الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6-
العقيدة:
التعريف اللغوي:
قال ابن فارس في "معجم مقاييس اللغة""4/ 86، 87":
"عقد: العين والقاف والدال أصل واحد يدل على شد وشدة وثوق، وإليه ترجع فروع الباب كلها. ومن ذلك: عقد البناء، والجمع: أعقاد وعقود
…
وعقدت
الحبل أعقده عقدا، وقد انعقد، وتلك هي العقدة.. وعاقدته مثل: عاهدته، وهو العقد والجمع: عقود اليمين، ومنه قول الله تعالى:{أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] .
والعقد: عقد اليمين، ومنه قوله تعالى:{وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} [المائدة: 89] .
وعقدة النكاح وكل شيء: وجوبه وإبرامه. والعقد في البيع: إيجابه
…
وعقد قلبه على كذا فلا ينزع عنه. واعتقد الشيء: صلب، واعتقد الإخاء: ثبت
…
"1.
وقال الراغب الأصفهاني في "المفردات" ص341:
"العقد: الجمع بين أطراف الشيء، ويستعمل ذلك في الأجسام الصلبة كعقد الحبل وعقد البناء2، ثم يستعار ذلك للمعاني نحو: عقد البيع والعهد وغيرهما، فيقال: عاقدته وعقدته، وتعاقدنا وعقدت يمينه
…
".
وقال الفيومي في "المصباح المنير""2/ 421":
"اعتقدت كذا: عقدت عليه القلب والضمير، حتى قيل: العقيدة: ما يدين الإنسان به. وله عقيدة حسنة: سالمة من الشك".
ومن هذه النصوص نلاحظ أن مدار كلمة "عقد" على الوثوق والثبات والصلابة في الشيء.
ومن هنا جاء تعريف العقيدة والاعتقاد، كما في "المعجم الوسيط":
1 انظر مادة "عقد" في "لسان العرب": 3/ 296-300، "الصحاح": 2/ 510، 511، "أساس البلاغة": 2/ 131، 132، "تهذيب الأسماء واللغات": 3/ 27، 28، "الكليات": 1/ 241.
2 عقد البناء: ألصق بعض حجارته ببعض بما يمسكها، فأحكم إلصاقها.
"2/ 614" حيث قال: "العقيدة: الحكم الذي لا يقبل الشك فيه لدى معتقده، والعقيدة في الدين: ما يقصد به الاعتقاد دون العمل، كعقيدة وجود الله وبعث الرسل، والجمع: عقائد".
تعريف العقيدة في الاصطلاح الشرعي:
ومن هذا المعنى اللغوي أخذ تعريف العقيدة في الاصطلاح الشرعي، فقال الشيخ حسن البنا رحمه الله في تعريف العقائد بصيغة الجمع:
"العقائد: هي الأمور التي يجب أن يصدق بها قلبك، وتطمئن إليها نفسك، وتكون يقينا عندك، لا يمازجه ريب ولا يخالطه شك"1.
فهي إذن اعتقاد جازم مطابق للواقع لا يقبل شكا ولا ظنا، فما لم يصل العلم بالشيء إلى درجة اليقين الجازم لا يسمى عقيدة، وإذا كان الاعتقاد غير مطابق للواقع والحق الثابت ولا يقوم على دليل، فهو ليس عقيدة صحيحة سليمة، وإنما هو عقيدة فاسدة كاعتقاد النصارى بألوهية عيسى وبالتثليث.
عناصر العقيدة، ومراحل تكوينها:
والدراسة التحليلية للعقيدة التي ترادف لفظ "الإيمان" الذي سبق الحديث عنه، تشير إلى أن العقيدة الدينية "لا تعتمد على جانب واحد من جوانب الحياة: النفسية الوجدانية، والإرادية، والعقلية. ولكنها تتصل بها جميعا اتصالا وثيقا، ولا تكمل شخصية الفرد إلا إذا تضامنت شخصيته ونواحيه النفسية، وعملت كلها على تكوين عقيدته وباعدت بذلك بينه وبين كل تضارب أو صراع بين قواه المتعددة، وحل مكان ذلك الوئام والانسجام، وتم قبول العقل ورضا النفس واطمئنان
1 "رسالة العقائد" للإمام الشهيد حسن البنا ص379 من مجموعة الرسائل.
القلب، وذلك هو كمال الشخصية وكمال العقيدة أيضا.
وإذا كانت العقائد الدينية مرتبطة بالشخصية الإنسانية، وكانت متوجهة نحو العقل والوجدان والإرادة، لم تختلف في كيفية تكونها في النفس عن سائر الصفات النفسية الأخرى، التي تتكون منها الشخصية الإنسانية، فتتضامن الميول النفسية جميعها؛ من الشعور بالحاجة والضعف، وإحساس باللامحدود، ورغبة في كمال المعرفة وفي تحقيق الانسجام النفسي والانسجام الخارجي مع كل ما في البيئة الاجتماعية من معاني الإيحاء والتلقين والأمر والترغيب والترهيب في العمل على تكوين عقيدة من العقائد في النفوس، فتتكون كما تتكون سائر الصفات النفسية الأخرى، وتنمو وتبلغ ما قُدِّر لها من كمال وقوة، ثم تصبح موجها للمعتقد في حياته الفردية، وحياته بين الجماعة"1.
وإذا كنا -فيما سبق آنفا- قد تعرفنا على معنى العقيدة والاعتقاد ومراحل تكونها في النفس، فمن المناسب أن نشير هنا إلى أن هذه الكلمة "العقيدة" أو "الاعتقاد" أصبحت اسم عَلَم على العلم الذي يدرس جوانب الإيمان والتوحيد التي سبقت الإشارة إليها، ووجدنا كل من يكتب في هذا الجانب يطلق على كتابه اسم العقيدة، فيقال مثلا: عقيدة الطحاوي، العقيدة النسفية، العقائد العضدية
…
إلخ. وأصبحت هذه الكلمة مضافة إلى الإسلام عنوانا على المادة الدراسية في المعاهد والكليات والمدارس، فيقال: مادة العقيدة الإسلامية.
مؤلفات في العقيدة:
وفيما يلي أسماء بعض المؤلفات التي حملت هذا الاسم، بدءا بأقدمها وأسبقها:
1 "لمحات في وسائل التربية الإسلامية وغاياتها" للدكتور محمد أمين المصري ص118.
1-
"شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والتابعين ومن بعدهم، تأليف الشيخ الإمام الحافظ أبي القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري اللالكائي "418هـ".
وهذا هو الاسم الذي تجده مثبتا على غلاف الكتاب مخطوطا ومطبوعا، وقد يعرف أحيانا بكتاب "السنن" أو "شرح السنة" أو "أصول السنة"
…
إلخ.
ويقع الكتاب في ثمانية أجزاء مطبوعة، يشتمل على مقدمة ومجموعة كبيرة من الأبواب في الحث على التمسك بالسنة وبيان التوحيد، واعتقاد أهل السنة، ومباحث الإيمان، والرد على بعض الفرق، وعلامات الساعة والفضائل. وهو من أهم الكتب المصنفة في العقيدة، وقد استفاد منه من جاء بعده ونقل عنه1.
2-
"عقيدة السلف أصحاب الحديث" للإمام أبي عثمان، إسماعيل الصابوني "449"، وهو مطبوع ضمن "مجموعة الرسائل المنيرية" ثم طبع مستقلا في الكويت، بتحقيق بدر البدر.
3-
"الاعتقاد على مذهب السلف أهل السنة والجماعة" للإمام أبي بكر، أحمد بن الحسين البيهقي "458". وهو يشتمل على بيان ما يجب على المكلَّف اعتقاده والاعتراف به، مع الإشارة إلى أطراف أدلته على طريق الاختصار، وما ينبغي أن يكون شعاره، على سبيل الإيجاز2.
وقد طبع الكتاب أكثر من مرة في الهند وفي مصر وفي بيروت.
4-
"الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد" لإمام الحرمين أبي المعالي، عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني "478هـ"، صاحب العقيدة النظامية
1 انظر مقدمة الدكتور أحمد سعد حمدان للكتاب: 1/ 107 وما بعدها.
2 "الاعتقاد" للبيهقي ص4.
أيضا. وقد طبع بتحقيق الدكتور محمد يوسف موسى وعلي عبد المنعم، بالقاهرة 1369هـ في مجلد واحد.
5-
"الحجة في بيان المحَجَّة وشرع عقيدة أهل السنة" للإمام الحافظ قوّام السنة الأصبهاني "535هـ". وقد سبق التعريف بهذا الكتاب في فقرة "التوحيد"؛ لأن المؤلف نص على تسميته بـ "كتاب الحجة في بيان المحجة في شرح التوحيد"، ولكن طبع بالاسم الذي جاء في هذه الفقرة "وشرح عقيدة أهل السنة" أيضا.
6-
"الدرة المضية في عقيدة الفرقة المرضية" وشرحها "لوامع الأنوار البهية.." للعلامة الشيخ أحمد السفاريني 1118هـ. وهو كتاب حافل جليل يشتمل على مقدمة وعشرة أبواب، جمع فيه المؤلف أقوال السلف والخلف ومذاهب الفرق في مسائل الاعتقاد، وبيّن رجحان مذهب السلف على غيره مؤيدا ذلك بالدلائل النقلية، وكذا العقلية فيما يستدل على مثله بالعقل، واقتبس جل تحقيقاته فيه من كلام الإمامين الجليلين ابن تيمية وابن القيم، فجاء كتابا حافلا بالرأي جامعا للمأثور، لا يكاد يستغني عنه طالب السعة والتحقيق في العقائد الإسلامية، ولا يستغني عنه بشيء من كتب العقائد التي اشتهرت عند بعض الطلبة مما وضع على طريقة المتكلمين1. وقد طبع الكتاب في مجلدين اثنين تزيد صفحاتهما عن التسعمائة صفحة، وعليه بعض التعليقات للشيخ عبد الرحمن أبي بطين والشيخ سليمان بن سحمان.
ثم تتابعت الكتب والمؤلفات تحت هذا العنوان، ومنها مؤلفات كثيرة معاصرة مثل:"العقيدة في ضوء الكتاب والسنة" للدكتور عمر سليمان الأشقر، و"العقيدة في القرآن" للأستاذ محمد المبارك، وله أيضا:"نظام الإسلام، الجزء الأول في العقيدة"، وكلاهما يتميز بالعمق والجدة والابتكار في الأسلوب والتجديد في طريقة العرض.
ولشهرة هذا المصطلح أصبح يطلق كذلك على الكتب السابقة التي ألفت تحت عنوان السنة، فمثلا "العقيدة الطحاوية" كانت تسمى "بيان السنة والجماعة" وهكذا.
1 من تقريظ الشيخ رشيد رضا للكتاب في مجلة المنار، والمنثور في آخر الجزء الأول من الكتاب.
وقال ابن بدران في "المدخل إلى مذهب الإمام أحمد" ص449: "وهو شرح مفيد، إلا أنه جرى فيه مسلكا وسطا بين أهل الأثر وطريقة المتأخرين. وسلك فيه غير مسلك التحقيق؛ وفي آخر النظم والشرح أشياء لم يرض بذكرها من سلف، ولم يجعلوها من الاعتقاد في شيء، كذكر المهدي وأمثال ذلك مما حقه أن يذكر في كتب الملاحم والمواعظ، لا في كتب الاعتقاد. وقد اختصر شيخ مشايخنا الشيخ حسن الشطي الحنبلي هذا الشرح، إلا أنه أخذ كلام السفاريني بلفظه، وحذف الأقوال والخلاف، فحق هذا المختصر أن ينسب للسفاريني لا له. وعلى كل، فهذا الشرح مفيد، وقد طبع واشتهر".