الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشيخ محمد بن إبراهيم
عالم الديار السعودية وفقيهها
1311 -
1389 هـ
للدكتور: محمد بن سعد الشويعر
المقدمة:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين، نبينا محمد الصادق الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. . أما بعد: فإن القلم يقف مع الأفكار التي تتداعى في اختيار من يكتب عنه، واستحضار مكانته في النفوس، وأثره في الأمة، ذلك أن الأسماء المطروحة كثيرة، لكن الذي ترك بصمات بارزة، وتعلقت به الأفئدة، هو الذي تشرئب الأعناق لاستطلاع سيرته، وتذوق مسيرة حياته، حيث يتفتق الحديث عنه، إلى مواقف وعبر.
وهذا النوع من الرجال، بهم ندرة في كل مجتمع؛ لأن مكانتهم وأثرهم تعظمان بعد خلو الميدان منهم.
وحديثنا في هذا الموقف، عن عالم جليل القدر، جم التواضع، هو من القلة النادرة من الرجال، الذين تكبر مكانتهم بعدما تقلب سيرة حياتهم، وعند استجلاء مواقفهم، قد منحه الله
خصالا شتى: شدة في غير عنف، ولين من دون ضعف، علاوة على ما خصه الله من ذكاء وفطنة، وورع وتقى. . مع حب للمساعدة وعطف على المحتاجين.
ومن تتبع سيرته: المرصود منها والمحفوظ، يتضح له أنه إمام في علمه واجتهاده، جبل أشم في تصديه للتيارات الوافدة، إذ هو من النوادر الذين يبرزون على الساحة بين وقت وآخر، وممن ينطبق عليه قول الشاعر:
سيذكرني قومي إذا جد جدهم
…
وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر
إنه العالم الفذ، إمام عصره، الذي جمع الله فيه خصالا عديدة، مع الإخلاص، والاهتمام بالعلم ونشره، إلى جانب الحكمة في معالجة الأمور، وبعد النظر في تحري العواقب، وتلمس ما فيه الرأفة بالأمة.
إنه مفتي الديار السعودية، ورئيس قضائها: الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب، رحمهم الله جميعا.
ولئن كان الشيخ محمد علما من الأعلام البارزة، المرتبطة بتاريخ المملكة العلمي والقضائي والفتوى، والمعروف لا يعرف
به، فإنه حي في ذاكرة كل من عرفه بأعماله وحكمته، ولذا فإن البحث، والحديث مع عارفيه، يجعلني أتقاصر الجهد الذي يبذل في التعريف بسيرة حياته؟ لأنه موطن خصب للدراسة، ومنبع ثر لمن يعرف بالجوانب العديدة في حياته، وكل جانب يستحق الدراسة المتأنية: فالشيخ محمد في علمه، والشيخ في أسلوبه في التعليم، والشيخ في تشجيعه للعلم، والشيخ في بعد نظره، والشيخ في حكمته وزهده، والشيخ في صبره وجلده، والشيخ في حكمته ومعالجته للأمور، والشيخ في جرأته وفتاواه، كل هذه جوانب تستحق الإفراد بدراسة مستقلة، ليظهر من ذلك مكانة هذا الرجل، وما كان يؤدي من أعمال، والثغور التي كان يسد.
وما سوف أقدم في هذه العجالة، ما هو إلا جهد المقل المحكوم بزمن معين، وحجم محدود، سأسهم به مع المترجمين لحياته، لما له من مكانة في الأنفاس، وذكرى طيبة يرددها كل من عرفه، أو سمع عنه، إلى جانب الآثار التي خلدتها أعماله.
وسأكون في هذا عالة على من سبقني في الحديث عنه، حيث وضعوا الصوى على الطريق، إلا أن أمثاله من العلماء الأفذاذ لهم حق على عارفيهم بتجديد الحديث عنهم؛ لما لهم من حق على عارفيهم، ولما لهم من سابقة، وبما يمتازون به من قدم راسخة وشجاعة، فالشيخ محمد رحمه الله مع تواضعه له هيبة، ومع ما أحفه الله من مكانة فإنه يبذل جاهه، ولا يبخل بمساعدته للمحتاج، ومع علمه ومكانته، يمتاز بالتبسط والمزاح مع الإنسان العادي، ولا يضن بالتفقد لحال الضعيف.