الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والسامرة أكل ذبيحته وحل نساؤه، وحكى عن عمر رضي الله عنه أنه كتب إليهم فيهم أو في أحدهم، فكتب مثل ما قلنا، فإذا كانوا يعترفون باليهودية والنصرانية فقد علمنا أن النصارى فرق، فلا يجوز إذا جمعت النصرانية بينهم أن تزعم أن بعضهم تحل ذبيحته ونساؤه وبعضهم يحرم إلا بخبر ملزم، ولا نعلم في هذا خبرا، فمن جمعته اليهودية والنصرانية فحكمه واحد، اهـ بحروفه، اهـ ما في تنقيح الفتاوى الحامدية بحروفه، وبهذه الفتوى أيد بعض علماء الأزهر الفتوى الترنسفالية للأستاذ الإمام.
حكم
ما خنقه أهل الكتاب عند الحنفية
ذكر الشيخ محمد بيرم الخامس الفقيه الحنفي في كتابه صفوة الاعتبار مبحثا طويلا في ذبائح أهل أوربة ونقل عن علماء مذهبه أن ذبائح أهل الكتاب حلال مطلقا وجاء بتفصيل أنواع المأكول في أوربة ثم قال ما نصه:
" وأما مسألة الخنق فإن كان لمجرد الشك فلا تأثير له كما تقدم، وإن كان لتحقق فلم أر حكم المسألة مصرحا به عندنا، وقياسها على تحقيق تسمية غير الله أنها محرمة عند الحنفية، وأما عند من يرى الحل في مسألة التسمية كما هو مذهب جمع عظيم من الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين، فالقياس عليها يفيد الحلية حيث خصصوا بآية:{وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} (1) وآية: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} (2) الآية {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} (3) وكذلك تكون مخصصة لآية المنخنقة، ويكون حكم الآيتين خاصا بفعل المسلمين، والإباحة عامة في طعام أهل الكتاب إذ لا فرق بين ما أهل لغير الله وما خنق فإذا أبيح الأول فيما يفعله أهل الكتاب كذلك الثاني. وقد كنت رأيت رسالة لأحد أفاضل المالكية نص فيها على الحل وجلب النصوص من مذهبه بما يثلج به الصدر السليم سيما إذا كان عمل الخنق عندهم من قبيل الذكاة كما أخبر كثير من علمائهم وأن المقصود التوصل إلى قتل الحيوان بأسهل قتلة للتوصل إلى أكله بدون فرق بين طاهر ونجس، مستندين في ذلك لقول الإنجيل على زعمهم فلا مرية في الحلية على هاته المذاهب.
فإن قلت كيف يسوغ تقليد الحنفي لغير مذهبه؟ قلت: أما إن كان المقلد من أهل النظر وقلد الحنفي عن ترجيح برهان فهذا ربما يقال: إنه لا يسوغ له ذلك (أي إلا أن يظهر له ترجيح دليل
(1) سورة المائدة الآية 5
(2)
سورة الأنعام الآية 121
(3)
سورة المائدة الآية 3
الحل ثانيا) وأما إن كان من أهل التقليد البحت كما هو في أهل زماننا فقد نصوا على أن جميع الأئمة بالنسبة إليه سواء، والعامي لا مذهب له وإنما مذهبه مذهب مفتيه، وقوله أنا حنفي أو مالكي كقول الجاهل أنا نحوي، لا يحصل منه سوى مجرد الاسم فبأي العلماء اقتدى فهو ناج على أن الكلام وراء ذلك فقد نصوا على الجواز والوقوع بالفعل في تقليد المجتهد لغيره والكلام مبسوط في ذلك في كثير من كتب الفقه، وقد حرر البحث أبو السعود في شرح الأربعين حديثا النووية وألف في ذلك رسالة عبد الرحيم المكي فليراجعها من أراد الوقوف على التفصيل.
فإن قيل: قد ذكرت أن الخنزير محرم وهو من طعامهم فلماذا لا يجعل مخصصا بالحلية بهذه الآية أي آية طعامهم وإذا جعلت آية تحريمه محكمة غير منسوخة فكذلك تكون المنخنقة، ولماذا تقيسها على مسألة التسمية ولا تقيسها على مسألة الخنزير وأي مرجح لذلك؟.
فالجواب أن المأكولات منها ما حرم لعينه ومنها ما حرم لغيره، فالخنزير وما شاكله من الحيوانات محرمة لعينها ولهذا تبقى على تحريمها في جميع أطوارها وحالاتها. وأما متروك التسمية أو ما أهل به لغير الله والمنخنقة فإن التحريم أتى فيه لعارض وهو ذلك الفعل ثم أتى نص آخر عام في طعام أهل الكتاب وأنه حلال فأخرج منه محرم العين ضرورة وبالإجماع أيضا وبقى المحرم لغيره.
وهو مسألتان: إحداهما مسألة التسمية.
والثانية مسألة المنخنقة.
فبقينا في محل الشك لتجاذب كل من نص التحريم والإباحة لهما، فوجدنا إحداهما وهي مسألة التسمية وقع الخلاف فيها بين المجتهدين من الصحابة وغيرهم وذهب جمع عظيم منهم إلى الإباحة وبقيت مسألة المنخنقة التي يتخذها أهل الكتاب طعاما لهم مسكوتا عنها فكان قياسها على مسألة التسمية هو المتعين لاتحاد العلة. وأما قياسها على مسألة الخنزير فهو قياس مع الفارق؛ فلا يصح إذ شرط القياس المساواة وإنما أطلنا الكلام في هذا المجال لأنه مهم في هذا الزمان وكلام الناس فيه كثير، والله يؤيد الحق وهو يهدي السبيل أ. هـ.