المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل الشك في نجاسة الماء أو غيره] - كشاف القناع عن متن الإقناع - ت مصيلحي - جـ ١

[البهوتي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَةُ الْكِتَابِ]

- ‌[لَمْ يُؤَلِّفْ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الْفِقْهِ كِتَابًا]

- ‌[كِتَابُ الطَّهَارَةِ]

- ‌[أَقْسَامُ الْمَاءِ]

- ‌[الْقِسْمُ الْأَوَّلُ الْمَاءُ الطَّهُور]

- ‌[فَصْل فِي الْقِسْمُ الثَّانِي الْمَاءِ الطَّاهِر غَيْرُ الْمُطَهِّر]

- ‌[فَصْل فِي الْقِسْم الثَّالِثُ مِنْ أَقْسَامِ الْمِيَاهِ الْمَاءُ نَجَسٌ]

- ‌[فَصْلٌ الْكَثِيرُ قُلَّتَانِ فَصَاعِدًا]

- ‌[فَصْلٌ الشَّكَّ فِي نَجَاسَةِ الْمَاء أَوْ غَيْرِهِ]

- ‌[بَابُ الْآنِيَةِ]

- ‌[بَابُ الِاسْتِطَابَةِ وَآدَابِ التَّخَلِّي]

- ‌[فَصْلٌ إذَا انْقَطَعَ بَوْلُهُ اُسْتُحِبَّ لَهُ مَسْحُ ذَكَرِهِ بِيَدِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الِاسْتِجْمَارُ بِكُلِّ طَاهِرٍ جَامِدٍ]

- ‌[بَابُ السِّوَاكِ وَغَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلُ الِامْتِشَاطِ وَالِادِّهَانِ فِي بَدَنٍ وَشَعْرٍ غِبًّا]

- ‌[بَابُ الْوُضُوءِ]

- ‌[فَصْلٌ يَنْوِيَ الْوُضُوءَ لِلصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا]

- ‌[فَصْلٌ يَغْسِلُ وَجْهَهُ]

- ‌[فَصْلٌ يَغْسِلُ يَدَيْهِ إلَى الْمَرْفِقَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ يَمْسَحُ جَمِيعَ ظَاهِرِ رَأْسِهِ]

- ‌[فَصْلٌ يَغْسِلُ رِجْلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّرْتِيبُ وَالْمُوَالَاةُ]

- ‌[فَصْلٌ سُنَنُ الْوُضُوءِ]

- ‌[بَابُ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ وَسَائِرِ الْحَوَائِلِ]

- ‌[بَابُ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ وَهِيَ مُفْسِدَاتُهُ]

- ‌[فَصْلٌ أَحْدَثَ حَدَثًا أَكْبَرَ أَوْ أَصْغَرَ]

- ‌[بَابُ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ وَمَا يُسَنُّ لَهُ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ لَزِمَهُ الْغُسْلُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ]

- ‌[فَصْلٌ أَحْكَام الْحَمَّام وَآدَاب دُخُولِهِ]

- ‌[بَابُ التَّيَمُّمِ]

- ‌[فَصْلٌ عَدِمَ الْمَاءَ وَظَنَّ وُجُودَهُ]

- ‌[فَصْلٌ وَلَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ إلَّا بِتُرَابٍ طَهُورٍ]

- ‌[فَصْلٌ فَرَائِضُ التَّيَمُّمِ عَنْ حَدَثٍ أَصْغَرَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُبْطِلَاتِ التَّيَمُّمِ]

- ‌[بَابُ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ الْحُكْمِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ وَتَطْهُرُ أَرْضٌ مُتَنَجِّسَةٌ بِمَائِعٍ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ نَجَاسَةٍ وَلَوْ لَمْ يُدْرِكْهَا الْبَصَرُ]

- ‌[بَابُ الْحَيْضِ وَالِاسْتِحَاضَةِ وَالنِّفَاسِ]

- ‌[فَصْلٌ وَالْمُبْتَدَأُ بِهَا الدَّمُ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُعْتَادَةُ إذَا اُسْتُحِيضَتْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّلْفِيقِ وَشَيْءٍ مِنْ أَحْكَامِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَنَحْوِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي النِّفَاسِ]

- ‌[كِتَابُ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ جَحَدَ وُجُوبَ صَلَاةٍ مِنْ الْخَمْسِ]

- ‌[بَابُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ]

- ‌[بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُدْرَكُ بِهِ أَدَاءُ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي قَضَاءِ الْفَوَائِتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[بَابُ سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَأَحْكَامُ اللِّبَاسِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا مَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا]

- ‌[فَصْلٌ لُبْسُ مَا فِيهِ صُورَةٌ]

- ‌[بَابُ اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ وَمَوَاضِعُ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي نُهِيَ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[بَابُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَبَيَانِ أَدِلَّتِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ]

- ‌[فَصْلٌ وَإِذَا اخْتَلَفَ اجْتِهَادُ رَجُلَيْنِ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ]

- ‌[بَابُ النِّيَّةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[بَابُ آدَابِ الْمَشْيِ إلَى الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَسْتَفْتِحُ الصَّلَاةَ سِرًّا]

- ‌[فَصْلٌ يَقْرَأُ الْبَسْمَلَةَ سِرًّا فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَرْفَعُ يَدَيْهِ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ يُصَلِّي الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ كَالرَّكْعَةِ الْأُولَى]

- ‌[فَصْل السَّلَامِ بَعْد التَّشَهُّدِ]

- ‌[فَصْل يُسَنُّ ذِكْرُ اللَّهِ وَالدُّعَاءُ وَالِاسْتِغْفَارُ عَقِبَ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُكْرَهُ وَمَا يُبَاحُ وَمَا يُسْتَحَبُّ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْل تَنْقَسِمُ أَقْوَالُ الصَّلَاةِ وَأَفْعَالُهَا إلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ]

- ‌[بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ]

- ‌[فَصْل فِي السُّجُودِ عَنْ نَقْصٍ فِي صَلَاتِهِ]

- ‌[فَصْل مَا يُشْرَعُ لَهُ سُجُودُ السَّهْوِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ]

- ‌[فَصْلٌ السُّنَنُ الرَّاتِبَةُ الَّتِي تُفْعَلُ مَعَ الْفَرَائِضِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّرَاوِيحُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ سَنَّهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ حِفْظُ الْقُرْآنِ]

- ‌[فَصْلٌ تُسْتَحَبُّ النَّوَافِلُ الْمُطْلَقَةُ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ صَلَاةُ الضُّحَى]

- ‌[فَصْلٌ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ الْأَوْقَاتِ الَّتِي نُهِيَ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ كَبَّرَ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ التَّسْلِيمَةَ الْأُولَى]

- ‌[فَصْلٌ الْأَوْلَى أَنْ يَشْرَعَ الْمَأْمُومُ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ بَعْدَ شُرُوعِ إمَامِهِ مِنْ غَيْرِ تَخَلُّفٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِمَامَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَوْقِفِ الْمَأْمُومِينَ خَلْفَ الْإِمَامِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الِاقْتِدَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَعْذَارِ الْمُبِيحَةِ لِتَرْكِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ أَهْلِ الْأَعْذَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقَصْرِ]

- ‌[فَصْلٌ نِيَّةُ الْقَصْرِ]

الفصل: ‌[فصل الشك في نجاسة الماء أو غيره]

مِنْهَا) أَيْ مِنْ دَرَاهِمِ الْقُلَّتَيْنِ (شَيْءٌ) أَوْ يَبْقَى أَقَلُّ مِنْ دَرَاهِمِ الرِّطْلِ.

(وَاحْفَظْ الْأَرْطَالَ الْمَطْرُوحَةَ فَمَا كَانَ) أَيْ وُجِدَ مِنْ عَدَدِ الطَّرُوحَاتِ (فَهُوَ مِقْدَارُ الْقُلَّتَيْنِ بِالرِّطْلِ الَّذِي طُرِحَتْ بِهِ) إنْ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْ دَرَاهِمِ الرِّطْلِ (وَإِنْ بَقِيَ) مِنْ دَرَاهِمِ الْقُلَّتَيْنِ (أَقَلُّ مِنْ) دَرَاهِمِ الـ (رِّطْلِ) الَّذِي طُرِحَتْ بِهِ (فَانْسُبْهُ مِنْهُ ثُمَّ اجْمَعْهُ إلَى الْمَحْفُوظِ) فَمَا كَانَ فَهُوَ مِقْدَارُ الْقُلَّتَيْنِ.

[فَصْلٌ الشَّكَّ فِي نَجَاسَةِ الْمَاء أَوْ غَيْرِهِ]

فَصْلٌ (وَإِنْ شَكَّ فِي نَجَاسَةِ مَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَثَوْبٍ أَوْ إنَاءٍ (وَلَوْ) كَانَ الشَّكُّ فِي نَجَاسَةِ مَاءٍ (مَعَ تَغَيُّرِ) الْمَاءِ بَنَى عَلَى أَصْلِهِ، لِحَدِيثِ «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إلَى مَا لَا يَرِيبُكَ» وَالتَّغَيُّرُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِمُكْثِهِ أَوْ نَحْوِهِ (أَوْ) شَكَّ فِي (طَهَارَتِهِ) وَقَدْ تَيَقَّنَ نَجَاسَتَهُ قَبْلَ ذَلِكَ (بَنَى عَلَى أَصْلِهِ) الَّذِي كَانَ مُتَيَقَّنًا قَبْلَ طُرُوءِ الشَّكِّ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ إذَا كَانَ عَلَى حَالٍ فَانْتِقَالُهُ عَنْهَا يَفْتَقِرُ إلَى عَدَمِهَا وَوُجُودُ الْأُخْرَى وَبَقَاؤُهَا وَبَقَاءُ الْأُولَى لَا يَفْتَقِرُ إلَّا إلَى مُجَرَّدِ الْبَقَاءِ، فَيَكُونُ أَيْسَرَ مِنْ الْحَدِيثِ وَأَكْثَرَ، وَالْأَصْلُ إلْحَاقُ الْفَرْدِ بِالْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ.

(وَلَا يَلْزَمُهُ السُّؤَالُ) عَمَّا لَمْ يَتَيَقَّنْ نَجَاسَتَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ طَهَارَتُهُ (وَيَلْزَمُ مَنْ عَلِمَ نَجَاسَتَهُ إعْلَامُ مَنْ أَرَادَ اسْتِعْمَالَهُ) فِي طَهَارَةٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ غَيْرِهِ (إنْ شُرِطَتْ إزَالَتُهَا) أَيْ تِلْكَ النَّجَاسَةُ (لِلصَّلَاةِ) لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ فَيَجِبُ بِشُرُوطِهِ وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ إنْ لَمْ تُشْتَرَطْ إزَالَتُهَا لِلصَّلَاةِ كَيَسِيرِ الدَّمِ وَمَا تَنَجَّسَ بِهِ لَمْ يَجِبْ إعْلَامُهُ لِأَنَّ عِبَادَتَهُ لَا تَفْسُدُ بِاسْتِعْمَالِهِ فِي غَيْرِ طَهَارَةٍ وَهَذَا أَحَدُ احْتِمَالَاتٍ ثَلَاثَةٍ أَطْلَقَهَا فِي الْفُرُوعِ، وَضَعَّفَهُ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ وَصَوَّبَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مُطْلَقًا وَقَالَ قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى انْتَهَى وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى.

(وَإِنْ احْتَمَلَ تَغَيُّرُ الْمَاءِ بِشَيْءٍ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَاءِ (مِنْ نَجَسٍ أَوْ غَيْرِهِ عَمِلَ بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ الِاحْتِمَالِ؛ لِأَنَّ مَا حَصَلَ فِي الْمَاءِ وَأَمْكَنَ تَغَيُّرُ الْمَاءِ بِهِ سَبَبٌ فَيُحَالُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ مَا سِوَاهُ وَإِنْ لَمْ يُحْتَمَلْ تَغَيُّرُ الْمَاءِ بِمَا وَقَعَ فِيهِ لِكَثْرَةِ الْمَاءِ وَقِلَّةِ السَّاقِطِ فِيهِ لَمْ يُؤَثِّرْ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ هُنَا سَبَبًا، أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَقَعْ فِيهِ شَيْءٌ، وَلَوْ كَانَ بِئْرُ الْمَاءِ مُلَاصِقًا لِبِئْرٍ فِيهَا بَوْلٌ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ النَّجَاسَاتِ وَشَكَّ فِي وُصُولِهِ إلَى الْمَاءِ فَالْمَاءُ طَاهِرٌ بِالْأَصْلِ وَإِنْ أَحَبَّ عِلْمَ حَقِيقَةِ ذَلِكَ فَلْيَطْرَحْ فِي الْبِئْرِ النَّجِسَةِ نِفْطًا فَإِنْ وَجَدَ رَائِحَتَهُ فِي الْمَاءِ عَلِمَ وُصُولَهُ

ص: 45

إلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ وَجَدَهُ مُتَغَيِّرًا تَغَيُّرًا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مِنْهَا وَلَمْ يُعْلَمْ لَهُ سَبَبٌ آخَرُ فَهُوَ نَجَسٌ لِمَا سَبَقَ وَلَوْ وُجِدَ مُتَغَيِّرًا فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ وَلَمْ يُعْلَمْ سَبَبُ تَغَيُّرِهِ فَهُوَ طَاهِرٌ وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ نَجَاسَتُهُ، ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ (وَإِنْ احْتَمَلَهُمَا) أَيْ التَّغَيُّرُ بِالطَّاهِرِ وَالنَّجَسِ (فَهُوَ طَاهِرٌ) أَيْ مُطَهِّرٌ اسْتِصْحَابًا لِلْأَصْلِ، لِعَدَمِ تَحَقُّقِ خُرُوجِهِ عَنْهُ.

وَإِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ وَفِيهِ نَجَاسَةٌ فَغُرِفَ مِنْهُ بِإِنَاءٍ فَاَلَّذِي فِي الْإِنَاءِ طَاهِرٌ وَالْبَاقِي نَجَسٌ، إنْ كَانَ الْإِنَاءُ كَبِيرًا يُخْرِجُهُ عَنْ التَّقْرِيبِ وَإِنْ ارْتَفَعَتْ النَّجَاسَةُ فِي الدَّلْوِ فَالْمَاءُ الَّذِي فِي الْإِنَاءِ نَجَسٌ وَالْبَاقِي طَاهِرٌ هَذَا مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ (وَإِنْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ مُكَلَّفٌ وَلَوْ) كَانَ (امْرَأَةً وَقِنًّا) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ.

(وَلَوْ) كَانَ الْمُخْبِرُ (مَسْتُورَ الْحَالِ) لِأَنَّهُ خَبَرٌ لَا شَهَادَةٌ (أَوْ) كَانَ (ضَرِيرًا؛ لِأَنَّ لِلضَّرِيرِ طَرِيقًا إلَى الْعِلْمِ بِذَلِكَ) أَيْ بِالنَّجَاسَةِ (بِالْخَبَرِ وَالْحِسِّ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ بِنَجَاسَةٍ أَوْ أَحَسَّ بِنَجَاسَةٍ بِحَاسَّةٍ غَيْرِ الْبَصَرِ (لَا) إنْ أَخْبَرَهُ (كَافِرٌ وَفَاسِقٌ) ظَاهِرُ الْفِسْقِ (وَمَجْنُونٌ وَغَيْرُ بَالِغٍ) وَلَوْ مُمَيِّزًا (بِنَجَاسَتِهِ) أَيْ الْمَاءِ أَوْ غَيْرِهِ.

(قَبِلَ) أَيْ وَجَبَ عَلَيْهِ قَبُولُ خَبَرِهِ وَالْعَمَلُ بِهِ فَيَكُفَّ عَنْ اسْتِعْمَالِهِ لِعِلْمِهِ بِنَجَاسَتِهِ (إنْ عَيَّنَ) الْمُخْبِرُ (السَّبَبَ) فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ نَجِسًا عِنْدَ الْمُخْبِرِ دُونَ الْمُخْبَرِ، لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي سَبَبِ نَجَاسَةِ الْمَاءِ وَقَدْ يَكُونُ إخْبَارُهُ بِنَجَاسَتِهِ عَلَى وَجْهِ التَّوَهُّمِ كَالْوَسْوَاسِ فَلِذَلِكَ اُعْتُبِرَ التَّعْيِينُ وَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ فَقِيهًا مُوَافِقًا، كَمَا نُقِلَ عَنْ إمْلَاءِ الْتَقِي الْفَتُوحِيِّ وَلَا يَلْزَمُ السُّؤَالُ عَنْ السَّبَبِ، قَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ قُلْتُ وَكَذَا إذَا أَخْبَرَهُ بِمَا يَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ مَعَ بَقَاءِ الطَّهَارَةِ، فَيَعْمَلُ الْمُخْبَرُ بِمَذْهَبِهِ فِيهِ.

(فَإِنْ أَخْبَرَهُ) الْعَدْلُ الْمُكَلَّفُ (أَنَّ كَلْبًا وَلَغَ) مِنْ بَابِ نَفَعَ، أَيْ شَرِبَ بِأَطْرَافِ لِسَانِهِ (فِي هَذَا الْإِنَاءِ وَلَمْ يَلِغْ فِي هَذَا) الْإِنَاءِ.

(وَقَالَ) عَدْلٌ مُكَلَّفٌ (آخَرُ) أَيْ غَيْرُ الْأَوَّلِ (لَمْ يَلِغْ فِي الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا وَلَغَ فِي الثَّانِي قَبِلَ) الْمُخْبَرُ وُجُوبًا (قَوْلَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الْإِثْبَاتِ دُونَ النَّفْيِ وَوَجَبَ اجْتِنَابُهُمَا) أَيْ الْإِنَاءَيْنِ (لِأَنَّهُ يُمْكِنُ صِدْقُهُمَا لِكَوْنِهِمَا) أَيْ الْوُلُوغَيْنِ (فِي وَقْتَيْنِ) مُخْتَلِفَيْنِ اطَّلَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَدْلَيْنِ عَلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ (أَوْ عَيَّنَا كَلْبَيْنِ) بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا وَلَغَ فِيهِ هَذَا الْكَلْبُ دُونَ هَذَا الْكَلْبِ وَعَاكَسَهُ الْآخَرُ فَيَقْبَلُ خَبَرُهُمَا وَيَكُفُّ عَنْهُمَا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُثْبِتٌ لِمَا نَفَاهُ الْآخَرُ وَالْمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ؛ لِأَنَّ مَعَهُ زِيَادَةُ عِلْمٍ.

(وَإِنْ عَيَّنَا كَلْبًا وَاحِدًا وَ) عَيَّنَا (وَقْتًا لَا يُمْكِنُ شُرْبُهُ فِيهِ مِنْهُمَا تَعَارَضَا وَسَقَطَ قَوْلُهُمَا) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ صِدْقُهُمَا، وَلَا مُرَجِّحُ لِأَحَدِهِمَا، كَالْبَيِّنَتَيْنِ إذَا تَعَارَضَتَا

ص: 46

(وَيُبَاحُ اسْتِعْمَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ وَلَمْ يَثْبُتْ مَا يَرْفَعُهُ.

(فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا شَرِبَ مِنْ هَذَا الْإِنَاءِ وَقَالَ الْآخَرُ لَمْ يَشْرَبْ) مِنْهُ (قُدِّمَ قَوْلُ الْمُثْبِتِ) لِمَا سَبَقَ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) الْمُثْبِتُ (لَمْ يَتَحَقَّقْ شُرْبَهُ، مِثْلُ الضَّرِيرِ الَّذِي يُخْبِرُ عَنْ حِسِّهِ فَيُقَدَّمُ قَوْلَ الْبَصِيرِ) لِرُجْحَانِهِ بِالْمُشَاهَدَةِ وَاسْتِصْحَابِهِ بِالْأَصْلِ الطَّهَارَةَ.

(وَإِنْ) عَلِمَ نَجَاسَةَ الْمَاءِ الَّذِي تَوَضَّأَ مِنْهُ وَ (شَكَّ هَلْ كَانَ وُضُوءُهُ قَبْلَ نَجَاسَةِ الْمَاءِ أَوْ بَعْدَهَا لَمْ يُعِدْ) أَيْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ.

قَالَ فِي الْفُرُوعِ: لَكِنْ يُقَالُ: شَكُّهُ فِي الْقَدْرِ الزَّائِدِ، كَشَكِّهِ مُطْلَقًا فَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُعِيدَ إلَّا مَا تَيَقَّنَهُ بِمَاءٍ نَجِسٍ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ، كَشَكِّهِ فِي شَرْطِ الْعِبَادَةِ بَعْدَ فَرَاغِهَا وَعَلَى هَذَا لَا يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَآنِيَتَهُ وَنَصُّ أَحْمَدَ يَلْزَمُهُ انْتَهَى وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ النَّجَاسَةَ كَانَتْ قَبْلَ وُضُوئِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَكَانَ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ أَوْ كَانَ قُلَّتَيْنِ فَنَقَصَ بِالِاسْتِعْمَالِ أَعَادَ،؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ نَقْصُ الْمَاءِ.

(وَإِنْ شَكَّ فِي كَثْرَةِ مَاءٍ وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ) وَلَمْ تُغَيِّرْهُ (فَهُوَ نَجِسٌ) ؛ لِأَنَّ الْيَقِينَ كَوْنُهُ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ.

(أَوْ) شَكَّ (فِي نَجَاسَةِ عَظْمٍ) وَقَعَ فِي مَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَهُوَ طَاهِرٌ) اسْتِصْحَابًا لِلْأَصْلِ.

(أَوْ) شَكَّ (فِي) طَهَارَةِ (رَوْثَةٍ) وَقَعَتْ فِي مَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَطَاهِرَةٌ) لِمَا تَقَدَّمَ نَقَلَهُ حَرْبٌ وَغَيْرُهُ فِيمَنْ وَطِئَ رَوْثَةً، فَرَخَّصَ فِيهِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ مَا هِيَ.

(أَوْ) شَكَّ (فِي جَفَافِ نَجَاسَةٍ عَلَى ذُبَابٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيُحْكَمُ بِعَدَمِ الْجَفَافِ) لِأَنَّهُ الْأَصْلُ.

(أَوْ) شَكَّ (فِي وُلُوغِ كَلْبٍ أَدْخَلَ رَأْسَهُ فِي إنَاءٍ ثُمَّ) وُجِدَ.

وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْفُرُوعِ: وَثَمَّ أَيْ هُنَاكَ - وُجِدَ (بِفِيهِ رُطُوبَةٌ فَلَا يَنْجَسُ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُلُوغِ.

(وَإِنْ أَصَابَهُ مَاءُ مِيزَابٍ وَلَا أَمَارَةَ) عَلَى نَجَاسَتِهِ (كُرِهَ سُؤَالُهُ) عَنْهُ لِقَوْلِ عُمَرَ لِصَاحِبِ الْحَوْضِ لَا تُخْبِرْنَا (فَلَا يَلْزَمُ جَوَابُهُ) وَأَوْجَبَهُ الْأَزِجِي إنْ عَلِمَ نَجَاسَتَهُ، قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: وَهُوَ الصَّوَابُ.

(وَإِنْ اشْتَبَهَ طَهُورٌ مُبَاحٌ بِنَجَسٍ أَوْ) اشْتَبَهَ طَهُورٌ مُبَاحٌ (بِمُحَرَّمٍ لَمْ يُتَحَرَّ وَلَوْ زَادَ عَدَدُ الطَّهُورِ) أَوْ الْمُبَاحِ، خِلَافًا لِأَبِي عَلِيٍّ النَّجَّادِ لِأَنَّهُ اشْتَبَهَ الْمُبَاحُ بِالْمَحْظُورِ فِي مَوْضِعٍ لَا تُبِيحُهُ الضَّرُورَةُ، كَمَا لَوْ اشْتَبَهَتْ أُخْتُهُ بِأَجْنَبِيَّاتٍ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا بَوْلًا؛ لِأَنَّ الْبَوْلَ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي التَّطْهِيرِ (أَوْ) أَيْ وَلَوْ (كَانَ النَّجِسُ غَيْرَ بَوْلٍ) فَلَا يُتَحَرَّى وَإِذَا عُلِمَ النَّجَسُ اُسْتُحِبَّ إرَاقَتُهُ، لِيُزِيلَ الشَّكَّ عَنْ نَفْسِهِ (وَوَجَبَ الْكَفُّ عَنْهُمَا) أَيْ الْمُشْتَبِهَيْنِ احْتِيَاطًا لِلْحَظْرِ (كَمَيْتَةٍ) اشْتَبَهَتْ (بِمُذَكَّاةٍ لَا مَيْتَةٍ فِي لَحْمِ مِصْرٍ أَوْ قَرْيَةٍ) قَالَ أَحْمَدُ أَمَّا شَاتَانِ لَا يَجُوزُ التَّحَرِّي، فَأَمَّا إذَا كَثُرَتْ فَهَذَا غَيْرُ هَذَا.

وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: فَثَلَاثَةٌ؟ قَالَ لَا أَدْرِي (وَيَتَيَمَّمُ) مَنْ عَدِمَ طَهُورَ

ص: 47

غَيْرِ الْمُشْتَبَهِ (مِنْ غَيْرِ إعْدَامِهِمَا وَلَا خَلْطِهِمَا) خِلَافًا لِلْخِرَقِيِّ، لِأَنَّهُ عَادِمٌ لِلْمَاءِ حُكْمًا (لَكِنْ إنْ أَمْكَنَ تَطْهِيرُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ) بِأَنْ يَكُونَ الطَّهُورُ قُلَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ وَعِنْدَهُ إنَاءٌ يَسَعُهُمَا (لَزِمَ الْخَلْطُ) لِيَتَمَكَّنَ بِهِ مِنْ الطَّهَارَةِ الْوَاجِبَةِ.

(وَإِنْ عَلِمَ النَّجَسَ بَعْدَ تَيَمُّمِهِ وَصَلَاتِهِ فَلَا إعَادَةَ) كَمَنْ تَيَمَّمَ لِعَدَمِ الْمَاءِ ثُمَّ وَجَدَهُ بَعْدَ أَنْ صَلَّى وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ فِي الصَّلَاةِ وَجَبَ الْقَطْعُ وَالطَّهَارَةُ وَالِاسْتِئْنَافُ، وَكَذَا الطَّوَافُ (وَإِنْ تَوَضَّأَ مِنْ أَحَدِهِمَا فَبَانَ أَنَّهُ الطَّهُورُ لَمْ يَصِحَّ وُضُوءُهُ) كَمَا لَوْ صَلَّى قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ دُخُولَ الْوَقْتِ فَصَادَفَهُ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ تَحَرَّى أَوْ لَا، خِلَافًا لِلْإِنْصَافِ، حَيْثُ قَالَ مِنْ غَيْرِ تَحَرٍّ وَعَارَضَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى.

(وَيَلْزَمُ التَّحَرِّي لِ) حَاجَةِ (أَكْلٍ وَشُرْبٍ) لِأَنَّهُ حَالُ ضَرُورَةٍ (وَلَا يَلْزَمُهُ غَسْلُ فَمِهِ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ، إذَا وَجَدَ طَهُورًا اسْتِصْحَابًا لِأَصْلِ الطَّهَارَةِ، وَكَذَا لَوْ تَطَهَّرَ مِنْ أَحَدِهِمَا لَا يَلْزَمُ غَسْلُ أَعْضَائِهِ وَثِيَابِهِ اسْتِصْحَابًا لِلْأَصْلِ وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ يَجِبُ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ بِلَا تَحَرٍّ.

(وَلَا يَتَحَرَّى) مَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ طَاهِرٌ بِنَجِسٍ (مَعَ وُجُودِ غَيْرِ مُشْتَبَهٍ) لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ.

(وَإِنْ تَوَضَّأَ بِمَاءٍ ثُمَّ عَلِمَ نَجَاسَتَهُ أَعَادَ مَا صَلَّاهُ) مِنْ الْفَرْضِ لِبُطْلَانِهِ (حَتَّى يَتَيَقَّنَ بَرَاءَتَهُ) لِيَخْرُجَ مِنْ الْعُهْدَةِ بِيَقِينٍ.

(وَمَا جَرَى مِنْ الْمَاءِ عَلَى الْمَقَابِرِ فَطَهُورٌ إنْ لَمْ تَكُنْ نُبِشَتْ) لِلْحُكْمِ بِطَهَارَتِهَا إذَنْ (وَإِنْ كَانَتْ) الْمَقَابِرُ (قَدْ تَقَلَّبَ تُرَابُهَا فَإِنْ كَانَتْ أَتَتْ عَلَيْهَا الْأَمْطَارُ طَهُرَتْ.

قَالَهُ فِي النَّظْمِ) ؛ لِأَنَّ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ لَا يُعْتَبَرُ لَهَا نِيَّةٌ، وَالْأَرْضُ تَطْهُرُ بِالْمُكَاثَرَةِ بِالْمَاءِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَتَتْ عَلَيْهَا الْأَمْطَارُ (فَهُوَ نَجَسٌ إنْ تَغَيَّرَ بِهَا) أَيْ بِالنَّجَاسَةِ لِمَا تَقَدَّمَ (أَوْ) لَمْ يَتَغَيَّرْ، لَكِنْ (كَانَ قَلِيلًا) فَيَنْجَسُ لِمُلَاقَاتِهِ النَّجَاسَةَ قُلْتُ مُقْتَضَى مَا سَبَقَ أَنَّهُ طَاهِرٌ، لِأَنَّهُ وَرَدَ عَلَى مَحِلِّ التَّطْهِيرِ فَلَا يَنْجَسُ بِالْمُلَاقَاةِ، وَالْمُنْفَصِلُ عَنْ الْأَرْضِ بَعْدَ زَوَالِ النَّجَاسَةِ طَاهِرٌ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي فَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ عَيْنُ النَّجَاسَةِ مَوْجُودَةً.

(وَإِنْ اشْتَبَهَ طَاهِرٌ بِنَجِسٍ غَيْرِ الْمَاءِ كَالْمَائِعَاتِ) مِنْ خَلٍّ وَلَبَنٍ وَعَسَلٍ (وَنَحْوِهَا حُرِّمَ التَّحَرِّي بِلَا ضَرُورَةَ) وَيَجُوزُ مَعَهَا، وَحَيْثُ جَازَ التَّحَرِّي عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ تَنَاوَلَ مِنْ أَحَدِهِمَا لِلضَّرُورَةِ.

(وَإِنْ اشْتَبَهَ طَاهِرٌ) غَيْرُ مُطَهِّرٍ (بِطَهُورٍ لَمْ يُتَحَرَّ) أَيْ لَمْ يَجْتَهِدْ فِي الطَّهُورِ مِنْهُمَا، كَمَا لَوْ اشْتَبَهَ الطَّهُورُ بِالنَّجِسِ (وَتَوَضَّأَ مِنْهُمَا وُضُوءًا وَاحِدًا، مِنْ هَذَا غُرْفَةً وَمِنْ هَذَا غُرْفَةً يَعُمُّ بِكُلِّ غُرْفَةٍ الْمَحِلَّ) مِنْ مَحَالِّ الْوُضُوءِ لِيُؤَدِّيَ الْفَرْضَ بِيَقِينٍ وَيَجُوزُ لَهُ هَذَا (وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ طَهُورٌ بِيَقِينٍ) لِأَنَّهُ تَوَضَّأَ مِنْ

ص: 48

مَاءٍ طَهُورٍ بِيَقِينٍ (وَصَلَّى صَلَاةً وَاحِدَةً) أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَرْضَ مَرَّتَيْنِ (وَلَوْ تَوَضَّأَ مِنْ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا (فَقَطْ ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ مُصِيبٌ أَعَادَ) مَا صَلَّاهُ لِعَدَمِ صِحَّةِ وُضُوئِهِ قُلْتُ وَالْغُسْلُ فِيمَا تَقَدَّمَ كَالْوُضُوءِ وَكَذَا إزَالَةُ النَّجَاسَةِ.

(وَلَوْ احْتَاجَ إلَى شُرْبٍ تَحَرَّى وَشَرِبَ الطَّاهِرَ عِنْدَهُ) أَيْ مَا ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ الطَّاهِرُ (وَتَوَضَّأَ بِالطَّهُورِ ثُمَّ تَيَمَّمَ مَعَهُ احْتِيَاطًا، إنْ لَمْ يَجِدْ طَهُورًا غَيْرَ مُشْتَبَهٍ) لِيَحْصُلَ لَهُ الْيَقِينُ.

(وَإِنْ اشْتَبَهَتْ ثِيَابٌ طَاهِرَةٌ مُبَاحَةٌ بِ) ثِيَابٍ (نَجِسَةٍ) أَوْ بِثِيَابٍ (مُحَرَّمَةٍ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ ثَوْبٌ طَاهِرٌ) بِيَقِينٍ (أَوْ) ثَوْبٌ (مُبَاحٌ بِيَقِينٍ لَمْ يَتَحَرَّ) لِمَا تَقَدَّمَ فِي اشْتِبَاهِ الطَّهُورِ بِالنَّجِسِ (وَصَلَّى فِي كُلّ ثَوْبٍ صَلَاةً وَاحِدَةً) يُكَرِّرُهَا (بِعَدَدِ) الثِّيَابِ (النَّجِسَةِ أَوْ الْمُحَرَّمَةِ، وَزَادَ) عَلَى عَدَدِ النَّجِسَةِ أَوْ الْمُحَرَّمَةِ (صَلَاةً) لِيُصَلِّيَ فِي ثَوْبٍ طَاهِرٍ يَقِينًا (يَنْوِي بِكُلِّ صَلَاةٍ الْفَرْضَ) احْتِيَاطًا، كَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ يَوْمٍ وَفَرَّقَ أَحْمَدُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ وَالْأَوَانِي بِأَنَّ الْمَاءَ يَلْصَقُ بِبَدَنِهِ فَيَنْجَسُ بِهِ، وَأَنَّهُ يُبَاحُ صَلَاتُهُ فِيهِ عِنْدَ الْعَدَمِ، بِخِلَافِ الْمَاءِ النَّجِسِ.

قَالَ الْقَاضِي؛ وَلِأَنَّ الْقِبْلَةَ يَكْثُرُ الِاشْتِبَاهُ فِيهَا، وَالتَّفْرِيطَ هُنَا حَصَلَ، مِنْهُ بِخِلَافِهَا؛ وَلِأَنَّ لَهَا أَدِلَّةً تَدُلُّ عَلَيْهَا، بِخِلَافِ الثِّيَابِ وَقَوْلُهُ: يَنْوِي بِكُلِّ صَلَاةٍ الْفَرْضَ، يَعْنِي لِأَنَّهَا مُعَادَةٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَكْفِي نِيَّتُهَا ظُهْرًا مَثَلًا، إذْ لَا تَتَعَيَّنُ الْفَرِيضَةُ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ النِّيَّةِ.

(وَإِنْ جَهِلَ) مَنْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الثِّيَابُ (عَدَدَهَا) أَيْ عَدَدَ النَّجِسَةِ أَوْ الْمُحَرَّمَةِ (صَلَّى) فَرِيضَةً فِي كُلِّ ثَوْبٍ مِنْهَا فَيُصَلِّي فِي ثَوْبٍ بَعْدَ آخَرَ (حَتَّى يَتَيَقَّنَ أَنَّهُ صَلَّى فِي ثَوْبٍ طَاهِرٍ أَوْ مُبَاحٍ) يَنْوِي بِكُلِّ صَلَاةٍ الْفَرْضَ كَمَا تَقَدَّمَ، لِيَخْرُجَ مِنْ الْوَاجِبِ بِيَقِينٍ، وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ كَثُرَتْ؛ لِأَنَّهُ يَنْدُرُ جِدًّا.

وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ يَتَحَرَّى فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ دَفْعًا لِلْمَشَقَّةِ وَإِنْ اشْتَبَهَ مُبَاحٌ بِمَكْرُوهٍ اجْتَهَدَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيمَا شَاءَ بِدُونِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُصَلِّيَ بِكُلِّ ثَوْبٍ صَلَاةً وَإِنْ صَلَّى بِهِمَا مَعًا كُرِهَ قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى.

(وَكَذَا حُكْمُ الْأَمْكِنَةِ الضَّيِّقَةِ) إذَا تَنَجَّسَ بَعْضُهَا وَاشْتَبَهَتْ وَلَا بُقْعَةَ طَاهِرَةً بِيَقِينٍ فَإِذَا تَنَجَّسَتْ زَاوِيَةٌ مِنْ بَيْتٍ وَتَعَذَّرَ خُرُوجُهُ مِنْهُ وَمَا يَفْرِشُهُ عَلَيْهِ صَلَّى الْفَرْضَ مَرَّتَيْنِ فِي زَاوِيَتَيْنِ وَإِنْ تَنَجَّسَ زَاوِيَتَانِ صَلَّى ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي ثَلَاثِ زَوَايَا، وَهَكَذَا (وَيُصَلِّي فِي فَضَاءٍ وَاسِعٍ) كَصَحْرَاءَ وَحَوْشٍ كَبِيرٍ تَنَجَّسَ بَعْضُهُ وَاشْتَبَهَ (وَلَا تَصِحُّ إمَامَةُ مَنْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الثِّيَابُ) أَوْ الْبُقْعَةُ الضَّيِّقَةُ (الطَّاهِرَةُ بِالنَّجِسَةِ) ؛ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ شَرْطِ الصَّلَاةِ، وَهُوَ الطَّاهِرُ الْمُتَيَقَّنُ.

(وَإِنْ اشْتَبَهَتْ أُخْتُهُ) أَوْ نَحْوُهَا مِنْ مَحَارِمِهِ (بِأَجْنَبِيَّةٍ أَوْ أَجْنَبِيَّاتٍ لَمْ يَتَحَرَّ لِلنِّكَاحِ) أَيْ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّحَرِّي لِلنِّكَاحِ مِنْهُنَّ

ص: 49