المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في بيان المواضع التي نهي عن الصلاة فيها وما يتعلق به] - كشاف القناع عن متن الإقناع - ت مصيلحي - جـ ١

[البهوتي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَةُ الْكِتَابِ]

- ‌[لَمْ يُؤَلِّفْ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الْفِقْهِ كِتَابًا]

- ‌[كِتَابُ الطَّهَارَةِ]

- ‌[أَقْسَامُ الْمَاءِ]

- ‌[الْقِسْمُ الْأَوَّلُ الْمَاءُ الطَّهُور]

- ‌[فَصْل فِي الْقِسْمُ الثَّانِي الْمَاءِ الطَّاهِر غَيْرُ الْمُطَهِّر]

- ‌[فَصْل فِي الْقِسْم الثَّالِثُ مِنْ أَقْسَامِ الْمِيَاهِ الْمَاءُ نَجَسٌ]

- ‌[فَصْلٌ الْكَثِيرُ قُلَّتَانِ فَصَاعِدًا]

- ‌[فَصْلٌ الشَّكَّ فِي نَجَاسَةِ الْمَاء أَوْ غَيْرِهِ]

- ‌[بَابُ الْآنِيَةِ]

- ‌[بَابُ الِاسْتِطَابَةِ وَآدَابِ التَّخَلِّي]

- ‌[فَصْلٌ إذَا انْقَطَعَ بَوْلُهُ اُسْتُحِبَّ لَهُ مَسْحُ ذَكَرِهِ بِيَدِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الِاسْتِجْمَارُ بِكُلِّ طَاهِرٍ جَامِدٍ]

- ‌[بَابُ السِّوَاكِ وَغَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلُ الِامْتِشَاطِ وَالِادِّهَانِ فِي بَدَنٍ وَشَعْرٍ غِبًّا]

- ‌[بَابُ الْوُضُوءِ]

- ‌[فَصْلٌ يَنْوِيَ الْوُضُوءَ لِلصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا]

- ‌[فَصْلٌ يَغْسِلُ وَجْهَهُ]

- ‌[فَصْلٌ يَغْسِلُ يَدَيْهِ إلَى الْمَرْفِقَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ يَمْسَحُ جَمِيعَ ظَاهِرِ رَأْسِهِ]

- ‌[فَصْلٌ يَغْسِلُ رِجْلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّرْتِيبُ وَالْمُوَالَاةُ]

- ‌[فَصْلٌ سُنَنُ الْوُضُوءِ]

- ‌[بَابُ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ وَسَائِرِ الْحَوَائِلِ]

- ‌[بَابُ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ وَهِيَ مُفْسِدَاتُهُ]

- ‌[فَصْلٌ أَحْدَثَ حَدَثًا أَكْبَرَ أَوْ أَصْغَرَ]

- ‌[بَابُ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ وَمَا يُسَنُّ لَهُ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ لَزِمَهُ الْغُسْلُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ]

- ‌[فَصْلٌ أَحْكَام الْحَمَّام وَآدَاب دُخُولِهِ]

- ‌[بَابُ التَّيَمُّمِ]

- ‌[فَصْلٌ عَدِمَ الْمَاءَ وَظَنَّ وُجُودَهُ]

- ‌[فَصْلٌ وَلَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ إلَّا بِتُرَابٍ طَهُورٍ]

- ‌[فَصْلٌ فَرَائِضُ التَّيَمُّمِ عَنْ حَدَثٍ أَصْغَرَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُبْطِلَاتِ التَّيَمُّمِ]

- ‌[بَابُ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ الْحُكْمِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ وَتَطْهُرُ أَرْضٌ مُتَنَجِّسَةٌ بِمَائِعٍ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ نَجَاسَةٍ وَلَوْ لَمْ يُدْرِكْهَا الْبَصَرُ]

- ‌[بَابُ الْحَيْضِ وَالِاسْتِحَاضَةِ وَالنِّفَاسِ]

- ‌[فَصْلٌ وَالْمُبْتَدَأُ بِهَا الدَّمُ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُعْتَادَةُ إذَا اُسْتُحِيضَتْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّلْفِيقِ وَشَيْءٍ مِنْ أَحْكَامِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَنَحْوِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي النِّفَاسِ]

- ‌[كِتَابُ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ جَحَدَ وُجُوبَ صَلَاةٍ مِنْ الْخَمْسِ]

- ‌[بَابُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ]

- ‌[بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُدْرَكُ بِهِ أَدَاءُ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي قَضَاءِ الْفَوَائِتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[بَابُ سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَأَحْكَامُ اللِّبَاسِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا مَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا]

- ‌[فَصْلٌ لُبْسُ مَا فِيهِ صُورَةٌ]

- ‌[بَابُ اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ وَمَوَاضِعُ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي نُهِيَ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[بَابُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَبَيَانِ أَدِلَّتِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ]

- ‌[فَصْلٌ وَإِذَا اخْتَلَفَ اجْتِهَادُ رَجُلَيْنِ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ]

- ‌[بَابُ النِّيَّةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[بَابُ آدَابِ الْمَشْيِ إلَى الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَسْتَفْتِحُ الصَّلَاةَ سِرًّا]

- ‌[فَصْلٌ يَقْرَأُ الْبَسْمَلَةَ سِرًّا فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَرْفَعُ يَدَيْهِ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ يُصَلِّي الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ كَالرَّكْعَةِ الْأُولَى]

- ‌[فَصْل السَّلَامِ بَعْد التَّشَهُّدِ]

- ‌[فَصْل يُسَنُّ ذِكْرُ اللَّهِ وَالدُّعَاءُ وَالِاسْتِغْفَارُ عَقِبَ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُكْرَهُ وَمَا يُبَاحُ وَمَا يُسْتَحَبُّ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْل تَنْقَسِمُ أَقْوَالُ الصَّلَاةِ وَأَفْعَالُهَا إلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ]

- ‌[بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ]

- ‌[فَصْل فِي السُّجُودِ عَنْ نَقْصٍ فِي صَلَاتِهِ]

- ‌[فَصْل مَا يُشْرَعُ لَهُ سُجُودُ السَّهْوِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ]

- ‌[فَصْلٌ السُّنَنُ الرَّاتِبَةُ الَّتِي تُفْعَلُ مَعَ الْفَرَائِضِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّرَاوِيحُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ سَنَّهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ حِفْظُ الْقُرْآنِ]

- ‌[فَصْلٌ تُسْتَحَبُّ النَّوَافِلُ الْمُطْلَقَةُ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ صَلَاةُ الضُّحَى]

- ‌[فَصْلٌ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ الْأَوْقَاتِ الَّتِي نُهِيَ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ كَبَّرَ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ التَّسْلِيمَةَ الْأُولَى]

- ‌[فَصْلٌ الْأَوْلَى أَنْ يَشْرَعَ الْمَأْمُومُ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ بَعْدَ شُرُوعِ إمَامِهِ مِنْ غَيْرِ تَخَلُّفٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِمَامَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَوْقِفِ الْمَأْمُومِينَ خَلْفَ الْإِمَامِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الِاقْتِدَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَعْذَارِ الْمُبِيحَةِ لِتَرْكِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ أَهْلِ الْأَعْذَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقَصْرِ]

- ‌[فَصْلٌ نِيَّةُ الْقَصْرِ]

الفصل: ‌[فصل في بيان المواضع التي نهي عن الصلاة فيها وما يتعلق به]

(لَزِمَتْهُ) إزَالَتَهُ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى إزَالَتِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ فَلَوْ صَلَّى مَعَهُ لَمْ تَصِحَّ.

(فَلَوْ مَاتَ مَنْ تَلْزَمُهُ إزَالَتُهُ) لِعَدَمِ خَوْفِهِ ضَرَرًا (أُزِيلَ) وُجُوبًا وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ مَا لَمْ يُغَطِّهِ اللَّحْمُ لِلْمُثْلَةِ (إلَّا مَعَ مُثْلَةٍ) فَلَا يَلْزَمُ إزَالَتُهُ لِأَنَّهُ يُؤْذِي الْمَيِّتَ مَا يُؤْذِي الْحَيَّ.

(وَإِنْ شَرِبَ) إنْسَانٌ (خَمْرًا وَلَمْ يَسْكَرْ غَسَلَ فَمَهُ) لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ عَنْهُ (وَصَلَّى وَلَا يَلْزَمُهُ الْقَيْءُ) وَكَذَا سَائِرُ النَّجَاسَاتِ إذَا حَصَلَتْ فِي الْجَوْفِ لِحُصُولِهَا فِي مَعْدِنِهَا الَّذِي يَسْتَوِي فِيهِ الطَّاهِرُ وَالنَّجِسُ مِنْ أَصْلِهِ.

(وَيُبَاحُ دُخُولُ الْبِيَعِ) جَمْعُ بَيْعَةٍ بِكَسْرِ الْبَاءِ (وَ) دُخُولُ (الْكَنَائِسِ الَّتِي لَا صُوَرَ فِيهَا وَ) تُبَاحُ (الصَّلَاةُ فِيهَا إذَا كَانَتْ نَظِيفَةً) .

رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَأَبِي مُوسَى لِخَبَرِ «جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» (وَتُكْرَهُ) الصَّلَاةُ (فِيمَا فِيهِ صُوَرٌ) بِيعَةً كَانَتْ أَوْ كَنِيسَةً لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ «لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ» .

وَقَالَ فِي الْإِنْصَافِ: وَلَهُ دُخُولُ بِيعَةٍ وَكَنِيسَةٍ وَالصَّلَاةُ فِيهِمَا مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ تُكْرَهُ، وَعَنْهُ مَعَ صُوَرٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ يَحْرُمُ دُخُولُهُ مَعَهَا وَوَجْهُ الْجَوَازِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ وَفِيهَا صُوَرٌ ثُمَّ قَدْ دَخَلَتْ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فَأَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ فَصَلِّ، فَإِنَّهُ مَسْجِدٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

(وَإِنْ سَقَطَتْ سِنٌّ) مِنْ آدَمِيٍّ (أَوْ) سَقَطَ (عُضْوٌ مِنْهُ فَأَعَادَهُ) أَيْ: مَا ذُكِرَ وَفِي نُسْخَةٍ فَأَعَادَهَا (أَوْ لَا) أَيْ: أَوْ لَمْ يُعِدْهَا صَحَّتْ صَلَاتُهُ بِهَا لِطَهَارَتِهِ (أَوْ جَعَلَ مَوْضِعَهُ) أَيْ: مَوْضِعَ سِنِّهِ (سِنَّ شَاةٍ وَنَحْوِهَا مُذَكَّاةٍ وَصَلَّى بِهِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ ثَبَتَتْ أَوْ لَمْ تَثْبُتْ لِطَهَارَتِهِ) أَمَّا سِنُّهُ وَعُضْوُهُ فَلِأَنَّ مَا أُبِينَ مِنْ حَيٍّ كَمَيْتَتِهِ وَمَيْتَةِ الْآدَمِيِّ طَاهِرَةً وَأَمَّا سِنُّ الْمُذَكَّاةِ فَوَاضِحٌ.

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي نُهِيَ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

ِ (وَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِي مَقْبَرَةٍ قَدِيمَةٍ أَوْ حَدِيثَةٍ، تَقَلَّبَ تُرَابُهَا أَوْ لَا) لِحَدِيثِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ مَرْفُوعًا «لَا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ، فَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ

ص: 293

(وَهِيَ مَدْفِنُ الْمَوْتَى) بُنِيَ لَفْظُهَا مِنْ لَفْظِ الْقَبْرِ، لِأَنَّ الشَّيْءَ إذَا كَثُرَ بِمَكَانٍ جَازَ أَنْ يُبْنَى لَهُ اسْمٌ مِنْ اسْمِهِ كَقَوْلِهِمْ: مَسْبَعَةٌ لِمَكَانٍ كَثُرَ فِيهِ السِّبَاعُ وَمَضْبَعَةٌ لِمَكَانٍ كَثُرَ فِيهِ الضِّبَاعُ وَهِيَ بِفَتْحِ الْمِيمِ مَعَ تَثْلِيثِ الْبَاءِ، لَكِنَّ الْفَتْحَ الْقِيَاسُ وَالضَّمَّ الْمَشْهُورُ وَالْكَسْرَ قَلِيلٌ، وَيَجُوزُ كَسْرُ الْمِيمِ وَفَتْحُ الْبَاءِ.

(وَلَا يَضُرُّ قَبْرٌ وَلَا قَبْرَانِ) أَيْ: لَا يَمْنَعُ مِنْ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُهَا اسْمُ الْمَقْبَرَةِ، وَإِنَّمَا الْمَقْبَرَةُ ثَلَاثَةُ قُبُورٍ فَصَاعِدًا، نَقَلَهُ فِي الِاخْتِيَارَاتِ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا قَالَ وَلَيْسَ فِي كَلَامِ أَحْمَدَ وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ: هَذَا الْفَرْقُ قَالَ وَقَالَ أَصْحَابُنَا: وَكُلُّ مَا دَخَلَ فِي اسْمِ الْمَقْبَرَةِ مِمَّا حَوْلَ الْقُبُورِ لَا يُصَلَّى فِيهِ.

(وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ إلَيْهِ) أَيْ: إلَى الْقَبْرِ (وَيَأْتِي) فِي الْبَابِ (وَلَا) يَضُرُّ أَيْ: لَا تُمْنَعُ الصَّلَاةُ فِي (مَا أُعِدَّ لِلدَّفْنِ فِيهِ، وَلَمْ يُدْفَنْ فِيهِ، وَلَا مَا دُفِنَ بِدَارِهِ) وَإِنْ كَثُرَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَقْبَرَةٍ (وَالْخَشْخَاشَةُ) : بَيْتٌ فِي الْأَرْضِ لَهُ سَقْفٌ يُقْبَرُ فِيهِ جَمَاعَةٌ لُغَةٌ عَامِّيَّةٌ قَالَهُ فِي الْحَاشِيَةِ (فِيهَا جَمَاعَةٌ) مِنْ الْمَوْتَى (قَبْرٌ وَاحِدٌ) اعْتِبَارًا بِهَا، لَا بِمَنْ فِيهَا (وَتَصِحَّ صَلَاةُ جِنَازَةٍ فِيهَا) أَيْ: الْمَقْبَرَةِ.

(وَلَوْ قَبْلَ الدَّفْنِ، بِلَا كَرَاهَةٍ) أَيْ: لَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ فِي الْمَقْبَرَةِ (وَالْمَسْجِدُ فِي الْمَقْبَرَةِ إنْ حَدَثَ بَعْدَهَا: كَهِيَ) أَيْ: لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهِ، غَيْرَ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَقْبَرَةِ (وَإِنْ حَدَثَتْ) الْمَقْبَرَةُ (بَعْدَهُ) أَيْ: الْمَسْجِدِ (حَوْلَهُ، أَوْ) حَدَثَتْ (فِي قِبْلَتِهِ، فَكَصَلَاةٍ إلَيْهَا) أَيْ: إلَى الْمَقْبَرَةِ، فَتُكْرَهُ بِلَا حَائِلٍ (وَلَوْ وُضِعَ الْقَبْرُ) أَيْ: دُفِنَ فِيهَا، بِحَيْثُ سُمِّيَتْ مَقْبَرَةً عَلَى مَا تَقَدَّمَ (وَالْمَسْجِدُ مَعًا لَمْ يَجُزْ فِيهِ، وَلَمْ يَصِحَّ الْوَقْفُ وَلَا الصَّلَاةُ، قَالَهُ) ابْنُ الْقَيِّمِ (فِي الْهَدْيِ) النَّبَوِيِّ، تَقْدِيمًا لِجَانِبِ الْحَظْرِ.

(وَلَا) تَصِحُّ (فِي حَمَّامٍ: دَاخِلَهُ وَخَارِجَهُ وَأَتُّونِهِ) أَيْ مَوْقِدِ النَّارِ (وَكُلِّ مَا يُغْلَقُ عَلَيْهِ الْبَابُ وَيَدْخُلُ فِي بَيْعٍ) لِشُمُولِ الِاسْمِ لِذَلِكَ كُلِّهِ وَذَلِكَ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا قَالَ: «جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا إلَّا الْمَقْبَرَةَ وَالْحَمَّامَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ، وَقَالَ أَسَانِيدُهُ صَحِيحَةٌ، وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ خَبَرٌ صَحِيحٌ.

(وَلَا) تَصِحُّ الصَّلَاةُ (فِي حَشٍّ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَضَمِّهَا (وَهُوَ مَا أُعِدَّ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ) وَلَوْ مَعَ طَهَارَتِهِ مِنْ النَّجَاسَةِ، وَهُوَ لُغَةً الْبُسْتَانُ، ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى مَحَلِّ قَضَاءِ الْحَاجَةِ لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانُوا يَقْضُونَ حَوَائِجَهُمْ فِي الْبَسَاتِينِ، وَهِيَ الْحُشُوشُ فَسُمِّيَتْ الْأَخْلِيَةُ فِي الْحَضَرِ حُشُوشًا (فَيُمْنَعُ مِنْ الصَّلَاةِ دَاخِلَ بَابِهِ وَمَوْضِعُ الْكَنِيفِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ) لِتَنَاوُلِ الِاسْمِ لَهُ لِأَنَّهُ لَمَّا مَنَعَ الشَّرْعُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَالْكَلَامِ فِيهِ كَانَ مَنْعُ الصَّلَاةِ فِيهِ مِنْ بَابٍ أَوْلَى.

(وَلَا) تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِي (أَعْطَانِ إبِلٍ وَهِيَ مَا تُقِيمُ فِيهِ، وَتَأْوِي إلَيْهِ) وَاحِدُهَا عَطَنٌ، بِفَتْحِ الطَّاءِ، وَهِيَ

ص: 294

الْمَعَاطِنُ: جَمْعُ مَعْطِنٌ بِكَسْرِهَا وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ: مَا رَوَى الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «صَلُّوا فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ وَلَا تُصَلُّوا فِي مَبَارِكِ الْإِبِلِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ.

وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ لَمْ نَرَ خِلَافًا بَيْنَ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ صَحِيحٌ (وَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ بِمَوَاضِعِ نُزُولِهَا) أَيْ: الْإِبِلِ (فِي سَيْرِهَا، وَ) لَا فِي (الْمَوَاضِعِ الَّتِي تَنَاخُ) الْإِبِلُ (فِيهَا لِعَلْفِهَا أَوْ وُرُودِهَا) الْمَاءَ لِأَنَّ اسْمَ الْأَعْطَانِ لَا يَتَنَاوَلُهَا، فَلَا تَدْخُلُ فِي النَّهْيِ.

(وَلَا) تَصِحُّ الصَّلَاةُ أَيْضًا (فِي مَجْزَرَةٍ، وَهُوَ مَا أُعِدَّ لِلذَّبْحِ فِيهِ)(وَلَا فِي مَزْبَلَةٍ، وَهِيَ مَرْمَى الزُّبَالَةِ، وَلَوْ طَاهِرَةً، وَلَا فِي قَارِعَةِ طَرِيقٍ وَهُوَ مَا كَثُرَ سُلُوكُهُ، سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ سَالِكٌ أَوْ لَا) لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «سَبْعُ مَوَاطِنَ لَا تَجُوزُ فِيهَا الصَّلَاةُ: ظَهْرُ بَيْتِ اللَّهِ وَالْمَقْبَرَةُ وَالْمَزْبَلَةُ، وَالْمَجْزَرَةُ، وَالْحَمَّامُ، وَمَعْطِنُ الْإِبِلِ، وَمَحَجَّةُ الطَّرِيقِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ لَيْسَ إسْنَادُهُ بِالْقَوِيِّ وَقَدْ رَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا.

(وَلَا بَأْسَ بِطَرِيقِ الْأَبْيَاتِ الْقَلِيلَةِ، وَبِمَا عَلَا عَنْ جَادَّةِ الطَّرِيقِ يَمْنَةً وَيَسْرَةً، نَصًّا) فَتَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهِ بِلَا كَرَاهَةٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَحَجَّةٍ (وَلَا) تَصِحُّ الصَّلَاةُ (فِي أَسْطِحَتِهَا) أَيْ: أَسْطِحَةِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي قُلْنَا لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهَا (كُلِّهَا) لِأَنَّ الْهَوَاءَ تَابِعٌ لِلْقَرَارِ، بِدَلِيلِ أَنَّ الْجُنُبَ يُمْنَعُ مِنْ اللُّبْثِ عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ وَأَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا يَحْنَثُ بِدُخُولِ سَطْحِهَا.

(وَ) لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِي (سَابَاطٍ عَلَى طَرِيقٍ) لِأَنَّ الْهَوَاءَ تَابِعٌ لِلْقَرَارِ لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَا عَلَى سَطْحِ نَهْرٍ) قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ لِأَنَّ الْمَاءَ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ كَالطَّرِيقِ.

(قَالَ الْقَاضِي: تَجْرِي فِيهِ سَفِينَةٌ) كَالطَّرِيقِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الْهَوَاءَ تَابِعٌ لِلْقَرَارِ، لِمَا تَقَدَّمَ (وَالْمُخْتَارُ) فِي الصَّلَاةِ عَلَى سَطْحِ النَّهْرِ (الصِّحَّةُ كَالسَّفِينَةِ قَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ) مُقْتَضَى الْمُنْتَهَى: لَا تَصِحُّ وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّفِينَةِ: بِأَنَّهَا مَظِنَّةُ الْحَاجَةِ.

(وَلَوْ حَدَثَ طَرِيقٌ أَوْ غَيْرُهُ مَنْ مَوَاضِعِ النَّهْيِ) كَعَطَنِ إبِلٍ وَحَشٍّ (تَحْتَ مَسْجِدٍ بَعْدَ بِنَائِهِ صَحَّتْ) الصَّلَاةُ (فِيهِ) أَيْ: فِي الْمَسْجِدَ لِأَنَّهُ لَمْ يَتْبَعْ مَا حَدَثَ بَعْدَهُ (وَالْمَنْعُ) مِنْ الصَّلَاةِ (فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ تَعَبُّدٌ) لَيْسَ مُعَلَّلًا بِوَهْمِ النَّجَاسَةِ وَلَا غَيْرِهِ لِنَهْيِ الشَّارِعِ عَنْهَا وَلَمْ يُعْقَلْ مَعْنَاهُ (وَلَا تَصِحُّ) صَلَاةٌ (فِي بُقْعَةِ غَصْبٍ مِنْ أَرْضٍ أَوْ حَيَوَانٍ بِأَنْ يَغْصِبَهُ) أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَرْضِ وَالْحَيَوَانِ (وَيُصَلِّيَ عَلَيْهِ) الْغَاصِبُ (أَوْ غَيْرُهُ) لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ أُتِيَ بِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فَلَمْ تَصِحَّ كَصَلَاةِ

ص: 295

الْحَائِضِ، قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَيُلْحَقُ بِهِ.

مَا إذَا أَخْرَجَ سَابَاطًا فِي مَوْضِعٍ لَا يَحِلُّ لَهُ (أَوْ) مِنْ (سَفِينَةٍ) غَصَبَهَا أَوْ غَصَبَ لَوْحًا فَجَعَلَهُ سَفِينَةً لَمْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ فِيهَا (وَلَا فَرْقَ بَيْنَ غَصْبِهِ لِرَقَبَةِ الْأَرْضِ) بِأَنْ يَسْتَوْلِيَ عَلَيْهَا قَهْرًا ظُلْمًا (أَوْ دَعْوَاهُ مِلْكِيَّتَهَا) أَيْ: مِلْكِيَّةَ رَقَبَتِهَا بِغَيْرِ حَقٍّ (وَبَيْنَ غَصْبِ مَنَافِعِهَا، بِأَنْ يَدَّعِيَ إجَارَتَهَا ظَالِمًا، أَوْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا مُدَّةً) ظُلْمًا (أَوْ يُخْرِجَ سَابَاطًا فِي مَوْضِعٍ لَا يَحِلُّ) إخْرَاجُهُ، كَأَنْ يُخْرِجَهُ فِي دَرْبٍ غَيْرِ نَافِذٍ بِلَا إذْنِ أَهْلِهِ، أَوْ فِي نَافِذٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ.

(وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَوْ) كَانَ الْمَغْصُوبُ (جُزْءًا مُشَاعًا فِيهَا) أَيْ: فِي الْبُقْعَةِ، فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهَا، فَإِنْ كَانَ الْغَصْبُ جُزْءًا مُعَيَّنًا تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِهِ وَحْدَهُ، فَإِنْ صَلَّى فِيهِ، لَمْ تَصِحَّ، وَإِنْ صَلَّى فِي غَيْرِهِ صَحَّتْ (أَوْ) أَيْ: لَا تَصِحَّ الصَّلَاةُ فِي الْبُقْعَةِ الْغَصْبِ، وَلَوْ (بَسَطَ عَلَيْهَا مُبَاحًا، أَوْ بَسَطَ غَصْبًا عَلَى مُبَاحٍ) جُزِمَ بِهِ فِي الْمُبْدِعِ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَسَطَ طَاهِرًا صَفِيقًا عَلَى حَرِيرٍ وَالْفَرْقُ: أَنَّهُ لَا يُعَدُّ مُسْتَعْمِلًا لِلْحَرِيرِ إذْنَ بِخِلَافِ الْبُقْعَةِ، فَإِنَّهُ حَالٌ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ تَحْتَهُ مُبَاحٌ (سِوَى جُمُعَةٍ وَعِيدٍ وَجِنَازَةٍ وَنَحْوِهَا مِمَّا تَكْثُرُ لَهُ الْجَمَاعَاتُ) كَكُسُوفٍ وَاسْتِسْقَاءٍ (فَيَصِحُّ فِيهَا) أَيْ فِي الْمَوَاضِعِ الْمُتَقَدِّمَةِ، كَالْمَقْبَرَةِ وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ وَنَحْوِهَا (كُلِّهَا ضَرُورَةً) أَيْ: لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ.

وَاَلَّذِي فِي الْمُنْتَهَى وَالْإِنْصَافِ، وَنَقَلَهُ عَنْ الْمُوَفَّقِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحِ وَالْمَجْدِ فِي شَرْحِهِ، وَصَاحِبِ الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ صِحَّةُ ذَلِكَ فِي الْغَصْبِ وَفِي الطَّرِيقِ إذَا اُضْطُرُّوا إلَيْهِ وَأَمَّا الْحَمَّامُ وَالْحَشُّ وَنَحْوُهُ فَيَبْعُدُ إلْحَاقُهُ بِذَلِكَ، قَالَ فِي الشَّرْحِ: قَالَ أَحْمَدُ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ فِي مَوْضِعِ الْغَصْبِ، يَعْنِي إذَا كَانَ الْجَامِعُ أَوْ بَعْضُهُ مَغْصُوبًا، صَحَّتْ الصَّلَاةُ فِيهِ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ تَخْتَصُّ بِبُقْعَةٍ، فَإِذَا صَلَّاهَا الْإِمَامُ فِي الْمَوْضِعِ الْمَغْصُوبِ، فَامْتَنَعَ النَّاسُ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ فَاتَتْهُمْ الْجُمُعَةُ وَكَذَلِكَ مَنْ امْتَنَعَ فَاتَتْهُ وَلِذَلِكَ صَحَّتْ خَلْفَ الْخَوَارِجِ وَالْمُبْتَدِعَةِ، وَصَحَّتْ فِي الطَّرِيقِ لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْأَعْيَادُ وَالْجِنَازَةُ.

(وَتَصِحُّ) الصَّلَاةُ (عَلَى رَاحِلَةٍ فِي طَرِيقٍ) عَلَى مَا يَأْتِي تَفْصِيلُهُ لِصَلَاتِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْبَعِيرِ.

(وَ) تَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَى (نَهْرٍ جَمَدَ مَاؤُهُ) جَزَمَ بِهِ ابْنُ تَمِيمٍ وَقَدَّمَ فِي الْإِنْصَافِ: أَنَّهُ كَالطَّرِيقِ (وَإِنْ غَيَّرَ هَيْئَةَ مَسْجِدٍ فَكَغَصْبِهِ) فِي صَلَاتِهِ فِيهِ، قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ لَوْ صَلَّى غَيْرُهُ فِيهِ صَحَّتْ، لِأَنَّهُ مُبَاحٌ لَهُ (وَإِنْ مَنَعَ الْمَسْجِدَ غَيْرَهُ وَصَلَّى هُوَ فِيهِ، أَوْ زَحَمَهُ، أَوْ صَلَّى مَكَانَهُ حَرُمَتْ) أَيْ: حَرُمَ عَلَيْهِ مَنْعُهُ الْغَيْرُ، لِأَنَّهُ ظُلْمٌ (وَصَحَّتْ) صَلَاتُهُ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ مُبَاحٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنَّمَا الْمُحَرَّمُ عَلَيْهِ مَنْعُ

ص: 296

الْغَيْرِ، أَوْ مُزَاحَمَتُهُ لِإِقَامَتِهِ، فَعَادَ النَّهْيُ إلَى خَارِجٍ وَقَالَ فِي التَّنْقِيحِ،.

فِيمَنْ أَقَامَ غَيْرَهُ وَصَلَّى مَكَانَهُ قَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ تَقْتَضِي عَدَمَ الصِّحَّةِ.

وَفِي الرِّعَايَةِ: وَإِنْ لَمْ يُغَيِّرْ هَيْئَتَهُ، لَكِنْ مَنَعَ النَّاسَ الصَّلَاةَ فِيهِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ، مَعَ الْكَرَاهَةِ وَتَبِعَهُ فِي الْمُبْدِعِ، وَزَادَ فِي الْأَصَحِّ وَلَا يَضْمَنُهُ بِذَلِكَ (وَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْهِجْرَةُ مِنْ أَرْضٍ) لِكُفْرِ أَهْلِهَا، وَعَجْزِهِ عَنْ إظْهَارِ دِينِهِ، أَوْ كَوْنِهِمْ أَهْلَ بِدْعَةٍ ضَالَّةٍ كَذَلِكَ (لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إعَادَةُ مَا صَلَّى بِهَا) لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ إقَامَتِهِ بِهَا لَا يَخْتَصُّ الصَّلَاةَ.

(وَيَصِحُّ الْوُضُوءُ وَالْأَذَانُ وَإِخْرَاجُ الزَّكَاةِ وَالصَّوْمُ وَالْعُقُودُ) كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَغَيْرِهِمَا وَالْفُسُوخُ كَالطَّلَاقِ وَالْخُلْعِ وَالْعِتْقِ (فِي مَكَانِ غَصْبٍ) لِأَنَّ الْبُقْعَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا فِيهَا، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ (وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ فِي بُقْعَةٍ أَبْنِيَتُهَا غَصْبٌ وَلَوْ اسْتَنَدَ) إلَى الْأَبْنِيَةِ لِإِبَاحَةِ الْبُقْعَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الصَّلَاةِ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ فِي الْمُبْدِعِ: وَتُكْرَهُ وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ مَا يُبْنَى بِحَرِيمِ الْأَنْهَارِ مِنْ مَسَاجِدَ وَبُيُوتٍ لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ الْبِنَاءُ بِهَا وَأَمَّا الْبُقْعَةُ فَعَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ.

(وَ) تَصِحُّ (صَلَاةُ مَنْ طُولِبَ بِرَدِّ وَدِيعَةٍ أَوْ) رَدِّ (غَصْبٍ قَبْلَ دَفْعِهَا إلَى رَبِّهَا) وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لَا يَخْتَصُّ الصَّلَاةَ.

(وَ) تَصِحُّ (صَلَاةُ مَنْ أَمَرَهُ سَيِّدُهُ أَنْ يَذْهَبَ إلَى مَكَان، فَخَالَفَهُ وَأَقَامَ) لِمَا تَقَدَّمَ.

(وَلَوْ تَقَوَّى عَلَى أَدَاءِ عِبَادَةٍ) مِنْ صَلَاةٍ أَوْ صَوْمٍ وَنَحْوِهِ (بِأَكْلِ مُحَرَّمٍ صَحَّتْ) عِبَادَتُهُ لِأَنَّ النَّهْيَ لَا يَعُودُ إلَى الْعِبَادَةِ وَلَا إلَى شُرُوطِهَا، فَهُوَ إلَى خَارِجٍ عَنْهَا وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي فَسَادَهَا لَكِنْ لَوْ حَجَّ بِغَصْبٍ عَالِمًا ذَاكِرًا، لَمْ يَصِحَّ حَجُّهُ عَلَى الْمَذْهَبِ.

(وَلَوْ صَلَّى عَلَى أَرْضِ غَيْرِهِ وَلَوْ) كَانَتْ (مَزْرُوعَةً بِلَا ضَرَرٍ) وَلَا غَصْبٍ (أَوْ) صَلَّى (عَلَى مُصَلَّاةٍ بِلَا غَصْبٍ وَلَا ضَرَرٍ جَازَ) وَصَحَّتْ صَلَاتُهُ (وَتَقَدَّمَ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ) .

وَيَأْتِي فِي الْجُمُعَةِ: لَوْ صَلَّى عَلَى مُصَلًّى مَفْرُوشٍ لِغَيْرِهِ لَمْ تَصِحَّ وَجَوَابُهُ (وَإِنْ صَلَّى فِي غَصْبٍ) مِنْ بُقْعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (جَاهِلًا) كَوْنَهُ غَصْبًا (أَوْ نَاسِيًا كَوْنَهُ غَصْبًا) صَحَّتْ لِأَنَّهُ غَيْرُ آثِمٍ (أَوْ حُبِسَ بِهِ) أَيْ: الْمَكَانِ الْغَصْبِ (صَحَّتْ) صَلَاتُهُ لِحَدِيثِ «عُفِيَ لِأُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» (وَيُصَلِّي فِيهَا) أَيْ: الْمَقْبَرَةِ وَالْحَمَّامِ وَغَيْرِهَا مِمَّا تَقَدَّمَ (كُلِّهَا لِعُذْرٍ) كَأَنْ حُبِسَ بِحَمَّامٍ أَوْ حَشٍّ وَنَحْوِهِ.

قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي

ص: 297

فِيهَا مَنْ أَمْكَنَهُ الْخُرُوجُ، وَلَوْ فَاتَ الْوَقْتُ (وَلَا يُعِيدُ) مَنْ صَلَّى فِيهَا لِعُذْرٍ لِصِحَّةِ صَلَاتِهِ وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ زَالَ الْعُذْرُ فِي الْوَقْتِ وَخَرَجَ مِنْهَا، كَالْمُتَيَمِّمِ يَجِدُ الْمَاءَ بَعْدَ الصَّلَاةِ (وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ إلَيْهَا) أَيْ: إلَى الْمَقْبَرَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ الْمَوَاضِعِ الْمَنْهِيِّ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا لِمَا رَوَى أَبُو يَزِيدَ الْغَنَوِيُّ: أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «لَا تُصَلُّوا إلَى الْقُبُورِ وَلَا تَجْلِسُوا إلَيْهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ قَالَ الْقَاضِي: وَيُقَاسُ عَلَى ذَلِكَ جَمِيعُ مَوَاضِعَ النَّهْيِ، إلَّا الْكَعْبَةَ.

وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْهُ تَعَبُّدٌ، وَشَرْطُ الْقِيَاسِ فَهْمُ الْمَعْنَى (مَا لَمْ يَكُنْ حَائِلٌ وَلَوْ كَمُؤَخِّرَةِ رَحْلٍ، وَلَيْسَ كَسُتْرَةِ الصَّلَاةِ، فَلَا يَكْفِي حَائِطُ الْمَسْجِدِ) جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْمَجْدُ، وَابْنُ تَمِيمٍ وَالنَّاظِمُ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ، وَغَيْرِهِمْ لِكَرَاهَةِ السَّلَفِ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدٍ فِي قِبْلَتِهِ حُشٌّ وَظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَالْمُبْدِعِ وَغَيْرِهِمَا يَكْفِي حَائِطُ الْمَسْجِدِ وَتَأَوَّلَ ابْنُ عَقِيلٍ النَّصَّ عَلَى سِرَايَةِ النَّجَاسَةِ تَحْتَ مَقَامِ الْمُصَلِّي وَاسْتَحْسَنَهُ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ (وَلَا) يَكْفِي (الْخَطُّ وَنَحْوُهُ) وَلَا مَا دُونَ مُؤَخِّرَةِ رَحْلٍ (بَلْ) الْحَائِلُ هُنَا (كَسُتْرَةِ الْمُتَخَلِّي) فَيُعْتَبَرُ بِمُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ (وَإِنْ غُيِّرَتْ أَمَاكِنُ النَّهْيِ، غَيْرُ الْغَصْبِ بِمَا يُزِيلُ اسْمَهَا، كَجَعْلِ الْحَمَّامِ دَارًا، أَوْ مَسْجِدًا، أَوْ نَبْشِ الْمَوْتَى مَنْ الْمَقْبَرَةِ، وَتَحْوِيلِ عِظَامِهِمْ، وَنَحْوِ ذَلِكَ) .

كَجَعْلِ الْمَزْبَلَةِ أَوْ الْمَجْزَرَةِ دَارًا (صَحَّتْ الصَّلَاةُ فِيهَا) لِأَنَّهَا خَرَجَتْ بِذَلِكَ عَنْ أَنْ تَكُونَ مَوَاضِعَ النَّهْيِ.

(وَتَصِحُّ) الصَّلَاةُ (فِي أَرْضِ السِّبَاخِ) نَصَّ عَلَيْهِ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: مَعَ الْكَرَاهَةِ.

(وَ) تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِي (الْأَرْضِ الْمَسْخُوطِ عَلَيْهَا، كَأَرْضِ الْخَسْفِ، وَكُلِّ بُقْعَةٍ نَزَلَ بِهَا عَذَابٌ، كَأَرْضِ بَابِلَ وَأَرْضِ الْحِجْرِ وَمَسْجِدِ الضِّرَارِ) لِأَنَّهُ مَوْضِعٌ مَسْخُوطٌ عَلَيْهِ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ مَرَّ بِالْحِجْرِ «لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُعَذَّبِينَ إلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ» .

(وَفِي الْمَدْبَغَةِ وَالرَّحَى وَ) تَصِحَّ الصَّلَاةُ (عَلَيْهَا) أَيْ: عَلَى الرَّحَى (مَعَ الْكَرَاهَةِ فِيهِنَّ) أَيْ: فِي تِلْكَ الْمَسَائِلِ.

(وَ) تَصِحُّ الصَّلَاةُ (عَلَى الثَّلْجِ بِحَائِلٍ أَوْ لَا، إذَا وُجِدَ حَجْمُهُ) لِاسْتِقْرَارِ أَعْضَاءِ السُّجُودِ (وَكَذَا حَشِيشٌ وَقُطْنٌ مُنْتَفِشٌ) تَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ إذَا وُجِدَ حَجْمُهُ (وَإِنْ لَمْ يَجِدْ حَجْمَهُ لَمْ تَصِحَّ) صَلَاتُهُ، لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ الْجَبْهَةِ عَلَيْهِ.

(وَلَا يُعْتَبَرُ كَوْنُ مَا يُحَاذِي الصَّدْرَ مُسْتَقِرًّا فَلَوْ حَاذَاهُ رَوْزَنَةٌ وَنَحْوُهَا) كَطَاقٍ (صَحَّتْ) صَلَاتُهُ لِأَنَّ الصَّدْرَ لَيْسَ مِنْ أَعْضَاءِ السُّجُودِ (بِخِلَافِ مَا تَحْتَ الْأَعْضَاءِ) أَيْ: الَّتِي يَجِبُ السُّجُودُ عَلَيْهَا فَلَا تَصِحُّ إنْ حَاذَتْ رَوْزَنَةً

ص: 298

وَنَحْوَهَا (أَوْ صَلَّى فِي الْهَوَاءِ، أَوْ فِي أُرْجُوحَةٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُسْتَقِرِّ الْقَدَمَيْنِ عَلَى الْأَرْضِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُضْطَرًّا) إلَى الصَّلَاةِ كَذَلِكَ (كَالْمَصْلُوبِ) وَالْمَرْبُوطِ لِلْعُذْرِ.

(وَتُكْرَهُ) الصَّلَاةُ (فِي مَقْصُورَةٍ تَحْمِي) لِلسُّلْطَانِ وَحْدَهُ (نَصًّا) قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ إنَّمَا كَرِهَ الْمَقْصُورَةَ لِأَنَّهَا كَانَتْ تَخْتَصُّ بِالظَّلَمَةِ وَأَبْنَاءِ الدُّنْيَا فَكَرِهَ الِاجْتِمَاعَ بِهِمْ قَالَ وَقِيلَ: كَرِهَهَا لِقُصُورِهَا عَلَى أَتْبَاعِ السُّلْطَانِ وَمَنْعِ غَيْرِهِمْ وَتَصِيرُ كَالْمَوْضِعِ الْغَصْبِ.

(وَيُصَلِّي فِي مَوْضِعٍ نَجِسٍ لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ) بِأَنْ حُبِسَ فِيهِ (وَيَسْجُدُ بِالْأَرْضِ وُجُوبًا، إنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ يَابِسَةً) تَقْدِيمًا لِرُكْنِ السُّجُودِ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ وَمُجْمَعٌ عَلَى فَرِيضَتِهِ وَعَلَى عَدَمِ سُقُوطِهِ بِخِلَافِ مُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ رَطْبَةً (أَوْمَأَ غَايَةَ مَا يُمْكِنُهُ وَجَلَسَ عَلَى قَدَمَيْهِ) لِضَرُورَةِ الْجُلُوسِ (وَلَا يَضَعُ عَلَى الْأَرْضِ غَيْرَهُمَا) أَيْ: غَيْرَ الْقَدَمَيْنِ، لِلِاكْتِفَاءِ بِهِمَا عَمَّا سِوَاهُمَا.

(وَكَذَا مَنْ هُوَ فِي مَاءٍ وَطِينٍ) يُومِئُ كَمَصْلُوبٍ وَمَرْبُوطٍ لِحَدِيثِ «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» .

(وَلَا تَصِحُّ الْفَرِيضَةُ فِي الْكَعْبَةِ) الْمُشَرَّفَةِ (وَلَا عَلَى ظَهْرِهَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 144] وَالشَّطْرُ: الْجِهَةُ وَمَنْ صَلَّى فِيهَا أَوْ عَلَى سَطْحِهَا غَيْرَ مُسْتَقْبِلٍ لِجِهَتِهَا، وَلِأَنَّهُ يَكُونُ مُسْتَدْبِرًا مِنْ الْكَعْبَةِ مَا لَوْ اسْتَقْبَلَهُ مِنْهَا وَهُوَ خَارِجُهَا صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَلِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ الصَّلَاةِ عَلَى ظَهْرِهَا وَقَدْ وَرَدَ صَرِيحًا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِيمَا سَبَقَ وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى النَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا لِأَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي الْمَعْنَى.

وَالْجِدَارُ لَا أَثْرَ لَهُ، إذْ الْمَقْصُودُ الْبُقْعَةُ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُصَلِّي لِلْبُقْعَةِ حَيْثُ لَا جِدَارَ (إلَّا إذَا وَقَفَ عَلَى مُنْتَهَاهَا) أَيْ الْكَعْبَةِ - وَفِي نُسَخٍ مُنْتَهَاهُ - أَيْ: الْبَيْتِ الْحَرَامِ أَوْ ظَهْرِهِ (بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ وَرَاءَهُ شَيْءٌ مِنْهَا، أَوْ صَلَّى خَارِجَهَا) أَيْ: الْكَعْبَةِ (وَسَجَدَ فِيهَا) فَيَصِحُّ فَرْضُهُ لِأَنَّهُ مُسْتَقْبِلٌ لِطَائِفَةٍ مِنْ الْكَعْبَةِ غَيْرُ مُسْتَدْبِرٍ لِشَيْءٍ مِنْهَا فَصَحَّتْ كَمَا لَوْ صَلَّى إلَى أَحَدِ أَرْكَانِهَا (وَيَصِحُّ نَذْرُ الصَّلَاةِ فِيهَا) أَيْ: الْكَعْبَةِ (وَعَلَيْهَا) كَالنَّافِلَةِ وَقَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ: وَإِنْ نَذَرَ الصَّلَاةَ فِي الْكَعْبَةِ جَازَ كَمَا لَوْ نَذَرَ الصَّلَاةَ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَإِنْ نَذَرَ الصَّلَاةَ مُطْلَقًا، اُعْتُبِرَ فِيهَا شُرُوطُ الْفَرِيضَةِ، لِأَنَّ النَّذْرَ الْمُطْلَقَ يُحْذَى بِهِ حَذْوَ الْفَرَائِضِ اهـ.

وَعِبَارَةُ الْمُنْتَهَى: وَتَصِحُّ نَافِلَةٌ وَمَنْذُورَةٌ

ص: 299

فِيهَا وَعَلَيْهَا (وَ) تَصِحَّ (نَافِلَةٌ) فِيهَا وَعَلَيْهَا (بَلْ يُسَنُّ التَّنَفُّلُ فِيهَا وَالْأَفْضَلُ) أَنْ يَتَنَفَّلَ (وِجَاهَهُ إذَا دَخَلَ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «دَخَلَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم الْبَيْتَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَبِلَالٌ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ فَأَغْلَقُوا عَلَيْهِمْ فَلَمَّا فَتَحُوا كُنْتُ أَوَّلَ مَنْ وَلَجَ فَلَقِيتُ بِلَالًا فَسَأَلْتُهُ هَلْ صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الْكَعْبَةِ؟ قَالَ: رَكْعَتَيْنِ بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ، عَنْ يَسَارِكَ إذَا دَخَلْتَ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى فِي وَجْهِ الْكَعْبَةِ رَكْعَتَيْنِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلَفْظُهُ لِلْبُخَارِيِّ.

وَأَمَّا مَا رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أُسَامَةَ أَيْضًا وَالْبُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُصَلِّ فِي الْكَعْبَةِ فَجَوَابُهُ: أَنَّ الدُّخُولَ كَانَ مَرَّتَيْنِ فَلَمْ يُصَلِّ فِي الْأُولَى وَصَلَّى فِي الثَّانِيَةِ كَذَا رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ (وَلَوْ صَلَّى لِغَيْرِ وِجَاهِهِ إذَا دَخَلَ جَازَ) كَمَا لَوْ صَلَّى وِجَاهَهُ لِأَنَّ كُلَّ جِهَةٍ مِنْ جِهَاتِهَا قِبْلَةٌ.

(إذَا كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ شَيْءٌ مِنْهَا شَاخِصٌ، يَتَّصِلُ بِهَا كَالْبِنَاءِ وَالْبَابِ وَلَوْ مَفْتُوحًا، أَوْ عَتَبَتُهُ الْمُرْتَفِعَةُ فَلَا اعْتِبَارَ بِالْآجُرِّ الْمُعَبَّى مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ، وَلَا الْخَشَبِ غَيْرِ الْمَسْمُورِ وَنَحْوِ ذَلِكَ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّصِلٍ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَاخِصًا) مُتَّصِلًا (وَسُجُودُهُ عَلَى مُنْتَهَاهَا لَمْ تَصِحَّ) صَلَاتُهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ إلَى شَيْءٍ مِنْ الْكَعْبَةِ.

(وَإِنْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ شَيْءٌ مِنْهَا) أَيْ الْكَعْبَةِ (إذَا سَجَدَ، وَلَكِنْ مَا ثَمَّ شَاخِصٌ لَمْ تَصِحَّ) صَلَاتُهُ (أَيْضًا، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ) قَالَهُ فِي التَّنْقِيحِ (وَعَنْهُ تَصِحُّ) صَلَاتُهُ اخْتَارَهُ الْمُوَفَّقُ فِي الْمُغْنِي، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَالْفَائِقُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ فِي الْخُطْبَةِ ذَكَرَهُ فِي الْإِنْصَافِ وَهُوَ مَعْنَى مَا قُطِعَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى.

(وَالْحِجْرُ) بِكَسْرِ الْحَاءِ (مِنْهَا) أَيْ: مِنْ الْكَعْبَةِ لِخَبَرِ عَائِشَةَ (وَقَدْرُهُ سِتَّةُ أَذْرُعٍ وَشَيْءٌ) قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الْحِجْرُ جَمِيعُهُ لَيْسَ مِنْ الْبَيْتِ وَإِنَّمَا الدَّاخِلُ فِي حُدُودِ الْبَيْتِ سِتَّةُ أَذْرُعٍ وَشَيْءٌ فَمَنْ اسْتَقْبَلَ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ أَلْبَتَّةَ اهـ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الطَّوَافِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ خُرُوجِهِ عَنْهُ جَمِيعِهِ احْتِيَاطًا وَيَأْتِي (فَيَصِحُّ التَّوَجُّهُ إلَيْهِ) أَيْ: إلَى ذَلِكَ الْقَدْرِ مِنْ الْحِجْرِ لِأَنَّهُ مِنْ الْبَيْتِ أَشْبَهَ سَائِرَهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُتَوَجِّهُ إلَيْهِ مَكِّيًّا أَوْ غَيْرَهُ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الصَّلَاةُ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا.

(وَيُسَنُّ التَّنَفُّلُ فِيهِ) أَيْ: فِي الْحِجْرِ لِخَبَرِ، عَائِشَةَ (وَأَمَّا الْفَرْضُ فِيهِ) أَيْ: الْحِجْرِ (فَكَّ) الْفَرْضِ (دَاخِلَهَا) لَا يَصِحُّ إلَّا إذَا وَقَفَ عَلَى مُنْتَهَاهُ، بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ وَرَاءَهُ شَيْءٌ مِنْهُ أَوْ وَقَفَ خَارِجَهُ وَسَجَدَ فِيهِ.

(وَلَوْ نُقِضَ) أَوْ سَقَطَ (بِنَاءُ الْكَعْبَةِ وَجَبَ اسْتِقْبَالُ مَوْضِعِهَا وَهَوَائِهَا، دُونَ أَنْقَاضِهَا) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْبُقْعَةُ لَا الْأَنْقَاضُ.

(وَلَوْ صَلَّى عَلَى

ص: 300