الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانيًا: التطور التاريخي لتدوين العقيدة
مدخل
…
التطور التاريخي لتدوين العقيدة:
إجمال وبيان:
إن من أكثر الألفاظ دورانا على الألسنة، وتداولا بين الناس: لفظ "العقيدة" وما يقاربها ويتفق معها في الاشتقاق، كالاعتقاد، والعقائد، والعقدي
…
وعلى كثرة استعمال هذه الكلمة التي غدت مصطلحا شائعا، فإننا لا نجد لها استعمالا في القرآن الكريم ولا في الحديث النبوي الشريف، وإن كانت المادة موجودة في القرآن الكريم، كما في قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1]، وقوله:{لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} [المائدة: 89] .
ولذلك يرى بعض الباحثين أنها مُستحدَثة في العصر العباسي للمعنى الذي استعملت فيه، وأن اللفظ المستعمل في القرآن الكريم والحديث الشريف:"الإيمان". وقد استعمل لفظ "العقيدة" أجيالٌ من أئمة المسلمين بمعنى: الأفكار الأساسية التي يجب على المؤمن بدين أن يصدقها ويقبلها، أي: يعتقدها. واستعمال السلف من العلماء والأئمة دليل على جواز استعمال هذه الكلمة لهذا الجانب من جوانب الدين1.
ولعل هذا يدعونا إلى استقراء المصطلحات الفنية بعد تدوين العلوم الإسلامية، التي بُحثت هذه الأفكار العقدية من خلالها، لنبين أصل استعمال كل
1 "الفكر الإسلامي الحديث في مواجهة الأفكار الغربية" للأستاذ محمد المبارك، ص75.
منها في اللغة، واستعماله في لسان الشرع بعامة، وفي الجيل الأول بخاصة. ثم كيف أصبح ذا مدلول خاص بعد ذلك. وقد يترتب على استعمال هذه المصطلحات آثار نلمع إلى شيء منها عَرَضا دون الدخول في التفصيلات1.
والاستقراء -وإن لم يكن تاما، بل على حسب الوسع والطاقة وما أتيح لي من اطلاع- يرشدنا إلى هذه المصطلحات الآتية التي رتبتها بحسب ظهورها واستعمالها تاريخيا، حيث أذكر أول من استعمل اللفظ أو كتب فيه، ثم أُتبعه بمن تابعه على ذلك ولو في عصور متأخرة، دون استقصاء أو استيعاب.
ففي القرن الثاني الهجري كان تدوين العقيدة الإسلامية تحت عنوان "الفقه الأكبر".
وفي القرن الثالث ظهر مصطلحا "الإيمان" و"السنة".
وفي نهاية هذا القرن وبداية القرن الرابع كان التدوين تحت مصطلح "التوحيد" ثم "الشريعة"، يليهما مصطلحا "العقيدة" و"أصول الدين".
واستقرت هذه المصطلحات أو الإطلاقات عند أهل السنة، فكان التدوين والتأليف في العقيدة الإسلامية تحت واحد من هذه العناوين.
فإذا وصلنا إلى عصرنا الحاضر وجدنا بعض التجديد في الكتابة وأسلوبها، ويمكن أن نرصد هنا مصطلحا جديدا هو "التصور الإسلامي".
وفيما يلي من صفحات عرض سريع لهذه المصطلحات، وأهم الكتب حسب الترتيب التاريخي، ومن الله نستمد العون والتوفيق:
1 أشار إلى ذلك الغزالي في "إحياء علوم الدين": 1/ 32-36، والأستاذ المبارك في المرجع السابق ص75، وانظر كتاب الأستاذ أبي الحسن الندوي:"ربانية لا رهبانية".