المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ فضل صيام رمضان وقيامهمع بيان أحكام مهمة قد تخفى على بعض الناس - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة - ابن باز - جـ ١٥

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌ لا أعلم شيئا معينا لاستقبال رمضان

- ‌ فضل صيام رمضان وقيامهمع بيان أحكام مهمة قد تخفى على بعض الناس

- ‌ فضائل شهر رمضان

- ‌ فوائد الصيام وحكمه العظيمة

- ‌ كلمة بمناسبة دخول شهر رمضان

- ‌ نصيحة بمناسبة استقبال شهر رمضان

- ‌ ثبوت الشهر برؤية الهلال أو إكمال العدةوالعدد المطلوب في الشهود وحكم شهادة المرأة

- ‌ المحاكم الشرعيةفي المملكة العربية السعودية تعمل بالرؤية

- ‌ على المسلمين التعاون بترائيالهلال وبإبلاغ الجهات المسئولة برؤيته

- ‌ حكم صوم وفطر من ردتشهادته ومن لم يتمكن من الإخبار

- ‌ اجتماع المسلمين في الصوموالفطر مطلب شرعي وبيان كيفية ذلك

- ‌ لا شك في اختلاف المطالع في نفسها ولا أثر على الصحيح لذلك الاختلاف في الحكم

- ‌ الجواب على البلبلة التي تحصل باختلاف البلاد الإسلامية في دخول شهر رمضان

- ‌ الأمة كلها مخاطبة بقوله صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته

- ‌ اعتماد خبر المذياع في دخول الشهر وخروجهأولى وأقرب إلى الأدلة الشرعية من اعتماد البرقية

- ‌ على المسئولين في الدول اعتماد خبر الدولة المسلمة التي تعتمد على الرؤية أما الأفراد فتبع لقادتهم

- ‌ كل إنسان يقيم في بلد يلزمه الصوم والإفطار مع أهلها

- ‌ لا حرج على من كان في بلد غيرإسلامي أن يصوم برؤية بلد يحكم الشريعة

- ‌ حكم الاعتماد على الحساب الفلكي

- ‌ لا يجوز الاعتماد في دخولشهر رمضان على المفكرة والتقاويم

- ‌ الأحاديث الصحيحة تدل على وجوب اعتماد الرؤية أو إكمال العدد وعدم اعتبار الحساب

- ‌ليس لأحد أن يحتج لإبطال الرؤية لقول أصحاب المراصد أو يشترط لصحتها موافقة أصحاب المراصد

- ‌ من اعتبر الحساب الفلكي شرطالصحة الرؤية فقد استدرك على اللهورسوله

- ‌ الحسابون لا يعمل بقولهمولا ينبغي لهم أن يشوشوا على الناس

- ‌ الحساب لا يعولعليه والشاهد الواحد كاففي إثبات دخول شهر رمضان

- ‌ متى ثبتت رؤية الهلالثبوتا شرعيا وجب العمل بهاولم يجز أن تعارض بكسوف ولا غيره

- ‌ لا اعتبار في الشرع المطهر لانخفاضالمنازل وارتفاعها أو كبر الأهلة وصغرها

- ‌ لا اعتبار باكتمال جمادى الآخرة ورجب في نقصان شعبان

- ‌ توحيد التقاويم بالحساب

- ‌ حكم صوم من أصبحشهره واحدا وثلاثين يوما

- ‌ حكم صيام رمضانثمانية وعشرين يوما

- ‌ هل يجوز صيام 28 يوما فقط من شهر رمضان

- ‌ حكم من يصوم رمضان ثلاثين يوما دائما

- ‌من يجب عليه الصوموالأعذار المبيحة للفطر

- ‌ تفسير قوله عز وجل: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ}

- ‌ صيام رمضان يجب بالبلوغ والبلوغ له علامات

- ‌ من لا يجب عليه الصوم

- ‌ حكم صيام وعبادة من لا يصلي

- ‌ النصيحة لمن يتكاسلعن الصلاة ويحافظ على الصيام

- ‌ حكم أصر الصبي المميز بالصيام

- ‌ حكم صيام الحائض والنفساء

- ‌ الحائض تقضي ما عليها من صيام

- ‌ من صامت في حيضتها جاهلة بالحكم

- ‌ حكم صيام الحائض إذا طهرت قبل طلوع الفجر

- ‌ حكم صيام المرأة إذا حاضت بعد غروب الشمس

- ‌ الحائض إذا طهرت فيأثناء النهار وجب عليها الإمساك

- ‌ حكم المادة التي تخرج من المرأة قبل حلول الدورة

- ‌ حكم صيام المستحاضة

- ‌ حكم صيام النفساء إذا طهرت قبل الأربعين

- ‌ حكم صوم النفساء إذا طهرت ثم عاد إليها الدم وهي في الأربعين

- ‌ حكم استعمال المرأة الحبوب التي تقطع الدم في أيام الحيض والنفاس

- ‌ حكم الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة إذا كانا لا يستطيعان الصوم

- ‌ من عجز عن الصيام دائما وجب عليه الإطعام

- ‌ التكاليف الشرعية تسقط باختلال الشعور

- ‌ حكم صيام من يفقد وعيه

- ‌ للمريض الإفطار إذا شق عليه الصيام

- ‌ المريض يقضي ما أفطر بعد الشفاء

- ‌ الفرق بين المرض الذي يرجى برؤه والذي لا يرجى برؤه

- ‌ الحامل والمرضع لهما الفطر إذا شق عليهما الصوم وتقضيان

- ‌ القول بسقوط القضاء عن الحامل والمرضع قول مرجوح

- ‌ يستحب الفطر في السفر وإن لم يشق الصوم

- ‌ حكم الفطر في السفر بوسائل النقل المريحة

- ‌ الأحوط للمسافر إذا أجمع على الإقامة في بلد أكثر من أربعة أيام الصوم والإتمام

- ‌ حكم ترك أصحاب الأعمال الشاقة الصيام

- ‌ حكم الفطر من أجل الاختبارات

- ‌النية وأحكامها

- ‌ حكم تبييت النية في صيام الفرض والنفل

- ‌ما يفسد الصوم ويوجب الكفارة

- ‌ ينكر على من تعاطى شيئا من المفطرات في نهار رمضان ولو كان ناسيا

- ‌ حكم حقنة الوريد والعضل للصائم

- ‌ الإبر المغذية تفطر

- ‌ حكم إبرة التخدير (البنج) وتنظيف السن أو حشوه أو خلعه عند الطبيب

- ‌ حكم استعمال الكحل وأدوات التجميل في نهار رمضان

- ‌ حكم استعمال معجون الأسنان وقطرة الأذن والعين للصائم

- ‌ حكم استعمال البخاخ وقطرة العين للصائم

- ‌ حكم القيء للصائم

- ‌ حكم شم الصائم رائحة الطيب والعود

- ‌ حكم الاستمناء في نهار رمضان

- ‌ خروج المذي بشهوة لا يبطل الصوم

- ‌ حكم نظر الصائم للنساء

- ‌ حكم مصافحة الصائم للمرأة الأجنبية

- ‌ خروج الدم لا يفسد الصوم إلا بالحجامة

- ‌ حكم التبرع بالدم

- ‌ حكم سحب عينات الدم من الصائم للتحليل

- ‌ حكم تغيير الدم لمريض الكلى وهو صائم

- ‌ حكم تأخير الجنب والحائض والنفساء الغسل إلى بعد طلوع الفجر

- ‌ حكم صوم من دخل الماء إلى جوفه من غير اختياره

- ‌ بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما

- ‌ حكم الإمساكيات التي توزع في شهر رمضان

- ‌ حكم تناول السحور والمؤذن يؤذن

- ‌ إذا أكل بعد طلوع الفجر بطل صومه

- ‌ الواجب على المؤمن أن يمسك عن المفطرات إذا تبين له طلوع الفجر

- ‌ حكم من أفطر قبل غروب الشمس والجو غائم

- ‌ حكم من فعل مفطرا ظانا غروب الشمس أو عدم طلوع الفجر

- ‌ حكم من فعل مفطرا ناسيا

- ‌ كيفية إمساك وإفطار من يطول نهارهم

- ‌فصل في الجماع في نهار رمضان

- ‌ كفارة الجماع في نهار رمضان

- ‌ حكم من جامع زوجته في نهار رمضان عدة مرات جاهلا بالحكم

- ‌ حكم من أجبر زوجته على الجماع في نهار رمضان

- ‌ حكم جماع المسافر زوجته في نهار رمضان

- ‌ حكم الحيلة لإسقاط كفارة الجماع

- ‌ حكم من جامع زوجته وهي صائمة صوم قضاء

- ‌ما يكره وما يستحب في الصيام

- ‌ القبلة والمباشرة تكرهان ممن تتحرك شهوته

- ‌ حكم مشاهدة الأفلام والتلفاز ولعب الورق في نهار رمضان

- ‌ حكم ما يفعله بعض الصائمين من النوم نهارا والسهر ليلا

- ‌ الغيبة والنميمة والسب وغيرها من المعاصي تجرح الصوم وتضعف الأجر

- ‌ السحور ليس شرطا في صحة الصيام

- ‌ حكم من تسحر في بلد وأفطر في آخر

- ‌ لا تفطر حتى تغرب الشمس وأنت في الجو

- ‌ التبرع لإفطار الصائمين

- ‌ أفضلية ختم القرآن في رمضان

- ‌حكم القضاء

- ‌ حكم تارك الصوم تهاونا

- ‌ حكم القضاء على من ترك الصيام دون عذر شرعي

- ‌ حكم من ترك صوم رمضان جهلا بوجوبه

- ‌ كل من عليه أيام من رمضان يلزمه أن يقضيها قبل رمضان القادم

- ‌ حكم تأخير القضاء بلا عذر

- ‌ الفرق بين تأخير قضاء رمضان بعذر وبين تأخيره بلا عذر

- ‌ جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أفتوا من أخر القضاء بالإطعام مع القضاء

- ‌ حكم الكفارة على من أخر القضاء لعدم القدرة

- ‌ لا كفارة على من أخر القضاء من أجل المرض

- ‌ لا يلزم التتابع في القضاء

- ‌ المريض لا يجب عليه قضاء حتى يشفى

- ‌ ليس على من نصحه الأطباء المسلمون بالإفطار لمرض مزمن ثم برئ قضاء

- ‌ حكم قطع صوم القضاء

- ‌ تارك الصلاة لا يقضى عنه الصيام

- ‌ لا قضاء على المرتد إذا تاب

- ‌ حكم القضاء عمن ترك الصلاة والصيام بسبب المرض

- ‌ يشرع لأقارب الميت القضاء عنه

- ‌ لا قضاء ولا إطعام عمن مات ولم يدرك وقت القضاء

- ‌ قضاء كفارة القتل عن المتوفى وكيفية ذلك

- ‌ من توفي في أثناء الشهر سقط عنه الوجوب

- ‌صوم التطوع

- ‌ حكم صيام الثالث عشر من ذي الحجة بنية أنه من الأيام البيض

- ‌ الشهر كله محل لصيام ثلاثة أيام وكونها في البيض أفضل

- ‌ الأيام البيض تصام على حسب التقويم وللمسلم جمعها وتفريقها

- ‌ يستحب صيام الأيام البيض ولو من شعبان

- ‌ الجمع بين حديث "إذا انتصف شعبان فلا تصوموا" وحديث: " أنه صلى الله عليه وسلم يصل شعبان برمضان

- ‌ من لم يكمل صيام الأيام البيض يحسب له أجر ما صام منها

- ‌ صيام الاثنين والخميس

- ‌ فضل صيام الاثنين والخميس على أيام البيض

- ‌ حكم قضاء الست بعد شوال

- ‌ القول ببدعية صوم الست قول باطل

- ‌ شهر شوال كله محل لصيام الست

- ‌ لا يشترط التتابع في صيام ست شوال

- ‌ المشروع تقديم القضاء على صوم الست

- ‌ لا يجوز تقديم صيام ست من شوال على صيام الكفارة

- ‌ حكم صيام التطوع لمن عليه قضاء

- ‌ صيام الست سنة وليس بواجب ومن لم يستطع إكمالها لعذر شرعي يرجى له أجرها

- ‌ لا حرج في وصل صوم القضاء بصوم الست من شوال

- ‌ الترغيب في صوم يوم عاشوراء

- ‌ حكم تحري ليلة عاشوراء

- ‌ حكم الاعتماد على التقويم في صيام عاشوراء

- ‌ صوم التاسع مع العاشر أفضل من صوم الحادي عشر مع العاشر

- ‌ حكم صوم من تبين له أن العاشر غير الذي صامه

- ‌ حكم صوم يوم عرفة للحاج وغيره

- ‌ حكم صوم يوم عرفة لمن عليه قضاء

- ‌ الأيام المنهي عن الصيام فيها

- ‌ لا يجوز صيام يوم الشك ولو كانت السماء غائمة

- ‌ مدى صحة حديث "من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم

- ‌ حديث النهي عن صوم يوم السبت غير صحيح

- ‌ جواز صوم يوم السبت تطوعا

- ‌ حكم إفراد يوم الجمعة بصيام

- ‌ حكم صيام محرم وشعبان وعشر ذي الحجة

- ‌ ما جاء في صيام عشر ذي الحجة من أحاديث والجمع بينها

- ‌ النوافل يثاب فاعلها ولا يأثم تاركها

- ‌ حكم قطع صيام التطوع

- ‌ حكم من نوى الصيام ثم مرض

- ‌ ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان

- ‌ علامة ليلة القدر

- ‌ قد ترى ليلة القدر بالعين

- ‌الاعتكاف

- ‌ حكم الاعتكاف وما يجب على المعتكف التزامه وحكم اشتراط الصيام له

- ‌ محل الاعتكاف ووقته وحكم قطعه

- ‌ يصح الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة

- ‌ حكم خروج المعتكف من معتكفه للإتيان بعمرة

- ‌ الذنوب تتضاعف في الزمان والمكان الفاضل كيفا لا كما

- ‌ مضاعفة الأعمال الصالحة بمكة

- ‌ حكم التفرغ للعبادة في رمضان

الفصل: ‌ فضل صيام رمضان وقيامهمع بيان أحكام مهمة قد تخفى على بعض الناس

3 -

‌ فضل صيام رمضان وقيامه

مع بيان أحكام مهمة قد تخفى على بعض الناس

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى من يراه من المسلمين، سلك الله بي وبهم سبيل أهل الإيمان، ووفقني وإياهم للفقه في السنة والقرآن. آمين.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:

فهذه نصيحة موجزة تتعلق بفضل صيام شهر رمضان وقيامه، وفضل المسابقة فيه بالأعمال الصالحة، مع بيان أحكام مهمة قد تخفى على بعض الناس.

ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يبشر أصحابه بمجيء شهر رمضان، ويخبرهم عليه الصلاة والسلام أنه شهر تفتح فيه أبواب الرحمة وأبواب الجنة وتغلق فيه أبواب جهنم وتغل فيه الشياطين، ويقول صلى الله عليه وسلم: «إذا كانت أول ليلة من رمضان فتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وغلقت أبواب جهنم فلم يفتح منها باب، وصفدت الشياطين، وينادي مناد: يا باغي

ص: 11

الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة (1) فتاوى ابن باز body {font-family: verdana, arial, helvetica, sans-serif; font-size: 14px;} h1 {font-size:18px} a:link {color:#33c} a:visited {color:#339} /* This is where you can customize the appearance of the tooltip */ div#tipDiv {position:absolute; visibility:hidden; left:0; top:0; z-index:10000; background-color:AntiqueWhite; border:1px solid #336; padding:4px; color:#000; font-size:11px; line-height:1.2;} /* These are optional. They demonstrate how you can individually format tooltip content */ div.tp1 {font-size:12px; color:#336; font-style:italic} div.tp2 {font-weight:bolder; color:#337; padding-top:4px}

فتاوى ابن باز

تصفح برقم المجلد > المجلد الخامس عشر > كتاب الصيام > فضل صيام رمضان وقيامه مع بيان أحكام مهمة قد تخفى على بعض الناس

(1) رواه الترمذي في (الصوم) باب ما جاء في فضل شهر رمضان برقم (682) ، وابن ماجه في (الصيام) باب ما جاء في فضل شهر رمضان رقم (1642) .

ص: 12

3 -

فضل صيام رمضان وقيامه

مع بيان أحكام مهمة قد تخفى على بعض الناس

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى من يراه من المسلمين، سلك الله بي وبهم سبيل أهل الإيمان، ووفقني وإياهم للفقه في السنة والقرآن. آمين.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:

فهذه نصيحة موجزة تتعلق بفضل صيام شهر رمضان وقيامه، وفضل المسابقة فيه بالأعمال الصالحة، مع بيان أحكام مهمة قد تخفى على بعض الناس.

ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يبشر أصحابه بمجيء شهر رمضان، ويخبرهم عليه الصلاة والسلام أنه شهر تفتح فيه أبواب الرحمة وأبواب الجنة وتغلق فيه أبواب جهنم وتغل فيه الشياطين، ويقول صلى الله عليه وسلم: «إذا كانت أول ليلة من رمضان فتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وغلقت أبواب جهنم فلم يفتح منها باب، وصفدت الشياطين، وينادي مناد: يا باغي

ص: 11

الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة (1) » . ويقول عليه الصلاة والسلام:«جاءكم شهر رمضان، شهر بركة، يغشاكم الله فيه فينزل الرحمة ويحط الخطايا، ويستجيب الدعاء، ينظر الله إلى تنافسكم فيه، فيباهي بكم ملائكته، فأروا الله من أنفسكم خيرا؛ فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله (2) » .

ويقول عليه الصلاة والسلام: «من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه (3) » .

ويقول عليه الصلاة والسلام: «يقول الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلا الصيام؛ فإنه لي وأنا أجزي به، ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي. للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك (4) » . والأحاديث في فضل

(1) رواه الترمذي في (الصوم) باب ما جاء في فضل شهر رمضان برقم (682) ، وابن ماجه في (الصيام) باب ما جاء في فضل شهر رمضان رقم (1642) .

(2)

عزاه الهيثمي في مجمع الزوائد (3: 142) إلى الطبراني في الكبير.

(3)

رواه البخاري في (صلاة التراويح) باب فضل ليلة القدر برقم (2014) ، ومسلم في (صلاة المسافرين وقصرها) باب الترغيب في قيام رمضان برقم (760)

(4)

رواه البخاري في (الصوم) باب هل يقول: إني صائم برقم (1904) ، ومسلم في (الصيام) باب فضل الصيام برقم (1151) .

ص: 12

صيام رمضان وقيامه وفضل جنس الصوم كثيرة.

فينبغي للمؤمن أن ينتهز هذه الفرصة، وهي ما من الله به عليه من إدراك شهر رمضان، فيسارع إلى الطاعات، ويحذر السيئات، ويجتهد في أداء ما افترض الله عليه، ولا سيما الصلوات الخمس؛ فإنها عمود الإسلام، وهي أعظم الفرائض بعد الشهادتين. فالواجب على كل مسلم ومسلمة المحافظة عليها وأداؤها في أوقاتها بخشوع وطمأنينة.

ومن أهم واجباتها في حق الرجال؛ أداؤها في الجماعة في بيوت الله التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه؛ كما قال عز وجل: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (1) وقال تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (2) وقال عز وجل: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (3){الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (4) إلى أن قال عز وجل: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} (5){أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ} (6){الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (7) وقال النبي صلى الله عليه

(1) سورة البقرة الآية 43

(2)

سورة البقرة الآية 238

(3)

سورة المؤمنون الآية 1

(4)

سورة المؤمنون الآية 2

(5)

سورة المؤمنون الآية 9

(6)

سورة المؤمنون الآية 10

(7)

سورة المؤمنون الآية 11

ص: 13

وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1) » .

وأهم الفرائض بعد الصلاة أداء الزكاة كما قال عز وجل: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} (2) وقال تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (3) وقد دل كتاب الله العظيم وسنة رسوله الكريم على أن من لم يؤد زكاة ماله يعذب به يوم القيامة.

وأهم الأمور بعد الصلاة والزكاة صيام رمضان، وهو أحد أركان الإسلام الخمسة المذكورة في قول النبي صلى الله عليه وسلم:«بني الإسلام على خمس؛ شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت (4) » ، ويجب على المسلم أن يصون

(1) رواه الإمام أحمد في (باقي مسند الأنصار) من حديث بريدة الأسلمي برقم (22428) ، والترمذي في (الإيمان) باب ما جاء في ترك الصلاة برقم (2621) ، وابن ماجه في (إقامة الصلاة) باب ما جاء فيمن ترك الصلاة برقم (1079) .

(2)

سورة البينة الآية 5

(3)

سورة النور الآية 56

(4)

رواه لبخاري في (الإيمان) باب بني الإسلام على خمس برقم (8) ، ومسلم في (الإيمان) باب أركان الإسلام برقم (16) .

ص: 14

صيامه وقيامه عما حرم الله عليه من الأقوال والأعمال؛ لأن المقصود بالصيام هو طاعة الله سبحانه، وتعظيم حرماته، وجهاد النفس على مخالفة هواها في طاعة مولاها، وتعويدها الصبر عما حرم الله، وليس المقصود مجرد ترك الطعام والشرب وسائر المفطرات، ولهذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«الصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم (1) » ، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:«من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه (2) » .

فعلم بهذه النصوص وغيرها أن الواجب على الصائم الحذر من كل ما حرم الله عليه، والمحافظة على كل ما أوجب الله عليه، وبذلك يرجى له المغفرة والعتق من النار وقبول الصيام والقيام.

وهناك أمور قد تخفى على بعض الناس:

(1) رواه البخاري في (الصوم) باب هل يقول: إني صائم إذا شتم برقم (1904) .

(2)

رواه البخاري في (الصوم) باب من لم يدع قول الزور برقم (1903) .

ص: 15

منها: أن الواجب على المسلم أن يصوم إيمانا واحتسابا لا رياء ولا سمعة ولا تقليدا للناس، أو متابعة لأهله أو أهل بلده، بل الواجب عليه أن يكون الحامل له على الصوم هو إيمانه بأن الله قد فرض عليه ذلك، واحتسابه الأجر عند ربه في ذلك، وهكذا قيام رمضان يجب أن يفعله المسلم إيمانا واحتسابا لا لسبب آخر، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام:«من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه (1) » .

ومن الأمور التي قد يخفى حكمها على بعض الناس: ما قد يعرض للصائم من جراح أو رعاف أو قيء أو ذهاب الماء أو البنزين إلى حلقه بغير اختياره، فكل هذه الأمور لا تفسد الصوم، لكن من تعمد القيء فسد صومه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«من ذرعه القيء فلا قضاء عليه، ومن استقاء فعليه القضاء (2) » .

ومن ذلك: ما قد يعرض للصائم من تأخير غسل الجنابة

(1) رواه البخاري في (صلاة التراويح) باب فضل ليلة القدر برقم (2014) ، ومسلم في (صلاة المسافرين) وقصرها باب الترغيب في قيام رمضان برقم (760) .

(2)

رواه الإمام أحمد في (باقي مسند المكثرين) مسند أبي هريرة برقم (10085) ، وابن ماجه في (الصيام) باب ما جاء في الصائم يقيء برقم (1676) واللفظ له.

ص: 16

إلى طلوع الفجر، وما يعرض لبعض النساء من تأخر غسل الحيض أو النفاس إلى طلوع الفجر، إذا رأت الطهر قبل الفجر، فإنه يلزمها الصوم، ولا مانع من تأخير الغسل إلى ما بعد طلوع الفجر، ولكن ليس لها تأخيره إلى طلوع الشمس؛ بل يجب عليها أن تغتسل وتصلي الفجر قبل طلوع الشمس، وهكذا الجنب ليس له تأخير الغسل إلى ما بعد طلوع الشمس، بل يجب عليه أن يغتسل ويصلي الفجر قبل طلوع الشمس، ويجب على الرجل المبادرة بذلك حتى يدرك صلاة الفجر مع الجماعة.

ومن الأمور التي لا تفسد الصوم: تحليل الدم، وضرب الإبر، غير التي يقصد بها التغذية، لكن تأخير ذلك إلى الليل أولى وأحوط إذا تيسر ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«دع ما يريبك إلى ما لا يريبك (1) » ، وقوله عليه الصلاة والسلام:«من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه (2) » .

(1) رواه الإمام أحمد في (باقي مسند المكثرين) مسند أنس بن مالك برقم (11689) ، والبخاري معلقا في (كتاب البيوع) باب تفسير الشبهات، والنسائي في (الأشربة) باب الحث على ترك الشبهات برقم (5711) .

(2)

رواه البخاري في (الإيمان) باب فضل من استبرأ لدينه برقم (52) ، ومسلم في (المساقاة) باب أخذ الحلال وترك الشبهات برقم (1599)

ص: 17

ومن الأمور التي يخفى حكمها على بعض الناس:

عدم الاطمئنان في الصلاة سواء كانت فريضة أو نافلة، وقد دلت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن الاطمئنان ركن من أركان الصلاة لا تصح الصلاة بدونه، وهو الركود في الصلاة والخشوع فيها وعدم العجلة حتى يرجع كل فقار إلى مكانه. وكثير من الناس يصلي في رمضان صلاة التراويح صلاة لا يعقلها ولا يطمئن فيها بل ينقرها نقرا، وهذه الصلاة على هذا الوجه باطلة، وصاحبها آثم غير مأجور.

ومن الأمور التي قد يخفى حكمها على بعض الناس:

ظن بعضهم أن التراويح لا يجوز نقصها عن عشرين ركعة، وظن بعضهم أنه لا يجوز أن يزاد فيها على إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة، وهذا كله ظن في غير محله بل هو خطأ مخالف للأدلة.

وقد دلت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن صلاة الليل موسع فيها، فليس فيها حد محدود لا تجوز مخالفته، بل ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة، وربما صلى ثلاث عشرة ركعة، وربما صلى أقل من ذلك في رمضان وفي غيره.

ولما سئل صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل قال: «مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد

ص: 18

صلى (1) » . متفق على صحته.

ولم يحدد ركعات معينة لا في رمضان ولا في غيره، ولهذا صلى الصحابة رضي الله عنهم في عهد عمر رضي الله عنه في بعض الأحيان ثلاثا وعشرين ركعة، وفي بعضها إحدى عشرة ركعة، كل ذلك ثبت عن عمر رضي الله عنه وعن الصحابة في عهده.

وكان بعض السلف يصلي في رمضان ستا وثلاثين ركعة ويوتر بثلاث، وبعضهم يصلي إحدى وأربعين، ذكر ذلك عنهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وغيره من أهل العلم، كما ذكر رحمة الله عليه أن الأمر في ذلك واسع، وذكر أيضا أن الأفضل لمن أطال القراءة والركوع والسجود أن يقلل العدد، ومن خفف القراءة والركوع والسجود زاد في العدد، هذا معنى كلامه رحمه الله.

ومن تأمل سنته صلى الله عليه وسلم علم أن الأفضل في هذا كله هو صلاة إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة، في رمضان وغيره؛ لكون ذلك هو الموافق لفعل النبي صلى الله عليه وسلم في غالب أحواله، ولأنه أرفق بالمصلين وأقرب إلى الخشوع والطمأنينة، ومن زاد فلا حرج ولا كراهية كما سبق.

(1) رواه البخاري في (الجمعة) باب ما جاء في الوتر برقم (991) ، ومسلم في (صلاة المسافرين وقصرها) باب صلاة الليل مثنى مثنى برقم (749) .

ص: 19

والأفضل لمن صلى مع الإمام في قيام رمضان أن لا ينصرف إلا مع الإمام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف كتب الله له قيام ليلة (1) » .

ويشرع لجميع المسلمين الاجتهاد في أنواع العبادة في هذا الشهر الكريم من صلاة النافلة، وقراءة القرآن بالتدبر والتعقل والإكثار من التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير والاستغفار والدعوات الشرعية، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله عز وجل، ومواساة الفقراء والمساكين، والاجتهاد في بر الوالدين، وصلة الرحم، وإكرام الجار، وعيادة المريض، وغير ذلك من أنواع الخير؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق:«ينظر الله إلى تنافسكم فيه فيباهي بكم ملائكته، فأروا الله من أنفسكم خيرا، فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله (2) » ، ولما روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:«من تقرب فيه بخصلة من خصال الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه (3) » ،

(1) رواه الإمام أحمد في (مسند الأنصار) من حديث أبي ذر الغفاري برقم (20910) ، والترمذي في (الصوم) باب ما جاء في قيام شهر رمضان برقم (806) .

(2)

عزاه الهيثمي في مجمع الزوائد (3: 142) إلى الطبراني في الكبير.

(3)

رواه ابن خزيمة مختصرا في صحيحه 3 \ 191 برقم (1887)

ص: 20

ولقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «عمرة في رمضان تعدل حجة. أو قال: حجة معي (1) » .

والأحاديث والآثار الدالة على شرعية المسابقة والمنافسة في أنواع الخير في هذا الشهر الكريم كثيرة.

والله المسئول أن يوفقنا وسائر المسلمين لكل ما فيه رضاه، وأن يتقبل صيامنا وقيامنا، ويصلح أحوالنا ويعيذنا جميعا من مضلات الفتن، كما نسأله سبحانه أن يصلح قادة المسلمين، ويجمع كلمتهم على الحق، إنه ولي ذلك والقادر عليه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

(1) رواه البخاري في (الحج) باب حج النساء برقم (1863) ، ومسلم في (الحج) باب فضل العمرة في رمضان برقم (1256) ، وابن ماجه في (المناسك) باب العمرة في رمضان برقم (2991)

ص: 21