الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4-
علم التوحيد:
تعريف التوحيد في اللغة:
قال ابن فارس في "معجم مقاييس اللغة""6/ 90، 91":
"وحد: الواو والحاء والدال، أصل واحد يدل على الانفراد، من ذلك: الوحدة، وهو واحد قبيلته، إذا لم يكن فيهم مثله. قال الشاعر:
يا واحد العُرْب الذي
…
ما في الأنام له نظير
ولقيت القوم مَوْحَدَ مَوْحَدَ، ولقيته وحده. ولا يضاف إلا في قولهم: نسيجُ وحدِهِ، وعُيَيْرُ وحدِهِ
…
والواحد: المنفرد...."
وقال الراغب الأصفهاني في "المفردات" ص514، 515:
"الوحدة: الانفراد. والواحد في الحقيقة: هو الشيء الذي لا جزء له البتة. ثم يطلق على كل موجود، حتى إنه ما من عدد إلا ويصح أن يوصف به
…
فالواحد لفظ مشترك يستعمل على ستة أوجه:
الأول: ما كان واحدا في الجنس أو النوع، كقولنا: الإنسان والفرس واحد في الجنس، وزيد وعمرو واحد في النوع.
الثاني: ما كان واحدا بالاتصال إما من حيث الخلقة، كقولك: شخص واحد، وإما من حيث الصناعة، كقولك: حرفة واحدة.
الثالث: ما كان واحدا لعدم نظيره، كقولك: فلان واحد دهره، ونسيج وحده.
الرابع: ما كان واحدا لامتناع التجزؤ فيه، كالهباءة.
الخامس: للمبدأ، إما لمبدأ العدد، كقولك: واحد، اثنان، وإما لمبدأ الخط، كقولك: النقطة الواحدة، والوحدة فيها كلها عارضة.
وإذا وصف الله تعالى بـ "الواحد" فمعناه: هو الذي لا يصح عليه التجزؤ ولا التكثر. والواحد: المفرد، ويوصف به غير الله تعالى
…
وأحد -مطلقا- لا يوصف به غير الله تعالى
…
".
وفي "لسان العرب" لابن منظور، "3/ 450، 451":
"قال ابن سيده: والله الأوحد والمتوحد وذو الوحدانية، ومن صفاته: الواحد الأحد. والفرق بينهما -كما قال أبو منصور الأزهري وغيره- أن "الأحد" بني لنفي ما يذكر معه من العدد، تقول: ما جاءني أحد. و"الواحد": اسم بني لمفتتح العدد، تقول: جاءني واحد من الناس، ولا تقول: جاءني أحد؛ فالواحد منفرد بالذات في عدم المثل والنظير، والأحد منفرد بالمعنى
…
ولا يوصف شيء بالأحدية غير الله تعالى، فلا يقال: رجل أحد، كما يقال: رجل وَحَد، أي: فرد؛ لأن "أحدا" من صفات الله عز وجل التي استخلصها لنفسه ولا يشركه فيها شيء
…
ولا يجمع هذين الوصفين إلا الله عز وجل".
والتوحيد في اللغة: الحكم بأن الشيء واحد، والعلم بأنه واحد1.
وقال قوام السنة الأصفهاني:
"التوحيد على وزن التفعيل، وهو مصدر وحّدتُه توحيدا، كما تقول: كلمته تكليما، وهذا النوع من الفعل يأتي متعديا إلا أحرفا جاءت لازمة، هي قولهم: روّض الروض، إذا تم حسنة ونضارته، ودوّم الطائر؛ إذا حلّق في الهواء، وصرح
1 "التعريفات" للجرجاني ص69.
الحق، أي: ظهر وانكشف، وبين الشيء بمعنى: تبين، وصوّح النبت: إذا هاج ويبس، وغلّس فلان: إذا جاء بغلس. ولهذا الفعل معنيان:
أحدهما: تكثير الفعل وتكريره، والمبالغة فيه كقولهم: كسّرت الإناء وغلّقت الأبواب وفتّحتها.
والوجه الثاني: وقوعه مرة واحدة كقوله: غدّيت فلانا، وعشيته، وكلمته.
ومعنى وحدته: جعلته1 منفردا عما يشاركه أو يشبهه في ذاته وصفاته، والتشديد فيه للمبالغة، أي: بالغت في وصفه بذلك.
وقيل: الواو فيه مبدلة من الهمزة، والعرب تبدل الهمزة من الواو، وتبدل الواو من الهمزة، كقولهم: وشاح وأشاح، وتقول العرب: أحِّدْهن لي وآحِدْهن لي، أي: اجعلهن لي أحد عشر، ويقال: جاءوا أُحَادَ أُحَادَ أي: واحد واحدا، فعلى هذا: الواو في "التوحيد" أصلها الهمزة. قال الهذلي:
ليث الصريمة أُحْدَان الرجال له
…
صيد، ومجتزئ بالليل هجّاس
وتقول العرب: واحد، وأحد، ووحد، ووحيد، أي: منفرد، فالله تعالى واحد، أي: منفرد عن الأنداد والأشكال في جميع الأحوال.
فقولهم: وحّدت الله، من باب عظمت الله، وكبرته، أي: علمته عظيما وكبيرا. فكذلك وحدته أي: علمته واحدا، منزها عن المثل في الذات والصفات.
قال بعض العلماء: التوحيد: نفي التشبيه عن الله الواحد، وقيل: التوحيد نفي التشبيه عن ذات الموحد وصفاته، وقيل: التوحيد العلم بالموحِّد واحدا لا نظير له، فإذا ثبت هذا، فكل من لم يعرف الله هكذا فإنه غير موحد له"2.
1 قال السفاريني في "لوامع الأنوار البهية" 1/ 57: "فمعنى وحّدت الله: نسبت إليه الوحدانية، لا جعلته واحدا، فإن وحدانية الله تعالى ذاتيه ليست بجعل جاعل".
2 "الحجة في بيان المحجة وشرح عقيدة أهل السنة": 1/ 305، 306.