الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكاتب: محمد رشيد رضا
قليل من الحقائق عن تركيا
في عهد جلالة السلطان عبد الحميد الثاني
(تابع مالية الدولة)
في سنة 1891 ابتُكر تدبير جديد لا يزال في معرض البحث، إذا تحقق رُجِيَ
من ورائه خير كثير لمالية الدولة العثمانية ذلك هو تأصيل المبلغ الذي يتوفر مسانهة
من تحويل الديون الممتازة، وهو 145000 جنيه إنكليزي (تأصيله جعله رأس
مال) ، ينشأ بهذا المبلغ السنوي قرض قدره 2900000 جنيه إنكليزي بإصدار
سهام عثمانية ممتازة بنفس السعر الذي أصدرت به سهام 27 إبريل، أعني: أربعة
في المائة من الربح، وواحدًا في المائة من أجر الاستهلاك تدفع قيمة هذه السهام في
أربع وأربعين سنة.
لما كان الفرعان من الدَّين العثماني المشار إليهما بحرفي (ت) و (ث) ،
فيما تقدم مقدّرين بقيمة أقل من الفرعين السابقين لهما، كانت الهمة موجهة طبعًا
لإيجاد طريقة استهلاك إضافية لتسديدهما؛ فلهذا القرض أخذ وكلاء الديون على
أنفسهم أن يدفعوا فيما يطلب منهم سهامًا من هذين الفرعين، حرصًا منهم على أخذ
السهام الممتازة الجديدة التي قيمتها 80، وبما كانت تقتضيه سهام النوعين
المذكورين في ذلك الوقت من الثمن الذي لم يغير في رأس مال حقيقي قدره
2320000 جنيه إنكليزي يخرج من أيدي المتعاملين 11600000 جنيه إنكليزي
من الدَّين العمومي، هذا المبلغ لما كان للحكومة فيه بمقتضى اتفاق 20 ديسمبر سنة
1881 واحد في المائة، أعني 116000 جنيه إنكليزي، فستكفي مصلحة الدين
بسبب تأصيل مبلغ 145000 جنيه إنكليزي مؤنة المطالبة السنوية بمبلغ 116000
جنيه إنكليزي.
هذا العمل هو من الأهمية بحيث إن الحكومة العثمانية لا تتسرع في القطع
بإجرائه، بل إنها لا تجزم به إلا بعد الإحاطة بجميع وجوهه، وتقدير كل
الاعتبارات فيه. وقد استفادت السهام التركية أيضًا استفادة تُذكر من المزايا الناشئة
من تحويل السهام الممتازة، فبلغ استهلاك هذه السهام من 58 إلى 72 في المائة،
وحينئذ فالذي كان ينال في الاقتراع (يانصيب) على مبلغ 600000 فرنك -
جائزة قدرها 348000 فرنك، صار يقبض - من الآن فصاعدًا - جائزة قدرها
422000 فرنك.
لننظر الآن في تحويل قرض الدفاع بواسطة تأصيل جزء من الخراج الذي
تأخذه الدولة من مصر. في سنة 1887 كانت حكومة جلالة السلطان افتكرت في أن
تحول القروض المختلفة المضمونة بهذا الخراج الذي تدفعه مصر للباب العالي إلا
أنه قد مَنع من إنفاذ ذلك في حينه جملة موانع سياسية ومالية، ولكن عندما رأت
جلالة السلطان أنه قد جاء الوقت المناسب لإنفاذه صَمَّم عليه في سنة 1891، وقد
تُوجت مساعيه إلى الآن بالنجاح التام، إن قرض الدفاع الذي أُصدرت سهامه في
سنة 1887 - وهو آخر القروض المضمونة بالخراج المصري - يبلغ 5000000
جنيه إنكليزي، وربحه خمسة في المائة وأجر استهلاكه واحد في المائة. في شهر
فبراير سنة 1891 نقص أصل هذا القرض بسبب الاستهلاك إلى 4316520 جنيهًا
إنكليزيًّا، وذلك في أثناء المذكرات الأولى بين الحكومة العثمانية ووكلاء الدائنين.
انحط من الدفعة السنوية التي يضمنها هذا القرض - وهي 280622 جنيهًا إنكليزيًّا
بمقتضى الإرادة السنية الصادرة في 2 مارس سنة 1892 الخاصة بتحويل القرض
المذكور - مبلغ 1403 جنيهات إنكليزية، نفقات وأجرة عمل (عمولة أو قومسيون)
ومبلغ 26543 من أجل الاستهلاك وبقي بهذا النقص من أصل الدفعة 252676
جنيهًا إنكليزيًّا لتأصيله؛ فإذا جُعل ربحه 4 في المائة كان الحاصل رأس مال قدره
6326930 جنيهًا إنكليزيًّا، فبالثمن الذي أصدرت به تلك السهام - وهو 90 - كان
رأس المال الاسمي هذا يعطي رأس مال حقيقي وقدره 5685237 جنيهًا إنكليزيًّا،
وقد نقص هذا المبلغ بما سقط منه من أجرة عمل الضمانة (العمولة) وهي واحد في
المائة على رأس المال الاسمي إلى مبلغ صافٍ وهو مبلغ 5622068 جنيهًا إنكليزيًّا.
من هذا المبلغ استغرق تحويل ما يوجد من سندات قرض الدفاع مبلغ 4316530
جنيهًا إنكليزيًّا، وينتج من ذلك للخزينة العثمانية ربح صافٍ قدره 2305538 جنيهًا
إنكليزيًّا، وتلك - بلا شك - نتيجة عظيمة لا تحتاج لشرح في تقدير القارئ إياها
حق قدرها.
(لها بقية)
((يتبع بمقال تالٍ))
_________