الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالعذاب. واحتمال اللفظ للمعنى شيء، ودلالته عليه شيء آخر. فالمطلق للمقيدات غيرُ دال، والعام بالنسبة للأفراد دال.
الجاهلية الحديثة تطارد الذين يتطهرون
…
في أفكارهم وتصوراتهم لأنها ترحب بالدنسين القدرين، وجاءت الخاتمة بلا تفصيل (فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ) لأنها من الغابرين الدنسين. مطرا مهلكا فيه ما فيه من العواصف أرسله عليهم ليطهر الأرض من الدنَس الذي كانوا فيه والوحل الذي عاشوا فيه.
وكل سوء بلغ الحد انتهى
…
للمنتهى ومن الدمار دواء
* * *
قَالَ تَعَالَى:
(أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ)
.
أجاز أبو البقاء، وكذلك أبو حيان: أن يكون قوله: (مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ) مفعولا به على تضمين الفعل معنى أعطيناكم.
وذكر الجمل: قوله (مكناهم) عدَّاه بنفسه وقوله (نمكن لكم) عداه بالحرف والفرق بينهما: أن مكنه في كذا معناه أثبته فيه، وأما مكن له فمعناه جعل له مكانا. وقال: إذا ضمن مكنا معنى (أعطينا) كانت (ما) مفعولا به أي أعطيناهم مكانا ملتبسا ومصحوبا بالقوة والسعة.
وقال أبو حيان: وتعدى مكن بنفسه وبحرف الجر والأكثر تعديته باللام - مكنا ليوسف في الأرض - وقال أبو عبيدة: مكناهم ومكنا لهم لغتان فصيحتان كنصحته ونصحت له.
أقول: هؤلاء المعرضون المكذبون إذاً تعوزهم الرغبة في الاستجابة، ويمسك بهم العناد في إعراضهم عن النظر في الأدلة والتدبر في مصارع الأجيال، فقد أعطاهم من أسباب القوة ما لم يُهيئ مثله لقريش. فالتمكين تم بمشيئة اللَّه ليبلوهم فيه أيؤدون حقه من العبودية له والتلقي منه وحده أم يجعلون من أنفسهم طواغيت؟ (أولم يروا) يلفت أنظارهم إلى مصارع المكذبين من قبلهم - عاد بالأحقاف، وثمود بالحجر - يمرون على أطلالهم في رحلة الشتاء والصيف ويمرون بقرى لوط المخسوفة وبعضها منهم قريب.
حقيقة ينساها البشر حين ينحرفون عن شرط الاستخلاف.
(فالتمكين) حين تضمن معنى (المنح) تعدى إلى مفعولين، وحين تعدى باللام تضمَّن معنى التهيئة.
منحناهم أسباب التثبيت والتمكين في الأرض، لم نُهيئ لكم مثله أنتم يا معشر قريش. ثم عصوْا ربهم فأخذناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم آخرين.
حقيقة ينساها الناس حين يمكن لهم في الأرض وأنهم فيها مستخلفون .... إنه التضمين يمنح الفعل وجها مستطابا نستمتع به على قدر ما يحمل من دلالات في مسارح النظر.
* فهو طَرف مُصرِح
…
عن ضمير بما هَجَس *
* * *