المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌نصح وتذكير لمن لميخرج الزكاة على الوجه المشروع - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة - ابن باز - جـ ١٤

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌وجوب الاهتمام بالزكاة كباقي أركان الإسلام

- ‌الزكاة هي الركن الخامس من أركانالإسلام، وإخراج زكاة الفطر نقدا لا يجوز

- ‌النصاب من شروط وجوب الزكاة

- ‌إذا بلغ الباقي بعد النفقة نصابا ففيه زكاة

- ‌كلما حال الحول على المال ففيه زكاة

- ‌كيفية ضبط الحول

- ‌حكم زكاة أموال الصدقة

- ‌حكم زكاة أموال الصناديق الخيرية

- ‌المال المجموع من عدةأفراد للتعاون على الخير لا يزكى

- ‌المال غير الموثوق بحصوله ليس فيه زكاة

- ‌حكم الزكاة في المبالغالمرصودة تعويضا عن نزع ملكيات العقار

- ‌حكم زكاة المال الموصى به

- ‌حكم زكاة الدين الذي لم يوف

- ‌حكم الزكاة فيالدين المؤجل على أقساط

- ‌أقوال العلماء حولكون الدين مانعا من الزكاة

- ‌الديون لا تمنع الزكاةولو كانت أكثر من المال الموجود

- ‌المقرض يزكي القرض إذا كان عند مليءوالمقترض يزكيه أيضا إذا حال عليه الحول وهو بيده

- ‌ هل في القرض زكاة

- ‌باب زكاة بهيمة الأنعام

- ‌حكم ضم بعضالمواشي إلى بعض لتكمل نصابا

- ‌أحكام خلطة المواشي

- ‌تجب الزكاة فيما أعد للتجارةمن بهيمة الأنعام ولو كانت معلوفة

- ‌حكم ضرب الوالي قيمة محددةلعين ما يجب إخراجه من بهيمة الأنعام

- ‌الزكاة تجب في الحبوب

- ‌حكم الزكاة في التين والزيتون

- ‌حكم الزكاة في البصل

- ‌ما يشترط لوجوبالزكاة في محصول المزرعة

- ‌ما يسقى بالأمطار والأنهار فيه العشروما يسقى بالمكائن فيه نصف العشر

- ‌ما اشتري من الحبوبقوتا لا تجب فيه الزكاة

- ‌العمدة في معرفة الأنصبة صاع النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌باب زكاة النقدين

- ‌إذا بلغ النقدانالنصاب ففيهما ربع العشر

- ‌مسألة الزكاة في حليالذهب والفضة من مسائل الخلاف

- ‌المسائل الخلافيةالمعمول فيها على الدليل

- ‌وجوب الزكاة في الحليالملبوس أو المعد للبس أو العارية

- ‌ وجوب الزكاةفي حلي الذهب والفضة

- ‌يجب إخراج زكاةالحلي منذ العلم بوجوبها

- ‌ وجوب الزكاة في حلي النساء

- ‌حكم زكاة الحليفي حق من علم بوجوبها ولم يزكها

- ‌يجب تكميل زكاة الحليإذا كان المخرج أقل من الواجب

- ‌ زكاة العملة الفضية التي لم تزك منذ (20) سنة

- ‌ إخراج زكاة الحلي

- ‌زكاة الحلي على مالكها

- ‌حكم زكاة الذهب بعد بيعه

- ‌كيفية زكاة الذهبالمرصع بفصوص وأحجار كريمة

- ‌حكم زكاة المعادن الثمينة

- ‌نصاب العملة الورقية

- ‌لا تسقط الزكاة في المال المدخر للزواج

- ‌زكاة المرتبات

- ‌الزكاة تكون فيما دارعليه الحول وهو بحوزة الإنسان

- ‌كيفية ضبط الموظف ومن له دخل للحول

- ‌ تعجيل الزكاة قبل تمام الحول

- ‌حكم زكاة ما يستلمهالطلاب من المكافأة الشهرية

- ‌الربح تبع الأصلوحوله حول أصله إلا إذا كان ربا

- ‌حول الدين

- ‌ما بلغ نصابا وحال عليه الحول ففيه زكاة

- ‌المال الموضوع في البنكالإسلامي حكمه حكم غيره من الأموال

- ‌حكم التعامل مع البنوك بالربا وزكاتها

- ‌حكم زكاة النقود العربيةوالأجنبية المجموعة على سبيل الهواية

- ‌حكم زكاة أقلام الذهب

- ‌باب زكاة عروض التجارة

- ‌الأرض المعدة للبيع تجب فيها الزكاة

- ‌قول المالكية في زكاةعروض التجارة قول ضعيف

- ‌حكم زكاة الأرضالتي تركت لوقت الحاجة

- ‌لا زكاة في الأراضي التي اشتريتللبناء عليها من أجل السكن أو الإيجار

- ‌حكم زكاة الأرض التي يترددصاحبها في بيعها ولم يجزم بشيء

- ‌كيفية زكاةالأراضي المعدة للبيع والتأجير

- ‌حكم الزكاة في الأراضي الزراعية

- ‌الأراضي التي يمتلكها الناسلا تخلو من حالين بالنسبة لوجوب الزكاة

- ‌المساكن المعدة للسكنى لا زكاة فيها

- ‌ الزكاة في غلة ما أعد للإيجارمن دور وعمائر ومحلات إذا حال عليها الحول

- ‌إذا أنفقت غلة الاستثمارقبل أن يحول عليها الحول فلا زكاة فيها

- ‌حكم الزكاة على السيارات المعدة للنقل

- ‌حكم زكاةالحفارات الارتوازية والحراثة

- ‌الأدوات التي تستعمل في المحل لا تزكى

- ‌كيفية زكاة البضائع كالأقمشة ونحوها

- ‌كيفية زكاة مشاريع الإنتاج الحيواني

- ‌كيفية زكاة التاجر الذي عنده بضاعةفي المخزن وله وعليه ديون وعنده نقد في البنك

- ‌زكاة مساهمة الأراضي

- ‌زكاة الأسهم في الشركات

- ‌زكاة أسهم شركة الكهرباء

- ‌باب زكاة الفطر

- ‌حكم إخراج زكاة الفطر عن الأخت

- ‌زكاة الفطر صاع من قوت البلد

- ‌إخراج صدقة الفطر منالطعام اليابس بالكيل أحوط من الوزن

- ‌حكم إخراج زكاة الفطرمن غير الأصناف المنصوص عليها

- ‌حكم دفع زكاة الفطر نقودا

- ‌المشروع توزيعزكاة الفطر بين فقراء البلد

- ‌شرع الله زكاة الفطرمواساة للفقراء والمحاويج

- ‌وقت إخراج زكاة الفطر

- ‌حكم من نسي إخراجزكاة الفطر قبل صلاة العيد

- ‌باب إخراج الزكاة

- ‌حكم تأخير إخراج الزكاة

- ‌حكم تأخير زكاة العروضفي حق من لم يملك النقود

- ‌حكم تارك الزكاةجحودا أو بخلا أو تهاونا

- ‌نصح وتذكير لمن لميخرج الزكاة على الوجه المشروع

- ‌من ترك إخراج الزكاة لزمهإخراجها عما مضى من السنين

- ‌الجهل بفرضية الزكاة لا يسقطها

- ‌ زكاة أموال اليتامى

- ‌إخراج الزكاة من مال الطفلة

- ‌حكم إخراج الزوج زكاة زوجته من ماله

- ‌حكم نقل الزكاة من بلد إلى بلد

- ‌حكم شراء مواد غذائيةوعينية من الزكاة وصرفها في مصارفها

- ‌لا بأس في قبول الزكاة وصرفهالمعوقي الفقراء ممن ليس لهم من ينفق عليهم

- ‌حكم أخذ العروض في الزكاة

- ‌إخراج زكاة العروض منهايجزئ وبالنقود أحسن وأحوط

- ‌حكم إخراج الزكاةعروضا عن العروض وعن النقود

- ‌دفع الزكاة للجمعيات الخيرية

- ‌يجب على الوكيلفي توزيع الزكاة تنفيذ ما قاله موكله

- ‌حكم إعطاء الوكيل أجرة على توزيع الزكاة

- ‌حكم الدعاء عند تفريق الصدقة

- ‌حكم اعتبار ما يدفعلمصلحة الزكاة والدخل من الزكاة

- ‌الفرق بين المسكين والفقير

- ‌حكم أخذ الزكاة لمن له دخل

- ‌الفقير يعطى كفايته لسنة كاملةوإذا أعطي من ليس بفقير جهلا فلا يلزم القضاء

- ‌حكم دفع الزكاة للفقيرالذي له من ينفق عليه كفايته

- ‌تجوز الزكاة للزوجة الفقيرةتحت الغني الذي لا ينفق عليها

- ‌الديون التي لم يحصل عليها صاحبهالا تمنع من دفع الزكاة إليه إذا كان فقيرا

- ‌حكم دفع الزكاة إلى الفقيرالمسلم إذا كان لديه بعض المعاصي

- ‌حكم دفع الزكاة للعاجز عن الزواج

- ‌حكم تسديد ديون المعسرين من الزكاة

- ‌حكم إسقاط الدين عمنلم يستطع الوفاء واحتسابه من الزكاة

- ‌حكم دفع الزكاةلمنكوبي المجاعة في الصومال

- ‌مسلمو البوسنةوالهرسك من أحق الناس بالزكاة

- ‌نداء إلى الأمة الإسلامية حكومات وشعوبا

- ‌حكم صرف الزكاة لبناء المساجد

- ‌الدورات العلمية ليست مصرفا للزكاة

- ‌طباعة القرآن ليست من مصارف الزكاة

- ‌ابن السبيل من مستحقي الزكاة

- ‌حكم دفع الزكاة للأخوالأخت والعم والعمة وسائر الأقارب

- ‌حكم دفع الزكاة للأم

- ‌حكم دفع الزكاة للجدات

- ‌الزكاة تدفع للأقارب الفقراءالذين ليسوا من الأصول ولا من الفروع

- ‌حكم دفع الزكاة للإخوة الذين تجب النفقةعليهم وحكم قضاء دين الوالد أو الولد من الزكاة

- ‌حكم دفع الزكاة لآل البيت

- ‌لا حرج على آل البيت في أخذ صدقة التطوع

- ‌حكم أخذ آل البيتمما يسمى بالضمان الاجتماعي

- ‌حكم صرف الزكاة لأسرة واحدة

- ‌حكم إعطاء المدينالزكاة كلها لقضاء دينه

- ‌الزكاة لا تعطى لكافرإلا أن يكون من المؤلفة قلوبهم

- ‌عادة المناخ تبرع سنوي من الدولة

- ‌حكم التسول

- ‌باب صدقة التطوع

- ‌اليتيم والمسكين وعناية الإسلام بهما

- ‌يجب على الوكيل صرف ماقبض من المتبرعين فيما فوض فيه

- ‌المشروع للمسلم الإكثار من الصدقة ولو بالقليل

الفصل: ‌نصح وتذكير لمن لميخرج الزكاة على الوجه المشروع

‌نصح وتذكير لمن لم

يخرج الزكاة على الوجه المشروع

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه، أما بعد: فإن الباعث لكتابة هذه الرسالة هو النصح والتذكير بفريضة الزكاة التي تساهل بها الكثير من المسلمين، فلم يخرجوها على الوجه المشروع مع عظم شأنها، وكونها أحد أركان الإسلام الخمسة التي لا يستقيم بناؤه إلا عليها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت (1) » .

(1) رواه البخاري في (الإيمان) باب بني الإسلام على خمس برقم (8) ، ومسلم في (الإيمان) باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام برقم (16) ، والترمذي في (الإيمان) باب ما جاء بني الإسلام على خمس برقم (2609) واللفظ له

ص: 229

وفرض الزكاة على المسلمين من أظهر محاسن الإسلام ورعايته لشئون معتنقيه؛ لكثرة فوائدها، ومسيس حاجة فقراء المسلمين إليها.

فمن فوائدها: تثبيت أواصر المودة بين الغني والفقير لأن النفوس مجبولة على حب من أحسن إليها.

ومنها: تطهير النفس وتزكيتها، والبعد بها عن خلق الشح والبخل، كما أشار القرآن الكريم إلى هذا المعنى في قوله تعالى:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} (1)

ومنها: تعويد المسلم صفة الجود والكرم والعطف على ذي الحاجة.

ومنها: استجلاب البركة والزيادة والخلف من الله، كما قال تعالى:{وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} (2) وقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: يقول الله عز وجل: «يا ابن آدم أنفق ننفق عليك (3) » إلى غير ذلك من الفوائد الكثيرة.

وقد جاء الوعيد الشديد في حق من بخل بها، أو قصر في إخراجها، قال الله تعالى:{وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (4){يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} (5)

(1) سورة التوبة الآية 103

(2)

سورة سبأ الآية 39

(3)

صحيح البخاري النفقات (5352) ، صحيح مسلم الزكاة (993) .

(4)

سورة التوبة الآية 34

(5)

سورة التوبة الآية 35

ص: 230

فكل مال لا تؤدى زكاته فهو كنز يعذب به صاحبه يوم القيامة، كما دل على ذلك الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار (1) »

ثم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم صاحب الإبل والبقر والغنم الذي لا يؤدي زكاتها، وأخبر أنه يعذب بها يوم القيامة.

وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثل له شجاعا أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة ثم يأخذ بلهزمتيه - يعني شدقيه - ثم يقول أنا مالك أنا كنزك، ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: (3) »

(1) رواه مسلم في (الزكاة) باب إثم مانع الزكاة برقم (987) .

(2)

رواه البخاري في (الزكاة) باب إثم مانع الزكاة برقم (1403)

(3)

سورة آل عمران الآية 180 (2){وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}

ص: 231

والزكاة تجب في أربعة أصناف: الخارج من الأرض من الحبوب والثمار، والسائمة من بهيمة الأنعام، والذهب والفضة، وعروض التجارة.

ولكل من الأصناف الأربعة نصاب محدود لا تجب الزكاة فيما دونه.

فنصاب الحبوب والثمار: خمسة أوسق، والوسق: ستون صاعا بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون مقدار النصاب بصاع النبي صلى الله عليه وسلم من التمر والزبيب والحنطة والأرز والشعير ونحوها: ثلاثمائة صاع بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أربع حفنات بيدي الرجل المعتدل الخلقة إذا كانت يداه مملوءتين.

والواجب في ذلك العشر إذا كانت النخيل والزروع تسقى بلا كلفة؛ كالأمطار، والأنهار، والعيون الجارية، ونحو ذلك.

أما إذا كانت تسقى بمئونة وكلفة؛ كالسواني، والمكائن الرافعة للماء، ونحو ذلك، فإن الواجب فيها نصف العشر، كما صح الحديث بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأما نصاب السائمة من الإبل والبقر والغنم: ففيه تفصيل مبين في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي استطاعة الراغب في معرفته سؤال أهل العلم عن ذلك، ولولا قصد الإيجاز لذكرناه لتمام الفائدة.

وأما نصاب الفضة: فمائة وأربعون مثقالا، ومقداره بالدراهم العربية السعودية: ستة وخمسون ريالا.

ونصاب الذهب:

ص: 232

أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟ فألقتهما وقالت: هما لله ولرسوله (1) » أخرجه أبو داود، والنسائي، بسند حسن.

وثبت عن أم سلمة رضي الله عنها «أنها كانت تلبس أوضاحا من ذهب فقالت: يا رسول الله أكنز هو؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ما بلغ أن يزكى فزكي فليس بكنز (2) » مع أحاديث أخرى في هذا المعنى.

أما العروض: وهي السلع المعدة للبيع، فإنها تقوم في آخر العام، ويخرج ربع عشر قيمتها، سواء كانت قيمتها مثل ثمنها أو أكثر أو أقل، لحديث سمرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم «يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي نعده للبيع (3) » رواه أبو داود.

ويدخل في ذلك: الأراضي المعدة للبيع، والعمارات، والسيارات، والمكائن الرافعة للماء، وغير ذلك من أصناف السلع المعدة للبيع.

أما العمارات المعدة للإيجار لا للبيع، فالزكاة في أجورها إذا حال عليها الحول، أما ذاتها فليس فيها زكاة؛ لكونها لم تعد للبيع.

وهكذا السيارات الخصوصية والأجرة ليس فيها زكاة إذا كانت لم تعد للبيع، إنما اشتراها صاحبها للاستعمال.

وإذا اجتمع لصاحب سيارة

(1) رواه أبو داود في (الزكاة) باب الكنز ما هو وزكاة الحلي برقم (1563) .

(2)

رواه أبو داود في (الزكاة) باب الكنز ما هو وزكاة الحلي برقم (1564) .

(3)

رواه أبو داود في (الزكاة) باب العروض إذا كانت للتجارة برقم (1562) .

ص: 234

الأجرة أو غيره نقود تبلغ النصاب فعليه زكاتها، إذا حال عليها الحول، سواء كان أعدها للنفقة، أو للتزوج، أو لشراء عقار، أو لقضاء دين، أو غير ذلك من المقاصد؛ لعموم الأدلة الشرعية الدالة على وجوب الزكاة في مثل هذا.

والصحيح من أقوال العلماء: أن الدين لا يمنع الزكاة؛ لما تقدم.

وهكذا أموال اليتامى والمجانين تجب فيها الزكاة عند جمهور العلماء إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول، ويجب على أوليائهم إخراجها بالنية عنهم عند تمام الحول؛ لعموم الأدلة، مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث معاذ لما بعثه إلى أهل اليمن:«إن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم (1) »

والزكاة حق الله لا تجوز المحاباة بها لمن لا يستحقها، ولا أن يجلب الإنسان بها لنفسه نفعا أو يدفع ضرا، ولا أن يقي بها ماله أو يدفع بها عنه مذمة، بل يجب على المسلم صرف زكاته لمستحقيها؛ لكونهم من أهلها، لا لغرض آخر، مع طيب النفس بها، والإخلاص لله في ذلك، حتى تبرأ ذمته ويستحق جزيل المثوبة والخلف.

وقد أوضح الله سبحانه في كتابه الكريم أصناف أهل الزكاة، قال

(1) رواه البخاري في (الزكاة) باب وجوب الزكاة برقم (1395) ، ومسلم في (الإيمان) باب الدعاء إلى الشهادتين برقم (19) .

ص: 235

تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (1)

وفي ختم هذه الآية الكريمة بهذين الاسمين العظيمين تنبيه من الله سبحانه لعباده على أنه سبحانه هو العليم بأحوال عباده؛ من يستحق منهم للصدقة ومن لا يستحق، وهو الحكيم في شرعه وقدره، فلا يضع الأشياء إلا في مواضعها اللائقة بها، وإن خفي على بعض الناس بعض أسرار حكمته؛ ليطمئن العباد لشرعه، ويسلموا لحكمه.

والله المسئول أن يوفقنا والمسلمين للفقه في دينه، والصدق في معاملته، والمسابقة إلى ما يرضيه، والعافية من موجبات غضبه، إنه سميع قريب.

وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد، وآله وصحبه.

الرئيس العام لإدارات البحوث

العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

(1) سورة التوبة الآية 60

ص: 236

س: ما نصيحتكم لرجل لا يؤدي الزكاة، لعل قلبه يلين فيرجع إلى الحق؟ (1) .

ج: نصيحتي لمن بخل بها أن يتقي الله وأن يتذكر أن الذي أعطاه إياها قد ابتلاه بها، الذي أعطاه المال قد ابتلاه به، فإن شكر النعمة وأدى حقها أفلح وإن بخل بالزكاة، ولم يؤد حق هذه النعمة خسر وخاب وذاق عذاب ذلك وجزاء ذلك في قبره ويوم القيامة- نسأل الله العافية- فالمال زائل وأمره خطير وعواقبه وخيمة لمن بخل ولم يؤد زكاته، وسوف يدعه لمن بعده ويكون عليه حسابه ووزره، فالواجب على كل مسلم عنده مال أن يتقي الله ويتذكر الموقف بين يدي الله، وأنه سبحانه يجازي كل عامل بعمله وأن هذا المال بلية، كما قال عز وجل:{إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} (2) وقال سبحانه: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} (3) فالمال ابتلاء وامتحان، فإن شكرت الله وأديت حقه وصرفته في وجوهه أفلحت كل الفلاح، وصار نعمة في حقك، ونعم الصاحب للمؤمن هذا المال، يصل به رحمه، ويؤدي به الحقوق التي عليه، ويساهم في

(1) من ضمن أسئلة موجهة لسماحته بعد محاضرته عن (الزكاة ومكانتها في الإسلام) في الجامع الكبير بالرياض.

(2)

سورة التغابن الآية 15

(3)

سورة الأنبياء الآية 35

ص: 237