المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ لا اعتبار في الشرع المطهر لانخفاضالمنازل وارتفاعها أو كبر الأهلة وصغرها - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة - ابن باز - جـ ١٥

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌ لا أعلم شيئا معينا لاستقبال رمضان

- ‌ فضل صيام رمضان وقيامهمع بيان أحكام مهمة قد تخفى على بعض الناس

- ‌ فضائل شهر رمضان

- ‌ فوائد الصيام وحكمه العظيمة

- ‌ كلمة بمناسبة دخول شهر رمضان

- ‌ نصيحة بمناسبة استقبال شهر رمضان

- ‌ ثبوت الشهر برؤية الهلال أو إكمال العدةوالعدد المطلوب في الشهود وحكم شهادة المرأة

- ‌ المحاكم الشرعيةفي المملكة العربية السعودية تعمل بالرؤية

- ‌ على المسلمين التعاون بترائيالهلال وبإبلاغ الجهات المسئولة برؤيته

- ‌ حكم صوم وفطر من ردتشهادته ومن لم يتمكن من الإخبار

- ‌ اجتماع المسلمين في الصوموالفطر مطلب شرعي وبيان كيفية ذلك

- ‌ لا شك في اختلاف المطالع في نفسها ولا أثر على الصحيح لذلك الاختلاف في الحكم

- ‌ الجواب على البلبلة التي تحصل باختلاف البلاد الإسلامية في دخول شهر رمضان

- ‌ الأمة كلها مخاطبة بقوله صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته

- ‌ اعتماد خبر المذياع في دخول الشهر وخروجهأولى وأقرب إلى الأدلة الشرعية من اعتماد البرقية

- ‌ على المسئولين في الدول اعتماد خبر الدولة المسلمة التي تعتمد على الرؤية أما الأفراد فتبع لقادتهم

- ‌ كل إنسان يقيم في بلد يلزمه الصوم والإفطار مع أهلها

- ‌ لا حرج على من كان في بلد غيرإسلامي أن يصوم برؤية بلد يحكم الشريعة

- ‌ حكم الاعتماد على الحساب الفلكي

- ‌ لا يجوز الاعتماد في دخولشهر رمضان على المفكرة والتقاويم

- ‌ الأحاديث الصحيحة تدل على وجوب اعتماد الرؤية أو إكمال العدد وعدم اعتبار الحساب

- ‌ليس لأحد أن يحتج لإبطال الرؤية لقول أصحاب المراصد أو يشترط لصحتها موافقة أصحاب المراصد

- ‌ من اعتبر الحساب الفلكي شرطالصحة الرؤية فقد استدرك على اللهورسوله

- ‌ الحسابون لا يعمل بقولهمولا ينبغي لهم أن يشوشوا على الناس

- ‌ الحساب لا يعولعليه والشاهد الواحد كاففي إثبات دخول شهر رمضان

- ‌ متى ثبتت رؤية الهلالثبوتا شرعيا وجب العمل بهاولم يجز أن تعارض بكسوف ولا غيره

- ‌ لا اعتبار في الشرع المطهر لانخفاضالمنازل وارتفاعها أو كبر الأهلة وصغرها

- ‌ لا اعتبار باكتمال جمادى الآخرة ورجب في نقصان شعبان

- ‌ توحيد التقاويم بالحساب

- ‌ حكم صوم من أصبحشهره واحدا وثلاثين يوما

- ‌ حكم صيام رمضانثمانية وعشرين يوما

- ‌ هل يجوز صيام 28 يوما فقط من شهر رمضان

- ‌ حكم من يصوم رمضان ثلاثين يوما دائما

- ‌من يجب عليه الصوموالأعذار المبيحة للفطر

- ‌ تفسير قوله عز وجل: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ}

- ‌ صيام رمضان يجب بالبلوغ والبلوغ له علامات

- ‌ من لا يجب عليه الصوم

- ‌ حكم صيام وعبادة من لا يصلي

- ‌ النصيحة لمن يتكاسلعن الصلاة ويحافظ على الصيام

- ‌ حكم أصر الصبي المميز بالصيام

- ‌ حكم صيام الحائض والنفساء

- ‌ الحائض تقضي ما عليها من صيام

- ‌ من صامت في حيضتها جاهلة بالحكم

- ‌ حكم صيام الحائض إذا طهرت قبل طلوع الفجر

- ‌ حكم صيام المرأة إذا حاضت بعد غروب الشمس

- ‌ الحائض إذا طهرت فيأثناء النهار وجب عليها الإمساك

- ‌ حكم المادة التي تخرج من المرأة قبل حلول الدورة

- ‌ حكم صيام المستحاضة

- ‌ حكم صيام النفساء إذا طهرت قبل الأربعين

- ‌ حكم صوم النفساء إذا طهرت ثم عاد إليها الدم وهي في الأربعين

- ‌ حكم استعمال المرأة الحبوب التي تقطع الدم في أيام الحيض والنفاس

- ‌ حكم الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة إذا كانا لا يستطيعان الصوم

- ‌ من عجز عن الصيام دائما وجب عليه الإطعام

- ‌ التكاليف الشرعية تسقط باختلال الشعور

- ‌ حكم صيام من يفقد وعيه

- ‌ للمريض الإفطار إذا شق عليه الصيام

- ‌ المريض يقضي ما أفطر بعد الشفاء

- ‌ الفرق بين المرض الذي يرجى برؤه والذي لا يرجى برؤه

- ‌ الحامل والمرضع لهما الفطر إذا شق عليهما الصوم وتقضيان

- ‌ القول بسقوط القضاء عن الحامل والمرضع قول مرجوح

- ‌ يستحب الفطر في السفر وإن لم يشق الصوم

- ‌ حكم الفطر في السفر بوسائل النقل المريحة

- ‌ الأحوط للمسافر إذا أجمع على الإقامة في بلد أكثر من أربعة أيام الصوم والإتمام

- ‌ حكم ترك أصحاب الأعمال الشاقة الصيام

- ‌ حكم الفطر من أجل الاختبارات

- ‌النية وأحكامها

- ‌ حكم تبييت النية في صيام الفرض والنفل

- ‌ما يفسد الصوم ويوجب الكفارة

- ‌ ينكر على من تعاطى شيئا من المفطرات في نهار رمضان ولو كان ناسيا

- ‌ حكم حقنة الوريد والعضل للصائم

- ‌ الإبر المغذية تفطر

- ‌ حكم إبرة التخدير (البنج) وتنظيف السن أو حشوه أو خلعه عند الطبيب

- ‌ حكم استعمال الكحل وأدوات التجميل في نهار رمضان

- ‌ حكم استعمال معجون الأسنان وقطرة الأذن والعين للصائم

- ‌ حكم استعمال البخاخ وقطرة العين للصائم

- ‌ حكم القيء للصائم

- ‌ حكم شم الصائم رائحة الطيب والعود

- ‌ حكم الاستمناء في نهار رمضان

- ‌ خروج المذي بشهوة لا يبطل الصوم

- ‌ حكم نظر الصائم للنساء

- ‌ حكم مصافحة الصائم للمرأة الأجنبية

- ‌ خروج الدم لا يفسد الصوم إلا بالحجامة

- ‌ حكم التبرع بالدم

- ‌ حكم سحب عينات الدم من الصائم للتحليل

- ‌ حكم تغيير الدم لمريض الكلى وهو صائم

- ‌ حكم تأخير الجنب والحائض والنفساء الغسل إلى بعد طلوع الفجر

- ‌ حكم صوم من دخل الماء إلى جوفه من غير اختياره

- ‌ بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما

- ‌ حكم الإمساكيات التي توزع في شهر رمضان

- ‌ حكم تناول السحور والمؤذن يؤذن

- ‌ إذا أكل بعد طلوع الفجر بطل صومه

- ‌ الواجب على المؤمن أن يمسك عن المفطرات إذا تبين له طلوع الفجر

- ‌ حكم من أفطر قبل غروب الشمس والجو غائم

- ‌ حكم من فعل مفطرا ظانا غروب الشمس أو عدم طلوع الفجر

- ‌ حكم من فعل مفطرا ناسيا

- ‌ كيفية إمساك وإفطار من يطول نهارهم

- ‌فصل في الجماع في نهار رمضان

- ‌ كفارة الجماع في نهار رمضان

- ‌ حكم من جامع زوجته في نهار رمضان عدة مرات جاهلا بالحكم

- ‌ حكم من أجبر زوجته على الجماع في نهار رمضان

- ‌ حكم جماع المسافر زوجته في نهار رمضان

- ‌ حكم الحيلة لإسقاط كفارة الجماع

- ‌ حكم من جامع زوجته وهي صائمة صوم قضاء

- ‌ما يكره وما يستحب في الصيام

- ‌ القبلة والمباشرة تكرهان ممن تتحرك شهوته

- ‌ حكم مشاهدة الأفلام والتلفاز ولعب الورق في نهار رمضان

- ‌ حكم ما يفعله بعض الصائمين من النوم نهارا والسهر ليلا

- ‌ الغيبة والنميمة والسب وغيرها من المعاصي تجرح الصوم وتضعف الأجر

- ‌ السحور ليس شرطا في صحة الصيام

- ‌ حكم من تسحر في بلد وأفطر في آخر

- ‌ لا تفطر حتى تغرب الشمس وأنت في الجو

- ‌ التبرع لإفطار الصائمين

- ‌ أفضلية ختم القرآن في رمضان

- ‌حكم القضاء

- ‌ حكم تارك الصوم تهاونا

- ‌ حكم القضاء على من ترك الصيام دون عذر شرعي

- ‌ حكم من ترك صوم رمضان جهلا بوجوبه

- ‌ كل من عليه أيام من رمضان يلزمه أن يقضيها قبل رمضان القادم

- ‌ حكم تأخير القضاء بلا عذر

- ‌ الفرق بين تأخير قضاء رمضان بعذر وبين تأخيره بلا عذر

- ‌ جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أفتوا من أخر القضاء بالإطعام مع القضاء

- ‌ حكم الكفارة على من أخر القضاء لعدم القدرة

- ‌ لا كفارة على من أخر القضاء من أجل المرض

- ‌ لا يلزم التتابع في القضاء

- ‌ المريض لا يجب عليه قضاء حتى يشفى

- ‌ ليس على من نصحه الأطباء المسلمون بالإفطار لمرض مزمن ثم برئ قضاء

- ‌ حكم قطع صوم القضاء

- ‌ تارك الصلاة لا يقضى عنه الصيام

- ‌ لا قضاء على المرتد إذا تاب

- ‌ حكم القضاء عمن ترك الصلاة والصيام بسبب المرض

- ‌ يشرع لأقارب الميت القضاء عنه

- ‌ لا قضاء ولا إطعام عمن مات ولم يدرك وقت القضاء

- ‌ قضاء كفارة القتل عن المتوفى وكيفية ذلك

- ‌ من توفي في أثناء الشهر سقط عنه الوجوب

- ‌صوم التطوع

- ‌ حكم صيام الثالث عشر من ذي الحجة بنية أنه من الأيام البيض

- ‌ الشهر كله محل لصيام ثلاثة أيام وكونها في البيض أفضل

- ‌ الأيام البيض تصام على حسب التقويم وللمسلم جمعها وتفريقها

- ‌ يستحب صيام الأيام البيض ولو من شعبان

- ‌ الجمع بين حديث "إذا انتصف شعبان فلا تصوموا" وحديث: " أنه صلى الله عليه وسلم يصل شعبان برمضان

- ‌ من لم يكمل صيام الأيام البيض يحسب له أجر ما صام منها

- ‌ صيام الاثنين والخميس

- ‌ فضل صيام الاثنين والخميس على أيام البيض

- ‌ حكم قضاء الست بعد شوال

- ‌ القول ببدعية صوم الست قول باطل

- ‌ شهر شوال كله محل لصيام الست

- ‌ لا يشترط التتابع في صيام ست شوال

- ‌ المشروع تقديم القضاء على صوم الست

- ‌ لا يجوز تقديم صيام ست من شوال على صيام الكفارة

- ‌ حكم صيام التطوع لمن عليه قضاء

- ‌ صيام الست سنة وليس بواجب ومن لم يستطع إكمالها لعذر شرعي يرجى له أجرها

- ‌ لا حرج في وصل صوم القضاء بصوم الست من شوال

- ‌ الترغيب في صوم يوم عاشوراء

- ‌ حكم تحري ليلة عاشوراء

- ‌ حكم الاعتماد على التقويم في صيام عاشوراء

- ‌ صوم التاسع مع العاشر أفضل من صوم الحادي عشر مع العاشر

- ‌ حكم صوم من تبين له أن العاشر غير الذي صامه

- ‌ حكم صوم يوم عرفة للحاج وغيره

- ‌ حكم صوم يوم عرفة لمن عليه قضاء

- ‌ الأيام المنهي عن الصيام فيها

- ‌ لا يجوز صيام يوم الشك ولو كانت السماء غائمة

- ‌ مدى صحة حديث "من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم

- ‌ حديث النهي عن صوم يوم السبت غير صحيح

- ‌ جواز صوم يوم السبت تطوعا

- ‌ حكم إفراد يوم الجمعة بصيام

- ‌ حكم صيام محرم وشعبان وعشر ذي الحجة

- ‌ ما جاء في صيام عشر ذي الحجة من أحاديث والجمع بينها

- ‌ النوافل يثاب فاعلها ولا يأثم تاركها

- ‌ حكم قطع صيام التطوع

- ‌ حكم من نوى الصيام ثم مرض

- ‌ ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان

- ‌ علامة ليلة القدر

- ‌ قد ترى ليلة القدر بالعين

- ‌الاعتكاف

- ‌ حكم الاعتكاف وما يجب على المعتكف التزامه وحكم اشتراط الصيام له

- ‌ محل الاعتكاف ووقته وحكم قطعه

- ‌ يصح الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة

- ‌ حكم خروج المعتكف من معتكفه للإتيان بعمرة

- ‌ الذنوب تتضاعف في الزمان والمكان الفاضل كيفا لا كما

- ‌ مضاعفة الأعمال الصالحة بمكة

- ‌ حكم التفرغ للعبادة في رمضان

الفصل: ‌ لا اعتبار في الشرع المطهر لانخفاضالمنازل وارتفاعها أو كبر الأهلة وصغرها

30 -

‌ لا اعتبار في الشرع المطهر لانخفاض

المنازل وارتفاعها أو كبر الأهلة وصغرها

(1)

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فقد شاء الله سبحانه أن تثبت رؤية هلال شهر شوال هذا العام، أعني عام 1389 هـ ليلة الثلاثين من رمضان بشهادة عدلين، فأمر ولي الأمر باعتمادها والإفطار بموجبها، فأفطر الناس في هذه البلاد بهذه الرؤية الشرعية، وشاء الله سبحانه أن تكون منازل الهلال في أول شوال ضعيفة، وانضاف إلى ذلك رؤية الناس للهلال مرتفعا في الشرق قبل طلوع الشمس من اليوم التاسع والعشرين، فأوجب ذلك شكا لبعض الناس، وربما فيما وقع من الإفطار، حتى سألني الكثير من الناس عن ذلك.

فلما رأيت الخوض بين الناس في هذا الموضوع أحببت أن أكتب كلمة في ذلك تتضمن بيان الأمر الشرعي في هذه المسألة؛ رجاء أن يزول اللبس عمن وقع في نفسه شيء من هذا الأمر.

فأقول: قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه

(1) بيان صدر من مكتب سماحته عندما كان نائبا لرئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.

ص: 146

قال: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فاقدروا له ثلاثين (1) » ، وفي لفظ آخر:«فأكملوا العدة ثلاثين (2) » ، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إنا أمة أمية، لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا وهكذا. وأشار عليه الصلاة والسلام بيديه ثلاث مرات وخنس إبهامه في الثالثة، ثم قال: الشهر هكذا وهكذا وهكذا. بأصابعه كلها (3) » ، أراد بإشارته الأولى إلى أن الشهر يكون تسعا وعشرين، وأراد بإشارته الثانية إلى أن الشهر يكون ثلاثين. وقال صلى الله عليه وسلم:«لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فأكملوا العدة (4) » ، وقال عليه الصلاة والسلام:«لا تقدموا الشهر حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة، ثم صوموا ولا تفطروا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة ثلاثين (5) » .

وأخرج أحمد والنسائي بإسناد حسن عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب رضي الله عنهما، عن جماعة من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «صوموا لرؤيته

(1) رواه مسلم في (الصيام) باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال برقم (1081) .

(2)

رواه البخاري في (الصوم) باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا رأيتم الهلال فصوموا، برقم (1909) ، والنسائي في (الصيام) باب ذكر الاختلاف على عمرو بن دينار برقم (2124) .

(3)

رواه البخاري في (الصوم) باب قول النبي: لا نكتب ولا نحسب، برقم (1913)، وفي باب قول النبي: إذا رأيتم الهلال فصوموا، برقم (1908) .

(4)

رواه البخاري في (الصوم) باب قول النبي: إذا رأيتم الهلال فصوموا. برقم (1907) ، ومسلم في (الصيام) باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال برقم (1080) .

(5)

رواه أحمد في (مسند الكوفيين) حديث رجل برقم (18071) ، والنسائي في (الصيام) باب ذكر الاختلاف على منصور برقم (2097) .

ص: 147

وأفطروا لرؤيته، وانسكوا لها، فإن غم عليكم فأكملوا ثلاثين، فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا (1) » .

والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وكلها تبين للأمة أنه لا اعتبار في الشرع المطهر للحساب، ولا لضعف منازل القمر، ولا لكبر الأهلة وضعفها، ولا لرؤية الهلال قبل طلوع الشمس من اليوم التاسع والعشرين، سواء كان منخفضا أو مرتفعا، وإنما الاعتبار شرعا بالرؤية الشرعية بعد المغرب أو إكمال العدة، ولو كان ضعف المنازل، أو صغر الأهلة، أو رؤية الهلال في المشرق قبل طلوع الشمس من اليوم التاسع والعشرين، مما يؤثر في الرؤية، لنبه عليه النبي صلى الله عليه وسلم وبينه للناس؛ لأنه عليه الصلاة والسلام هو أنصح الناس وأقدرهم على البيان، وقد أوجب الله عليه أن يبلغ الناس ما أنزل إليهم من ربهم، وقد فعل ذلك عليه الصلاة والسلام على خير وجه وأكمله.

ومعلوم عند العقلاء أن الأهلة تختلف اختلافا كثيرا بحسب قربها من الشمس وبعدها، وحسب صفاء الجو وكدره، وحسب اختلاف أبصار الناس في القوة والضعف، ولذلك أناط المصطفى صلى الله عليه وسلم الحكم في هذا الأمر العظيم بالرؤية أو إكمال العدة ولم يجعل مناطا آخر، فعلم بذلك أن من علق الحكم في الرؤية بأمر ثالث، فقد شرع في الدين ما لم

(1) رواه النسائي في (الصيام باب قبول شهادة الرجل الواحد برقم (2116) .

ص: 148

يأذن به الله، وقد قال سبحانه وتعالى في إنكار ذلك:{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (1) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (2) » .

وقد أيد النبي عليه الصلاة والسلام هذا الأمر وأوضحه للأمة بنوع آخر من البيان، فقال صلى الله عليه وسلم:«الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون (3) » ، أخرجه أبو داود والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه بإسناد حسن، ولكن أبا داود لم يذكر الصوم، وخرج الترمذي بإسناد جيد عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الفطر يوم يفطر الناس، والأضحى يوم يضحي الناس (4) » وخرج مسلم رحمه الله في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال في الهلال:«إن الله مده للرؤية (5) » ، وفي رواية أخرى: «إن الله قد أمده لرؤيته، فإن

(1) سورة الشورى الآية 21

(2)

صحيح البخاري الصلح (2697) ، صحيح مسلم الأقضية (1718) ، سنن أبو داود السنة (4606) ، سنن ابن ماجه المقدمة (14) ، مسند أحمد بن حنبل (6/256) .

(3)

رواه الترمذي في (الصوم) باب ما جاء الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون برقم (697) .

(4)

رواه الترمذي في (الصوم) باب ما جاء في الفطر والأضحى برقم (802) .

(5)

رواه مسلم في (الصيام) باب بيان أنه لا اعتبار بكبر الهلال برقم (1088) .

ص: 149

غمي عليكم فأكملوا العدة (1) » ، وترجم عليه الإمام النووي رحمه الله بما نصه: باب بيان أنه لا اعتبار بكبر الهلال وصغره، وأن الله أمده للرؤية، فإن غم فليكمل ثلاثون.

وقال أبو وائل شقيق بن سلمة: أتانا كتاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن الأهلة بعضها أكبر من بعض، فإذا رأيتم الهلال فلا تفطروا حتى يشهد رجلان مسلمان أنهما رأياه بالأمس. قال الإمام النووي رحمه الله: أخرجه الدارقطني والبيهقي بإسناد صحيح

انتهى.

وقال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله في رسالة كتبها في الأهلة نقلها الشيخ العلامة عبد الرحمن بن قاسم في المجلد الخامس والعشرين من مجموع الفتاوى ص 132 ما نصه: فإنا نعلم بالاضطرار من دين الإسلام أن العمل في رؤية هلال الصوم، أو الحج، أو العدة، أو الإيلاء، أو غير ذلك من الأحكام المعلقة بالهلال، وبخبر الحساب أنه يرى أو لا يرى لا يجوز، والنصوص المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك كثيرة، وقد أجمع المسلمون عليه، ولا يعرف فيه خلاف قديم أصلا.. إلى أن قال في ص 136: فالمقصود

(1) رواه مسلم في (الصيام) باب بيان أنه لا اعتبار بكبر الهلال برقم (1088) .

ص: 150

أن المواقيت حددت بأمر ظاهر بين يشترك فيه الناس. ولا يشرك الهلال في ذلك شيء

إلى أن قال: فظهر أنه ليس للمواقيت حد ظاهر عام المعرفة إلا الهلال. انتهى المقصود.

وقد أطال رحمه الله في هذه الرسالة وأطاب وأتى فيها بالعجب العجاب، ولولا خوف الإطالة لنقلت للقارئ منها كثيرا، ولكنها ميسرة بحمد الله لمن أراد الوقوف عليها. وقد علم مما ذكرناه من الأدلة وكلام بعض أهل العلم أن انخفاض المنازل وارتفاعها وكبر الأهلة وصغرها، ورؤية الهلال في المشرق قبل طلوع الشمس في اليوم التاسع والعشرين، واعتماد الحساب في دخول الشهور وخروجها، كل ذلك أمر لا يعول عليه، ولا يلتفت إليه، بل هو خلاف الأدلة وخلاف الإجماع وهذا هو المطلوب. وأرجو أن يكون بذلك كفاية ومقتنع لطالب الحق، وكشف لما قد يلتبس على بعض الناس. والله المستعان وهو ولي التوفيق، ولا حول ولا قوة إلا به، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا وإمامنا محمد وآله وصحبه.

نائب رئيس الجامعة الإسلامية

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

ص: 151