْأَعْمَى) مَنْ يُقَلِّدُهُ (أَوْ) لَمْ يَجِدْ (الْجَاهِلُ) مَنْ يُقَلِّدُهُ (أَوْ) لَمْ يَجِدْ (الْبَصِيرُ الْمَحْبُوسُ وَلَوْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ مَنْ يُقَلِّدُهُ صَلَّى بِالتَّحَرِّي) إلَى مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ جِهَةُ الْقِبْلَةِ (وَلَمْ يُعِدْ) أَخْطَأَ أَوْ أَصَابَ، لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا أُمِرَ بِهِ عَلَى وَجْهِهِ، فَسَقَطَتْ عَنْهُ الْإِعَادَةُ كَالْعَاجِزِ عَنْ الِاسْتِقْبَالِ.

(وَمَنْ صَلَّى بِالِاجْتِهَادِ) إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ (أَوْ التَّقْلِيدِ) إنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلَ اجْتِهَادٍ

ص: 311

(ثُمَّ عَلِمَ خَطَأَ الْقِبْلَةِ بَعْدَ فَرَاغِهِ، لَمْ يُعِدْ) لِأَنَّهُ أَتَى بِالْوَاجِبِ عَلَيْهِ عَلَى وَجْهِهِ، مَعَ عَدَمِ تَفْرِيطِهِ، فَسَقَطَ عَنْهُ وَلِأَنَّ خَفَاءَ الْقِبْلَةِ فِي الْأَسْفَارِ يَقَعُ كَثِيرًا لِوُجُودِ الْغُيُومِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْمَوَانِعِ فَإِيجَابُ الْإِعَادَةِ مَعَ ذَلِكَ فِيهِ حَرَجٌ وَهُوَ مُنْتَفٍ شَرْعًا.

(وَلَوْ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ بِاجْتِهَادٍ) بَعْدَ أَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ جِهَةَ الْقِبْلَةِ وَأَحْرَمَ (ثُمَّ شَكَّ لَمْ يَلْتَفِتْ إلَيْهِ) أَيْ: إلَى ذَلِكَ الشَّكِّ لِأَنَّهُ لَا يُسَاوِي غَلَبَةَ الظَّنِّ الَّتِي دَخَلَ بِهَا فِي الصَّلَاةِ (وَيَبْنِي) عَلَى صَلَاتِهِ.

(وَكَذَا إنْ زَادَ ظَنُّهُ) الْخَطَأُ (وَلَمْ يَبِنْ لَهُ الْخَطَأُ وَلَا ظَهَرَ لَهُ جِهَةٌ أُخْرَى) فَلَا يَلْتَفِتْ إلَيْهِ وَيَبْنِي.

(وَلَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ خَطَأُ الْجِهَةِ الَّتِي يُصَلِّي إلَيْهَا) بِأَنْ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ يُصَلِّي إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ (وَلَمْ يَظُنَّ جِهَةً غَيْرَهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ اسْتِدَامَتُهَا إلَى الْقِبْلَةِ وَلَيْسَتْ لَهُ جِهَةٌ يَتَوَجَّهُ إلَيْهَا، فَبَطَلَتْ لِتَعَذُّرِ إتْمَامِهَا.

(وَلَوْ أُخْبِرَ) مَنْ يُصَلِّي بِاجْتِهَادٍ أَوْ تَقْلِيدٍ (وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ بِالْخَطَأِ) فِي الْقِبْلَةِ (يَقِينًا) وَكَانَ الْمُخْبِرُ ثِقَةً (لَزِمَهُ قَبُولُهُ) بِأَنْ يَعْمَلَ بِهِ وَيَتْرُكَ الِاجْتِهَادَ أَوْ التَّقْلِيدَ كَمَا لَوْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ قَبْلَ اجْتِهَادِهِ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْإِخْبَارُ عَنْ يَقِينٍ (لَمْ يَجُزْ) لِلْمُجْتَهِدِ قَبُولُ خَبَرِهِ وَلَا الْعَمَلُ بِهِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُقَلِّدُ مُجْتَهِدٌ مُجْتَهِدًا خَالَفَهُ.

(وَإِنْ أَرَادَ) مُجْتَهِدٌ (صَلَاةً أُخْرَى) غَيْرَ الَّتِي صَلَّاهَا بِالِاجْتِهَادِ (اجْتَهَدَ لَهَا وُجُوبًا) فَيَجِبُ الِاجْتِهَادُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، لِأَنَّهَا وَاقِعَةٌ مُتَجَدِّدَةٌ فَتَسْتَدْعِي طَلَبًا جَدِيدًا، كَطَلَبِ الْمَاءِ فِي التَّيَمُّمِ، وَكَالْحَادِثَةِ فِي الْأَصَحِّ فِيهَا لِمُفْتٍ وَمُسْتَفْتٍ قُلْتُ فَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ: أَنَّ الْمُرَادَ صَلَاةً مِنْ الْفَرَائِضِ بِخِلَافِ النَّوَافِلِ، فَلَا يَلْزَمُهُ التَّحَرِّي لِكُلِّ رَكْعَتَيْنِ لَوْ أَرَادَ التَّنَفُّلَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلُ الثَّانِي: أَنَّهُ إذَا كَانَ مُقَلِّدًا لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُجَدِّدَ التَّقْلِيدَ لِكُلِّ صَلَاةٍ، كَمَا هُوَ مَفْهُومٌ مُجْتَهِدٌ (فَإِنْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ عَمَلَ بِ) الِاجْتِهَادِ.

(الثَّانِي) لِأَنَّهُ تَرَجَّحَ فِي ظَنِّهِ، فَصَارَ الْعَمَلُ بِهِ وَاجِبًا، فَيَسْتَدِيرُ إلَى الْجِهَةِ الَّتِي أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَيْهَا ثَانِيًا (وَلَمْ يُعِدْ مَا صَلَّى) بِ الِاجْتِهَادِ.

(الْأَوَّلِ) لِئَلَّا يُنْقَضُ الِاجْتِهَادُ بِالِاجْتِهَادِ، وَالْعَمَلُ بِالثَّانِي لَيْسَ نَقْضًا لِلْأَوَّلِ بَلْ لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى جِهَةٍ فَلَمْ تَجُزْ لَهُ الصَّلَاةُ إلَى جِهَةٍ غَيْرِهَا وَلِهَذَا قَالَ عُمَرُ لَمَّا قَضَى فِي الْمُشْرِكَةِ فِي الْعَامِ الثَّانِي بِخِلَافِ مَا قَضَى بِهِ فِي الْأَوَّلِ ذَاكَ عَلَى مَا قَضَيْنَا وَهَذَا عَلَى مَا نَقْضِي إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ: فَيَعْمَلُ بِالِاجْتِهَادِ.

الثَّانِي (وَلَوْ) كَانَ (فِي صَلَاةٍ وَبَنَى) عَلَى مَا عَمِلَهُ بِالِاجْتِهَادِ الْأَوَّلِ (نَصًّا) فَلَوْ فَرَضَ أَنَّهُ صَلَّى بِكُلِّ اجْتِهَادٍ رَكْعَةً مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ إلَى جِهَةٍ صَحَّتْ صَلَاتُهُ إلَى الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ لِمَا تَقَدَّمَ.

(وَإِنْ أَمْكَنَ الْمُقَلِّدُ) أَيْ: الْجَاهِلُ بِأَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ (تَعَلُّمُ الْأَدِلَّةِ وَالِاجْتِهَادِ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ، لَزِمَهُ ذَلِكَ) عِنْدَ

ص: 312