الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي هذه المساهمة، سوف أحاول الإلمام بجوانب من حياة هذا العالم الكبير في علمه وقدره، الصغير عند نفسه، الباذل لعلمه، المحب لطلابه، المدافع عن العلماء والقضاة الذين أنيطت به مسئولية عملهم.
مولده ونشأته:
أجمع الكاتبون عن سيرة الشيخ محمد رحمه الله على أنه ولد في السابع عشر من شهر محرم سنة 1311 هـ بمدينة الرياض، وأنه نشأ في بيت علم وفضل، فأبوه الشيخ إبراهيم بن عبد اللطيف كان عالما، أسند إليه الملك عبد العزيز قضاء الرياض من عام 1321 هـ، إلى أن توفي عام 1329 هـ، إلى جانب جلوسه للتدريس، وجده الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن درس في الأزهر بمصر، بعدما نقله إبراهيم باشا مع أسرته لمصر بعد سقوط الدرعية عام 1233 هـ- 1234، وقد نال مكانة علمية كبيرة في مصر، ثم بعدما عاد منها: في الدعوة والتأليف والتعليم.
وجد والده الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب مؤلف كتاب فتح المجيد شرح كتاب التوحيد، وقد قدم من مصر عام 1241 هـ بعدما نفيت أسرتهم إلى هناك مع من نفي من آل سعود وآل الشيخ وغيرهم بعد هدم الدرعية. . وكان عالما ورعا أثنى عليه ابن بشر في تاريخه في علمه وسعة أفقه (1)
(1) لراغب الاستفادة ينظر (عنوان المجد) لابن بشر حوادث عام 1241 هـ ج 1، و (مقدمة فتح المجيد) ص 3 - 4.
وكل واحد من فروع هذه الشجرة الطيبة، له شهرة علمية، وفضل لا يضاهى في سبيل نشر الدعوة، وتصحيح العقيدة، وحماية جناب التوحيد، توارثوا العلم كابرا عن كابر، فكانوا مصابيح تضيء دجى الجهل، وعلامات يسترشد بها الساري في الذود عن العقيدة.
ففي الرياض نشأ مجدد الدعوة، ومحيي السنة، الشيخ محمد بن إبراهيم، وفي ربوعها درج، حيث بانت علائم النجابة عليه منذ صغره، وفي حي دخنة، حيث بيوت العلم من آل الشيخ خاصة، ترعرع، وتفتح ذهنه على طلب العلم، فأدخله والده مدرسة الكتاب: لدى عبد الرحمن بن مفيريج وهو في الثامنة من عمره، ولنباهته وشغفه بالعلم فقد حفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب، ثم درس بعد ذلك التجويد.
وكانت دراسته عند ابن مفيريج على مرحلتين: المرحلة الأولى، وهو مبصر من الثامنة حتى الحادية عشرة حيث ختمه نظرا، والثانية بعدما أصيب بمرض الرمد في عينيه في السادسة عشرة، حيث استمر معه المرض سنة كاملة، كف بصره على أثره، فعوضه الله البصيرة، فعاد إلى الكتاتيب فحفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب
لكن الشيخ عبد الله بن منيع في حديثه عن سماحته قال: " فمن حين بلغ السابعة من عمره شرع يتعلم القرآن الكريم في كتاب للمقرئ عبد الرحمن بن مفيريج فأتم قراءته وإجادته، ثم شرع في حفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب، فما بلغ الحادية عشرة حتى أتمه حفظا (1) ومهما يكن من اختلاف بين الكاتبين عن سماحته في العمر في بدء الدراسة، وختم القرآن، فإن هذا الاختلاف ليس بكثير، وهذا من الأمور المعتادة لكثير ممن يترجم لحياتهم في فترة متأخرة، بعدما علت مكانة الشيخ، وسما نجمه.
ذلك أن المعلومات الأولية عن حياة الشيخ محمد رحمه الله تجمع من الذاكرة، ومن مساءلة العارفين به، وليس بمستغرب حصول الاختلاف في التاريخ الذي لم يدون.
ومثل هذا الاختلاف أيضا، حصل في تحديد السن التي فقد فيها البصر، ولكنه أخف، إذ عبد الله بن رويشد في كتابه " قادة الفكر الإسلامي " يرى أنه فقد البصر، ولما يبلغ العاشرة من عمره (2) عمره، ويرى عمر رضا كحالة في مستدركه على معجم المؤلفين، نقلا عن خير الدين الزركلي في الأعلام، أنه فقد بصره
(1) انظر (مجلة البحوث الإسلامية) العدد 18 ص 213
(2)
ص 405.
في الحادية عشرة من عمره (1).
ويرى الشيخ عبد الرحمن بن عبد اللطيف في كتابه " مشاهير علماء نجد وغيرهم "(2) والشيخ محمد بن قاسم في مقدمة مجموع فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم (3)، أنه أصيب بالرمد وهو في السادسة عشرة من عمره في عينيه فكف بصره.
والشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع الذي لازم سماحته آخر عمره قرابة خمسة عشر عاما، يرى: أنه كف بصره وهو في السابعة عشرة من عمره، حديث حدثنا سماحته عن نفسه بذلك (4).
وأجدني أميل مع الشيخ عبد الله بأن بصره كف وهو في السابعة عشرة؛ لأنه أسند هذا الرأي للشيخ محمد نفسه رحمه الله فيكون أخذ العلم عن مصدره؛ لأن أصدق وأوثق ما يكتب في السير الذاتية، ما كانت المعلومات بحديث المترجم له، إنباء عن نفسه.
أما الرأيين في مشاهير علماء نجد، ومجموع فتاوى سماحته، فلعلهما عبرا به عن بدء المرض، الذي استمر معه سنة، بفقدان البصر، ومعلوم أن النتيجة لا تتم إلا بعد البرء من
(1)(المستدرك لمعجم المؤلفين) ص 582، و (الأعلام) للزركلي 5: 306هـ -307.
(2)
ص 169.
(3)
ص 1: 9.
(4)
انظر (مجلة البحوث الإسلامية) العدد 18 ص 213.