المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أميل القرن التاسع عشر - مجلة المنار - جـ ٢

[محمد رشيد رضا]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد رقم (2)

- ‌28 شوال - 1316ه

- ‌خطاب وعظي للإنسان

- ‌الإيثار

- ‌التربية والتعليم

- ‌الحوادث والأخبار التاريخية

- ‌6 ذو القعدة - 1316ه

- ‌الإيثار

- ‌الحبالى وتربية الأجنة(1)

- ‌التعليم بالعمل

- ‌ما قيل في الخال

- ‌الجامع الأزهر الشريف

- ‌الأخبار والآراء

- ‌13 ذو القعدة - 1316ه

- ‌تأثير العلم في العمل

- ‌أيها الفتى

- ‌أخبار الحجاج

- ‌اعتذار

- ‌20 ذو القعدة - 1316ه

- ‌الاتحاد

- ‌اختيار المعلمين

- ‌الحدود بين القطر المصري والسودان

- ‌27 ذو القعدة - 1316ه

- ‌الإصلاح الإسلامي

- ‌تأثير الوعظ والتذكير

- ‌عبرة لمن يعقل

- ‌إحصاء الأوقاف

- ‌تنازع الدول الأوربيةعلى الممالك الإسلامية

- ‌5 ذو الحجة - 1316ه

- ‌الإصلاح الإسلامي

- ‌عداء وخداع

- ‌الجمعية الإسلامية الهندية في لاهور

- ‌19 ذو الحجة - 1316ه

- ‌الأعياد

- ‌الساكت عن الحق شيطان أخرس

- ‌تقريظ المطبوعات

- ‌26 ذو الحجة - 1317ه

- ‌التعليم القضائي

- ‌المتكلمة بالقرآن

- ‌مقتطفات

- ‌الأخبار التاريخية

- ‌3 محرم - 1317ه

- ‌الاعتماد على النفس

- ‌استنهاض همم(2)

- ‌الأخبار التاريخية

- ‌10 محرم - 1317ه

- ‌التصرف في الكون

- ‌استنهاض همم(3)

- ‌التربية النفسية

- ‌الأخبار التاريخية

- ‌17 محرم - 1317ه

- ‌حياة الإسلام في مصر

- ‌استنهاض همم(4)

- ‌الطاعون واتقاؤه

- ‌كتاب تحرير المرأة

- ‌الأخبار والآراء

- ‌24 محرم - 1317ه

- ‌استنهاض همم(5)

- ‌التربية النفسية

- ‌الشعر العصري

- ‌قليل من الحقائق عن تركيافي عهد جلالة السلطان عبد الحميد الثاني

- ‌مسألة القضاء الحاضرة

- ‌2 صفر - 1317ه

- ‌العز والذل

- ‌استنهاض همم(6)

- ‌الأخبار التاريخية

- ‌9 صفر - 1317ه

- ‌فهم الدين

- ‌استنهاض همم(7)

- ‌قليل من الحقائق عن تركيافي عهد جلالة السلطان عبد الحميد الثاني

- ‌الأخبار

- ‌16 صفر - 1317ه

- ‌كتاب الدروس الحكمية للناشئة الإسلامية

- ‌استنهاض همم(8)

- ‌مراكش

- ‌ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ [[

- ‌قليل من الحقائق عن تركيافي عهد جلالة السلطان عبد الحميد الثاني

- ‌مقتطفات الأخبار

- ‌23 صفر - 1317ه

- ‌النهضة الإسلامية في مصر

- ‌استنهاض همم(9)

- ‌إزالة شبهة

- ‌اختبار علم كل عارفمن ألباء أرباب المعارف

- ‌وفاة

- ‌29 صفر - 1317ه

- ‌استنهاض همم(10)

- ‌الشعر العصري

- ‌قليل من الحقائق عن تركيافي عهد جلالة السلطان عبد الحميد الثاني

- ‌أرزاء وطنية

- ‌يستحيل إرضاء الناس

- ‌ وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى [[

- ‌7 ربيع الأول - 1317ه

- ‌كان يا ما كان(2)

- ‌استنهاض همم(11)

- ‌الكتابان الجليلان

- ‌قليل من الحقائق عن تركيافي عهد جلالة السلطان عبد الحميد الثاني

- ‌الاحتفال بتذكارالمولد النبوي الشريف

- ‌14 ربيع الأول - 1317ه

- ‌المولد النبوي

- ‌كان يا ما كان(3)

- ‌استنهاض همم(12)

- ‌مَضَارُّ الْغِلْظَةِ فِي التَّرْبِيَة

- ‌تأييد عالم وتفنيد واهم

- ‌شعر في حب العلم

- ‌21 ربيع الأول - 1317ه

- ‌الحياة المِلِّية

- ‌كان يا ما كان(4)

- ‌استنهاض همم(13)

- ‌قليل من الحقائق عن تركيافي عهد جلالة السلطان عبد الحميد الثاني

- ‌مدرسة الجمعية الخلدونية

- ‌إحصاء عن عدد سكان أوربا

- ‌28 ربيع الأول - 1317ه

- ‌الجنسية والدين الإسلامي

- ‌كان يا ما كان(5)

- ‌استنهاض همم(14)

- ‌تعليم النساء

- ‌الشعر العصري

- ‌قليل من الحقائق عن تركيافي عهد جلالة السلطان عبد الحميد الثاني

- ‌5 ربيع الثاني - 1317ه

- ‌الجامعة الإسلامية

- ‌استنهاض همم(15)

- ‌حقوق الجار ومدح المناربما يبديه من هدي الكبار

- ‌الإسلام في البرازيل

- ‌12 ربيع الثاني - 1317ه

- ‌الدين والدولةأو الخلافة والسلطنة

- ‌كان يا ما كان(6)

- ‌خاتمة رسالةاستنهاض همم

- ‌تنبيه

- ‌دم أضاعه أهله

- ‌عناصر النمسا

- ‌19 ربيع الثاني - 1317ه

- ‌كلمة في الحجاب

- ‌تهنئة الأستاذ المفتي

- ‌قليل من الحقائق عن تركيافي عهد جلالة السلطان عبد الحميد الثاني

- ‌26 ربيع الثاني - 1317ه

- ‌تحريف الكلم عن مواضعه

- ‌الحديث الموضوع

- ‌الاحتفال بعيد الجلوس الهمايوني

- ‌كتاب من أحد الفضلاء في بتاوي

- ‌قليل من الحقائق عن تركيافي عهد جلالة السلطان عبد الحميد الثاني

- ‌3 جمادى الأولى - 1317ه

- ‌حقوق الأخوة(3)

- ‌قليل من الحقائق عن تركيافي عهد جلالة السلطان عبد الحميد الثاني

- ‌10 جمادى الأولى - 1317ه

- ‌حقوق الأخوة(4)

- ‌الوثنية في الإسلام

- ‌نجاح الجمعيات الإسلامية

- ‌قليل من الحقائق عن تركيافي عهد جلالة السلطان عبد الحميد الثاني

- ‌17 جمادى الأولى - 1317ه

- ‌ماذا نعمل

- ‌المسلمون في روسيا

- ‌الأميرة الفاضلة صاحبة الدولةالبرنسس نازلي هانم أفندي

- ‌قليل من الحقائق عن تركيافي عهد جلالة السلطان عبد الحميد الثاني

- ‌24 جمادى الأولى - 1317ه

- ‌القسم الثانيمن خطبتنا في التربية

- ‌قليل من الحقائق عن تركيافي عهد جلالة السلطان عبد الحميد الثاني

- ‌2 جمادى الآخرة - 1317ه

- ‌رد على باحث في كتابسر تقدم الإنكليز السكسونيين

- ‌القسم الثانيمن خطبتنا في التربية

- ‌شذرات

- ‌9 جمادى الآخرة - 1317ه

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌قليل من الحقائق عن تركيافي عهد جلالة السلطان عبد الحميد الثاني

- ‌أخبار وآراء

- ‌16 جمادى الآخرة - 1317ه

- ‌فلسفة الحرب الحاضرة

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌الشكوى من ظلم هولندا

- ‌وفاة والدة عبد الحليم أفندي حلمي

- ‌23 جمادى الآخرة - 1317ه

- ‌ذكرى لرؤساء الأمة

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌قليل من الحقائق عن تركيافي عهد جلالة السلطان عبد الحميد الثاني

- ‌أهم أخبار الحرب

- ‌شكر

- ‌30 جمادى الآخرة - 1317ه

- ‌الفرصتان

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌أهم أخبار الحرب

- ‌عودة الخديوي وأسرته

- ‌منع جريدة المشير

- ‌المدرسة العثمانية

- ‌إزالة وهم تاريخي

- ‌بعض التفصيل

- ‌6 رجب - 1317ه

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌بدع رجب

- ‌14 رجب - 1317ه

- ‌مناشير المهدي السوداني

- ‌فائدة الانتقاد

- ‌قليل من الحقائق عن تركيافي عهد جلالة السلطان عبد الحميد الثاني

- ‌طائفة من الأخبار

- ‌21 رجب - 1317ه

- ‌عزاء

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌بضعة أيام في خدمةجمعية شمس الإسلام

- ‌إصلاح غلط

- ‌28 رجب - 1317ه

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌الدولة العلية في أفريقية

- ‌مساجد الصعيد

- ‌6 شعبان - 1317ه

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌الأسطول الفرنساوي

- ‌رزء وطني عظيم

- ‌كنسة الإمام

- ‌13 شعبان - 1317ه

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌المنار والمناظر

- ‌السيول الجارفة

- ‌الجغرافيا والحرب

- ‌20 شعبان - 1317ه

- ‌الشريعة والطبيعةوالحق والباطل

- ‌تقرير فضيلة مفتي الديار المصريةفي إصلاح المحاكم الشرعية

- ‌عيد المولد الهمايوني

- ‌العالم الإسلامي

- ‌الحرب الحاضرة

- ‌27 شعبان - 1317ه

- ‌تقرير فضيلة مفتي الديار المصريةفي إصلاح المحاكم الشرعية

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌الأخبار التاريخية

- ‌5 رمضان - 1317ه

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌الأخبار والآراء

- ‌12 رمضان - 1317ه

- ‌اقتراح على السادة العلماءفي تقويم اعوجاج الوعّاظ والخطباء

- ‌الصيام والتمدن(2)

- ‌التقريظ والانتقاد

- ‌مأثرة لجمعية شمس الإسلام

- ‌19 رمضان - 1317ه

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌الأخبار التاريخية

- ‌26 رمضان - 1317ه

- ‌الزكاة والتمدن(2)

- ‌الاقتراح على المنار

- ‌طائفة من الأخبار

- ‌ذم الهوى

- ‌الأخبار والآراء

- ‌المسجد الحسيني

- ‌10 شوال - 1317ه

- ‌طفولية الأمّةوما فيها من الحيرة والغمة

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌الاجتماع العامفي جمعية شمس الإسلام

- ‌الأخبار والآراء

- ‌17 شوال - 1317ه

- ‌الحيرة والغمة ومناشئهما في الأمة

- ‌تقرير فضيلة مفتي الديار المصريةفي إصلاح المحاكم الشرعية

- ‌جمعية شمس الإسلامفي القاهرة

- ‌الأمراء والعلماء

- ‌أفكوهة غريبة

- ‌خاتمة السنة الثانية للمنار

الفصل: ‌أميل القرن التاسع عشر

الكاتب: عبد العزيز محمد

‌أميل القرن التاسع عشر

(8)

من أراسم إلى هيلانة في 16 يناير سنة - 185

أكتب إليك هذا وقد استيقظت في الساعة السادسة من صباح اليوم،

وعلمت أن عشرين مسجونًا - أنا منهم - قد فصلوا لإرسالهم إلى سجن

وبلغني

أن أمر نقلنا وصل إلى هنا ليلاً من باريس، فلم يكن لي من وسيلة لإحاطتك علمًا

بهذا الخبر قبل الآن، ولم يبق لي أمل في لقائك؛ فإن السفر سيكون في الساعة

السابعة صباحًا، سيصلك هذا المكتوب وأنا في طريقي إلى الجزيرة التي جعلت مقرًّا

لي، فأودعك وداع محب ثابت على عهده لا يثنيه عن حبك اعتراض الحوائل، ولا

يلويه عن ذكراك تطويح المطاوح.

غرام على يأس الهوى ورجائه

وشوقي على بعد المزار وقربه

(9)

من هيلانة إلى أراسم في 17 يناير سنة - 185

جئت اليوم إلى السجن لزيارتك، فمثل لنفسك ما عراني من هزة

الطرب ونشوة الفرح لمّا علمتُ بأنك أخرجت منه، ما كان أبعدني عن العقل

وأقربني من الجنون في تلك الساعة إذ ظننت أنك فزت برجوع نعمة الحرية إليك،

لكن لم يلبث كاتب سر السجن أن أبان لي خطأي إذ أخبرني بأنك قد وجَّهت (هكذا

عبارته) إلى جزيرة

وإني سأتبعك قاطعة أجواز البحار، مقتحمة في سبيل

القرب منك جميع الأخطار، فأينما تكن - وإن في آخر الدنيا - لا بد لي من اللحاق

بك، لا يعوقني عنك هجير الشمس المحرقة، ولا أخطار مجاهيل الصحاري والقفار،

ولا اعتراض سلاسل الجبال الشامخة دونك؛ لأن غايتي التي أسعى إليها هي أن

نعيش مجتمعين، فأكتب لي حتى آتيك لأمتع النفس بلقائك. اهـ

(10)

من أراسم إلى هيلانة في 2فبراير سنة-185

أنا واثق أيتها العزيزة بحبك إياي، وأقسم عليك بأطهر ما يوجد في

هذا العالم وأجدره بالتقديس أن لا تقاربيني، وأن تهربي مني هربًا، إنني منذ شهر

أو شهرين كنت أقبل منك هذا الإخلاص الشريف طيبة به نفسي، منشرحًا له صدري

حيث لم أكن عالمًا بحملك، وكنت أجد فيك وحدك حينًا بعد حين تفريجًا لكربتي في

وحدتي، وإيناسًا من وحشتي، وكنت لاعتزازي بوجودك معي، واغتباطي لقربك

مني ولو ساعة من نهار، أنسى كل ما أقاسيه في لحظة من ألحاظك، أما اليوم فقد

تغيرت الأحوال، وتبدلت الشؤون تبدلاً عظيمًا، فأصبحنا أنا وأنت لا نملك من

أمرنا شيئًا حتى حرية التَّحابِّ والتَّواد، أصبح ما هو في العادة سبب اتصال

واقتراب بين الرجل والمرأة سببًا لانفصالنا، وحائلاً دون اجتماعِنا، وذلك للحال

السيئ الذي نحن فيه، ألا يجب أن نهيئ هذه المجاملات وتلك الآداب لذلك الذي لم

يوجد بعد الوجود الكامل الذي يطلق عليه هذا اللفظ إلا أنه قد وجبت له علينا حقوق

نحن مطالبون بأدائها، إياك أن تنسي أنك مسئولة أمام الله عمّا وهب لك من حلية

الشرف بأن أهَّلك بأن تكوني أمًّا.

إني أخاطبك من حيث أنا طبيب وزوج - وأخشى أن أتعجل فأقول: أب-

بأن الذي يلزمك الآن هو شيء من السكينة والاستقرار، وأنصح إليك بأن تغادري

بلادنا الآن، وتهاجري من هذه الأرض التي تميد بزلازل الفتن، فهي نصيحتي

واتبعيها، واعلمي أن لي صديقًا في إنكلترا من رصفائي الأطباء يناجيني، حسن

اعتقادي فيه أنه سينفعك ويرشدك إلى كل ما يلزمك علمه مما يتيسر لك به تَوطُّن

تلك البلاد على حالة موافقة، إن لنا والحمد لله فيما جمعته بكدي من يسير المال

سدادًا من عوز - بل كفافًا من العيش - فاستجمعي به أولاً لنفسك الراحة ومعدات

المعيشة الطيبة، ثم احفظي ما بقي لتربية ولدنا. آه لو أدري عاجلاً أنك قد فارقت

فرنسا، وابتعدت عن مشاغب الشقاق الداخلي، فعجِّلي بالرحيل أيتها الحبيبة.

أقول - والله على ما أقول شهيد -: إنك لم تكوني في زمن من الأزمان

أعزّ على نفسي وأغلى قيمة عندي منك في هذه الساعة التي أرغب إليك فيها بعدم

اللحاق بي في سفري المحزن، لا تكثري همك بما قُدِّر عليّ واعلمي أن جل ما

يعانيه المسجون من الشقاء هو إحساسه بأن لا نفع في وجوده، وقد ذقت أنا هذا الألم

النفسي، وبلوت مرارته، لكني اليوم قد كلفت بواجب جديد يلزمني أداؤه، وإني

لأرجو أن أقوم به مهما حالت دونه الحوائل.

***

(حاشية)

إني مرسل طي هذا مكتوبًا للدكتور وارنجتون في لندره.

(11)

من هيلانة إلى أراسم في 15 فبراير سنة - 185

قد أطعتُ أمرَك وسمعتُ نصحك، وسأسافر غدًا إلى إنكلترا، وإني

قد استرجعت جزءًا من ثبات جناني، وقد فتح مكتوبك لي أبوابًا أرى منها مشاهد

جديدة لتفن صفة الزوجية في صفة الأمومة، فتلك سنة الله في خلقه لا محيص لي

من اتِّبَاعها، على أن هذا الولد الذي وعدت به سيكون الرابطة بيننا ويقرب مشقة

البين التي تفصلنا بعض التقريب، إني أرغب في الحياة من أجله ومن أجلك،

فإنه سيكون يومًا يَمُنُّ الله علينا بانتظام الشمل موضوع سلوة لأحزاننا، وقرَّة

لأعيننا وعزة لأنفسنا.

حقق الله ما نرجوه من الأمل، ووقانا بفضله عوادي السوء إنه سميع

الدعاء. اهـ.

((يتبع بمقال تالٍ))

_________

ص: 534

الكاتب: محمد رشيد رضا

تقاريظ

(الدروس الحكمية للناشئة الإسلامية)

ذكرنا هذا الكتاب في فاتحة العدد الخامس عشر من منارهذه السنة، ونشرنا

الدرس السابع منه ليكون نموذجًا للقرَّاء، ولم يكن قد تم تأليفه يومئذ، وقد تم الآن

وطبع في جزء صغير الحجم كبير الفائدة ولم ينسَ قرّاء (المنار) أن مصنفه هو

صديقنا الكاتب الفاضل والسري الكامل رفيق بك العظم الشهير، والذي بعث

همته لوضعه هو الغيرة علي الناشئة الإسلامية المنكبة علي تحصيل العلوم

والفنون في المدارس النظامية حيث ألفاها محرومة من تعليم آداب الدين ومبادئ

علم الاجتماع، وقد كان يكتب هذه الدروس ويلقيها على الفرقتين الثالثة والرابعة من

تلاميذ المدرسة العثمانية الأهلية أيام كان ناظرها، وقد جعلها ثلاثة أقسام: مبادئ

وروابط ومقومات، فالقسم الأول أربعة دروس:(1) في ضعف الإنسان و (2)

عقله و (3) مدنيته و (4) كماله، وتكلم في القسم الثاني عن حاجة البشر إلي

الدين ووجوب معرفته وضرورة الحكومة للاجتماع و (الحكومات والإسلام) والعدل

في الإسلام، والمرتبة الأولي من مراتب العدل وهي العدالة في الأحكام، وقد جعل

العدل ثلاث مراتب بتقسيم انفرد به غير التقسيم المعروف، وذكر في القسم الثالث

المرتبة الثانية منها وهي عبارة عن المساواة بين الناس في أنفسهم مهما اختلفت

أنسابهم، وذكر الحرية والمقابلة بين الحرية الغربية والحرية الإسلامية، ثم

المرتبة الثالثة من مراتب العدل وهي ما يكون في المعاملة بين الناس، ثم المداهنة،

فالخيانة والتغرير، فالثبات والصبر، فالاعتماد بعد الله على النفس، فالعلم والتعليم،

فالعلم بالعمل، فالتربية والأخلاق، فبيان مخصوص في الأخلاق، فحب الوطن،

فحب الناس، وجعل آخر الدروس (خاتمة فيها تذكير) وقد سردنا جميع عناوينها

فهي 27 درسًا، وكل درس مفتتح بآية قرآنية، وهذه العناوين تدلك على أن هذا

الكتاب يفتح لعقول التلامذة أبوابًا من الفكر النافع، ويحلي نفوسهم بالأدب الصحيح،

ومن ثم قررت الجمعية الخيرية الإسلامية في مصر تدريس هذا الكتاب في

مدارسها، فحبذا لو اقتدت بها سائر المدارس الأهلية، ولا يصدنهم عن هذا ما

يتراءى من أن بعض مواضيعها تعلو على أذهان التلامذة، فإن المؤلف لم يذهب فيها

مذاهب بعيدة عن أفهامهم، كيف وقد وضعها لهم، وتحرى فيها غاية الاختصار مع

السهولة في البيان لكي تحيط بها تلك الأذهان؟ ! وقد قرأت عدة دروس منها، فلم

أجد فيها شيئًا من التعاليم الفاسدة الضارة التي قلما يخلو منها كتاب من كتبنا في

الأخلاق والآداب، فالكتاب سالم من الانتقاد من حيث كونه كتابًا مدرسيًّا، ولكنه لا

يخلو من النظر في بعض الألفاظ أو المعاني كالتقسيم والتعريف، فقد عرَّف العلم

بأنه العقل الغريزي إذا ترقى إلى متناول المعرفة بحقائق المحسوسات، وعرَّف

الفضائل بقوله: (هي الأعمال النفسية والبدنية التي روعي فيها جانب العدل)

والخطب في هذا سهل.

(المبادئ الأولية في الدروس الجغرافية)

كتاب يحتوي على ما هو مقرر من هذا الفن لتلامذة السنة الثانية والثالثة من

مدارس الابتدائية بحسب ترتيب نظارة المعارف، ألَّفه أخونا في الله سيد أفندي

محمد مدرس الجغرافية والتاريخ واللغة الفرنساوية في المدارسة التحضيرية، وقد

أهداه إلينا من نحو ثلاثة أشهر، وأخرْنا تقريظه رجاء أن تسمح لنا الفرص بقراءته

لانتقاده حيث عهد إلينا من حضرة المؤلف بهذا، ولما لم تسمح لنا إلى الآن كتبنا

هذه الكلمات مكتفين من الدلالة على فائدة الكتاب بما هو معروف من فضل مؤلفه

وبراعته في التعليم. وعسى أن يُقبل التلامذة من سائر المدارس على اقتناء هذا

الكتاب ومطالعته؛ فيحملوا بذلك حضرة مؤلفه على تأليف كتاب آخر يستوفي فيه

مهمات هذا العلم.

(رسالة في صداق سيدتنا فاطمة الزهراء صلى الله على أبيها وعليها وسلم)

...

وَرَدَت لنا هذه الرسالة من الهند وهي من تأليف جامع المعقول والمنقول،

حاوي الفروع والأصول، إمام العلماء مولانا مولوي محمد صبغة الله قاضي الإسلام

قاضي بن مولوي محمد غوث - غفر الله لهما - ذكر مؤلفها الخلاف في المسألة

والراويات المختلفة فيها ووزنها بميزان النقد الصحيح، فجاء بعضها في كفة الترجيح

وبعضها في كفة التجريح، وجمع بين الأقوال على أحسن منوال، وحاصل ما حققه

أن النبي صلى الله عليه وسلم زوج السيدة فاطمة من عليّ رضي الله عنهما على

درعه الحطمية، وكانت تساوي أربعمائة درهم، لكنها بيعت بأربعمائة وثمانين

درهمًا، وروي أن الذي اشتراها عثمان ولعله زاد في الثمن عمدًا، وقيل ضم

عليها عليّ شيئًا آخر، وبهذا جمع بين قول من قال: إن الصداق كان درعًا،

ومن قال: أربعمائة درهم، ومن قال: أربعمائة وثمانين، وبين أن لفظ المثاقيل

الذي جاء في بعض الراويات مراد بالمثقال فيه مطلق المقدار؛ لأنه يرد في اللغة

كذلك. فحيّا الله تعالى علماء الهند جزاء اشتغالهم بالحديث رواية ودراية، وقد أهمله

العلماء في هذه البلاد حتى لا يكادون يقرءونه إلا لأجل التبرك، ولذلك لا يشتغلون

بالرواية والبحث في الأسانيد زاعمين أن المتقدمين قد كفوهم ذلك على أن المتقدمين

يختلفون، فلا بد من معرفة وجه الترجيح إلا عند من لا يهمهم الجزم بالمسائل؛ لأن

العلم عندهم هو الاطلاع على أن فلانًا قال كذا، وفلانًا قال كذا، فلا حول ولا قوة إلا

بالله العظيم.

(تغافل الرجال عن تهتك ربات الحجال)

قصيدة همزية من نظم الشاعرالأديب الشيخ محمد الجمل المجاور في

الأزهر الشريف، وهي إحدى قصائده التي تلاها في جمعية (مكارم الأخلاق)

فنالت استحسانًا عامًّا، وقد طبعها في مطبعة حجرية، وأهدانا نسخة منها، فأجلنا

فيها الطرف، فرأينا فيها نصائح وآدابًا جمة، وبيانًا لحكمة الحجاب، وإسهابًا في

مضار اختلاط النساء بالرجال، وقد انتقدنا على حضرة الشاعر وصف محاسن

النساء في خروجهن مسفرات متهتكات فوصف النهود والقدود، والحواجب الزج،

والعيون الدعج، والرقص والتثني، والتصبّي والتجني، وانتقل إلى أطوار العشق

ومراتبه، وفنونه وغرائبه، وصفًا يهيج بقلب المتنسك، فكيف فعله بنفس المتهتك؟

فكانت القصيدة بهذا نفثة من نفثات حضرة رئيس الجمعية وخطيبها الفاضل،

فإنه ينحو بخطبه العذبة هذا المنحى، ويسلك هذه المسالك، بل يبالغ في القول

إلى الكناية عما هنالك

وطالما تمنيت أن أجتمع بحضرته على انفراد لأسرّ إليه

هذا الانتقاد، وأبين له أن هذه الأقوال تحرك سواكن الانفعال، وتشوق النساء إلى

الرجال، على ما وصفن به من الأحوال، ولذلك انتقد العلماء على العلامة ابن

الوردي حيث وصف محاسن الأمرد عند نهيه عن عشق المردي، وانتقد عليّ بعض

فضلاء مصر عندما أوردت في (المنار) بيتين فيهما ذكر العناق، وقال: إن

(المنار) إنما أنشئ لتغذية العقل والروح لا لتغذية النفس والشهوة، تمنيت هذا

الاجتماع فما أصبت منه الغرض؛ لأنني ما تحريته ولا هو حصل بالمصادفة

والعَرَض، وكنت حسنت الظن بأن ما سمعته لا يعاد، ولا ينشأ عن شيء من

الفساد، فلما رأيته قد أثر في أمثل من يحضر ذلك الاجتماع (كصاحب القصيدة)

علمت أن أثره أكبر في الجهلة والرعاع، ولذلك نبهت عليه في الجريدة راجيًا أن

تكون ذكرى عامة مفيدة، وعسى أن لا يثقل على الخطيب والشاعر كلامي كما أنه لم

يثقل عليّ كلام مَن انتقد عليّ بمثل ما انتقدت به عليهما، بل قد انتقد بمثله على من

هو خير مني ومنهما {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ المُؤْمِنِينَ} (الذاريات:55) .

(جريدة الأهرام)

هي أقدم الجرائد العربية (غير الرسمية) في مصر، وهي من الشهرة

والانتشار بحيث تستغني عن تقريظ جريدة هي أقل منها انتشارًا، وإنما نقصد بهذه

الكلمات أن نثبت في تاريخيات مجلتنا ما وفق له سعادة صاحب هذه الجريدة الهمام من

إنشاء (أهرام) أخرى في القاهرة مع بقاء (أهرام) الإسكندرية، وقد جعل نسخة

العاصمة بحجمها الكبير المعتاد، وقيمة الاشتراك فيها 150 غرشًا، ونسخة

الإسكندرية بحجم سائر الجرائد المعتاد، وثمنها 100 غرش، وقيمة الاشتراك

في الأهرامين معًا 200 غرش، فنهنئ سعادته بهذا النجاح الباهر، بل بهذه الكرامة

وهي أن جريدته قد جاءت بالذرية الطيبة بعد ما بلغت سن الشيخوخة، وقد صدر

العدد الأول من نسخة القاهرة في يوم الأربعاء الماضي أول نوفمبر مملوءًا بالأخبار

المفيدة والآراء السياسية، فعسى أن يصادف الأهرامان من الإقبال أكثر مما يبذل لهما

من زيادة المال.

_________

ص: 537