الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أي يتقولون على اللَّه بأنه سمح لهم في التوراة بأكل أموال الأميين وخيانتهم (لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ) ولكن بلفظ (يقولون) عمم كذبهم وأطلقه على كل أقوالهم في أي مجال كان فكل قول موسوم بالكذب والافتراء على الله. وهكذا كشف التضمين بالحرف (على) افتراءهم على اللَّه في أكل أموال المسلمين عربا وعجما، ووسمهم بفعل (يقولون) بالكذب المتأصل في نفوسهم على اللَّه وعلى المسلمين بل وعلى العالم أجمع بدليل قوله تعالى:(وَهُمْ يَعْلَمُونَ) أي يعلمون أنهم كاذبون مفترون على الله، بأنه لم يجعل في التوراة في حقهم حرمة وقال نبينا صلى الله عليه وسلم عند نزول هذه الآية: " كذب أعداء الله.
ما من شيء في الجاهلية إلا وهو تحت قدمي إلا الأمانة فإنها مؤداة إلى البر والفاجر ". فأبه لهذه الحروف تبلغ منها حاجتك. والحذر من يهود إخوان الشياطين وأحفاد القردة والخنازير.
إذا فتح إبليس طريق الخروج من الجنة فهم قطعوا طريق العودة إليها، عليهم لعنة اللَّه إلى يوم الدين.
* * *
قَالَ تَعَالَى:
(وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ)
.
ذكر أبو البقاء: إن (ما) مفعول على تضمين قال معنى (ادعى). ومثله السمين الحلبي.
وقال الجمل: أقول بمعنى أدعي.
أقول: يا لهذا العبد الصالح في مثل هذا الموقف الرهيب، ومن مثل هذه الفِرية التي شاعت وانتشرت على الألسنة! أهاهو يواجهها بالتبرئ المطلق (مَا يَكُونُ لِي) لا يحق، ولا يحوز، وما ينبغي، ولا يصح
…
لم يقل: ما قلته .... بل ما يكون لي أن أقول. فقدم ناسخ القول عليه وفوض ذلك بالكلية إلى علم العليم المحيط بكل شيء، وهذا منتهى الأدب والتذلل بين يدي ذي الجلال لا مزيد فيه ولا مطمع في مزيد .... إنه جواب الراجف الواجف الخاشع المنيب إن كنت قلته فقد علمته وفي تنزيه اللَّه المطلق سبحانك وفي التبرئ الكامل الذي استشهد عليه بذات اللَّه إن كنت قلته فقد علمته -.
لقد تضمن القول هنا معنى الادعاء: أن أقول أي أدَّعي. وكل ادعاء بحاجة إلى شاهد أو دليل لإثباته أو نفيه، ولقد نفى عليه السلام هذه الدعوى أو الفرية المنسوبة من قالة السوء على لسانه، بأنها ليست من حقه، ولا حتى في تصوره؛ وشاهده على براءته هو علام الغيوب (تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي) وهذه شهادة لا تُرد ودليله على صدقه (إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ) فماذا بعد علم العليم الحكيم؟!
ثم لا أجمل ولا ألطف من نفي العلم هنا (وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ) إلا أن الإقرار بالجهل أرق وألطف.
إنه التضمين حمل (القول) فيه معنى (الادعاء) ليدل على إيجازه وإعجازه ويكشف عن ما استودعه فيه من أسراره.