الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اهـ.
قُلْتُ: وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ «إذَا وَطِئَ الْأَذَى بِخُفَّيْهِ فَطَهُورُهُمَا التُّرَابُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ وَهُوَ ثِقَةٌ رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ لِأَنَّهُ عليه السلام هُوَ وَأَصْحَابُهُ كَانُوا يُصَلُّونَ فِي نِعَالِهِمْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تَسْلَمُ مِنْ نَجَاسَةٍ تُصِيبُهَا، فَلَوْلَا أَنَّ دَلْكَهَا يُجْزِئُ لَمَا صَحَّتْ الصَّلَاةُ فِيهَا وَلِأَنَّهُ مَحَلٌّ يَكْثُرُ إصَابَةُ النَّجَاسَةِ لَهُ، فَعُفِيَ عَنْهُ بَعْدَ الدَّلْكِ كَالسَّبِيلَيْنِ.
[فَصْلٌ لَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ نَجَاسَةٍ وَلَوْ لَمْ يُدْرِكْهَا الْبَصَرُ]
(فَصْلٌ وَلَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ نَجَاسَةٍ وَلَوْ لَمْ يُدْرِكْهَا الطَّرْفُ) أَيْ: الْبَصَرُ (كَاَلَّذِي يَعْلَقُ بِأَرْجُلِ ذُبَابٍ وَنَحْوِهِ) لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4] .
وَقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ أُمِرْنَا أَنْ «نَغْسِلَ الْأَنْجَاسَ سَبْعًا» وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَدِلَّةِ (إلَّا يَسِيرَ دَمٍ، وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الدَّمِ (مِنْ قَيْحٍ وَغَيْرِهِ) كَصَدِيدٍ (وَمَاءِ قُرُوحٍ) فَيُعْفَى عَنْ ذَلِكَ (فِي غَيْرِ مَائِعٍ وَمَطْعُومٍ) أَيْ: يُعْفَى عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ غَالِبًا لَا يَسْلَمُ مِنْهُ وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، فَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَلِأَنَّهُ يَشُقُّ التَّحَرُّزُ مِنْهُ فَعُفِيَ عَنْ يَسِيرِهِ، كَأَثَرِ الِاسْتِجْمَارِ.
وَأَمَّا الْمَائِعُ وَالْمَطْعُومُ فَلَا يُعْفَى فِيهِ عَنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ (وَقَدْرِهِ) أَيْ: قَدْرِ الْيَسِيرِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ هُوَ (الَّذِي لَمْ يَنْقُضْ) الْوُضُوءَ أَيْ: مَا لَا يَفْحُشُ فِي النَّفْسِ، وَالْمَعْفُوُّ عَنْهُ مِنْ الْقَيْحِ وَنَحْوِهِ أَكْثَرُ مِمَّا يُعْفَى عَنْ مِثْلِهِ مِنْ الدَّمِ، وَإِنَّمَا يُعْفَى عَنْ ذَلِكَ إذَا كَانَ (مِنْ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ مِنْ آدَمِيٍّ) سَوَاءٌ الْمُصَلِّي وَغَيْرُهُ (مِنْ غَيْرِ سَبِيلٍ) فَإِنْ كَانَ مِنْ سَبِيلٍ لَمْ يُعْفَ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْبَوْلِ أَوْ الْغَائِطِ (حَتَّى دَمِ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَاسْتِحَاضَةٍ) لِقَوْلِ عَائِشَةَ مَا كَانَ لِإِحْدَانَا إلَّا ثَوْبٌ تَحِيضُ فِيهِ، فَإِذَا أَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ دَمٍ قَالَتْ بِرِيقِهَا، فَقَصَعَتْهُ بِظُفْرِهَا
أَيْ: حَرَّكَتْهُ وَفَرَكَتْهُ قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ.
(أَوْ مِنْ غَيْرِ دَمٍ آدَمِيٍّ) سَوَاءٌ كَانَ مِنْ حَيَوَانٍ (مَأْكُولِ اللَّحْمِ) كَإِبِلٍ وَبَقَرٍ (أَوْ لَا، كَهِرٍّ) بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ النَّجِسِ، كَالْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ، فَلَا يُعْفَى عَنْ شَيْءٍ مِنْ دَمِهِ، وَكَذَا دَمُ الْحِمَارِ وَالْبَغْلِ (وَيُضَمُّ مُتَفَرِّقٌ فِي ثَوْبٍ) مِنْ دَمٍ وَنَحْوِهِ فَإِنْ فَحُشَ لَمْ يُعْفَ عَنْهُ وَإِلَّا عُفِيَ عَنْهُ وَ (لَا) يُضَمُّ مُتَفَرِّقٌ بِ (أَكْثَرَ) مِنْ ثَوْبٍ بَلْ يُعْتَبَرُ مَا فِي كُلِّ ثَوْبٍ عَلَى حِدَتِهِ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا لَا يَتْبَعُ الْآخَرَ.
وَلَوْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ فِي شَيْءٍ صَفِيقٍ قَدْ نَفَذَتْ فِيهِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَهِيَ نَجَاسَةٌ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ لَمْ تَتَّصِلْ، بَلْ كَانَ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ لَمْ يُصِبْهُ الدَّمُ، فَهُمَا نَجَاسَتَانِ إذَا بَلَغَا لَوْ جُمِعَا قَدْرًا لَا يُعْفَى عَنْهُ لَمْ يُعْفَ عَنْهَا كَجَانِبَيْ الثَّوْبِ (وَدَمُ عِرْقٍ مَأْكُولٍ بَعْدَ مَا يَخْرُجُ بِالذَّبْحِ، وَمَا فِي خِلَالِ اللَّحْمِ طَاهِرٌ وَلَوْ ظَهَرَتْ حُمْرَتُهُ نَصًّا) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ (كَدَمِ سَمَكٍ) لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ نَجِسًا لَتَوَقَّفَتْ إبَاحَتُهُ عَلَى إرَاقَتِهِ بِالذَّبْحِ، كَحَيَوَانِ الْبَرِّ، وَلِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ مَاءً.
(وَيُؤْكَلَانِ) أَيْ: دَمُ عِرْقِ الْمَأْكُولِ وَدَمُ السَّمَكِ كَالْكَبِدِ (وَكَدَمِ شَهِيدٍ عَلَيْهِ) فَهُوَ طَاهِرٌ (وَلَوْ كَثُرَ) فَإِنْ انْفَصَلَ عَنْهُ، فَنَجِسٌ، كَغَيْرِهِ (بَلْ يُسْتَحَبُّ بَقَاؤُهُ) أَيْ: بَقَاءُ دَمِ الشَّهِيدِ عَلَيْهِ، حَتَّى عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَتِهِ فَيُعَايَا بِهَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَيَأْتِي فِي آخِرِ الْجَنَائِزِ: يَجِبُ بَقَاءُ دَمِ شَهِيدٍ عَلَيْهِ (وَكَدَمِ بَقٍّ وَقُمَّلٍ وَبَرَاغِيثَ وَذُبَابٍ وَنَحْوِهَا) مِنْ كُلِّ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ، فَإِنَّهُ طَاهِرٌ (وَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ) مِنْ مَأْكُولٍ طَاهِرَانِ لِحَدِيثِ " أُحِلَّ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ "(وَدُودُ الْقَزِّ) وَبَزْرُهُ طَاهِرٌ (وَالْمِسْكُ وَفَأْرَتُهُ) وَهِيَ سُرَّةُ الْغَزَالِ طَاهِرَةٌ (وَالْعَنْبَرُ) طَاهِرٌ، ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ الْعَنْبَرُ شَيْءٌ دَسَرَهُ الْبَحْرُ أَيْ: دَفَعَهُ وَرَمَى بِهِ.
(وَمَا يَسِيلُ مِنْ فَمٍ وَقْتَ النَّوْمِ) طَاهِرٌ (وَالْبُخَارُ الْخَارِجُ مِنْ الْجَوْفِ) طَاهِرٌ لِأَنَّهُ لَا تَظْهَرُ لَهُ صِفَةٌ بِالْمَحَلِّ وَلَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ (وَالْبَلْغَمُ) وَلَوْ أَزْرَقَ طَاهِرٌ، وَسَوَاءٌ كَانَ مِنْ الرَّأْسِ أَوْ الصَّدْرِ، أَوْ الْمَعِدَةِ، لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «فَإِذَا تَنَخَّعَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَنَخَّعْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَقُلْ هَكَذَا - وَوَصَفَهُ الْقَاسِمُ - فَتَفَلَ فِي ثَوْبِهِ، ثُمَّ مَسَحَ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ» وَلَوْ كَانَتْ نَجِسَةً لَمَا أَمَرَ بِمَسْحِهَا فِي ثَوْبِهِ، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، وَلَا تَحْتَ قَدَمِهِ (وَبَوْلُ سَمَكٍ) وَنَحْوِهِ مِمَّا يُؤْكَلُ (طَاهِرٌ) .
قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ (لَا الْعَلَقَةُ الَّتِي يُخْلَقُ مِنْهَا الْآدَمِيُّ أَوْ) يُخْلَقُ مِنْهَا (حَيَوَانٌ طَاهِرٌ) فَإِنَّهَا نَجِسَةٌ، لِأَنَّهَا دَمٌ خَارِجٌ مِنْ الْفَرْجِ (وَلَا الْبَيْضَةُ الْمَذِرَةُ) أَيْ: الْفَاسِدَةُ (أَوْ) الْبَيْضَةُ (الَّتِي صَارَتْ دَمًا) فَإِنَّهَا نَجِسَةٌ، أَمَّا الَّتِي صَارَتْ دَمًا فَلِأَنَّهَا فِي حُكْمِ
الْعَلَقَةِ وَأَمَّا الْمَذِرَةُ فَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَقَالَهُ ابْنُ تَمِيمٍ الصَّحِيحُ طَهَارَتُهَا كَاللَّحْمِ إذَا أَنْتَنَ (وَأَثَرُ الِاسْتِجْمَارِ نَجِسٌ) لِأَنَّهُ بَقِيَّةُ الْخَارِجِ مِنْ السَّبِيلِ (يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ) بَعْدَ الْإِنْقَاءِ وَاسْتِيفَاءِ الْعَدَدِ، بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ قَالَهُ فِي الشَّرْحِ، وَالْمُرَادُ فِي مَحَلِّهِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ فِي الْمُسْتَجْمِرِ يَعْرَقُ فِي سَرَاوِيلِهِ: لَا بَأْسَ بِهِ ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ (وَتَقَدَّمَ) فِي بَابِ الِاسْتِنْجَاءِ (وَ) يُعْفَى (عَنْ يَسِيرِ طِينِ شَارِعٍ تَحَقَّقَتْ نَجَاسَتُهُ) لِمَشَقَّةِ التَّحَرُّزِ مِنْهُ (وَ) يُعْفَى عَنْ (يَسِيرِ سَلَسِ بَوْلٍ، مَعَ كَمَالِ التَّحَفُّظِ) مِنْهُ لِلْمَشَقَّةِ (وَ) يُعْفَى عَنْ (يَسِيرِ دُخَانِ نَجَاسَةٍ وَغُبَارِهَا وَبُخَارِهَا مَا لَمْ تَظْهَرْ لَهُ صِفَةٌ) فِي الشَّيْءِ الطَّاهِرِ.
وَقَالَ جَمَاعَةٌ مَا لَمْ يَتَكَاثَفْ، لِعُسْرِ التَّحَرُّزِ عَنْ ذَلِكَ (وَ) يُعْفَى عَنْ (يَسِيرِ مَاءٍ نَجِسٍ) بِمَاءٍ عُفِيَ عَنْ يَسِيرِهِ كَمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّ كُلَّ نَجَاسَةٍ نَجَّسَتْ الْمَاءَ، فَحُكْمُ هَذَا الْمَاءِ الْمُتَنَجِّسِ بِهَا حُكْمُهَا لِأَنَّ نَجَاسَةَ الْمَاءِ نَاشِئَةٌ عَنْ نَجَاسَةِ الْوَاقِعِ فِيهِ.
فَهِيَ فَرْعُهُ (وَ) يُعْفَى (عَمَّا فِي عَيْنٍ مِنْ نَجَاسَةٍ) أَيْ: نَجَاسَةٍ كَانَتْ لِلتَّضَرُّرِ بِغَسْلِهَا (تَقَدَّمَ) فِي بَابِ الْوُضُوءِ.
(وَعَنْ حَمْلِ نَجِسٍ كَثِيرٍ فِي صَلَاةِ خَوْفٍ وَيَأْتِي) فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ (وَمَا تَنَجَّسَ بِمَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ) كَالدَّمِ وَنَحْوِهِ (عُفِيَ عَنْ أَثَرِ كَثِيرِهِ عَلَى جِسْمٍ صَقِيلٍ بَعْدَ الْمَسْحِ) لِأَنَّ الْبَاقِي بَعْدَ الْمَسْحِ يَسِيرٌ وَإِنْ كَثُرَ مَحَلُّهُ، فَعُفِيَ عَنْهُ كَيَسِيرِ غَيْرِهِ.
(وَالْمَذْي وَالْقَيْءُ) نَجِسٌ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَمَنْ غَسَلَ فَمَهُ مِنْ قَيْءٍ بَالَغَ فِي الْغَسْلِ كَمَا هُوَ فِي حَدِّ الظَّاهِرِ فَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَهَلْ يُبَالِغُ مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ دُخُولَ الْمَاءِ أَوْ مَا لَمْ يَظُنّ أَوْ مَا لَمْ يَحْتَمِلْ؟ يَتَوَجَّه احْتِمَالَاتٌ قَالَ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ: الظَّاهِرُ الثَّانِي لِأَنَّ غَالِبَ الْأَحْكَامِ مَنُوطَةٌ بِالظُّنُونِ.
(وَالْحِمَارُ الْأَهْلِيُّ وَالْبَغْلُ مِنْهُ وَسِبَاعُ الْبَهَائِمِ وَجَوَارِحُ الطَّيْرِ) مِنْ كُلِّ مَا لَا يُؤْكَلُ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْ الْهِرِّ خِلْقَةً نَجِسَةٌ، لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ الْمَاءِ وَمَا يَنُوبُهُ مِنْ السِّبَاعِ فَقَالَ:«إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَنْجَسْ وَلَوْ كَانَتْ طَاهِرَةً لَمْ يَحِدَّهُ بِالْقُلَّتَيْنِ» «وَقَالَ صلى الله عليه وسلم فِي الْحُمُرِ يَوْمَ خَيْبَرَ إنَّهَا رِجْسٌ» .
قَالَ فِي الْمُغْنِي: وَالصَّحِيحُ عِنْدِي طَهَارَةُ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ كَانَ يَرْكَبهُمَا وَيُرْكَبَانِ فِي زَمَنِهِ، وَفِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ فَلَوْ كَانَ نَجِسًا لَبَيَّنَ لَهُمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ وَأَمَّا الْحِمَارُ الْوَحْشِيُّ وَالْبَغْلُ مِنْهُ فَطَاهِرٌ مَأْكُولٌ، وَيَأْتِي (وَرِيقُهَا وَعَرَقُهَا) أَيْ: الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ وَسِبَاعِ الْبَهَائِمِ وَجَوَارِحِ الطَّيْرِ نَجِسَانِ؛ لِتَوَلُّدِهِمَا مِنْ النَّجِسِ (فَدَخَلَ فِيهِ) أَيْ: فِي عَرَقِ السِّبَاعِ (الزَّبَادُ) بِوَزْنِ سَحَابٍ، فَهُوَ نَجِسٌ (لِأَنَّهُ مِنْ حَيَوَانٍ بَرِّيٍّ غَيْرِ مَأْكُولٍ أَكْبَرَ مِنْ
الْهِرِّ) قَالَ ابْنُ الْبَيْطَارِ فِي مُفْرَدَاتِهِ.
قَالَ الشَّرِيفُ الْإِدْرِيسِيُّ: الزَّبَادُ نَوْعٌ مِنْ الطِّيبِ يُجْمَعُ مِنْ بَيْنِ أَفْخَاذِ حَيَوَانٍ مَعْرُوفٍ يَكُونُ بِالصَّحْرَاءِ يُصَادُ وَيُطْعَمُ اللَّحْمَ، ثُمَّ يَعْرَقُ فَيَكُونُ مِنْ عَرَقٍ بَيْنَ فَخِذَيْهِ حِينَئِذٍ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْ الْهِرِّ الْأَهْلِيّ اهـ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ فِي الْفُرُوعِ طَهَارَتُهُ قَالَ: وَهَلْ الزَّبَادُ لَبَنُ سِنَّوْرٍ بَحْرِيّ أَوْ عَرَقِ سِنَّوْرٍ بَرِّيٍّ؟ فِيهِ خِلَافٌ (وَأَبْوَالُهَا وَأَرْوَاثُهَا) أَيْ: الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَسِبَاعِ الْبَهَائِمِ وَالطَّيْرِ الْجَوَارِحِ: نَجِسَةٌ.
(وَبَوْلُ الْخُفَّاشِ وَالْخُطَّافِ، وَالْخَمْرُ وَالنَّبِيذُ الْمُحَرَّمُ) أَيْ: الْمُسْكِرُ أَوْ الَّذِي غَلَا وَقَذَفَ بِزَبَدِهِ، وَأَتَتْ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا. (وَالْجَلَّالَةُ قَبْلَ حَبْسِهَا) ثَلَاثًا تُطْعَمُ فِيهَا الطَّاهِرُ نَجِسَةٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ النَّهْيِ عَنْ أَكْلِهَا وَأَلْبَانِهَا (وَالْوَدْيُ) مَاءٌ أَبْيَضُ يَخْرُجُ عَقِبَ الْبَوْلِ (وَالْبَوْلُ وَالْغَائِطُ) مِنْ آدَمِيٍّ وَمَا لَا يُؤْكَلُ (نَجِسَةٌ) مِنْ غَيْرِهِ صلى الله عليه وسلم وَمِنْ غَيْرِ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ فَالنَّجِسُ مِنَّا طَاهِرٌ مِنْهُمْ (وَلَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ شَيْءٍ مِنْهَا) أَيْ: مِنْ الْمَذْيِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَفْوِ عَنْ النَّجَاسَةِ إلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ وَعَنْهُ فِي الْمَذْيِ وَالْقَيْءِ وَرِيقِ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ وَسِبَاعِ الْبَهَائِمِ وَالطَّيْرِ وَعَرَقِهَا وَبَوْل الْخُفَّاش وَالنَّبِيذِ أَنَّهُ كَالدَّمِ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ، لِمَشَقَّةِ التَّحَرُّزِ مِنْهُ (وَيُغْسَلُ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَيَانِ مِنْ الْمَذْيِ) مَا أَصَابَهُ سَبْعًا كَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ وَمَا لَمْ يُصِبْهُ مَرَّةً لِمَا رُوِيَ عَنْ «عَلِيٍّ قَالَ كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسْأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرْتُ الْمِقْدَادَ بْنَ الْأَسْوَدِ فَسَأَلَهُ قَالَ يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَيْهِ وَيَتَوَضَّأُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
(وَطِينُ الشَّارِعِ وَتُرَابُهُ طَاهِرٌ) وَإِنْ ظُنَّتْ نَجَاسَتُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ (مَا لَمْ تُعْلَم نَجَاسَتُهُ) فَيُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ وَتَقَدَّمَ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَوْ هَبَّتْ رِيحٌ فَأَصَابَ شَيْئًا رَطْبًا غُبَارٌ نَجِسٌ مِنْ طَرِيقٍ أَوْ غَيْرِهِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْمَسْأَلَةِ وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ النَّجَاسَةَ بِهِ وَأَطْلَقَ أَبُو الْمَعَالِي الْعَفْوَ عَنْهُ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْيَسِيرِ لِأَنَّ التَّحَرُّزَ لَا سَبِيلَ إلَيْهِ وَهَذَا مُتَوَجِّهٌ.
(وَلَا يَنْجُسُ الْآدَمِيُّ وَلَا طَرَفُهُ، وَلَا أَجْزَاؤُهُ) كَلَحْمِهِ وَعَظْمِهِ وَعَصَبِهِ (وَلَا مَشِيمَتِهِ) بِوَزْنِ فَعِيلَةٍ - كِيسِ الْوَلَدِ (وَلَوْ كَافِرًا بِمَوْتِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: 70] وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «إنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَنْجَسُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ
الْمُسْلِمُ لَا يَنْجَسُ حَيًّا وَلَا مَيِّتًا (فَلَا يُنَجِّسُ مَا وَقَعَ فِيهِ) آدَمِيٌّ أَوْ شَيْءٌ مِنْ أَجْزَائِهِ (فَغَيْرُهُ، كَرِيقِهِ) أَيْ: الْآدَمِيِّ (وَعَرَقِهِ وَبُزَاقِهِ وَمُخَاطِهِ، وَكَذَا مَا لَا نَفْسَ) أَيْ: دَمَ (لَهُ سَائِلَةٌ) لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «إذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ، ثُمَّ لِيَطْرَحْهُ فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ شِفَاءً وَفِي الْآخَرِ دَاءً» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالظَّاهِرُ مَوْتُهُ بِالْغَمْسِ، لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الطَّعَامُ حَارًّا.
وَلَوْ نَجَّسَ الطَّعَامَ لَأَفْسَدَهُ فَيَكُونُ أَمْرًا بِإِفْسَادِ الطَّعَامِ وَهُوَ خِلَافُ مَا قَصَدَهُ الشَّارِعُ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ بِغَمْسِهِ إزَالَةَ ضَرَرِهِ وَلِأَنَّهُ لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ أَشْبَهَ دُودَ الْخَلِّ إذَا مَاتَ فِيهِ وَاَلَّذِي لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ (كَذُبَابٍ وَبَقٍّ وَخَنَافِسَ) جَمْعُ خُنْفَسَاءَ بِضَمِّ الْخَاءِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَالْمَدِّ، وَيُقَالُ: خُنْفُسَةٌ ذَكَرَهُ فِي حَاشِيَتِهِ (وَعَقَارِبَ وَصَرَاصِيرَ وَسَرَطَانٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَبَوْلُهُ وَرَوْثُهُ) أَيْ: مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ طَاهِرَانِ، قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: فَبَوْلُهُ وَرَوْثُهُ طَاهِرٌ فِي قَوْلِهِمَا أَيْ: الشَّيْخَيْنِ قَالَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ.
وَقَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: وَجْهًا وَاحِدًا، ذَكَرَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَقَالَ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ: نَجَاسَتُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَأْكُولًا (وَلَا يُكْرَه مَا) أَيْ: طَعَامٌ أَوْ غَيْرُهُ (مَاتَ فِيهِ) مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ الْمُتَقَدِّمِ.
وَمَحَلُّ طَهَارَةِ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ (إنْ لَمْ يَكُنْ مُتَوَلِّدًا مِنْ نَجَاسَةٍ كَصَرَاصِيرِ الْحَشِّ) وَدُودِ الْجُرْحِ (فَإِنْ كَانَ مُتَوَلِّدًا مِنْهَا فَنَجِسٌ حَيًّا وَمَيِّتًا) لِأَنَّ الِاسْتِحَالَةَ غَيْرُ مُطَهِّرَةٍ (وَلِلْوَزَغِ نَفْسٌ سَائِلَةٌ نَصًّا، كَالْحَيَّةِ وَالضُّفْدَعِ وَالْفَأْرَةِ) فَتُنَجِّسُ بِالْمَوْتِ، بِخِلَافِ الْعَقْرَبِ (وَإِذَا مَاتَ فِي مَاءٍ يَسِيرٍ حَيَوَانٌ وَشَكَّ فِي نَجَاسَتِهِ) بِأَنْ لَمْ يَدْرِ أَلَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ أَمْ لَا؟ (لَمْ يُنَجِّسْ) الْمَاءَ لِأَنَّ الْأَصْلَ طَهَارَتُهُ فَيَبْقَى عَلَيْهَا، حَتَّى يَتَحَقَّقَ انْتِقَالُهُ عَنْهَا وَكَذَا إنْ شَرِبَ مِنْهُ حَيَوَانٌ يَشُكُّ فِي نَجَاسَةِ سُؤْرِهِ وَطَهَارَتِهِ.
(وَبَوْلُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَرَوْثُهُ) طَاهِرَانِ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ الْعُرَنِيِّينَ أَنْ يَلْحَقُوا بِإِبِلِ الصَّدَقَةِ فَيَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا " وَالنَّجِسُ لَا يُبَاحُ شُرْبُهُ، وَلَوْ أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ لَأَمَرَهُمْ بِغَسْلِ أَثَرِهِ إذَا أَرَادُوا الصَّلَاةَ وَكَانَ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِي مَرَابِضَ الْغَنَمِ وَأَمَرَ بِالصَّلَاةِ فِيهَا، وَطَافَ عَلَى بَعِيرِهِ (وَرِيقُهُ) أَيْ: مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ (وَبُزَاقُهُ وَمُخَاطُهُ وَدَمْعُهُ وَمَنِيُّهُ طَاهِرٌ) كَبَوْلِهِ وَأَوْلَى (كَمَنِيِّ الْآدَمِيّ) لِقَوْلِ عَائِشَةَ «كُنْتُ أَفْرُكُ الْمَنِيَّ مِنْ ثَوْبِ الرَّسُولِ ثُمَّ صلى الله عليه وسلم يَذْهَبُ فَيُصَلِّي فِيهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ امْسَحْهُ عَنْكَ بِإِذْخِرَةٍ أَوْ خِرْقَةٍ، فَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُخَاطِ وَالْبُصَاقِ رَوَاهُ سَعِيدٌ وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ مَرْفُوعًا وَفَارَقَ الْبَوْلَ وَالْمَذْيَ بِأَنَّهُ بَدْءُ خَلْقِ آدَمِيٍّ وَيُسْتَحَبُّ
غَسْلُهُ أَوْ فَرْكُهُ إنْ كَانَ مَنِيَّ رَجُلٍ لِمَا تَقَدَّمَ.
قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا أَوْجَبَ غُسْلًا أَوْ لَا، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ (وَلَوْ خَرَجَ) الْمَنِيُّ (بَعْدَ اسْتِجْمَارٍ) لِعُمُومِ مَا سَبَقَ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: سَوَاءٌ كَانَ مِنْ احْتِلَامٍ أَوْ جِمَاعٍ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ لَا يَجِبُ فِيهِ فَرْكٌ وَلَا غَسْلٌ ثُمَّ قَالَ: وَقِيلَ مَنِيُّ الْمُسْتَجْمِرِ نَجِسٌ دُونَ غَيْرِهِ (وَكَذَا رُطُوبَةُ فَرْجِ الْمَرْأَةِ) طَاهِرَةٌ لِلْحُكْمِ بِطَهَارَةِ مَنِيِّهَا، فَلَوْ حَكَمْنَا بِنَجَاسَةِ رُطُوبَةِ فَرْجِهَا لَزِمَ الْحُكْمُ بِنَجَاسَةِ مَنِيِّهَا.
(وَلَبَنُ غَيْرُ مَأْكُولٍ) كَلَبَنِ الْهِرِّ وَالْحِمَارِ (وَبَيْضُهُ) أَيْ: بَيْضُ غَيْرِ الْمَأْكُولِ، كَبَيْضِ الْبَازِ وَالْعُقَابِ وَالرَّخَمِ (وَمَنِيُّهُ مِنْ غَيْرِ آدَمِيٍّ: نَجِسٌ) كَبَوْلِهِ وَرَوْثِهِ (وَسُؤْرُ) بِضَمِّ السِّينِ وَبِالْهَمْزِ (الْهِرِّ) وَيُسَمَّى الضَّيْوَنَ بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ وَيَاءٍ وَنُونٍ وَالسِّنَّوْرِ وَالْقِطِّ (وَهُوَ) أَيْ: سُؤْرُهُ (فَضْلَةُ طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ) طَاهِرٌ.
(وَ) سُؤْرُ (مِثْلِ خَلْقِهِ) أَيْ: مِثْلِ الْهِرِّ فِي الْخِلْقَةِ (وَ) سُؤْرُ (مَا دُونَهُ) أَيْ: الْهِرِّ فِي الْخِلْقَةِ (مِنْ طَيْرٍ وَغَيْرِهِ طَاهِرٌ) لِمَا رَوَى مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي الْهِرِّ إنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ، إنَّهَا مِنْ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ» شَبَّهَهَا بِالْخُدَّامِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل {طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ} [النور: 58] وَلِعَدَمِ إمْكَانِ التَّحَرُّرِ مِنْهَا، كَحَشَرَاتِ الْأَرْضِ كَالْحَيَّةِ قَالَ الْقَاضِي فَطَهَارَتُهَا مِنْ النَّصِّ.
وَمِثْلُهَا وَمَا دُونَهَا مِنْ التَّعْلِيلِ (فَلَوْ أَكَلَ) هِرٌّ وَنَحْوُهُ (نَجَاسَةً ثُمَّ وَلَغَ فِي مَاءٍ يَسِيرٍ فَطَهُورٌ وَلَوْ لَمْ يَغِبْ) الْهِرُّ وَنَحْوُهُ بَعْدَ أَكْلِهِ النَّجَاسَةَ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ عَفَى عَنْهَا مُطْلَقًا لِمَشَقَّةِ التَّحَرُّزِ (وَكَذَا فَمُ طِفْلٍ وَبَهِيمَةٍ) إذَا أَكَلَا نَجَاسَةً ثُمَّ شَرِبَا مِنْ مَاءٍ يَسِيرٍ قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ فَيَكُونُ الرِّيقُ مُطَهِّرًا لَهَا وَدَلَّ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْ نَجَاسَةٍ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا، نَصَّ عَلَيْهِ (وَلَا يُكْرَه سُؤْرُهُنَّ نَصًّا) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْهِرِّ، وَلِعُمُومِ الْبَلْوَى بِنَقْرِ الْفَأْرِ وَغَيْرِهِ.
(وَفِي الْمُسْتَوْعَبِ وَغَيْرِهِ يُكْرَهُ سُؤْرُ الْفَأْرِ؛ لِأَنَّهُ يُوَرِّثُ النِّسْيَانَ وَيُكْرَهُ سُؤْرُ الدَّجَاجَةِ إذَا لَمْ تَكُنْ مَضْبُوطَةً نَصًّا) .
لِأَنَّ الظَّاهِرَ نَجَاسَتُهُ (وَسُؤْرُ الْحَيَوَانِ النَّجِسِ) كَالْكَلْبِ وَالْبَغْلِ وَالْحِمَارِ عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَتِهِمَا (نَجِسٌ) أَمَّا الشَّرَابُ فَلِأَنَّهُ مَائِعٌ لَاقَى النَّجَاسَةَ وَأَمَّا الطَّعَامُ فَلِنَجَاسَةِ رِيقِهَا الْمُلَاقِي لَهُ