الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَنَعَتْنِي الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ فَقَالَ: تَحِيضِي فِي عِلْمِ اللَّهِ سِتًّا أَوْ سَبْعًا، ثُمَّ اغْتَسِلِي» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ وَعَمَلًا بِالْغَالِبِ وَلِأَنَّهَا تُرَدُّ إلَى غَالِبِ الْحَيْضِ وَقْتًا فَكَذَا قَدْرًا وَتُفَارِقُ الْمُبْتَدَأَةَ فِي جُلُوسِهَا الْأَقَلِّ، مِنْ حَيْثُ إنَّهَا أَوَّلُ مَا تَرَى الدَّمَ تَرْجُو انْكِشَافَ أَمْرِهَا عَنْ قُرْبٍ.
وَلَمْ يُتَيَقَّنْ لَهَا دَمٌ فَاسِدٌ وَإِذَا عُلِمَ اسْتِحَاضَتُهَا، فَقَدْ اخْتَلَطَ الْحَيْضُ بِالْفَاسِدِ يَقِينًا، وَلَيْسَ ثَمَّ قَرِينَةٌ فَلِذَلِكَ رُدَّتْ إلَى الْغَالِبِ، عَمَلًا بِالظَّاهِرِ (وَيُعْتَبَرُ فِي حَقِّهَا) أَيْ: الْمُبْتَدَأَةِ (تَكْرَارُ الِاسْتِحَاضَةِ نَصًّا) بِخِلَافِ الْمُعْتَادَةِ (فَتَجْلِسُ) الْمُبْتَدَأَةُ الَّتِي جَاوَزَ دَمُهَا أَكْثَرَ الْحَيْضِ (قَبْلَ تَكْرَارِهِ) أَيْ: الدَّمِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ (أَقَلَّهُ) أَيْ: أَقَلَّ الْحَيْضِ، لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ، وَمَا زَادَ مَشْكُوكٌ فِيهِ كَغَيْرِ الْمُسْتَحَاضَةِ (وَلَا تَبْطُلُ دَلَالَةُ التَّمْيِيزِ بِزِيَادَةِ الدَّمَيْنِ) أَيْ: الدَّمِ الَّذِي يَصْلُحُ حَيْضًا كَالْأَسْوَدِ أَوْ الثَّخِينِ أَوْ الْمُنْتِنِ، إذَا بَلَغَ يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَلَمْ يُجَاوِزْ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَالدَّمِ الْآخَرِ (عَلَى شَهْرٍ) هِلَالِيٍّ أَوْ ثَلَاثِينَ يَوْمًا بِأَنْ كَانَ الْأَسْوَدُ مِثْلَهَا عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَالْأَحْمَرُ ثَلَاثِينَ لِأَنَّ الْأَحْمَرَ بِمَنْزِلَةِ الطُّهْرِ وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ لِمَا تَقَدَّمَ.
[فَصْلٌ الْمُعْتَادَةُ إذَا اُسْتُحِيضَتْ]
(فَصْلٌ) لَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْمُسْتَحَاضَةِ غَيْرِ الْمُعْتَادَةِ، أَخَذَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْمُعْتَادَةِ إذَا اُسْتُحِيضَتْ، مُقَدِّمًا عَلَى ذَلِكَ تَعْرِيفَ الْمُسْتَحَاضَةِ وَحُكْمَهَا الْعَامَّ فَقَالَ:(الْمُسْتَحَاضَةُ هِيَ الَّتِي تَرَى دَمًا لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ حَيْضًا وَلَا نِفَاسًا) هَكَذَا فِي الشَّرْحِ وَالْمُبْدِعِ.
قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: وَالْمُسْتَحَاضَةُ مَنْ جَاوَزَ دَمُهَا أَكْثَرَ الْحَيْضِ، وَالدَّمُ الْفَاسِدُ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ انْتَهَى أَيْ: مِنْ الِاسْتِحَاضَةِ فَعَلَى كَلَامِ الْإِنْصَافِ: مَا نَقَصَ عَنْ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، وَمَا تَرَاهُ الْحَامِلُ لِأَقْرَبِ الْوِلَادَةِ، وَمَا تَرَاهُ قَبْلَ تَمَامِ تِسْعِ سِنِينَ: دَمُ فَسَادٍ لَا تَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُ الِاسْتِحَاضَةِ بِخِلَافِهِ عَلَى الْأَوَّلِ (وَحُكْمُهَا) أَيْ: الْمُسْتَحَاضَةِ (حُكْمُ الطَّاهِرَاتِ) أَيْ: الْخَالِيَاتِ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ (فِي وُجُوبِ الْعِبَادَاتِ وَفِعْلِهَا) لِأَنَّهَا نَجَاسَةٌ غَيْرُ مُعْتَادَةٍ أَشْبَهَتْ سَلَسَ الْبَوْلِ.
وَلِلْمُسْتَحَاضَةِ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ أَحَدُهَا أَنْ تَكُونَ مُعْتَادَةً فَقَطْ، وَقَدْ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ (وَإِنْ اُسْتُحِيضَتْ مُعْتَادَةٌ رَجَعَتْ، إلَى عَادَتِهَا) لِتَعْمَلَ بِهَا لِمَا يَأْتِي
الْحَالُ الثَّانِي أَنْ تَكُونَ مُعْتَادَةً مُمَيِّزَةً وَأَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ كَانَتْ مُمَيِّزَةً) بَعْضَ دَمِهَا أَسْوَدَ أَوْ ثَخِينٍ أَوْ مُنْتِنٍ فَتُقَدَّمُ الْعَادَةُ عَلَى التَّمْيِيزِ، سَوَاءٌ (اتَّفَقَ تَمْيِيزُهَا وَعَادَتُهَا) بِأَنْ تَكُونَ عَادَتُهَا أَرْبَعَةً مَثَلًا مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ، وَكَانَ دَمُ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ أَسْوَدَ، وَدَمُ بَاقِي الشَّهْرِ أَحْمَرَ (أَوْ اخْتَلَفَا) أَيْ: الْعَادَةُ، وَالتَّمْيِيزُ، وَسَوَاءٌ كَانَ الِاخْتِلَافُ (بِمُدَاخَلَةٍ) بِأَنْ تَكُونَ عَادَتُهَا سِتَّةَ أَيَّامٍ، مِنْ أَوَّلِ الْعَشْرِ الْأَوْسَطِ مِنْ الشَّهْرِ، فَتَرَى فِي أَوَّلِ الْعَشْرِ أَرْبَعَةً أَسْوَدَ وَبَاقِي الشَّهْرِ أَحْمَرَ فَتَجْلِسُ السِّتَّةَ كُلَّهَا مِنْ أَوَّلِ الْعَشْرِ (أَوْ مُبَايَنَةٍ) بِأَنْ تَكُونَ عَادَتُهَا مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ فَتَرَى الدَّمَ الصَّالِحَ لِلْحَيْضِ فِي آخِرِهِ فَتَجْلِسُ عَادَتَهَا.
ثُمَّ تَغْتَسِلُ بَعْدَهَا، وَتَتَوَضَّأُ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ وَتُصَلِّي، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «دَعِي الصَّلَاةَ قَدْرَ الْأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا، ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ الْعَادَةَ أَقْوَى لِأَنَّهَا لَا تَبْطُلُ دَلَالَتُهَا بِخِلَافِ اللَّوْنِ إذْ زَادَ عَلَى أَكْثَرِ الْحَيْضِ بَطَلَتْ دَلَالَتُهُ وَالْعَادَةُ ضَرْبَانِ: مُتَّفِقَةٌ، بِأَنْ تَكُونَ أَيَّامًا مُتَسَاوِيَةً، كَسَبْعَةٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ فَإِذَا اُسْتُحِيضَتْ جَلَسَتْهَا وَمُخْتَلِفَةٌ، وَهِيَ قِسْمَانِ: مُرَتَّبَةٌ، بِأَنْ تَرَى فِي شَهْرٍ ثَلَاثَةً وَفِي الثَّانِي أَرْبَعَةً وَفِي الثَّالِثِ خَمْسَةً ثُمَّ تَعُودُ إلَى مِثْلِ ذَلِكَ فَهَذِهِ إذَا اُسْتُحِيضَتْ فِي شَهْرٍ وَعَرَفَتْ نَوْبَتَهُ عَمِلَتْ عَلَيْهِ، وَإِنْ نَسِيَتْ نَوْبَتَهُ جَلَسَتْ الْأَقَلَّ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي بَقِيَّةَ الشَّهْرِ وَإِنْ عَلِمَتْ أَنَّهُ غَيْرُ الْأَوَّلِ وَشَكَّتْ هَلْ هُوَ الثَّانِي أَوْ الثَّالِثُ جَلَسَتْ أَرْبَعَةً لِأَنَّهَا الْيَقِينُ.
ثُمَّ تَجْلِسُ فِي الشَّهْرَيْنِ الْآخَرَيْنِ ثَلَاثَةً ثَلَاثَةً وَفِي الرَّابِعِ أَرْبَعَةً ثُمَّ تَعُودُ إلَى الثَّلَاثَةِ كَذَلِكَ أَبَدًا وَيَكْفِيهَا غُسْلٌ وَاحِدٌ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ الَّتِي جَلَسَتْهَا، كَالنَّاسِيَةِ وَصَحَّحَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا الْغُسْلُ أَيْضًا عِنْدَ مُضِيِّ أَكْثَرِ عَادَتِهَا، وَغَيْرُ الْمُرَتَّبَةِ، كَأَنْ تَحِيضَ فِي شَهْرٍ ثَلَاثَةً.
وَفِي الثَّانِي خَمْسَةً وَفِي الثَّالِثِ أَرْبَعَةً فَإِنْ أَمْكَنَ ضَبْطُهُ بِحَيْثُ لَا يَخْتَلِفُ هُوَ فَالْحُكْمُ فِيهِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ ضَبْطُهُ جَلَسَتْ الْأَقَلَّ فِي كُلِّ شَهْرٍ وَاغْتَسَلَتْ عَقِبَهُ (وَنَقْصُ الْعَادَةِ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَكْرَارٍ) لِأَنَّهُ رُجُوعٌ إلَى الْأَصْلِ وَهُوَ الْعَدَمُ.
(فَلَوْ نَقَصَتْ عَادَتُهَا ثُمَّ اُسْتُحِيضَتْ بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ النَّقْصِ (فَإِنْ كَانَتْ عَادَتُهَا عَشَرَةَ) أَيَّامٍ (فَرَأَتْ) الدَّمَ (سَبْعَةً ثُمَّ اُسْتُحِيضَتْ فِي الشَّهْرِ الْآخَرِ جَلَسَتْ السَّبْعَةَ) لِأَنَّهَا الَّتِي اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهَا عَادَتُهَا
الْحَالُ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ لَهَا عَادَةٌ وَتَمْيِيزٌ وَتَنْسَى الْعَادَةَ، وَقَدْ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ:(وَإِنْ نَسِيَتْ الْعَادَةَ عَمِلَتْ بِالتَّمْيِيزِ الصَّالِحِ) لَأَنْ يَكُونَ حَيْضًا وَتَقَدَّمَ، لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ «إذَا كَانَ دَمَ الْحَيْضِ فَإِنَّهُ أَسْوَدُ يُعْرَفُ فَأَمْسِكِي عَنْ الصَّلَاةِ فَإِذَا كَانَ الْآخَرَ فَتَوَضَّئِي فَإِنَّمَا هُوَ عِرْقٌ» وَلِأَنَّهَا مُسْتَحَاضَةٌ وَلَا تَعْلَمُ لَهَا عَادَةً تَلْزَمُهَا الْعَمَلُ بِالتَّمْيِيزِ كَالْمُبْتَدَأَةِ.
(وَلَوْ تَنَقَّلَ) التَّمْيِيزُ بِأَنْ كَانَتْ تَرَاهُ تَارَةً فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ وَتَارَةً فِي وَسَطِهِ وَتَارَةً فِي آخِرِهِ (مِنْ غَيْرِ تَكْرَارٍ) أَيْ: تَعْمَلُ بِالتَّمْيِيزِ وَلَوْ لَمْ يَتَكَرَّرْ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُبْتَدَأَةِ لِعُمُومِ الْخَبَرِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا تَمْيِيزٌ) بِأَنْ كَانَ الدَّمُ عَلَى نَسَقٍ وَاحِدٍ (أَوْ كَانَ) لَهَا تَمْيِيزٌ (وَ) لَكِنَّهُ (لَيْسَ بِصَالِحٍ) بِأَنْ نَقَصَ عَنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، أَوْ جَاوَزَ خَمْسَةَ عَشَرَ (فَهِيَ الْمُتَحَيِّرَةُ) لِأَنَّهَا قَدْ تَحَيَّرَتْ، فِي حَيْضِهَا بِجَهْلِ الْعَادَةِ وَعَدَمِ التَّمْيِيزِ وَهَذَا هُوَ الْحَالُ الرَّابِعُ وَلَا (تَفْتَقِرُ اسْتِحَاضَتُهَا إلَى تَكْرَارٍ) بِخِلَافِ الْمُبْتَدَأَةِ (أَيْضًا) أَيْ: كَمَا أَنَّ تَمْيِيزَهَا لَا يَفْتَقِرُ إلَى تَكْرَارٍ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَلِلْمُتَحَيِّرَةِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ نَاسِيَةً لِلْعَدَدِ فَقَطْ (تَجْلِسُ غَالِبَ الْحَيْضِ إنْ اتَّسَعَ شَهْرُهَا لَهُ) بِأَنْ كَانَ عِشْرِينَ يَوْمًا فَأَكْثَرَ لِحَدِيثِ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ وَهِيَ امْرَأَةٌ كَبِيرَةٌ قَالَهُ أَحْمَدُ وَلَمْ يَسْأَلْهَا عَنْ تَمْيِيزِهَا وَلَا عَادَتِهَا فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنْ تَكُونَ نَاسِيَةً فَتَرُدُّ إلَى غَالِبِ الْحَيْضِ إنَاطَةً لِلْحُكْمِ بِالْأَكْثَرِ كَمَا تَرُدُّ الْمُعْتَادَةُ لِعَادَتِهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَتَّسِعْ شَهْرُهَا لِغَالِبِ الْحَيْضِ (جَلَسَتْ الْفَاضِلَ) مِنْ شَهْرِهَا (بَعْدَ أَقَلِّ الطُّهْرِ كَأَنْ يَكُونَ شَهْرُهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَإِنَّهَا تَجْلِسُ الزَّائِدَ عَنْ أَقَلِّ الطُّهْرَيْنِ الْحَيْضَتَيْنِ فَقَطْ) لِئَلَّا يَنْقُصَ الطُّهْرُ عَنْ أَقَلِّهِ (وَهُوَ) أَيْ: مَا تَجْلِسُهُ (هُنَا) أَيْ: فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ (خَمْسَةُ أَيَّامٍ) لِأَنَّهَا الْبَاقِي مِنْ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ بَعْدَ الثَّلَاثَةَ عَشَرَ فَتَجْلِسُهَا فَقَطْ (لِئَلَّا يَنْقُصَ الطُّهْرُ عَنْ أَقَلِّهِ) فَيَخْرُجَ عَنْ كَوْنِهِ طُهْرًا.
(وَإِنْ جَهِلَتْ شَهْرَهَا جَلَسَتْهُ) أَيْ غَالِبَ الْحَيْضِ (مِنْ) كُلِّ (شَهْرٍ) لِلْخَبَرِ (هِلَالِيٍّ) لِأَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (وَشَهْرُ الْمَرْأَةِ هُوَ) الزَّمَنُ (الَّذِي يَجْتَمِعُ لَهَا فِيهِ حَيْضٌ وَطُهْرٌ صَحِيحَانِ) أَيْ: تَامَّانِ (وَأَقَلُّ ذَلِكَ: أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا) بِلَيَالِيِهَا (يَوْمٌ) بِلَيْلَتِهِ (لِلْحَيْضِ) لِأَنَّهُ أَقَلُّهُ (وَثَلَاثَةَ عَشَرَ) يَوْمًا بِلَيَالِيِهَا (لِلطُّهْرِ) لِأَنَّهَا أَقَلُّهُ (وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ) أَيْ: شَهْرِ الْمَرْأَةِ لِمَا تَقَدَّمَ: أَنَّهُ لَا حَدَّ لِأَكْثَرِ الطُّهْرِ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ (وَغَالِبُهُ) أَيْ: شَهْرِ الْمَرْأَةِ (الشَّهْرُ الْهِلَالِيُّ) لِأَنَّ غَالِبَ الْحَيْضِ سِتٌّ أَوْ سَبْعٌ وَغَالَبَ الطُّهْرِ بَقِيَّةُ الشَّهْرِ.
وَتَقَدَّمَ (وَلَا تَكُونُ) الْمَرْأَةُ (مُعْتَادَةً حَتَّى تَعْرِفَ شَهْرَهَا) الَّذِي تَحِيضُ فِيهِ وَتَطْهُرُ فِيهِ (وَ) تَعْرِفَ (وَقْتَ حَيْضِهَا وَطُهْرِهَا)
مِنْهُ بِأَنْ تَعْرِفَ أَنَّهَا تَحِيضُ خَمْسَةً مَثَلًا مِنْ ابْتِدَائِهِ وَتَطْهُرُ فِي بَاقِيهِ (وَيَتَكَرَّرُ) حَيْضُهَا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، لِأَنَّ الْعَادَةَ لَا تَثْبُتُ بِدُونِهَا كَمَا تَقَدَّمَ الْحَالُ الثَّانِي أَنْ تَكُونَ عَالِمَةً بِالْعَدَدِ نَاسِيَةً لِلْمَوْضِعِ وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ.
(وَإِنْ عَلِمَتْ عَدَدَ أَيَّامِهَا) أَيْ: أَيَّامِ حَيْضِهَا (وَنَسِيَتْ مَوْضِعَهَا) بِأَنْ لَمْ تَدْرِ أَكَانَتْ تَحِيضُ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ أَوْ وَسَطِهِ أَوْ آخِرِهِ؟ (جَلَسَتْهَا) أَيْ أَيَّامَ حَيْضِهَا (مِنْ أَوَّلِ كُلِّ شَهْرٍ هِلَالِيٍّ) لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ حَيْضَةَ حَمْنَةَ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَالصَّلَاةَ فِي بَقِيَّتِهِ وَلِأَنَّ دَمَ الْحَيْضِ جُبْلَةٌ وَالِاسْتِحَاضَةُ عَارِضَةٌ، فَإِذَا رَأَتْهُ وَجَبَ تَقْدِيمُ دَمِ الْحَيْضِ الْحَالُ الثَّالِثُ النَّاسِيَةُ لِلْعَدَدِ وَالْمَوْضِعِ، وَهِيَ الْمُرَادَةُ بِقَوْلِهِ:(وَكَذَا مَنْ عَدِمَتْهُمَا) أَيْ: عَدِمَتْ الْعِلْمَ بِعَدَدِ حَيْضِهَا وَمَوْضِعِهِ، فَتَجْلِسُ غَالِبَ الْحَيْضِ مِنْ أَوَّلِ كُلِّ شَهْرٍ هِلَالِيٍّ لِمَا تَقَدَّمَ (فَإِنْ عَرَفَتْ ابْتِدَاءَ الدَّمِ) بِأَنْ عَلِمَتْ أَنَّ الدَّمَ كَانَ يَأْتِيهَا فِي أَوَّلِ الْعَشْرِ الْأَوْسَطِ مِنْ الشَّهْرِ وَأَوَّلِ النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْهُ وَنَحْوِهِ.
(فَهُوَ أَوَّلُ دَوْرِهَا) فَتَجْلِسُ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَتْ نَاسِيَةً لِلْعَدَدِ فَقَطْ وَالْمَوْضِعِ (وَمَا جَلَسَتْهُ نَاسِيَةً) لِلْعَدَدِ أَوْ الْمَوْضِعِ أَوْ هُمَا (مِنْ حَيْضٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ، كَحَيْضٍ يَقِينًا) فِيمَا يُوجِبُهُ وَيَمْنَعُهُ، وَعَدَمِ قَضَاءِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ بِخِلَافِ النِّفَاسِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ لِمَشَقَّةِ تَكَرُّرِهِ (وَمَا زَادَ عَلَى مَا تَجْلِسُهُ إلَى أَكْثَرِهِ) أَيْ: الْحَيْضِ (كَطُهْرٍ مُتَيَقَّنٍ) .
قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَالْحَيْضُ وَالطُّهْرُ مَعَ الشَّكِّ فِيهِمَا كَالْيَقِينِ فِيمَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ وَيُكْرَهُ وَيَجِبُ وَيُسْتَحَبُّ وَيُبَاحُ وَيَسْقُطُ وَعَنْهُ يُكْرَهُ الْوَطْءُ فِي طُهْرٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ، كَالِاسْتِحَاضَةِ (وَغَيْرِهِمَا) أَيْ: غَيْرِ زَمَنِ الْحَيْضِ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ إلَى أَكْثَرِ الْحَيْضِ وَهُوَ نِصْفُ الشَّهْرِ الْبَاقِي إنْ حَيَّضْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَهْرٍ (اسْتِحَاضَةً) لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ حَيْضًا وَلَا نِفَاسًا (وَإِنْ ذَكَرَتْ) الْمُسْتَحَاضَةُ النَّاسِيَةُ لِعَادَتِهَا (عَادَتَهَا رَجَعَتْ إلَيْهَا) فَتَجْلِسُهَا لِأَنَّ تَرْكَ الْجُلُوسِ فِيهَا إنَّمَا كَانَ لِعَارِضِ النِّسْيَانِ وَإِذَا زَالَ الْعَارِضُ رَجَعَتْ إلَى الْأَصْلِ.
(وَقَضَتْ الْوَاجِبَ زَمَنَ الْعَادَةِ الْمَنْسِيَّةِ) كَأَنْ كَانَتْ صَامَتْ فَرْضًا فِيهَا، فَتَقْضِيهِ، لِعَدَمِ صِحَّتِهِ، لِمُوَافَقَةِ زَمَنِ الْحَيْضِ (وَ) قَضَتْ الْوَاجِبَ أَيْضًا (زَمَنَ جُلُوسِهَا فِي غَيْرِهَا) فَتَقْتَضِي الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ وَنَحْوَهُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِزَمَنِ حَيْضٍ (وَكَذَا الْحُكْمُ فِي كُلِّ مَوْضِعِ حَيْضِ مَنْ لَا عَادَةَ لَهَا وَلَا تَمْيِيزَ، مِثْلُ الْمُبْتَدَأَةِ إذَا لَمْ تَعْرِفْ وَقْتَ ابْتِدَاءِ دَمِهَا وَلَا تَمْيِيزَ لَهَا) فَإِنَّهَا تَجْلِسُ غَالِبَ الْحَيْضِ بَعْدَ تَكَرُّرِهِ مِنْ أَوَّلِ كُلِّ شَهْرٍ هِلَالِيٍّ، وَإِذَا ذَكَرَتْ وَقْتَ
ابْتِدَاءِ دَمِهَا رَجَعَتْ إلَيْهِ وَقَضَتْ الْوَاجِبَ زَمَنَهُ وَزَمَنَ جُلُوسِهَا فِي غَيْرِهِ.
(وَإِنْ عَلِمَتْ) الْمُسْتَحَاضَةُ عَدَدَ (أَيَّامِهَا فِي وَقْتٍ مِنْ الشَّهْرِ) كَأَنْ عَلِمَتْ أَنَّ حَيْضَهَا سِتَّةُ أَيَّامٍ فِي الشَّهْرِ (وَنَسِيَتْ مَوْضِعَهَا) بِأَنْ لَمْ تَدْرِ أَهِيَ فِي أَوَّلِهِ أَوْ فِي آخِرِهِ؟ (فَإِنْ كَانَتْ أَيَّامُهَا نِصْفَ الْوَقْتِ) الَّذِي عَلِمَتْ أَنَّ حَيْضَهَا فِيهِ (فَأَقَلَّ) مِنْ نِصْفِهِ (فَحَيْضُهَا مِنْ أَوَّلِهَا) فَإِذَا عَلِمَتْ أَنَّ حَيْضَهَا كَانَ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ الشَّهْرِ، فَإِنَّهَا تَجْلِسُ مِنْ أَوَّلِهِ (أَوْ بِالتَّحَرِّي) أَيْ: لِلِاجْتِهَادِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي ذَلِكَ، وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهَا مِنْ أَوَّلِهَا كَمَا قَطَعَ بِهِ مَنْ قَالَ (وَلَيْسَ لَهَا حَيْضٌ بِيَقِينٍ) بَلْ حَيْضُهَا مَشْكُوكٌ فِيهِ.
(وَإِنْ زَادَتْ) أَيَّامُهَا (عَلَى النِّصْفِ) مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي عَلِمَتْ الْحَيْضَ فِيهِ (مِثْلُ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ حَيْضَهَا سِتَّةُ أَيَّامٍ مِنْ الْعَشْرِ الْأُوَلِ) مِنْ الشَّهْرِ (ضُمَّ الزَّائِدُ) عَلَى النِّصْفِ (وَهُوَ) فِي الْمِثَالِ (يَوْمٌ) لِأَنَّ نِصْفَ الْعَشَرَةِ خَمْسَةٌ (إلَى مِثْلِهِ مِمَّا قَبْلَهُ وَهُوَ يَوْمٌ، فَيَكُونَانِ) أَيْ: الْخَامِسُ وَالسَّادِسُ (حَيْضًا بِيَقِينٍ) إذْ لَا يُحْتَمَلُ خِلَافُهُ (يَبْقَى لَهَا أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ) تَتِمَّةَ عَادَتِهَا (فَإِنْ جَلَسَتْهَا مِنْ الْأَوَّلِ) عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ (كَانَ حَيْضُهَا مِنْ أَوَّلِ الْعَشْرِ إلَى آخِرِ السَّادِسِ مِنْهَا يَوْمَانِ) وَهُمَا الْخَامِسُ وَالسَّادِسُ (حَيْضٌ بِيَقِينٍ وَالْأَرْبَعَةُ حَيْضٌ مَشْكُوكٌ فِيهِ) وَالْأَرْبَعَةُ الْبَاقِيَةُ طُهْرٌ مَشْكُوكٌ فِيهِ.
(وَإِنْ جَلَسَتْ بِالتَّحَرِّي) عَلَى الْوَجْهِ الْمُقَابِلِ لِقَوْلِ الْأَكْثَرِ (فَأَدَّاهَا اجْتِهَادُهَا إلَى أَنَّهَا مِنْ أَوَّلِ الْعَشْرِ فَهِيَ كَاَلَّتِي ذَكَرْنَا) فَيَكُونَ حَيْضُهَا مِنْ أَوَّلِ الْعَشْرِ إلَى آخِرِ السَّادِسِ مِنْهَا يَوْمَانِ حَيْضٌ بِيَقِينٍ، وَالْأَرْبَعَةُ (حَيْضٌ مَشْكُوكٌ فِيهِ) وَالْيَوْمَانِ قَبْلَهَا حَيْضًا بِيَقِينٍ (وَالْأَرْبَعَةُ الْأُولَى طُهْرٌ مَشْكُوكٌ فِيهِ.
وَإِنْ قَالَتْ: حَيْضَتِي سَبْعَةُ أَيَّامٍ مِنْ الْعَشْرِ) الْأُوَلِ أَوْ الْوَسَطِ أَوْ الْأَخِيرِ (فَقَدْ زَادَتْ) أَيَّامُهَا (يَوْمَيْنِ عَلَى نِصْفِ الْوَقْتِ) لِأَنَّ نِصْفَ الْعَشَرَةِ خَمْسَةٌ (فَتَضُمُّهُمَا إلَى يَوْمَيْنِ قَبْلَهُمَا فَيَصِيرُ لَهَا أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ حَيْضًا بِيَقِينٍ مِنْ أَوَّلِ الرَّابِعِ إلَى آخِرِ السَّابِعِ وَيَبْقَى لَهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ تَجْلِسُهَا لِمَا تَقَدَّمَ) .
مِنْ أَوَّلِ الْعَشْرِ أَوْ بِالتَّحَرِّي عَلَى الْوَجْهَيْنِ وَهِيَ حَيْضٌ مَشْكُوكٌ فِيهِ (وَحُكْمُ الْحَيْضِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ حُكْمُ الْمُتَيَقَّنِ فِي تَرْكِ الْعِبَادَاتِ) وَتَحْرِيمِ الْوَطْءِ وَوُجُوبِ الْغُسْلِ (كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ شَاءَتْ أَسْقَطَتْ الزَّائِدَ مِنْ أَيَّامِهَا) عَنْ نِصْفِ الْوَقْتِ (مِنْ آخِرِ الْمُدَّةِ) وَأَسْقَطَتْ (مِثْلَهُ مِنْ أَوَّلِهَا فَمَا بَقِيَ) أَيْ: صَارَ بِمَعْنَى: اجْتَمَعَ، كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ (فَهُوَ حَيْضٌ بِيَقِينٍ وَالشَّكُّ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ) كَمَا تَقَدَّمَ تَمْثِيلُهُ.
(وَإِنْ عَلِمَتْ مَوْضِعَ حَيْضِهَا) بِأَنْ عَلِمَتْ أَنَّهَا تَحِيضُ فِي الْعَشْرِ الْأَوْسَطِ (وَنَسِيَتْ عَدَدَهُ) أَيْ: عَدَدَ أَيَّامِ الْحَيْضِ (جَلَسَتْ
فِيهِ) أَيْ: فِي مَوْضِعِ حَيْضِهَا (غَالِبَ الْحَيْضِ) سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةً بِالتَّحَرِّي، لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ تَغَيَّرَتْ الْعَادَةُ بِزِيَادَتِهَا) بِأَنْ كَانَتْ عَادَتُهَا سِتَّةَ أَيَّامٍ، فَرَأَتْ الدَّمَ ثَمَانِيَةً (أَوْ) تَغَيَّرَتْ الْعَادَةُ (بِتَقَدُّمٍ) ، بِأَنْ كَانَتْ تَرَى الدَّمَ مِنْ وَسَطِ الشَّهْرِ، فَرَأَتْهُ فِي أَوَّلِهِ (أَوْ) تَغَيَّرَتْ الْعَادَةُ بِ (تَأَخُّرٍ) بِأَنْ كَانَتْ تَرَاهُ فِي أَوَّلِهِ فَتَأَخَّرَ إلَى آخِرِهِ (أَوْ انْتِقَالٍ) بِأَنْ كَانَ حَيْضُهَا الْخَمْسَةَ الْأُوَلَ فَتَصِيرُ الْخَمْسَةَ الثَّانِيَةَ، لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْفُرُوعِ وَالْمُنْتَهَى لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ (فَ) مَا تَغَيَّرَ (كَدَمٍ زَائِدٍ عَلَى أَقَلِّ حَيْضٍ) مِنْ (مُبْتَدَأَةٍ) لَا تَلْتَفِتُ إلَيْهِ، حَتَّى يَتَكَرَّرَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَتَصُومُ فِيهِ وَتُصَلِّي قَبْلَ التَّكْرَارِ، وَتَغْتَسِلُ عِنْدَ انْقِطَاعِهِ غُسْلًا ثَانِيًا، فَإِذَا تَكَرَّرَ صَارَ عَادَةً تَجْلِسُهُ وَتُعِيدُ صَوْمَ فَرْضٍ وَنَحْوِهِ فِيهِ، لِأَنَّا تَبَيَّنَّاهُ حَيْضًا (فَلَوْ لَمْ يَعُدْ، أَوْ أَيِسَتْ قَبْلَ تَكْرَارِهِ) ثَلَاثًا (لَمْ تَقْضِ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُبْتَدَأَةِ.
(وَعَنْهُ تَصِيرُ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَكْرَارٍ) أَوْمَأَ إلَيْهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ (اخْتَارَهُ جَمْعٌ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ وَلَا يَسَعُ النِّسَاءَ الْعَمَلُ بِغَيْرِهِ) قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: وَهُوَ الصَّوَابُ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَهُوَ أَشْبَهُ قَالَ ابْنُ عُبَيْدَانَ: هُوَ الصَّحِيحُ قَالَ فِي الْفَائِقِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّارِحِ.
(وَإِنْ طَهُرَتْ فِي أَثْنَاءِ عِدَّتِهَا طُهْرًا خَالِصًا لَا تَتَغَيَّرُ مَعَهُ الْقُطْنَةُ إذَا احْتَشَّتْهَا، وَلَوْ أَقَلَّ مُدَّةٍ) فَلَا يُعْتَبَرُ بُلُوغُهُ يَوْمًا (فَهِيَ طَاهِرٌ، تَغْتَسِلُ) لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ إذَا مَا رَأَتْ الطُّهْرَ فَلْتَغْتَسِلْ (وَتُصَلِّي) وَتَفْعَلْ مَا تَفْعَلُهُ الطَّاهِرَاتُ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَصَفَ الْحَيْضَ بِكَوْنِهِ أَذًى فَإِذَا ذَهَبَ الْأَذَى وَجَبَ زَوَالُ الْحَيْضِ (وَلَا يُكْرَهُ وَطْؤُهَا) بَعْدَ الِاغْتِسَالِ، كَسَائِرِ الطَّاهِرَاتِ.
(فَإِنْ عَاوَدَهَا الدَّمُ فِي) أَثْنَاءِ (الْعَادَةِ وَلَمْ يُجَاوِزْهَا جَلَسَتْهُ) أَيْ: زَمَنَ الدَّمِ مِنْ الْعَادَةِ، كَمَا لَوْ لَمْ يَنْقَطِعْ، لِأَنَّهُ صَادَفَ زَمَنَ الْعَادَةِ (وَإِنْ جَاوَزَهَا) أَيْ: جَاوَزَ دَمُهَا الْعَائِدُ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ عَادَتَهَا (وَلَمْ يَعْبُرْ) أَيْ: يُجَاوِزْ (أَكْثَرُ الْحَيْضِ) خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا (لَمْ تَجْلِسْهُ حَتَّى يَتَكَرَّرَ) ثَلَاثًا (وَإِنْ عَبَرَ أَكْثَرُهُ) أَيْ جَاوَزَ أَكْثَرُ الْحَيْضِ (فَلَيْسَ بِحَيْضٍ) لِأَنَّ بَعْضَهُ لَيْسَ بِحَيْضٍ فَيَكُونُ كُلُّهُ اسْتِحَاضَةً لِاتِّصَالِهِ بِهِ وَانْفِصَالِهِ عَنْ الْحَيْضِ.
(وَإِنْ عَاوَدَهَا) أَيْ: رَجَعَ الدَّمُ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ عَنْهَا (بَعْدَ الْعَادَةِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُمْكِنَ جَعْلُهُ حَيْضًا) إمَّا بِضَمِّهِ إلَى مَا قَبْلَهُ أَوْ نَفْسِهِ (أَوْ لَا) يُمْكِنَ جَعْلُهُ حَيْضًا (فَإِنْ أَمْكَنَ) جَعْلُهُ حَيْضًا إمَّا بِضَمِّهِ إلَى مَا قَبْلَهُ أَوْ بِنَفْسِهِ (بِأَنْ يَكُونَ) الدَّمُ (بِضَمِّهِ إلَى الدَّمِ الْأَوَّلِ لَا يَكُونُ بَيْنَ طَرَفَيْهِمَا) أَيْ أَوَّلِ الدَّمَيْنِ وَآخِرِهِمَا (أَكْثَرُ مِنْ أَكْثَرِ الْحَيْضِ) خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا (فَيُلْفَقَانِ) أَيْ: الدَّمَانِ (وَيُجْعَلَانِ حَيْضَةً وَاحِدَةً إنْ تَكَرَّرَ) الدَّمُ الَّذِي بَعْدَ الْعَادَةِ ثَلَاثًا وَهَذَا مِثَالٌ لِمَا أَمْكَنَ
أَنْ يَكُونَ حَيْضًا بِالضَّمِّ وَأَشَارَ إلَى مَا أَمْكَنَ جَعْلُهُ بِنَفْسِهِ بِقَوْلِهِ: (أَوْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا) أَيْ: الدَّمَيْنِ (أَقَلُّ الطُّهْرِ: ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَكُلٌّ مِنْ الدَّمَيْنِ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ حَيْضًا إذَنْ بِمُفْرَدِهِ) بِأَنْ يَكُونَ يَوْمًا وَلَيْلَةً فَأَكْثَرَ وَلَا يُجَاوِزُ الْخَمْسَةَ عَشَرَ (فَيَكُونَانِ حَيْضَتَيْنِ) لِوُجُودِ الطُّهْرِ التَّامِّ بَيْنَهُمَا.
(إذَا تَكَرَّرَ) الثَّانِي ثَلَاثًا (وَإِنْ نَقَصَ أَحَدُهُمَا عَنْ أَقَلِّ حَيْضٍ، فَهُوَ دَمٌ فَاسِدٌ إذَا لَمْ يُمْكِنْ ضَمُّهُ إلَى مَا بَعْدَهُ) يَعْنِي إلَى الدَّمِ الْآخَرِ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ حَيْضًا وَلَا نِفَاسًا.
(وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ جَعْلُهُ حَيْضًا لِعُبُورِهِ أَكْثَرَ الْحَيْضِ، وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّمِ الْأَوَّلِ أَقَلُّ الطُّهْرِ) بَلْ كَانَ بَيْنَهُمَا دُونَهُ (فَهَذَا اسْتِحَاضَةٌ، سَوَاءٌ تَكَرَّرَ أَمْ لَا) لِمُجَاوَزَتِهِ أَكْثَرَ الْحَيْضِ (وَيَظْهَرُ ذَلِكَ بِالْمِثَالِ فَلَوْ كَانَتْ الْعَادَةُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ مَثَلًا فَرَأَتْ مِنْهَا خَمْسَةً دَمًا وَطَهُرَتْ الْخَمْسَةَ الْبَاقِيَةَ، ثُمَّ رَأَتْ خَمْسَةً) أُخْرَى (دَمًا وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ) ثَلَاثًا (فَالْخَمْسَةُ الْأُولَى وَ) الْخَمْسَةُ (الثَّالِثَةُ حَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ بِالتَّلْفِيقِ) لِأَنَّهُمَا مَعَ مَا بَيْنَهُمَا لَا يُجَاوِزَانِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا (وَلَوْ رَأَتْ) الدَّمَ (الثَّانِيَ سِتَّةً أَوْ سَبْعَةً) فَأَكْثَرَ (لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يَكُونَ حَيْضًا) لِمُجَاوَزَتِهِ مَعَ الْأَوَّلِ وَمَا بَيْنَهُمَا أَكْثَرَ الْحَيْضِ (وَلَوْ كَانَتْ رَأَتْ يَوْمًا) بِلَيْلَتِهِ (دَمًا وَثَلَاثَةَ عَشَرَ طُهْرًا ثُمَّ رَأَتْ يَوْمًا) بِلَيْلَتِهِ (دَمًا وَتَكَرَّرَ) الثَّانِي (فَهُمَا حَيْضَتَانِ لِوُجُودِ طُهْرٍ صَحِيحٍ بَيْنَهُمَا) لِأَنَّ أَقَلَّ الطُّهْرِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا.
(وَلَوْ رَأَتْ يَوْمَيْنِ دَمًا وَ) رَأَتْ (اثْنَيْ عَشَرَ يَوْمًا طُهْرًا، ثُمَّ) رَأَتْ (يَوْمَيْنِ دَمًا فَهُنَا لَا يُمْكِنُ جَعْلُهُمَا حَيْضَةً وَاحِدَةً، لِزِيَادَةِ الدَّمَيْنِ مَعَ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الطُّهْرِ عَنْ أَكْثَرِ الْحَيْضِ) لِأَنَّ مَجْمُوعَ ذَلِكَ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا (وَلَا) يُمْكِنْ (جَعْلُهُمَا حَيْضَتَيْنِ، لِانْتِقَاءِ طُهْرٍ صَحِيحٍ بَيْنَهُمَا) لِأَنَّ بَيْنَهُمَا اثْنَيْ عَشَرَ يَوْمًا وَأَقَلُّ الطُّهْرِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ (فَيَكُونُ الْحَيْضُ مِنْهُمَا مَا وَافَقَ الْعَادَةَ) لِتَقَوِّيهِ بِمُوَافَقَتِهَا (وَ) يَكُونُ (الْآخَرُ اسْتِحَاضَةً) وَلَوْ تَكَرَّرَ.
(وَالصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ) وَهُمَا شَيْءٌ كَالصَّدِيدِ يَعْلُوهُ صُفْرَةٌ وَكُدْرَةٌ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ (فِي أَيَّامِ الْعَادَةِ حَيْضٌ) لِدُخُولِهِمَا فِي عُمُومِ النَّصِّ وَلِقَوْلِ عَائِشَةَ وَكَانَ النِّسَاءُ يَبْعَثْنَ إلَيْهَا بِالدُّرْجَةِ فِيهَا الصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ: لَا تَعَجَّلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ تُرِيدُ بِذَلِكَ الطُّهْرَ مِنْ الْحَيْضِ.
وَفِي الْكَافِي قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ هِيَ مَاءٌ أَبْيَضُ يَتْبَعُ الْحَيْضَةَ (لَا بَعْدَهَا) أَيْ: لَيْسَتْ الصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ بَعْدَ الْعَادَةِ حَيْضًا (وَلَوْ تَكَرَّرَ) ذَلِكَ فَلَا تَجْلِسُهُ لِقَوْلِ أُمِّ عَطِيَّةَ كُنَّا لَا نَعُدُّ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ بَعْدَ الطُّهْرِ شَيْئًا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْبُخَارِيُّ، وَلَمْ يَذْكُرْ بَعْدَ الطُّهْرِ