الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
علم العقيدة وعلم الشريعة:
إن الدين الإسلامي، بما أنه منهج إلهي للبشر ينبغي أن يصرِّف حياة الناس وينظمها، يشمل جانبين اثنين تتفرع عنهما سائر الجوانب الأخرى وتعود إليهما:
الجانب الأول:
الأصول العقدية، أو الأساس النظري للدين، الذي يشكل القاعدة الأساس في بنائه، ومنه ينطلق المؤمن، ويضبط كل حركته بضوابطه، ويوجه كل سلوكه وأعماله، ويفسر للإنسان طبيعة وجوده ونشأته وغايته، ويعرفه بدوره في الحياة، ويحدد مصيره الذي ينتهي إليه في الآخرة، ويرسم له معالم صلته بالله تعالى، وصلته بالحياة والأحياء والكون من حوله.
وهذا الجانب هو العقيدة التي تقوم على أصول نسميها: أصول الإيمان وأركانه، كما جاءت في حديث جبريل -آنفا- عن الإسلام والإيمان
…
مما يجب أن يعتقده المؤمن ويصدق به. ولأهميتها ومكانتها في الدين فقد أولاها الإسلام عنايته الكبرى -على ما سنلمح إليه إن شاء الله تعالى- وتسمى الأحكام المتعلقة
1 انظر: "مسند الإمام أحمد": 3/ 341، "سيرة ابن هشام"، مع "الروض الأنف": 2/ 326، "زاد المعاد": 4/ 499. وقارن بتخريج الألباني لأحاديث "فقه السيرة" للغزالي ص450.
بهذه النواحي: أحكاما أصلية واعتقادية.
والعلم المتعلق بهذا الجانب يسمى "علم العقيدة" أو "علم الإيمان" أو "أصول الدين" أو "علم التوحيد والصفات"؛ لأن ذلك أشهر مباحثه وأشرف مقاصده.
والأصل في هذا النوع من العلم هو التمسك بالكتاب والسنة، ومجانبة الهوى والبدعة، ولزوم طريق السنة والجماعة، الذي كان عليه الصحابة والتابعون، ومضى عليه الصالحون من السلف رحمهم الله.
والجانب الثاني:
هو النظام الذي ينبثق عن هذه الأصول العقدية ويقوم عليها، ويجعل لها صورة واقعية متمثلة في حياة البشر الواقعية؛ ولذا فهو يحدد للمكلفين حدودا في أقوالهم وأفعالهم -كما يقول الإمام الشاطبي رحمه الله فيبين كيفية عمل المكلف وفعله والإتيان به على الوجه الذي أمر به الشرع، في الشعائر التعبدية، والنظام الاجتماعي، ونظام الأسرة، والنظام الاقتصادي، والنظام السياسي، وفي قواعد الأخلاق والسلوك والتربية والمعاملات الأدبية والمالية، وكل ما من شأنه تنظيم حياة الناس وارتباطاتهم وعلاقاتهم
…
وتسمى الأحكام المتعلقة بهذه الجوانب كلها: أحكاما فرعية أو عملية.
والعلم المتعلق بهذا الجانب يسمى "علم الفروع" أو "فروع الدين" أو "علم الفقه" أو "علم الشرائع والأحكام"؛ لأنها لا تستفاد إلا من جهة الشرع، ولا يسبق الفهم عند الإطلاق إلا إليها1.
1 انظر: "مقدمة ابن خلدون": 2/ 780، "شرح العقائد النسفية" للتفتازاني ص12-15، "لوامع الأنوار البهية" للسفاريني: 1/ 4، "أصول البزدوي مع شرحه كشف الأسرار" للبخاري: 1/ 7-13، "المبسوط" للسرخسي: 1/ 2.