الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم، وبه ثقتي وعليه اعتمادي.
هذه نبذة من مناقب عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز.
الحمد لله الَّذِي أسعدَ من شاءَ من خليقتِهِ، ووفقهم للقيام بطاعَتِهِ، واستعملهم فيما يرضيه؛ مع صغرِ سنِّ أحدِهم وحداثتِه؛ ليتبينَ بذلك أن السعادةَ بيدِهِ، والتوفيقَ بإرداتِهِ.
أحمدُهُ عَلَى سوابِغ نعمهِ، وأسأله التوفيق لشكرِهِ، والإمدادَ بمعونته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ وحبيبه وخليله، وأمينه عَلَى وحيه، وخيرتُهُ من بَريَّتِهِ، صلى الله عليه وعلى آلِهِ وصحابته والتابعين لمنهاجِهِ وسُنَّتِهِ، أما بعد.
فإنّ في سماع أخبار الأخيار {مقوّيًا} (1) للعزائِم {ومعينًا} (1) عَلَى اتباع تلك الآثار، وقال بعض العارفين: الحكايات جُندٌ من جنودِ الله، تقوى بها قلوبُ المريد. ثم تلا قوله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم:{وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} (2).
وقد رأيتُ أن أجمَع في هذا الجزء أخبار عبد الملك ابن أمير المؤمنين أبي حفص عمرَ بن عبد العزيز القرشي الأموي رضي الله عنهما لسبب اقتضى ذلك. لقد كان رحمه الله مع حداثةِ سنِّهِ مجتهدًا في العبادَةِ، ومع قدرته عَلَى الدُّنْيَا وتمكنه منها راغبًا مؤثرًا للزهادة، فعسى اللهُ أن يجعلَ في سماع أخباره لأحدٍ من أبناء جنسه أسوةً لعل أحدًا كريمًا من أبناءِ الدُّنْيَا، تأخذُهُ بذلك حميةٌ عَلَى نفسهِ ونخوة، مع أنَّه لن يخلو سماعُ أخبارِ الصالحين
(1) في "الأصل": مقوي، ومعين. والمثبت هو الصواب.
(2)
هود: 120.
من تحصيل رقةٍ للقلوب وإزالة للقسوة.
وأيضًا ففي ذكر مثل أخبارِ هذا السيدِ الجليلِ مع سنهِ توبيحٌ لمن جاوَزَ سنَّهُ وهو بطال، ولمن كانَ بعيدًا عن اسباب الدُّنْيَا وهو إليها ميال، والله -تعالى- المسئولُ أن يوفقنا وسائرَ إخواننا المؤمنن لما وفق له عبادَهُ الصالحين، وأن يعيننا عَلَى ما أعانهم عليه بمنّه وكرمِهِ آمين.
وقد قسَّمتُهُ أحَدَ عشرَ بابًا:
الباب الأول: في ذكر عبادتِهِ واجتهاده وتهجده وبكائه، وإخفائه لذلك.
الباب الثاني: في ذكر علمِهِ وفقهِه وفهمه.
الباب الثالث: في ذكر زهدِهِ في الدُّنْيَا وقناعتِه منها باليسير، وبُعْدِهِ عن الإسراف.
الباب الرابع: في ذكرِ حلمِهِ وكظمِهِ الغيْظَ.
الباب الخامس: في ذكرِ كلامِهِ في قصَرِ الأمَل والمبادَرَةِ قبل هجوم الموْتِ بالعمَل.
الباب السادس: في ذكرِ صلابتِهِ في الدينِ، وقوتِه في تنفيذِ الحق، واجتهادِهِ عَلَى الأمر بالمعروفِ والنهي عن المنكرِ، ومواعظِهِ لأبيه.
الباب السابع: في ذكرِ هوان نفسِهِ عليه في ذاتِ الله، ورضاه بكل ما ينالُه من الأذى في تنفيذِ أوامرِ الله.
الباب الثامن: في شدَّةِ حَذَرِه من الظلمِ وتنزُّهِهِ من ذلك.
الباب التاسع: في ذكرِ مرضِهِ ووفاتِهِ.
الباب العاشر: في ذكر سنّه ومقدارِ {عمرِهِ} (1).
الباب الحادي عشر: في ثناءِ العُلَمَاء عليه من أهلِ زمانِهِ ومدحهمْ لَهُ.
…
(1) في "الأصل": علمه. والمثبت هو الصواب حيث ذكرها في أصل الباب العاشر: "عمره" ولم يتحدث عن علمه فيه.