الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اختلاط يخبر به أحوال الناس، ويميز طبقاتهم، من أجل حسن التعامل معهم، ومعالجة أخطائهم، وتقدير ظروفهم، من غير تجريح أو تقريع. اختلاط ينبئ عن اهتمام بهم، ومراعاة لمشاعرهم وأحاسيسهم، أدب في الخطاب والنداء، ودعوة بأحب الأسماء، مصحوبا بتبسم وتخير للكلمات الطيبات، طلب الدعاء بظهر الغيب، حسن المنظر والهيئة، المبادرة بتقديم المعونة، الإيجابية في المشاركات، والوفاء بالالتزامات، حفظ الأسرار، التواضع والحلم والأناة، والبعد عن التكلف، وتجنب التصرفات المزرية.
صفات المعين:
لا تختلف الصفات المطلوبة في المعين عن الصفات المطلوبة في المحتاج إلى الإعانة، من حيث الإيمان والصلاح والتقوى والإخلاص وحسن الأدب والخلق، غير أن ثمة بعض الصفات تتطلبها طبيعة الإعانة والمبادرة بها في مسالك الدعوة ومنعرجاتها. من أبرز ذلك:
1 -
التصديق والموافقة:
لقد قال موسى عليه السلام في مناشدته ربه مبينا نوع الحاجة إلى أخيه: {رِدْءًا يُصَدِّقُنِي} (1).
أما الردء فهو المعين والوزير والظهير، وهو مقصود البحث كله.
(1) سورة القصص الآية 34
أما قوله: {رِدْءًا يُصَدِّقُنِي} (1) فليس المقصود منه أن يقول هارون عليه السلام: هو صادق بمجرد لسانه؛ لأن ذلك يستوي فيه الفصيح وذو الفهاهة (2)، وإنما يكون مصدقا بما عرف عن هذا الردء والمعين من العقل والرزانة وقوة الحجة والبيان، فيحصل ببيانه وقوة موقفه الخضوع والانقياد والتسليم ورد الخصوم المجادلين. فالمصدق يبسط بلسانه ويفصح ببيانه ويجادل أهل الباطل، ولهذا قال موسى عليه السلام في ذات السياق في مسوغات الترشيح:{هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا} (3)(4).
ويزيد المقصود وضوحا استحضار موقف الصديق أبي بكر رضي الله عنه في حادثة الإسراء، حين أصبح النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة يخبر قريشا بالحادثة، فكذبه أكثر الناس وارتدت طائفة بعد إسلامها، ولما جاء أبو بكر رضي الله عنه وبادرته قريش بعجبها واستنكارها بادرها بالمواجهة الصارمة العاقلة الصادقة:«إني لأصدقه في خبر السماء بكرة وعشية أفلا أصدقه في بيت المقدس (5)» .
يقابل موقف الصديق هذا الموقف المعاكس، حين يبتلى رجل الدعوة برفيق مكذب مخذل يسعى في تحويل المحاسن إلى
(1) سورة القصص الآية 34
(2)
ذو الفهاهة: العيي في الكلام، ثقيل اللسان فيه. المعجم الوسيط ج (2) ص (704).
(3)
سورة القصص الآية 34
(4)
محاسن التأويل ج (8) ص (105).
(5)
القصة في الصحيحين وراجع ابن كثير ج (3) ص (24).