الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2-
الإيمان:
تعريف الإيمان في اللغة:
قال ابن فارس في "معجم مقاييس اللغة: "1/ 133-135":
"أمن؛ بالهمزة والميم والنون، أصلان متقاربان: أحدهما الأمانة، التي هي ضد الخيانة، ومعناها سكون القلب؛ والآخر التصديق، والمعنيان متدانيان..".
وبعد شرح الأصل الأول قال: وأما التصديق فقول الله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا} [يوسف: 17] أي: مصدق لنا، وقال بعض أهل العلم: إن "المؤمن"
1 يقول الدكتور علي سامي النشار عن "الفقه الأكبر" المنسوب للشافعي: "فيه أسلوب عصر فخر الدين الرازي، وإن كانت آراؤه تمتّ إلى كثير من آراء الشافعي في أصوله".
انظر: "نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام": 1/ 246، "كشف الظنون": 2/ 1288.
في صفات الله تعالى هو أن يصدُق ما وعد عبده من الثواب. وقال آخرون: هو مؤمن لأوليائه يؤمنهم عذابه ولا يظلمهم، فهذا قد عاد إلى المعنى الأول.
وقال الأزهري في "تهذيب اللغة""15/ 510":
"وأما الإيمان: فهو مصدر آمن إيمانا، فهو مؤمن. واتفق أهل العلم من اللغويين وغيرهم أن الإيمان معناه التصديق. قال الله تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات:14] ".
ثم قال: "وهذا موضع يحتاج الناس إلى تفهيمه، وأين ينفصل المؤمن من المسلم؟ وأين يستويان؟
والإسلام: إظهار الخضوع والقبول لما أتى به النبي صلى الله عليه وسلم، وبه يحقن الدم. فإن كان مع ذلك الإظهار اعتقاد وتصديق بالقلب، فذلك الإيمان الذي يقال للموصوف به: هو مؤمن مسلم، وهو المؤمن بالله ورسوله غير مرتاب ولا شاك، وهو الذي يرى أن أداء الفرائض واجب عليه، وأن الجهاد بنفسه وماله واجب عليه، لا يدخله في ذلك ريب، فهو المؤمن وهو المسلم حقا، كما قال الله عز وجل:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحجرات: 15] ؛ أي: أولئك الذين قالوا: إنا مؤمنون، فهم الصادقون. فأما من أظهر قبول الشريعة واستسلم لدفع المكروه؛ فهو في الظاهر مسلم، وباطنه غير مصدق، فذلك الذي يقول: أسلمت؛ لأن الإيمان لا بد أن يكون صاحبه صديقا؛ لأن قولك: آمنت بالله، أو قولك: آمنت بكذا وكذا، فمعناه: صدّقت، فاخرج الله هؤلاء من الإيمان فقال:{وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} أي: لم تصدقوا، إنما أسلمتم تعوذا من القتل؛ فالمؤمن مبطن من التصديق مثل ما يظهر، والمسلم التامّ الإسلام مظهر للطاعة مؤمن بها، والمسلم الذي
أظهر الإسلام تعوذا غير مؤمن في الحقيقة، إلا أن حكمه في الظاهر حكم المسلمين. وقال تعالى حكاية عن إخوة يوسف لأبيهم:{وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ} ، لم يختلف أهل التفسير أن معناه: ما أنت بمصدق لنا.
والأصل في الإيمان: الدخول في صدق الأمانة التي ائتمنه الله عليها، فإذا اعتقد التصديق بقلبه كما صدّق بلسانه فقد أدى الأمانة، وهو مؤمن. ومن لم يعتقد التصديق بقلبه فهو غير مؤدٍّ للأمانة التي ائتمنه الله عليها، وهو منافق".
والإيمان في لغة العرب يستعمل لازما ومتعديا؛ فإذا استعمل لازما كان معناه أنه صار ذا أمن. وإذا استعمل متعديا، فتارة يتعدى بنفسه فيكون معناه التأمين، أي: إعطاء الأمان، تقول: آمنت فلانا إيمانا، وأمنته تأمينا، بمعنى واحد. قال تعالى:{وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش: 4] ومنه اسمه تعالى: "المؤمن"؛ لأنه أمن عباده من أن يظلمهم، أو جعل لهم الأمن.
وتارة يتعدى بالباء أو اللام، فيكون معناه التصديق1، كقوله تعالى:{قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ} [البقرة: 136]، {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ} [البقرة: 75] .
1 انظر: "المفردات في غريب القرآن" للراغب ص26، "المختار من كنوز السنة" د. محمد عبد الله دراز ص96، "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" للعيني: 1/ 102.