الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولي الخلق"، وعلى خاتم طاوس: "أعبد الله مخلصًا"، وعلى خاتم الزهري: "محمد يسأل الله العافية". رواه أبو نعيم في الحلية.
وعلى خاتم هشام بن عروة: "رب زدني علمًا"، وعلى خاتم مالك ابن أنس:"حسبنا الله ونعم الوكيل"، وكان نقش فص خاتم النعمان أبو حنيفة:"قل الخير وإلا فلتسكت (1)، وأبي يوسف: "من عمل برأيه ندم"، ومحمد ابن (
…
) (2)، وعلى خاتم الشافعي:"الله ثقة محمد بن إدريس"، وعلى خاتم الربيع بن سليمان:"الله ثقة الربيع بن سليمان".
وكان نقش خاتم أبي مسهر: "أبرمت فقم"، فَإِذَا استثقل أحدًا ختم به علي طينة ثم رماها إِلَيْهِ فيقرأها.
وروى أبو نعيم في "الحلية" من طريق ابن عائشة عن أبيه قال: بلغ عمر ابن عبد العزيز رضي الله عنه أن ابنًا له اشترى فصًا بألف درهم فكتب إِلَيْهِ عمر: عزيمة مني عليك لما بعت الفص الَّذِي اشتريت بألف درهم وتصدقت بثمنه، واشتريت فصًا بدرهم ونقشت عليه "رحم الله امرأً عرف قدره".
وعن الأوزاعي قال: نقش رجل عَلَى خاتم عمر بن عبد العزيز، فحسبه خمس عشرة ليلة، ثم خلى سبيله. ونقش بعض العارفين عَلَى خاتمه:"ولعل طرفك لا يدور وأنت تجمع {للدهور} "(3)، ونقش بعضهم عَلَى خاتمه "وإن امرأً دنياه أكبر همه لمستمسك منها بحبل غرور".
فصل [حكم نقش صورة الحيوان عَلَى الخاتم]
وإن نقش عليه صورة حيوان لم يجز، للنصوص الثابتة المستفيضة في تحريم التصوير، وليس هذا موضوع ذكرها، لكن هل يحرم لبسه أو يكره؟ فيه وجهان لأصحابنا.
أحداهما: أنَّه محرم وهو اختيار القاضي وأبي الخطاب وإبن عقيل في آخر
(1) في الأصل: فليسكت.
(2)
كذا بالأصل، ولعله: محمد بن الحسن.
(3)
في الأصل: "الدهور" ولا يستقم بها المعنى.
كتابه "الفصول"، وحكاه أبو حكيم النهرواني عن الأصحاب، وهو منصوص عن أحمد في الثياب والخواتم، ففي "مسائل صالح" سألت أبي عن قوم يرخصون في هذه الصور ويَقُولُونَ: كان نقش خاتم سليمان فيه صورة وغيره، فَقَالَ أبي: إِنَّمَا هذه الخواتيم كانت نقشت في الجاهلية لا ينبغي لبسها لما (يروى)(*) فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من صور صورة كلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ وعذب"(1).
وقد قال إبراهيم: أصحاب أصحابنا خمائص فيها صلب، فجعلوا يضربونها بالسكوك يمحونها بذلك. وفي حديث أبي طلحة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ولا صورة"(2) انتهى.
والثاني: أنَّه مكروه وليس بمحرم، وهو الَّذِي ذكره ابن أبي موسى، وذكره ابن عقل أيضًا في كتاب "الصلاة"، وصححه أبو حكيم النهرواني، وهو مذهب مالك.
ومأخذ هذا الخلاف أن اللبس هل هو مختص بالافتراش والاتكاء أو بالتستر والنصب والتعليق، فإن افتراش ما فيه صورة حيوان والاتكاء عليه جائز علي المذهب المعروف، وتعليقه محرم، واللبس متردد بينهما، فمن لم يحرمه قال: اللبس نوع امتهان وابتذال ويعضد ذلك حديث أبي طلحة وسهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب أو صورة إلا رقمًا في ثوب". أخرجاه في الصحيحين (3).
وفي صحيح مسلم (4) عن عائشة قالت: "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة وعليه مِرْطٌ مُرحَّل (**) من شعر أسود". والمرحل: الَّذِي قد نقش فيه تصاوير الرِّحال.
(*) روي: "نسخة".
(1)
أخرجه البخاري (5963)، ومسلم (2110) من حديث ابن عباس.
(2)
أخرجه البخاري (5949)، ومسلم (2106).
(3)
أخرجه البخاري (5958)، ومسلم (2106).
(4)
برقم (2081، 2424).
(**) مرجل: "نسخة" وهو خطأ فقد ورد في الحديث: وعليه مرط مُرحل.
ومن حرمه جعله في الملابس تعظيمًا له فهو كنصبه بخلاف افتراشه، وحملوا حديث أبي طلحة عَلَى ثوب يفترش، وعضدوا ذلك بما في صحيح البخاري عن عائشة قالت:"لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يدع في بيته شيئًا فيه تصاليب إلا نقضه"(1).
وقد رواه البرقاني والإسماعيلي ولفظهما: "لم يكن يدع سترًا أو ثوبًا فيه تصليب إلا قضبه"(2)(3).
ورواه الخلال ولفظه: "كان لا يرى في ثوب تصاوير إلا نقضه".
ويعضد الجواز ما رُوي "أن أبا موسى الأشعري كان يلبس خاتم دانيال الَّذِي نفله إياه عمر، وكان عليه صورة رجل بين أسدين (4) يلحسانه.
وسنذكره فيما بعد إِن شاء الله تعالى، وكان ابنه أبو بُردَة يلبسه. ورُوي أن فصه كان من عقيق وكان يقول: هو خاتم دانيال الحكيم.
(1) أخرجه البخاري (5952) من حديث عائشة.
(2)
نضبه: "نسخة". والقضب: القطع، ونضب: نفذا وانقضى.
(3)
قال الحافظ في "الفتح"(10/ 398): ووقع في رواية الإسماعيلي "شيئًا فيه تصليب"، وفي رواية الكشميهني "تصاوير" بدل تصاليب، ورواية الجماعة أثبت.
قلت: ومراد الحافظ رواية الإسماعيلي والكشميهني لصحيح البخاري، وأما مراد ابن رجب بالبرقاني والإسماعيلي أنهما روياه في مستخرجيهما. وقال الحافظ (10/ 339): قوله: (إلا نقضه) كذا للأكثر، ووقع في رواية أبان "إلا قضبه"، بتقديم القاف ثُم المعجمة ثم الموحدة، وكذا وقع في رواية ابن أبي شيبة عن يزيد بن هارون عن هشام، ورجحها بعض شراح "المصابيح"، وعكسه الطيبي فَقَالَ: رواية البخاري أضبط والاعتماد عليه أولى.
قلت: ويترجح من حديث المعنى أن النقض يزيل الصورة مع بقاء الثوب عَلَى حاله، والقضب: وهو القطع، يزيل صورة الثوب.
قال ابن بطال: في هذا الحديث دلالة عَلَى أنَّه صلى الله عليه وسلم كان ينقض الصورة سواء كانت مما له ظل أو لا، وسواء كانت مما توطأ أم لا، سواء في الثياب وفي الحيطان وفي الفرش والأوراق وغيرها.
(4)
أخرج عبد الرزاق في "مصنفه"(1360) من طريق قتادة قال": "كان نقش خاتم أبي موسى الأشعري أسد بين رجلين".
وذكر عن ابن مسعود "أن نقش خاتمه كان شجرة بين ذبابين"(1).
وأن حذيفة كان نقش خاتمه عَلَى ياقوت أسمايحوني تمثال كركيين متقابلين بينهما الحمد لله.
وأن أنس بن مالك "كان نقش خاتمه تمثال كركي، أو طائر له رأسان"(2). وقد ذكر ذلك الحافظ أبو عبد الله محمد بن معمر بن الفاخر الأصبهاني في كتابه "جامع العلوم"، وذكر أن بعض غرائب ما أورده نقله من كتاب حمزة بن يوسف في "الخواتيم".
وروى الحافظ أبو بكر الخطيب في كتاب "تلخيص المتشابه"(3) من طريق هلال بن العلاء، ثنا عبد الله بن جعفر، ثنا عبيد الله بن عمرو، عن بشر بن حبان، قال: كنت عند عبد الله بن محمد بن عقيل فدعا بخاتم فخضخضه في الماء فقلنا: ما هذا؟ قال: هذا خاتم كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا فصُّه حجر فيه نقش دابة أو تمثال.
ورواه عبد الرزاق في "كتابه"(4)، عن معمر قال:"أخرج إلينا عبد الله بن محمد بن عقيل خاتمًا نقشه تمثال، وأخبرنا أن النبي صلى الله عليه وسلم لبسه مرة أو مرتين، قال: فغسله بعض من كان معنا فشربه".
وذكر (عبد الرزاق)(5)، عن معمر، عن جابر قال:"كان في خاتم ابن مسعود شجرة أو شيء بين ذبابين"(6). وعن معمر، عن قتادة قال: كان نقش خاتم أنس بن مالك كركي أو قال: طائر له رأسان. وكلان نقش خاتم أبي عبيدة بن الجراح: "الخمس لله".
(1) أخرجه عد الرزاق في "مصنفه"(1359)، ومن طريقه الطبراني في "الكبير"(9/ 8727) عن جابر.
(2)
أخرجه عبد الرزاق (1361).
(3)
برقم (360).
(4)
في "المصنف"(1358).
(5)
في النسختين: "ابن عد الرزاق" وهو خطأ، والصواب ما أثبته.
(6)
أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(1359).