الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَقَدَّمَ وَكُلٌّ مِنْهُمَا تَبْطُلُ بِشُرُوعِهِ فِي قِرَاءَةِ الَّتِي بَعْدَهَا.
(وَإِنْ تَرَكَ سَجْدَةً لَا يَعْلَمُ مِنْ أَيِّ رَكْعَةٍ أَتَى بِرَكْعَةٍ كَامِلَةٍ) لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ مِنْ غَيْرِ الْأَخِيرَةِ.
(وَلَوْ جَهِلَ عَيْنَ الرُّكْنِ الْمَتْرُوكِ) بِأَنْ ذَكَرَ أَنَّهُ تَرَكَ رُكْنًا وَجَهِلَ عَيْنَهُ بَنَى (عَلَى الْأَحْوَطِ أَيْضًا فَإِنْ شَكَّ فِي الْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ) أَيْ شَكَّ هَلْ الْمَتْرُوكُ قِرَاءَةٌ أَوْ رُكُوعٌ (جَعَلَهُ قِرَاءَةً) فَيَأْتِي بِهَا، ثُمَّ بِالرُّكُوعِ لِلتَّرْتِيبِ.
(وَإِنْ شَكَّ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ جَعَلَهُ رُكُوعًا) فَيَأْتِي بِهِ ثُمَّ بِالسُّجُودِ.
(فَإِنْ تَرَكَ آيَتَيْنِ مُتَوَالِيَتَيْنِ مِنْ الْفَاتِحَةِ جَعَلَهُمَا مِنْ رَكْعَةٍ) عَمَلًا بِالظَّاهِرِ (وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ تَوَالِيَهُمَا جَعَلَهُمَا مِنْ رَكْعَتَيْنِ) احْتِيَاطًا، لِئَلَّا يَخْرُجَ مِنْ الصَّلَاةِ وَهُوَ شَاكٌّ فِيهَا فَيَكُونُ مُغَرِّرًا بِهَا لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَا غِرَارَ فِي الصَّلَاةِ وَلَا تَسْلِيمَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد قَالَ الْأَثْرَمُ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ تَفْسِيرِهِ فَقَالَ: أَمَّا أَنَا فَلَا أَرَاهُ يَخْرُجُ مِنْهَا إلَّا عَلَى يَقِينٍ أَنَّهَا قَدْ تَمَّتْ.
[فَصْل مَا يُشْرَعُ لَهُ سُجُودُ السَّهْوِ]
فَصْل الْقَسْم الثَّالِث مِمَّا يُشْرَعُ لَهُ سُجُودُ السَّهْوِ الشَّكُّ فِي بَعْضِ صُوَرِهِ وَقَدْ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (مَنْ شَكَّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ بَنَى عَلَى الْيَقِينِ وَلَوْ) كَانَ الشَّاكُّ (إمَامًا) رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِهِ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَلِمَا رَوَى أَبُو سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ، فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى فَلْيَطْرَحْ الشَّكَّ، وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَكَطَهَارَةٍ وَطَوَافٍ ذَكَرَهُ ابْنُ شِهَابٍ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا شَكَّ فِيهِ وَكَمَا لَوْ شَكَّ فِي أَصْلِ الصَّلَاةِ وَسَوَاءٌ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ أَوْ لَا قَالَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ.
(وَعَنْهُ يَبْنِي إمَامٌ عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ) وَالْمُنْفَرِدُ عَلَى الْيَقِينِ ذَكَرَ فِي الْمُقْنِعِ أَنَّ هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ الْكَافِي وَالْوَجِيزِ وَذَكَرَ فِي الشَّرْحِ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ وَأَنَّهُ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ وَلِأَنَّ لِلْإِمَامِ مَنْ يُنَبِّهُهُ وَيُذَكِّرُهُ إذَا أَخْطَأَ الصَّوَابَ بِخِلَافِ الْمُنْفَرِدِ.
(إنْ كَانَ الْمَأْمُومُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَأْمُومُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ (بَنَى الْإِمَامُ عَلَى الْيَقِينِ) كَالْمُنْفَرِدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إلَيْهِ بِدَلِيلِ الْمَأْمُومِ الْوَاحِدِ لَا يَرْجِعُ إلَى فِعْلِ إمَامِهِ (اخْتَارَهُ) أَيْ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْإِمَامَ يَبْنِي عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ (جَمْعٌ) مِنْهُمْ مَنْ سَبَقَ بَيَانُهُ (وَيَأْخُذُ مَأْمُومٌ عِنْدَ شَكِّهِ بِفِعْلِ إمَامهِ، إذَا كَانَ الْمَأْمُومُ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ) ؛ لِأَنَّهُ يَبْعُدُ خَطَأُ اثْنَيْنِ وَإِصَابَةُ وَاحِدٍ
قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَيَتْبَعُ إمَامَهُ مَعَ عَدَمِ الْجَزْمِ بِخَطَئِهِ وَإِنْ جَزَمَ بِخَطَئِهِ لَمْ يَتْبَعْهُ وَلَمْ يُسَلِّمْ قَبْلَهُ وَالْمَأْمُومُ (فِي فِعْلِ نَفْسِهِ يَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ) لِمَا تَقَدَّمَ.
(فَلَوْ شَكَّ) الْمَأْمُومُ (هَلْ دَخَلَ مَعَهُ) أَيْ الْإِمَامِ (فِي) الرَّكْعَةِ (الْأُولَى) أَوْ (الثَّانِيَةِ؟ جَعَلَهُ) أَيْ الدُّخُولَ مَعَهُ (فِي الثَّانِيَةِ) فَيَقْضِي رَكْعَةً إذَا سَلَّمَ إمَامُهُ احْتِيَاطًا.
(وَلَوْ أَدْرَكَ) الْمَأْمُومُ (الْإِمَامَ رَاكِعًا ثُمَّ شَكَّ بَعْدَ تَكْبِيرِهِ) لِلْإِحْرَامِ (هَلْ رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ قَبْلَ إدْرَاكِهِ رَاكِعًا؟ لَمْ يَعْتَدَّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ) لِاحْتِمَالِ رَفْعِهِ مِنْ الرُّكُوعِ قَبْلَ إدْرَاكِهِ فِيهِ (وَحَيْثُ بَنَى) الْمُصَلِّي (عَلَى الْيَقِينِ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ) مِنْ صَلَاتِهِ، لِيَخْرُجَ مِنْ عُهْدَتِهِ (فَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا أَتَى بِهِ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ) كَالْمَسْبُوقِ وَلَا يُفَارِقُهُ قَبْلَ ذَلِكَ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ (وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ) لِيَجْبُرَ مَا فَعَلَهُ مَعَ الشَّكِّ فَإِنَّهُ نَقْصٌ فِي الْمَعْنَى.
(وَإِنْ كَانَ الْمَأْمُومُ وَاحِدًا) وَشَكَّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ وَنَحْوِهِ (لَمْ يُقَلِّدْ إمَامَهُ) لِاحْتِمَالِ السَّهْوِ مِنْهُ (كَمَا لَمْ يَرْجِعْ صلى الله عليه وسلم لِقَوْلِ ذِي الْيَدَيْنِ) وَحْدَهُ (وَيَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ) لِمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ سَلَّمَ إمَامُهُ أَتَى بِمَا شَكَّ فِيهِ (وَلَا أَثَرَ لِشَكِّهِ) أَيْ الْمُصَلِّي (بَعْدَ صَلَاتِهِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْعِبَادَاتِ لَوْ شَكَّ فِيهَا بَعْدَ فَرَاغِهَا) ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ أَتَى بِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ وَتَقَدَّمَ فِي الطَّهَارَةِ.
(وَمَنْ شَكَّ) قَبْلَ السَّلَامِ (فِي تَرْكِ رُكْنٍ فَهُوَ كَتَرْكِهِ) وَيَعْمَلُ بِالْيَقِينِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ.
(وَلَا يَسْجُدُ لِشَكِّهِ فِي تَرْكِ وَاجِبٍ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُوبِهِ فَلَا يَسْجُدُ بِالشَّكِّ (وَلَا) يَسْجُدُ (بِشَكِّهِ: هَلْ سَهَا) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ (أَوْ) شَكُّهُ (فِي زِيَادَةٍ) بِأَنْ شَكَّ فِي التَّشَهُّدِ، هَلْ زَادَ شَيْئًا (أَوْ) لَا لَمْ يَسْجُدْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزِّيَادَةِ (إلَّا إذَا شَكَّ فِيهَا وَقْتَ فِعْلِهَا) بِأَنْ شَكَّ فِي الْأَخِيرَةِ: هَلْ هِيَ زَائِدَةٌ أَوْ لَا؟ أَوْ وَهُوَ سَاجِدٌ: هَلْ سُجُودُهُ زَائِدٌ أَوْ لَا؟ فَيَسْجُدُ لِذَلِكَ جَبْرًا لِلنَّقْصِ الْحَاصِلِ فِيهِ بِالشَّكِّ (وَلَا) يَسْجُدُ (لِشَكِّهِ إذَا زَالَ) شَكُّهُ (وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مُصِيبٌ فِيمَا فَعَلَهُ) إمَامًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ لِزَوَالِ مُوجِبِ السُّجُودِ.
(وَلَوْ شَكَّ) مَنْ سَهَا (هَلْ سَجَدَ لِسَهْوِهِ أَمْ لَا سَجَدَ) لِلسَّهْوِ، وَكَفَاهُ سَجْدَتَانِ (وَلَيْسَ عَلَى الْمَأْمُومِ سُجُودُ سَهْوٍ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ يَرْفَعُهُ «لَيْسَ عَلَى مَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ سَهْوٌ فَإِنْ سَهَا الْإِمَامُ فَعَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ خَلْفَهُ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ كَانَ أَتَى بِمَا مَحَلّ سُجُودِهِ بَعْدَ السَّلَامِ (إلَّا أَنْ يَسْهُوَ إمَامُهُ فَيَسْجُدُ) الْمَأْمُومُ (مَعَهُ) سَوَاءٌ سَهَا الْمَأْمُومُ أَوْ لَا حَكَاهُ إِسْحَاقُ وَابْنُ الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا لِعُمُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا» (وَلَوْ لَمْ يُتِمَّ) الْمَأْمُومُ (التَّشَهُّدَ، ثُمَّ يُتِمُّهُ) بَعْدَ سُجُودِهِ مَعَ إمَامِهِ مُتَابَعَةً لَهُ (وَلَوْ) كَانَ الْمَأْمُومُ
(مَسْبُوقًا سَوَاءً كَانَ سَهْوُ إمَامِهِ فِيمَا أَدْرَكَهُ) الْمَسْبُوقُ (مَعَهُ أَوْ قَبْلَهُ، وَسَوَاءٌ سَجَدَ إمَامُهُ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ) لِعُمُومِ مَا تَقَدَّمَ.
(فَلَوْ قَامَ) الْمَسْبُوقُ لِقَضَاءِ مَا فَاتَهُ (بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ رَجَعَ) وُجُوبًا إنْ لَمْ يَسْتَقِمْ قَائِمًا (فَسَجَدَ مَعَهُ) لِسَهْوِهِ وَإِنْ اسْتَتَمَّ قَائِمًا كُرِهَ رُجُوعُهُ (وَإِنْ شَرَعَ فِي الْقِرَاءَةِ لَمْ يَرْجِعْ) أَيْ حَرُمَ رُجُوعُهُ كَمَا لَوْ نَهَضَ عَنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ فِي الشَّرْحِ.
(وَإِنْ أَدْرَكَهُ) الْمَسْبُوقُ (فِي إحْدَى سَجْدَتَيْ السَّهْوِ الْأَخِيرَةِ سَجَدَ مَعَهُ) السَّجْدَةَ الَّتِي أَدْرَكَهُ فِيهَا، مُتَابَعَةً لَهُ (فَإِذَا سَلَّمَ) إمَامُهُ (أَتَى) الْمَسْبُوقُ (بِ) السَّجْدَةِ (الثَّانِيَةِ) مِنْ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ، لِيُوَالِيَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ (ثُمَّ قَضَى) الْمَسْبُوقُ (صَلَاتَهُ نَصًّا) لِعُمُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا» .
(وَإِنْ أَدْرَكَهُ) الْمَسْبُوقُ (بَعْدَ سُجُودِ السَّهْوِ وَقَبْلَ السَّلَامِ لَمْ يَسْجُدْ) الْمَسْبُوقُ لِسَهْوِ إمَامِهِ؛ لِأَنَّ سَهْوَ الْإِمَامِ قَدْ انْجَبَرَ بِسُجُودِهِ قَبْلَ دُخُولِهِ مَعَهُ أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَسْجُدْ الْمَسْبُوقُ لِسَلَامِهِ مَعَ إمَامِهِ سَهْوًا؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُنْفَرِدًا بِسَلَامِ إمَامِهِ.
(وَيَسْجُدُ مَسْبُوقٌ)(لِسَهْوِهِ مَعَهُ) أَيْ مَعَ إمَامِهِ (وَ) يَسْجُدُ مَسْبُوقٌ لِسَهْوِهِ (فِيمَا انْفَرَدَ بِهِ) رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ، قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ، وَظَاهِرُهُ: لَوْ كَانَ سَجَدَ مَعَ إمَامِهِ لِسَهْوِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا صَوَّرُوا بِهِ سِتّ تَشَهُّدَاتٍ فِي الْمَغْرِبِ وَيَأْتِي فِي الْجَمَاعَةِ (حَتَّى فِيمَنْ فَارَقَهُ لِعُذْرٍ) أَيْ لَوْ سَهَا الْإِمَامُ أَوْ الْمَأْمُومُ وَهُوَ مَعَهُ، ثُمَّ فَارَقَهُ لِعُذْرِ يُبِيحُ الْمُفَارَقَةَ، فَإِنَّهُ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ صَلَاتُهُ مُنْفَرِدًا.
(وَلَا يُعِيدُ) الْمَسْبُوقُ (السُّجُودَ إذَا سَجَدَ مَعَ إمَامِهِ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ سَجَدَ وَانْجَبَرَتْ صَلَاتُهُ وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ سَهْوٌ فِيمَا أَدْرَكَهُ مَعَ الْإِمَامِ (وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ) الْمَسْبُوقُ (مَعَهُ) أَيْ مَعَ إمَامِهِ لِسَهْوِهِ لِعُذْرٍ (سَجَدَ) الْمَسْبُوقُ (آخِرَ الصَّلَاةِ) وَجْهًا وَاحِدًا قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ.
(وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ الْإِمَامُ) لِسَهْوِهِ (سَهْوًا أَوْ عَمْدًا، لِاعْتِقَادِهِ عَدَمَ وُجُوبِهِ سَجَدَ الْمَأْمُومُ بَعْدَ سَلَامِهِ وَالْإِيَاسِ مِنْ سُجُودِهِ) ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ نَقَصَتْ بِسَهْوِ إمَامِهِ فَلَزِمَهُ جَبْرُهَا كَمَا لَوْ انْفَرَدَ لِعُذْرٍ وَلِعُمُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فَعَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ خَلْفَهُ (لَكِنْ يَسْجُدُ الْمَسْبُوقُ) الَّذِي لَمْ يَسْجُدْ إمَامُهُ لِسَهْوِهِ (إذَا فَرَغَ) مِنْ قَضَاءِ مَا فَاتَهُ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ سُجُودِ السَّهْوِ آخِرَ الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا كَانَ يَسْجُدُهُ مَعَ الْإِمَامِ مُتَابَعَةً لَهُ وَإِنْ تَرَكَ الْإِمَامُ سُجُودَ السَّهْوِ الْوَاجِبِ قَبْلَ السَّلَامِ مَعَ اعْتِقَادِهِ وُجُوبَهُ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَفِي صَلَاتِهِمْ رِوَايَتَانِ.
وَفِي الشَّرْحِ: وَجْهَانِ قُلْتُ مُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ بُطْلَانُ صَلَاتِهِمْ وَإِنْ كَانَ مَحَلُّهُ بَعْدَ السَّلَامِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ وَلَا صَلَاتُهُمْ لِمَا يَأْتِي.
وَلَمَّا انْتَهَى الْكَلَامُ عَلَى أَسْبَابِ سُجُودِ السَّهْوِ أَخَذَ يَتَكَلَّمُ عَلَى أَحْكَامِهِ، وَكَيْفِيَّتِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ فَقَالَ:(وَسُجُودُ السَّهْوِ لِمَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ الصَّلَاةَ وَاجِبٌ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم -
ثُمَّ لِيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَالْأَصْلُ فِي الْأَمْرِ لِلْوُجُوبِ، وَدَخَلَ فِيمَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ: الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ وَالشَّكُّ فِي صُوَرِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ (سِوَى نَفْسِ سُجُودِ سَهْوٍ) مَحَلُّهُ (قَبْلَ السَّلَامِ، فَإِنَّهَا) أَيْ الصَّلَاةَ (تَصِحُّ مَعَ سَهْوِهِ) أَيْ مَعَ تَرْكِهِ سَهْوًا كَسَائِرِ الْوَاجِبَاتِ.
(وَلَا يَجِبُ السُّجُودُ لَهُ) أَيْ لَا يَجِبُ السُّجُودُ لِتَرْكِهِ سَهْوًا، بَلْ إنْ ذَكَرَهُ قَرِيبًا أَتَى بِهِ بِشَرْطِهِ الْآتِي، وَإِلَّا سَقَطَ لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ.
(وَسِوَى مَا إذَا لَحَنَ لَحْنًا يُحِيلُ الْمَعْنَى سَهْوًا أَوْ جَهْلًا) فَإِنَّ عَمْدَهُ يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَلَا يَجِبُ السُّجُودُ لِسَهْوِهِ أَوْ فِعْلِهِ جَهْلًا.
(قَالَهُ الْمَجْدُ) عَبْدُ السَّلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ (فِي شَرْحِهِ) عَلَى الْهِدَايَةِ (وَالْمَذْهَبُ: وُجُوبُ السُّجُودِ) لِلَّحْنِ الْمُحِيلِ لِلْمَعْنَى سَهْوًا أَوْ جَهْلًا كَسَائِرِ مَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ الصَّلَاةَ (وَمَحَلُّهُ) أَيْ سُجُودِ السَّهْوِ (نَدْبًا) قَالَ الْقَاضِي لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الْأَمْرَيْنِ، أَيْ السُّجُودِ قَبْلَ السَّلَامِ وَبَعْدَهُ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي الْأَوْلَى وَالْأَفْضَلُ فَلَا مَعْنَى لِادِّعَاءِ النَّسْخِ (قَبْلَ السَّلَامِ) ؛ لِأَنَّهُ إتْمَامٌ لِلصَّلَاةِ، فَكَانَ فِيهَا كَسُجُودِ صُلْبِهَا (إلَّا فِي السَّلَامِ قَبْلَ إتْمَامِ صَلَاتِهِ إذَا سَلَّمَ عَنْ نَقْصِ رَكْعَةٍ فَأَكْثَرَ) لِحَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَذِي الْيَدَيْنِ، وَلِأَنَّهُ مِنْ إتْمَامِ الصَّلَاةِ فَكَانَ قَبْلَ السَّلَامِ كَسُجُودِ صُلْبِهَا وَقَوْلُهُ: عَنْ نَقْصِ رَكْعَةٍ فَأَكْثَر: تَبِعَ فِيهِ صَاحِبَ الْخِلَافِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا حَيْثُ قَالُوا: عَنْ نَقْصِ رَكْعَةٍ وَإِلَّا قَبْلَهُ نَصَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: فَظَاهِرُهُ: لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُسَلِّمَ عَنْ نَقْصِ رَكْعَةٍ أَوْ أَقَلَّ ثُمَّ حَكَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْخِلَافِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا وَإِلَّا.
(فِيمَا إذَا بَنَى الْإِمَامُ عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ إنْ قُلْنَا بِهِ) وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ (فَ) إنَّهُ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ السَّلَامِ (نَدْبًا نَصًّا) لِحَدِيثِ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا «إذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ، فَلْيُتِمَّ مَا عَلَيْهِ ثُمَّ يَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» مُتَّفَق عَلَيْهِ وَفِي الْبُخَارِيّ بَعْدَ التَّسْلِيمِ.
(وَإِنْ نَسِيَهُ) أَيْ سُجُودَ السَّهْوِ (قَبْلَ السَّلَامِ) أَتَى بِهِ بَعْدَهُ، مَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ، لِمَا رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ وَالْكَلَامِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(أَوْ) نَسِيَهُ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ السَّلَامِ أَيْ عَقِبَهُ (أَتَى بِهِ مَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ عُرْفًا وَلَوْ انْحَرَفَ عَنْ الْقِبْلَةِ أَوْ تَكَلَّمَ) لِمَا تَقَدَّمَ.
(فَلَوْ) نَسِيَ سُجُودَ السَّهْوِ (حَتَّى شَرَعَ فِي صَلَاةٍ) ثُمَّ ذَكَرَهُ (قَضَاهُ إذَا سَلَّمَ) إنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ (وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ) لَمْ يَسْجُدْ؛ لِأَنَّهُ لِتَكْمِيلِ الصَّلَاةِ فَلَا يَأْتِي بِهِ بَعْدَ طُولِ الْفَصْلِ كَرُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِهَا (أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ) لَمْ يَسْجُدْ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ مَحَلُّ الصَّلَاةِ فَاعْتُبِرَتْ فِيهِ الْمُدَّةُ كَخِيَارِ الْمَجْلِسِ (أَوْ أَحْدَث لَمْ يَسْجُدْ) لِلسَّهْوِ، لِفَوَاتِ شَرْطِ الصَّلَاةِ (وَصَحَّتْ) صَلَاته؛ لِأَنَّهُ جَابِرٌ لِلْعِبَادَةِ، كَجُبْرَانَاتِ الْحَجِّ فَلَمْ تَبْطُلْ بِفَوَاتِهِ.
(وَيَكْفِيه لِجَمِيعِ السَّهْوِ: سَجْدَتَانِ وَلَوْ اخْتَلَفَ مَحَلُّهُمَا) أَيْ مَحَلُّ السَّهْوَيْنِ