الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصَّلَاةِ عَلَيْهِ (وَتُعَادَ الصَّلَاة عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْمَيِّت بَعْد أَنْ يُغَسَّل أَوْ يُيَمَّم وُجُوبًا لِلْقُدْرَةِ عَلَيْهَا بِشَرْطِهَا (وَيَجُوزُ نَبْشه) بَعْد دَفْنِهِ (لِأَحَدِهِمَا) أَيْ: لِلْغُسْلِ أَوْ التَّيَمُّم (مَعَ أَمْن تَفَسُّخِهِ) لِأَنَّهُ مَصْلَحَة بِلَا مَفْسَدَة، فَإِنْ خِيفَ تَفَسُّخه لَمْ يُنْبَش.
[فَصْلٌ وَلَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ إلَّا بِتُرَابٍ طَهُورٍ]
(فَصْل وَلَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ إلَّا بِتُرَابٍ طَهُورٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: 6] وَمَا لَا غُبَارَ لَهُ كَالصَّخْرِ لَا يُمْسَحُ بِشَيْءٍ مِنْهُ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (الصَّعِيدُ تُرَابُ الْحَرْثِ، وَالطَّيِّبُ الطَّاهِرُ) يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «جُعِلَ لِي التُّرَابُ طَهُورًا» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ، فَخَصَّ تُرَابَهَا بِحُكْمِ الطَّهَارَةِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي نَفْيَ الْحُكْمِ عَمَّا عَدَاهُ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ " مِنْ " الِابْتِدَاء الْغَايَة.
قَالَ فِي الْكَشَّافِ: قَوْلٌ مُتَعَسِّفٌ، وَلَا يَفْهَم أَحَدٌ مِنْ الْعَرَبِ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: مَسَحَ بِرَأْسِهِ مِنْ الدُّهْنِ وَمِنْ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ إلَّا مَعْنَى التَّبْعِيضِ وَالْإِذْعَانُ لِلْحَقِّ أَحَقُّ مِنْ الْمِرَاءِ، فَلَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ بِرَمْلٍ وَنَحْتِ حِجَارَةٍ وَنَحْوِهِ، وَلَا بِتُرَابٍ زَالَتْ طَهُورِيَّتُهُ، وَتَأْتِي تَتِمَّتُهُ (مُبَاحٍ) فَلَا يَصِحُّ بِمَغْصُوبٍ وَنَحْوِهِ لِحَدِيثِ «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» .
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَتُرَابٌ مَغْصُوبٌ كَالْمَاءِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ تُرَابَ مَسْجِدٍ، وِفَاقًا لِلشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، فَإِنَّهُ لَا يُكْرَهُ بِتُرَابِ زَمْزَمَ، مَعَ أَنَّهُ مَسْجِدٌ (غَيْرِ مُحْتَرِقٍ) فَلَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ بِمَا حُرِّقَ مِنْ خَزَفٍ وَنَحْوِهِ لِأَنَّ الطَّبْخ أَخْرَجَهُ عَنْ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ التُّرَابِ (لَهُ غُبَارٌ يَعْلَقُ بِالْيَدِ) أَوْ غَيْرِهَا لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ عَلَى لَبَدٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَثَوْبٍ وَبِسَاطٍ وَحَصِيرٍ وَحَائِطٍ وَصَخْرَةٍ وَحَيَوَانٍ وَبَرْذَعَةِ حِمَارٍ وَشَجَرٍ وَخَشَبٍ وَعَدْلِ شَعِيرٍ وَنَحْوِهِ، مِمَّا عَلَيْهِ غُبَارٌ طَهُورٌ (حَتَّى مَعَ وُجُودِ تُرَابٍ) لَيْسَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ،.
فَلَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ بِسَبْخَةٍ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَيْسَ لَهُ غُبَارٌ، وَ (لَا بِطِينِ) رَطْبٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتُرَابٍ (لَكِنْ إنْ أَمْكَنَهُ تَجْفِيفُهُ وَالتَّيَمُّمُ بِهِ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ، لَزِمَهُ) بَعْدَ (ذَلِكَ) لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ فِي الْوَقْتِ، فَلَزِمَهُ كَمَا لَوْ وَجَدَ مَاءَ بِئْرٍ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ إلَّا بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ لَمْ يَلْزَمْهُ.
(وَلَا) يَصِحُّ
التَّيَمُّمُ (بِتُرَابِ مَقْبَرَةٍ تَكَرَّرَ نَبْشُهَا) لِاخْتِلَاطِهِ بِالصَّدِيدِ (فَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّر) نَبْشُهَا (جَازَ) التَّيَمُّمُ بِتُرَابِهَا وَإِنْ شَكَّ فِيهِ، أَوْ فِي نَجَاسَةِ التُّرَابِ الَّذِي يَتَيَمَّمُ بِهِ، جَازَ التَّيَمُّمُ بِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ قَالَهُ فِي الشَّرْحِ وَمَنَعَ مِنْهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ (وَأَعْجَبَ الْإِمَامَ أَحْمَدَ حَمْلُ التُّرَابِ لِأَجْلِ التَّيَمُّمِ) احْتِيَاطًا لِلْعِبَادَةِ (وَقَالَ الشَّيْخُ: وَغَيْرُهُ لَا يَحْمِلهُ) قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ أَظْهَرُ.
وَقَالَ فِي الْإِنْصَافِ (وَهُوَ الصَّوَابُ) إذْ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ الصَّحَابَةِ وَلَا غَيْرِهِمْ مِنْ السَّلَفِ فِعْلُ ذَلِكَ، مَعَ كَثْرَةِ أَسْفَارِهِمْ.
(وَلَوْ وَجَدَ ثَلْجًا وَتَعَذَّرَ تَذْوِيبُهُ لَزِمَهُ مَسْحُ أَعْضَائِهِ) الْوَاجِبِ غَسْلهَا (بِهِ) لِقَوْلِهِ «صلى الله عليه وسلم إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» لِأَنَّهُ مَاءٌ جَامِدٌ تَعَذَّرَ أَنْ يُسْتَعْمَلَ الِاسْتِعْمَالَ الْمُعْتَادَ وَهُوَ الْغُسْلُ لِعَدَمِ مَا يُذِيبهُ، فَوَجَبَ أَنْ يُسْتَعْمَلَ الِاسْتِعْمَالَ الْمَقْدُورَ عَلَيْهِ (وَيُعِيدُ) الصَّلَاةَ إنْ لَمْ يُجْرِ عَلَى الْأَعْضَاءِ بِالْمَسِّ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ فِي الْجُمْلَةِ بِلَا طَهَارَةٍ كَامِلَةٍ، وَمِثْلُهُ لَوْ صَلَّى بِلَا تَيَمُّمٍ، مَعَ وُجُودِ طِينٍ يَابِسٍ عِنْدَهُ، لِعَدَمِ مَا يَدُقّهُ بِهِ لِيَصِيرَ لَهُ غُبَارٌ.
(وَإِنْ كَانَ) الثَّلْجُ (يَجْرِي) أَيْ: يَسِيلُ عَلَى الْأَعْضَاءِ (إذَا مَسَّ يَدَهُ) وَغَيْرَهَا مِنْ بَاقِي الْأَعْضَاءِ (لَمْ يُعِدْ) الصَّلَاةَ حَيْثُ جَرَى بِالْمَسِّ لِوُجُودِ الْغُسْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ، وَإِنْ كَانَ خَفِيفًا.
(وَلَوْ نَحَتَ الْحَجَرَ حَتَّى صَارَ تُرَابًا لَمْ يَصِحّ التَّيَمُّمُ بِهِ) لِمَا تَقَدَّمَ (إلَّا الطِّين) الصُّلْبَ (ك) الطِّينِ (الْأَرْمَنِيّ إذَا دَقَّهُ) وَصَارَ لَهُ غُبَارًا، فَإِنَّهُ يَصِحُّ التَّيَمُّمُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ تُرَابٌ.
(فَإِنْ خَالَطَ التُّرَابَ) الطَّهُورَ (ذُو غُبَارٍ لَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ بِهِ كَالْجِصِّ وَنَحْوِهِ) كَالنَّوْرَةِ وَدَقِيقِ الْبُرِّ وَنَحْوِهِ (فَكَالْمَاءِ إذَا خَالَطَتْهُ الطَّاهِرَاتُ) فَإِنْ كَانَتْ الْغَلَبَةُ لِلتُّرَابِ جَازَ، وَإِنْ كَانَتْ لِلْمُخَالِطِ لَمْ يَجُزْ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ قِيَاسًا عَلَى الْمَاءِ وَإِنْ خَالَطَتْهُ نَجَاسَةٌ، فَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهِ، وَإِنْ كَثُرَ التُّرَابُ لِأَنَّهُ لَا يَدْفَعُ النَّجَاسَةَ عَنْ نَفْسِهِ، فَهُوَ كَالْمَائِعَاتِ.
(وَلَا يُكْرَه التَّيَمُّمُ بِتُرَابِ زَمْزَمَ مَعَ أَنَّهُ مَسْجِدٌ وَمَا تَيَمَّمَ بِهِ) وَهُوَ مَا تَنَاثَرَ مِنْ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ، أَوْ بَقِيَ عَلَيْهِمَا بَعْدَ مَسْحِهِمَا بِهِ (كَمَاءٍ مُسْتَعْمَلٍ) لِأَنَّهُ اُسْتُعْمِلَ فِي طَهَارَةِ إبَاحَةِ الصَّلَاةِ، فَأَشْبَهَ الْمَاءَ (وَلَا بَأْسَ بِمَا تُيُمِّمَ مِنْهُ) يَعْنِي لَوْ تَيَمَّمَ جَمَاعَةٌ مِنْ مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، بِلَا خِلَافٍ، كَمَا لَوْ تَوَضَّئُوا مِنْ حَوْضٍ وَاحِدٍ يَغْتَرِفُونَ مِنْهُ.
(وَيُشْتَرَطُ النِّيَّةُ لِمَا تَيَمَّمَ لَهُ) مِنْ حَدَثٍ أَوْ خَبَثٍ لِحَدِيثِ إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَلِأَنَّ التَّيَمُّمَ طَهَارَةٌ حُكْمِيَّةٌ، بِخِلَافِ غَسْلِ النَّجَاسَةِ (وَلَوْ يَمَّمَهُ غَيْرُهُ فَكَوُضُوءٍ) إنْ نَوَاهُ