الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
169 -
ما جاء في صيام عشر ذي الحجة من أحاديث والجمع بينها
س: روى النسائي في سننه عن أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «كان لا يدع ثلاثا: صيام العشر، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتين قبل الغداة (1) » . وروى مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قولها: «ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائما في العشر قط (2) » . وفي رواية: لم يصم العشر قط.
وقد ذكر الشوكاني في الجزء الرابع ص 324 من نيل الأوطار قول بعض العلماء في الجمع بين الحديثين، حديث حفصة وحديث عائشة، إلا أن الجمع غير مقنع، فلعل لدى سماحتكم جمعا مقنعا بين الحديثين؟ (3) .
ج: قد تأملت الحديثين واتضح لي أن حديث حفصة فيه اضطراب، وحديث عائشة أصح منه. والجمع الذي ذكره الشوكاني فيه نظر، ويبعد جدا أن يكون النبي صلى الله عليه
(1) صحيح مسلم الصيام (1160) ، سنن الترمذي الصوم (763) ، سنن أبو داود الصوم (2453) ، سنن ابن ماجه الصيام (1709) .
(2)
صحيح مسلم الاعتكاف (1176) ، سنن الترمذي الصوم (756) ، سنن أبو داود الصوم (2439) .
(3)
من أسئلة مقدمة لسماحته من ع. س. م. وقد أجاب عنها سماحته بتاريخ 7 \ 2 \ 1414 هـ.
وسلم يصوم العشر ويخفى ذلك على عائشة، مع كونه يدور عليها في ليلتين ويومين من كل تسعة أيام؛ لأن سودة وهبت يومها لعائشة، وأقر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، فكان لعائشة يومان وليلتان من كل تسع. ولكن عدم صومه صلى الله عليه وسلم العشر لا يدل على عدم أفضلية صيامها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد تعرض له أمور تشغله عن الصوم.
وقد دل على فضل العمل الصالح في أيام العشر حديث ابن عباس المخرج في صحيح البخاري، وصومها من العمل الصالح فيتضح من ذلك استحباب صومها في حديث ابن عباس، وما جاء في معناه. وهذا يتأيد بحديث حفصة وإن كان فيه بعض الاضطراب، ويكون الجمع بينهما على تقدير صحة حديث حفصة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم العشر في بعض الأحيان، فاطلعت حفصة على ذلك وحفظته، ولم تطلع عليه عائشة، أو اطلعت عليه ونسيته. والله ولي التوفيق.
س: ما رأي سماحتكم في رأي من يقول صيام عشر ذي الحجة بدعة؟ (1) .
ج: هذا جاهل يعلم، فالرسول صلى الله عليه وسلم
(1) من ضمن الأسئلة المقدمة لسماحته في يوم عرفة، حج عام 1418 هـ.
حض على العمل الصالح فيها والصيام من العمل الصالح؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «" ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر " قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله قال: " ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء (1) » . رواه البخاري في الصحيح.
ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم ما صام هذه الأيام، فقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه صامها، وروي عنه أنه لم يصمها؛ لكن العمدة على القول، القول أعظم من الفعل، وإذا اجتمع القول والفعل كان آكد للسنة؛ فالقول يعتبر لوحده؛ والفعل لوحده، والتقرير وحده، فإذا قال النبي صلى الله عليه وسلم قولا أو عملا أو أقر فعلا كله سنة، لكن القول أعظمها هو أعظمها وأقواها ثم الفعل ثم التقرير، والنبي صلى الله عليه وسلم قال:«ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام (2) » يعني العشر فإذا صامها أو تصدق فيها فهو على خير عظيم، وهكذا يشرع فيها التكبير والتحميد والتهليل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب
(1) رواه البخاري في (الجمعة) باب فضل العمل في أيام التشريق برقم (969) ، والترمذي في (الصوم) باب ما جاء في العمل في أيام العشر برقم (757) واللفظ له.
(2)
صحيح البخاري الجمعة (969) ، سنن الترمذي الصوم (757) ، سنن أبو داود الصوم (2438) ، سنن ابن ماجه الصيام (1727) ، مسند أحمد بن حنبل (1/224) ، سنن الدارمي الصوم (1773) .