الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكاتب: محمد رشيد رضا
تنبيه
كثر في هذه الأثناء خوض الجرائد الأسبوعية الحديثة النشأة في المسائل
الدينية من غير علم ولا بصيرة، وماذا نقول وجهل الكاتبين مركب، وقد تركت
الحكومة أمر الصحافة والطباعة فوضى، ولكننا ننبه هؤلاء الكاتبين إلى أمر لا
يرفضه مسلم، وهو أن لا يكتب أحد منهم حديثًا ينسبه للنبي صلى الله عليه وسلم إلا
بعد العلم بتخريجه، ومعرفة أنه غير موضوع ولا منكر، وإذا أرادوا الاحتجاج به
فيجب أن يعلموا بأنه مما يحتج به، وإلا دخلوا في عموم قوله صلى الله عليه وسلم
في الحديث المتواتر (مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ) وبعض
الروايات لم يُذكر فيها (متعمدًا) فالخطر فيها أعظم.
وأمر آخر مما ينبغي التنبيه عليه، والعناية به، وهو كثرة ذكر الآيات
القرآنية في هذه النشرات التي هي عرضة للابتذال والامتهان، وإننا كنا نجد في
النفس حرجًا من ذكر الآيات في أعداد السنة الأولى من (المنار) مع علمنا بأن
معظم القراء يحفظونها لأجل تجليدها، بحيث كانوا يطلبون منا ما يفقدونه من
الأعداد، ولكن شكل الجريدة كان مظنة للابتذال، وهذا هو السبب الأول في جعلنا
(المنار) بشكل الكتب، ولا نشك في أن رصفاءنا الأفاضل يعتنون بهذه النصيحة
بقدر قوة دينهم وصحة يقينهم، والله الموفق.
_________
الكاتب: محمد رشيد رضا
دم أضاعه أهله
يشكو المصريون من المدارس الأميرية، ويرون أن سعادة البلاد إنما تكون
بمدارس الجمعيات الخيرية الوطنية، وأنّى تفي الجمعيات بالغرض إذا لم يكن
القائمون بها والنظار عليها من الأطباء العارفين بمرض الأمة، المندفعين بطبيعتهم
إلى إصلاحها؟
نوَّهنَا بمدرسة زعزوع بك مع أن بنيّانها أُسِّسَ على شفا جُرُفٍ هارٍ، حيث
جعلت السيطرة عليها للحكومة، ورجونا بذلك أن يرغب غيره بمثل عمله،
ويأتي سالمًا من علله، وقد رأينا في هذه الأيام إعلانًا من جانب جمعية (العروة
الوثقى) الإسلامية في الإسكندرية كاد يذهب ببقايا أملنا بالمدارس الأهلية، إعلانًا
يطلب فيه أستاذ للغة الفرنسوية براتب شهري قدره 600 غرش، ومثله للإنكليزية،
وأستاذان للغة العربية براتب شهري قدره 200 غرش لكل منهما، واشترط في
أستاذي الفرنسوية والإنكليزية المعرفة التامة، ولم يشترط ذلك في أستاذي العربية،
وكيف يشترط ذلك، ولا يمكن أن يوجد معلم ماهر بهذا الراتب القليل؟ أليست هذه
الجمعيات هي التي تحيي اللغات الأجنبية، وتميت لغة الأمة والدين؟ ! بلى، إنها
تفعل ما لا تفعله الحكومة في مدارسها؛ فإن في المدارس الأميرية من معلمي العربية
كثيرًا من نخبة النابغين يأخذون الرواتب الكافية، ويعلمون أحسن التعليم، فعسى أن
تتنبه جمعية (العروة الوثقى) لملاحظتنا هذه، فتتلافى الأمر، وتنتقي لتعليم العربية
في كل مدرسة من مدارسها أفضل المهرة من المعلمين، مهما بلغت أجورهم، لتكون
محل ثقة الأمة، وموضع رجائها، ولا تكون مجهزة على الأمة فيقال فيها: (د م
أضاعه أهله) .
_________