المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ اعتماد خبر المذياع في دخول الشهر وخروجهأولى وأقرب إلى الأدلة الشرعية من اعتماد البرقية - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة - ابن باز - جـ ١٥

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌ لا أعلم شيئا معينا لاستقبال رمضان

- ‌ فضل صيام رمضان وقيامهمع بيان أحكام مهمة قد تخفى على بعض الناس

- ‌ فضائل شهر رمضان

- ‌ فوائد الصيام وحكمه العظيمة

- ‌ كلمة بمناسبة دخول شهر رمضان

- ‌ نصيحة بمناسبة استقبال شهر رمضان

- ‌ ثبوت الشهر برؤية الهلال أو إكمال العدةوالعدد المطلوب في الشهود وحكم شهادة المرأة

- ‌ المحاكم الشرعيةفي المملكة العربية السعودية تعمل بالرؤية

- ‌ على المسلمين التعاون بترائيالهلال وبإبلاغ الجهات المسئولة برؤيته

- ‌ حكم صوم وفطر من ردتشهادته ومن لم يتمكن من الإخبار

- ‌ اجتماع المسلمين في الصوموالفطر مطلب شرعي وبيان كيفية ذلك

- ‌ لا شك في اختلاف المطالع في نفسها ولا أثر على الصحيح لذلك الاختلاف في الحكم

- ‌ الجواب على البلبلة التي تحصل باختلاف البلاد الإسلامية في دخول شهر رمضان

- ‌ الأمة كلها مخاطبة بقوله صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته

- ‌ اعتماد خبر المذياع في دخول الشهر وخروجهأولى وأقرب إلى الأدلة الشرعية من اعتماد البرقية

- ‌ على المسئولين في الدول اعتماد خبر الدولة المسلمة التي تعتمد على الرؤية أما الأفراد فتبع لقادتهم

- ‌ كل إنسان يقيم في بلد يلزمه الصوم والإفطار مع أهلها

- ‌ لا حرج على من كان في بلد غيرإسلامي أن يصوم برؤية بلد يحكم الشريعة

- ‌ حكم الاعتماد على الحساب الفلكي

- ‌ لا يجوز الاعتماد في دخولشهر رمضان على المفكرة والتقاويم

- ‌ الأحاديث الصحيحة تدل على وجوب اعتماد الرؤية أو إكمال العدد وعدم اعتبار الحساب

- ‌ليس لأحد أن يحتج لإبطال الرؤية لقول أصحاب المراصد أو يشترط لصحتها موافقة أصحاب المراصد

- ‌ من اعتبر الحساب الفلكي شرطالصحة الرؤية فقد استدرك على اللهورسوله

- ‌ الحسابون لا يعمل بقولهمولا ينبغي لهم أن يشوشوا على الناس

- ‌ الحساب لا يعولعليه والشاهد الواحد كاففي إثبات دخول شهر رمضان

- ‌ متى ثبتت رؤية الهلالثبوتا شرعيا وجب العمل بهاولم يجز أن تعارض بكسوف ولا غيره

- ‌ لا اعتبار في الشرع المطهر لانخفاضالمنازل وارتفاعها أو كبر الأهلة وصغرها

- ‌ لا اعتبار باكتمال جمادى الآخرة ورجب في نقصان شعبان

- ‌ توحيد التقاويم بالحساب

- ‌ حكم صوم من أصبحشهره واحدا وثلاثين يوما

- ‌ حكم صيام رمضانثمانية وعشرين يوما

- ‌ هل يجوز صيام 28 يوما فقط من شهر رمضان

- ‌ حكم من يصوم رمضان ثلاثين يوما دائما

- ‌من يجب عليه الصوموالأعذار المبيحة للفطر

- ‌ تفسير قوله عز وجل: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ}

- ‌ صيام رمضان يجب بالبلوغ والبلوغ له علامات

- ‌ من لا يجب عليه الصوم

- ‌ حكم صيام وعبادة من لا يصلي

- ‌ النصيحة لمن يتكاسلعن الصلاة ويحافظ على الصيام

- ‌ حكم أصر الصبي المميز بالصيام

- ‌ حكم صيام الحائض والنفساء

- ‌ الحائض تقضي ما عليها من صيام

- ‌ من صامت في حيضتها جاهلة بالحكم

- ‌ حكم صيام الحائض إذا طهرت قبل طلوع الفجر

- ‌ حكم صيام المرأة إذا حاضت بعد غروب الشمس

- ‌ الحائض إذا طهرت فيأثناء النهار وجب عليها الإمساك

- ‌ حكم المادة التي تخرج من المرأة قبل حلول الدورة

- ‌ حكم صيام المستحاضة

- ‌ حكم صيام النفساء إذا طهرت قبل الأربعين

- ‌ حكم صوم النفساء إذا طهرت ثم عاد إليها الدم وهي في الأربعين

- ‌ حكم استعمال المرأة الحبوب التي تقطع الدم في أيام الحيض والنفاس

- ‌ حكم الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة إذا كانا لا يستطيعان الصوم

- ‌ من عجز عن الصيام دائما وجب عليه الإطعام

- ‌ التكاليف الشرعية تسقط باختلال الشعور

- ‌ حكم صيام من يفقد وعيه

- ‌ للمريض الإفطار إذا شق عليه الصيام

- ‌ المريض يقضي ما أفطر بعد الشفاء

- ‌ الفرق بين المرض الذي يرجى برؤه والذي لا يرجى برؤه

- ‌ الحامل والمرضع لهما الفطر إذا شق عليهما الصوم وتقضيان

- ‌ القول بسقوط القضاء عن الحامل والمرضع قول مرجوح

- ‌ يستحب الفطر في السفر وإن لم يشق الصوم

- ‌ حكم الفطر في السفر بوسائل النقل المريحة

- ‌ الأحوط للمسافر إذا أجمع على الإقامة في بلد أكثر من أربعة أيام الصوم والإتمام

- ‌ حكم ترك أصحاب الأعمال الشاقة الصيام

- ‌ حكم الفطر من أجل الاختبارات

- ‌النية وأحكامها

- ‌ حكم تبييت النية في صيام الفرض والنفل

- ‌ما يفسد الصوم ويوجب الكفارة

- ‌ ينكر على من تعاطى شيئا من المفطرات في نهار رمضان ولو كان ناسيا

- ‌ حكم حقنة الوريد والعضل للصائم

- ‌ الإبر المغذية تفطر

- ‌ حكم إبرة التخدير (البنج) وتنظيف السن أو حشوه أو خلعه عند الطبيب

- ‌ حكم استعمال الكحل وأدوات التجميل في نهار رمضان

- ‌ حكم استعمال معجون الأسنان وقطرة الأذن والعين للصائم

- ‌ حكم استعمال البخاخ وقطرة العين للصائم

- ‌ حكم القيء للصائم

- ‌ حكم شم الصائم رائحة الطيب والعود

- ‌ حكم الاستمناء في نهار رمضان

- ‌ خروج المذي بشهوة لا يبطل الصوم

- ‌ حكم نظر الصائم للنساء

- ‌ حكم مصافحة الصائم للمرأة الأجنبية

- ‌ خروج الدم لا يفسد الصوم إلا بالحجامة

- ‌ حكم التبرع بالدم

- ‌ حكم سحب عينات الدم من الصائم للتحليل

- ‌ حكم تغيير الدم لمريض الكلى وهو صائم

- ‌ حكم تأخير الجنب والحائض والنفساء الغسل إلى بعد طلوع الفجر

- ‌ حكم صوم من دخل الماء إلى جوفه من غير اختياره

- ‌ بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما

- ‌ حكم الإمساكيات التي توزع في شهر رمضان

- ‌ حكم تناول السحور والمؤذن يؤذن

- ‌ إذا أكل بعد طلوع الفجر بطل صومه

- ‌ الواجب على المؤمن أن يمسك عن المفطرات إذا تبين له طلوع الفجر

- ‌ حكم من أفطر قبل غروب الشمس والجو غائم

- ‌ حكم من فعل مفطرا ظانا غروب الشمس أو عدم طلوع الفجر

- ‌ حكم من فعل مفطرا ناسيا

- ‌ كيفية إمساك وإفطار من يطول نهارهم

- ‌فصل في الجماع في نهار رمضان

- ‌ كفارة الجماع في نهار رمضان

- ‌ حكم من جامع زوجته في نهار رمضان عدة مرات جاهلا بالحكم

- ‌ حكم من أجبر زوجته على الجماع في نهار رمضان

- ‌ حكم جماع المسافر زوجته في نهار رمضان

- ‌ حكم الحيلة لإسقاط كفارة الجماع

- ‌ حكم من جامع زوجته وهي صائمة صوم قضاء

- ‌ما يكره وما يستحب في الصيام

- ‌ القبلة والمباشرة تكرهان ممن تتحرك شهوته

- ‌ حكم مشاهدة الأفلام والتلفاز ولعب الورق في نهار رمضان

- ‌ حكم ما يفعله بعض الصائمين من النوم نهارا والسهر ليلا

- ‌ الغيبة والنميمة والسب وغيرها من المعاصي تجرح الصوم وتضعف الأجر

- ‌ السحور ليس شرطا في صحة الصيام

- ‌ حكم من تسحر في بلد وأفطر في آخر

- ‌ لا تفطر حتى تغرب الشمس وأنت في الجو

- ‌ التبرع لإفطار الصائمين

- ‌ أفضلية ختم القرآن في رمضان

- ‌حكم القضاء

- ‌ حكم تارك الصوم تهاونا

- ‌ حكم القضاء على من ترك الصيام دون عذر شرعي

- ‌ حكم من ترك صوم رمضان جهلا بوجوبه

- ‌ كل من عليه أيام من رمضان يلزمه أن يقضيها قبل رمضان القادم

- ‌ حكم تأخير القضاء بلا عذر

- ‌ الفرق بين تأخير قضاء رمضان بعذر وبين تأخيره بلا عذر

- ‌ جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أفتوا من أخر القضاء بالإطعام مع القضاء

- ‌ حكم الكفارة على من أخر القضاء لعدم القدرة

- ‌ لا كفارة على من أخر القضاء من أجل المرض

- ‌ لا يلزم التتابع في القضاء

- ‌ المريض لا يجب عليه قضاء حتى يشفى

- ‌ ليس على من نصحه الأطباء المسلمون بالإفطار لمرض مزمن ثم برئ قضاء

- ‌ حكم قطع صوم القضاء

- ‌ تارك الصلاة لا يقضى عنه الصيام

- ‌ لا قضاء على المرتد إذا تاب

- ‌ حكم القضاء عمن ترك الصلاة والصيام بسبب المرض

- ‌ يشرع لأقارب الميت القضاء عنه

- ‌ لا قضاء ولا إطعام عمن مات ولم يدرك وقت القضاء

- ‌ قضاء كفارة القتل عن المتوفى وكيفية ذلك

- ‌ من توفي في أثناء الشهر سقط عنه الوجوب

- ‌صوم التطوع

- ‌ حكم صيام الثالث عشر من ذي الحجة بنية أنه من الأيام البيض

- ‌ الشهر كله محل لصيام ثلاثة أيام وكونها في البيض أفضل

- ‌ الأيام البيض تصام على حسب التقويم وللمسلم جمعها وتفريقها

- ‌ يستحب صيام الأيام البيض ولو من شعبان

- ‌ الجمع بين حديث "إذا انتصف شعبان فلا تصوموا" وحديث: " أنه صلى الله عليه وسلم يصل شعبان برمضان

- ‌ من لم يكمل صيام الأيام البيض يحسب له أجر ما صام منها

- ‌ صيام الاثنين والخميس

- ‌ فضل صيام الاثنين والخميس على أيام البيض

- ‌ حكم قضاء الست بعد شوال

- ‌ القول ببدعية صوم الست قول باطل

- ‌ شهر شوال كله محل لصيام الست

- ‌ لا يشترط التتابع في صيام ست شوال

- ‌ المشروع تقديم القضاء على صوم الست

- ‌ لا يجوز تقديم صيام ست من شوال على صيام الكفارة

- ‌ حكم صيام التطوع لمن عليه قضاء

- ‌ صيام الست سنة وليس بواجب ومن لم يستطع إكمالها لعذر شرعي يرجى له أجرها

- ‌ لا حرج في وصل صوم القضاء بصوم الست من شوال

- ‌ الترغيب في صوم يوم عاشوراء

- ‌ حكم تحري ليلة عاشوراء

- ‌ حكم الاعتماد على التقويم في صيام عاشوراء

- ‌ صوم التاسع مع العاشر أفضل من صوم الحادي عشر مع العاشر

- ‌ حكم صوم من تبين له أن العاشر غير الذي صامه

- ‌ حكم صوم يوم عرفة للحاج وغيره

- ‌ حكم صوم يوم عرفة لمن عليه قضاء

- ‌ الأيام المنهي عن الصيام فيها

- ‌ لا يجوز صيام يوم الشك ولو كانت السماء غائمة

- ‌ مدى صحة حديث "من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم

- ‌ حديث النهي عن صوم يوم السبت غير صحيح

- ‌ جواز صوم يوم السبت تطوعا

- ‌ حكم إفراد يوم الجمعة بصيام

- ‌ حكم صيام محرم وشعبان وعشر ذي الحجة

- ‌ ما جاء في صيام عشر ذي الحجة من أحاديث والجمع بينها

- ‌ النوافل يثاب فاعلها ولا يأثم تاركها

- ‌ حكم قطع صيام التطوع

- ‌ حكم من نوى الصيام ثم مرض

- ‌ ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان

- ‌ علامة ليلة القدر

- ‌ قد ترى ليلة القدر بالعين

- ‌الاعتكاف

- ‌ حكم الاعتكاف وما يجب على المعتكف التزامه وحكم اشتراط الصيام له

- ‌ محل الاعتكاف ووقته وحكم قطعه

- ‌ يصح الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة

- ‌ حكم خروج المعتكف من معتكفه للإتيان بعمرة

- ‌ الذنوب تتضاعف في الزمان والمكان الفاضل كيفا لا كما

- ‌ مضاعفة الأعمال الصالحة بمكة

- ‌ حكم التفرغ للعبادة في رمضان

الفصل: ‌ اعتماد خبر المذياع في دخول الشهر وخروجهأولى وأقرب إلى الأدلة الشرعية من اعتماد البرقية

18 -

‌ اعتماد خبر المذياع في دخول الشهر وخروجه

أولى وأقرب إلى الأدلة الشرعية من اعتماد البرقية

(1)

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى من يراه من المسلمين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بعده:

لقد تكرر السؤال من كثير من الناس عن حكم من سمع خبر دخول شهر رمضان أو خروجه من طريق الإذاعة السعودية بواسطة (المذياع) وهو (الراديو) في القرى التي ليس فيها برقيات هل يعملون بذلك ويعتمدونه أو لا؟

والجواب: لا شك أن الله سبحانه أوجب على المسلمين صيام الشهر برؤية الهلال أو إكمال عدة شعبان، وإفطار الشهر برؤية الهلال أو إكمال عدة رمضان ثلاثين يوما، كما في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا العدة (2) » . وقال عليه الصلاة والسلام: «الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون (3) » . أخرجه الترمذي بإسناد

(1) فتوى صدرت لسماحته عندما كان نائبا لرئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

(2)

رواه مسلم في (الصيام) باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤيته برقم (1081) ، والنسائي في (الصيام) باب ذكر الاختلاف على عمر بن دينار برقم (2124) واللفظ له.

(3)

رواه الترمذي في (الصوم) باب ما جاء الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون برقم (697) .

ص: 86

حسن. وأخرج الترمذي عن عائشة بإسناد حسن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الفطر يوم يفطر الناس، والأضحى يوم يضحي الناس (1) » .

والأدلة في هذا المعنى كثيرة. ولا ريب أن الحكومة إذا ثبت عندها دخول الشهر أو خروجه من طريق المحكمة الشرعية أخبرت الناس من طريق الإذاعة وصامت أو أفطرت بذلك، وبذلك يجب على كل من سمع الخبر من الرعية التابعة للحكومة السعودية أن يعتمد خبر الإذاعة إذا سمعه ثقة أو أكثر في الدخول، وثقتان أو أكثر في الخروج، فيصوم بذلك ويفطر تبعا لإمامه وإخوانه المسلمين، واعتماد المذياع في ذلك أولى وأقرب إلى الأدلة الشرعية من اعتماد البرقية، فإذا صام الناس وأفطروا بخبر (البرق) كما هو الواقع- ولا بأس بذلك بحمد الله- فصيامهم وإفطارهم بسماع الإذاعة السعودية المعلومة بواسطة الثقات أولى وأحرى بالاعتماد. والله ولي التوفيق، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه.

نائب رئيس الجامعة

الإسلامية بالمدينة المنورة

(1) رواه ابن ماجه في (الصيام) باب ما جاء في شهري العيد برقم (1650) ، والدارقطني في (الحج) باب الفطر يوم يفطر الناس برقم (2408)

ص: 87

س: ما قولكم- أثابكم الله- بخبر الإذاعة هل يعتمد في الصيام والإفطار؟ وما الذي بينهما وبين السير فيه؟ وإن قلتم بالتصديق فهل يشترط معرفة المحطة المذيعة للخبر أم لا؟ وهل تشترط ثقة المذيع أم يكتفى بصدورها من قبل الحكومة؟

ج: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد، فالجواب أن يقال: لا مانع من اعتماد ما يذاع في الإذاعة من إثبات دخول شهر رمضان وشهر ذي الحجة وشوال إذا كان السامع لذلك ثقة فأكثر في دخول رمضان، وثقتين فأكثر في إثبات شهر شوال، وذي الحجة، وسائر الشهور، إلحاقا لسماع الخبر من الإذاعة برؤية الهلال، وقد دلت الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم على وجوب العمل برؤية العدل الواحد لهلال رمضان والعدلين فأكثر فيما سواه، ولا ريب أن العمل بخبر الإذاعة أولى من البرق؛ لأن المخبر في الإذاعة يسمع كلامه ويفهم بخلاف البرقية فإنه لا يفهمها إلا خواص الناس الذين لهم معرفة بحروفها، فإذا جاز الاعتماد عليها والحال ما ذكر فجوازه في خبر الإذاعة أولى، لما تقدم، ولا

ص: 88

يشترط عدالة المذيع؛ لأن الاعتماد على صدور ذلك من الحكومة المسلمة المحكمة للشرع، إذا كان المعروف من الإذاعة والبرقية عدم الجرأة على الكذب، ومعلوم أن الحكومة سوف تعتمد ما تذيعه إلى الناس وتبرقه إلى القضاة والأمراء في سائر أنحاء المملكة، وتصوم وتفطر بذلك، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«الفطر يوم يفطر الناس، والأضحى يوم يضحي الناس (1) » . أخرجه الترمذي عن عائشة بإسناد حسن، وخرج الترمذي أيضا بإسناد جيد عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون (2) » . وإذا جاز لأهل البلد أن يعتمدوا على أصوات المدافع ونحوها في الصوم والفطر؛ لكون ذلك قد جعل علامة على دخول الشهر وخروجه، فالاعتماد على خبر الإذاعة والبرق الصادر عن مصدر شرعي قد عرف بالصدق أولى، وأولى من الاعتماد على صوت المدافع ونحوه. والله أعلم.

(1) رواه الترمذي في (الصوم) باب ما جاء في الفطر والأضحى برقم (802) .

(2)

رواه الترمذي في (الصوم) باب ما جاء الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون برقم (697) .

ص: 89

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد (1) :

فقد سألني كثير من الإخوان عن حكم الاعتماد على الإذاعة في الصوم والإفطار، وهل هذا يوافق الحديث الصحيح «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته (2) » . الحديث. وهل إذا ثبتت الرؤية بشهادة عدل في دولة مسلمة يجب على الدولة المجاورة لها الأخذ بذلك؛ وإذا قلنا بذلك فما دليله؟ وهل يعتبر اختلاف المطالع؟

والجواب عن هذه الأسئلة أن يقال: قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من طرق كثيرة أنه قال: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فاقدروا له ثلاثين (3) » . وفي لفظ آخر: «فأكملوا العدة ثلاثين يوما (4) » . وفي رواية أخرى: «فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما (5) » .

وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تقدموا

(1) نشر في (مجلة الجامعة الإسلامية) العدد الثاني لشهر شوال عام 1394 هـ.

(2)

رواه مسلم في (الصيام) باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤيته برقم (1081) ، والنسائي في (الصيام) باب ذكر الاختلاف على عمر بن دينار برقم (2124) واللفظ له.

(3)

رواه البخاري في (الصوم) باب هل يقال: رمضان أو شهر رمضان برقم (1767) ، ومسلم في (الصيام) باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال برقم (1799) .

(4)

رواه مسلم في (الصيام) باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤيته برقم (1081) ، والنسائي في (الصيام) باب ذكر الاختلاف على عمر بن دينار برقم (2124) واللفظ له.

(5)

رواه البخاري في (الصوم) باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: ''إذا رأيتم الهلال فصوموا'' برقم (1909) .

ص: 90

الشهر حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة، ثم صوموا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة (1) » . والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وهي تدل على أن المعتبر في ذلك هو الرؤية أوإكمال العدة، أما الحساب فلا يعول عليه، وهذا هو الحق، وهو إجماع من أهل العلم المعتد بهم. وليس المراد من الأحاديث أن يرى كل واحد الهلال بنفسه، وإنما المراد ثبوت ذلك بشهادة البينة العادلة، وقد خرج أبو داود بإسناد صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:«تراءى الناس الهلال، فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أني رأيته، فصام وأمر الناس بالصيام (2) » . وخرج أحمد وأهل السنن وصححه ابن خزيمة وابن حبان عن ابن عباس رضي الله عنهما «أن أعرابيا قدم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني رأيت الهلال. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله؟ فقال: نعم. قال: فأذن في الناس يا بلال أن يصوموا غدا (3) » . وعن

(1) رواه أحمد في (مسند الكوفيين) حديث رجل برقم (18071) ، والنسائي في (الصيام) باب ذكر الاختلاف على منصور برقم (2097) .

(2)

رواه أبو داود في (الصوم) باب في شهادة الواحد على رؤية هلال رمضان برقم (2342) ، والدارمي في (الصوم) باب الشهادة على رؤية هلال رمضان برقم (1691) .

(3)

رواه ابن ماجه في (الصيام) باب ما جاء في الشهادة على رؤية الهلال برقم (1652) .

ص: 91

عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أنه خطب في اليوم الذي يشك فيه فقال: «ألا إني جالست أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسألتهم، وإنهم حدثوني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، وانسكوا لها، فإن غم عليكم فأتموا ثلاثين يوما، فإن شهد شاهدان مسلمان فصوموا وأفطروا (1) » . رواه أحمد، ورواه النسائي ولم يقل فيه مسلمان.

وعن أمير مكة الحارث بن حاطب قال: «عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننسك للرؤية، فإن لم نره وشهد شاهدا عدل نسكنا بشهادتهما (2) » . رواه أبو داود والدارقطني، وقال: هذا إسناد متصل صحيح. فهذه الأحاديث وما جاء في معناها تدل على أنه يكتفى برؤية هلال رمضان بالشاهد الواحد العدل، أما في الخروج من الصيام، وفي بقية الشهور فلا بد من شاهدين عدلين، جمعا بين الأحاديث الواردة في ذلك، وبهذا قال أكثر أهل العلم، وهو الحق لظهور أدلته.

ومن هذا يتضح أن المراد بالرؤية هو ثبوتها بطريقها الشرعي، وليس المراد أن يرى الهلال كل أحد، فإذا أذاعت الدولة المسلمة المحكمة لشريعة الله كالمملكة العربية السعودية أنه ثبت لديها رؤية هلال رمضان أو هلال شوال أو هلال ذي

(1) رواه أحمد في (مسند الكوفيين) حديث أصحاب رسول الله برقم (18416) ، والنسائي في (الصيام) باب قبول شهادة الرجل الواحد على شهر رمضان برقم (2116) .

(2)

رواه أبو داود في (الصوم) باب شهادة رجلين على رؤية هلال شوال برقم (2338) .

ص: 92

الحجة فإن على جميع رعيتها أن يتبعوها في ذلك.

وعلى غيرها أن يأخذ بذلك عند جمع كثير من أهل العلم؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «الشهر تسع وعشرون، فلا تصوموا حتى تروه، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين (1) » . رواه البخاري في صحيحه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وأخرجه مسلم بلفظ:«صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غمي عليكم فاقدروا له ثلاثين (2) » . وأخرج البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين (3) » . وأخرجه مسلم بهذا اللفظ لكن قال: «فإن أغمي عليكم الشهر فعدوا ثلاثين (4) » . فإن ظاهر هذه الأحاديث وما جاء في معناها يعم جميع الأمة.

ونقل النووي رحمه الله في شرح المهذب عن الإمام ابن المنذر رحمه الله: أن هذا هو قول الليث بن سعد والإمام

(1) رواه البخاري في (الصوم) باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا رأيتم الهلال، برقم (1907) .

(2)

رواه البخاري في (الصوم) باب هل يقال: رمضان أو شهر رمضان برقم (1767) ، ومسلم في (الصيام) باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال برقم (1799) .

(3)

رواه البخاري في (الصوم) باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: ''إذا رأيتم الهلال فصوموا''. برقم (1909) .

(4)

رواه مسلم في (الصيام) باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال برقم (1081)

ص: 93

الشافعي والإمام أحمد رحمة الله عليهم، قال يعني ابن المنذر: ولا أعلمه إلا قول المدني والكوفي، يعني مالكا وأبا حنيفة رحمهم الله. انتهى. قال جمع من العلماء: إنما يعم حكم الرؤية إذا اتحدت المطالع، أما إذا اختلفت فلكل أهل مطلع رؤيتهم.

وحكاه الإمام الترمذي رحمه الله عن أهل العلم، واحتجوا على ذلك بما خرجه مسلم في صحيحه «عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن كريبا قدم عليه في المدينة من الشام في آخر رمضان، فأخبره أن الهلال رؤي في الشام ليلة الجمعة، وأن معاوية والناس صاموا بذلك، فقال ابن عباس: لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نراه أو نكمل العدة، فقال له كريب: أولا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم (1) » . قالوا: فهذا يدل على أن ابن عباس يرى أن الرؤية لا تعم، وأن لكل أهل بلد رؤيتهم إذا اختلفت المطالع، وقالوا: إن المطالع في منطقة المدينة غير متحدة مع المطالع في الشام، وقال آخرون: لعله لم يعمل

(1) رواه أحمد في (مسند بني هاشم) بداية مسند عبد الله بن العباس برقم (2785) ، ومسلم في (الصيام) باب بيان أن لكل بلد رؤيتهم برقم (1087) ، والترمذي في (الصوم) باب ما جاء لكل بلد رؤيتهم برقم (693) .

ص: 94

برؤية أهل الشام؛ لأنه لم يشهد بها عنده إلا كريب وحده، والشاهد الواحد لا يعمل بشهادته في الخروج، وإنما يعمل بها في الدخول.

وقد عرضت هذه المسألة على هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في الدورة الثانية المنعقدة في شعبان عام 1392 هـ، فاتفق رأيهم على أن الأرجح في هذه المسألة التوسعة في هذا الأمر، وذلك بجواز الأخذ بأحد القولين على حسب ما يراه علماء البلاد.

قلت: وهذا قول وسط، وفيه جمع بين الأدلة وأقوال أهل العلم. إذا علم ذلك، فإن الواجب على أهل العلم في كل بلاد أن يعنوا بهذه المسألة عند دخول الشهر وخروجه، وأن يتفقوا على ما هو الأقرب إلى الحق في اجتهادهم، ثم يعملوا بذلك ويبلغوه الناس، وعلى ولاة الأمر لديهم وعامة المسلمين متابعتهم في ذلك، ولا ينبغي أن يختلفوا في هذا الأمر؛ لأن ذلك يسبب انقسام الناس وكثرة القيل والقال، إذا كانت الدولة غير إسلامية.

أما الدول الإسلامية فإن الواجب عليها اعتماد ما قاله أهل العلم، وإلزام الناس به من صوم أو فطر، عملا بالأحاديث المذكورة وأداء للواجب، ومنعا للرعية مما حرم الله عليها.

ومعلوم أن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، وأسأل الله أن

ص: 95

يوفقنا وجميع المسلمين للفقه في الدين والثبات عليه والحكم به والتحاكم إليه، والحذر مما يخالفه، إنه جواد كريم. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه.

رئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

ص: 96