الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إذاً ما فرطنا في الكتاب من شيء معناه: سلمنا الكتاب من كل تفريط.
وبرأناه من كل تقصير. وأخلصناه من كل تضييع.
وباب التضمين لا يُفثج. ثم ما قيمة الخارقة المادية التي يطلبونها أمام الخارقة التي يرونها مع امتداد أبصارهم في دواب الأرض وطيور السماء.
إن منهج القرآن يربط الفطرة بهذا الوجود ليفتح نوافذها، ويدع للكون أن يفعل فعله في الكائن البشري فيتلقى ويستجيب (إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ).
* * *
قَالَ تَعَالَى:
(حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ)
.
ذكر الزركشي: عدَّاه لتضمَّنه معنى كشف الفزع عنه. وقال الزمخشري: فزع عن قلوبهم: كُشِف الفزع عن قلوب الشافعين والمشفوع لهم.
وذكر القرطبي: قال ابن عباس: خُلِّي عن قلوبهم الفزع. قال قطرب: أخرج ما فيها من الخوف. وقال مجاهد: كشف عن قلوبهم الغطاء يوم القيامة.
وقال الآلوسي: أزيل الفزع عن قلوب الشفعاء والمشفوع لهم بظهور سطوع أنوار الإجابة والارتضاء من آفاق رحمة الملك الرفيع.
وقال الرازي: أزيل الفزع عنهم يقال: قرد البعير إذا أخذ منه القراد.
ويقال لهذا تشديد السلب.
وذكر البروسوي: التفزيع من الأضداد، فإنه انقباض ونفار يعتري الإنسان من شيء مخيف. وهو إزالة الخوف والفزع.
أقول: ينتظر المشفوع فيهم أن يتأذن ذو الجلال بالشفاعة، ويطول الترقب، وتعنو الوجوه للحي القيوم، تخشع القلوب للرحمن وتسكن الأصوات، ويمتد الزمن في الانتظار الطويل، ثم
…
ثم يصدر الأمر من الجليل فتنتاب الرهبة الشافعين والمشفوع لهم. فإذا أفاقوا من الروعة التي غمرتهم فأذهلتهم، وكشف رداء الهيبة الملقى عليهم، وسري عن قلوبهم قالوا للملائكة: ماذا قال ربكم وهو المتفرد بالعلو والكبرياء فيجيبون: قال الحق وأذِنَ في الشفاعة .. إنها الفرحة الغامرة في الإجابة الموجزة وفي المشهد الخاشع المذهل المرهوب
…
فتضمين (التَسْرية) - سري عن قلوبهم - أذهب في الاستحسان من كَشْفِ الفزع كما قال مجاهد وغيره. أو خروج الفزع أو إزالته، لما في الكشف والخروج والإزالة من العموم المُستوحش، وما في التسرية من الخصوص المُستأنس مع عذوبة جرسه ورقة حواشيه وذَوْب روحه في زوال الهم وكشف الغم على هَيْنة وفي طُمأنينة نديَّة.