الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكاتب: عبد الرحمن قراعة
تهنئة الأستاذ المفتي
قد وقفنا على قصائد كثيرة في تهنئة فضيلة الأستاذ محمد عبده مفتي الديار
المصرية بمنصب الإفتاء، وأرسل إلينا أصحابها كثيرًا منها ابتغاء نشرها، فكنا
نغضي عنها لضيق نطاق الجريدة عن نشر المدائح الشخصية إلا ماله مزية
خصوصية، ومن هذا النوع قصيدة غرّاء للعالم الفاضل عبد الرحمن قراعة مفتي
جرجا في تهنئة الأستاذ المفتي وهي:
بهديك في الفتوى إلى الحق نهتدي
…
ومن فيض هذا الفضل نجدي ونجتدي
سَمَتْ بك للعلياء نفس أبية
…
وعزمة ماض كالحسام المجرد
ورأى رشيد في الخطوب وحنكة
…
وتجربة في مشهد بعد مشهد
وعلم كَنُورِ الشمس لم يك خافيًا
…
على أحد إلا على عين أرمد
فضائل شتى في الأفاضل فُرِّقت
…
ولكنها حلت بساحة مفرد
ولو جاز تعدادي لها لعددتها
…
ولكنها جازت مقام التعدد
ففيم أطيل القول والشعر قاصر
…
وماذا يفي قولي ويغني تزيدي
أمولاي يا مولاي دعوة مخلص
…
تقول فيصغي أو تؤم فيقتدي
لكل زمان مِن بنيه مجدد
…
لِما أبلت الأهواء من دين أحمد
وقد علم الأقوام أن (محمدًا)
…
مجدد هذا الدين في اليوم والغد
يمينًا من الفضل خصص (عبده
…
محمدًا) الداعي لهدي محمد
وقلده عقد الفتاوى فأصبحت
…
تتيه به الفتيا بخير مقلد
لنخترقن الجب بالرشد لا الهوى
…
وتبني منار الحق بالفكر واليد
فتوضح من إشكاله كل غامض
…
وتفتح من أبوابه كل موصد
إليك أزف المدح شعرًا مقصَّدًا
…
على بعد عهدي بالقريض المقصد
لأبلِّغ نفسي بامتداحك سؤلها
…
وأقضي حقًّا لم يمكن بمجدَّد
فجاء على قدري ولكن شافعي
…
لدى قدرك السامي نبالة مقصدي
وهنأت نفسي ثم هنأت معشر
…
وهنأت أوطاني بما نال سيدي
وقلت لمصر: هنئيه، وأرى
…
بهديك في الفتوى إلى الحق نهتدي
لقد سبق التاريخ عشرًا فلم أجد
…
من الياء بُدًّا بعد طول تردد
فزدت كما أبغي ومن يلف مخلصًا
…
من النقص بطلب للكمال ويزدد
فلا زلت يا مولاي فينا محسّدًا
…
وحاسدك المغبون غير محسد
_________
الكاتب: محمد رشيد رضا
الاحتفال بعيد
الجلوس الهمايوني
كان المصريون يستعدون للاحتفال بعيد الجلوس الهمايوني من أول شهر
أغسطس، وقد أظلَّنا العشر الأخير منه في هذا العام، ولم نحس منهم عملاً، ولم
نسمع لهم ركزًا إلا ما يُتهامس به في هذه الأيام، ويرجى أن يأتي بالغرض بهمة
المتفاوضين الكرام، وإن كان الزمن قصيرًا، هذا ما نعلم من أمر الاحتفال العمومي
الذي كانت زينته تقام في حديقة الأزبكية بإدارة جمهور من وجوه المصريين، وأما
الاحتفالات الخصوصية التي كانت تقام في مواضع كثيرة، فلم نسمع لها حسًّا، ولم
نر لها حتى الآن أثرًا إلا ما كان من جمعية (شمس الإسلام) التي أنشئت في مصر
حديثًا لأجل الحض على التمسك بالكتاب والسنة، والاعتصام بهدي الدين الذي فسق
عن هديه الجماهير، فإن إخلاص هذه الجمعية لمقام الخلافة الإسلامية حملها على
الاستعداد لزينة باهرة واحتفال بليلة الجلوس الهمايوني تدعو إليه الوجوه من العلماء
الأعلام والموظفين الكرام وسائر الوجوه، وسيكون الاحتفال في سراي حسن بك
ساطع التي استأجرتها الجمعية حديثًا لها وللمدرسة التحضيرية التابعة لها والمطبعة
المنسوبة إليها، وهي على يمين الداخل من أول درب الجماميز من جهة السيدة
زينب رضي الله عنها، أما الحكمة في قيام الرعية بمثل هذا الاحتفال لراعيها؛ فهو
أمران، الأول: التقرب من أمير المؤمنين وخليفة المسلمين وابتغاء مرضاته
والثاني: إيقاظ الشعور العام بمعنى التابعية، وتقوية روح الوطنية الحقيقية،
وتوثيق رابطة الجامعة العثمانية، فإذا كان يوجد في الآستانة عدو للمصريين، بل
ولسلطانهم -أمير المؤمنين- يحول دون إبلاغه تهنئتهم في بعض الأحوال،
ويسعى بالإساءة إليهم عقيب كل احتفال بحيث يفوتهم الرضوان من مولانا السلطان،
فينبغي أن يواظبوا على عادتهم الماضية لأجل الحكمة الثانية، وعسى أن تزول تلك
الآلة المحللة، وتعاذ الأمة من هاتيك الوسوسة المضللة، فتتم لهم الحكمتان، والله
المستعان.
_________
الكاتب: محمد رشيد رضا
تقريظ
(إرشاد شوارد أرباب النفوس إلى رحمة مولانا القدوس)
ديوان (خطب جمعية) ألَّفه وطبعه من عهد غير بعيد الأستاذ الشيخ محمد
الجنبيهي وقد تصفحنا بعض خطبه، فألفيناه يمتاز على الدواوين التي في الأيدي
بالزجر والتنفير عن المعاصي الدائمة المنتشرة في هذا العصر، كأنواع الفحش
والمنكرات، ويماثلها في كل ما ننتقدها به من إيراد الأحاديث التي لا تصح رواية ولا
معنى، والمبالغة في التزهيد، والكلام في فضائل المواسم والشهور، وغير ذلك مما
نبهنا عليه مرارًا، وينتقد عليه شيء آخر لم نره في سائر الدواوين وهو إيراد ألفاظ
لا ترضاها النزاهة، ولا يليق أن تلقى على ذرى المنابر، فإذا حذفت هذه الألفاظ،
وعني بتخريج أحاديث الديوان، ونقحت خطب المواسم كان من أحسن الدواوين
المتداولة إن لم نقل أحسنها، طبع في المطبعة الأميرية مشكولاً، وطبع على هيئة
كتاب (متابعة الأسرار) وهو يتضمن أورادًا وحكمًا مأثورة عن الصوفية وأشعارًا
إلهية ونبوية، ولنا في هذه الأوراد كلام نرجئه لفرصة أخرى.
_________