المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌اليتيم والمسكين وعناية الإسلام بهما - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة - ابن باز - جـ ١٤

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌وجوب الاهتمام بالزكاة كباقي أركان الإسلام

- ‌الزكاة هي الركن الخامس من أركانالإسلام، وإخراج زكاة الفطر نقدا لا يجوز

- ‌النصاب من شروط وجوب الزكاة

- ‌إذا بلغ الباقي بعد النفقة نصابا ففيه زكاة

- ‌كلما حال الحول على المال ففيه زكاة

- ‌كيفية ضبط الحول

- ‌حكم زكاة أموال الصدقة

- ‌حكم زكاة أموال الصناديق الخيرية

- ‌المال المجموع من عدةأفراد للتعاون على الخير لا يزكى

- ‌المال غير الموثوق بحصوله ليس فيه زكاة

- ‌حكم الزكاة في المبالغالمرصودة تعويضا عن نزع ملكيات العقار

- ‌حكم زكاة المال الموصى به

- ‌حكم زكاة الدين الذي لم يوف

- ‌حكم الزكاة فيالدين المؤجل على أقساط

- ‌أقوال العلماء حولكون الدين مانعا من الزكاة

- ‌الديون لا تمنع الزكاةولو كانت أكثر من المال الموجود

- ‌المقرض يزكي القرض إذا كان عند مليءوالمقترض يزكيه أيضا إذا حال عليه الحول وهو بيده

- ‌ هل في القرض زكاة

- ‌باب زكاة بهيمة الأنعام

- ‌حكم ضم بعضالمواشي إلى بعض لتكمل نصابا

- ‌أحكام خلطة المواشي

- ‌تجب الزكاة فيما أعد للتجارةمن بهيمة الأنعام ولو كانت معلوفة

- ‌حكم ضرب الوالي قيمة محددةلعين ما يجب إخراجه من بهيمة الأنعام

- ‌الزكاة تجب في الحبوب

- ‌حكم الزكاة في التين والزيتون

- ‌حكم الزكاة في البصل

- ‌ما يشترط لوجوبالزكاة في محصول المزرعة

- ‌ما يسقى بالأمطار والأنهار فيه العشروما يسقى بالمكائن فيه نصف العشر

- ‌ما اشتري من الحبوبقوتا لا تجب فيه الزكاة

- ‌العمدة في معرفة الأنصبة صاع النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌باب زكاة النقدين

- ‌إذا بلغ النقدانالنصاب ففيهما ربع العشر

- ‌مسألة الزكاة في حليالذهب والفضة من مسائل الخلاف

- ‌المسائل الخلافيةالمعمول فيها على الدليل

- ‌وجوب الزكاة في الحليالملبوس أو المعد للبس أو العارية

- ‌ وجوب الزكاةفي حلي الذهب والفضة

- ‌يجب إخراج زكاةالحلي منذ العلم بوجوبها

- ‌ وجوب الزكاة في حلي النساء

- ‌حكم زكاة الحليفي حق من علم بوجوبها ولم يزكها

- ‌يجب تكميل زكاة الحليإذا كان المخرج أقل من الواجب

- ‌ زكاة العملة الفضية التي لم تزك منذ (20) سنة

- ‌ إخراج زكاة الحلي

- ‌زكاة الحلي على مالكها

- ‌حكم زكاة الذهب بعد بيعه

- ‌كيفية زكاة الذهبالمرصع بفصوص وأحجار كريمة

- ‌حكم زكاة المعادن الثمينة

- ‌نصاب العملة الورقية

- ‌لا تسقط الزكاة في المال المدخر للزواج

- ‌زكاة المرتبات

- ‌الزكاة تكون فيما دارعليه الحول وهو بحوزة الإنسان

- ‌كيفية ضبط الموظف ومن له دخل للحول

- ‌ تعجيل الزكاة قبل تمام الحول

- ‌حكم زكاة ما يستلمهالطلاب من المكافأة الشهرية

- ‌الربح تبع الأصلوحوله حول أصله إلا إذا كان ربا

- ‌حول الدين

- ‌ما بلغ نصابا وحال عليه الحول ففيه زكاة

- ‌المال الموضوع في البنكالإسلامي حكمه حكم غيره من الأموال

- ‌حكم التعامل مع البنوك بالربا وزكاتها

- ‌حكم زكاة النقود العربيةوالأجنبية المجموعة على سبيل الهواية

- ‌حكم زكاة أقلام الذهب

- ‌باب زكاة عروض التجارة

- ‌الأرض المعدة للبيع تجب فيها الزكاة

- ‌قول المالكية في زكاةعروض التجارة قول ضعيف

- ‌حكم زكاة الأرضالتي تركت لوقت الحاجة

- ‌لا زكاة في الأراضي التي اشتريتللبناء عليها من أجل السكن أو الإيجار

- ‌حكم زكاة الأرض التي يترددصاحبها في بيعها ولم يجزم بشيء

- ‌كيفية زكاةالأراضي المعدة للبيع والتأجير

- ‌حكم الزكاة في الأراضي الزراعية

- ‌الأراضي التي يمتلكها الناسلا تخلو من حالين بالنسبة لوجوب الزكاة

- ‌المساكن المعدة للسكنى لا زكاة فيها

- ‌ الزكاة في غلة ما أعد للإيجارمن دور وعمائر ومحلات إذا حال عليها الحول

- ‌إذا أنفقت غلة الاستثمارقبل أن يحول عليها الحول فلا زكاة فيها

- ‌حكم الزكاة على السيارات المعدة للنقل

- ‌حكم زكاةالحفارات الارتوازية والحراثة

- ‌الأدوات التي تستعمل في المحل لا تزكى

- ‌كيفية زكاة البضائع كالأقمشة ونحوها

- ‌كيفية زكاة مشاريع الإنتاج الحيواني

- ‌كيفية زكاة التاجر الذي عنده بضاعةفي المخزن وله وعليه ديون وعنده نقد في البنك

- ‌زكاة مساهمة الأراضي

- ‌زكاة الأسهم في الشركات

- ‌زكاة أسهم شركة الكهرباء

- ‌باب زكاة الفطر

- ‌حكم إخراج زكاة الفطر عن الأخت

- ‌زكاة الفطر صاع من قوت البلد

- ‌إخراج صدقة الفطر منالطعام اليابس بالكيل أحوط من الوزن

- ‌حكم إخراج زكاة الفطرمن غير الأصناف المنصوص عليها

- ‌حكم دفع زكاة الفطر نقودا

- ‌المشروع توزيعزكاة الفطر بين فقراء البلد

- ‌شرع الله زكاة الفطرمواساة للفقراء والمحاويج

- ‌وقت إخراج زكاة الفطر

- ‌حكم من نسي إخراجزكاة الفطر قبل صلاة العيد

- ‌باب إخراج الزكاة

- ‌حكم تأخير إخراج الزكاة

- ‌حكم تأخير زكاة العروضفي حق من لم يملك النقود

- ‌حكم تارك الزكاةجحودا أو بخلا أو تهاونا

- ‌نصح وتذكير لمن لميخرج الزكاة على الوجه المشروع

- ‌من ترك إخراج الزكاة لزمهإخراجها عما مضى من السنين

- ‌الجهل بفرضية الزكاة لا يسقطها

- ‌ زكاة أموال اليتامى

- ‌إخراج الزكاة من مال الطفلة

- ‌حكم إخراج الزوج زكاة زوجته من ماله

- ‌حكم نقل الزكاة من بلد إلى بلد

- ‌حكم شراء مواد غذائيةوعينية من الزكاة وصرفها في مصارفها

- ‌لا بأس في قبول الزكاة وصرفهالمعوقي الفقراء ممن ليس لهم من ينفق عليهم

- ‌حكم أخذ العروض في الزكاة

- ‌إخراج زكاة العروض منهايجزئ وبالنقود أحسن وأحوط

- ‌حكم إخراج الزكاةعروضا عن العروض وعن النقود

- ‌دفع الزكاة للجمعيات الخيرية

- ‌يجب على الوكيلفي توزيع الزكاة تنفيذ ما قاله موكله

- ‌حكم إعطاء الوكيل أجرة على توزيع الزكاة

- ‌حكم الدعاء عند تفريق الصدقة

- ‌حكم اعتبار ما يدفعلمصلحة الزكاة والدخل من الزكاة

- ‌الفرق بين المسكين والفقير

- ‌حكم أخذ الزكاة لمن له دخل

- ‌الفقير يعطى كفايته لسنة كاملةوإذا أعطي من ليس بفقير جهلا فلا يلزم القضاء

- ‌حكم دفع الزكاة للفقيرالذي له من ينفق عليه كفايته

- ‌تجوز الزكاة للزوجة الفقيرةتحت الغني الذي لا ينفق عليها

- ‌الديون التي لم يحصل عليها صاحبهالا تمنع من دفع الزكاة إليه إذا كان فقيرا

- ‌حكم دفع الزكاة إلى الفقيرالمسلم إذا كان لديه بعض المعاصي

- ‌حكم دفع الزكاة للعاجز عن الزواج

- ‌حكم تسديد ديون المعسرين من الزكاة

- ‌حكم إسقاط الدين عمنلم يستطع الوفاء واحتسابه من الزكاة

- ‌حكم دفع الزكاةلمنكوبي المجاعة في الصومال

- ‌مسلمو البوسنةوالهرسك من أحق الناس بالزكاة

- ‌نداء إلى الأمة الإسلامية حكومات وشعوبا

- ‌حكم صرف الزكاة لبناء المساجد

- ‌الدورات العلمية ليست مصرفا للزكاة

- ‌طباعة القرآن ليست من مصارف الزكاة

- ‌ابن السبيل من مستحقي الزكاة

- ‌حكم دفع الزكاة للأخوالأخت والعم والعمة وسائر الأقارب

- ‌حكم دفع الزكاة للأم

- ‌حكم دفع الزكاة للجدات

- ‌الزكاة تدفع للأقارب الفقراءالذين ليسوا من الأصول ولا من الفروع

- ‌حكم دفع الزكاة للإخوة الذين تجب النفقةعليهم وحكم قضاء دين الوالد أو الولد من الزكاة

- ‌حكم دفع الزكاة لآل البيت

- ‌لا حرج على آل البيت في أخذ صدقة التطوع

- ‌حكم أخذ آل البيتمما يسمى بالضمان الاجتماعي

- ‌حكم صرف الزكاة لأسرة واحدة

- ‌حكم إعطاء المدينالزكاة كلها لقضاء دينه

- ‌الزكاة لا تعطى لكافرإلا أن يكون من المؤلفة قلوبهم

- ‌عادة المناخ تبرع سنوي من الدولة

- ‌حكم التسول

- ‌باب صدقة التطوع

- ‌اليتيم والمسكين وعناية الإسلام بهما

- ‌يجب على الوكيل صرف ماقبض من المتبرعين فيما فوض فيه

- ‌المشروع للمسلم الإكثار من الصدقة ولو بالقليل

الفصل: ‌اليتيم والمسكين وعناية الإسلام بهما

عشرون مثقالا، ومقداره من الجنيهات السعودية: أحد عشر جنيها وثلاثة أسباع الجنيه، وبالغرام اثنان وتسعون غراما.

والواجب فيهما ربع العشر على من ملك نصابا منهما أو من أحدهما وحال عليه الحول.

والربح تابع للأصل، فلا يحتاج إلى حول جديد، كما أن نتاج السائمة تابع لأصله فلا يحتاج إلى حول جديد إذا كان أصله نصابا.

وفي حكم الذهب والفضة الأوراق النقدية التي يتعامل بها الناس اليوم، سواء سميت: درهما أو دينارا أو دولارا، أو غير ذلك من الأسماء، إذا بلغت قيمتها نصاب الفضة أو الذهب وحال عليها الحول وجبت فيها الزكاة.

ويلتحق بالنقود حلي النساء من الذهب أو الفضة، خاصة إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول فإن فيها الزكاة، وإن كانت معدة للاستعمال أو العارية في أصح قولي العلماء؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم:«ما من صاحب ذهب أو فضة لا يؤدي زكاتها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار (1) » إلى آخر الحديث المتقدم.

ولما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى بيد امرأة سوارين من ذهب، فقال: «أتعطين زكاة هذا؟ قالت: لا قال: أيسرك

(1) رواه مسلم في (الزكاة) باب إثم مانع الزكاة برقم (987) .

ص: 333

‌اليتيم والمسكين وعناية الإسلام بهما

(1)

الحمد لله ولي الصالحين، ولا عدوان إلا على الظالمين.

لا ريب أن اليتيم والمسكين من أحق الناس بالرعاية والعناية، وقد أكثر الرب عز وجل في كتابه العظيم من الحث على الإحسان إليهما ورحمتهما ومواساتهما؛ فجدير بالمؤمن والمؤمنة الإحسان إلى من لديه شيء منهما من أيتام المسلمين وفقرائهم؛ فإن الصدقة في هؤلاء في محلها من الزكاة وغيرها.

وقد جاء في الحديث الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين، وشبك بين أصبعيه (2) » . فهذا يدل على عظم أجر كفالة اليتيم والإحسان إليه، كذلك قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح:«الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، أو قال: كالصائم لا يفطر، والقائم لا يفتر (3) » . فهذا فضل عظيم، والله

(1) من ضمن مذكرة خاصة لسماحته جمع فيها فوائد من مختلف العلوم.

(2)

رواه مسلم في (الزهد والرقائق) باب الإحسان إلى الأرملة والمسكين واليتيم برقم (2983) ، والترمذي في (البر والصلة) باب ما جاء في رحمة اليتيم برقم (1918) .

(3)

رواه البخاري في (الأدب) باب الساعي على المسكين برقم (6007) ، ومسلم في (الزهد والرقائق) باب الإحسان إلى الأرملة والمسكين واليتيم برقم (2982) .

ص: 328

جل وعلا يقول: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا} (1) ويقول عز وجل: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ} (2) ويقول سبحانه وتعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ} (3){وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ} (4) إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة. واليتيم هو الذي فقد أباه وهو صغير لم يبلغ الحلم، فإذا بلغ الحلم زال عنه وصف اليتيم، وقد يفقد أبويه جميعا فيكون أشد في حاجته وأعظم في ضرورته، وهذا كله إذا فقدهما ولم يخلفا ما يكفيه، أما إذا خلفا له مالا يقوم بحاله، فإنه حينئذ لا يكون محلا للصدقة، وإنما يكون محلا للرعاية والعناية بماله والإحسان إليه حتى ينمو هذا المال ويحفظ، وهو كذلك يكون محل العناية من حيث التربية والتوجيه والتعليم والصيانة عما لا ينبغي، فاليتيم في حاجة من جهة تربيته التربية الإسلامية وتوجيهه وإرشاده، وإذا كان لا مال له كان محتاجا أيضا إلى المال، وقد قال الله سبحانه وتعالى:{وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} (5)

(1) سورة الإسراء الآية 26

(2)

سورة النساء الآية 36

(3)

سورة الضحى الآية 9

(4)

سورة الضحى الآية 10

(5)

سورة الأنعام الآية 152

ص: 329

فلا يقرب مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن، وذلك بالتصرف فيه بالتجارة والتنمية وبالنصح وأداء الأمانة حتى يبلغ اليتيم أشده، أي حتى يبلغ الحلم، ويزول عنه السفه ويكون رشيدا، فإذا رشد دفع إليه ماله وأشهد عليه، ولا يجوز قرب ماله للطمع فيه والإساءة إليه، بل هذا من أعظم أسباب العقوبات وكبائر الذنوب، كما قال الله عز وجل:{إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} (1) فأخذ مال اليتيم بغير حق من كبائر الذنوب.

وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اجتنبوا السبع الموبقات " قلنا ما هن يا رسول الله؟ قال: " الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات (2) » ، فجعل أكل مال اليتيم من هذه السبع الموبقات أي المهلكات، فعلى من كان عنده يتيم أو يتيمة أن يتقي الله فيهما ويحسن إليهما، ويصون مالهما عما لا ينبغي ويجتهد في تنميته، فقد روي عن

(1) سورة النساء الآية 10

(2)

رواه البخاري في (الحدود) باب رمي المحصنات برقم (6857) ، ومسلم في (الإيمان) باب بيان الكبائر وأكبرها برقم (89) .

ص: 330

النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالاتجار في مال اليتيم لئلا تأكله الصدقة، ولكن الرواية ضعيفة، والمحفوظ أنه من كلام عمر رضي الله عنه وأنه كان يوصي بذلك رضي الله عنه وأرضاه - مخافة أن تأكلها الصدقة.

المقصود أن الأيتام والمساكين لهما حق على المسلمين، فجدير بالمسلمين ألا يغفلوا عنهما وأن يعنوا بهما، واليتيم قد يكون له ولي يحسن في ماله ويجمع له المال ويلطف به، ولكن أولئك الفقراء الكثيرين الذين ليس لهم من يتولاهم ويحسن إليهم جديرون أيضا بأن يراعوا ويحسن إليهم من الزكاة وغيرها، وأن يعطف عليهم من إخوانهم المسلمين، فرحمة المسكين والعطف عليه من أعظم القربات، والله تعالى يقول في كتابه الكريم عن أهل البر:{وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} (1) فجعل هؤلاء من أهل التقوى وأهل الصدق بسبب إحسانهم، وعنايتهم بهؤلاء الضعفاء، مع إيمانهم بالله واليوم الآخر

(1) سورة البقرة الآية 177

ص: 331

والملائكة والكتاب والنبيين، وقيامهم بالأعمال المذكورة في هذه الآية، ثم الإحسان إليهم يزيد صاحبه خيرا وفضلا، والله سبحانه وتعالى يخلف عليه مع الأجر العظيم كما قال سبحانه وتعالى:{وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} (1) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل أنه قال سبحانه: «أنفق يا ابن آدم أنفق عليك (2) » ، وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:«ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفا (3) » .

والإنفاق على المساكين ورحمتهم واللطف بهم والمواساة من أقرب القربات وأفضل الطاعات، والمحسن موعود بأجر عظيم مع الخلف لما أنفق، قال سبحانه وتعالى:{وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا} (4)

ثم هذه الصدقة يتقبلها الرب بيمينه حتى

(1) سورة سبأ الآية 39

(2)

رواه البخاري في (النفقات) باب فضل النفقة على الأهل برقم (5352) ، ومسلم في (الزكاة) باب الحث على النفقة برقم (993) .

(3)

رواه البخاري في (الزكاة) باب قول الله: (فأما من أعطى واتقى) برقم (1442) ، ومسلم في (الزكاة) باب في المنفق والممسك برقم (1010) .

(4)

سورة المزمل الآية 20

ص: 332

التمرة الواحدة يتقبلها الله سبحانه من صاحبها بيمينه ويربيها كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله حتى تكون مثل الجبل إذا كانت من كسب طيب ولا يقبل الله إلا الطيب سبحانه وتعالى، وفي قوله تعالى:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ} (1) ما يوجه أولياء اليتامى إلا ما هو الأصلح، وأن المقصود هو الإصلاح لهم وعمل ما فيه الخير لهم، وولي اليتيم مفوض في هذا الأمر من جهة الله عز وجل فيعمل ما هو الأصلح، كما يعمل لنفسه ويجتهد لنفسه إلى ما هو أصلح فيجتهد لليتيم كذلك أو أعظم من ذلك، حتى يكون بريء الذمة قد أدى الأمانة، وأحسن إلى هذا الفقير. وفي الحديث الصحيح:«من لا يرحم لا يرحم (2) » وفي حديث آخر: «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء (3) » .

ونسأل الله عز وجل أن يوفقنا وجميع المسلمين للهداية والسداد، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

(1) سورة البقرة الآية 220

(2)

رواه البخاري في (الأدب) باب رحمة الولد برقم (5997) ، ومسلم في (الفضائل) باب رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان والعيال برقم (2318) .

(3)

رواه الترمذي في (البر والصلة) باب ما جاء في رحمة الناس برقم (1924) ، وأبو داود في (الأدب) باب في الرحمة برقم (4941) .

ص: 333