الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكاتب: محمد رشيد رضا
قليل من الحقائق عن تركيا
في عهد جلالة السلطان عبد الحميد الثاني
(تابع عدد 36 من السنة الأولى)
(دَيْن تركيا) :
جرت بين تركيا ودائنيها مخابرات على خطة من الصدق ارتاحت إليها أنفس
هؤلاء فأحلوها محلها من القبول وسارت من على نمط من الحنق عجيب يشاكل
المعجزة في خواصها فأفضت إلى حل مسألة الدين في 20 ديسمبر سنة 1881.
وكان كل الدين قد بلغ في ذلك الوقت 254292000 جنيه إنكليزي؛ لأن القروض
التي حصلت في عهد السلاطين السالفة من سنة 1858 إلى سنة 1875 وفي ضمنها
قرض السهام التركية ذات الفائض وهو رأس مال إيراده السنوي 14000 فرنك عن
كل كيلو متر من السكك الحديدية التي تنشأ في تركيا تضمنه سكة حديد الرومللي كل
هذه القروض مجموعها يبلغ 218436540 جنيهًا إنكليزيًّا وكان الذي دفع من هذا
المبلغ إلى وقت تأخر تركيا عن دفع أقساط الدين (الكوبون) هو 25947825
جنيهًا إنكليزيًّا فنقص بذلك الدين إلى 192488715 جنيهًا إنكليزيًّا، لكن بسبب
زيادة مبلغ 61803915 جنيهًا وهو متأخرات الفوائد المستحقة من شهر سبتمبر سنة
1875 قد وصل مجموع الدين العمومي في 20 ديسمبر سنة 1881 إلى المبلغ
السائب ذكره أي: 254292000 جنيه.
يجب أن يضاف إلى هذا المبلغ هذه المبالغ الأخرى وهي:
أولاً: مبلغ 8590000 جنيه مجيدي وهو مجموع مبالغ اقترضت من
مصارف غلطة قبل حلول سنة 1880 سدًّا لحاجات الخزينة وذلك الفرع من الدين قد
تنازلت بسببه حكومة تركيا لدائنيها بمقتضى الاتفاق المبرم في 22 نوفمبر - عن
إيرادات الِملْح والتبغ و (المشروبات الروحية) وطوابع البوستة والحرير والأسماك.
ثانيًا: الغرامة الحربية المستحقة لروسيا بمقتضى معاهدة الصلح وهي تقرب
من مبلغ 802500000 فرنك.
ثالثًا: التعويض المستحق للتجار الروسيين بسبب خسائر الحرب من سنة
1877 إلى سنة 1878.
لم يكن الغرض من الاتفاق المبرم في 20 ديسمبر سنة 1881 التعويض لما
كان يتوقع أن يكون لروسيا قبل تركيا من المطالب؛ فإن معاهدة برلين قد كفت
المتفقين مؤنة البحث في ذلك؛ إذ نص فيها صريحًا على أن هذه المطالب يقوم
بأدائها حاملو السندات التركية وإنما كان القصد من الاتفاق المذكور حينئذ مجرد
البحث في مسألة الدين العمومي.
بني هذا الاتفاق على أمرين؛ أحدهما: الحقيقي، وهو مجموع القروض التي
حصلت في سنين 1858 و 1860 و 1862 و1863 و 1865 و 1867 و 1872
و1875 والثاني: الأسهم التركية، وقُسم الدين الحقيقي هكذا:
أولاً: مبلغ 176756510 جنيهات إنكليزية وهو مجموع القروض الثمانية
المذكورة، استنزل منها مبلغ 18932060 جنيهًا إنكليزيًّا هو مجموع تسديدات
(استهلاكات) مختلفة حصلت إلى وقت كف تركيا عن دفع أقساط الدين واستنزل منه
بعد ذلك أيضًا مبلغ 8668450 جنيهًا إنكليزيًّا، كان إذ ذاك في الخزينة فانحط بذلك
رأس المال المقترض إلى 159156000 جنيه إنكليزي.
ثانيًا: مبلغ 1829685 أصدرت به سندات وقتية تدعى سندات رمضان
بمقتضى إرادة سنية صدرت في 6 أكتوبر سنة 1875 الموافق 6 رمضان سنة
1292 من أجل سداد المبلغ المستحق في سبتمبر سنة 1875 وهذه السندات تعطي
لحاملها الحق في نصف الربح ونصف المبلغ المستهلك من الدين بسببها.
هذا المجموع العام هو مبلغ 160985688 جنيهًا إنكليزيًّا قد نقص إلى مبلغ
92225827 جنيهًا إنكليزيًّا ومنشأ هذا النقص حط الدائنين لتركيا من رأس المال
الأصلي 71. 42 في المائة وهذا المبلغ كان يعطي فائدة سنوية قدرها 1 في المائة
وكان في حالة من شأنه فيها أن يزيد ربحه تدريجًا تبعًا للظروف إلى 4 في المائة.
أما الأسهم التركية فقد جزئت إلى 1980000 سهم قيمة كل منها 400 فرنك
وربحه السنوي 3 في المائة تسدد (تستهلك) في 104 سنين بست سحبات سنوية
تحصل في أول فبراير وإبريل ويونيه وأغسطس وأكتوبر وديسمبر من كل سنة.
والذي استهلك منها حتى أول أكتوبر سنة 1875 هو 11000 سهم من ذات
الأربعمائة فرنك أي: 4440000 أو 177600 جنيه إنكليزي وبقي منها في أيدي
حامليها ما قيمته 31512400 جنيه إنكليزي وقد نقصت قيمة كل سهم من هذه
السهام بمقتضى اتفاق 20 ديسمبر سنة 1881 - 09. 45 في المائة فصار ثمن
السهم على صورته الجديدة 180 فرنكًا و36 سنتيمًا، وحدد رأس مال السهام التركية
الجديدة بمبلغ 14211406 جنيهات إنكليزية. بلغ عدد السندات التركية ذات
الفائض التي أصدرت في خلال المدة الفاصلة بين الأمرين العاليين الصادرين في
أكتوبر وديسمبر سنة 1875 وجعل استهلاكها في هذه المدة 15350 سهمًا وهي
رأس مال اسمي قدره 28180000 فرنك وقد جعلت تركيا لنفسها في هذه السهام
الحق في حطيطة 25 في المائة من الدفعة السنوية المضافة إلى السهام التركية من
عهد رجوعها إلى دفع الأقساط والمضافة أيضًا مبلغ العشرين في المائة من قيم
السهام ذات الفائض المستهلكة.
كفت تركيا عن دفع فائدة السهام ولم يكن عليها أن تعود إلى الدفع حتى يتوفر
لديها مبلغ يزيد عن اللازم لسد طلبات السندات ذات الفائض، فإذا توفر هذا المبلغ
تكون الفائدة مستحقة الدفع هي وقيم السندات المسحوبة. ولما نقص الدين بهذه
الطريقة قد خصصت الحكومة التركية لمصلحته جملة إيرادات تنازلت عنها لدائنيها
حتى يتولوا إدارتها بأنفسهم وهذه الإيرادات هي
…
(لها بقية)
((يتبع بمقال تالٍ))
_________