المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مناشير المهدي السوداني - مجلة المنار - جـ ٢

[محمد رشيد رضا]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد رقم (2)

- ‌28 شوال - 1316ه

- ‌خطاب وعظي للإنسان

- ‌الإيثار

- ‌التربية والتعليم

- ‌الحوادث والأخبار التاريخية

- ‌6 ذو القعدة - 1316ه

- ‌الإيثار

- ‌الحبالى وتربية الأجنة(1)

- ‌التعليم بالعمل

- ‌ما قيل في الخال

- ‌الجامع الأزهر الشريف

- ‌الأخبار والآراء

- ‌13 ذو القعدة - 1316ه

- ‌تأثير العلم في العمل

- ‌أيها الفتى

- ‌أخبار الحجاج

- ‌اعتذار

- ‌20 ذو القعدة - 1316ه

- ‌الاتحاد

- ‌اختيار المعلمين

- ‌الحدود بين القطر المصري والسودان

- ‌27 ذو القعدة - 1316ه

- ‌الإصلاح الإسلامي

- ‌تأثير الوعظ والتذكير

- ‌عبرة لمن يعقل

- ‌إحصاء الأوقاف

- ‌تنازع الدول الأوربيةعلى الممالك الإسلامية

- ‌5 ذو الحجة - 1316ه

- ‌الإصلاح الإسلامي

- ‌عداء وخداع

- ‌الجمعية الإسلامية الهندية في لاهور

- ‌19 ذو الحجة - 1316ه

- ‌الأعياد

- ‌الساكت عن الحق شيطان أخرس

- ‌تقريظ المطبوعات

- ‌26 ذو الحجة - 1317ه

- ‌التعليم القضائي

- ‌المتكلمة بالقرآن

- ‌مقتطفات

- ‌الأخبار التاريخية

- ‌3 محرم - 1317ه

- ‌الاعتماد على النفس

- ‌استنهاض همم(2)

- ‌الأخبار التاريخية

- ‌10 محرم - 1317ه

- ‌التصرف في الكون

- ‌استنهاض همم(3)

- ‌التربية النفسية

- ‌الأخبار التاريخية

- ‌17 محرم - 1317ه

- ‌حياة الإسلام في مصر

- ‌استنهاض همم(4)

- ‌الطاعون واتقاؤه

- ‌كتاب تحرير المرأة

- ‌الأخبار والآراء

- ‌24 محرم - 1317ه

- ‌استنهاض همم(5)

- ‌التربية النفسية

- ‌الشعر العصري

- ‌قليل من الحقائق عن تركيافي عهد جلالة السلطان عبد الحميد الثاني

- ‌مسألة القضاء الحاضرة

- ‌2 صفر - 1317ه

- ‌العز والذل

- ‌استنهاض همم(6)

- ‌الأخبار التاريخية

- ‌9 صفر - 1317ه

- ‌فهم الدين

- ‌استنهاض همم(7)

- ‌قليل من الحقائق عن تركيافي عهد جلالة السلطان عبد الحميد الثاني

- ‌الأخبار

- ‌16 صفر - 1317ه

- ‌كتاب الدروس الحكمية للناشئة الإسلامية

- ‌استنهاض همم(8)

- ‌مراكش

- ‌ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ [[

- ‌قليل من الحقائق عن تركيافي عهد جلالة السلطان عبد الحميد الثاني

- ‌مقتطفات الأخبار

- ‌23 صفر - 1317ه

- ‌النهضة الإسلامية في مصر

- ‌استنهاض همم(9)

- ‌إزالة شبهة

- ‌اختبار علم كل عارفمن ألباء أرباب المعارف

- ‌وفاة

- ‌29 صفر - 1317ه

- ‌استنهاض همم(10)

- ‌الشعر العصري

- ‌قليل من الحقائق عن تركيافي عهد جلالة السلطان عبد الحميد الثاني

- ‌أرزاء وطنية

- ‌يستحيل إرضاء الناس

- ‌ وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى [[

- ‌7 ربيع الأول - 1317ه

- ‌كان يا ما كان(2)

- ‌استنهاض همم(11)

- ‌الكتابان الجليلان

- ‌قليل من الحقائق عن تركيافي عهد جلالة السلطان عبد الحميد الثاني

- ‌الاحتفال بتذكارالمولد النبوي الشريف

- ‌14 ربيع الأول - 1317ه

- ‌المولد النبوي

- ‌كان يا ما كان(3)

- ‌استنهاض همم(12)

- ‌مَضَارُّ الْغِلْظَةِ فِي التَّرْبِيَة

- ‌تأييد عالم وتفنيد واهم

- ‌شعر في حب العلم

- ‌21 ربيع الأول - 1317ه

- ‌الحياة المِلِّية

- ‌كان يا ما كان(4)

- ‌استنهاض همم(13)

- ‌قليل من الحقائق عن تركيافي عهد جلالة السلطان عبد الحميد الثاني

- ‌مدرسة الجمعية الخلدونية

- ‌إحصاء عن عدد سكان أوربا

- ‌28 ربيع الأول - 1317ه

- ‌الجنسية والدين الإسلامي

- ‌كان يا ما كان(5)

- ‌استنهاض همم(14)

- ‌تعليم النساء

- ‌الشعر العصري

- ‌قليل من الحقائق عن تركيافي عهد جلالة السلطان عبد الحميد الثاني

- ‌5 ربيع الثاني - 1317ه

- ‌الجامعة الإسلامية

- ‌استنهاض همم(15)

- ‌حقوق الجار ومدح المناربما يبديه من هدي الكبار

- ‌الإسلام في البرازيل

- ‌12 ربيع الثاني - 1317ه

- ‌الدين والدولةأو الخلافة والسلطنة

- ‌كان يا ما كان(6)

- ‌خاتمة رسالةاستنهاض همم

- ‌تنبيه

- ‌دم أضاعه أهله

- ‌عناصر النمسا

- ‌19 ربيع الثاني - 1317ه

- ‌كلمة في الحجاب

- ‌تهنئة الأستاذ المفتي

- ‌قليل من الحقائق عن تركيافي عهد جلالة السلطان عبد الحميد الثاني

- ‌26 ربيع الثاني - 1317ه

- ‌تحريف الكلم عن مواضعه

- ‌الحديث الموضوع

- ‌الاحتفال بعيد الجلوس الهمايوني

- ‌كتاب من أحد الفضلاء في بتاوي

- ‌قليل من الحقائق عن تركيافي عهد جلالة السلطان عبد الحميد الثاني

- ‌3 جمادى الأولى - 1317ه

- ‌حقوق الأخوة(3)

- ‌قليل من الحقائق عن تركيافي عهد جلالة السلطان عبد الحميد الثاني

- ‌10 جمادى الأولى - 1317ه

- ‌حقوق الأخوة(4)

- ‌الوثنية في الإسلام

- ‌نجاح الجمعيات الإسلامية

- ‌قليل من الحقائق عن تركيافي عهد جلالة السلطان عبد الحميد الثاني

- ‌17 جمادى الأولى - 1317ه

- ‌ماذا نعمل

- ‌المسلمون في روسيا

- ‌الأميرة الفاضلة صاحبة الدولةالبرنسس نازلي هانم أفندي

- ‌قليل من الحقائق عن تركيافي عهد جلالة السلطان عبد الحميد الثاني

- ‌24 جمادى الأولى - 1317ه

- ‌القسم الثانيمن خطبتنا في التربية

- ‌قليل من الحقائق عن تركيافي عهد جلالة السلطان عبد الحميد الثاني

- ‌2 جمادى الآخرة - 1317ه

- ‌رد على باحث في كتابسر تقدم الإنكليز السكسونيين

- ‌القسم الثانيمن خطبتنا في التربية

- ‌شذرات

- ‌9 جمادى الآخرة - 1317ه

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌قليل من الحقائق عن تركيافي عهد جلالة السلطان عبد الحميد الثاني

- ‌أخبار وآراء

- ‌16 جمادى الآخرة - 1317ه

- ‌فلسفة الحرب الحاضرة

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌الشكوى من ظلم هولندا

- ‌وفاة والدة عبد الحليم أفندي حلمي

- ‌23 جمادى الآخرة - 1317ه

- ‌ذكرى لرؤساء الأمة

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌قليل من الحقائق عن تركيافي عهد جلالة السلطان عبد الحميد الثاني

- ‌أهم أخبار الحرب

- ‌شكر

- ‌30 جمادى الآخرة - 1317ه

- ‌الفرصتان

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌أهم أخبار الحرب

- ‌عودة الخديوي وأسرته

- ‌منع جريدة المشير

- ‌المدرسة العثمانية

- ‌إزالة وهم تاريخي

- ‌بعض التفصيل

- ‌6 رجب - 1317ه

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌بدع رجب

- ‌14 رجب - 1317ه

- ‌مناشير المهدي السوداني

- ‌فائدة الانتقاد

- ‌قليل من الحقائق عن تركيافي عهد جلالة السلطان عبد الحميد الثاني

- ‌طائفة من الأخبار

- ‌21 رجب - 1317ه

- ‌عزاء

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌بضعة أيام في خدمةجمعية شمس الإسلام

- ‌إصلاح غلط

- ‌28 رجب - 1317ه

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌الدولة العلية في أفريقية

- ‌مساجد الصعيد

- ‌6 شعبان - 1317ه

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌الأسطول الفرنساوي

- ‌رزء وطني عظيم

- ‌كنسة الإمام

- ‌13 شعبان - 1317ه

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌المنار والمناظر

- ‌السيول الجارفة

- ‌الجغرافيا والحرب

- ‌20 شعبان - 1317ه

- ‌الشريعة والطبيعةوالحق والباطل

- ‌تقرير فضيلة مفتي الديار المصريةفي إصلاح المحاكم الشرعية

- ‌عيد المولد الهمايوني

- ‌العالم الإسلامي

- ‌الحرب الحاضرة

- ‌27 شعبان - 1317ه

- ‌تقرير فضيلة مفتي الديار المصريةفي إصلاح المحاكم الشرعية

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌الأخبار التاريخية

- ‌5 رمضان - 1317ه

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌الأخبار والآراء

- ‌12 رمضان - 1317ه

- ‌اقتراح على السادة العلماءفي تقويم اعوجاج الوعّاظ والخطباء

- ‌الصيام والتمدن(2)

- ‌التقريظ والانتقاد

- ‌مأثرة لجمعية شمس الإسلام

- ‌19 رمضان - 1317ه

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌الأخبار التاريخية

- ‌26 رمضان - 1317ه

- ‌الزكاة والتمدن(2)

- ‌الاقتراح على المنار

- ‌طائفة من الأخبار

- ‌ذم الهوى

- ‌الأخبار والآراء

- ‌المسجد الحسيني

- ‌10 شوال - 1317ه

- ‌طفولية الأمّةوما فيها من الحيرة والغمة

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌الاجتماع العامفي جمعية شمس الإسلام

- ‌الأخبار والآراء

- ‌17 شوال - 1317ه

- ‌الحيرة والغمة ومناشئهما في الأمة

- ‌تقرير فضيلة مفتي الديار المصريةفي إصلاح المحاكم الشرعية

- ‌جمعية شمس الإسلامفي القاهرة

- ‌الأمراء والعلماء

- ‌أفكوهة غريبة

- ‌خاتمة السنة الثانية للمنار

الفصل: ‌مناشير المهدي السوداني

الكاتب: محمد رشيد رضا

‌مناشير المهدي السوداني

ظفرنا بالجزء الأول من كتاب اسمه (مناشير سيدنا الإمام المهدي المنتظر

محمد بن عبد الله عليه السلام وهو 290 صفحة، ويشتمل على الكتب التي كان

يكتبها القائم السوداني لأتباعه وخلفائه، ومعظم ما فيها تزهيد في الدنيا ودعوة إلى

جهاد الترك (أي المصريين) وقد رأينا أن ننشر منها في (المنار) أغرب

رسائله وكتبه؛ لما فيها من العلم بحقيقة ما كان يدّعيه ذلك الرجل، فإن الظنون

متضاربة في شأنه، ويعلم كل عاقل يعرف التاريخ أن الاعتقاد بالمهدي المنتظر قد

جرَّ على المسلمين شقاء طويلاً وأخذهم أخذًا وبيلاً، وسفك منهم دماء غزيرة، وقد

نوَّهنا بهذا في (المنار) من قبل، وسنفصل القول فيه تفصيلاً في فرصة أخرى.

ودونكم الآن يا معاشر القرَّاء المنشور الأول من الكتاب وهو بنصه:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الوالي الكريم، والصلاة على سيدنا محمد وآله مع التسليم، وبعد،

فمن العبد المفتقر إلى الله محمد المهدي بن عبد الله إلى أحبابه في الله، المؤمنين بالله

وبكتابه، لا يخفى على عزيز علمكم فناء الدنيا، وإن من تجرد لله قصدًا، وصدق

في دينه وامتثل لأمرالله لا يلاحظ جاهًا ولا مالاً، لأن من كان بالله ولله لا ينظر

إلى ذلك ، فإذا نظر إلى ذلك حجب عن الله، وطرد من حضرته، وأوقعه الله في نار

الهموم والأتعاب، ولعذاب الآخرة أشد، ومن خرج عن الجاه والمال لله عوَّضه الله

خيرًا منه، وكان مقربًا عند الله، ولذلك قال الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الكِتَابِ آمَنُوا

وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ * وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ

وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأَكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم} (المائدة:

65-

66) المعلوم أن من كان لله كان الله له، وورد عنه صلى الله عليه وسلم أنك

لن تجد فقد شيء تركته لله أي لم تجد له ألمًا ولا همًّا، وقد فتح الله بالأنبياء باب

الاقتداء، فسليمان عليه السلام لمَّا شغلته الخيول عن الله أقبل يقطع سوقها ورقابها،

وتجرد منها لله، فعوَّضه الله الريح غدوّها شهر ورواحها شهر، ونبينا محمد صلى

الله عليه وسلم لمَّا خرج من أهله وهاجر دياره، عوَّضه الله ما لا يخفى والصحابة

كذلك، وهلم جرًا إلى غير ذلك من الأنبياء والصالحين، فيا أيها الأحباب إن هذا

الزمان معلوم الحال ، والطباع يسرق بعضها بعضًا، ولامخلص عنها إلا بالهجرة،

وفي ذلك ما لا يخفي من الأدلة كتابًا وسنة، وقد أمرني سيد الوجود صلى الله عليه

وسلم بمكاتبة المسلمين ودعوتهم إلى الهجرة معنا إلى محل يكون فيه قوام الدين،

وإصلاح أمر الدارين، ومثلكم لازم أن يحث على هذا الأمر، ويكون من أول

المقومين والتابعين، ومعاذ الله أن أكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا

الأمر لا شك فيه، فمن صدق به واتبعه كان من المقربين، ومن كذب وصدَّ عنه

فعليه إثمه وإثم من اتبعه، فإن مات قبل ظهوره فيعاقبه الله على ترك الأمر وصد

من يهاجر في سبيل الله ورسوله لتقويم السنة النبوية، ومعلوم أن من لم يتبع هذا

الأمر يخذل في الدارين، وذلك بإشارة أعلمني بها سيد الوجود صلى الله عليه وسلم

وعلى الحضرات التي أيدني بالمهدية فيها صلى الله عليه وسلم، شهد جمع من

الفقراء الأتقياء الذين لا يُعبأ بهم، ومقامهم عند الله ورسوله لا يخفى، وهم أغبط

الأولياء عند الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأحبهم إلى الله، ولو أقسم أحدهم

على الله لأبره كما ورد، وكذلك جمع من المشايخ، ومعلوم أن الأمور تجري على

علم الله، وأن الله ينسخ ما يشاء، وعلم العباد لا يزن في علم الله نقطة بالنسبة إلى

بحار الدنيا، وله المثل الأعلى كما قال الخضر لموسى عليه السلام، ولا سيما وعلم

المهدي كعلم الساعة، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يوقت ولم يعين، وقال صلى

الله عليه وسلم: كذب الوقاتون، وفيما ذكره محي الدين بن العربي في تفسيره في

هذا المعنى كفاية، وقال الشيخ أحمد بن إدريس كذبت في المهدي أربع عشرة نسخة

من نسخ أهل الله، وقال: سيخرج من جهة لا يعرفونها، وعلى حالة ينكرونها،

وإنى لا أعلم بهذا الأمر حتى هجم عليّ من الله ورسوله من غير استحقاق لي بذلك،

فأمره مطاع، وهو يفعل ما يشاء ويختار، وحكم نبيه صلى الله عليه وسلم كحكمه،

ولما تكاثرت منه الأوامر والبشائر لي في هذا المعنى امتثلت قيامًا بأمر الله، وقد

كنت قبل ذلك ساعيًا في إحياء الدين وتقويم السنة، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي

العظيم، وليكن معلوم عندكم أني من نسل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأبي

حسني من أبيه وأمه، وأمي كذلك من جهة أمها، وأبوها عباسي، ولي نسبة إلى

الحسين والله أعلم، وقد حصلت لي بشائر من سيد الوجود صلى الله عليه وسلم

بتأييد الملائكة الكرام العشرة وغيرهم، وبتأييد آلاف من الأولياء، وبضمانة

أصحابي بعد تغسيلهم من الدرن، وأنهم مائتان وأربعون ألفًا، ومثلكم تكفيه الإشارة

والتلويح فضلاً عن التصريح، ومعلوم أن المهدي واجبة طاعته على كل مسلم،

وأشار لي بمكاتبة المسلمين ودعوتهم إلى الهجرة معنا، فهي مطلوبة جدًّا، ومن

الأوامر التي لا يجوز مخالفتها، ولا يلتفت في ذلك إلى أحد، فإن اتبع الأهل فيها

وإلا فالصحابة تركوا أهلهم للهجرة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، والسلام.

_________

ص: 561

الكاتب: محمد رشيد رضا

دروس جمعية شمس الإسلام

(6)

(أمالي دينية - الدرس السادس)

(19)

تنزيه الباري: علمنا من الدرسين السابقين أن هذا العالم ممكن، وأن

الممكن لا وجود له من ذاته؛ لأن معنى كونه ممكنًا أن وجوده وعدمه سيان في نظر

العقل، ومن ثم احتاج هذا العالم في وجوده إلي من رجح وجوده على عدمه، وأن

هذا المرجح لا بد أن يكون واجب الوجود ، وهذا هو بارئ الكون المسمى بلسان

الشرع الإسلامي (الله جل جلاله وحيث كان واجبًا فهو مباين للممكنات لا

يشبهها، ولا تشبهه في شيء ما، إذ لو شابه شيئًا منها في نحو هيئة أو لون أو

مقدار أو تحيُّز أو صفة من الصفات لكان ممكنًا مثلها ولم يكن واجبًا، وقد ثبت

بالبرهان أنه واجب، فتعين أن يكون مباينًا للممكنات بأسرها {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ

وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (الشورى: 11) .

(20)

القِدَم والأزلية: ما ذكرناه آنفًا كافٍ في اعتقاد التنزيه إجمالاً، ولكن

العلماء لا يكتفون في هذا المقام بالإجمال، ومن التفصيل الذى جروا عليه ذكر القِدَم

والبقاء، والقيام بالنفس، ومخالفة الحوادث، والوحدانية، ذكر السنوسي هذه

الأشياء وسمَّاها الصفات السلبية، وتبعه في هذا من جاء بعده، أما مخالفة الحوادث

فقد بيناها آنفًا، وأما القِدَم بمعنى الأزلية أي عدم ابتداء الوجود، فهو من لوازم

وجوب الوجود؛ لأن الواجب ما كان وجوده لذاته، وما كان كذلك لا يعقل غير موجود

ولذلك عرَّفه السنوسي بقوله: (ما لا يتصور في العقل عدمه) فالأزلية داخلة في

مفهومه، فإذا قيل مع ذلك أنه حادث لم يكن في الأزل، كان هذا القول بمعنى أنه

(واجب لا واجب) وهو تناقض محال بالضرورة 0

(21)

البقاء والأبدية: إن دخول معنى البقاء الأبديّ - أي عدم الانتهاء -

فى مفهوم الواجب أظهر من دخول معنى القدم؛ لأنه إذا كان فرض العدم في

الأزل محالاً ففرض طروئه بعد الجزم بالوجود الواجب محال بالأولى، وتكليف

العقل أن يتصور عدم ما يجزم بأنه لا يتصور عدمه تكليف بما لا يطاق، كتكليفه بأن

يتصورأن شيئًا ما موجود ومعدوم في حالة واحدة، وهو محال بالبديهة، بل إن العقل

ليكاديعجز عن تصوّر طروء العدم على الممكن 0

(22)

القيام بالنفس: فسره السنوسي بعدم الاحتياج إلى المخصص والمكان،

وهو تفسير باللازم، ومعناه الأصلي الثبوت بالذات، أي وجوب الوجود؛ لأن

القيام يطلق في اللغة بمعنى التحقق والثبوت، وقد تقدم البرهان على وجود الواجب

واستغنائه بذاته عن المرجح، وقد سمعتم آنفًا البرهان علي قدمه، ومتى كانت ذاته

قديمة فجميع ما يجب لها من صفات لا بد أن يكون قديمًا بقدمها لئلا يكون ما لا يقبل

الانتفاء (وهو الواجب) منتفيًا في وقت ما، وهو محال فثبت بهذا أنه مستغنٍ عن

المخصص والمرجح في ذاته كما هو مستغنٍ عن ذاته، وأما عدم الاحتياج إلى

المكان فلأن المكان لا يكون إلا حادثًا، والقديم يستغني بالضرورة عن الحادث، وقد

ثبت في الحديث: كان الله ولا شيء معه، وهو الآن على ما هو عليه كان. ولأن

المستقر في مكان يجب أن يكون محدودًا بمقدار مخصوص، وذو المقدار لا يكون

إلا حادثًا لأن المقادير لا نهاية لها، فيحتاج صاحبها إلى مرجح يرجح له مقداره على

سائر المقادير الأخرى كما هو ظاهر، وأما الزمان فهو أمر وهمي كما يؤخذ من

كلام الشيخ الأشعري فلا حاجة لنفيه 0

(23)

الوحدة ونفي التركيب: قلنا: إن واجب الوجود لا يحويه مكان؛ لأن

التحيز عليه محال، ومن لوازم هذا أن لا يكون مركبًا من أجزاء، والبرهان على

هذا أنه لو كان له أجزاء لكان كل جزء منها متقدمًا في الوجود علي مجموع الذات؛

لأن الجزء مقدم على الكل طبعًا، فيلزم أن يكون مجموع الذات حادثًا؛ لأنه مسبوق

بوجود الأجزاء والمسبوق بالوجود لا يكون إلا حادثًًا، وأيضًا يكون وجوده تابعًا

لوجود أجزائه، وتقدم أن الواجب ما كان له الوجود لذاته، وأنه لا بد أن يكون قديمًا،

أما كون الواجب لا يكون إلا واحدًا، فسيأتي برهانه في درس آخر إن شاء الله

تعالى.

((يتبع بمقال تالٍ))

_________

ص: 563