الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم دفع زكاة الفطر نقودا
.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
وبعد: فقد سألني كثير من الإخوان عن حكم دفع زكاة الفطر نقودا.
والجواب: لا يخفى على كل مسلم له أدنى بصيرة أن أهم أركان دين الإسلام الحنيف شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. ومقتضى شهادة أن لا إله إلا الله أن لا يعبد إلا الله وحده، ومقتضى شهادة أن محمدا رسول الله أن لا يعبد الله سبحانه إلا بما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وزكاة الفطر عبادة بإجماع المسلمين، والعبادات الأصل فيها التوقيف، فلا يجوز لأحد أن يتعبد بأي عبادة إلا بما ثبت عن المشرع الحكيم عليه صلوات الله وسلامه، الذي قال عنه ربه
تبارك وتعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} (1){إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (2) وقال هو في ذلك: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (3) » ، «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (4) » .، وقد بين هو صلوات الله وسلامه عليه زكاة الفطر بما ثبت عنه في الأحاديث الصحيحة: صاعا من طعام، أو صاعا من تمر، أو صاعا من شعير، أو صاعا من زبيب، أو صاعا من أقط. فقد روى البخاري ومسلم رحمهما الله عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال:«فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة (5) » ، وقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: «كنا نعطيها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم صاعا من طعام أو صاعا من تمر أو صاعا من شعير
(1) سورة النجم الآية 3
(2)
سورة النجم الآية 4
(3)
صحيح البخاري الصلح (2697) ، صحيح مسلم الأقضية (1718) ، سنن أبو داود السنة (4606) ، سنن ابن ماجه المقدمة (14) ، مسند أحمد بن حنبل (6/256) .
(4)
رواه مسلم في (الأقضية) باب نقض الأحكام الباطلة برقم (1718) .
(5)
رواه البخاري في (الزكاة) باب فرض صدقة الفطر برقم (1503) .
أو صاعا من زبيب (1) » ، وفي رواية «أو صاعا من أقط (2) » . متفق على صحته. فهذه سنة محمد صلى الله عليه وسلم في زكاة الفطر، ومعلوم أن وقت هذا التشريع وهذا الإخراج يوجد بيد المسلمين -وخاصة مجتمع المدينة- الدينار والدرهم اللذان هما العملة السائدة آنذاك ولم يذكرهما صلوات الله وسلامه عليه في زكاة الفطر، فلو كان شيء يجزئ في زكاة الفطر منهما لأبانه صلوات الله وسلامه عليه؛ إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، ولو فعل ذلك لنقله أصحابه رضي الله عنهم. وما ورد في زكاة السائمة من الجبران المعروف مشروط بعدم وجود ما يجب إخراجه، وخاص بما ورد فيه، كما سبق أن الأصل في العبادات التوقيف، ولا نعلم أن أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أخرج النقود في زكاة الفطر، وهم أعلم الناس بسنته صلى الله عليه وسلم وأحرص الناس على العمل بها، ولو وقع منهم شيء من ذلك لنقل كما نقل غيره من أقوالهم وأفعالهم المتعلقة بالأمور الشرعية، وقد قال الله سبحانه:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (3) وقال عز وجل: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (4)
(1) صحيح البخاري الزكاة (1508) ، صحيح مسلم الزكاة (985) ، سنن الترمذي الزكاة (673) ، سنن النسائي الزكاة (2513) ، سنن أبو داود الزكاة (1616) ، سنن ابن ماجه الزكاة (1829) ، مسند أحمد بن حنبل (3/98) ، موطأ مالك الزكاة (628) ، سنن الدارمي الزكاة (1664) .
(2)
رواه البخاري في (الزكاة) باب صدقة الفطر برقم (1506) ، ومسلم في (الزكاة) باب زكاة الفطر على المسلمين برقم (985) .
(3)
سورة الأحزاب الآية 21
(4)
سورة التوبة الآية 100
ومما ذكرنا يتضح لصاحب الحق أن إخراج النقود في زكاة الفطر لا يجوز ولا يجزئ عمن أخرجه لكونه مخالفا لما ذكر من الأدلة الشرعية، وأسأل الله أن يوفقنا وسائر المسلمين للفقه في دينه والثبات عليه والحذر من كل ما يخالف شرعه، إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
الرئيس العام لإدارات البحوث
العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
س: ما رأيكم في زكاة الفطر نقودا؟ (1)
ج: اختلف أهل العلم في ذلك، والذي عليه جمهور أهل العلم أنها لا تؤدى نقودا وإنما تؤدى طعاما؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أخرجوها طعاما، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الله فرضها علينا صاعا من كذا وصاعا من كذا، فلا تخرج نقودا، فالنقود تختلف، والحبوب تختلف، منها الطيب والوسط وغير ذلك. فالنقود فيها خطر ولم يفعلها الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، ودعوى بعض الناس أنها أحب للفقراء ليس بشيء، بل إخراج ما أوجب الله هو المطلوب والفقراء موضع صرف، فالواجب أن يعطوا ما فرض الله على الإنسان من زكاة الفطر من الطعام لا من النقود، ولو كان بعض أهل العلم قال بذلك، لكنه قول ضعيف مرجوح، والصواب أنها تخرج طعاما لا نقودا صاعا من كل نوع من البر، أو من الشعير، أو من التمر، أو من الأقط، أو الزبيب لقول أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: «كنا نعطيها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم صاعا من طعام أو صاعا من تمر أو صاعا من شعير أو صاعا من زبيب أو صاعا من
(1) من ضمن أسئلة موجهة لسماحته بعد محاضرته عن (الزكاة ومكانتها في الإسلام) في الجامع الكبير بالرياض.
أقط (1) » . متفق على صحته.
(1) رواه البخاري في (الزكاة) باب صاع من زبيب برقم (1508) ، ومسلم في (الزكاة) باب زكاة الفطر على المسلمين من التمر والشعير برقم (985) .
س: هل يجوز إخراج زكاة الفطر ريالات؟ وهل يجوز إخراجها في غير بلدها؟ (1) .
ج: لا يجوز إخراجها نقودا عند جمهور أهل العلم، وإنما الواجب إخراجها من الطعام، كما أخرجها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، وهي صاع واحد من قوت البلد، من تمر أو أرز أو غيرهما، بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، عن الذكر والأنثى والصغير والكبير والحر والمملوك من المسلمين. والسنة توزيعها بين الفقراء في بلد المزكي وعدم نقلها إلى بلد آخر لإغناء فقراء بلده وسد حاجتهم. ويجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين، كما كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم يفعلون ذلك، وبذلك يكون أول وقتها الليلة الثامنة والعشرين من رمضان، والله ولي التوفيق.
(1) من ضمن أسئلة موجهة لسماحته من (صحيفة عكاظ) وقد أجاب عنها سماحته بتاريخ 23 \ 9 \ 1408 هـ.