الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِذَا صبر اقتناه فلم يذر له مالاً ولا ولدًا (1) انتهى.
ومن هذا المعنى الأثر الإسرائيلي: "يا ابن آدم خلقتُ كل شيء لك وخلقُتكَ لنفسي، فلا تشتغل بما خلقتُهُ لك عما خلقتُكَ له".
وقد قيل: إن إبراهيم الخليل عليه السلام إِنَّمَا أُمر بذبح ولده لتعلق قلبه به، فلما فرَّغه منه، وقدَّم محبة الله علي محبة ولده، وأسلما وتلّه للجبين، حصل الفداء بحصول المقصود منه، وهو تفريغ القلب، فلم يبق لإراقة الدم معنًى.
وكذلك الخليل الأكبر لما اشتدت محبته لعائشة وقع تنغيصها عليه بما جرى من حديث الإفك.
كان بعض العارفين له زوجة هي ابنة عمه وكان يحبها حبًّا شديدًا، فَقَالَ لنفسه يومًا: كيف ألقى الله بهذا الحال؟ فسأل الله فمرضت ثلاثة أيام ثم ماتت فخرج من فوره إِلَى مكة.
مرَّ بعض الفقراء بامرأة فأعجبته فتزوجها، فلما دخل بها البيت نزعوا خلقَانَهُ، وألبسوه ثيابًا جددًا، فلما جن عليه الليل، طلب قلبه فلم يجده فصاح: خلقَاني خلقَاني. فأخذ ورجع.
[شعر]
نقِّل فؤادك حيث شئت من الهوى
…
ما الحب إلا للحبيب الأولِ
كم منزل (للمرء)(*) يألفه الفتى
…
وحنينه أبدًا لأول منزلِ
(1) ذكر الديلمي في "مسند الفردوس"(1/ 250)، والعجلوني في "كشف الخفا"(1/ 80) وعزاه للطبراني.
(*) كتب بالحاشية: "في القلب" خ. أي في نسخة أخرى "في القلب" بدلاً من "للمرء".
دخلوا عَلَى أبي سليمان الداراني بيته فَقَالَ بعضهم ما أحوجه إِلَى زوجة تؤنسه. فَقَالَ: لا آنسني الله إلا به أبدًا.
كان إبراهيم بن أدهم قد خرج من أهله وولده وحشمه وأقام في بلاد الغربة، فحج مرة فرأى ولده وحشمه في الطواف، فجعل يسارقهم النظر ويبكي، فأخبر ولدُهُ به، فجاء إِلَيْهِ فاعتنقه وبكى، ثم صرفه وودعه.
وأنشد بعضهم:
هجرت الخلق طُرَّأ في هواكا
…
وأيتمت العيال لكي أراكا
ولو قطعتني في الحب إِرَبًا لما
…
حن الفؤاد إِلَى سواكا
قوله: "ذو حظ من الصلاة" يشير إِلَى أن المؤمن الخفي التقي لابد أن يكون له نصيب من التنفل بالصلاة فيكون هو لذته وقوته وغذاؤه كما قال صلى الله عليه وسلم: "جعلت قرة عيني في الصلاة" خرّجه النسائي (1).
وفي "سنن أبي داود"(2) عنه صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "يا بلال، أقم الصلاة وأرحنا بها".
وفي "المسند"(3) عن ابن عباس قال: "قال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم: يا محمد، إن الله قد حبب إليك الصلاة فخذ منها ما شئت".
وفي "مسند البزار (4) والطبراني" عن أنس "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا
(1) في "السنن الكبرى"(8888)، وفي "المجتبى"(7/ 61) من حديث لأنس.
(2)
برقم (4985) من حديث رجل من خزاعة.
(3)
(1/ 245، 255)، وقال الهيثمي في المجمع (2/ 270): رواه أحمد والطبراني في "الكبير"، وفيه علي بن يزيد، وفيه كلام، وبقية رجاله رجال الصحيح.
(4)
ذكره الهيثمي في المجمع (2/ 251) عن أنس وقال: رواه البزار، وفيه يحيى بن عثمان القرشي البصرى ولم أعرفه، روى عن أنس وبقية رجاله رجال الصحيح، ثم قال: قلت: ذكر ابن حبان في "الثقات" يحيى بن عثمان القرشي، ولكنه جمره في الطبقة الثالثة.
وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير"(1/ 180) معلقًا وأبو نعيم في "الحلية"(1/ 343) والخطيب في "تاريخه"(4/ 360) من طريق محمد بن كان الواسطي عن ثابت عن أنس.