المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌جلوسه للطلبة: جرت العادة بين العلماء، ألا يتصدر حلقات العلم، - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٥١

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌ مذهب الحنفية:

- ‌ مذهب المالكية:

- ‌ مذهب الشافعية:

- ‌ مذهب الحنابلة:

- ‌الفتاوى

- ‌ تسريح الشعر كل يوم

- ‌ تعريف المكروه

- ‌ تعريف الشرط

- ‌ حكم الخلاف بين الأئمة الأربعة

- ‌من فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌الاحتفال بالموالد بدعة ومن أسباب الشرك

- ‌كل أسماء الله تدل على الذات والصفة

- ‌توحيد الربوبية أمر معترف به عند الأمم

- ‌الله سبحانه أعلم بكيفية نزوله

- ‌ الصدقة والحج عمن كان يذبح لغير الله

- ‌إهداء بعض أعمال الخير للميت

- ‌ما يجوز إهداؤه للميت وما لا يجوز

- ‌حكم الطواف وختم القرآن للأموات

- ‌الطريق الأمثل للاستقامة على المنهج القويم

- ‌من صفات أهل العلم

- ‌حكم دخول الكفار المساجد

- ‌من رأى في المنام ما يكره

- ‌إهداء تلاوة القرآن الكريم للآخرين

- ‌قراءة القرآن في أوقات العمل

- ‌حكم قراءة القرآن في منزل فيه كلب

- ‌حكم قراءة القرآن على الميت ووضع المصحف على بطنه

- ‌من ينظر في المصحف دون تحريك الشفتين هل يثاب على ذلك

- ‌علاج الأمراض العضوية بالقرآن

- ‌ترجمة موجزة للإمام إسحاق الحربي

- ‌ رسالة الإمام أحمد إلى الخليفة المتوكل في مسألة القرآن

- ‌التعاون بين الدعاة مبادئه وثمراته

- ‌تعريف:التعاون

- ‌التعاون ضرورة إنسانية:

- ‌فضل التعاون:

- ‌التعاون وغاية الدعوة:

- ‌أقسام الناس في التعاون:

- ‌ميادين التعاون:

- ‌الصفات الشخصية وأثرها في تحقيق التعاون:

- ‌عقد الأخوة الإيمانية:

- ‌الإخلاص:

- ‌البعد عن التعصب والحزبية:

- ‌فقه الاختلاط:

- ‌صفات المعين:

- ‌ثمار التعاون:

- ‌خاتمة:

- ‌التوبة في منهج القرآن الكريم

- ‌مقدمة:

- ‌معاني التوبة في القرآن الكريم:

- ‌الشروط الواجب توافرها للتوبة:

- ‌التوبة واقترانها بالإيمان:

- ‌التوبة واقترانها بالصلاة والزكاة:

- ‌التوبة والعمل الصالح:

- ‌خاتمة البحث:

- ‌الشيخ محمد بن إبراهيمعالم الديار السعودية وفقيهها

- ‌المقدمة:

- ‌مولده ونشأته:

- ‌طلبه العلم:

- ‌جلوسه للطلبة:

- ‌أبرز تلاميذه:

- ‌مؤلفاته:

- ‌أعماله:

- ‌تقديره للعلماء:

- ‌أخلاقه وصفاته:

- ‌شعره:

- ‌نماذج من فتاواه:

- ‌وفاته:

- ‌الخاتمة:

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌ ‌جلوسه للطلبة: جرت العادة بين العلماء، ألا يتصدر حلقات العلم،

‌جلوسه للطلبة:

جرت العادة بين العلماء، ألا يتصدر حلقات العلم، ولا يجلس للطلاب يقرءون عليه، ويأخذون عنه، إلا من تشبع بالعلم، وأدرك من العلماء ما يخوله لذلك.

والشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله قد بدأت عليه علائم النجابة، وسيماء الذكاء في وقت مبكر، وقد أدرك عمه الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف منه ذلك؛ لأنه كان يتابع مسيرته العلمية، ويسر بما عرف وسمع عن ابن أخيه، من نبوغ وذكاء، مع حرص شديد على العلم: حفظا واستيعابا، حتى أدرك واستوعب في وقت مبكر، فوق ما يدركه غيره في سنوات أكثر، فوضى عليه الملك عبد العزيز رحمه الله وزكاه له، من جوانب عديدة.

ولما توفي عمه الشيخ عبد الله في عام 1339 هـ، نفذ الملك عبد العزيز وصيته في ابن أخيه، وذلك أن الشيخ عبد الله في مرض موته، أكد تزكيته لعلم وعقل ابن أخيه، وأنه كفؤ لما يسند إليه من أعمال، وأخبره بكفاءته العلمية، وسعة صدره في معالجة الأمور، وأنه بموجب ذلك يصلح أن يكون خليفة بعده: في إمامة المسجد بدخنة، والتدريس، وحل المشكلات إلى غير ذلك (1).

ويتناقل كبار السن أن الملك عبد العزيز تحدث مع العلماء والمشايخ عند قبر الشيخ عبد الله، في وداعه الأخير وقال: الله

(1) انظر (مشاهير علماء نجد وغيرهم) ص 170.

ص: 309

يخلف على المسلمين بمن فيه السداد، اليوم دفنا العلم والورع، من ترون يحل مكانه. . فسكتوا. فقال: إن صدق ظني، فلا أجد أحدا يقوم مقامه إلا هذا الكفيف - ولو أنه أصغركم - بعلمه وعمله ونظرته للأمور.

قم يا شيخ محمد تراك محل عمك في جميع أموره من اليوم، الله يجعل فيك بركة، صل بمسجده، واجلس للطلبة يقرءون عليك، فهم في حاجة لمثلك.

ويذكر نجله معالي الشيخ عبد العزيز أن الملك عبد العزيز رحمه الله حين خرج من المقبرة بعد دفن الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف جلس في الجانب الغربي من الوادي وجلس من حوله المشايخ والمشيعون فقال ما معناه: " اسمعوا لا تقولوا - وكان يخاطب المشايخ - مات ابن عبد اللطيف فمن خاض فيما لا يعنيه والله لأكونن له بالمرصاد " وهدفه من هذا الكلام أنه لا يرضى من يفتي بدون أن يتلقى من ولي الأمر إذنا بالفتوى أو أي أمر لم يسند إليه؛ حرصا منه على الانضباط ووحدة الفتوى. وقد سمعت وحفظت أن عمه الشيخ عبد الله وشيخه العلامة سعد بن عتيق قد أثنوا على الشيخ محمد ثناء عطرا، والمجتمع كله أيضا قد أدرك فضل الشيخ محمد في علمه وشخصيته المتميزة بالعقل الراجح وحسن الخلق. وحينما تصدر للتدريس كانت مجالسه منذ أن بدأها تغص بالطلاب من داخل البلاد وخارجها.

ويقول محمد العثمان القاضي: لما مرض عمه الشيخ

ص: 310

عبد الله بن عبد اللطيف، وزاره الملك عام 1339 هـ، قال: إن ابن أخي، قد تضلع في العلم، وأخذ نصيبا وافرا منه، ولديه مؤهلات تؤهله لما يوكل إليه، فاستمسك بغرره.

وتوفي عمه فعينه الملك عبد العزيز خلفا له في الفتيا والتدريس والخطابة، في الجامع الكبير (1)، وفي مسجد عمه في حي دخنة، الصلوات الخمس، ويجلس للطلبة فيه، في مختلف الفنون (2).

ثم قال: فوالى نشاطه التعليمي: فبعد (3) صلاة الفجر إلى الضحى، وبعد الظهر ساعة، وبعد العصر، وبعد المغرب مثلها، والتف إلى حلقته طلبة لا حصر لعددهم، ووفد إليه الطلبة من كل صوب، وظل في تدريسه حوالي نصف قرن، ولم تصده الأعمال الموكلة إليه من نفع الخلق في التعليم، وتخرج عليه علماء عاملون، نفع الله بهم، ما بين أساتذة ومدرسين، وقضاة عادلين في الأصول والفروع والحديث، والتوحيد والتفسير، وصار مسجده ناديا من أندية العلم، وكان حسن التعليم، يرتب الطلبة، فكل طبقة لما يشاكلها: فالمبتدئون يجمعهم على المختصرات، والمتوسطون والمنتهون على المطولات، وكان واسع الاطلاع في الأصول والفروع، والحديث وعلوم العربية، وصار له نشاط في

(1) هو جامع الإمام تركي بن عبد الله بالصفاة بجوار قصر الحكم.

(2)

انظر كتابه: (روضة الناظرين) ص 2: 317.

(3)

لعله يقصد تحديد أوقات جلوسه للطلاب.

ص: 311

الإفتاء والإرشاد، والنصائح والتعليم منقطع النظير (1).

لكن عبد الرحمن بن عبد اللطيف في كتابه مشاهير علماء نجد وغيرهم، قد توسع في تبيين طريقة تدريسه، وأوقات جلوسه، فقال: فكان رحمه الله إذا صلى الفجر جلس في المسجد يقرأ عليه صغار الطلبة في الآجرومية في النحو، وبعدهم يقرأ عليه متوسطو الطلبة في القطر لابن هشام في النحو، وبعدهم يقرأ عليه كبار الطلبة في ألفية ابن مالك، وشرح ابن عقيل، فإذا انتهوا من قراءة النحو، في الألفية والشرح، قرءوا عليه في الفقه، في متن الزاد- زاد المستقنع- غيبا، فإذا قرأ آخرهم وسكت، أخذ الشيخ في إعادة ما قرءوه من المتن من حفظه، وشرع يتكلم على العبارات، ويوضح معاني الكلمات، فإذا انتهى شرع أحد الطلاب في قراءة شرح الزاد: المسمى الروض المربع، شرح زاد المستقنع. . قراءة ترتيل، يقف عند كل فقرة وجملة، والشيخ يعلق على عبارات الشارح وجمله بكلام يوضح المعنى ويزيح الإشكال، ويصور المسائل تصويرا ملموسا،

(1) انظر (روضة الناظرين) 2: 317، 318.

ص: 312

يقرب المعاني الفقهية إلى أذهان الطلبة، ويقرر قواعدها في نفوسهم؛ لأنه رحمه الله آخذ بناصية علم الفقه، ومتبحر فيه تبحرا عظيما، فإذا انتهى من تقريره على الفقه شرعوا في القراءة عليه في بلوغ المرام، فإذا أشارت الساعة إلى الواحدة نهارا، انصرف إلى داره، وجلس فيها، فإذا حانت الساعة الثالثة جاءه كبار الطلبة وخواصهم، وقرءوا عليه إلى الساعة الخامسة نهارا، ثم انصرفوا، فإذا أدن الظهر، خرج وصلى بالناس في المسجد، وجاءه أهل المطولات وقرءوا عليه في مختلف الكتب، كجامع الترمذي، وصحيح البخاري، وزاد المعاد في هدي خير العباد، فإذا انتهوا قرأ عليه بعض الطلبة في بعض المتون العلمية غيبا، مثل: كتاب التوحيد، والعقيدة الواسطية، فإذا أذن العصر خرج إلى داره، وجدد وضوءه، ثم رجع وصلى بالناس العصر، وجلس في المسجد يقرأ عليه أحد الأعيان من الطلبة، في بعض الردود، فإذا انتهى قرأ عليه جملة من الطلبة في مصطلح الحديث، فإذا انتهوا قرءوا عليه في العقيدة الحموية لشيخ الإسلام ابن تيمية، فإذا بقي على أذان المغرب مقدار نصف ساعة، خرج إلى داره، فإذا أذن المغرب جاء وصلى بالناس، ثم جلس في المسجد للطلبة، يقرءون عليه علم الفرائض، والمواريث، فإذا ختم وأذن للعشاء قام من حلقة درس الفرائض إلى الصف الأولى وتنفل، ثم أمر القارئ، فشرع يقرأ عليه في تفسير ابن كثير إلى الساعة الثانية والنصف - بالتوقيت الغروبي، فيأمر بإقامة الصلاة للعشاء، فإذا

ص: 313

أقيمت وصلى بالناس تنفل وأوتر وخرج إلى داره، وهي قريبة من مسجده، واستمر على هذا الترتيب في الدروس بهذه الصفة، من عام 1339 هـ إلى عام 1380 هـ، حيث ترك جميع الدروس، ما عدا درس الفقه، وبلوغ المرام، فإنه لم يترك الجلوس لهما، بعد صلاة الفجر إلى أن حبسه المرض (1).

والشيخ عبد الله بن منيع في حديثه عن الشيخ محمد رحمه الله ذكر توزيع سماحته وقته في التدريس بين طلابه حسب مستوياتهم، حيث يبدأ وقته اليومي، من صلاة الفجر حتى الساعة الثانية والنصف ليلا بالتوقيت الغروبي، حيثما يخلد للراحة، قال: وكل ما تقدم من دروس النحو، ودروس الفقه، ودروس الحديث في جلسة واحدة من جلساته، والتلاميذ على حلقته الكبيرة، ما بين وارد وصادر، وهو في مجلسه كالنبع الصافي، والمورد العذب، الذي لا ينضب على كثرة الواردين، وازدحام الناهلين، ثم يذهب إلى بيته، فيلبث فيه بقدر ما يفرغ من حاجاته الضرورية، ثم يعود إلى مجلسه في المسجد، فيأتيه الطلاب، ويشرعون بالقراءة عليه بالكتب الكبار، والمراجع الضخام.

إلى أن قال: وهكذا فقد فرغ كل أوقاته، وصرف جميع حالاته، في خدمة العلم وتحصيله، ونشره.

ومن هذا الإقبال العظيم على العلم، والانصراف إلى مراجعته، وتدريس وسماع هذه الكتب النافعة والأسفار المفيدة،

(1) انظر (مشاهير علماء نجد وغيرهم) ص 172.

ص: 314

ندرك السر في سعة علمه، وكثرة تحصيله، ومدى اطلاعه. وقد لبث على هذه الحال، منذ توفي عمه في عام 1339 هـ، حتى عام 1382 هـ، حينما أسندت إليه كبار الأعمال، وتعددت مسئولياته، وكثرت مشاغله (1).

وقد ذكر الشيخ حمد الجاسر أنه عندما أسندت إليه إدارة التعليم في نجد قابل سماحته ولمس منه رغبة وموافقة على تدريس العلوم النافعة الحديثة، وأن من الخير له أن يقوي صلته بالشيخ؛ لمكانته من النفوس ولصفته العلمية التي لا تجهل، كما أن جل موظفي التعليم من تلامذته، وفي 28/ 2 / 1369 هـ كتب تقريرا برقم 61 لولي العهد سعود رحمه الله، مطولا عن اقتراحاته في التعليم، وعن رأي الشيخ محمد بن إبراهيم بعدما قابله، ويقول: لا خوف على مسار التعليم طالما كان تأسيس المعاهد والمدارس على اختلافها تحت إشرافنا الذي يتولاه الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، فبعثه ولي العهد برقم 745 وتاريخ 2/ 3 / 1369 هـ للشيخ محمد بن إبراهيم ليأخذ رأيه وإفادته بما يرى فيه، وكان من نتيجة ذلك فتح المعاهد العلمية، أولها معهد الرياض عام 1371 هـ (2).

ومن هذه الإلمامة بعرض من تطرقوا لطريقة الشيخ محمد في التعليم، وحرصه على طلابه تعليما، ووقته تنظيما، فإننا

(1) انظر (مجلة البحوث الإسلامية) العدد 18 ص 216 - 218.

(2)

صحيفة اليوم الصادرة يوم الجمعة 24/ 1 / 1418 هـ وفيها تفاصيل أكثر.

ص: 315

نلاحظ أن مشاغله الكثيرة لم تصرفه عن الاهتمام بالعلم، وتشجيع الطلاب عليه، فقد حرص على توسيع القاعدة العلمية، والاهتمام بتوجيه ورعاية طلاب العلم؛ حيث تبنى فتح المعاهد العلمية في مدن المملكة، وكليتي الشريعة واللغة العربية بالرياض، ووافق الملك على اقتراحه، ولكي يستقطب أكبر عدد ممكن من الطلاب عرض على الملك عبد العزيز - رحمهما الله جميعا - وضع مكافآت مجزية للطلاب، وحظي هذا العرض بالتأييد، فكان الشيخ محمد يحضر الدروس ليستمع إلى الطلاب في فصولهم، ويناقشهم ليعرف مستواهم العلمي، ويلتقي بالمدرسين ليشجعهم ويطمئن على سلامة تدريسهم وعلى قدراتهم العلمية.

كما كان يخصص يوما يلقي فيه كلمة توجيهية في المدرسين والطلاب، ويجيب على أسئلتهم، ويحضر النادي الثقافي في مساء الخميس من كل أسبوع بالمعهد العلمي بالرياض، ويستمع لما يلقى فيه، ويعلق وينبه على كل ما يراه ضروريا.

كما تولى سماحته الإشراف على مدارس دور الأيتام في المملكة وفي عام 1380 هـ صدر أمر بالموافقة على تعليم البنات في المملكة، وأن يكون بإشراف ورعاية الشيخ محمد بن إبراهيم؛ حيث سار التعليم في دور الأيتام، وفي مدارس البنات بالمملكة، على توجيهاته، ورقابته الدينية.

وعلاوة على ذلك، لم يغفل الشيخ محمد الصحافة

ص: 316

والتأليف، وما يصدر فيه من جديد، فكان متابعا لذلك باهتمام بالغ وبدقة؛ ليوجه من شطح قلمه، ويعلم من انحرف فكره، وينبه من غفل قلبه، في أدب جم، ودأب وصبر، ومثابرة على التعليم وحسن التوجيه، فكان الشيخ محمد رحمه الله هو المؤسس في عام 1385 هـ لمؤسسة الدعوة الإسلامية الصحفية، والتي صدر عنها مجلة الدعوة.

فالمتابع لأسلوب ومنهج الشيخ في التعليم ومتابعة طلابه، وفي حكمته وسعة صدره في معالجته للأمور، يدرك أنه قلعة منيعة، بعلمه الواسع، ونظرته البعيدة، وصبره على عظائم الأمور، وحلمه في المواقف العصيبة، وصلابته في الحق، وحرصه على سد الذرائع، ودرء المفاسد.

ولذا يروى عنه رحمه الله، أنه لما ناقشه بعض المتحمسين في بعض المسائل التي له نظرة خاصة فيها، بعيدة المرمى، قال للمناقش: ستعلمون عن مكانة محمد بن إبراهيم، وحسن تصرفه في معالجته الأمور، بعدما تفتقدونه. وما ذلك إلا أنه رحمه الله كان يعلم ويوجه، ويعالج كل معضلة بما يناسبها، فمن عليه ملاحظة يعالجها بطريقة خاصة بينه وبين من لوحظ عليه؛ حيث ينفرد به، وينصحه بأفق واسع، وصمت وهدوء، ثم يلي ذلك المتابعة وتحسس صدق إنابته، كل ذلك يراعي فيه تغليب المصلحة، وعدم جرح الشعور؛ لأنه يرى أن لكل جواد كبوة.

وكان يراعي في معالجته الأمور القاعدة الأصولية التي

ص: 317