الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكاتب: محمد رشيد رضا
الشعر العصري
أبيت ومن نفسي لنفسي لائم
…
يخاصمني طورًا وطورًا أخاصم
تجردت من نفسي فأبصرت أنها
…
سواي ولي منها سمير ينادم
فأشكو له بثي وحزني وتارة
…
يبث لي الشكوى وما هو ناقم
يخاطبني أربع على ظلمك [1] الذي
…
تريد محال عن ما أنت رائم
وقال ألم تدرِ بأنك عائل
…
بمظهر مثر والمجالي حواكم
وإن ما في نفع أمته غدًا
…
مرومًا به ما لا تطيق الروائم [2]
فقلت له هيهات ما أنا يائس
…
ولو أن لي هذا الزمان مقاوم
فقد خاب من هاب العوادي وإنما
…
(على قدر أهل العزم تأتي العزائم)
فقال اتل لا تلقوا فبسملت قارئًا
…
ولا تيأسوا من روحه فهو راحم
كذلك شأني في الدجى طول ليلتي
…
أراني في لوم وما ثَم لائم
وأرضك [3] للتسهيد والنوم أعيني
…
فلا أنا يقظان ولا أنا نائم
وكيف يذوق النوم ولهان قرحت
…
محاجر عينيه الدموع السواحم
له من جيوش الفكر كل ليلة
…
وقائع يصلَى نارها وملاحم
أبيت على ذا كله وعواذلي
…
على سُرُر فوق الحشايا نوائم
رجال بهم طبع الأنوثة سائد
…
فلم تغنِ عنهن اللحى والعمائم
يريهم قصور العقل أن الظهور في
…
عوالي قصور للظهور قواصم
وإن بتقليد الأوربي عزهم
…
وما هو إلا ذلة ومآثم
وأعرق كل الناس بالنقص مقهل [4]
…
تكلف أن تجبى إليه الذمائم
سعادته أن لا يزال ممتعًا
…
بما فضلته في جناه البهائم
وأُشرِب حب المال في قلبه فلا
…
تراه يبالي كيف تأتي الدراهم
يبيع بها الأوطان والدين يشتري
…
بها وصل حب أغيد الجيد باسم
وضل على علم به فإلهه
…
هواه وتلك الواجبات المحارم
لئن هام في حب الحسان فإنني
…
بحب جمال الدين لا الجسم هائم
حكيم بأفق الشرق لاح فأشرقت
…
بأنواره تلك في الغرب تلك المعالم
وطاف بقاع الأرض طائر صيته
…
فنعمت خوافي ريشه والقوادم
وجاء لدين الله بالحق حجة
…
تقصر في البرهان عنها الصوارم
دنت منه أفنان الفنون يوانعًا
…
فنال جنى جناتها وهو ناعم
أحاذر أن آتيه بعض حقوقه
…
فتفطن بي عذّالنا واللوائم
ولست أسمي عذّلي في تعلقي
…
بأسباب حبيه لما أنت عالم
(ومنها)
وأزلف من غير ازدلاف ولم تكن
…
دواعي ترقيه رقى وطلاسم
ولكن سجايا قد سمت ومعارف
…
بها هتفت في الخافقين العوالم
عفاف وعدل حكمة وشجاعة
…
فهل بعد هاته في السجايا كرائم
فإن زاحم الشاني علاه بمظهر
…
فثم مزايا أعجزت من يزاحم
وما اشتبها في مظهر بل تشابها
…
كما شابهت بعض الذباب التوائم [5]
فهل يتساوى بالمراد المريد أم
…
تفاخر أملاك السماء البهائم
وبالضيف يسوى واغل متطفل
…
لأن كِلا الشخصين حاس وطاعم
فهيهات ما البدء السري كمقنس
…
دَعِي وذو جهل كمَن هو عالم [6]
ورُب حسود راح ينكر بعض ما
…
خصصت به والله للفضل قاسم
لقد قرعت آي انفرادك في الورى
…
مسامعه لكنه يتصامم
وباح لعينيه الوجود بسرها
…
ولكن تعامى وانثنى وهو كاتم
يصانعه بالمدح قوم تَقِيَّة
…
ولا حجة فيما يقول المآثم [7]
إذا ما دُعي رب الفصاحة والندى
…
فبأقلهم قس وما در حاتم
ومن طمست بالعجب عين فؤاده
…
فليس له من أمر ربك عاصم
فيا أيها الحبر الذي لطف طبعه
…
كروض أريض باكرته النسائم
ويا أوحدًا في حبه لست أوحدًا
…
فثم الأثابي جمة والتوائم [8]
ومن فصلت من عالم القدوس روحه
…
ونِيطت بجثمان له الأم فاطم
نفخت بجسم الشرق روح تنبه
…
وقد كاد يقضي وهو بالجهل نائم
فهبَّ بَنوه للمعالي وحاولوا
…
نهوضًا فحالت دون ذاك الصواكم [9]
فأوضحت أعلام السلوك وإنما
…
بآفاقهم غيم الونى متراكم
غزلت ولم ينسج سواك دقيق ما
…
غزلت ولم تكسر لديك المبارم [10]
وأبديت من سحر البيان عجائبًا
…
هي العروة الوثقى لمَن هو حازم
ولو أن أعمال الإدارة قارنت
…
إرادتكم ما قاربتها المآزم
ولكن أباها الحاكمون فكارِه
…
لها جاهل أو مُكرَه وهو عالم
يدليه شيطان العدا بغروره
…
وللوهم سلطان على النفس حاكم
فأواه من دهر يقدم معشرًا
…
مغانم هذا الشرق فيهم مغارم
(ولها بقية)
_________
(1)
تقال هذه الكلمة لمَن يحاول ما لا يطيقه.
(2)
الروائم: الأثافي؛ أي: أحجار القدر.
(3)
أرضك عينيه: غمضهما وفتحهما.
(4)
أقهل الرجل: تكلف ما لا يعنيه دنس نفسه.
(5)
التوائم: النجوم المشابكة والمراد ببعض الذباب الحباحب (سراج الليل) .
(6)
البدء: السيد الأول في السيادة والمقابل بفتح الباء: كريم النسب من الأبوين، والمقنس: المدعي إلى قنس شريف وهو خسيس.
(7)
الكَذوب.
(8)
الأثابي: الجماعات، والتوائم: الأزواج.
(9)
النوائب.
(10)
المغازل.