الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِلْبَاقِي) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلِأَنَّهُ قَدَرَ عَلَى بَعْضِ الشَّرْطِ، فَلَزِمَهُ كَالسُّتْرَةِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَتَيَمَّمَ قَبْلَ اسْتِعْمَالِهِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [المائدة: 6] فَاعْتُبِرَ اسْتِعْمَالُهُ أَوَّلًا؛ لِيَتَحَقَّقَ الشَّرْطُ الَّذِي هُوَ عَدَمُ الْمَاءِ وَلِيَتَمَيَّزَ الْمَغْسُولُ عَنْ غَيْرِهِ لِيُعْلَمَ مَا يُتَيَمَّمُ لَهُ وَإِنْ تَيَمَّمَ فِي وَجْهِهِ ثُمَّ وَجَدَ مَاءً طَهُورًا يَكْفِي بَعْضَ بَدَنِهِ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: إنْ وَجَبَ اسْتِعْمَالُهُ بَطَلَ وَإِلَّا فَلَا.
(وَإِنْ وَجَدَ تُرَابًا لَا يَكْفِيهِ لِلتَّيَمُّمِ اسْتَعْمَلَهُ وَصَلَّى) قُلْتُ: وَلَا يَزِيدُ عَلَى مَا يُجْزِئُ عَلَى مَا يَأْتِي وَظَاهِرُهُ: وَلَا إعَادَةَ وَفِي الرِّعَايَةِ: ثُمَّ يُعِيدُ الصَّلَاةَ إنْ وَجَدَ مَا يَكْفِيهِ مِنْ مَاءٍ أَوْ تُرَاب.
(وَمَنْ كَانَ عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ وَهُوَ مُحْدِثٌ وَالْمَاءُ يَكْفِي أَحَدَهُمَا، غَسَلَ النَّجَاسَةَ، ثُمَّ تَيَمَّمَ مِنْ الْحَدَثِ وَلَوْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ فِي ثَوْبِهِ أَوْ بُقْعَتِهِ فَكَذَلِكَ إلَّا أَنْ تَكُونَ النَّجَاسَةُ فِي مَحَلٍّ يَصِحُّ تَطْهِيرِهِ مِنْ الْحَدَثِ فَيَسْتَعْمِلُهُ) أَيْ: الْمَاءَ (فِيهِ عَنْهُمَا) أَيْ: عَنْ الْحَدَثِ وَالنَّجَسِ قَالَهُ الْمَجْدُ قُلْتُ: وَهَذَا وَاضِحٌ، إنْ كَانَ الْحَدَثُ أَكْبَرَ، فَإِنْ كَانَ أَصْغَرَ فَعَلَى كَلَامِهِمْ، لَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاةِ التَّرْتِيبِ فَإِنْ كَانَ لَا يَبْقَى لِلنَّجَاسَةِ مَا يُزِيلُهَا بَعْدَ مُرَاعَاتِهِ قَدَّمَهَا، كَمَا لَوْ كَانَتْ بِغَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ (وَلَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ إلَّا بَعْدَ غَسْلِ النَّجَاسَةِ) تَحْقِيقًا لِشَرْطِهِ (وَلَوْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ فِي ثَوْبِهِ) أَوْ بُقْعَتِهِ (غَسَلَهُ أَوَّلًا ثُمَّ تَيَمَّمَ) لِمَا تَقَدَّمَ.
[فَصْلٌ عَدِمَ الْمَاءَ وَظَنَّ وُجُودَهُ]
فَصْلٌ (وَمَنْ عَدِمَ الْمَاءَ وَظَنَّ وُجُودَهُ) لَزِمَهُ طَلَبُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [المائدة: 6] وَلَا يُقَالُ: لَمْ يَجِدْ إلَّا لِمَنْ طَلَبَ وَلِأَنَّ التَّيَمُّمَ بَدَلٌ فَلَمْ يَجُزْ الْعُدُولُ إلَيْهِ قَبْلَ طَلَبِ الْمُبْدَلِ، كَالصِّيَامِ فِي كَفَّارَةِ التَّرْتِيبِ (أَوْ شَكَّ) أَيْ: تَرَدَّدَ فِي وُجُودِ الْمَاءِ (وَلَمْ يَتَحَقَّقْ عَدَمَهُ) وَلَوْ ظَنَّ عَدَمَ وُجُودِهِ، قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ (لَزِمَهُ طَلَبُهُ) أَيْ: (فِي رَحْلِهِ) أَيْ: مَا يَسْكُنُهُ وَمَا يَسْتَصْحِبُهُ مِنْ الْأَثَاثِ (وَمَا قَرُبَ مِنْهُ عُرْفًا)
لِمَا تَقَدَّمَ.
(فَيُفَتِّشُ مِنْ رَحْلِهِ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ) إذْ تَفْتِيشُ مَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ طَلَبٌ لِلْمُحَالِ (وَيَسْعَى فِي جِهَاتِهِ الْأَرْبَعِ) قُدَّامَهُ وَوَرَاءَهُ وَيَمِينَهُ وَشِمَالَهُ (إلَى مَا قَرُبَ مِنْهُ مِمَّا عَادَةُ الْقَوَافِلِ السَّعْيُ إلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُطْلَبُ الْمَاءُ فِيهِ عَادَةً (وَيَسْأَلُ رُفْقَتَهُ) ذَوِي الْخِبْرَةِ بِالْمَكَانِ (عَنْ مَوَارِدِهِ) أَيْ: الْمَاءِ (وَ) يَسْأَلُهُمْ (عَمَّنْ مَعَهُمْ لِيَبِيعُوا لَهُ أَوْ يَبْذُلُوهُ) لَهُ، قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ: وَإِنْ كَانَ لَهُ رُفْقَةٌ يُدِلُّ عَلَيْهِمْ طَلَبَهُ مِنْهُمْ (وَوَقْتُ الطَّلَبِ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ) ؛ لِأَنَّهُ إذَنْ يُخَاطَبُ بِالصَّلَاةِ وَشَرْطِهَا (فَلَا أَثَرَ لِطَلَبِهِ قَبْلَ ذَلِكَ) أَيْ: قَبْل دُخُولِ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُخَاطَبًا بِالتَّيَمُّمِ قَبْلَهُ.
(فَإِنْ رَأَى خُضْرَةً أَوْ) رَأَى (شَيْئًا يَدُلُّ عَلَى الْمَاءِ لَزِمَهُ قَصْدُهُ، فَاسْتَبْرَأَهُ) لِيَتَحَقَّقَ شَرْطُ التَّيَمُّمِ (وَإِنْ كَانَ بِقُرْبِهِ رَبْوَةٌ أَوْ شَيْءٌ قَائِمٌ أَتَاهُ فَطَلَبَ) أَيْ: فَتَّشَ (عِنْدَهُ) قَطْعًا لِلشَّكِّ (وَإِنْ كَانَ سَائِرًا طَلَبَهُ أَمَامَهُ) فَقَطْ؛ لِأَنَّ فِي طَلَبِهِ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ ضَرَرًا بِهِ (فَإِنْ دَلَّهُ) أَيْ: أَرْشَدَهُ (عَلَيْهِ ثِقَةٌ) أَيْ: عَدْلٌ ضَابِطٌ لَزِمَهُ قَصْدُهُ، إنْ كَانَ قَرِيبًا عُرْفًا (أَوْ عَلِمَهُ قَرِيبًا) عُرْفًا (لَزِمَهُ قَصْدُهُ) وَلَمْ يَصِحَّ تَيَمُّمُهُ إذَنْ لِقُدْرَتِهِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ، حَيْثُ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا، وَلَا فَوْتَ وَقْتٍ وَلَا رُفْقَةٍ.
(وَيَلْزَمُهُ) أَيْ: عَادِمَ الْمَاءِ (طَلَبُهُ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ) ؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِهَا وَبِشُرُوطِهَا كُلَّمَا دَخَلَ وَقْتُهَا وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ عَدَمَهُ، كَمَا يُفْهَمُ مِمَّا سَبَقَ فِي كَلَامِهِ فَإِنْ تَحَقَّقَ عَدَمَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ طَلَبُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِطَلَبِ شَيْءٍ مُتَحَقَّقِ الْعَدَمِ.
(وَمَنْ خَرَجَ إلَى أَرْضٍ) أَيْ: مَزَارِعِ وَمُحْتَطَبَاتِ (بَلَدِهِ لِحَرْثٍ أَوْ صَيْدٍ أَوْ احْتِطَابٍ وَنَحْوِهَا) كَأَخْذِ حَشِيشٍ وَكَمَا لَوْ خَرَجَ لِحَصَادٍ أَوْ دِيَاسٍ وَنَحْوِهِ (حَمَلَهُ) أَيْ: إنَاءً مَعَهُ وُجُوبًا (إنْ أَمْكَنَهُ) حَمْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا عُذْرَ لَهُ إذَنْ فِي عَدَمِ حَمْلِهِ، وَالْوَاجِبُ لَا يَتِمُّ إلَّا بِهِ (فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ حَمْلُهُ وَلَا الرُّجُوعُ) إلَى مَحَلِّ الْمَاءِ (لِلْوُضُوءِ أَوْ نَحْوِهِ) إلَّا بِتَفْوِيتِ حَاجَتِهِ (تَيَمَّمَ) ؛ لِأَنَّهُ عَادِمٌ لِلْمَاءِ (وَصَلَّى وَلَا يُعِيدُ) وَكَذَا لَوْ حَمَلَهُ وَفُقِدَ، أَوْ لَمْ يَحْمِلْهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ (كَمَا لَوْ كَانَتْ حَاجَتُهُ فِي أَرْضِ قَرْيَةٍ أُخْرَى) غَيْرِ بَلَدِهِ (وَلَوْ كَانَتْ قَرِيبًا) لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ بَعِيدِ السَّفَرِ وَقَرِيبِهِ؛ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {أَوْ عَلَى سَفَرٍ} [المائدة: 6] .
(وَلَوْ مَرَّ بِمَاءٍ قَبْلَ الْوَقْتِ أَوْ كَانَ مَعَهُ) الْمَاءُ (فَأَرَاقَهُ) قَبْلَ الْوَقْتِ (ثُمَّ دَخَلَ الْوَقْتُ وَعَدِمَ الْمَاءَ) فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ، لِعَدَمِ تَفْرِيطِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُخَاطَبًا بِالطَّهَارَةِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ (وَصَلَّى بِالتَّيَمُّمِ) ؛ لِأَنَّهُ عَادِمٌ الْمَاءَ (وَلَا إعَادَةَ
عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا هُوَ مُكَلَّفٌ بِهِ.
(وَإِنْ مَرَّ بِهِ) أَيْ: الْمَاءِ (فِي الْوَقْتِ وَأَمْكَنَهُ الْوُضُوءُ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَيَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَجِدُ غَيْرَهُ) حَرُمَ لِتَفْرِيطِهِ بِتَرْكِ مَا هُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ بِلَا ضَرُورَةٍ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْوُضُوءُ أَوْ تَوَضَّأَ ثُمَّ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ الْمَاءَ وَبُعْدِهِ عَنْهُ أَوْ كَانَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَجِدُ غَيْرَهُ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ؛ لِعَدَمِ تَفْرِيطِهِ (أَوْ كَانَ) الْمَاءُ (مَعَهُ فَأَرَاقَهُ فِي الْوَقْتِ) حَرُمَ؛ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ إلَى فَوَاتِ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ الْوَاجِبَةِ (أَوْ بَاعَهُ) أَيْ: الْمَاءَ فِيهِ أَيْ: فِي الْوَقْتِ (أَوْ وَهَبَهُ فِيهِ) لِغَيْرِ مُحْتَاجٍ لِشُرْبٍ (حَرُمَ) عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَلَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ وَ) لَا (الْهِبَةُ) ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ كَالْمَنْذُورِ عِتْقُهُ نَذْرَ تَبَرُّرٍ لِعَجْزِهِ عَنْ تَسْلِيمِهِ شَرْعًا (أَوْ وُهِبَ لَهُ) مَاءٌ أَوْ بُذِلَ قَرْضًا فِي الْوَقْتِ (فَلَمْ يَقْبَلْهُ حَرُمَ) عَلَيْهِ (أَيْضًا) لِتَفْوِيتِهِ الطَّهَارَةَ الْوَاجِبَةَ.
(وَ) إنْ (تَيَمَّمَ وَصَلَّى فِي الْجَمِيعِ) أَيْ: جَمِيع الصُّوَرِ الْمُتَقَدِّمَةِ (صَحَّ) تَيَمُّمُهُ وَصَلَاتُهُ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى الْمَاءِ حِينَئِذٍ أَشْبَهَ مَا لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ قَبْلَ الْوَقْتِ (وَلَمْ يُعِدْ) الصَّلَاةَ؛ لِأَنَّهَا صَلَاةَ تَيَمُّمٍ صَحِيحٍ لِمَا تَقَدَّمَ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْمَاءُ قَدْ عُدِمَ، فَإِنْ كَانَ بَاقِيًا وَقَدَرَ عَلَى تَحْصِيلِهِ لَمْ يَصِحَّ تَيَمُّمُهُ، وَلَا صَلَاتُهُ؛ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْمَاءِ، وَلَمْ يُقَيَّدْ بِهِ لِوُضُوحِهِ.
(وَإِنْ نَسِيَ الْمَاءَ) وَتَيَمَّمَ لَمْ يُجْزِئْهُ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ، أَوْ ثَمَنَهُ أَيْ: إذَا كَانَ الْمَاءُ يُبَاعُ وَنَسِيَ ثَمَنَهُ وَتَيَمَّمَ وَصَلَّى لَمْ يُجْزِئْهُ؛ لِأَنَّ النِّسْيَانَ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ وَاجِدًا، وَشَرْطُ إبَاحَةِ التَّيَمُّمِ عَدَمُ الْوُجْدَانِ وَلِأَنَّهَا طَهَارَةٌ تَجِبُ مَعَ الذِّكْرِ فَلَمْ تَسْقُطْ بِالنِّسْيَانِ كَالْحَدَثِ.
(أَوْ جَهِلَهُ) أَيْ: الْمَاءَ (بِمَوْضِعٍ يُمْكِنُهُ اسْتِعْمَالُهُ وَتَيَمَّمَ، لَمْ يُجْزِئْهُ) لِتَقْصِيرِهِ، كَمُصَلٍّ عُرْيَانًا نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا بِالسُّتْرَةِ وَيُكَفِّرُ بِصَوْمٍ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا وُجُودَ الرَّقَبَةِ (كَأَنْ يَجِدَهُ) أَيْ: الْمَاءَ (بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ: التَّيَمُّمِ (فِي رَحْلِهِ وَهُوَ) أَيْ: رَحْلُهُ (فِي يَدِهِ) الْمُشَاهَدَةِ أَوْ الْحُكْمِيَّةِ (أَوْ) يَجِدَهُ (بِبِئْرٍ بِقُرْبِهِ أَعْلَامُهَا ظَاهِرَةٌ) وَكَانَ يَتَمَكَّنَ مِنْ تَنَاوُلِهِ مِنْهَا فَلَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ إذَنْ وَلَا صَلَاتُهُ لِمَا تَقَدَّمَ (فَأَمَّا إنْ ضَلَّ عَنْ رَحْلِهِ وَفِيهِ الْمَاءُ وَقَدْ طَلَبَهُ) فَإِنَّ التَّيَمُّمَ يُجْزِئُهُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ (أَوْ) تَيَمَّمَ ثُمَّ وَجَدَ بِئْرًا بِقُرْبِهِ، وَ (كَانَتْ أَعْلَامُ الْبِئْرِ خَفِيَّةً وَلَمْ يَكُنْ يَعْرِفُهَا) قَبْلَ ذَلِكَ (أَوْ كَانَ يَعْرِفُهَا وَضَلَّ عَنْهَا فَإِنَّ التَّيَمُّمَ يُجْزِئُهُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِدٍ لِلْمَاءِ وَغَيْرُ مُفَرِّطٍ.
(وَإِنْ أَدْرَجَ أَحَدٌ الْمَاءَ فِي رَحْلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ) حَتَّى صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ، فَإِنَّهُ يُعِيدُ لِتَفْرِيطِهِ لِعَدَمِ طَلَبِهِ فِي رَحْلِهِ أَوْ ضَلَّ عَنْ مَوْضِعِ الْبِئْرِ الَّتِي كَانَ يَعْرِفُهَا (أَوْ كَانَ الْمَاءُ مَعَ عَبْدِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ السَّيِّدُ وَنَسِيَ الْعَبْدُ أَنْ يُعْلِمَهُ
حَتَّى صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ) مَا صَلَّاهُ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ، كَمَا لَوْ كَانَ النِّسْيَانُ مِنْهُ وَكَنِسْيَانِ رَقَبَةٍ مَعَ عَبْدِهِ وَقِيلَ: لَا يُعِيدُ؛ لِأَنَّ التَّفْرِيطَ مِنْ غَيْرِهِ.
(وَيَتَيَمَّمُ لِجَمِيعِ الْأَحْدَاثِ) أَمَّا الْأَكْبَرُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [المائدة: 6] وَالْمُلَامَسَةُ الْجِمَاعُ.
وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا مُعْتَزِلًا لَمْ يُصَلِّي مَعَ الْقَوْمِ، فَقَالَ:«مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ؟ فَقَالَ: أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ وَلَا مَاءَ، فَقَالَ: عَلَيْكَ بِالصَّعِيدِ فَإِنَّهُ يَكْفِيكَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَالْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ إذَا انْقَطَعَ دَمُهُمَا وَالْكَافِرُ إذَا أَسْلَمَ كَالْجُنُبِ وَأَمَّا الْأَصْغَرُ فَبِالْإِجْمَاعِ، وَسَنَدُهُ قَوْله تَعَالَى {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [المائدة: 6] وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ طَهُورُ الْمُسْلِمِ» وَلِأَنَّهُ إذَا جَازَ لِلْجُنُبِ جَازَ لِغَيْرِهِ مِنْ بَابِ أَوْلَى.
(وَلِنَجَاسَةٍ عَلَى جُرْحٍ وَغَيْرِهِ عَلَى بَدَنِهِ فَقَطْ تَضُرُّهُ إزَالَتُهَا أَوْ) يَضُرُّهُ (الْمَاءُ) الَّذِي يُزِيلُهَا بِهِ لِعُمُومِ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ وَلِأَنَّهَا طَهَارَةٌ فِي الْبَدَنِ تُرَادُ لِلصَّلَاةِ أَشْبَهَتْ الْحَدَثَ، وَاخْتَارَ ابْنُ حَامِدٍ وَابْنُ عَقِيلٍ لَا يَتَيَمَّمُ لِلنَّجَاسَةِ أَصْلًا كَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ إنَّمَا وَرَدَ بِالتَّيَمُّمِ لِلْحَدَثِ وَغُسْلُ النَّجَاسَةِ لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ إنَّمَا يَكُونُ فِي مَحَلِّ النَّجَاسَةِ دُونَ غَيْرِهِ، وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ: فَقَطْ: أَنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ لِنَجَاسَةِ ثَوْبِهِ وَلَا بُقْعَتِهِ؛ لِأَنَّ الْبَدَنَ لَهُ مَدْخَلٌ فِي التَّيَمُّمِ لِأَجْلِ الْحَدَثِ فَدَخَلَ فِيهِ التَّيَمُّمُ لِأَجْلِ النَّجَسِ وَذَلِكَ مَعْدُومٌ فِي الثَّوْبِ وَالْمَكَانِ وَلَا يَتَيَمَّمُ لِنَجَاسَةٍ مَعْفُوٍّ عَنْهَا.
(وَلَا إعَادَةَ) لِمَا صَلَّاهُ بِالتَّيَمُّمِ لِلنَّجَاسَةِ عَلَى الْبَدَنِ، كَاَلَّذِي يُصَلِّيهِ بِالتَّيَمُّمِ لِلْمُحْدِثِ وَإِنَّمَا يَتَيَمَّمُ لِنَجَاسَةِ الْبَدَنِ (بَعْدَ أَنْ يُخَفِّفَ مِنْهُمَا مَا أَمْكَنَهُ) تَخْفِيفُهُ بِحَكِّ يَابِسَةٍ وَمَسْحِ رَطْبَةٍ (لُزُومًا) أَيْ: وُجُوبًا، فَلَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ لَهَا قَبْلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى إزَالَتِهَا فِي الْجُمْلَةِ لِحَدِيثِ:«إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» .
(وَإِنْ تَيَمَّمَ حَضَرًا أَوْ سَفَرًا خَوْفًا مِنْ الْبَرْدِ) وَلَمْ يُمْكِنْهُ تَسْخِينُهُ وَلَا اسْتِعْمَالُهُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَضُرُّهُ وَتَقَدَّمَ (وَصَلَّى، فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ) لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَتَقَدَّمَ وَلَمْ يَأْمُرْهُ صلى الله عليه وسلم بِالْإِعَادَةِ، وَلَوْ وَجَبَتْ لَأَمَرَهُ بِهَا؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ غَيْرُ جَائِز
وَقِيسَ الْحَضَرُ عَلَى السَّفَر.
(وَمَنْ عَدِمَ الْمَاء وَالتُّرَاب، أَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ اسْتِعْمَالهمَا) أَيْ: الْمَاء وَالتُّرَاب (لِمَانِعٍ)(كَمَنْ بِهِ قُرُوح لَا يَسْتَطِيع مَعَهَا مَسَّ الْبَشَرَة بِوُضُوءِ وَلَا تَيَمُّمٍ صَلَّى) الْفَرْض فَقَطْ (عَلَى حَسَب حَالِهِ وُجُوبًا) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» وَلِأَنَّ الْعَجْز عَنْ الشَّرْط يُوجِب تَرْك الْمَشْرُوط، كَمَا لَوْ عَجَزَ عَنْ السُّتْرَة وَالِاسْتِقْبَال.
(وَلَا إعَادَة) لِمَا رُوِيَ «عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاءَ قِلَادَةً فَضَلَّتْهَا، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رِجَالًا فِي طَلَبِهَا، فَوَجَدُوهَا، فَأَدْرَكَتْهُمْ الصَّلَاةُ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَصَلُّوا بِغَيْرِ وُضُوءٍ فَشَكَوْا إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلَمْ يَأْمُرْهُمَا بِالْإِعَادَةِ وَلِأَنَّهُ أَحَدُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ، فَسَقَطَ عِنْدَ الْعَجْزِ كَسَائِرِ شُرُوطِهَا.
(وَلَا يَزِيدُ هُنَا عَلَى مَا يُجْزِئُ فِي الصَّلَاة مِنْ قِرَاءَة وَغَيْرِهَا) فَلَا يَقْرَأ زَائِدًا عَلَى الْفَاتِحَة، وَلَا يُسَبِّح أَكْثَر مَنْ مَرَّةٍ وَلَا يَزِيدُ عَلَى مَا يُجْزِئُ فِي طُمَأْنِينَة رُكُوع أَوْ سُجُود أَوْ جُلُوس بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَإِذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَة الْفَاتِحَة رَكَعَ فِي الْحَال وَإِذَا فَرَغَ مِمَّا يُجْزِئُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّل نَهَضَ فِي الْحَال، وَإِذَا فَرَغَ مِمَّا يُجْزِئُ فِي التَّشَهُّد الْأَخِير سَلَّمَ فِي الْحَال (وَلَا يَتَنَفَّل) مَنْ عَدِمَ الْمَاءَ وَالتُّرَاب وَنَحْوَهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا أُبِيحَ لَهُ الْفَرْض لِدَاعِي الضَّرُورَة إلَيْهِ.
(وَلَا يَؤُمَّ) مَنْ يُصَلِّي حَسَب حَالُهُ (مُتَطَهِّرًا بِمَاءٍ أَوْ تُرَابٍ) لِعَدَمِ صِحَّة اقْتِدَاء الْمُتَطَهِّر بِالْمُحْدِثِ الْعَالِم بِحَدَثِهِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يَؤُمُّ مِثْلَهُ (وَلَا يَقْرَأ فِي غَيْر صَلَاة إنْ كَانَ جُنُبًا وَنَحْوَهُ) كَحَائِضِ وَنُفَسَاء لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْغُسْل.
(وَتَبْطُل صَلَاتُهُ) أَيْ: صَلَاة الْمُصَلِّي عَلَى حَسَبَ حَالِهِ (بِالْحَدَثِ فِيهَا) وَبِطُرُوءِ نَجَاسَة لَا يُعْفَى عَنْهَا لِأَنَّ ذَلِكَ يُنَافِي الصَّلَاة، فَاقْتَضَى وُجُوده بُطْلَانَهَا عَلَى أَيِّ حَالَةٍ كَانَتْ ثُمَّ يَسْتَأْنِفُهَا عَلَى حَسَبِ حَالِهِ.
(وَلَا) تَبْطُلُ صَلَاة الْمُصَلِّي عَلَى حَسَب حَالِهِ (بِخُرُوجِ وَقْتِهَا) بِخِلَافِ صَلَاةِ الْمُتَيَمِّم لِأَنَّ التَّيَمُّم يَبْطُلُ فَتَبْطُل الصَّلَاة بِخِلَافِ مَا هُنَا (وَتَبْطُل الصَّلَاة عَلَى الْمَيِّتِ إذَا لَمْ يُغَسَّلْ وَلَمْ يُيَمَّمَ) لِعَدَمِ الْمَاء وَالتُّرَاب، وَصَلَّى عَلَيْهِ (بِغُسْلِهِ أَوْ بِتَيَمُّمِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِتَبْطُلُ، وَالْمُرَاد بِوُجُودِ مَا يُغْسَل بِهِ أَوْ يَتَيَمَّم بِهِ.
(وَبَعْدَهَا) أَيْ: بَعْد