المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب نواقض الوضوء وهي مفسداته] - كشاف القناع عن متن الإقناع - ت مصيلحي - جـ ١

[البهوتي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَةُ الْكِتَابِ]

- ‌[لَمْ يُؤَلِّفْ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الْفِقْهِ كِتَابًا]

- ‌[كِتَابُ الطَّهَارَةِ]

- ‌[أَقْسَامُ الْمَاءِ]

- ‌[الْقِسْمُ الْأَوَّلُ الْمَاءُ الطَّهُور]

- ‌[فَصْل فِي الْقِسْمُ الثَّانِي الْمَاءِ الطَّاهِر غَيْرُ الْمُطَهِّر]

- ‌[فَصْل فِي الْقِسْم الثَّالِثُ مِنْ أَقْسَامِ الْمِيَاهِ الْمَاءُ نَجَسٌ]

- ‌[فَصْلٌ الْكَثِيرُ قُلَّتَانِ فَصَاعِدًا]

- ‌[فَصْلٌ الشَّكَّ فِي نَجَاسَةِ الْمَاء أَوْ غَيْرِهِ]

- ‌[بَابُ الْآنِيَةِ]

- ‌[بَابُ الِاسْتِطَابَةِ وَآدَابِ التَّخَلِّي]

- ‌[فَصْلٌ إذَا انْقَطَعَ بَوْلُهُ اُسْتُحِبَّ لَهُ مَسْحُ ذَكَرِهِ بِيَدِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الِاسْتِجْمَارُ بِكُلِّ طَاهِرٍ جَامِدٍ]

- ‌[بَابُ السِّوَاكِ وَغَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلُ الِامْتِشَاطِ وَالِادِّهَانِ فِي بَدَنٍ وَشَعْرٍ غِبًّا]

- ‌[بَابُ الْوُضُوءِ]

- ‌[فَصْلٌ يَنْوِيَ الْوُضُوءَ لِلصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا]

- ‌[فَصْلٌ يَغْسِلُ وَجْهَهُ]

- ‌[فَصْلٌ يَغْسِلُ يَدَيْهِ إلَى الْمَرْفِقَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ يَمْسَحُ جَمِيعَ ظَاهِرِ رَأْسِهِ]

- ‌[فَصْلٌ يَغْسِلُ رِجْلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّرْتِيبُ وَالْمُوَالَاةُ]

- ‌[فَصْلٌ سُنَنُ الْوُضُوءِ]

- ‌[بَابُ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ وَسَائِرِ الْحَوَائِلِ]

- ‌[بَابُ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ وَهِيَ مُفْسِدَاتُهُ]

- ‌[فَصْلٌ أَحْدَثَ حَدَثًا أَكْبَرَ أَوْ أَصْغَرَ]

- ‌[بَابُ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ وَمَا يُسَنُّ لَهُ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ لَزِمَهُ الْغُسْلُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ]

- ‌[فَصْلٌ أَحْكَام الْحَمَّام وَآدَاب دُخُولِهِ]

- ‌[بَابُ التَّيَمُّمِ]

- ‌[فَصْلٌ عَدِمَ الْمَاءَ وَظَنَّ وُجُودَهُ]

- ‌[فَصْلٌ وَلَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ إلَّا بِتُرَابٍ طَهُورٍ]

- ‌[فَصْلٌ فَرَائِضُ التَّيَمُّمِ عَنْ حَدَثٍ أَصْغَرَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُبْطِلَاتِ التَّيَمُّمِ]

- ‌[بَابُ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ الْحُكْمِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ وَتَطْهُرُ أَرْضٌ مُتَنَجِّسَةٌ بِمَائِعٍ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ نَجَاسَةٍ وَلَوْ لَمْ يُدْرِكْهَا الْبَصَرُ]

- ‌[بَابُ الْحَيْضِ وَالِاسْتِحَاضَةِ وَالنِّفَاسِ]

- ‌[فَصْلٌ وَالْمُبْتَدَأُ بِهَا الدَّمُ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُعْتَادَةُ إذَا اُسْتُحِيضَتْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّلْفِيقِ وَشَيْءٍ مِنْ أَحْكَامِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَنَحْوِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي النِّفَاسِ]

- ‌[كِتَابُ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ جَحَدَ وُجُوبَ صَلَاةٍ مِنْ الْخَمْسِ]

- ‌[بَابُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ]

- ‌[بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُدْرَكُ بِهِ أَدَاءُ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي قَضَاءِ الْفَوَائِتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[بَابُ سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَأَحْكَامُ اللِّبَاسِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا مَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا]

- ‌[فَصْلٌ لُبْسُ مَا فِيهِ صُورَةٌ]

- ‌[بَابُ اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ وَمَوَاضِعُ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي نُهِيَ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[بَابُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَبَيَانِ أَدِلَّتِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ]

- ‌[فَصْلٌ وَإِذَا اخْتَلَفَ اجْتِهَادُ رَجُلَيْنِ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ]

- ‌[بَابُ النِّيَّةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[بَابُ آدَابِ الْمَشْيِ إلَى الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَسْتَفْتِحُ الصَّلَاةَ سِرًّا]

- ‌[فَصْلٌ يَقْرَأُ الْبَسْمَلَةَ سِرًّا فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَرْفَعُ يَدَيْهِ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ يُصَلِّي الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ كَالرَّكْعَةِ الْأُولَى]

- ‌[فَصْل السَّلَامِ بَعْد التَّشَهُّدِ]

- ‌[فَصْل يُسَنُّ ذِكْرُ اللَّهِ وَالدُّعَاءُ وَالِاسْتِغْفَارُ عَقِبَ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُكْرَهُ وَمَا يُبَاحُ وَمَا يُسْتَحَبُّ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْل تَنْقَسِمُ أَقْوَالُ الصَّلَاةِ وَأَفْعَالُهَا إلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ]

- ‌[بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ]

- ‌[فَصْل فِي السُّجُودِ عَنْ نَقْصٍ فِي صَلَاتِهِ]

- ‌[فَصْل مَا يُشْرَعُ لَهُ سُجُودُ السَّهْوِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ]

- ‌[فَصْلٌ السُّنَنُ الرَّاتِبَةُ الَّتِي تُفْعَلُ مَعَ الْفَرَائِضِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّرَاوِيحُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ سَنَّهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ حِفْظُ الْقُرْآنِ]

- ‌[فَصْلٌ تُسْتَحَبُّ النَّوَافِلُ الْمُطْلَقَةُ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ صَلَاةُ الضُّحَى]

- ‌[فَصْلٌ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ الْأَوْقَاتِ الَّتِي نُهِيَ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ كَبَّرَ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ التَّسْلِيمَةَ الْأُولَى]

- ‌[فَصْلٌ الْأَوْلَى أَنْ يَشْرَعَ الْمَأْمُومُ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ بَعْدَ شُرُوعِ إمَامِهِ مِنْ غَيْرِ تَخَلُّفٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِمَامَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَوْقِفِ الْمَأْمُومِينَ خَلْفَ الْإِمَامِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الِاقْتِدَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَعْذَارِ الْمُبِيحَةِ لِتَرْكِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ أَهْلِ الْأَعْذَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقَصْرِ]

- ‌[فَصْلٌ نِيَّةُ الْقَصْرِ]

الفصل: ‌[باب نواقض الوضوء وهي مفسداته]

خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ إلَّا مِنْ جَنَابَةٍ» (إلَّا الْجَبِيرَةَ) لِحَدِيثِ جَابِرٍ وَلِأَنَّ الضَّرَرَ يَلْحَقُ بِنَزْعِهَا بِخِلَافِ الْخُفِّ.

(وَامْرَأَةٌ كَرَجُلٍ فِي مَسْحِ) مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْحَوَائِلِ، لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ (غَيْرَ الْعِمَامَةِ) فَيَمْسَحُ عَلَيْهَا الذَّكَرُ دُونَ الْمَرْأَةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَا يَمْسَحُ الْخُنْثَى عَلَى عِمَامَةٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أُنْثَى.

[بَابُ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ وَهِيَ مُفْسِدَاتُهُ]

(بَابُ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ وَهِيَ مُفْسِدَاتُهُ) النَّوَاقِضُ: جَمْعُ نَاقِضَةٍ أَوْ نَاقِضٍ، وَقَوْلُهُمْ فَاعِلٌ لَا يُجْمَعُ عَلَى فَوَاعِلَ وَصْفًا، وَشَذَّ: فَوَارِسُ وَهَوَالِكُ وَنَوَاكِسُ، فِي فَارِسٍ وَهَالِكٍ وَنَاكِس خَصَّهُ ابْنُ مَالِكٍ وَطَائِفَةٌ بِمَا إذَا كَانَ وَصْفًا لِعَاقِلٍ وَمَا هُنَا لَيْسَ مِنْهُ يُقَالُ: نَقَضْتُ الشَّيْءَ إذَا أَفْسَدْتُهُ وَالنَّقْضُ حَقِيقَةٌ فِي الْبِنَاءِ، وَاسْتِعْمَالُهُ فِي الْمَعَانِي مَجَازٌ كَنَقْضِ الْوُضُوءِ وَنَقْضِ الْعِلَّةِ، وَعَلَاقَتُهُ الْإِبْطَالُ.

(وَهِيَ) أَيْ: نَوَاقِضُ الْوُضُوءِ (ثَمَانِيَةُ) أَنْوَاعٍ بِالِاسْتِقْرَاءِ أَحَدُهَا (الْخَارِجُ مِنْ السَّبِيلَيْنِ إلَى مَا هُوَ فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ، وَيَلْحَقُهُ حُكْمُ التَّطْهِيرِ) مِنْ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [المائدة: 6] وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ» الْحَدِيثَ.

وَقَوْلُهُ فِي الْمَذْيِ «يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ» وَقَوْلُهُ «لَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» وَقَوْلُهُ: وَيَلْحَقُهُ حُكْمُ التَّطْهِيرِ: مُخْرِجٌ لِبَاطِنِ فَرْجِ الْأُنْثَى، إنْ قُلْنَا: هُوَ فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ، لَكِنْ لَا يَلْزَمُ تَطْهِيرُهُ لِلْمَشَقَّةِ، وَعَطَفُ تَفْسِيرٍ إنْ قُلْنَا هُوَ فِي حُكْمِ الْبَاطِنِ (إلَّا مِمَّنْ حَدَثُهُ دَائِمٌ) فَلَا يَبْطُلُ وُضُوءُهُ بِالْحَدَثِ الدَّائِمِ لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ (قَلِيلًا كَانَ) الْخَارِجُ (أَوْ كَثِيرًا) لِعُمُومِ مَا تَقَدَّمَ (نَادِرًا) كَانَ (أَوْ مُعْتَادًا) أَمَّا الْمُعْتَادُ، كَالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَالْوَدْيِ وَالْمَذْيِ وَالرِّيحِ، فَلِمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا النَّادِرُ، كَالدَّمِ وَالدُّودِ وَالْحَصَى، فَلِمَا رَوَى عُرْوَةُ.

«عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ أَنَّهَا كَانَتْ تُسْتَحَاضُ، فَسَأَلَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إذَا كَانَ دَمُ الْحَيْضِ

ص: 122

فَإِنَّهُ أَسْوَدُ يُعْرَفُ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَأَمْسِكِي عَنْ الصَّلَاةِ، وَإِذَا كَانَ الْآخَرُ فَتَوَضَّئِي فَإِنَّمَا هُوَ دَمُ عِرْقٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَقَالَ: إسْنَادُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ فَأَمَرَهَا بِالْوُضُوءِ وَدَمُهَا غَيْرُ مُعْتَادٍ فَيُقَاسُ عَلَيْهِ مَا سِوَاهُ (طَاهِرًا) كَانَ الْخَارِجُ، كَوَلَدٍ بِلَا دَمٍ (أَوْ نَجِسًا) كَالْبَوْلِ وَغَيْرِهِ فَيَنْقُضُ الْخَارِجُ مِنْ السَّبِيلَيْنِ (وَلَوْ) كَانَ (رِيحًا مِنْ قُبُلِ أُنْثَى، أَوْ) مِنْ (ذَكَرٍ) لِعُمُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَا وُضُوءَ إلَّا مِنْ حَدَثٍ أَوْ رِيحٍ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ شَامِلٌ لِلرِّيحِ مِنْ الْقُبُلِ.

وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْأَشْبَهُ بِمَذْهَبِنَا أَنْ لَا يَنْقُضَ؛ لِأَنَّ الْمَثَانَةَ لَيْسَ لَهَا مَنْفَذٌ إلَى الْجَوْفِ، وَلَمْ يَجْعَلْهَا أَصْحَابُنَا جَوْفًا، فَلَمْ يُبْطِلُوا الصَّوْمَ بِالْحُقْنَةِ فِيهِ قَالَ فِي الْمُغْنِي: وَلَا نَعْلَمُ لِهَذَا - أَيْ: خُرُوجِ الرِّيحِ مِنْ الْقُبُلِ - وُجُودًا وَلَا نَعْلَمُ وُجُودَهُ فِي حَقِّ أَحَدٍ وَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ يُعْلَمُ وُجُودُهُ بِأَنْ يَحُسَّ الْإِنْسَانُ فِي ذَكَرِهِ دَبِيبًا وَهَذَا لَا يَصِحُّ، فَإِنَّ هَذَا لَا يَحْصُلُ بِهِ الْيَقِينُ وَالطَّهَارَةُ لَا تُنْقَضُ بِالشَّكِّ، فَإِنْ قَدَّرَ وُجُودَ ذَلِكَ يَقِينًا نَقَضَ الطَّهَارَةَ؛ لِأَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ السَّبِيلَيْنِ، فَنَقَضَ قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الْخَوَارِجِ.

(فَلَوْ احْتَمَلَ) الْمُتَوَضِّئُ (فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ قُطْنًا أَوْ مِيلًا، ثُمَّ خَرَجَ وَلَوْ بِلَا بَلَلٍ) نَقَضَ صَحَّحَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَنَصَرَهُ قَالَ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ: وَهُوَ الصَّوَابُ وَخُرُوجُهُ بِلَا بَلَّةٍ نَادِرٌ جِدًّا، فَعُلِّقَ الْحُكْمُ عَلَى الْمَظِنَّةِ وَقِيلَ: لَا يَنْقُضُ إنْ خَرَجَ بِلَا بَلَلٍ.

قَالَ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ وَالْإِنْصَافِ، وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حَمْدَانَ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، زَادَ فِي الْإِنْصَافِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ انْتَهَى.

قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى: وَهُوَ الْمَذْهَبُ (أَوْ قَطَرَ فِي إحْلِيلِهِ دُهْنًا) أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الْمَائِعَاتِ (ثُمَّ خَرَجَ) نَقَضَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ بَلَّةٍ نَجِسَةٍ تَصْحَبُهُ (أَوْ خَرَجَتْ الْحُقْنَةُ مِنْ الْفَرْجِ) نَقَضَتْ (أَوْ ظَهَرَ طَرَفُ مُصْرَانٍ أَوْ رَأْسُ، دُودَةٍ) نَقَضَ.

قَالَ فِي الْإِنْصَافِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ انْتَهَى، وَكَلَامُهُ فِي الْفُرُوعِ أَنَّهُ كَخُرُوجِ الْمَقْعَدَةِ، فَعَلَيْهِ لَا نَقْضَ بِلَا بَلَلٍ (أَوْ وَطِئَ دُونَ الْفَرْجِ فَدَبَّ مَاؤُهُ فَدَخَلَ فَرْجَهَا) ثُمَّ خَرَجَ نَقَضَ (أَوْ اسْتَدْخَلَتْهُ) أَيْ: مَنِيَّ الرَّجُلِ (أَوْ) اسْتَدْخَلَتْ (مَنِيَّ امْرَأَةٍ أُخْرَى، ثُمَّ خَرَجَ نَقَضَ) الْوُضُوءُ؛ لِأَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ السَّبِيلِ (وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا الْغُسْلُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ دَفْقًا بِشَهْوَةٍ.

(فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْحُقْنَةِ) شَيْءٌ (أَوْ) لَمْ يَخْرُجْ مِنْ (الْمَنِيِّ شَيْءٌ لَمْ يُنْقَضْ) الْوُضُوءُ (لَكِنْ إنْ كَانَ الْمُحْتَقِنُ) أَوْ الْحَاقِنُ (قَدْ أَدْخَلَ رَأْسَ الزَّرَّاقَةِ ثُمَّ أَخْرَجَهُ نُقِضَ) ؛ لِأَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ سَبِيلٍ (وَلَوْ ظَهَرَتْ مَقْعَدَتُهُ فَعَلِمَ أَنَّ عَلَيْهَا بَلَلًا) وَلَمْ

ص: 123

يَنْفَصِلْ (انْتَقَضَ) وُضُوءُهُ بِالْبَلَلِ الَّذِي عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ سَبِيلٍ وَ (لَا) يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ (إنْ جَهِلَ) أَنَّ عَلَيْهَا بَلَلًا؛ لِأَنَّهُ لَا نَقْضَ بِالشَّكِّ (أَوْ صَبَّ دُهْنًا) أَوْ غَيْرَهُ (فِي أُذُنِهِ فَوَصَلَ إلَى دِمَاغِهِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا أَوْ) خَرَجَ (مِنْ فِيهِ) ؛ لِأَنَّهُ خَارِجٌ طَاهِرٌ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلِ أَشْبَهَ الْبُصَاقَ.

(وَلَا يَنْقُضُ يَسِيرُ نَجِسٍ خَرَجَ مِنْ أَحَدِ فَرْجَيْ خُنْثَى مُشْكِلٍ غَيْرَ بَوْلٍ وَغَائِطٍ) ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ مُتَيَقَّنَةٌ، فَلَا تَبْطُلُ مَعَ الشَّكِّ فِي شَرْطِ النَّاقِضِ، وَهُوَ كَوْنُهُ مِنْ فَرْجٍ أَصْلِيٍّ وَأَمَّا إذَا كَانَ النَّجِسُ كَثِيرًا أَوْ بَوْلًا أَوْ غَائِطًا فَإِنَّهُ يَنْقُضُ مُطْلَقًا، وَكَذَا الْيَسِيرُ إذَا خَرَجَ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمْ أَصْلٌ وَلَا بُدَّ الثَّانِي مِنْ النَّوَاقِضِ.

(خُرُوجُ النَّجَاسَاتِ مِنْ بَقِيَّةِ الْبَدَنِ، فَإِنْ كَانَتْ) النَّجَاسَاتُ (غَائِطًا أَوْ بَوْلًا، نُقِضَ وَلَوْ قَلِيلًا، مِنْ تَحْتِ الْمَعِدَةِ أَوْ فَوْقِهَا، سَوَاءٌ كَانَ السَّبِيلَانِ مَفْتُوحَيْنِ أَوْ مَسْدُودَيْنِ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ عُمُومِ قَوْله تَعَالَى {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [النساء: 43] وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ» وَلِأَنَّ ذَلِكَ خَارِجٌ مُعْتَادٌ أَشْبَهَ الْخَارِجَ مِنْ الْمَخْرَجِ (لَكِنْ لَوْ انْسَدَّ الْمَخْرَجُ وَفُتِحَ غَيْرُهُ فَأَحْكَامُ الْمَخْرَجِ بَاقِيَةٌ) مُطْلَقًا.

(وَفِي النِّهَايَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ سُدَّ خِلْقَةً، فَسَبِيلُ الْحَدَثِ الْمُنْفَتِحِ وَالْمَسْدُودِ كَعُضْوٍ زَائِدٍ مِنْ الْخُنْثَى انْتَهَى وَلَا يَثْبُتُ لِلْمُنْفَتِحِ أَحْكَامُ الْمُعْتَادِ، فَلَا يَنْقُضُ خُرُوجُ رِيحٍ مِنْهُ وَلَا يُجْزِي الِاسْتِجْمَارُ فِيهِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ) .

كَوُجُوبِ الْغُسْلِ بِالْإِيلَاجِ فِيهِ وَخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِفَرْجٍ (وَإِنْ كَانَتْ) النَّجَاسَاتُ الْخَارِجَةُ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ (غَيْرَ الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ، كَالْقَيْءِ وَالدَّمِ وَالْقَيْحِ) وَدُودِ الْجِرَاحِ (لَمْ يَنْقُضْ إلَّا كَثِيرُهَا) أَمَّا كَوْنُ الْكَثِيرِ يَنْقُضُ فَلِقَوْلِهِ عليه السلام فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ «إنَّهُ دَمُ عِرْقٍ فَتَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَلِأَنَّهَا نَجَاسَةٌ خَارِجَةٌ مِنْ الْبَدَنِ أَشْبَهَتْ الْخَارِجَ مِنْ السَّبِيلِ وَأَمَّا كَوْنُ الْقَلِيلِ مِنْ ذَلِكَ لَا يَنْقُضُ، فَلِمَفْهُومِ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الدَّمِ إذَا كَانَ فَاحِشًا فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ.

قَالَ أَحْمَدُ عِدَّةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ تَكَلَّمُوا فِيهِ، وَابْنُ عُمَرَ عَصَرَ بَثْرَةً فَخَرَجَ الدَّمُ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأ، وَابْنُ أَبِي أَوْفَى عَصَرَ دُمَّلًا وَذَكَرَ غَيْرَهُمَا وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ فَكَانَ إجْمَاعًا.

(وَهُوَ) أَيْ: الْكَثِيرُ (مَا فَحُشَ فِي نَفْسِ كُلِّ أَحَدٍ بِحَسَبِهِ) نَصَّ عَلَيْهِ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْفَاحِشُ مَا فَحُشَ فِي قَلْبِكَ قَالَ الْخَلَّالُ: إنَّهُ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ، قَالَ فِي الشَّرْحِ:؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ حَالِ الْإِنْسَانِ بِمَا يَسْتَفْحِشُهُ غَيْرُهُ حَرَجٌ فَيَكُونُ مَنْفِيًّا.

وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ إنَّمَا يُعْتَبَرُ مَا يَفْحُشُ

ص: 124

فِي نُفُوسِ أَوْسَاطِ النَّاسِ (فَلَوْ مَصَّ عَلَقٌ أَوْ قُرَادٌ لَا ذُبَابٌ وَبَعُوضٌ) قَالَ فِي حَاشِيَتِهِ: صِغَارُ الْبَقِّ (دَمًا كَثِيرًا نَقَضَ) الْوُضُوءَ وَكَذَا لَوْ اسْتَخْرَجَ كَثِيرَهُ بِقُطْنَةٍ؛ لِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ مَا خَرَجَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِمُعَالَجَةٍ لَا أَثَرَ لَهُ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ وَعَدَمِهِ بِخِلَافِ مَصِّ بَعُوضٍ وَبَقٍّ وَذُبَابٍ وَقُمَّلٍ وَبَرَاغِيثَ لِقِلَّتِهِ وَمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ مِنْهُ.

(وَلَوْ شَرِبَ) إنْسَانٌ (مَاءً) أَوْ نَحْوَهُ (وَقَذَفَهُ فِي الْحَالِ فَنَجِسٌ) وَلَوْ لَمْ يَتَغَيَّرْ؛ لِأَنَّ نَجَاسَتَهُ بِوُصُولِهِ إلَى الْجَوْفِ، لَا بِاسْتِحَالَتِهِ (وَيَنْقُضُ كَثِيرُهُ) أَيْ: كَثِيرُ الْمَقْذُوفِ فِي الْحَالِ، لِمَا رَوَى مَعْدَانُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَاءَ فَتَوَضَّأَ، قَالَ فَلَقِيتُ ثَوْبَانَ فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ فَقَالَ: صَدَقَ أَنَا صَبَبْتُ لَهُ وَضُوءَهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ قَالَ هَذَا أَصَحُّ شَيْءٍ، فِي هَذَا الْبَابِ، قِيلَ لِأَحْمَدَ: حَدِيثُ ثَوْبَانَ ثَبَتَ عِنْدَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ (وَلَا يَنْقُضُ بَلْغَمُ مَعِدَةٍ وَصَدْرٍ وَرَأْسٍ لِطَهَارَتِهِ) كَالْبُصَاقِ وَالنُّخَامَةِ؛ لِأَنَّهَا تُخْلَقُ مِنْ الْبَدَنِ.

(وَلَا) يَنْقُضُ أَيْضًا (جُشَاءٌ نَصًّا) وَهُوَ الْقَلَسُ بِالتَّحْرِيكِ وَقِيلَ: بِسُكُونِ اللَّامِ مَا خَرَجَ مِنْ الْجَوْفِ مِلْءَ الْفَمِ أَوْ دُونَهُ وَلَيْسَ بِقَيْءٍ، وَلَكِنَّهُ حُكْمُهُ فِي النَّجَاسَةِ فَإِنْ عَادَ فَهُوَ قَيْءٌ.

(الثَّالِثُ) مِنْ النَّوَاقِضِ (زَوَالُ الْعَقْلِ) كَحُدُوثِ جُنُونٍ أَوْ بِرْسَامٍ كَثِيرًا كَانَ أَوْ قَلِيلًا (أَوْ تَغْطِيَتِهِ) بِإِغْمَاءٍ أَوْ سُكْرٍ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: إجْمَاعًا عَلَى كُلِّ الْأَحْوَالِ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ لَا يَشْعُرُونَ بِحَالٍ، بِخِلَافِ النَّائِمِ (وَلَوْ) كَانَتْ تَغْطِيَتُهُ (بِنَوْمٍ، قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ) مَحْفُوظٌ (وَغَيْرُهُ وَلَوْ تَلَجَّمَ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ) إلْحَاقًا بِالْغَالِبِ؛ لِأَنَّ الْحِسَّ يَذْهَبُ مَعَهُ، وَلِعُمُومِ حَدِيثِ عَلِيٍّ «الْعَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ.

وَعَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «الْعَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ، فَإِذَا نَامَتْ الْعَيْنَانِ اُسْتُطْلِقَ الْوِكَاءُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالسَّهُ اسْمٌ لِحَلْقَةِ الدُّبُرِ وَلِأَنَّ النَّوْمَ وَنَحْوَهُ مَظِنَّةُ الْحَدَثِ، فَأُقِيمَ مَقَامَهُ، وَالنَّوْمُ رَحْمَةٌ مِنْ اللَّهِ عَلَى عَبْدِهِ لِيَسْتَرِيحَ بَدَنُهُ عِنْدَ تَعَبِهِ وَهُوَ غَشْيَةٌ ثَقِيلَةٌ تَقَعُ عَلَى الْقَلْبِ تَمْنَعُ الْمَعْرِفَةَ بِالْأَشْيَاءِ (إلَّا نَوْمَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَوْ كَثِيرًا عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ) فَإِنَّهُ كَانَتْ تَنَامُ عَيْنَاهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ، كَمَا يَأْتِي فِي خَصَائِصِهِ (وَإِلَّا) النَّوْمَ (الْيَسِيرَ عُرْفًا مِنْ جَالِسٍ وَقَائِمٍ) لِقَوْلِ أَنَسٍ «كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَنْتَظِرُونَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ، حَتَّى تَخْفِقَ رُءُوسُهُمْ، ثُمَّ يُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّئُونَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.

وَلِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ تَهَجُّدِهِ صلى الله عليه وسلم «فَجَعَلْتُ إذَا غَفِيتُ

ص: 125

يَأْخُذُ بِشَحْمَةِ أُذُنِي» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِأَنَّ الْجَالِسَ وَالْقَائِمَ يَشْتَبِهَانِ فِي الِانْحِفَاظِ وَاجْتِمَاعِ الْمَخْرَجِ وَرُبَّمَا كَانَ الْقَائِمُ أَبْعَدَ مِنْ الْحَدَثِ، لِكَوْنِهِ لَوْ اسْتَثْقَلَ فِي النَّوْمِ سَقَطَ (فَإِنْ شَكَّ فِي الْكَثِيرِ) أَيْ: نَامَ وَشَكَّ هَلْ نَوْمُهُ كَثِيرٌ أَوْ يَسِيرٌ؟ (لَمْ يَلْتَفِتْ إلَيْهِ) لِتَيَقُّنِهِ الطَّهَارَةَ وَشَكِّهِ فِي نَقْضِهَا (وَإِنْ رَأَى) فِي نَوْمِهِ (رُؤْيَا فَهُوَ كَثِيرٌ) نَصَّ عَلَيْهِ.

قَالَ الزَّرْكَشِيّ: لَا بُدَّ فِي النَّوْمِ النَّاقِضِ مِنْ الْغَلَبَةِ عَلَى الْعَقْلِ فَمَنْ سَمِعَ كَلَامَ غَيْرِهِ وَفَهِمَهُ فَلَيْسَ بِنَائِمٍ فَإِنْ سَمِعَهُ وَلَمْ يَفْهَمْهُ فَيَسِيرٌ قَالَ: وَإِذَا سَقَطَ السَّاجِدُ عَنْ هَيْئَتِهِ وَالْقَائِمُ مِنْ قِيَامِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ بَطَلَتْ طَهَارَتُهُ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْعُرْفِ يَعُدُّونَ ذَلِكَ كَثِيرًا (وَإِنْ خَطَرَ بِبَالِهِ شَيْءٌ لَا يَدْرِي: أَرُؤْيَا أَوْ حَدِيثُ نَفْسٍ؟ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ) لِتَيَقُّنِهِ الطَّهَارَةَ وَشَكِّهِ فِي الْحَدَثِ (وَيَنْقُضُ) النَّوْمُ (الْيَسِيرُ مِنْ رَاكِعٍ وَسَاجِدٍ) كَمُضْطَجِعٍ، وَقِيَاسُهَا عَلَى الْجَالِسِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ مَحَلَّ الْحَدَثِ فِيهِمَا مُنْفَتِحٌ، بِخِلَافِ الْجَالِسِ (وَ) يَنْقُضُ الْيَسِيرُ أَيْضًا مِنْ (مُسْتَنِدٍ وَمُتَّكِئٍ وَمُحْدَبٍ كَمُضْطَجِعٍ) بِجَامِعِ الِاعْتِمَادِ.

(الرَّابِعُ) مِنْ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ (مَسُّ ذَكَرِ آدَمِيٍّ إلَى أُصُولِ الْأُنْثَيَيْنِ مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ الْمَاسُّ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى بِشَهْوَةٍ أَوْ غَيْرِهَا ذَكَرُهُ أَوْ ذَكَرُ غَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا لِحَدِيثِ بُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» رَوَاهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمْ وَصَحَّحَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ قَالَ الْبُخَارِيُّ أَصَحُّ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ بُسْرَةَ.

وَعَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ مَعْنَاهُ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْأَثْرَمُ وَصَحَّحَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو زُرْعَةَ.

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إذَا أَفْضَى أَحَدُكُمْ بِيَدِهِ إلَى ذَكَرِهِ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ «وَلَيْسَ دُونَهُ سِتْرٌ» .

وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ بِضْعَةَ عَشَرَ صَحَابِيًّا وَهَذَا لَا يُدْرَكُ بِالْقِيَاسِ فَعُلِمَ أَنَّهُمْ قَالُوهُ عَنْ تَوْقِيفٍ، وَمَا رَوَى قَيْسُ بْنُ طَلْقٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يَمَسُّ ذَكَرَهُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ هَلْ عَلَيْهِ وُضُوءٌ؟ قَالَ: لَا إنَّمَا هُوَ بَضْعَةٌ مِنْكَ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَلَفْظُهُ لِأَحْمَدَ وَصَحَّحَهُ الطَّحَاوِيُّ وَغَيْرُهُ وَضَعَّفَهُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ وَأَبُو حَاتِمٍ قَيْسٌ لَا تَقُومُ بِرِوَايَتِهِ حُجَّةٌ وَلَوْ سُلِّمَ صِحَّتُهُ فَهُوَ مَنْسُوخٌ.

«؛ لِأَنَّ طَلْقَ بْنَ عَدِيٍّ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُؤَسِّسُ الْمَسْجِدَ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ.

وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد قَالَ «قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَهُ رَجُلٌ كَأَنَّهُ بَدَوِيٌّ فَسَأَلَهُ - الْحَدِيثَ» وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّأْسِيسَ كَانَ فِي السَّنَةِ الْأُولَى مِنْ الْهِجْرَةِ وَإِسْلَامُ أَبِي هُرَيْرَةَ

ص: 126

كَانَ فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ، وَبُسْرَةَ فِي الثَّامِنَةِ عَامَ الْفَتْحِ، وَهَذَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَصًّا فِي النَّسْخِ فَهُوَ ظَاهِرٌ فِيهِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادِهِ وَصَحَّحَهُ عَنْ قَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» .

قَالَ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ طَلْقٌ سَمِعَ النَّاسِخَ وَالْمَنْسُوخَ، وَفِي تَصْحِيحِهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَنَفِيِّ، وَأَيُّوبَ بْنِ عُتْبَةَ وَهُمَا ضَعِيفَانِ (بِيَدِهِ) فَلَا يَنْقُضُ الْمَسُّ بِغَيْرِهَا لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ السَّابِقِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَسُّ (بِبَطْنِ كَفِّهِ أَوْ بِظَهْرِهِ أَوْ بِحَرْفِهِ) لِلْعُمُومِ فَالْمُرَادُ بِالْيَدِ: مِنْ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ إلَى الْكُوعِ كَالسَّرِقَةِ (غَيْرَ ظُفْرٍ) فَلَا يَنْقُضُ الْمَسُّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُنْفَصِلِ (مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «وَلَيْسَ دُونَهُ سِتْرٌ» فَإِنْ مَسَّهُ مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ لَمْ يَنْقُضْ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا مَسَّ الْحَائِلَ (وَلَوْ) كَانَ الْمَسُّ (بِزَائِدٍ) أَيْ: لَا فَرْقَ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ إذَا مَا مَسَّ ذَكَرًا بِيَدِهِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْيَدُ أَصْلِيَّةً أَوْ زَائِدَةً لِلْعُمُومِ (وَيَنْقُضُ مَسُّهُ) أَيْ الذَّكَرِ (بِفَرْجِ غَيْرِ ذَكَرٍ) فَيَنْقُضُ مَسُّ الذَّكَرِ بِقُبُلِ أُنْثَى أَوْ دُبُرٍ مُطْلَقًا بِلَا حَائِلٍ؛ لِأَنَّهُ أَفْحَشُ مِنْ مَسِّهِ بِالْيَدِ وَلَا يَنْقُضُ مَسُّ ذَكَرٍ بِذَكَرٍ لَا قُبُلٍ بِقُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ وَعَكْسُهُ.

(وَلَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُ مَلْمُوسٍ ذَكَرُهُ أَوْ) مَلْمُوسٍ فَرْجُهُ أَيْ: قُبُلُهُ (أَوْ) مَلْمُوسٍ (دُبُرُهُ) ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم فِيمَا تَقَدَّمَ أَمَرَ النَّاسَ بِالْوُضُوءِ وَلَوْ انْتَقَضَ وُضُوءُ الْمَلْمُوسِ لَأَمَرَهُ أَيْضًا بِهِ (وَلَا) يَنْقُضُ (مَسُّ) ذَكَرٍ (بَائِنٍ) أَيْ: مَقْطُوعٍ لِذَهَابِ حُرْمَتِهِ.

(وَ) لَا يَنْقُضُ أَيْضًا مَسُّ (مَحَلِّهِ) أَيْ: مَحَلِّ الذَّكَرِ الْمَقْطُوعِ مِنْ أُصُولِ الْأُنْثَيَيْنِ، كَسَائِرِ الْبَدَنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمَسَّ ذَكَرًا.

(وَ) لَا يَنْقُضُ أَيْضًا مَسُّ (قُلْفَةٍ) بِضَمِّ الْقَافِ وَسُكُونِ اللَّامِ، وَقَدْ تُحَرَّكُ وَهِيَ الْجِلْدَةُ الَّتِي تُقْطَعُ فِي الْخِتَانِ، بَعْدَ قَطْعِهَا لِزَوَالِ الِاسْمِ وَالْحُرْمَةِ - وَأَمَّا قَبْلَ قَطْعِهَا فَيَنْقُضُ مَسُّهَا كَالْحَشَفَةِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الذَّكَرِ.

(وَ) لَا يَنْقُضُ مَسُّ (فَرْجِ امْرَأَةٍ بَائِنَيْنِ) أَيْ: الْقُلْفَةِ وَفَرْجِ الْمَرْأَةِ لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَا) يَنْقُضُ مِنْ غَيْرِ فَرْجٍ كَالْمُنْفَتِحِ فَوْقَ الْمَعِدَةِ (أَوْ تَحْتَهَا) مَسْدُودًا كَانَ الْأَصْلُ أَوْ مُنْفَتِحًا بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ عُضْوٌ زَائِدٌ لَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الْمُعْتَادِ.

(وَلَا) يَنْقُضُ (مَسُّهُ) أَيْ: الذَّكَرِ (بِغَيْرِ يَدٍ) كَالذِّرَاعِ (غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ) مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ بِفَرْجِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَنْقُضُ (وَلَا) يَنْقُضُ (مَسُّ) ذَكَرٍ (زَائِدٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فَرْجًا (فَإِنْ لَمَسَ) رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ أَوْ خُنْثَى (قُبُلَ خُنْثَى مُشْكِلٍ وَذَكَرَهُ، وَلَوْ كَانَ هُوَ) أَيْ: الْخُنْثَى (اللَّامِسَ) لِقُبُلِ نَفْسِهِ وَذَكَرِهِ (نُقِضَ) الْوُضُوءُ؛ لِأَنَّ لَمْسَ الْفَرْجِ مُتَيَقَّنٌ؛ لِأَنَّ الْخُنْثَى إنْ كَانَ ذَكَرًا فَقَدْ لَمَسَ ذَكَرَهُ، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَقَدْ لَمَسَ فَرْجَهَا.

وَ (لَا) يُنْقَضُ الْوُضُوءُ إنْ لَمَسَ

ص: 127

(أَحَدَهُمَا) أَيْ: ذَكَرَ الْخُنْثَى أَوْ قُبُلَهُ، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ فَرْجٍ فَلَا يَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ مَعَ قِيَامِ الِاحْتِمَالِ (إلَّا أَنْ يَمَسَّ الرَّجُلُ ذَكَرَهُ) أَيْ: الْخُنْثَى (بِشَهْوَةٍ) فَإِنَّهُ يَنْتَقِضُ وُضُوءُ اللَّامِسِ؛ لِأَنَّ الْخُنْثَى إنْ كَانَ ذَكَرًا فَقَدْ مَسَّ ذَكَرًا أَصْلِيًّا، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَقَدْ مَسَّ الرَّجُلُ امْرَأَةً بِشَهْوَةٍ (أَوْ) تَمَسُّ (الْمَرْأَةُ فَرْجَهُ) أَيْ: الْخُنْثَى (بِهَا) أَيْ: بِشَهْوَةٍ فَيَنْتَقِضُ وُضُوءُهَا؛ لِأَنَّ الْخُنْثَى إنْ كَانَ امْرَأَةً فَقَدْ لَمَسَتْ الْمَرْأَةُ فَرْجَ امْرَأَةٍ وَإِنْ كَانَ ذَكَرًا فَقَدْ لَمَسَتْهُ بِشَهْوَةٍ.

(وَيَنْقُضُ مَسُّ حَلْقَةِ دُبُرٍ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الْمَاسِّ، بِأَنْ مَسَّ حَلْقَةَ دُبُرِ نَفْسِهِ (أَوْ مِنْ غَيْرِهِ) بِأَنْ مَسَّ حَلْقَةَ دُبُرِ غَيْرِهِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (وَ) يَنْقُضُ أَيْضًا (مَسُّ امْرَأَةٍ فَرْجَهَا الَّذِي بَيْنَ شَفْرَيْهَا) وَهُمَا حَافَّتَا الْفَرْجِ (وَهُوَ) أَيْ: فَرْجُهَا (مَخْرَجُ بَوْلٍ وَمَنِيٍّ وَحَيْضٍ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ مَسَّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ.

وَالْفَرْجُ اسْمُ جِنْسٍ مُضَافٍ فَيَعُمَّ، وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَسَّتْ فَرْجَهَا فَلْتَتَوَضَّأْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ إلَيْهِ وَكَالذَّكَرِ وَ (لَا) يَنْقُضُ مَسُّ امْرَأَةٍ (شَفْرَيْهَا وَهُمَا اسْكَتَاهَا) ؛ لِأَنَّ الْفَرْجَ هُوَ مَخْرَجُ الْحَدَثِ وَهُوَ مَا بَيْنَهُمَا دُونَهُمَا (وَيَنْقُضُ مَسُّ) امْرَأَةٍ (فَرْجَ امْرَأَةٍ أُخْرَى) وَيَنْقُضُ (مَسُّ رَجُلٍ فَرْجَهَا وَ) يَنْقُضُ (مَسُّهَا ذَكَرَهُ، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا انْتَقَضَ وُضُوءُ الْإِنْسَانِ بِمَسِّ فَرْجِ نَفْسِهِ مَعَ كَوْنِ الْحَاجَةِ قَدْ تَدَعُوا إلَى مَسِّهِ، وَهُوَ جَائِزٌ فَلَأَنْ يَنْتَقِضَ بِمَسِّ فَرْجِ غَيْرِهِ مَعَ كَوْنِهِ مَعْصِيَةً أَوْلَى.

(الْخَامِسُ) مِنْ النَّوَاقِضِ (مَسُّ بَشَرَتَهُ) أَيْ: الذَّكَرِ (بَشَرَةَ أُنْثَى) لِشَهْوَةٍ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [المائدة: 6] وَأَمَّا كَوْنُ اللَّمْسِ لَا يَنْقُضُ إلَّا إذَا كَانَ لِشَهْوَةٍ فَلِلْجَمْعِ بَيْنَ الْآيَةِ وَالْأَخْبَارِ؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «فَقَدْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً مِنْ الْفِرَاشِ فَالْتَمَسْتُهُ، فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَنَصْبُهُمَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي.

وَرُوِيَ عَنْهَا أَيْضًا قَالَتْ «كُنْتُ أَنَامُ بَيْنَ يَدَيْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرِجْلَايَ فِي قِبْلَتِهِ فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِي، فَقَبَضْتُ رِجْلِي» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ غَمْزَهُ رِجْلَيْهَا كَانَ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «صَلَّى وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ إذَا سَجَدَ وَضَعَهَا، وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَالظَّاهِرُ

ص: 128

أَنَّهُ لَا يَسْلَمُ مِنْ مَسِّهَا وَلِأَنَّ الْمَسَّ لَيْسَ بِحَدَثٍ فِي نَفْسِهِ وَإِنَّمَا هُوَ دَاعٍ إلَى الْحَدَث فَاعْتُبِرَتْ الْحَالَةُ الَّتِي يَدْعُو فِيهَا إلَى الْحَدَثِ، وَهِيَ حَالَةُ الشَّهْوَةِ.

(وَمَسُّ بَشَرَتِهَا بَشَرَتَهُ لِشَهْوَةٍ) ؛ لِأَنَّهَا مُلَامَسَةٌ تَنْقُضُ الْوُضُوءَ فَاسْتَوَى فِيهَا الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى كَالْجِمَاعِ سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ الْمَرْأَةِ إذَا مَسَّتْ زَوْجَهَا قَالَ مَا سَمِعْتُ فِيهَا شَيْئًا، وَلَكِنْ هِيَ شَقِيقَةُ الرَّجُلِ يُعْجِبُنِي أَنْ تَتَوَضَّأَ تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ: لِشَهْوَةٍ، عِبَارَةُ الْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِ.

وَعِبَارَةُ الْوَجِيزِ: بِشَهْوَةٍ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: أَحْسَنُ لِتَدُلَّ عَلَى الْمُصَاحَبَةِ وَالْمُقَارَنَةِ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ؛ لِأَنَّهُ مَعَ الْحَائِلِ لَمْ يَلْمَسْ بَشَرَتَهَا، أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمَسَ ثِيَابهَا لِشَهْوَةٍ وَالشَّهْوَةُ لَا تُوجِبُ الْوُضُوءَ بِمُجَرَّدِهَا، كَمَا لَوْ وُجِدَتْ (مِنْ غَيْر) لَمْسِ شَيْءٍ (غَيْرَ طِفْلَةٍ وَطِفْلٍ) أَيْ: لَا يَنْقُضُ مَسُّ الرَّجُلِ الطِّفْلَةَ وَلَا الْمَرْأَةِ الطِّفْلَ أَيْ: مِنْ دُونِ سَبْعٍ وَيَنْقُضُ اللَّمْسُ بِشَهْوَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ.

(وَلَوْ) كَانَ اللَّمْسُ (بِزَائِدٍ أَوْ لِزَائِدٍ أَوْ شَلَلٍ) أَيْ: يَنْقُضُ الْمَسُّ لِأَشَلَّ وَالْمَسُّ بِهِ كَغَيْرِهِ وَيَنْقُضُ اللَّمْسُ أَيْضًا بِشَهْوَةٍ (وَلَوْ كَانَ الْمَلْمُوسُ مَيِّتًا، أَوْ عَجُوزًا أَوْ مُحَرَّمًا أَوْ صَغِيرَةً تُشْتَهَى) وَهِيَ بِنْتُ سَبْعٍ فَأَكْثَرَ لِعُمُومِ {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [المائدة: 6] لَا مِنْ دُونِهَا كَمَا تَقَدَّمَ وَلَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُ مَلْمُوسٍ بَدَنُهُ (وَلَوْ وُجِدَ مِنْهُ شَهْوَةٌ) ؛ لِأَنَّهُ لَا نَصَّ فِيهِ، وَقِيَاسُهُ عَلَى اللَّمْسِ لَا يَصِحُّ لِفَرْطِ شَهْوَةٍ.

(وَلَا) يَنْتَقِضُ وُضُوءٌ (بِانْتِشَارِ)(ذَكَرٍ)(عَنْ فِكْرٍ وَتَكْرَارِ نَظَرٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا نَصَّ فِيهِ (وَلَا) يَنْقُضُ (لَمْسُ شَعْرٍ وَظُفْرٍ وَسِنٍّ) وَلَا الْمَسُّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُنْفَصِلِ.

(وَ) لَا يَنْقُضُ مَسُّ (عُضْوٍ مَقْطُوعٍ) لِزَوَالِ حُرْمَتِهِ (وَأَمْرَدَ مَسَّهُ رَجُلٌ) يَعْنِي لَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُ رَجُلٍ مَسَّ أَمْرَدَ وَلَوْ بِشَهْوَةٍ لِعَدَمِ تَنَاوُلِ الْآيَةِ لَهُ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلًّا لِلشَّهْوَةِ شَرْعًا قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَالْأَمْرَدُ الشَّابُّ طَرَّ شَارِبُهُ وَلَمْ تَنْبُتْ لِحْيَتُهُ.

(وَلَا) يَنْقُضُ (مَسُّ خُنْثَى مُشْكِلٍ) مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ وَلَوْ بِشَهْوَةٍ (وَلَا بِمَسِّهِ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً) وَلَوْ لِشَهْوَةٍ؛ لِأَنَّهُ مُتَيَقِّنُ الطَّهَارَةِ شَاكٌّ فِي الْحَدَثِ (وَلَا) يَنْقُضُ (مَسُّ الرَّجُلِ الرَّجُلَ وَلَا الْمَرْأَةِ الْمَرْأَةَ وَلَوْ بِشَهْوَةٍ فِيهِنَّ) أَيْ: فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ الصُّوَرِ، كَمَا أَشَرْت إلَيْهِ " تَتِمَّةٌ " إذَا لَمْ يَنْقُضْ مَسُّ أُنْثَى اُسْتُحِبَّ الْوُضُوءُ، نَصَّ عَلَيْهِ، ذَكَرَهُ فِي الْفُرُوعِ.

(السَّادِسُ) مِنْ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ (غُسْلُ الْمَيِّتِ أَوْ بَعْضِهِ وَلَوْ فِي قَمِيصٍ) لِمَا رَوَى

ص: 129

عَطَاءٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ وَابْنَ عَبَّاسٍ كَانَا يَأْمُرَانِ غَاسِلَ الْمَيِّتِ بِالْوُضُوءِ، وَكَانَ شَائِعًا لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُمْ الْإِخْلَالُ بِهِ.

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَقَلُّ مَا فِيهِ الْوُضُوءُ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ وَلِأَنَّ الْغَاسِلَ لَا يَسْلَمُ مِنْ مَسِّ عَوْرَةِ الْمَيِّتِ غَالِبًا فَأُقِيمَ مَقَامَهُ، كَالنَّوْمِ مَعَ الْحَدَثِ وَ (لَا) يَنْقُضُ (تَيَمُّمُهُ) أَيْ: الْمَيِّتِ (لِتَعَذُّرِ غُسْلٍ) لِعَدَمِ النَّصِّ فِيهِ (وَغَاسِلُ الْمَيِّتِ: مَنْ يُقَلِّبَهُ وَيُبَاشِرُهُ وَلَوْ مَرَّةً لَا مَنْ يَصُبُّ الْمَاءَ وَنَحْوَهُ) وَفُرِّقَ فِي الْمَيِّتِ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ، وَالرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَالْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ، لِلْعُمُومِ.

(السَّابِعُ) مِنْ النَّوَاقِضِ (أَكْلُ لَحْمِ الْجَزُورِ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «تَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ وَلَا تَتَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ.

وَرَوَى مُسْلِمٌ مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ وَالْأَوَّلُ صَحَّحَهُ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ لَمْ نَرَ خِلَافًا بَيْنَ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ صَحِيحٌ.

قَالَ الْخَطَّابِيُّ: ذَهَبَ إلَى هَذَا عَامَّةُ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ فَعَلَى هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ وَكَوْنِهِ (نِيئًا وَغَيْرَ نِيءٍ) وَلَا بَيْنَ كَوْنِ الْآكِلِ عَالِمًا بِالْحَدِيثِ أَوْ جَاهِلًا لَا يُقَالُ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِالْوُضُوءِ غَسْلُ الْيَدَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مَقْرُونٌ بِالْأَكْلِ، كَمَا حُمِلَ عَلَيْهِ أَمْرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْوُضُوءِ قَبْلَ الطَّعَامِ وَبَعْدَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْبَابِ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ الْوَارِدَ فِي الشَّرْعِ يُحْمَلُ عَلَى مَوْضُوعِهِ الشَّرْعِيِّ وَلِأَنَّهُ جَمْعٌ بَيْنَ مَا أَمَرَ بِهِ، وَهُوَ الْوُضُوءُ مِنْ لُحُومِهَا، وَبَيْنَ مَا نَهَى عَنْهُ وَهُوَ عَدَمُ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ.

وَالْمُخَالِفُ يَقُولُ: لِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ السُّؤَال وَقَعَ عَنْ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ، وَالْوُضُوءُ الْمُقْتَرِنُ بِهَا لَا يُفْهَمُ مِنْهُ غَيْرُ الْوُضُوءِ الشَّرْعِيِّ وَلِأَنَّ مُقْتَضَى الْأَمْرِ الْإِيجَابُ، خُصُوصًا وَقَدْ سُئِلَ صلى الله عليه وسلم عَنْ هَذَا اللَّحْمِ، فَأَجَابَ بِالْأَمْرِ بِالْوُضُوءِ فَلَوْ حُمِلَ عَلَى غَيْرِ الْوُجُوبِ لَكَانَ تَلْبِيسًا لَا جَوَابًا وَدَعْوَى النَّسْخِ مَرْدُودَةٌ بِأَنَّ مِنْ شَرْطِهِ: عَدَمُ إمْكَانِ الْجَمْعِ وَتَأَخُّرُ النَّاسِخِ وَوَجَبَ الْوُضُوءُ مِنْ أَكْلِ لَحْمِ الْجَزُورِ (تَعَبُّدًا) لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ فَلَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ.

فَ (لَا) يَجِبْ الْوُضُوءُ ب (شُرْبِ)(لَبَنِهَا وَمَرَقِ لَحْمِهَا، وَأَكْلِ كَبِدِهَا، وَطِحَالِهَا وَسَنَامِهَا) بِفَتْحِ السِّينِ (وَجِلْدِهَا وَكِرْشِهَا وَنَحْوِهِ) كَمُصْرَانِهَا؛ لِأَنَّ النَّصَّ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ.

(وَلَا) يَنْقُضُ (طَعَامٌ مُحَرَّمٌ أَوْ نَجِسٌ) وَلَوْ كَلَحْمِ خِنْزِيرٍ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِي لَحْمِ الْإِبِلِ غَيْرُ مَعْقُولِ الْمَعْنَى فَيَقْتَصِرُ عَلَى مَوْرِدِ النَّصِّ فِيهِ وَمَا رَوَى أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «سُئِلَ عَنْ أَلْبَانِ الْإِبِلِ: فَقَالَ تَوَضَّئُوا مِنْ أَلْبَانِهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ.

وَعَنْ

ص: 130

ابْنِ عُمَرَ وَنَحْوِهِ أُجِيبَ عَنْ حَدِيثِ أُسَيْدٍ بِأَنَّ فِي طَرِيقِهِ الْحَجَّاجَ بْنَ أَرْطَاةَ قَالَ أَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيّ: لَا يُحْتَجُّ بِهِ.

وَعَنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ ابْنَ مَاجَهْ رَوَاهُ مِنْ رِوَايَةِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ وَقَدْ اخْتَلَطَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ قَالَ أَحْمَدُ مَنْ سَمِعَ مِنْهُ قَدِيمًا فَهُوَ صَحِيحٌ وَمَنْ سَمِعَ مِنْهُ حَدِيثًا لَمْ يَكُنْ بِشَيْءٍ.

(الثَّامِنُ) الْمُتَمِّمُ لِلنَّوَاقِضِ (مُوجِبَاتُ الْغُسْلِ، كَالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ وَانْتِقَالِ الْمَنِيِّ، وَإِسْلَامِ الْكَافِرِ) أَصْلِيًّا كَانَ أَوْ مُرْتَدًّا، وَلِذَلِكَ أَسْقَطَ الرِّدَّةَ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ وَجَبَ الْغُسْلُ وَإِذَا وَجَبَ الْغُسْلُ (وَجَبَ الْوُضُوءُ) وَ (كَغَيْرِ ذَلِكَ) مِنْ مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ فَمُوجِبَاتُ الْغُسْلِ كُلُّهَا (تُوجِبُ الْوُضُوءَ غَيْرَ الْمَوْتِ) فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْغُسْلَ، وَلَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ (فَهَذِهِ النَّوَاقِضُ) لِلْوُضُوءِ (الْمُشْتَرَكَةُ) بَيْنَ الْمَاسِحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَغَيْرِهِ.

(وَأَمَّا) النَّوَاقِضُ (الْمَخْصُوصَةُ كَبُطْلَانِ) طَهَارَةِ (الْمَسْحِ) عَلَى الْخُفَّيْنِ وَنَحْوِهِمَا (بِفَرَاغِ مُدَّتِهِ)(وَخَلْعِ حَائِلِهِ) وَ (كَغَيْرِ ذَلِكَ) كَانْتِقَاضِ طَهَارَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَنَحْوِهَا بِخُرُوجِ الْوَقْتِ وَطَهَارَةِ الْمُتَيَمِّمِ بِوُجُودِ الْمَاءِ وَنَحْوِهِ (فَمَذْكُورٌ فِي أَبْوَابِهِ) فَمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَسْحِ تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُسْتَحَاضَةِ وَمَنْ بِهِ سَلَسُ بَوْلٍ وَنَحْوُهُ يَأْتِي فِي الِاسْتِحَاضَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّيَمُّمِ يَأْتِي فِي بَابِهِ وَإِنَّمَا حَمَلْت قَوْلَهُ: وَغَيْرُ ذَلِكَ: عَلَى هَذَا لِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: فِي أَبْوَابِهِ.

(وَلَا نَقْضَ بِكَلَامٍ مُحَرَّمٍ) كَالْكَذِبِ وَالْغِيبَةِ وَالْقَذْفِ وَالسَّبِّ وَنَحْوِهَا، بَلْ يُسْتَحَبُّ الْوُضُوءُ مِنْ الْكَلَامِ الْمُحَرَّمِ وَتَقَدَّمَ وَلَا نَقْضَ (بِإِزَالَةِ شَعْرٍ) .

(وَ) أَخْذِ (ظُفْرٍ وَنَحْوِهِمَا) خِلَافًا لِمَا حُكِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَالْحَكَمِ وَحَمَّادٍ؛ لِأَنَّ غَسْلَهُ أَوْ مَسْحَهُ أَصْلِيٌّ، لَا بَدَلٌ عَمَّا تَحْتَهُ، بِخِلَافِ الْخُفِّ وَنَحْوِهِ (وَلَا) نَقْضَ (بِقَهْقَهَةٍ) وَلَوْ فِي صَلَاةٍ، وَهِيَ أَنْ يَضْحَكَ حَتَّى يَحْصُلَ مِنْ ضَحِكِهِ حَرْفَانِ ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ.

وَمَا رَوَى أُسَامَةُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «بَيْنَا نَحْنُ نُصَلِّي خَلْفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ ضَرِيرُ الْبَصَرِ فَتَرَدَّى فِي حُفْرَةٍ فَضَحِكْنَا مِنْهُ فَأَمَرَنَا بِإِعَادَةِ الْوُضُوءِ كَامِلًا وَإِعَادَةِ الصَّلَاةِ مِنْ أَوَّلِهَا» فَقَدْ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ، وَضَعَّفَهَا.

وَقَالَ إنَّمَا رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ مُرْسَلًا وَقَالَ نَحْوَ ذَلِكَ أَحْمَدُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ ابْنُ سِيرِينَ لَا تَأْخُذُوا بِمَرَاسِيلِ الْحَسَنِ وَأَبِي الْعَالِيَةِ فَإِنَّهُمَا لَا يُبَالِيَانِ عَمَّنْ أَخَذَا.

(وَلَا) نَقْضَ بِ أَكْلِ (مَا مَسَّتْهُ

ص: 131

النَّارُ) لِقَوْلِ جَابِرٍ «كَانَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَرْكُ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ (وَلَا يُسْتَحَبُّ الْوُضُوءُ مِنْهُمَا) أَيْ: مِنْ الْقَهْقَهَةِ وَأَكْلِ مَا مَسَّتْ النَّارُ.

(وَمَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ) وَشَكَّ، (أَوْ تَيَقَّنَ الْحَدَثَ وَشَكَّ فِي الطَّهَارَةِ بَنَى عَلَى الْيَقِينِ) وَهُوَ الطَّهَارَةُ فِي الْأُولَى وَالْحَدَثُ فِي الثَّانِيَةِ، لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ «شُكِيَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الرَّجُلُ يُخَيَّلُ إلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ: لَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِمُسْلِمٍ مَعْنَاهُ مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ وَلِأَنَّهُ إذَا شَكَّ تَعَارَضَ عِنْدَهُ الْأَمْرَانِ، فَيَجِبُ سُقُوطُهُمَا كَالْبَيِّنَتَيْنِ إذَا تَعَارَضَتَا، وَيُرْجَعُ إلَى الْيَقِينِ.

(وَلَوْ عَارَضَهُ ظَنٌّ) ؛ لِأَنَّ غَلَبَةَ الظَّنِّ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا ضَابِطٌ فِي الشَّرْعِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهَا، كَظَنِّ صِدْقِ أَحَدِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ، بِخِلَافِ الْقِبْلَةِ وَالْوَقْتِ، هَذَا اصْطِلَاحُ الْفُقَهَاءِ، وَعِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ: إنْ تَسَاوَى الِاحْتِمَالَانِ فَهُوَ شَكٌّ وَإِلَّا فَالرَّاجِحُ ظَنٌّ وَالْمَرْجُوحُ وَهْمٌ وَالْأَوَّلُ مُوَافِقٌ لِلُّغَةِ، قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الشَّكُّ خِلَافُ الْيَقِينِ.

وَهُوَ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّينِ فِي مُقَدِّمَةِ الرَّوْضَةِ فِي الْأُصُولِ: مَا أَذْعَنَتْ النَّفْسُ لِلتَّصْدِيقِ بِهِ وَقَطَعَتْ بِهِ، وَقَطَعَتْ بِأَنَّ قَطْعَهَا صَحِيحٌ.

وَفِيهِ أَقْوَالٌ أُخَرُ قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: فِي تَسْمِيَةِ مَا هُنَا يَقِينًا بَعْدَ وُرُودِ الشَّكِّ عَلَيْهِ نَظَرٌ نَعَمْ كَانَ يَقِينًا ثُمَّ صَارَ الْآنَ شَكًّا فَاعْتُبِرَتْ صِفَتُهُ السَّابِقَةُ وَقُدِّمَتْ عَلَى صِفَتِهِ اللَّاحِقَةِ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ اسْتِصْحَابًا لِلْأَصْلِ السَّابِقِ، لِمَا قَارَنَهُ مِنْ الْيَقِينِ، وَتَقْدِيمًا لَهُ عَلَى الْوَصْفِ اللَّاحِقِ، لِنُزُولِهِ عَنْ دَرَجَتِهِ (وَلَوْ) كَانَ ذَلِكَ الشَّكُّ (فِي غَيْرِ صَلَاةٍ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (فَإِنْ تَيَقَّنَهُمَا) أَيْ: تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَالْحَدَثَ،.

أَيْ: تَيَقَّنَ أَنَّهُ مَرَّةً كَانَ مُتَطَهِّرًا وَمَرَّةً كَانَ مُحْدِثًا، وَكَانَ ذَلِكَ وَقْتَ الظُّهْرِ مَثَلًا (وَجَهِلَ أَسْبَقَهُمَا) بِأَنْ لَمْ يَدْرِ هَلْ اتِّصَافُهُ بِالطَّهَارَةِ سَابِقٌ عَلَى اتِّصَافِهِ بِالْحَدَثِ أَوْ بِالْعَكْسِ (فَهُوَ عَلَى ضِدِّ حَالِهِ قَبْلَهُمَا) إنْ عَلِمَ قَبْلَهُمَا، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الزَّوَالِ فِي الْمِثَالِ مُحْدِثًا فَهُوَ الْآنَ مُتَطَهِّرٌ؛ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ أَنَّهُ انْتَقَلَ عَنْ هَذَا الْحَدَثِ إلَى الطَّهَارَةِ، وَلَمْ يَتَيَقَّنْ زَوَالَهَا، وَالْحَدَثُ الْمُتَيَقَّنُ قَبْلَ الزَّوَالِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الطَّهَارَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ بَعْدَهَا، فَوُجُودُهُ بَعْدَ هَذَا مَشْكُوكٌ فِيهِ فَلَا يَزُولُ عَنْ طَهَارَةٍ مِنْهُ مُتَيَقَّنَةٍ بِشَكٍّ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الزَّوَالِ مُتَطَهِّرًا فَهُوَ الْآنَ مُحْدِثٌ لِمَا ذَكَرْنَا فِي الطَّرَفِ الْآخَرِ.

(فَإِنْ جَهِلَ قَبْلَهُمَا) بِأَنْ لَمْ يَدْرِ: هَلْ كَانَ قَبْلَ الزَّوَالِ مُتَطَهِّرًا أَوْ مُحْدِثًا (تَطَهَّرَ) وُجُوبًا،

ص: 132

إذَا أَرَادَ الصَّلَاةَ وَنَحْوَهَا، لِوُجُودِ يَقِينِ الْحَدَثِ فِي إحْدَى الْمَرَّتَيْنِ، وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ؛ لِأَنَّ وُجُودَ يَقِينِ الطَّهَارَةِ فِي الْمَرَّةِ الْأُخْرَى مَشْكُوكٌ فِيهِ: هَلْ كَانَ قَبْلَ الْحَدَثِ أَوْ بَعْدَهُ؟ فَلَا يَرْتَفِعُ يَقِينُ الْحَدَثِ بِالشَّكِّ فِي رَافِعِهِ وَلِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ طَهَارَةٍ مُتَيَقَّنَةٍ أَوْ مُسْتَصْحَبَةٍ وَلَيْسَ هُنَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَوَجَبَ الْوُضُوءُ (وَإِنْ تَيَقَّنَ فِعْلَهُمَا: رَفْعًا لِحَدَثٍ وَنَقْضًا لِطَهَارَةٍ) بِأَنْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ تَطَهَّرَ عَنْ حَدَثٍ وَأَنَّهُ أَحْدَثَ عَنْ طَهَارَةٍ (وَجَهِلَ أَسْبَقَهُمَا، فَعَلَى مِثْلِ حَالِهِ قَبْلَهُمَا) فَإِنْ كَانَ قَبْلَهُمَا مُتَطَهِّرًا فَهُوَ الْآنَ مُتَطَهِّرٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ نَقَضَ الطَّهَارَةَ الْأُولَى ثُمَّ تَوَضَّأَ، إذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْوُضُوءُ مَعَ بَقَاءِ الطَّهَارَةِ الْأُولَى لِتَيَقُّنِ كَوْنِ طَهَارَتِهِ عَنْ حَدَثٍ وَنَقْضُ هَذَا الْوُضُوءِ مَشْكُوكٌ فِيهِ فَلَا يَزُولُ بِهِ الْيَقِينُ وَإِنْ تَيَقَّنَ حَدَثَهُ قَبْلَهُمَا: فَهُوَ الْآنَ مُحْدِثٌ؛ لِأَنَّهُ انْتَقَلَ عَنْهُ إلَى طَهَارَةٍ ثُمَّ أَحْدَثَ عَنْهَا وَلَمْ يَتَيَقَّنْ بَعْدَ الْحَدَثِ الثَّانِي طَهَارَةً.

(وَكَذَا لَوْ تَيَقَّنَهُمَا) أَيْ: فِعْلَ الطَّهَارَةِ وَفِعْلَ الْحَدَثِ (وَعَيَّنَ وَقْتًا لَا يَسَعُهُمَا سَقَطَ الْيَقِينُ لِتَعَارُضِهِ) وَكَانَ عَلَى مِثْلِ حَالِهِ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ حَدَثٍ أَوْ طَهَارَةٍ (فَإِنْ جَهِلَ حَالَهُمَا) أَيْ: حَالَ الْحَدَثِ وَالطَّهَارَةِ، بِأَنْ لَمْ يَدْرِ الطَّهَارَةَ رَافِعَةً لِحَدَثٍ أَوْ لَا كَالتَّجْدِيدِ، وَلَمْ يَدْرِ الْحَدَثَ عَنْ حَدَثٍ آخَرَ أَوْ عَنْ طَهَارَةٍ.

(وَ) جَهِلَ (أَسْبَقَهُمَا) فَعَلَى ضِدِّ حَالِهِ قَبْلَهُمَا، (أَوْ تَيَقَّنَ حَدَثًا) أَيْ: اتِّصَافَهُ بِالْحَدَثِ (وَفَعَلَ طَهَارَةً فَقَطْ) وَلَمْ يَدْرِ الطَّهَارَةَ عَنْ حَدَثٍ أَوْ لَا (فَعَلَى ضِدِّ حَالِهِ قَبْلَهُمَا) أَيْ: قَبْلَ التَّيَقُّنَيْنِ وَكَذَا لَوْ تَيَقَّنَ حَالَةَ طَهَارَةٍ وَفِعْلَ حَدَثٍ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ مَا تَيَقَّنَهُ مِنْ حَالَتَيْ الْحَدَثِ أَوْ الطَّهَارَةِ هُوَ مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَأَنَّ ضِدَّ ذَلِكَ هُوَ الطَّارِئُ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ عَلَى ضِدِّ حَالِهِ قَبْلَ التَّيَقُّنَيْنِ.

(وَإِنْ تَيَقَّنَ حَدَثًا نَاقِضًا) لِطَهَارَةٍ (وَ) تَيَقَّنَ (فِعْلَ طَهَارَةٍ جَهِلَ حَالَهَا) مِنْ كَوْنِهَا رَافِعَةً لِحَدَثٍ أَوْ لَا (فَمُحْدِثٌ، عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ) سَوَاءٌ كَانَ مُتَطَهِّرًا قَبْلَهُمَا، أَوْ مُحْدِثًا أَوْ جَهِلَ (قَبْلَهُمَا) لِتَيَقُّنِهِ نَقْضَ الطَّهَارَةِ بِالْحَدَثِ وَشَكِّهِ فِي وُجُودِهَا بَعْدَهُ (وَعَكْسُ هَذِهِ الصُّورَةِ) فِي التَّصْوِيرِ.

وَهُوَ مَا إذَا تَيَقَّنَ أَنَّ الطَّهَارَةَ عَنْ حَدَثٍ وَلَمْ يَدْرِ الْحَدَثَ: عَنْ طَهَارَةٍ أَوْ لَا (بِعَكْسِهَا) فِي الْحُكْمِ فَيَكُونُ مُتَطَهِّرًا مُطْلَقًا، لِتَيَقُّنِهِ وَرَفْعِ الْحَدَثِ بِالطَّهَارَةِ، وَشَكِّهِ فِي وُجُودِهِ بَعْدَهَا (وَيَأْتِي إذَا سُمِعَ صَوْتٌ أَوْ شُمَّ رِيحٌ) بِبِنَاءِ الْفِعْلَيْنِ لِلْمَفْعُولِ (مِنْ أَحَدِهِمَا) لَا بِعَيْنِهِ، فِي أَوَائِلِ بَابِ الْغُسْلِ

ص: 133