الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكاتب: محمد رشيد رضا
أفكوهة غريبة
قرر الباحثون في علم الاجتماع وتربية الأمم أن روح ترقي الأمة في اعتماد
أفرادها على أنفسهم، وسعيهم في سعادتهم، وعلى قدر قوة هذا الروح يكون الترقي
{وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَاّ مَا سَعَى} (النجم: 39) وقد بلغ من أمر الشرقيين عامة
والمسلمين خاصة في سلب إراداتهم، وإناطة كل شيء بحكوماتهم أن بعض القبائل
في جبال أفغانستان لا يُصَلّون ولا يصومون، فإذا سئل أي واحد منهم عن ذلك يقول:
أنا ما سرقت معزى النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن الخان (الأمير) هو الذي
سرقها ففرض عليه الصلاة والصوم عقوبة له، فهؤلاء لا يقتصرون على إناطة
إسعاد الأمة في دنياها بالأمير، بل يزعمون أيضًا أنه هو المكلف بالعبادات من
دونهم.
_________
الكاتب: محمد رشيد رضا
خاتمة السنة الثانية للمنار
الحمد لله الذي وفّق مَن شاء لما شاء، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وسائر
الأنبياء، وعلى آلهم وأصحابهم الصادقين، ومَن اتبعهم بخير وإحسان إلى يوم الدين،
وبعد، فقد تم لمجلتنا بفضل الله وتوفيقه سنتان قمريتان هجريتان، فإن العدد الأول
منها قد صدر في 22 شوال سنة 1315 وصدر العدد الأخير من السنة الأولى في
22 شوال سنة 1316 وكان من الصواب أن يصدر العدد الأول من السنة الثانية
في هذا التاريخ، ولمّا كان أول السنة لا يكاد يوافق يوم صدور المجلة إلا قليلاً، وكان
قد ترجح عندنا أن نزيد في مادة الجريدة فنجعل العدد منها ثلاث كراسات (ملازم) ،
ونصدرها ثلاث مرات في الشهر (فتكون الزيادة في كل شهر كراسة واحدة، وفى
السنة 182 صفحة) رأينا أن نجعل أول سنتها غرة شهر ذي القعدة، وسنرسل
مع العدد الأول من المجلد الثالث فهرست المجلد الثاني لجميع المشتركين إن
شاء الله تعالى، فإن كثرة الشواغل التي عرضت لنا في هذه الأيام حالت دون
جمعه وطبعه، بل وحالت دون مجاوبة الأفاضل الذين يكاتبوننا من البلاد
والأقطار المختلفة،فنقدم لهم العذر أجمعين.
نحمد الله ونشكره عوداً على بدء أن جَعل (لمنارنا) لسان صدق في العالم
الإسلامي، وشهد له العدول من العلماء والفضلاء بتحري القول الحق من غير
تزلف للحكام والأمراء، أو غش وتموه على الدهماء، فلا تملق ولا إطراء، ولا
ذم ولا إيذاء، وإنما هو انتقاد لأعمال وأحوال أوقعتنا في شر الأوحال، ومن
يتزلف أو يغش يصانع الناس ويجاريهم فيما هم فيه، ثم نشكر للفضلاء الذين
وازرونا سعيهم فى نشر المجلة والترغيب فيها، ولولا ضيق المقام لزينا الصحيفة
بذكر أسماء أكابر العلماء في تونس والهند الذين انتشرت المجلة ببركة أنفاسهم
في الغرب والشرق، ولا ننسى فضل الجرائد الهندية التي تنقل دائمًا مقالات
(المنار) بلسان الأوردو إلى إخواننا مسلمي الهند، ونخص منها بالذكر جريدة
(نير آصفي) ونَعِد القرّاء بأننا سنجتهد في اختيار أنفع المباحث الاجتماعية
من دينية ومدنية، والفوائد العلمية والأدبية، والأخبار الصادقة التاريخية، من
قديمة وعصرية، ونفتح لهم بابًا للأسئلة والأجوبة، ونزف إليهم (المنار)
متصلاً بغلافه كأحسن المجلات العلمية. وبالله نعتصم ونستعين، وسلام على
المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
***
مجلة (أنيس الجليس) ظهرت هذه المجلة الأنيسة قبل (المنار) بمدة
قليلة، وقد أتمت سنتها الثانية، وصدر الجزء الأول من السنة الثالثة في أول
السنة الجديدة المسيحية، مشتملاً على المقالات الأدبية والاجتماعية والإرشادات
النسائية، فنهنئ رصيفتنا الفاضلة صاحبة هذه المجلة، ونرجو لها مزيد النجاح
والإقبال.
_________