الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حاجة البشرية إلى الرسالة:
ولا تستقيم حياة البشرية ولا تنتظم إلا ببعثة الرسل، عليهم الصلاة والسلام، فالرسالة ضرورية للعباد، لا بد لهم منها، وحاجتهم إليها فوق حاجتهم إلى كل شيء، فهي روح العالم ونوره وحياته؛ فأي صلاح للعالم إذا عدم الروح والحياة والنور؟! 1
ولذلك سمى الله تعالى وحيه إلى نبيه صلى الله عليه وسلم روحا، وسماه نورا، والإنسان لا يستغني عن الروح؛ فهي سبب الحياة، ولا عن النور؛ فهو سبب الهداية، فقال سبحانه وتعالى:
وقال تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 122] .
فبعث الله تعالى الرسل تترى، كلما ضلت أمة بعث إليها رسولا، فكثر الرسل والأنبياء، فما من أمة إلا وقد بعث الله فيها نذيرا، يقطع العذر ويقيم الحجة:
{إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ} [فاطر: 24] .
1 "فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية": 9/ 93.
{وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} [يونس: 47] .
{إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} [الرعد: 7] .
وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، كم عدد الأنبياء؟ قال:"مائة ألف وأربعة عشر ألفا"، قلت: يا رسول الله، كم الرسل من ذلك؟ قال:"ثلاثمائة وخمسة عشر، جما غفيرا"1.
وهؤلاء الرسل هم الذين يحملون الشرائع للناس، ويبينونها لهم، ويبلغونهم البلاغ المبين، فيعرفون الناس بربهم معرفة صحيحة صادقة، ويضبطون حركتهم الفكرية والعملية بضوابط الوحي الإلهي، إذ لا تستطيع العقول البشرية أن تستقل بإدراك حقائق الأشياء على ما هي عليه ولا تستقل بمعرفة ما تنبغي معرفته من مصالحهم العاجلة والآجلة، ولا تستطيع معرفة أمور الغيب المحجوبة عنها، ولا الأمور الدينية على وجه التفصيل "وسيأتي شرح هذا في الكلام على دور العقل".
والرسل هم القدوة الصالحة التي تتأسى بها البشرية، ولهم الأثر الباقي الخالد في الحياة، وهم سبب كل خير.
1 قطعة من حديث أخرجه الإمام أحمد في "المسند": 5/ 178، 179، وابن حبان ص"52، 53" من "موارد الظمآن"، والحاكم: 2/ 597 وتعقبه الذهبي.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد""1/ 159": "رواه أحمد والطبراني في "الكبير"، ومداره على علي بن يزيد، وهو ضعيف". وصححه الألباني في تعليقه على "المشكاة": "3/ 1599". وانظر: "الفتاوى الحديثية" لابن حجر الهيثمي، ص180.