الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كما في الأحاديث الأخرى، وقال صلى الله عليه وسلم:«من قرأ حرفا من القرآن فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها (1)» خرجه الترمذي، والدارمي بإسناد صحيح، ولا يعتبر قارئا إلا إذا تلفظ بذلك، كما نص على ذلك أهل العلم. والله ولي التوفيق.
(1) سنن الترمذي فضائل القرآن (2910).
علاج الأمراض العضوية بالقرآن
س: هل التداوي والعلاج بالقرآن يشفي من الأمراض العضوية كالسرطان كما هو يشفي من الأمراض الروحية كالعين والمس وغيرهما؟ وهل لذلك دليل؟ جزاكم الله خيرا.
ج: القرآن والدعاء فيهما شفاء من كل سوء بإذن الله، والأدلة على ذلك كثيرة، منها قوله تعالى:{قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} (1)، وقوله سبحانه:{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} (2).
وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى شيئا قرأ في كفيه عند النوم سورة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (3) و (المعوذتين) ثلاث مرات، ثم يمسح في كل مرة على ما استطاع من جسده فيبدأ برأسه ووجهه وصدره في كل مرة عند النوم، كما صح الحديث بذلك عن عائشة رضي الله عنها.
(1) سورة فصلت الآية 44
(2)
سورة الإسراء الآية 82
(3)
سورة الإخلاص الآية 1
رسالة في أن القرآن غير مخلوق للإمام الحافظ إبراهيم بن إسحاق الحربي 198 - 285 هـ
ويليها رسالة إمام أهل السنة والجماعة
إلى الخليفة المتوكل في مسألة القرآن
تقديم وتحقيق وتعليق علي بن عبد العزيز بن علي الشبل
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم عليه توكلت وإليه أنيب.
الحمد لله الذي أظهر الحق وأوضحه، وكشف عن سبيله وبينه، وهدى من شاء من خلقه إلى طريقه، وشرح به صدره وأنجاه من الضلالة حين أشفى عليها فحفظه وعصمه من الفتنة في دينه، فأنقذه من مهاوي الهلكة، وأقامه على سنن الهدى وثبته، وآتاه اليقين في اتباع رسوله وصحابته، ووفقه وحرس قلبه من وساوس البدعة، وأيده وأضل من أراد منهم وبعده، وجعل على قلبه غشاوة، وأهمله في غمرته ساهيا، وفي ضلالته لاهيا، ونزع من صدره الإيمان وابتز منه الإسلام، وتيهه في أودية الحيرة، وختم على سمعه وبأمره ليبلغ الكتاب فيه أجله، ويتحقق القول عليه مما سبق من علمه فيه من قبل خلقه له وتكريمه إياه ليعلم عباده أن إليه الدفع والمنع، وبيده الضر والنفع، من غير غرض له فيه، ولا حاجة به إليه، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، إذ لم يطلع على غيبه أحدا، ولا جعل السبيل إلى علمه في خلقه أبدا.
فمن أراد أن يجعله لإحدى المنزلتين ألهمه إياها، وجعل موارده ومصادره نحوها، ومنقلبه ومنقلبه ومتصرفاته فيها، وكده وجهده ونصبه عليه، ليتحقق وعده المحتوم، وكتابه المختوم وغيبه المكتوم، قال تعالى:
{وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ} (1) من ربهم. وقال سبحانه: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ} (2).
ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يحيي ويميت، وينشئ ويقيت، ويبدئ ويعيد، شهادة مقر بعبوديته، ومذعن بألوهيته، ومتبرئ عن الحول والقوة إلا به.
ونشهد أن محمدا عبده ورسوله بعثه إلى الخلق كافة، وأمره أن يدعو الناس عامة قال تعالى:{لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ} (3).
أما بعد: فإن أوجب ما على المرء معرفة اعتقاد الدين، وما كلف الله به عباده من فهم توحيده وصفاته له وتصديق رسله بالدلائل واليقين، والتوصل إلى طرقها والاستدلال عليها بالحجج والبراهين.
وكان من أعظم مقولة، وأوضح حجة معقول: كتاب الله الحق المبين، ثم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصحابته الأخيار المتقين، ثم ما أجمع عليه السلف الصالحون، ثم التمسك بمجموعها، والمقام عليها إلى يوم الدين، ثم الاجتناب عن البدع والاستماع إليها مما أحدثه المضلون.
(1) سورة الشورى الآية 18
(2)
سورة البقرة الآية 257
(3)
سورة يس الآية 70
فهذه الوصايا الموروثة المتنوعة، والآثار المحفوظة المنقولة، وطرائق الحق المسلوكة، والدلائل اللائحة المشهورة، والحجج الباهرة المنصورة التي عملت عليها الصحابة والتابعون ومن بعدهم من خاصة الناس وعامتهم من المسلمين، واعتقدوها حجة فيما بينهم وبين الله رب العالمين، ثم من اقتدى بهم من أئمة المهتدين، واقتفى آثارهم من المتبعين، واجتهد في سلوك سبيل المتقين، وكان مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، فمن أخذ في مثل هذه المحجة، وداوم بهذه الحجج على منهاج الشريعة أمن في دينه التبعة، ومن أعرض عنها وابتغى من غيرها مما يهواه أو يروم سواها مما تعداه، أخطأ في اختيار بغيته وأغواه، وسلكه في سبيل الضلالة، وأرداه في مهاوي الهلكة.
وبعد هذه المقدمة الحافلة المستقاة من مقدمة اللالكائي لكتابه (شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة)، أدلف إلى المقصود منها بالتقديم لهذه المسألة المباركة للإمام الحافظ أبي إسحاق إبراهيم بن إسحاق الحربي، في موضوع جلل، عظم وزلت به القدم، وهو بدعة القول بخلق القرآن، وإنكار كلام منزل الفرقان، والتي يتلوها رسالة شيخه المبجل الإمام العلم أحمد بن حنبل في رسالته الجامعة لأمير المؤمنين وخليفة المسلمين المتوكل، في ذات الموضوع، لما صبر فيه على المحنة، فكافأه الله بعد ذلك في الدنيا العزة والرفعة، وفي الآخرة إن شاء الله المنزلة الرفيعة مع الصديق في جوار النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا.