الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
20 -
كل إنسان يقيم في بلد يلزمه الصوم والإفطار مع أهلها
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم ع. ع. ع وفقه الله لكل خير آمين (1)
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فقد وصل إلي كتابكم الكريم المؤرخ في 2 \ 9 \ 1390 هـ وصلكم الله بهداه، وما تضمنه من التهنئة بحلول شهر رمضان المبارك كان معلوما. هنأكم الله بكل خير، وتقبل من الجميع، وأعاده علينا وعليكم وعلى سائر المسلمين أعواما كثيرة على حال خير واستقامة، إنه جواد كريم.
أما ما أشرتم إليه من أن بعض الموظفين في السفارة السعودية في باكستان صام مع المملكة، والبعض منهم صام مع أهل البلد بالباكستان بعد المملكة بثلاثة أيام، وسؤالكم عن الحكم في ذلك فقد فهمته.
والجواب: الظاهر من الأدلة الشرعية هو أن كل إنسان
(1) خطاب صدر من مكتب سماحته عندما كان رئيسا للجامعة الإسلامية برقم 2020\ خ في 20 \10\1390 هـ.
يقيم في بلد يلزمه الصوم مع أهلها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الصوم يوم تصومون، والإفطار يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون (1) » ، ولما علم من الشريعة من الأمر بالاجتماع والتحذير من الفرقة والاختلاف، ولأن المطالع تختلف باتفاق أهل المعرفة كما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وبناء على ذلك فالذي صام من موظفي السفارة في الباكستان مع الباكستانيين أقرب إلى إصابة الحق ممن صامه مع السعودية؛ لتباعد ما بين البلدين ولاختلاف المطالع فيها، ولا شك أن صوم المسلمين جميعا برؤية الهلال أو إكمال العدة في أي بلد من بلادهم هو الموافق لظاهر الأدلة الشرعية، ولكن إذا لم يتيسر ذلك فالأقرب هو ما ذكرنا آنفا، والله سبحانه ولي التوفيق، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
رئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
(1) رواه الترمذي في (الصوم) باب ما جاء: الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون برقم (697) .
س: أنا رجل مصري الجنسية أعمل في العراق، سبق أن أفطرت اليوم الأخير من رمضان بالعراق بعد سماعي بثبوت الهلال في إذاعة المملكة العربية السعودية، وفي إذاعة سوريا وغيرهما، وقد أفطرت بناء على ذلك.
علما بأنني أعرف أن البلد الذي أقيم به ما زال أهله صائمين. فما الحكم في ذلك؟ وما السبب في اختلاف الناس في رمضان؟ (1)
ج: عليك أن تبقى مع أهل بلدك، فإن صاموا فصم معهم، وإن أفطروا فأفطر معهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«الصوم يوم تصومون، والإفطار يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون (2) » ، ولأن الخلاف شر فالواجب عليك أن تكون مع أهل بلدك، فإذا أفطر المسلمون في بلدك فأفطر معهم، وإذا صاموا فصم معهم.
أما السبب في الاختلاف فهو أن البعض يرى الهلال والبعض لا يرى الهلال، ثم الذين يرون الهلال قد يثق بهم الآخرون ويطمئنون إليهم ويعملون برؤيتهم، وقد لا يثقون بهم ولا يعملون برؤيتهم، فلهذا وقع الخلاف، وقد تراه دولة وتحكم
(1) سؤال من برنامج (نور على الدرب) .
(2)
رواه الترمذي في (الصوم) باب ما جاء: الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون برقم (697) .
به وتصوم لذلك أو تفطر، والدولة الأخرى لا تقتنع بهذه الرؤية ولا تثق بالدولة؛ لأسباب كثيرة، سياسية وغيرها.
فالواجب على المسلمين أن يصوموا جميعا إذا رأوا الهلال ويفطروا برؤيته؛ لعموم قوله عليه الصلاة والسلام: «إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتم الهلال فأفطروا، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين (1) » ، فإذا اطمأن الجميع إلى صحة الرؤية وأنها رؤية حقيقية ثابتة، فالواجب الصوم بها والإفطار بها، لكن إذا اختلف الناس في الواقع ولم يثق بعضهم ببعض، فإن عليك أن تصوم مع المسلمين في بلدك، وعليك أن تفطر معهم؛ عملا بقوله صلى الله عليه وسلم:«الصوم يوم تصومون، والإفطار يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون (2) » ، وثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أن كريبا لما أخبره أن أهل الشام قد صاموا يوم الجمعة قال ابن عباس: نحن رأيناه يوم السبت، فلا نزال نصوم حتى نرى الهلال أو نكمل ثلاثين، ولم يعمل برؤية أهل الشام لبعد الشام عن المدينة واختلاف المطالع بينهما، ورأى رضي الله عنهما أن هذا محل اجتهاد، فلك أسوة
(1) رواه النسائي في (الصيام) باب ذكر الاختلاف على عمرو بن دينار برقم (2125) .
(2)
رواه الترمذي في (الصوم) باب ما جاء: الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون برقم (697) .
بابن عباس ومن قال بقوله من العلماء في الصوم مع أهل بلدك والفطر معهم، والله ولي التوفيق.
س: إذا ثبت دخول شهر رمضان في إحدى الدول الإسلامية كالمملكة العربية السعودية، وأعلن ذلك، ولكنه في الدولة التي أقيم بها لم يعلن عن دخول شهر رمضان، فما الحكم؟ هل نصوم بمجرد ثبوته في المملكة أم نفطر معهم ونصوم معهم متى ما أعلنوا دخول شهر رمضان؟ وكذلك بالنسبة لدخول شهر شوال - أي يوم العيد - ما الحكم إذا اختلف الأمر في الدولتين؟ وجزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء (1) .
ج: على المسلم أن يصوم مع الدولة التي هو فيها، ويفطر معها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون (2) » . وبالله التوفيق.
(1) نشر في (فتاوى إسلامية) جمع وترتيب الشيخ محمد المسند ج 2، ص 116.
(2)
رواه الترمذي في (الصوم) باب ما جاء: الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون برقم (697) .
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم ع. ع. ع. وفقه الله وزاده علما وفهما آمين
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فقد وصلني كتابكم الكريم المؤرخ في 2 \ 12 \ 1973 م وصلكم الله بهداه، وما تضمنه من السؤالين كان معلوما، ولقد سرني حرصكم على الفائدة ورغبتكم في العلم، وهذا بلا شك يبشر بالخير ويسبب المزيد من العلم، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:«من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين (1) » .
رزقني الله وإياك وسائر إخواننا الفقه في دينه والثبات عليه والعافية من مضلات الفتن، إنه خير مسئول. وهذا نص السؤالين وجوابهما:
(1) رواه البخاري في (العلم) باب من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين برقم (71) ، ومسلم في (الزكاة) باب النهي عن المسألة برقم (1037) .
س: ذكرتم أن الرؤية في الباكستان لهلال رمضان وشوال تتأخر بعد السعودية يومين، وسألتم: هل تصومون مع السعودية أو مع الباكستان؟
ج: الذي يظهر لنا من حكم الشرع المطهر أن الواجب عليكم الصوم مع المسلمين لديكم؛ لأمرين:
أحدهما: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون (1) » خرجه أبو داود وغيره بإسناد حسن، فأنت وإخوانك مدة وجودكم في الباكستان ينبغي أن يكون صومكم معهم حين يصومون، وإفطاركم معهم حين يفطرون؛ لأنكم داخلون في هذا الخطاب، ولأن الرؤية تختلف بحسب اختلاف المطالع. وقد ذهب جمع من أهل العلم منهم ابن عباس رضي الله عنهما إلى أن لأهل كل بلد رؤيتهم.
الأمر الثاني: أن في مخالفتكم المسلمين لديكم في الصوم والإفطار تشويشا ودعوة للتساؤل والاستنكار وإثارة للنزاع والخصام، والشريعة الإسلامية الكاملة جاءت بالحث على الاتفاق والوئام والتعاون على البر والتقوى وترك النزاع والحلاف؛ ولهذا قال تعالى:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} (2) وقال النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا وأبا موسى رضي الله عنهما إلى اليمن: «بشرا ولا تنفرا وتطاوعا ولا تختلفا (3) » .
(1) رواه الترمذي في (الصوم) باب ما جاء: الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون برقم (697) .
(2)
سورة آل عمران الآية 103
(3)
رواه البخاري في (الجهاد والسير) باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب برقم (3038) ، ومسلم في (الجهاد والسير) باب في الأمر بالتيسير وترك التنفير برقم (1733) .