الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ج: الحامل والمرضع حكمهما حكم المريض، إذا شق عليهما الصوم شرع لهما الفطر، وعليهما القضاء عند القدرة على ذلك، كالمريض، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يكفيهما الإطعام عن كل يوم: إطعام مسكين، وهو قول ضعيف مرجوح، والصواب أن عليهما القضاء كالمسافر والمريض؛ لقول الله عز وجل:{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (1) وقد دل على ذلك أيضا حديث أنس بن مالك الكعبي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة، وعن الحبلى والمرضع الصوم (2) » رواه الخمسة.
(1) سورة البقرة الآية 184
(2)
رواه الترمذي في (الصوم) باب ما جاء في الرخصة في الإفطار للحبلى والمرضع برقم (649) ، وابن ماجه في (الصيام) باب ما جاء في الإفطار للحامل والمرضع برقم (1657) .
62 -
القول بسقوط القضاء عن الحامل والمرضع قول مرجوح
س: حينما كنت حاملا بمولودي الأول وذلك قبل تسع سنوات سألت أحد الإخوة ممن يدعو لمنهج السلف عن
ماذا أفعل وقد دخل علينا شهر رمضان ولا أستطيع الصوم لظروف الحمل؟ فأجابني أن لا صوم علي مستدلا بالحديث: «وضع شطر الصلاة عن المسافر ووضع الصوم عن الحامل والمرضع (1) » ، وأيضا ليس هناك جزاء وأصبحت لا أصوم حينما أكون حاملا أو مرضعا ولمدة أربع سنوات أي إلى مولودي الرابع وبعدها سمعت من أحد الإخوة أن على أمثالي الجزاء فقط مستدلا بالأثر أن ابن عباس رأى أم ولد له مرضعا فقال لها: أنت من الذين يطيقونه، عليك الجزاء وليس عليك القضاء، فأخذت مبلغا من المال لأطعم جزاء به عن الأربعة أشهر التي علي من رمضان، ولكن يا فضيلة الشيخ سمعت من برنامج (نور على الدرب) من أحد العلماء الأفاضل أن على أمثالي القضاء، ولو تأخر القضاء تكون معه كفارة فماذا أفعل يا فضيلة الشيخ ورمضان على الأبواب لو قدر لنا الحياة. ومواعيد وضعي قبله بأيام وسيكون الشهر الخامس دينا علي وسؤالي ما صحة ما ذكر الإخوة من الحديث والأثر ولو أدركني الموت قبل قضاء المائة والخمسين يوما التي علي هل أكون آثمة بذلك؟ أرجو الإفادة ليطمئن قلبي جزاكم الله خيرا ثم إنني وضعت من المال بنية الإطعام وجاءنا أحد الإخوة في الله عابر سبيل
(1) سنن الترمذي الصوم (715) ، سنن النسائي الصيام (2275) ، سنن أبو داود الصوم (2408) ، سنن ابن ماجه الصيام (1667) ، مسند أحمد بن حنبل (5/29) .
نفذ ما عنده من المال فأعطيته إياه بنية كفارة الفطر فهل يصح عملي هذا أم أطعم؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا (1) .
ج: الصواب في هذا أن على الحامل والمرضع القضاء، وما يروى عن ابن عباس وابن عمر أن على الحامل والمرضع الإطعام هو قول مرجوح مخالف للأدلة الشرعية، والله سبحانه يقول:{وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (2) والحامل والمرضع تلحقان بالمريض وليستا في حكم الشيخ الكبير العاجز بل هما في حكم المريض فتقضيان إذا استطاعتا ذلك ولو تأخر القضاء، وإذا تأخر القضاء مع العذر الشرعي فلا إطعام بل قضاء فقط، أما إذا تساهلت الحامل أو المرضع ولم تقض مع القدرة فعليها مع القضاء الإطعام إذا جاءها رمضان الآخر ولم تقضها تساهلا وتكاسلا، فعليها القضاء مع الإطعام، أما إذا كان التأخير من أجل الرضاعة أو الحمل لا تكاسلا فإن عليها القضاء فقط ولا إطعام، وما أنفقت من الإطعام فهو في سبيل الله ولك أجره، ويكفي عن الإطعام الواجب في القضاء إذا كنت تساهلت في القضاء، وعليك القضاء، تصومين حسب الطاقة ولا يلزمك التتابع، تصومين وتفطرين حتى تكملي ما
(1) من برنامج (نور على الدرب) الشريط السابع عشر.
(2)
سورة البقرة الآية 185
عليك إن شاء الله والله في عون العبد وتوفيقه - سبحانه- إذا صدق العبد وأخلص لله واستعان به فالله يعينه ويسهل له القضاء، فأبشري بالخير واستعيني بالله واصدقي، والله هو المعين والموفق سبحانه وتعالى.
س: امرأة أفطرت في شهر رمضان لمدة ثلاث سنوات، وذلك أنها كانت تحمل ويصادف ذلك رمضان، وللجهل بحكم الصيام ولم يكن هناك مرشدون لها، وقد أفتاها بعض المجتهدين بأن عليها الإطعام دون القضاء نرجو التوجيه في هذه المسألة، جزاكم الله خيرا (1) .
ج: الصواب الذي دلت عليه الأدلة الشرعية أن عليها القضاء دون الإطعام، والقول بأن عليها الإطعام فقط، قول غلط، وإنما عليها القضاء دون الإطعام إذا كانت معذورة من أجل الحمل أو الرضاع أو مرض، فعليها القضاء فقط، أما إن كانت تساهلت وحصل لها وقت تقضي فيه لكنها تساهلت، فعليها مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم، نصف صاع بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ما يقارب كيلو ونصف تقريبا مما في البلد، من تمر، أو من أرز، أو غير ذلك من قوت البلد عن تأخيرها الصيام، وعلى المرأة أن تتقي الله دائما، في
(1) من برنامج (نور على الدرب) .
صومها وصلاتها وفي غير ذلك كالرجل، كل منهما عليه أن يتقي الله، وأن يهتم بأمر دينه، وأن يتوب إلى الله سبحانه مما حصل من التقصير، وأن يجتهد في أداء الحق الذي عليه، فالصوم ركن من أركان الإسلام الخمسة، وهو صوم رمضان، فالواجب على الرجل والمرأة المكلفين العناية بهذا الأمر وعدم التفريط فيه، فإذا أفطر الإنسان لمرض أو لسفر، أو أفطرت المرأة لحيض أو حمل أو رضاع يشق معه الصيام، فإنها تقضيه وتبادر قبل مجيء رمضان الآخر بالقضاء من حين تستطيع ذلك، والله ولي التوفيق.
س: من تركت الصيام للجهل ولقلة التوعية الإسلامية في وطنهم؟ ما حكمه؟ (1)
ج: الجهل في مثل هذا لا يسقط عنها القضاء؛ لأن هذا أمر معروف بين المسلمين، وهو من الأمور المشهورة التي لا تخفى على أحد.
(1) من برنامج (نور على الدرب) الشريط رقم (1) .
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم الشيخ ع. م. وفقه الله للخير آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فنشفع لكم بهذا صورة الكتاب الوارد إلينا من سماحة الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد رئيس مجلس القضاء الأعلى، المشفوع به صورة من الكتاب الموجه لسماحته من الأخ الشيخ محمد محدا النبير، المتضمن ذكر بعض الفتاوى المنسوبة إليكم. ولكون الفتاوى المشار إليها مخالفة للأدلة الشرعية، ولما عليه جماهير أهل العلم رأينا الكتابة إليكم في ذلك مؤكدين عليكم في عدم العود إلى مثل هذه الفتاوى، وأن يكون عندكم من العناية بالأدلة الشرعية والتثبت في الأمور والتشاور مع إخوانكم من أهل العلم فيما قد يشتبه عليكم حتى لا تقدموا على الفتوى في المسائل الخلافية إلا بعد تثبت وروية واقتناع بصحة ما ظهر لكم بالأدلة الشرعية، ولا يخفى على من لديه علم وبصيرة أن الأقوال الشاذة لا ينبغي لطالب العلم أن يعول عليها أو يفتي بها. فمن المسائل المنسوبة إليكم القول
بسقوط القضاء والإطعام عن الحامل والمرضع مع أنه لا قائل من أهل العلم بسقوط القضاء والإطعام عنهما سوى ابن حزم في المحلى، وقوله هذا شاذ مخالف للأدلة الشرعية ولجمهور أهل العلم فلا يلتفت إليه ولا يعول عليه، مع العلم بأن أرجح الأقوال في ذلك وجوب القضاء عليهما من دون إطعام؛ لعموم الأدلة الشرعية في حق المريض والمسافر، وهما من جنسهما، ولحديث أنس بن مالك الكعبي في ذلك.
ومن المسائل المنسوبة إليكم: القول بإيجاب صلاة الجمعة والعيد على البادية والمسافرين والنساء مع أن الأدلة الشرعية وكلام أهل العلم واضحان في إسقاطها عنهم سوى ابن حزم في المحلى فقد ذكر وجوبها على المسافرين، وقوله هذا شاذ مخالف للأدلة الشرعية ولجمهور أهل العلم فلا يلتفت إليه.
ومن المسائل المنسوبة إليكم أيضا: سقوط الجمعة والظهر عمن حضر العيد فيما إذا وقع العيد يوم الجمعة، وهذا أيضا خطأ ظاهر؛ لأن الله سبحانه أوجب على عباده خمس صلوات في اليوم والليلة، وأجمع المسلمون على ذلك والخامسة في يوم الجمعة هي صلاة الجمعة. ويوم العيد إذا وافق يوم الجمعة داخل في ذلك ولو كانت صلاة الظهر تسقط عمن حضر صلاة العيد مع صلاة الجمعة لنبه النبي صلى الله
عليه وسلم على ذلك؛ لأن هذا مما يخفى على الناس، فلما رخص في ترك الجمعة لمن حضر صلاة العيد، ولم يذكر سقوط صلاة الظهر عنه علم أنها باقية عملا بالأصل واستصحابا للأدلة الشرعية، والإجماع في وجوب خمس صلوات في اليوم والليلة. وكان صلى الله عليه وسلم يقيم صلاة الجمعة يوم العيد كما جاءت بذلك الأحاديث، ومنها ما خرجه مسلم في صحيحه عن النعمان بن بشير «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الجمعة والعيد بسبح والغاشية وربما اجتمعا في يوم فقرأ بهما فيهما جميعا (1) » . أما ما روي عن ابن الزبير أنه صلى العيد ولم يخرج للناس بعد ذلك لصلاة الجمعة ولا لصلاة الظهر فهو محمول على أنه قدم صلاة الجمعة، واكتفى بها عن العيد والظهر أو على أنه اعتقد أن الإمام في ذلك اليوم كغيره لا يلزمه الخروج لأداء الجمعة بل كان يصلي في بيته الظهر.
وعلى كل تقدير فالأدلة الشرعية العامة والأصول المتبعة والإجماع القائم على وجوب صلاة الظهر على من لم يصل الجمعة من المكلفين. كل ذلك مقدم على ما فعله ابن الزبير رضي الله عنه لو اتضح من عمله أنه يرى إسقاط الجمعة والظهر عمن حضر العيد.
(1) رواه مسلم في (الجمعة) باب ما يقرأ في صلاة الجمعة برقم (1452) .
وإن بقي لكم إشكال في ذلك فلا مانع من زيارتنا في الطائف أو المكاتبة في ذلك مع بيان وجه الإشكال حتى نوضح لكم إن شاء الله ما يلزم.
ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم وسائر إخواننا للفقه في دينه والثبات عليه، وأن يجعلنا جميعا من الهداة المهتدين إنه جواد كريم. والجواب منكم بالالتزام بما ذكر منتظر، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الرئيس العام لإدارات البحوث
العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد